رواية حبل الوريد الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم ياسمين عادل


 رواية حبل الوريد الفصل الواحد والعشرون بقلم ياسمين عادل


       _ كانت أعينها تراقبهُ .. فقد أستشعرت إنه بحاجتها في هذا الوقت بالأخص عقب أن أنتشر خبر إقتراب زيجتها ، فتفاجئت بذهابه لهذا المكان الماجن .. لم تدري كيف تتصرف ، ولكنها وجدت حالها تتحرك للداخل بدون سابق تجهيز أو تخطيط لمواجهة ما ستراه .. 
ولجت ليقشعر جسدها عقب رؤية هذه الوجوه الموجودة في الداخل .. هابت الأمر بشدة ، ولكنها لم تهتم لذلك في سبيل إخراجه من هناك .. 
بحثت عنه بعينيها، كانت رؤيته وسط هذا الجمع من الرجال السكارى والفتيات العاريات أمر في غاية الصعوبة .. 
ولكنها جاهدت من أجل إيجاده .. حتى لمحتهُ وهو يشرب كؤوس من الخمر على جرعات كثيفة ، وكأنه معتاد على الأمر وليست هذه مرتهُ الأولى .. 
تجاوزت كل من قابلتهم ، وتحملت همسات الرجال لها ومغازلتهم الصريحة .. فـ ليذهب الجميع للجحيم ، المهم هو .. 
وقبل أن يرفع الكأس لفمهُ ، كان كفها أسرع إليه لتمنعه من الشرب مجددًا .. ألتفت برأسه الثقيلة نحوها ليراها بتشويش ، فرك عينيه بقوة ثم نظر لها مجددًا وهو يهمس :

- ز.. يـنة ! 
زينة وهي تحدجهُ بعتاب عاطفي : أنت بتعمل إيه هنا ياريان ، ده مش مكانك
ريان وقد شعر بدوار شديد يهاجم رأسه : مشيت بعد كل ده ! ليه ! ؟
زينة وهي تجذب ذراعه لينهض : قوم معايا ياريان 
ريان وقد بدأ يهذي : هو انا وحش ؟ بس انا حبيتها ؟ حتى لو كنت وحش مكنتش تسيبني 
زينة وقد آكلتها الغيرة : بقولك قوم معايا دلوقتي
ريان وهو يستند برأسه على سطح البار : سيبيني بقا ، أنا عايز اقتلها.. أو تقتلني وارتاح قبل مااشوفها في حضن راجل غيري 

     _ جذبت ساعدهُ لتحثهُ على النهوض .. فبدأ لا إراديًا يستسلم لجذبها بدون وعي ، فهمست له :

- تعالى ياحبيبي ، قوم معايا
ريان وقد شعر بثقل جسدهُ وعدم توازنهُ : هي فين ! 

    _ أوقفتها تلك العاهرة وهي ترمقها بإستحقار ، ثم رددت :

- رايحة فين ياحلوة ، البيه ده بتاعي انا 
زينة وهي تحدجها بنظرات قاسية : أبعدي عننا ياشاطرة ، ده خطيبي 
الفتاة عقب أن ضحكت ضحكة رقيعة : خطيبك !! أنتي هتستهبلي يابت ؟ سيبيه أحسنلك 
زينة بصوت مرتفع : أعلى ما في خيلك أركبيه

    _ جذبت ريان الذي كان جسدهُ ساخنًا للغاية ومرنًا لتغادر به ، ولكن أوقفتها الفتاة بعنف وهي تلكزها في كتفها صائحة :

- ماانا مش سيباكي تخرجي بيه من هنا غير على جثتي ! 
زينة وقد ارتفع حاجبيها بتحدي : بقى كدا ، تمام 

  _ عادت زينة خطوتين للوراء ، حيث أسندتهُ على المقعد الشاغر وعادت لتتعارك مع تلك العاهرة .. 
سبتها بأقظع الألفاظ فبادلتها الأخرى بألفاظًا أكثر بشاعة حتى وصل الأمر لحد التطاول بالأيدي .. جذبتها زينة من شعرها وكادت تقتلعهُ من جذورهُ ، بينما نبشت الفتاة بأظافرها في يد زينة لكي تتملص منها ولكن دون فائدة .. 
صرخت الفتاة صرخات مدوية جعلت الجميع ينتبه إليها ، فسكتت الأغاني وساد بعض الصمت لمتابعة هذه المعركة الساخنة التي نشبت للتو .. 
وأخيرًا تخلصت الفتاة من يد زينة بعد تدخل الكثير من الفتيات .. فنعتتها بلفظ خارج و :

