![]() |
رواية يامسافر وحدك وفايتني الفصل الثامن بقلم هند سعد
ـ ـ اشمعنا أنا؟ البنات حواليك كتير، وإنت أفضل ست تتمناك.
ـ لما شوفتك يا زينب حسيت إني لأول مرة قادر أتنفس، بصحى الصبح وقبل ما أنزل شغلي، أجري على بلكونتي لعل وعسى تتلغبطي وتبصي ناحيتي، طول ما أنا في شغلي عقلي مشغول بيكي بس مبسوط، أرجع جري لا ناعي هم الدنيا ولا التعب ولا حاجة أقف في البلكونة بالساعات، أدور عليكي بعيني، واستنى، يمكن تحني عليا بنظرة تانية ويبقى عيدي ليلتها..
لأول مرة من سنين كتيرة أحس إن قلبي رجع يحس، كان بينبض بشدة، كان عامل زفة جوايا..
رفعت راسي أشوف مين صاحب الكلام الحلو، اتملى في ملامحه، ماكنتش أعرفه..
هيئته وهو قاعد راجل وسيم تلاتيني العمر، بشرته خمريه، عيونه بنية، شعره أسود وفيه شعيرات عسلي وشعبرات بيضاء..
ابتسمت..
ـ زعلتي مني يا ست زينب؟
ـ إنت كتير عليا يا بشمهندس، أنا مستحقش..
ـ ارفعي راسك يا ست الستات كلهم، هو أنا كنت أحلم بالهنا ده كله، ست محترمة، وجميلة، ومتعلمة، وشكلك مثقفة كمان، هعوز إيه تاني؟
ـ بس أنا كنت متجوزة قبل كده..
ـ مقدر ومكتوب، يعليكي في نظري إنك اتميتي حلال ربنا..
ـ إحساسي بالدونية خلاني انسى زينب، أنا ماكنتش كده، طول عمري أحب الحياة، والمرح والفرح والأغاني والكتب، تبسطني أبسط الأشياء، لكن اللي قدامك دي شبح راحت منه الحياة، معنديش حاجة أديها لك يا باشمهندس، ارفضني إنت، قول معجبتكش، أنا راضية والله..
ـ بتحبي وردة يا ست زينب؟
ـ كنت بحبها..
ـ بتقول وردة " اه لو قابلتك من زمان، كانت عينيا اتعلمت معنى الحنان، معنى الامان" يمكن لو اتقابلنا في وقت سابق كنتي فضلتي زينب بروحها الحلوة، ثم أنا أقول بنفسي على حبيبة عيني لأ؟ ارفضك إزاي طيب، إنتي مقامك عالي، ده أنا لو قللت منك قلبي يوجعني..
كان قاعد ضهره مستقيم..
وبعدها سكت..
دير وشه وغمض عيونه لثواني، توقعته هيؤذيني هو كمان بالكلام..
فتح عينيه وانحنى بضهره ناحيتي..
ـ مش هقولك ثقي فيا، بس اديني فرصة ارجعك للحياة من تاني، متحرمنيش منك ولا من وجودك، ده أنا ما صدقت لاقيتك بعد العمر ده كله..
وشي احمر، وهبت نسمة هوا طيرت شعري..
ـ إنتي عارفة يا ست زينب إني طول عمري بدور عليكي؟
ـ غريبة دي يا بشمهندس..
ـ أنا زي ما قولتي الستات حواليا، بس أنا حلمت بيكي..
ـ يا سلام وإيه كمان..
ـ بتكلم جد، من وأنا عندي ١٥ سنة، جيتي لي بنفس الهيئة دي بالظبط، وكان شعرك في حلمي بيطير زي دلوقتي تمام، وقلت لي استناني.. وإنتي قدامي دلوقتي، وحلمي بيتحقق، سايق عليكي النبي ما تكسريني ولا تروديني خايب الرجا..
ـ بس أنا ماعون فاضي ومش بخلف..
ـ حيلك يا ست زينب، مش هنتدخل في إرادة ربنا، هو الرزاق، بيرزق النملة جوا الصخر، فـ قادر يرزقنا، مش إنتي مؤمنة موحدة بالله؟
ـ ونعم بالله..
ـ خلاص، يبقى إحنا بندعي ونلح عليه وهو يرزقنا في الوقت اللي يحبه، وبعدين كل اللي يجيبه حبيبي حبيبي، وربنا حبيبي وحبيبك يا ست زينب، ولحد ما يرزقنا اتهنى بوجودك وعيونك، وخايف أزيد في الوصف لتقولي إني أبيح لكن مقصدش والله، إنتي اللي خلصتي الجمال كله.
ـ طب ليا طلب عندك..
ـ اتفضلي..
ـ نمشي من هنا، مش عاوزة أقعد في بحري، لو تسمح نمشي من هنا ونشوف مكان تاني.
ـ نافذ..
بصيت له بعدم فهم..
ـ طلبك اعتبريه اتنفذ، تؤمري بإيه تاني؟
ـ كنت اتمنى بيتي يطل على البحر، بس لو محصلش أنا راضية.
ـ هسعى عشان احقق لك طلباتك، اعرفي إني موجود في الدنيا عشانك.
......
ابتدت تجهيزات الفرح، كنت مبسوطة نوعًا ما، كان عقلي حابه، يوم عن يوم ما اتغيرش، بيقرب لي ومبسوطة بيه، نفس النظرة والحنية والوردة اللي بيبعتها لي كل يوم الصبح..
جاب شقة في منطقة اسمها زيزينيا، شقة ماكنتش أحلم بيها، بعيدة عن البحر مسافة ربع ساعة لكن بيتشاف من البلكونة ودي حاجة مريحة..
فرشنا الشقة، وكان معايا في كل خطوة..
ـ فين كتبك يا ست زينب، ملاحظتش وجودهم في اوضة المكتب؟
ـ بلاش كلمة ست دي هنبقى متجوزين كمان يومين، خليها زينب بس..
أنا أقصر منه، يا دوب واصلة لقلبه، قرب مني وقال..
ـ أنا بقولها عشان ده مقامك عندي، أنا بفكر نفسي قبل منك إنك مختلفة وغالية عندي، وإنك حلم العمر اللي استنيته نص عمري.. وبعدين متاخدينيش في الكلام، فين كتبك ومجلاتك؟
ـ بابا قالي بلاش كراكيب، فهو هيبيعهم بعد ما نتجوز..
ـ ارفعي راسك، أنا هعدي على عمي وهلمهم بنفسي، أنا موصي على مكتبة هتوصل بكرة، انشغلي بنفسك يا عروسة وأنا هجيبهم وهرصهم في اوضة المكتب بتاعتي..
كنت معجبة بأفكاره وكلماته وحنيته..
يوم عن يوم كان زي البرد والسلام اللي نزل على قلبي..
ليلة فرحي ..
الجيران والأحباب موجودين، بنغني ونرقص ونسقف ونزغرط..
لحد ما سمعنا..
ـ أنا اللي جيت متأخر يا زينب ولا القدر مش كاتب لي تكوني من نصيبي؟
