رواية سوق إبليس الفصل العاشر والاخير 10 بقلم ولاء رفعت



 رواية سوق إبليس الفصل العاشر بقلم ولاء رفعت 



جاء اليوم المنتظر، كانت تجلس في الردهة تنتظره علي أحر من الجمر، أخيراً سوف تسافر بعد رحلة عذاب. 




ترتدي ثوب قصير و بأسفله بنطال و يغطي رأسها حجاباً، قد أشتري لها تلك الثياب منذ أمس. 


و لدي مراد بعد أن استلم جواز السفر الخاص بها، و في عودته جاء إليه إتصال من مليكة، لم يرد في المرة الأولي، و عندما تكرر الإتصال أخبره حدسه بأن عليه الإجابة لعل أن هناك أمر خاص بسندس


"ألو يا مليكة؟". 




جاء صوتها إليه و تحذره: 


"فراس كان عندي و معه رچال الشيخ راشد، و لما خابر إن سندس مو هون، هددني بالقتل و ما كان بإيدي شئ غير خابرته إنها معك، و هو هلا بالطريق لعندك". 




أنهي المكالمة علي الفور و زاد من سرعة السيارة ليصل سريعاً إليها. 




و عند وصوله إلي منزله، فتح الباب و وجدها في إنتظاره فأخبرها علي عجلة من أمره:


"يلا هاتي شنطتك و تعالي نمشي بسرعة، فراس و رجالته جايين علي هنا". 




قامت بتنفيذ أمره فوراً و تشبثت بيده حتي وصلت إلي سيارته و دلفت إلي داخلها، قام هو بالقيادة و أنطلق. 




"أول ما هنوصل للمطار و تعدي لو حد سألك قولي له الإسم اللي في الباسبور، خدي الشنطة دي فيها كل حاجة و موبايل عشان لما توصلي اطمن عليكِ". 




فتحت الحقيبة التي أعطاها إياها فوجدت ما أخبرها به، كما وجدت نقود فنظرت إليه، فقال لها: 


"ده مبلغ كده تدبري بيه حالك لحد ما توصلي بالسلامة، و أول ما هتخرجي من المطار هتلاقي عربية مستنياكِ هتوصلك لحد بيتك". 




قطع الطريق إلي المطار في خلال نصف ساعة قبل أن يلحق به فراس الذي كان بالفعل يقود سيارته متجهاً إلي المطار، لكن وصل الأخر و سندس أولاً، توقفت قبل أن تتركه و تولج إلي داخل المطار


"مراد بيه، أنا بشكرك جداً علي وقفتك معايا، بدعي لك من كل قلبي". 




ابتسم و أخبرها: 


"عايزة تشكريني بجد، ماتنسيش أول ما ترجعي بيتك تطمنيني عليكِ، و تحققي حلمك بأنك تكملي تعليمك و تدخلي الكلية اللي نفسك فيها، وعد؟ ". 




أومأت إليه و قالت: 


"وعد". 




مضت خطوة ثم عادت إليه لتسأله و لا تعلم لما فعلت: 


"هترجع مصر أمتي؟". 




أجاب مبتسماً: 


"لما يجي الوقت المناسب". 




أقلعت الطائرة و في نفس اللحظة وصل فراس و لم يلحق بها فعاد أدراجه خالي الوفاض. 


ــــــــــــــــــــ


عادت إلي أرض وطنها بسلام و كانت في إنتظارها سيارة كما أخبرها مراد، أجرت إتصالاً به لتخبره و أطمئن بعودتها و قال لها بأن تذهب مع السائق إلي منزلها. 




و عندما وصلت ترجلت من السيارة و تستنشق نسيم الهواء المختلط برائحة غبار الوطن الذي لا يعرف قيمته سوي المغترب. 