- يابنت الـ **** يا ***** وديني لأوريكي 
زينة وهي تندفع نحوها گالثور الهائج : وريني يازبالة ، تعالي وريني لو تقدري 

        _ كان ريان شبه غائبًا عن الوعي ، يهمس لحاله بصوت خفيض وغير مدرك لما يحدث من حوله ، بينما أشتد بينهم الكلام حتى حضر مدير المكان عقب أن أبلغتهُ إحداهم بما يحدث وتجمع أفراد الأمن التابعين للمكان للفض بينهن.. 
أقترب المدير وهو يزعق بصوته :

- إيه اللي بيحصل هنا ؟ 
الفتاة وقد تدهور شكلها وفسدت مساحيق التجميل على وجهها : البت دي جاية تخطف مني الزبون بنت الـ ***
زينة وهي تحاول أن تتخلص من الأيدي المكبلة لها : قولتلك احترمي نفسك يا*** ده خطيبي وانتي جاية تاخديه بالساهل كدا ! ده بعينك

    _ أشار المدير بعينيه لرجاله لكي يصحبوا الفتاة التابعة له بعيدًا .. ثم نظر لزينة نظرة متفحصة ليتأكد إنها ليست من المترددين على المكان ، وليست كالفتيات اللاتي يعملن لديه ، فـ تنحنح وهو يردد :

- حصل خير ياطعمة
زينة وهي ترمقه إحتقار : أشكال ****

    _ ألتفتت لترى ريان ، فوجدته بمحله .. أقتربت منه وجذبته ليستند بذراعه حول كتفها ، ثم اصطحبته للخارج وهي تهمس :

- يلا ياحبيبي 

     _ كان اصطحابه للخارج أمر غاية في الصعوبة ، فقد كان جسدهُ ثقيلًا للغاية وهي تسحبه معها .. حتى وصلت لسيارتها ، ساعدته على الجلوس بالأمام ثم صفقت الباب وراحت تستقل مقعدها لتتحرك به على شُقتها . 

................................................................. 

         _ صباحًا باردًا ، مُلبد بالغيوم .. 
قررت فيه كارمن أن تبلغ ريان بموافقتها على مشاركتهُ في هذا المشروع ، تحدثت لمحامي شركات ( KM ) لكي يتواصل مع مديرة مكتبهُ .. وانتقلت من بعدها لمقر الشركة ،
بينما كان ريان غائصًا بنوم عميق منذ الأمس وحتى بعد الظهر .. شعر بألم يقتحم رأسه فتململ على فراش ناعم وثير ، بدأ يفتح عينيه الثقيلتين محاولًا إكتشاف ماهية هذا المكان .. ولكنه فشل بذلك ، نظر حوله وهو ما زال ممدًا ، ليجد صورة فوتغرافية كبيرة معلقة على الحائط .. فيها عائلة مكونة من أب وأم وطفلة .. لم يتعرف على أي منهم ، فرك عينيه بقوة وجاهد ليستقيم في جلستهُ ، كانت أزرار قميصهُ مفتوحة وسترته غير موجودة .. 
نفض شعرهُ المشعث ونظر جانبهُ ، ليجد صورة لفتاة بداخل إطار فضي صغير .. أقترب برأسه ليتعرف عليها ، فأنفرجت شفتيه بذهول وهو ينطق : 

- زيـنة ! 

    _ في هذه اللحظة ، ولجت زينة للحجرة بحذر شديد معتقدة إنه مازال نائمًا .. ولكنها تفاجئت بإستيقاظهُ ، فأبتسمت بسعادة وهي تقترب منه .. تركت كأس عصير البرتقال الطازج جانبًا ثم هتفت وهي تجاورهُ جلسته :

- صباح الورد 
ريان وهو يرمقها بترقب : أنا جيت هنا إزاي؟ 
زينة وهي تقوس شفتيها بإستنكار : إنت مش فاكر أي حاجة خالص ؟ 
ريان وهو يبتعد بناظريه عنها محاولًا التذكر : آ... لأ

    _ ألتقطت زينة الكأس وقربتهُ من فمه وهي تردد :

- طب اشرب الأول وبعدين نتكلم 
ريان وهو يبتعد برأسه للخلف : مش عايز ، أنا عايز اعرف بس حصل إيه وازاي جيت هنا ؟ 
زينة وهي تطلق زفيرًا محتقنًا : اللي حصل إنك كنت هاضيع نفسك ، دخلت كبارية وفضلت تشرب لحد ما بقيت سكران طينة
ريان وقد ارتفع حاجبيه بعدم تصديق : هــه ! 
زينة : واضح إنك مكنتش دريان باللي بتعمله

