رواية حبل الوريد الفصل الخامس والعشرون بقلم ياسمين عادل
_ هبطت لطيفة على الدرج عقب أن قامت بحقن كارمن بـ إبرة طبية مضادة لخفض درجة الحرارة .. وجدت كريم منتظرًا لها ، وتسائل متلهفًا :
- طمنيني يادادة ، عاملة إيه ؟
لطيفة وهي تتنهد بحزن : مفيش جديد ، عمالة تقول كلام مش مفهوم كدا .. أنا أديتها الحقنة والبرشام وهطلع اعملها كمادات دلوقتي
كريم : هاتي الميا والقطن وانا هعملها الكمادات بنفسي
_ أصدر الهاتف المنزلي رنينًا .. فتوجهت لطيفة نحوه ورفعت السماعة لترد و :
- ألو
_ نظرت نحو كريم بتوتر ، ثم تابعت بصوت منخفض شيئًا ما :
- هي كويسة ، جبنا ليها الدكتور وكتبلها العلاج .. وان شاء الله هتكون بخير ، لألأ متقلقش .. والله مش بكدب ، شوية سخونة وبرد وهيروحو لحالهم ، حاضر .. عنيا .. سلام
_ عقد كريم حاجبيه بإستغراب ، ثم تسائل بفضول :
- مين ده اللي عارف إن كارمن تعبانة ؟
لطيفة وهي تفكر في إخبارهُ أو لا : آ.....
كريم : أنتي بتخبي عليا ولا إيه يادادة !
لطيفة وقد تقوست شفتيها بيأس : ده ريان
كريم وقد ارتفع حاجبيه غير مصدقًا : ريان ! وهو عرف إزاي إن كارمن تعبانة ، وليه بيكلم ويسأل عنها ؟
لطيفة وهي تسترسل في الحديث : كارمن كانت عنده في الشركة النهاردة وهو حس إنها تعبانة ، كلمني وشدد عليا أجيبلها دكتور واخلي بالي منها
كريم : .....
لطيفة وهي تتابع : ودلوقتي كان بيطمن عليها ، ووصاني مجيبش سيرة ليها .. أوعى تنسى وتقولها ياكريم يابني ؟
_ مازال صامتًا .. لا يعرف أسمًا ينعت به هذا الحب ، فـ من الظلم تصنيفه گ حب .. تعدى مراحل العشق وأكثر ، نكس رأسه بضيق .. وتسائل :
- وهي راحت لشركته ليه ؟
لطيفة : أنا هحكيلك
_ قصت لهُ ما حدث بإختصار شديد .. فـ نقم على شقيقتهُ وتصرفاتها المتسرعة ، صعد لأعلى ممسكًا بصحن كبير مملوء بالمياة الباردة ومكعبات الثلج .. وقطع القطن الكبيرة أيضًا ، جلس جوارها وبدأ بعمل كمادات على رأسها .. لم تشعر بوجودهُ ، فقد كانت غائبة عن عالمهم .. وهامت بعالم آخر تكون فيه وحدها ..
تأمل شقيقها إنفعالات وجهها وتحرك ثنايات بشرتها ، فقد برز على وجهها الإرهاق .. مسح بأناملهُ على وجهها وهو يهمس بخفوت :
- كارمن ، فوقي .. مش عايزك تفوقي متأخر وتندمي
_ ليتها تسمعه ، ولكن لا حياة لمن تنادي ..
بدل قطعة القطن بأخرى وانتظر ليعيد الكرة مرة أخرى ، وهو مازال متأملًا إياها .
.................................................................
_ أستيقظت مبكرًا .. عقب ساعات طويلة من النوم ، شعرت بثقل شديد في جسدها .. فراحت تتمدد بجسدها في الفراش حتى تزيل عنهُ حالة التيبس التي أصابته ..
أصطدم ذراعها بشئ ما ، فنظرت جوارها لتجد '' كريم '' مجاورًا لها .. حملقت بعينيها وهي تهتف :
- كريم !
_ بدأ يستيقظ هو الآخر على أثر إصطدام ذراعها به .. فتح عينيه بتركيز ، ثم مد يدهُ بشكل تلقائي ليتحسس جبهتها وهو يردد بقلق :
- كارمن ، أنتى كويسة !
