رواية حبل الوريد الفصل السادس عشر بقلم ياسمين عادل
_ وبمجرد أن سحب الأمان الخاص بسلاحهُ وشرع بالفعل بالضغط على الزناد .. ركضت كارمن نحوه لتضع كفها على فوهة السلاح ، فتأذى كفها بفعل هذه الطلقة التي أصابت يدها .. صرخت صرخة عنيفة وهي تدفعهُ للخلف حتى يتوقف عن هذا الجنون ، بينما أنتقل والدها إليها راكضًا ليلحق بها قبل أن تسقط أرضًا .. وبصوت مفطور صرخ بـ :
- كـــارمـــن !
كارمن وهي تتأوه من شدة الألم : آآآآه
_ حضرت لطيفة على أثر هذه الأصوات التي دبت فيها الفزع .. فوجدت هذا المشهد ، لتصرخ بشدة وهي تقول :
- كارمن !! بنـتي ؟
_ كل هذا في أقل من دقيقة .. وهو لا يزال فاقدًا قدرتهُ على إستيعاب ما يحدث ، تجمد عقلهُ وهو ينظر إليها وحتى الحديث لم يقوَ على النطق به .. حتى فاق من غيبوبتهُ ليتفاجأ بـ جلال يقبض على تلابيبهُ ويهزهُ بعنف وهو يصيح فيه :
- أنا هوديك في داهية ! مش هسيبك ولا انت ولا ابوك ! عايزين تاخدو مني بنتي زي ما خدتو مراتي ! مش هيحصل ، هسجـــنك ياريـــان
ريان وما زال بصرهُ عالقًا عليها : كـ ... كارمـن !
_ تركتها لطيفة وراحت تستنجد بسيارة إسعاف عبر الهاتف ..
................................................................
_ خرج '' قُصي '' من مقر أحد البنوك الشهيرة بـ أسطنبول ، وبدأ في إستخدام هاتفهُ و......
- عملت إيه طمني ؟.. يعني إيه معرفتش ؟ قولتلك عايز أنزل مصر أحضر جنازتهُ .. أتصــرف
_ تبدلت ملامحهُ الهادئة لأخرى شديدة القسوة ، بينما تابع الطرف الآخر حديثهُ و....
- يعني إيه ! إيه اللي حصل عندك ؟
_ بُهت فجأة .. وأنفرجت شفتيه بعدم تصديق وهو يتابع :
- كــارمن !! وإزاي ده حصل ؟
_ قصَّ عليه هذا العميل الذي يعمل لصالحهُ ما أكتشفهُ أثناء مداهمة قصر آل دغيدي .. فأنتفض داخله وفزع عندما علم ما أصاب حبيبتهُ ، وشعور فقدانها أصابهُ بالجنون .. فصرخ فيه بحدة :
- تفضل قدام المستشفى وعينك متغفلش عنها ، لالا انا هنزل في أول طيارة .. مش هكمل شغل دلوقتي ، سلام
..............................................................
_ كانت إصابتها بسيطة ، ولكن حُبهم لها جعل الأمر في ذهنهم غاية في الخطورة ..
ظل ريان واقفًا بالردهة المطلية باللون الأبيض .. ذات الرخام اللامع ، يُحدث حالهُ وكأنه أوشك على الجنون .. في حين وقف جلال بعيدًا عنه بصحبة المربية الخاصة بإبنتهُ '' لطيفة '' .. ينظر بحقد شديد نحوهُ ، يتمنى لو برك عليه وأنقض على رقبتهُ حتى يلفظ أنفاسهُ الأخيرة ..