   _ مدت كفيها ليرى هذه السحجات الظفرية التي تكونت على ظهر يديها على أثر عراكها مع فتاة الليل بالأمس ، ثم همست بخفوت :

- بص حصلي إيه بسببك ! 
ريان وهو ينظر لكفيها بإستغراب : بسببي انا! 
زينة وهي تهز رأسها بالإيجاب : آه ، كان في بت كده عايزة تاخدك وتمشي .. وانا منعتها

   _ تلوت بشفتيها قبل أن تتابع :

- كان زمانك على سرير واحدة من إياهم دلوقتي

    _ خلل أصابعه بداخل خصلات شعرهُ ليفركه بعنف ، ثم تحرك بإنفعال ظاهر وهو يهتف : 

- أأ... أنا أسف على اللي حصلك ، لازم امشي  
زينة وهي تنتفض من مكانها لتلحق به : لا متمشيش ، خليك
ريان وهو ينظر حوله باحثًا عن سترته : مينفعش ، لازم امشي حالًا 

   _ ألتفتت زينة حول الفراش لتكون في مواجهته ، أقتربت عن الحد المسموح والمحظور ،وقالت بصوت خالجهُ الرجاء :

- خليك معايا شوية بليز ، انا ماصدقت عرفت أجيبك هنا
ريان بلهجة قاطعة : أنا قولتلك يازينة آ... 
زينة وهي تضع كفها على فمه لتسكته : مش عايزة أسمع ، أنا بـ ... بحبك ياريان
ريان وقد جحظت عينيه بصدمة :..... 
زينة وهي تهز رأسها لتأكيد قولها : أيوة بحبك ، من زمان .. من قبل ما تحب كارمن وانا كنت بشوفك في النادي وهموت واتعرف عليك ، لدرجة إني اتعرفت على أختك عشان ألاقي وسيلة أكلمك بيها .. لكن اتفاجئت بوجود صحبتي في حياتك

    _ تنهدت وهي تطبق على جفنيها بضيق، ثم نطقت :

- ومن ساعتها بعدت ، كل مرة كنت بشوفكو سوا كنت بحسد كارمن عليك
ريان وقد غمر الذهول ملامحه : زينة ! أنتي واعية لكلامك
زينة : آه ، وما صدقت جتلي الجرأة إني أتكلم وأقوله ..خليك جنبي ياريان ، مش هتلاقي حد يحبك أدي

    _ أبتعد عن محيطها وهو يجأر بصوته :

- أنتي مجنونة أكيد
زينة وقد تلألأت عيناها ببوادر الدموع : مجنونة عشان بحبك ! 
ريان : إزاي جه على بالك إني ممكن ارتبط بحد بعد كـ .... 

   _ بتر عبارته سريعًا وابتلع أسمها ليسكن صدره مرة أخرى ، ثم أجفل بصرهُ وهو يردد بصوت حزين :

- أنا مبقتش أصلح للحب
زينة وهي تقترب منه : صدقني كل ده هيعدي لما نكون مع بعض
ريان وهي يهز رأسه بسخرية : أنا لا يمكن أعمل زيها ، لايمكن أظلم نفسي واظلمك معايا 

    _ ألتفت لوليها ظهره، سحب شهيقًا عميقًا ثم طردهُ على مهلٍ وهو يقول :

- لو هي ظلمت نفسها وظلمتني وظلمت ناس تانية معاها أنا مقدرش أعمل ده ، أبعدي عني يازينة .. مش انا اللي استحقك
زينة وهي تصيح فيه گالمجنونة : أنت مسيبتش حتى فرصة ليا ، مش يمكن أقدر أنسيهالك
ريان : السجن مقدرش ، وانا مقدرتش ، قلبي وعقلي مقدروش

    _ أستدار ليواجهها ثم أشار نحو قلبه وهو يردد :

- كارمن هنا ، مش عايزة تخرج وتسيبني في حالي ، ومش هتخرج
زينة : ....... 

    _ لمح ريان سترتهُ والمعطف الخاص به على الشماعة ، فتحرك ليلتقطهم .. أرتدى سترتهُ وتفاجئ بوجود هذا المعطف ، فلم يكن مرتديه ، تفحصه ليتأكد إنه خاصتهُ ، ثم ردد بتساؤل :

- الچاكت ده بتاعي ؟ 
زينة وهي تقترب لتجذبه منه عنوة : لأ
ريان وقد تأكددت شكوكه : لأ بتاعي ، أنا متأكد

  _ دفنته بالخزانة ضمن ثيابها ، ثم أغلقتها وهي تقول :

- حتى لو بتاعك ، مش هديهولك
ريان : ..... 

