رواية حبل الوريد الفصل الثالث والعشرون بقلم ياسمين عادل
_ سقط ريان على الأرضية فجأة ليكتشف إنهُ كان كابوسًا عنيفًا نتج عن أفكار عقله الباطن .. تنفس بصعوبة وكأنهُ انتهي للتو من ماراثون للركض ، ومد يده يتحسس جبهتهُ ليجدها متندية بالكثير من حبات العرق ..
أبتلع ريقه بصعوبة وهو يهمس بصوت متقطع :
- أبوس أيدك متعمليش كدا ، هتموتيني بالحيا
_ سحب شهيقًا عميقًا لصدرهُ ، ثم تحامل على نفسه لينهض .. توجه صوب المبرد الصغير وفتح زجاجة المياة ليتجرعها كلها .. نحو ٤٠٠ مللي من المياة ، ليزيل عن حلقهُ هذا الجفاف المُر ..
أنتقل نحو فراشهُ وأمسك بهاتفهُ ، فوجد الساعة تعدت الواحدة بعد مُنتصف الليل .. تنهد بحيرة ، ثم ضغط على أيقونة المعرض الخاص به لينفتح أمامه .. وضغط على هذا الفيلم التسجيلي القصير ليشاهدهُ للمرة المائة ..
هذا التسجيل الذي سجلهُ لسائق والدهُ السابق وهو يعترف بتورطهُ في محاولة القتل الفاشلة تلك ..
وهنا ، طرأ ببالهُ أمرًا ما .. ولن ينتظر حتي حلول الصباح ، نهض عن جلسته وتحرك نحو خزانة ملابسهُ ليرتدي ما طالتهُ يده ، و......
.....................................................................
_ أعتادت على السهر في غرفة والدها الراحل ، أو تقضي الليل تتأرجح على مقعدهُ ..
جلست أمام المدفأة المصنوعة من الحجر والرخام ، وراحت تدفئ كفيها المثلجين .. فـ البرودة قارسة هذه الأيام ..
ثم مدت يدها لتضبط الوشاح المخملي على عنقها حتى لا تتسرب إليها البرودة ..
وفي هذا الحين ، تفاجئت بوجود المربية خاصتها أمام باب الحجرة وتطلب الدخول .. فتنغض جبينها بإستغراب وهي تنهض لتفتح لها الباب ، لتردد لطيفة بحرج شديد :
- أسفة يابنتي ، بس في حد تحت مصمم إنه لازم يشوفك .. الأمن مش راضي يدخلهُ غير لما توافقي
كارمن وهي تلتفت برأسها لترى كم الساعة : دلوقتي !! حد مين اللي هييجي الساعة ٢ الصبح ؟
لطيفة وهي تزفر زفيرًا محتقنًا : ريان
_ أتسعت عينيها وهي تحدق بها ، طال صمتها لعدة ثوانٍ قبل أن تهتف مرددة :
- دلوقتي !
لطيفة : لو عايزانا نمشيه آ....
كارمن وهي تقاطعها سريعًا : لأ ، خليههم يدخلوه ، وانتي دخليه أوضة المكتب
لطيفة وقد تلوت شفتيها بإعتراض : ماشي
_ أنصرفت لطيفة ، بينما بقيت كارمن واقفة بمحلها ، تحاول إستنباط سبب وجوده في هذه الساعة ..
ودت لو أن شقيقها موجودًا الآن .. ولكنه سافر منذ الأمس بصحبة فريق من مهندسي الشركة لتفحص سير المشروع خارج القاهرة ..
أستمعت لصوت أقدامهُ ، فـ أقتربت من السور لتلمحه وهو يدخل .. كان مرتديًا لثياب خفيفة لا تناسب هذا الجو البارد ، وهذا ما جعلها تتوتر أكثر .. السبب الذي يجعله يأتي بهذه الهيئة دون أكثرات يبدو سببًا قويًا ..