خرج الطبيب في هذا الآن وهو ينزع عنهُ قفازاتهُ الطبية فركض إليه ريان بجسد متثلج، فـتقدم نحوهم الطبيب وهو يردد :
- حمدالله على سلامتها ياجماعة ، دي إصابة سطحية ماتستاهلش كل الخوف ده
جلال وهو ينظر حيال ريان : أنا عايز أعمل محضر إثبات حالة ، وأعملي تقرير فيه وصف تفصيلي للي حصل لبنتي عشان أضمهُ للمحضر
الطبيب وهو يومئ برأسه مؤكدًا : أكيد الإستقبال بلغت الشرطة بالحالة ، ده الـ system ( نظام ) هنا
ريان بنبرة لاهثة : عايز أشوفها من فضلك
جلال وهو يشير إليه وينطق بلهجة متوعدة : لو مخرجتش من هنا انا هقتلك بأيدي قبل ما الشرطة توصل
لطيفة وهي تتوسط بينهما : جلال بيه ، ده مش وقتهُ خلينا نطمن على الست الصغيرة الأول
جلال بصوت مغتاظ خالجهُ الغلّ : لو كان في إحتمال ١٠ % تكون لبنتي .. دلوقتي بقا سالب واحد يابن طاهر
ريان بنبرة مُصرة : وانا مش هسيبها لو السما أنطبقت على الأرض ، مهما عملت
الطبيب وهو مازال مراقبًا للأوضاع المشحونة بينهما : واضح إن في مشكلة بينكم ، لكن المستشفى مش مكان لمناقشة مشاكلكم .. عشان راحة المريضة وراحة المرضى الباقيين ، عن أذنكم
_ تركهُ جلال ينسل من بينهم .. وأنطلق بخطى سريعة نحو الداخل ليطمئن على ابنتهُ ، في حين أستوقفت لطيفة ريان وهي تقول :
- لو سمحت كفاية كدا
ريان وهو يرجوها بعينين هالكتين : أرجوكي عايز أشوفها بس
لطيفة وهي تبتلع ريقها بتخوف : هحاول ، أكيد هي كمان عايزة تقولك حاجة
_ أقترب جلال من الفراش الممددة فوقهُ كارمن ، وجلس بالمقعد القريب منها وأمسك كفها الأيسر وهو يردد :
- حببتي ! ألف سلامة عليكي يابنتي
كارمن بصوت ضعيف ودموع تكاد تنزلق من عينيها : بابا ، سيب ريان في حاله
جلال وقد أشتدت ظُلمة عينيه : أنا هندمهُ ، الرصاصة دي كان زمانها قتلاني أنا ياكارمن
كارمن وهي تضغط على كفه برجاء : أنا أفديك بعمري يابابي ، بس لو ليا خاطر عندك سيبهُ .. وانا أوعدك إني هـ....
_ آه من ألم يعتصر قلبها وهي تفكر في قول ذلك .. ستحكم على حكائتهم بالموت قبل أن تولد ، ستوأد حبها له لتضمن سلامتهُ من هذه الحرب التي سيكون فيها الكُل خسران .. أنصب اللهيب على صدرها وهي تنطق بقهر :
- هـ آ... هاسيبه ، أرجوك يابابي ، أنا مستعدة أوافق على أي حاجة تطلبها مني
جلال وقد أنقبض قلبهُ لحال إبنتهُ التي سقطت في شباك الحُب : للدرجة دي حبتيه !
كارمن وهي تكتم شهقاتها بعناء : وأكتر ، أرجوك تنفذلي طلبي ، وحياتي
_ أجفل جلال بصرهُ عنها ، هذا الحدث القديم يقف حائلًا بين موافقتهُ على تزويجهما ومباركة هذا الزواج .. وما آلت إليه الأمور الليلة زادت الطين بلة ، تنهد جلال بيأس وهو يهتف :
- حاضر ياكارمن ، وطالما وعدتيني إنك هتنسي الموضوع ده خالص ، أنا كمان هنساه هو وعيلته
كارمن وهي تطبق جفنيها بتألم : شكرًا
جلال وهو ينهض عن مقعدهُ : أنا هروح أشوف موضوع البلاغ ده ، وهحاول أوقفهُ
كارمن وهي تسحب كفها من يدهُ : ماشي
_ أطل عليها بنظرة أخيرة ثم خرج عن الغرفة .. وجد '' لطيفة '' تقف وحدها بالجانب ، فـ أقترب منها وهو يبحث عنه بناظريه ، ونطق بتساؤل :
- هو فين ؟
لطيفة وهي تحرك كتفيها تعبيرًا عن عدم علمها : معرفش
جلال : أنا رايح أعمل حاجة وراجع ، خلي بالك منها
لطيفة : حاضر
_ أنطلق جلال بإستقامة في هذه الردهة ، حتى أختفى عن ناظريها .. فظهر ريان من خلف هذا الجدار المؤدي للدرج الإحتياطي ، واقترب منها وهو يردد بنبرة ممتنة :
- أنا مش عارف أشكرك إزاي
لطيفة وهي تنظر يمينًا ويسارًا بتوتر : بسرعة قبل ما يرجع وتوديني في داهية
_ تركها وولج سريعًا إليها ، كانت شلالات دموعها لا تنقطع حتى رآته .. توقفت الساعة وتجمدت عقاربها وهي تنظر نحوه بشوق ، ولكنها أجفلت بصرها عنه بضيق وهي تردد :
- أمشي من هنا ياريان ، بابا زمانهُ راجع
_ نظر ليدها الملفوفة بالشاش الطبي ويبرز منها أثر لبقعة دماء .. فشعر بوغزة حادة في صدره ، أقترب منها بهدوء .. وانحنى يُقبل جبهتها بلوعة ، وهمس بصوت خالجهُ الندم :
- أنا مش قادر أقولك أسف ، ومش عارف إزاي ده صدر مني ! بس انا مكنتش واعي للي حصل
كارمن وهي تقبض على جفنيها : أنت حاولت تقتل بابا !