    _ تأكد من وجود هاتفه ومفاتيحهُ في جيوبه ، ثم تأهب للذهاب .. فأستوقفتهُ وهي تقول :

- ريان ، خليك معايا شوية
ريان دون الإلتفات لها : آسف يازينة

   _ أقتربت بخطوات سريعة وهي تنطق بصوت مختنق : 

- طب آ.. شعرك منكوش

   _ مدت أصابع يديها الأثنتين لتصفف شعرهُ بأناملها .. كانت تحفظ خيوط وجهه وهي تفعل ذلك ، بينما شعر هو بخطر وجوده في حياتها أكثر من ذلك .. فأزاح يديها وأستكمل ضبط شعره وهو يردد بحزم :

- شكرًا ، وياريت بعد كدا متقدميش مساعدات ليا ، عارف إني قليل الذوق .. بس كدا أحسن ليكي، وليا 

   _ فتح باب الحجرة وسلك الرواق وهو يبحث بعينيه عن الباب حتى وجده أخيرًا .. في حين علقت هي ببصرها عليه حتى خرج ، ومن بعدها همست لحالها بصوت متحشرج :

- ليه ! ليه حظي معاك كدا ؟ 

................................................................. 

       _ تواصل مع مديرة مكتبهُ بعد تشغيل هاتفهُ مباشرًة ، حيث علم منها خبر رغبة محامي كارمن بمقابلته عاجلًا .. كان يعلم السبب الرئيسي وراء ذلك ، ولكنه أصر أن يعلن تجاهله حتى قابلهُ وتأكدت ظنونهُ .. فقد كان لقائهُ للتفاوض حول الشروط وبنود المشاركة والتعاقد بينهما .. والتي أصر فيها ريان أن يمنح لحاله كافة الصلاحيات للتصرف بحرية .. 
وشدد على ضرورة إبلاغ كارمن بذلك حتى تُبدي موافقتها قبيل التعاقد .. 
كُل ذلك وقُصي يراقب من بعيد .. يرى ويسمع ويتلصص دون إنتباه من الجميع ، حتى تأتي اللحظة المناسبة ليتدخل في الأمر .. كم هو داهية! 

   _ وأخيرًا تم تحديد موعد للتعاقد .. أصرت كارمن أن يكون لقائهم في محيط الأرض التي سيقوم عليها المشروع ، وكأنها نقطة حيادية بينهم .. 
ذهبت والمحامي بصحبة قُصي أيضًا ورجال حراستها الذين لا يفارقونها من بعد وفاة والدها بأوامر من قُصي ، وكان هو في انتظارهم وسط هذه الأرض القاحلة مع محاميهِ فقط .. 
قام الحارس الخاص بالأرض بتجهيز طاولة صغيرة وبضع مقاعد بلاستيكية للجلوس عليها بأمر من ريان .. 
وأصطف الجميع حول الطاولة ، 
كانت تثق به ثقة عمياء ، حتى وإن أفترقوا .. تعلم إنه لن يؤذيها ، لذلك وقعت على العقود دون مناقشتهُ ، بل وأرادت عدم الإحتكاك به أيضًا .. حتى إنها تحاشت النظر إليه ، 
حتى لا يفسد توازنها ويخرب نظامها .. 
وبعد ذلك قام المحامين بإستلام أدوارهم والمناقشة حول تسجيل العقود .. 
نهض ريان وتلاه قُصي ، وقف الأثنين في مواجهة بعضهم البعض بضع دقائق دون الحديث .. كانو يتبادلون نظرات الكراهية والبغض فقط .. وعندما لاحظت كارمن هذه الحالة بينهما قررت التدخل لئلا يحدث شيئًا .. 

كارمن : خلاص خلصنا وملوش لزوم وجودنا هنا 
ريان ومازالت عينيه تخترق حدقتي قُصي : شكلك عايز تقول حاجة ، أنا سامع
قُصي وهو يبتسم بمكر بيّن : أنا مش بتاع كلام ، بحب أترجم اللي عايز أقوله لأفعال
كارمن وقد راودها القلق : قُصي ! مش يلا نمشي ولا إيه ؟ 
ريان وهو يتجاهل حديث كارمن : وانا دايمًا ردي جاهز
قُصي وهو يفتح ذراعيه بترحيب : ياأهلًا بالرد 