لم تستطع الصبر أكثر من ذلك ، فتحركت لتهبط الدرج وتلحق به متعجلة في ذلك ..
وما لبث أن جلس على المقعد المقابل للمكتب حتى شعر بوجودها قريبًا منه .. أغمض عينيه بإرتباك وفتحها مرة أخرى ، ليجدها تفف عند الباب .. نهض واقفًا ، وفجأة .. لفت إنتباههُ ثيابها المنزلية وهذا الجسم الضخم الذي ترتديه في قدميها لتمنع عنهما البرد ( لكلوك ) .. كان لونهُ ورديًا وعلى شكل قط برز شاربهُ ..
تسربت إبتسامة جاهد لمنعها وهو ينصرف بعينه عنها ، بينما أنتبهت هي لنظراتهُ وأصابها الخجل ..
فقبضت على الوشاح لئلا ينزلق ، ثم أنتقلت بخطاها لتجلس أعلى مقعد والدها .. ومن ثم قالت :
- إيه اللي جابك !
ريان ببرود شديد : قهوتي مظبوطة
_ أنعقد حاجبيها بتعجب ، ثم نادت على لطيفة لتأمرها بـ :
- قهوة مظبوط للأستاذ
لطيفة : حاضر
_ أختفت لطيفة ، فنهض ريان عن مقعدهُ وتوجه نحو الباب ليغلقهُ عليهما .. إنتفضت هي على أثر ذلك ، وهتفت بإستنكار :
- إنت بتعمل إيه !
ريان بلهجة جافة : متقلقيش مش هاكلك ، أنا بضمن الخصوصية
_ أخرج هاتفهُ من جيبه ، وفتح هذا الفيلم المصور ومد يده لها لكي تشاهدهُ .. ترددت في ذلك ، لتجده يهتف بـ :
- أتفرجي
_ ألتقطته لتقوم بالتشغيل ، ثم تابعت ما يحدث بتأنِ ..
حملقت عينيها عندما علمت بتورط قُصي في محاولة قتلهُ .. شعرت بالحرج منه لوهله ، ولكنها تداركت الأمر وهي تمد يدها له من جديد وتردف :
- وانت جاي توريني حاجة زي دي ليه !
الموضوع يخصك انت مش انا
ريان وقد صعقهُ ردها : نعم !
كارمن :......
ريان وهي يرمقها بنظرات مغتاظة : هو انتي غبية مبتفهميش !
كارمن وهي تشير له بسبابتها محذرة : ريان ، خلي بالك من كلامك
ريان وهو يضرب سطح المكتب بعنف : اللي الهانم فضلتهُ عني وعايزة تتجوزه ، حاول يقتلني ويتخلص مني .. يعني القتل عنده زي شرب الميا كدا ، سهل وملهوش تمن .. وانتي جاية تقوليلي أنا مالي !
_ أبتسم بإستخفاف وهو يستكمل :
- ومش بعيد يكون هو قتل أبوكي .. وانتي رايحة ترمي نفسك في فخهُ
كارمن وقد شُل عقلها ورفض التصديق : إيه اللي بتقوله ده ! قُصي طول عمره بيحب بابي وعمره ما يعمل كدا
ريان : .........
_ لحظات من الصمت وكأنها ساعات .. ثم تابع بتهكم وكسرة :
- رفضتي مجرد إتهامي ليه ! إنما انا ؟
جيتي أتهمتيني بكل سهولة ! وكنتي عايزاني أكمل عمري مسجون في حاجة مرتكبتهاش !.. هو انتي مصدقة نفسك ؟
كارمن وقد زاغت عينيها بتوتر شديد : أ نا ...
ريان : مش عايزك تكلمي ، لو انتي مصدقة أنا مش هصدق .. كل يوم بحاول أرفض الحقيقة وأنكرها وكأنها كدبة ، بكدب نفسي ولسه عايز أشوفك البنوتة اللي حبيتها !