أغلى حاجة ليا في الدنيا واللي فاضلي بعد ماما الله يرحمها ، وجاي تقولي أسف ؟
ريان وقد توقفت عبرة على طرف أهدابهُ تأبى النزول : عارف إن غلطتي كبيرة ، بس والله والله ما كنت حاسس بنفسي ، آ... انا مريت بأسوأ فترة في حياتي ، مش عارف إزاي وصلتني لكدا
كارمن :......
ريان وهو يمسح على جبهتها بحُب : عارف إن حقك تزعلي وتثوري عليا ، لكن أكيد هييجي وقت وتعرفي إن الحالة اللي وصلتلها من حُبي ، بــس.
أنا مطلبتش غير انا وانتي وبيت لوحدنا ، ولادنا اللي هنربيهم وحياتنا اللي هيضرب بيها المثل ، مش عايز غيرك من الدنيا ياكارمن
_ أبتلعت مرارة ما يقوله وكأنهُ علقمًا في فمها .. وأشاحت بوجهها حتى لا تواجه هذا الفيض العاشق من عينيه ، ثم قالت بآنين خفي :
- مينفعش ، إحنا مش هينفع نكمل
ريان وكأن لوح من الثلج ضرب رأسه : يـ يعني إيـه !
كارمن وهي تشد على كفها المصاب ليزيد ألمها ، وكأنها تعاقب حالها : يعني كل حاجة خلصت ، مبقاش ينفع نجتمع في حلم واحد
_ مجادلتها الآن لن تُجدي نفعًا ، بالإضافة لإنها متأثرة بفعل ما حدث في هذه الليلة .. أستقام في وقفتهُ ونظر إليها بعدم إهتزاز ، ثم نطق بنبرة جادة :
- كل اللي قولتيه ولا كأني سمعتهُ
كارمن وهي تحاول الإعتراض : ريان أ....
ريان وهو يضع كفهُ على فمها لتصمت : شـشـش ، خلاص مبقاش بمزاجك .. برضاكي أو غصب عنك أنا في حياتك ، ولو خرجت أعرفي إني مُت
_ ما حدث زاد من إصرارهُ .. سحب كفهُ عن شفتيها وقبّل موضعها ، ثم شبك أصابعه بكفها وهو يقول بإصرار :
- أنا آسف ، الإعتذار مش كفاية ، عشان كدا هعتذرلك بطريقتي بعدين
_ أنحنى ليُقبل بطن كفها السليم ، ثم تركه وأردف :
- بحـبك ياكارمن ، لحد الموت .. وده وعــد
_ تحرك بظهرهُ حتى يبقى وجهه مقابلًا لها ، حتى خرج من الغرفة .. لتترك هي دموعها تنهمر من جديد ، وهي تحتضن كفها وتنظر للآخر المصاب الذي أتسعت بقعتهُ الحمراء جراء قبضها الحاد عليه ، فقد أصبحت هي بين المطرقة والسندان .. تُرى ماذا سيحدث !.
.................................................................