صعدت الدرج و قلبها يقفز من الفرح، ضغطت علي زر الجرس، فتحت والدتها التي تفاجأت و لم تصدق عينيها إنها تري ابنتها أمامها، ارتمت سندس علي صدرها و أخذتها في عناق قوي: 


"وحشاني يا أمي". 




أجهشت أمينة في البكاء من الفرحة: 


"حمدالله علي السلامة يا ضنايا، الحمدلله رجعتي لي، ربنا يعلم مكنش بيجي لي نوم طول غيابك". 




شاركتها ابنتها البكاء قائلة: 


"و لا أنا يا أمي، حقك عليا". 


جثت علي ركبتيها لتقبل قدم والدتها و التي دنت منها لتمسك بها و تحاوط خديها بين يديها الحنونة، حدقتها بلهفة قلب أم كانت بين نيران الخوف و القلق علي ابنتها، و ها هي بين يديها. 


ـــــــــــــــــــ


و بالعودة إلي دبي، في مكتب الشيخ راشد كان يقوم بإمضاء توقيعه علي عقود صفقة قام بإتمامها للتو مع إحدي رجال الأعمال و الذي قام بتهنئته و يصافحه: 


"ألف مبارك يا شيخ راشد ". 




رد الأخر بسعادة: 


"الله يبارك فيك و بإذن الله لا تكون أخر صفقة ". 




"إن شاء الله، كنت ابغي أقعد معك لكن هالحين عندي موعد لا يحتمل التأچيل، مع السلامة". 




و بعد مغادرة هذا الرجل ولج فراس و علي وجهه السعادة، ينظر إلي سيده قائلاً: 


"ألف مبارك يا شيخ". 




رد الأخر دون إكتراث و يقرأ ورقة بين يديه: 


"الله يبارك فيك". 




جلس أمام المكتب و يسأله: 


"وين الشيك حجي؟". 




ترك الأخر ما في يده و حدقه بإزدراء، يحدثه بتوبيخ: 


"حجك و وين حجي و المال اللي أنفقته كله علي الهانم اللي هربت و ما عرفت ترچعها و الله أعلم خبرت أهلها و لا لاء، و هناك أمر تاني، ياريت تكفي و تبعد عن القذارة اللي أنت بتسويها ويا العيال المخنثين، صار القاصي و الداني يعرف بسوالفك القذرة، هذا يچعلني بفكر أطردك كيف الكلاب بالشوارع". 




كان يستمع إليه و ألسنة اللهب تندلع في عينيه، نهض و أخبره بغضب: 


"الأمر الأول سويت و كفيت و ما قدرت أسوي أكتر من هذا، الأمر التاني أنت أخر واحد يتحدث فيه، نسيت مين السبب و اللي چعلني أشتهي الريال «الرَجُل» و بقيت شاذ قذر، الفضل يرچع لك يا للي كنت بمثابة أبي و بتراعيني، لكن تربيتك غير، تحب أذكرك إيش كنت بتسوي معي من و أنا صغير لحد ما بقيت شاب!، و علي طول تهديد و وعيد، و النهاية أصبحت قذر و تيچي تعايرني الحين، يا للعچب!". 




نهض الشيخ راشد و أشار إليه بتهديد: 


"أقسم بالله العظيم، لو عيدت هاد الحديث مرة تانية، لأقتلك بيدي هذي، و أؤمرهم يدفنوك بالصحرا و تصير طعام للذياب". 




و بعد أن رأي فراس الغدر في عيون سيده، قام بالهجوم عليه، أمسك بسلك الهاتف علي المكتب و قام بلفه علي عنق راشد: 


"كنت ناويها لك من زمن، و هالحين الوقت المناسب قبل ما تغدر بي". 




أطلق الأخر صياح بطلب إستغاثة و وجهه محتقن، لكن لم يولج إليه الحراس، فقال له فراس بفحيح: 


"ما تتعب صوتك اللي مثل نهيق الحمار، ما يسمعونك أنا أمرتهم يبعدوا عن المكتب". 