_ نهضت عن مقعدها لتبتعد عن عينيه التي تعلقت عليها .. وقفت أمام النافذة ليكون ظهرها له ، بينما وقف هو خلفها ، لمح ظلها على زجاج النافذة .. فنظر لهذا الظل وهو يردد :
- أنتي مش بس سرقتي مني كارمن ! أنتي سرقتي حياة كاملة .. سرقتي مدينة بتفاصيلها ، وسرقتي ريان مني ، سرقتي الضحكة والفرحة .. وسيبتي حاجة واحدة بس .... ريحتك
_ ألتفت ليغادر .. فتح الباب على مصرعيهِ ، وقبل أن يخرج هتف بصوت ضعيف :
- أنا أسف إني جيتلك ، بس حبيت أحذرك قبل ما تقعي .. مش هتلاقيني في ضهرك عشان أسندك .. تصبحي على خير
_ صادف '' لطيفة '' في طريقهُ .. فقالت له وهي تشير نحو القهوة بعينيها :
- القهوة يابيه
ريان وهو ينظر نحو القدح بعدم رغبة : خلي الهانم هي اللي تشربها
_ مدت يدها من أسفل ثيابها .. لتتحسس قلادتهُ التي مازالت ترتديها ، رفضت أن تنزلق دموعها بنفسٍ أبية ..
ولكنها أدمعت رغمًا عنها ..
ألتفتت لترى صورة والدها المعلقة على الجدار ، تحسست وجهه وهي تردد بصوت ألهبتهُ الدموع :
- مين خدك مني ! مين عمل فيك كدا ؟ لو مش ريان يبقى مين يابابي ؟ ميـــــــــن ؟
...................................................................
_ أنتظر العميل الخاص به منذ الصباح .. فقد كلفهُ بمهمة عاجلة ليقوم بها منذ الأمس ، واليوم قد أتمها ..
أنهى ريان قدح قهوتهُ الثاني وهو منتظر على أحر من الجمر.. ثم شرع في تدخين الغليون الخاصة به..
ليجد هذا الرجل يدلف إليه متحمسًا ، فنهض عن جلسته بتلهف وهو يتحرك نحوه و :
- هــا ؟
رجب : أنا جيبت لسعاتك كل اللي طلبته مني .. وعرفتلك إيه هي أملاكه كلها وعملت حصر بيها
ريان بنبرة حازمة : المهم تكون الأملاك دي بعيد عن مؤسسات الدغيدي يارجب !
رجب وهو يهز رأسه بتأكيد : متقلقش سعاتك ، أنا أتقسط ( عرفت) عندهُ مخزنين جمب بعض على طريق أسكندرية ، وفي فندق في السخنة ملكهُ ، غير الڨلل والشاليهات .. وشريك في مصنع منتجات ألبان
ريان وهو يحك مؤخرة رأسهُ بتفكير : المخزنين دول فيهم حاجة ؟
رجب : لأ
ريان بإبتسامة صفراء : يبقى نبدأ بالمخازن
رجب وقد برزت أسنانهُ الصفراء : لو عايزني أفحمهم هعمل كدا
ريان : هيحصل ، بس كله بوقتهُ
_ سار ريان نحو مكتبهُ وهو يردد :
- تمن محاولته قتلي مش هيعدي على خير ، أنا هخرب بيتهُ وأحصرهُ على كل حاجة قبل ما أنهيه
....................................................................
