رواية مروة المنياوي الفصل الثامن بقلم مصطفى محسن
مروة عينيها بقت سودا بالكامل، جلدها بدأ يتشقق، وصوتها بقى تخين وعميق كأنه طالع من باطن الأرض وقالت:
ـ أنا... عاوزة... سالم.
الإضاءة في العيادة بدأت ترعش،
الأجهزة كلها اشتغلت لوحدها،
وصوت ضحكتها كان آخر حاجة اتسمعت...
قبل ما كل حاجة تسود.
تاني يوم.
بلليل كان الجو هادى من اللازم...
عيادة الدكتور ممدوح كانت مظلمة إلا من نور خفيف طالع من لمبة المكتب.
ممدوح قاعد بيفكر في كل اللي حصل مع ريهام، وصوت مروة لسه بيرنّ في ودانه:
"أنا عاوزة سالم..."
في نفس الوقت:
الدكتور سالم كان في شقته، بيكتب ملاحظات عن مريضه الجديد.
مراته دخلت عليه وقالت له بابتسامة:
ـ شكلك تعبان يا سالم... مش هتبطل شغل حتى في البيت؟
سالم ضحك وقال لها:
ـ انتي عارفة إن شغلي عمره ما بيخلص، بس متقلقيش... خلاص قربت أخلص الحالة دي.
مراته خرجت من الأوضة...
لكن سالم حسّ بحاجة غريبة.
شمّ ريحة برفان بتاع ممدوح... وبدأت عينه تغبش، دخل الحمام يغسل وشه.
رفع عينه وبص في المراية، لمح حاجة غريبة جدًا...
وشه اتحرك في المراية قبل ما هو يتحرك!
تاني يوم، سالم راح يقابل ممدوح في الكافيه اللي بيتقابلوا فيه دايمًا.
قعدوا سوا، وممدوح كان باين عليه التوتر.
سالم قال له:
ـ إنت كويس؟ شكلك مرهق يا راجل.
ممدوح ضحك ضحكة خفيفة وقال له:
ـ يمكن علشان مبقتش بنام.
على فكرة، كنت بكلم مراتك امبارح.
سالم اتجمد مكانه... وقال له:
ـ مراتى؟! بتكلمها ليه؟
ممدوح قال له بهدوء:
ـ كانت محتاجة رأيي في حاجة... بس شكلها كانت متوترة.
إنتو كويسين؟
سالم بدأ يتنفس بسرعة...
صوت واطي بدأ يهمس في ودنه:
"هو بيخونك... زي ما إنت بتخاف من الخيانة."
سالم بص حواليه وهو مفزوع... مكنش فيه حد بيتكلم.
لكن الإحساس بالهمس كان لسه موجود.
سالم قال له:
ـ هشوفك بعدين يا ممدوح.
وقام وروح شقته.
مراته كانت نايمة...
البيت كله ساكت.
فتح باب أوضته، سمع صوت جاي من الصالة.
طلع...
وشاف ممدوح واقف في نص الصالة!
سالم قال له بغضب:
ـ إنت بتعمل إيه هنا... ودخلت هنا إزاي؟
ممدوح ابتسم وقال له:
ـ جيت أساعدك...
إنك تفهم إن كل حاجة حواليك مش صدفة يا سالم.
سالم قرب خطوة وقال له:
ـ إنت اتجننت؟
ممدوح قرب أكتر وقال له:
ـ في حاجة جواك محتاجة تخرج...
بس أنا مش اللي هخرجها.
الجو اتغير...
الأنوار بدأت ترعش...
وظهر ورا ممدوح ظل أسود ملامحه مش واضحة.
ممدوح وشة اتحول لمروة بصت لسالم وقالت:
ـ انا قررت... والدور عليك يا سالم...
سالم وقع على الأرض وهو ماسك دماغه، صرخ بصوت عالي واغمى عليه...
الصبح:
سالم صحي لاقى نفسة فى عيادته، مش فاكر إزاي جه هنا.
فجأة ظهر قدامه راجل كبير لابس نظارة.
سالم قال له:
ـ إنت مين؟؟؟
الراجل قال له:
ـ اتأخرت يا سالم...
أنا لسه مستنيك من العالم التاني...
سالم اتراجع لورا...
مروة ظهرت وقالت له:
ـ أهلاً بيك في الجانب التاني يا سالم.
سالم واقف في نص المكتب، مش قادر ياخد نفسه.
وصوت مروة كان مالي المكان وقالت:
ـ كنت فاكر نفسك مختلف يا دكتور؟
كل الناس بتخون..الخيانة دى متعه انا بستمتع بيها.
سالم مسك دماغه وقال لها:
ـ اسكتي! انتي مش حقيقية... انتي أوهام!
مروة ضحكت وقالت له:
ـ تحب تشوف الحقيقة؟
سالم قالها:
حقيقية ايه...؟
مروة قالته:
هتشوف دلوقتى.
مدّت إيدها، والحيطة وراها اتحولت لشاشة من ضباب...
سالم شاف ممدوح واقف في أوضة قدام مراته،
ممدوح بيحط إيده على خدّها، وبيقول لها:
ـ محدش هيفهمك غيرى.
سالم صرخ،
رمى الكرسي على الضباب...
مروة قربت منه وقالت له:
ـ شايف؟
أنا ما بخترعش...
أنا بس بكشف لك اللي مستخبي.
سالم وقع على ركبته، صوته مبحوح:
ـ ليه... ليه بتعملي كده؟
مروة قالت له في ودنه بصوت واطي:
ـ لأن وجعك... بيغذينا.
دخل إبراهيم، صاحب سالم.
راجل متدين، وشه فيه هيبة.
شاف سالم واقع على الأرض، جسمه بيتشنج،
وصوت غريب بيطلع منه...
إبراهيم جري عليه،
حط إيده على راسه وقال بسرعة:
ـ بسم الله الرحمن الرحيم... اللهم احفظ عبدك من شر كل شيطان وهامّة...
سالم بدأ يصرخ أكتر،
صوته بيطلع ويتحول لصوت انثى... صوت مروة!
إبراهيم كمل بصوت أعلى:
ـ "فالله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين!"
ـ "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ..."
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