( أخوكي ضرب أختي بالنـار )
_ كانت هذه هي العبارة التي صرخ بها '' كريم '' في وجه '' تاج '' التي لاتزال غير مصدقة ما حدث .. كادت حدقتيها تخرج من محجريها من شدة إتساعها ، أصابها الخجل من حديثهُ ومما فعلهُ شقيقها .. فنطقت بحرج :
- مش عارفة أقولك إيه ؟
كريم وهو يلوح بيده : أخوكي أتجنن خلاص من ساعة ما أبوه دخل السجن ، وكان زماني باخد العزا في بابا ! شايفة تصرفاته الغبية ؟
تاج وهي تعض على شفتيها بتبرم : كريم ، متنساش إنك بتتكلم عن أخويا برضو
كريم بنبرة مستهزئة : سلامات ياأخوها
تاج وهي تعقد ساعديها سويًا بإعتراض : أصلًا باباك هو السبب في اللي حصل لبابا
كريم وهو يبتسم بسخرية : لو مكانش أبوكي ماشي شمال من الأول مكنش ده حصل
_ ضربت تاج سطح الطاولة الخشبية ، فـ أنسكب مشروب العصير على ملابسها وهي تزعق به :
- قولتلك خلي بالك من كلامك عن أهلي
_ نظرت بإزدراء لملابسها التي تلوثت بفعل هذا المشروب البرتقالي ، ثم رفعت بصرها نحوه من جديد
وهي تنهض لتقول :
- بابا محبوس بقاله أسبوع ، ورد فعل ريان كان في لحظة غضب وانت عارف هو أد إيه بيحب كارمن .. أنا ماشية ، وعلى فكرة دمك بقا تقيل أوي اليومين دول
_ سحبت حقيبتها وأنصرفت من أمامهُ ، بينما بقى هو گالجلمود الصلب .. فغمغم بخفوت :
- إيه القرف ده ! يعني مكنش في غيرك عشان أتنيل واحبها ؟ صحيح الحب أعمى وبيعمي صاحبه !
.................................................................
_ مساءًا جديدًا .. أصرت فيه كارمن على مغادرة المشفى والإنتقال لمنزلها ، وعندما حضر إليها شقيقها أقنعتهُ بإن يصطحبها للمنزل قبيل حضور والدها ..
فتمم أجراءات الخروج وأكمل حساب المشفى ثم أصطحبها للخارج هي والمربية خاصتها والتي لم تفارقها ..
وأثناء الطريق ، قصّ عليها ما يعانيه مع '' تاج '' من مشاعر حديثة النضوج ، كانت كارمن تشعر بذلك ولكنها فضلت الصمت عن الحديث حتي يختار شقيقها مصارحتها ..
نظرت كارمن للنافذة المجاورة لها وهي تردد :
- تـاج ! ملقيتش غير تاج ياكريم ؟
كريم وهو يتابع الطريق بعينيه : مش بأيدي ، فجأة لقتني بقرب وفجأة لقتني أتنيلت حبتها ، أعمل إيه دلوقتي ؟ ماانا لو كنت أعرف اللي فيها مكنتش سيبت نفسي كدا لحد ما أدهولت
_ أستدار برأسه نحوها وهو يتابع :
- كارمن ، لو صحيتي يوم ملقتنيش أعرفي إني خدتها وهربت من وش العيلتين الفقر دول
_ وبرغم كل هذه الظروف المعاكسة.. إلا إنها ضحكت على طريقة تفكير شقيقها وأسلوبه في الحديث ، فتابع كريم بلهجته المرحة قائلًا :
- صدقيني ده اللي هيحصل ، وانصحك انتي كمان تهربي
كارمن وهي تنظر حيالهُ : ريان لسه عنده أمل إننا ممكن نتجمع في يوم ، أنا مبقتش عارفة أعمل إيه ؟ بقيت وسط نار .. بابا وريان
كريم وقد تقوست شفتيه بإعتراض : جاي أشكيلها همي ، راحت مشيلاني هي همها !
كارمن : همنا واحد ومشكلتنا بقت تقريبًا واحدة
_ أرادت أن تترك لشقيقها بصيص أملٍ ، فأبتسمت رغمًا عنها وهي تقول :
- بس لو الظروف اتحسنت ، هكون أول واحدة تقف معاكم وهعرف أقنع ريان كمان
كريم بنبرة يائسة : ماشي ياكارمن ، كله على اللّه
....................................................................
_ لملم ريان هذه الأوراق المتناثرة أمامهُ على الطاولة .. ثم وقف ليرتدي سُترتهُ ، بدت على ملامحهُ الجمود وهو ينظر لهذه المستندات التي يكمن بها براءة والدهُ .. هو يعلم حجم الخطأ الذي أرتكبه ، ولكنه لا يقوَ على مشاهدتهُ ينهار ، حتى قطع شروده رنين هاتفه .. فأجاب عليه و.... :
- أيوة ، طمني ، أمنت كل حاجة ؟ أنا مش عايز حاجة غلط في الموضوع .. تمام ، تخلص اللي قولتلك عليه وتمشي مش عايزك تظهر قدام القصر ، طيب سلام
_ أغلق هاتفه ، فوجد إتصالًا آخر من المحامي الخاص بوالده ، فأجابهُ و... :
- أيوة ، يعني خلاص البراءة مضمونة ، طب الحمد لله .. أنا جايلك في الطريق يامتر .. سلام
_ أمسك بهذه الأوراق والتقط مفاتيحهُ ، ثم خرج ليقود سيارتهُ نحو الخارج ..