_ أنهى منظم الحفلات شرح العرض لـ قُصي ، فقال بلهجة متباهية :
- كدا أنا شرحت لسيادتك كل مميزات قاعات دجلة للمؤتمرات والندوات والإحتفالات ، وأي باكدچ حضرتك بتختاره إحنا بنفذهُ على أعلى مستوى
قُصي وهو يتفحص صور القاعات : جميل ، إحنا عايزين حفلة الإفتتاح كل الناس تتكلم عنها
المنظم : هيحصل يافندم
_ ولجت كارمن للداخل عقب أن قرعت عدة قرعات على الباب ، فنهض قُصي متهللًا لإستقبالها .. وهو يهتف :
- حببتي ، نورتي المكتب
كارمن وهي تتجاهل يدهُ الممدودة لها : السكرتيرة قالتلي إنك عايزني
قُصي : عايزين ناخد رأيك في حاجة مهمة ، بخصوص حفلة إفتتاح المشروع
_ جلست كارمن على المقعد الموازي للمنظم ، رفعت ساقها على الأخرى ثم رددت :
- أنا مش عايزة حفلات إلا بعد إكتمال المشروع ، بس طالما انت عايز خلاص مفيش مانع
المنظم وهو يدعم موقفه : مش هتندمي أبدًا ياهانم
_ أشار له قُصي لكي ينصرف ، وهو يتابع :
- هتواصل معاك تاني ، وإحنا على أتفاقنا
المنظم وهو يجمع أشيائه : تحت أمرك في أي وقت .. عن أذنكم
_ غادر الغرفة ، فـ أقترب قُصي منها ، تحسس شعرها الناعم وهو يقول :
- مالك ياكارمن ! مزاجك مش مظبوط النهاردة ؟
كارمن وهي تدفع ذراعهُ بخفة : عادي ، مخنوقة شوية
_ تحرك ليجلس قبالتها ، نظر لعينيها بدقة قبل أن يسأل بدهاء :
- ريان كان بيعمل إيه عندك بعد نص الليل أمبارح ؟
كارمن : .......
_ جحظت عينيها وهي تنظر إليه بذهول ، حينما كانت عينيه مسلطة عليها بثبات .. رمشت عينيها عدة مرات وهي تتسائل بصوت متقطع :
- إنت بتراقبني ؟
قُصي بصوت حازم : أنا بحافظ عليكي
كارمن وقد أرتفع حاجبيها بإستهجان : عشان كدا جايبلي جيش واقف قدام القصر ، عشان تعرف خطواتي وتراقبني كويس
قُصي : متهربيش من السؤال ياكارمن ! كان بيعمل عندك إيه في ساعة زي دي ؟ وكمان مفيش راجل في البيت ؟
كارمن وهي تنزل ساقها عن الأخرى : مش من حقك تسألني ، ورجالتك تسحبهم من قصري النهاردة قبل بكرة
_ نهضت لتتركهُ ، ولكنه كان أسرع عندما جذبها بإنفعال لتسقط بين أحضانهُ عمدًا ، ثم همس لها :
- أنا بحبك وبغير عليكي ياكارمن ، أبعدي عنهُ .. أنا مش عايز أذيه
كارمن وقد أرتجف داخلها على أثر كلماته الصريحة : سيب دراعي ياقُصي
_ دفعتهُ عنها ليتركها ، ثم تحركت سريعًا للخارج .. تنفست بصعوبة وهي تنتقل نحو غرفة المكتب ، ثم همست لحالها :
- ده مجنون ، really ( بالتأكيد ) مجنون !
..................................................................
_ مرور يومين ، تلاه حدث هام في هذه القاعة الراقية التي أكتظت بالحاضرين ..
جلس الجميع متأهبين لبدء المزاد العلني لبيع مصنع للحديد والصلب أعلن أفلاسهُ منذ فترة ..
تواجدت كارمن وسط هذا الحشد ، فقد أجتمعت بالخبراء والمتخصصين وأكدوا لها أن شراء هذا المصنع وتجديدهُ وإعدادهُ من جديد سيشكل لها ربحًا وفيرًا في الفترة المقبلة .. فأقدمت على هذا الفعل لإثبات ذاتها ..