حاول راشد أن يصل بيده إلي زر أسفل مكتبه، فتمكن من الضغط عليه، لم يتحمل أكثر من ذلك و فارق الحياة في لحظة وصول الحراس و عندما رأوا فراس يقترف هذا أطلقوا عليه الرصاص في التو و هكذا كان انتقام القدر! 


ــــــــــــــــــــــــ


بعد شهور... 




ألتحقت سندس بكلية تجارة و إدارة أعمال، و في خلال تلك الفترة كان مراد علي تواصل معها من حين لأخر و في حدود، يطمئن عليها حتي أنقطع إتصاله و لم تعلم عنه شئ منذ عشرة أيام. 




و اليوم كان إعلان نتيجة الترم الأول و حصلت علي تقديرات تتراوح ما بين الإمتياز و الجيد جداً، عادت بمرح و سعادة، تفتح باب منزلها، تهلل بفرح: 


"يا مامـ... 




صمتت عندما تفاجأت من هذا الجالس في الردهة و أمامه علي المنضدة باقة من الأزهار قال لها: 


"مش أنتِ سألتيني هترجع مصر أمتي؟، اديني رجعت في الوقت المناسب". 




توقف لسانها عن الحركة من هول المفاجأة، فقالت والدتها: 


"تعالي يا سندس، مراد بيه جاي عشان يقولك أخبار حلوة أوي". 




تقدمت و جلست علي اقرب كرسي لها، فأخبرها مراد: 


"أولاً ألف مبروك علي النجاح، أنا كنت عارف من إمبارح قبل إعلان النتيجة و مارضتش أقولك و أسيبك تتفاجئي، ثانياً موضوع فراس أنتهي تماماً، جات لي أخبار أن بعد ما فراس ضربوا عليه نار، فضل عايش علي الأجهزة في غيبوبة، فضل شهور لحد ما الدكاترة فقدوا الأمل و شالوا منه الأجهزة يعني لو لسه موضوعك فيه قيل و قال خلاص هو مات و أنتِ بقيتي حرة، نيجي بقي للأهم". 




تنحنح ليستعد لما سوف يقوله الآن: 


"أحب أعرفك بنفسي من أول و جديد، أنا مراد محمد صفوت، ٣٠ سنة، رجل أعمال و عايش في أمريكا من ٨ سنين، والدتي أتوفت و أنا صغير، و والدي أتوفي من خمس سنين، أتجوزت من هناك و محصلش نصيب و أنفصلنا، أنا بفتخر إن بنيت نفسي بنفسي و ما أعتمدتش علي فلوس والدي الله يرحمه، مليش أخوات و وحيد، و أتمني تكونوا أهلي، و أنتِ تكوني مراتي، تتجوزيني يا سندس؟". 


ـــــــــــــــــــــــ


و بعد مرور سنوات في حديقة المنزل، تتجمع عائلة مراد حول المائدة، سندس تجلس بجواره، يضع قطعة اللحم في فمها و تشاهدهما أمينة و الفرح في عينيها، ابنتها أمام عينيها تزوجت من رجل يعشقها و يجعلها ملكة و قد رزقهما الله بولد و ابنة توأم أصبحا الآن في عمر الست سنوات، و آخر العنقود ذات عمر السنتين تجلس فوق فخذيها. 




تغمرهم السعادة بعد أن مروا في شقاء و بؤس لسنوات و ما حدث لسندس، حكاية خط الزمن سطورها و أصبحت ذكري كلما تذكرتها تتنهد و تتأمل حالها الآن و كيف نالت جزاء الصبر، يكفي إنها تعيش الآن مع من تحب والدتها و ابنائها و زوجها الذي أنقذها من سوق إبليس التي كانت تُباع و تُشتري به و كأنها جارية في سوق النخاسة. 


تنظر إليهم جميعاً الآن و تردد: 


"الحمدلله". 




تمت.


لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا

stories
stories
تعليقات