حاول أن يصل إليها ويتصل بها ، ولكنها لم تجيب على أتصالاتهُ .. زفر أنفاسه بضيق وهو يعاود الكرة ، ولكن دون فائدة ، زادت سرعة قيادته گالعادة وهو ناظرًا للطريق يفكر فيها .. تنهد بضيق وهو يحك مقدمة جبهته ، ثم ردد :
- يارب
_ لاحظ إقترابهُ الشديد من السيارة التي تتقدمهُ ، فحاول التقليل من سرعة سيارته .. وكانت المفاجأة إنه لم يستطع السيطرة على المكابح ، ماهذا !
يبدو أن سيارتهُ لن تتوقف .. بلغ قلبهُ حنجرتهُ ، وهو ينظر نحو مؤشر السرعة الموجود أمامه ، ضرب على المقود وهو يصيح عاليًا :
- ياولاد الكلــب ! عايزين تخلصــو مني !
_ حاول بمهارة تفادي أكثر من حادثة أمامهُ .. تشتت تركيزهُ وتصبب عرقهُ وهو يتخيل نهايته البائسة ، فتشاهد بصوت مرتفع و... :
- أشهد أن لا أله الا الله محمد رسول الله ، أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله
_ كاد يصطدم بعربة نقل كبيرة تحمل أطنانًا من الحمولة ، فحملق بعينيه .. أصوات الأبواق المرتفعة من السيارات المحيطة به ضربت أذنه .. فقد ظن الجميع إنه سكيرًا يقود السيارة بهذا الشكل المترنح ..
حتى إنه فقد الأمل في النجاة بحياتهُ ، ففتح باب سيارته وقفز منها ليصطدم بسيارة أخرى و........
.................................................................
_ علم '' جلال '' من المشفى أن ابنتهُ غادرتها منذ ساعتين تقريبًا بصحبة شقيقها .. فتلهف لرؤيتها ، كان ينتوي الذهاب إليها لإصطحابها معه ، ولكنها سبقتهُ وغادرت ..
ترك محيط الشركة بسعادة وهو يمني نفسهُ برؤيتها ، ثم أستقل سيارته وقادها سريعًا نحو القصر ..
أتصل به قُصي أثناء الطريق ، فرد عليه و.... :
- أيوة ياقُصي
قُصي بنبرة معاتبة : إزاي ياعمي متعرفنيش اللي حصل لكارمن !
جلال وهو يتنهد بإرتياح : جت سليمة الحمد لله ، وهي في البيت دلوقتي
قُصي : طيب ، أنا نزلت ترانزيت في قبرص ، وجاي على مصر على طول
جلال وقد أرتفع حاجبيه بذهول : إنت مخلصتش العقود اللي سافرت تكملها !
قُصي وقد أحتدت نبرته : عقود إيه ! أنا لازم أطمن على كارمن بنفسي
_ شعر جلال بشئ غير طبيعي في سيارته .. وكأن الفرامل غير موجودة ، فرمش بعينيه عدة مرات وهو يقول :
- قُصي، هقفل معاك .. عربيتي فيها حاجة ولازم أتأكد منها
قُصي وقد تنغض جبينه : حاجة إيه ؟
_ سقط الهاتف من يد جلال وهو يحاول تدارك الموقف الذي خرج عن سيطرتهُ .. فقد فشل في السيطرة على سيارتهُ وتقريبًا على قرص المقود أيضًا ..
بدت أنفاسه تتسارع وهو ينظر للطريق أمامهُ ، محاولًا بشكل لاإرادي السيطرة على سيارتهُ .. أنحنى بها يسارًا حتى لا يصطدم بالسيارة التي أمامه ،
ولكن فجأة أصطدم بسيارة أخرى تخلفهُ ، فأنقلبت السيارة في الهواء عدة مرات حتى سقطت على الأرضية .. وعلى حين غرة ، أنفجرت السيارة إنفجارًا شديدًا مُحدثة كتلة من النيران وألسنة اللهب ، وهاله عظيمة من الدخان الأسود و..................................................................
.....................................................................