وكانت الطامة الكبرى هي مشاركة ريان بنفس المزاد ، ورغبته الشديدة بهذا المصنع .. للنهوض بشركاتهُ من جديد عقب النكسة التي طالتهم ..تفاجئ بحضورها ، وأستشعر إنها تشكل أكبر خطر على فوزهُ بهذا المصنع .. وقفت وسط رجالها تنظر إليه بعناد ..
فراح يحثها على الإنسحاب بأسلوب حازم و :
- إنتي بتعملي إيه هنا ؟
كارمن وهي تتحاشى النظر إليه : زيي زي كل الموجودين، جاية أشتري المصنع ده
ريان وهو يضغط على فكيه بغيظ : أمشي من هنا أحسن ، المزاد ده ليا انا وأنا اللي هاخدهُ
كارمن : ده بعينك
_ حدجها بإستخفاف من أعلى لأسفل ، ثم ردد :
- بقى أنتي جاية وعايزة تقفي في وشي أنا !
كارمن وقد أكلها الغيظ : وهوريك كمان بكرة اللي بتستخف بيها دي هتبقى إيه وهتعمل إيه !
_ تجاوزتهُ .. ووقفت بصحبة مدير عام مجموعة ( KM ) وبدأت تلقي على مسامعهُ بعض الأوامر والتعليمات ، والتي تلقاها بتركيز وفهم ..
ثم قررت الإنصراف وتركهُ خلفها ليحل محلها ، بينما ذهبت هي لموقع المشروع الجديد لتتفحص الجديد به ..
تعجب ريان لإنصرافها وظن إنها أستمعت لنصيحتهُ ، ولكنه شعر بالريبة عقب أن علم بوجود المدير العام لشركاتها ..
بدأ المزاد ، والجميع يتسابق في الحصول على المصنع .. ولكن كانت مجموعة ( KM ) هي الرائدة ..
فكان مستحوذ بمهارة على المزاد ، حتى بقى في النهاية أمام شركات النعماني .. راقب الجميع ما يحدث من مواجهة عنيفة بينهما ، بينما حاول المستشار المالي '' ماجد '' أن يشرح الأمر لـ ريان و.... :
- ريان بيه ، موقف الشركة المالي لا يحتمل المبالغ اللي بتقولها دي !
_ لم يهتم ريان بحديث المستشار المالي ، وكل ما شغل رأسه هو الفوز بهذا المصنع ولو كلفه الأمر حياته ..
ولكن كان المدير العام لكارمن مستريح للغاية ، لموقف شركاتهم القوي ماليًا .. وبعد أن ارتفع السعر وبلغ ذروته ، أنسحبت شركات KM ، وفازت شركات النعماني بالمزاد ..
ولـــكن ، يبقى السؤال ؟
من أين سيدفع هذا المبلغ الطائل الذي تورط به ؟
ألتفت ريان نحو المدير المالي ليجده يبعث إليه بنظرة منتصرة وكأنه يقول إنه أتم مُهمتهُ .. أقترب منه ليصافحهُ ، ثم هتف :
- كارمن هانم بتقولك مبروك ، ولو عايز سلفة عشان تسدد تمن المزاد إحنا موجودين
ريان : ........
_ تبينت له المكيدة الآن ، لقد ورطتهُ ..
فهي تعلم إنه لن يترك المصنع ، وتعلم أيضًا قدرة الشركة المالية والضعيفة في الوقت الراهن .. أحتقن وجهه بغيظ شديد ، وأحمرت عينيه بـ شر وهو ينظر للفراغ ، بينما قال المستشار المالي بسخرية :
- قولتلك موقفنا المالي زفت ، وسيادتك برضو صممت تغرقنا
ريان وهو يهمس بخفوت : كنت فاهم إنه مش هينسحب وهياخد بأعلى سعر ، كنت عايز أدفعها أضعاف تمن المصنع بعد ماأعلي السعر !
المستشار : واضح إن هي اللي طلعت أذكى مننا ، وهدفعنا أعلى سعر
_ تحرك ريان سريعًا للخارج ، حاول ماجد إيقافهُ وهو يهتف :
- أستنى ياريان بيه ، لسه مخلصناش إجراءات نقل المصنع لينا !