    _ ماذا يفعل لكي يفسد عليه هذه الإبتسامة الخبيثة؟ 
فكر ريان سريعًا بفكرة يفجر بها توازنهُ وتجعلهُ يستشيط حتى تصدر عنه رائحة الدخان .. فلم يجد سوى إستخدام كارمن في ذلك ! 
أنحنى ببصره نحوها .. تأملها قليلًا قبل أن يهمس بصوت جذاب أخترق فؤادها الملتاع :

- خُسارة ! ملكيش حق تغيري الـ Perfume بتاعك ! 
اللي كنتي بتحطيه أحلى

   _ رمشت بعينيها عدة مرات وقد أهتز كيانها عقب عبارتهُ ، بينما آكل الغيظ من رأس قُصي وهو يحدجهُ بقسوة .. في حين تابع ريان حديثهُ لـ قُصي :

- أكيد طبعًا ملحقتش تحفظ حتى ريحتها ! 
ولو بعد ١٠٠ سنة مش هتقدر 
قُصي وهو يشير نحو الحارس الخاص بكارمن : خد الهانم عشان تركب عربيتها
كارمن وهي تبتلع ريقها بتخوف : وانت ؟ 
قُصي بإبتسامة زائفة : جاي وراكي ياحببتي 

    _ وزعت أنظارها عليهم قبل أن تتحرك لتبتعد ، بل الأحرى إنها ودت الهروب عقب أن حاصرها بنظراتهُ تلك .. 
وما أن أبتعدت حتى بدأ قُصي في رد الصاع صاعين وهو يردد :

- بكرة ريحتها مش هتفارق مناخيري ! مش هستنى ١٠٠ سنة عشان أحفظها .. متنساش ، أنت أول المعزومين 
ريان وقد برع في إخفاء جرحهُ : على عيني ، بس انا ناوي أقضي الويك أند بره .. متنساش تبعتلي اللايف بقى 

    _ لوح له بيده وهو يقول بنبرة مستهزئة :

- سلام ياعريس

     _ نيران متأججة أشتعلت في صدره وهو يحاول إطفائها ، توجه نحو سيارته وما زالت عينه على سيارتها عله يراها .. 
بينما وقف قُصي متسمرًا ، فقد ألهبهُ هذا الحديث وأشعل الغيرة بقلبهُ .. 
في حين كانت هي بداخل سيارتها ، تعاني ويلات الحنين .. كيف أستطاع إستنشاق عطرها الجديد بينما هي لا تشتمهُ! 
وكيف له أن يستحوذ على تفكيرها بهذا الشكل المؤلم !؟ كيــف ! ؟

.................................................................... 

       (( وصلت لعنوان صاحب الرقم القومي !؟)) 

      _ كانت هذه عبارة ريان التي نطق بها وهو يقود سيارته .. ترك الغليون خاصتهُ ثم تابع :

- عظيم ، طب عايزك تروح المكان وتكشف عليه كدا ! ولو وصلت لصاحب المكان اللي وريتك صورتهُ وعرفته بلغني.. تمام ، سلام

    _ أغلق هاتفه وتركه جانبًا ، ثم همس بخفوت :

- وقعت ومحدش سمى عليك ، كلها شوية واعرف مين اللي زقك عليا يابن الـ *****

    _ نظر لساعة يده ، فوجدها تعدت الـ الخامسة .. إنه موعد إنتهاء تدريبات التنس الخاصة بشقيقتهُ ، فقرر الذهاب إليها ليصطحبها معه للقصر .. 
فلم تعد لديه طاقة للذهاب للعمل أو الشركة مجددًا .. 
وصل أخيرًا ، وعقب أن صف سيارتهُ ودلف للداخل ، وقف أمام ملعب التنس يتأمله .. لقد مر وقتًا طويلًا منذ آخر مرة مارس بها رياضتهُ المفضلة ، وقف يتأمل الملعب ويتذكر كيف كان يلعب معها ويتركها تفوز أحيانًا لترضى وتضحك .. فـ أبتسم بسخرية وهو يقول بإزدراء :

- كله راح وعدا ! 

    _ تابع طريقهُ نحو المقهى القريب من الملعب ليبحث عن شقيقتهُ .. وأثناء بحثهُ عنها وقعت عينيه عليها أخيرًا ، أقترب منها واقترب واقترب .. حتى تفاجئ إنها ليست بمفردها ! لقد كانت تجلس مع كريم على نفس الطاولة يتبادلون الضحك والحديث .. 
توهج صدرهُ وحملقت عيناه وهو يوزع نظراته المصدومة عليهم ، ثم همس بخفوت :

- تــاج ! وكريم ؟................................... 

تعليقات