_ لم يهتم .. خرج ليستقل سيارتهُ ويلحق بها ، بحث عنها في شركتها وقصرها لم يجدها ، وعَلم من رجلهُ الذي يراقبها إنها الآن في مُحيط الأرض ..
فذهب إليها دون تردد ، وصدرهُ يجيش بالحقد والغيظ .. لقد لعبت عليه وعبثت معه ، والآن هو في ورطة حقيقية بسببها .. زادت سرعة قيادتهُ
حتى وصل تقريبًا لهذا المحيط .. رآها تقف وسط المهندسين وتشير بيدها نحو اليسار ثم تشير للخريطة الموضوعة في يدها وهي تقول :
- البوابات بقى عايزاها إلكترونية ، ويستحسن لو......
- أنا عايزك على إنفراد
_ قالها والغضب يتقافذ في عينيه .. بينما حدجته هي بعدم إهتمام ، ثم رددت ببرود :
- مش فاضية دلوقتي ، تقدر تستنى لما آ... آآآه
_ تأوهت بتألم حينما أخترق صفوف المهندسين وجذبها من معصمها خلفه بإنفعال .. حاولت أن تتخلص من قبضتهُ ولكنه أحكم أغلاقها عليها ومازال سائرًا بها حتى توقف و :
- أيدي ، أوعــي سيب أيدي !
ريان وهو يغرز أصابعه في جلدها : غبية ، وأنانية مقولناش حاجة .. لكن تورطيني عشان توقعيني يبقى لازملك وقفة ياكارمن
كارمن وهي تتلوى لتتخلص منهُ : آآه ، إيه الهمجية دي .. سيب أيدي بقولك
ريان وهو يهتف بصوت جهوري : اللي بنيته مش هتهده واحدة مش مسؤلة وطايشة زيك ، كل همها تشفي غليلها مني مهما كان التمن
_ كان الجميع يشاهد ما يحدث ويتبادلون الهمسات والهمهمات فيما بينهم .. لاحظتهم كارمن فعضت على شفتيها بإحراج شديد منهم و :
كارمن وهي تصرخ فيه ليتركها : قولتلك سيب أيدي ، مش ذنبي إنك فاشل
_ أعتصر معصمها بين قبضته حتى أزرق كفها على أثر عدم وصول الدم للعروق .. وصاح فيها بغضب أعماه :
- الفاشل ده هينسف أسمك من السوق كُله ، سمعــاني !
_ هوت على صدغهُ بصفعة شرسة .. أحدثت صوتًا مدويًا وسط الحاضرين ، أرتعش صدغيه وهو يضغط على فكيه بعنف ولم يرمش رمشة واحدة .. أفلت معصمها أخيرًا لتفركهُ هي بتألم مكتوم ، في حين تحسس هو صدغهُ بأطراف أنامله ونظر إليها بعيون مفترسة كادت تلتهمها على الفور ، ولكنه كبح رغبته في الإنقضاض عليها ورفع قبضته المتكورة في وجهها وأقترب منها ليهمس بنبرة گالفحيح :
- القلم ده هيتردلك أضعاف مُضاعفة ، هخليكي تندمي يابنت الدغيدي وتيجي لحد عندي برجلك تتمني بس أبعد عن طريقك .. أنا هابقى كابوسك اللي مش هتنامي منه طول الليل
_ رفعت أنفها بغرور شديد ، ورمقته بنظرات مستخفة وهي تبتسم بسخرية هاتفه :
- مش انا اللي أركع واسلم ، وبكرة هخليك تشحت عشان تلحق شركاتك قبل ما تفلس ، أنا عملك الأسود .. هندمك على كل لحظة فكرت فيها تقف في وشي ، وكل يوم شوفتني فيه صغيرة وتافهة ! ..............................
...................................................................