كارمن ومازال التعجب مسيطرًا على ملامحها : إنت رجعت أمتى من السفر ؟
كريم : رجعت بالليل ، ولقيتك مفرفرة
كارمن وقد تنغض جبينها بتعجب : أنا ؟
_ أعتدلت في جلستها ونظرت حولها جيدًا ، فوجدت زجاجات الدواء وعلب الأقراص العلاجية بجانب صحن المياه الباردة ، الكل على الكومود .. فتنهدت بضجر وهي تهتف :
- مش فاكرة حاجة!
_ أعتدل كريم في جلسته ونزع عنه الغطاء ، جلس في مواجهتها ونظر لعينيها الشبه ناعسة بتفحص .. فـ قطبت جبينها وهي تسأل :
- بتبصلي كدا ليه؟
كريم بسؤال مباشر : مين قتل بابا ياكارمن ؟
كارمن وقد جحظت عينيها بصدمة :.....
كريم وهو يسأل بصيغة أخرى : خليني أبسطلك السؤال ، قُصي هو اللي عمل كدا ؟
كارمن وهي تحيد بصرها عنه : انا لسه بشك ، مش متأكدة
كريم وهو يمط شفتيه بعدم إقتناع : وهتتأكدي إزاي ؟
كارمن بلهجة واثقة : بطريقتي
_ قرعت لطيفة على الباب بخفة ، قبل أن تفتح الباب لتدلف وعلى ثغرها بسمة متأملة :
- ياصباح الورد
كارمن وهي تبتسم لها بعذوبة : صباح الخير يادادة
لطيفة وهي تقترب منها لتتحسس جبهتها :وريني كدا حرارتك نزلت ولا لسه
_ تحسستها ، فشعرت بحرارة طبيعية للغاية .. حمدت الله وهي تقول :
- الحمد لله السخونية نزلت ، بس لازم تفطري عشان تاخدي الدوا
كريم وهو يقف عن جلسته : قومي ياكارمن خدي شاور وتعالي ننزل نفطر سوا
لطيفة وقد تقوست شفتيها بإستهجان : على فكرة ، قُصي تحت من شوية .. جاي يطمن عليكي
كارمن : ....................
...................................................................
_ هذه المرة الرابعة التي يرفع فيها سماعة الهاتف الخاص بمكتبهُ منتويًا الإتصال للإطمئنان عليها .. ولكنه يغلق الخط سريعًا في كل مره ..
يتآكل داخلهُ قلقًا عليها ، ولكنه يصارع قلبهُ المتلهف بعقلهُ الناقم عليها والغاضب منها..
أغلق السماعة بعنف وتأفف متذمرًا وهو يهمس :
- أثبت بقى !
_ نهض من خلف مكتبهُ ، سحب معطفهُ ومفاتيحهُ وتحرك نحو الباب .. فتحهُ ليخرج منهُ فوجد زينة تتخطى أعتاب حجرة السكرتيرة و.... :
زينة : من فضلك عايزة أقابل ريان بيه
ريان وهو ينظر حيالها بجفاء : زينة !
_ أستدارت بجسدها لتجدهُ يتقدم منها .. فـ أبتسمت بسعادة وهي تقترب منهُ وتهتف :
- ريـان !
ريان : خير في حاجة ؟
زينة : عايزاك في موضوع مهم ، مينفعش يتأجل
ريان وهو ينظر لساعة يدهُ : بس انا متأخر دلوقتي و....
زينة بلهجة متسرعة : آ.. مش مشكلة ، أنا هنزل معاك توصلني وتمشي ، أوكي ؟
ريان وهو يذم على شفتيه بتبرم : ماشي
_ هبطا سويًا .. واستقلت معهُ سيارتهُ ، فسار بها وهو يستمع إلى حديثها وثرثرتها الغير منتهية ..
حتى قررت هي فتح هذا الموضوع وسرد ما عرفتهُ عليه علها تكسب نقطة لدية ..
توقف بسيارتهُ فجأة والتفت لينظر إليها بذهول ، ثم هتف :
- أنتي بتقولي إيه !
زينة وهي ترمش بعينيها عدة مرات : آ... أنا افتكرتك عارف إنهم بيتقابلو ؟
ريان وهو يضيق عينيه بفضول : الكلام ده أمتى ؟
زينة وهي تتصنع البراءة : أمبارح في النادي ، آ...
ريان وهو يشير إليها لتصمت : خلاص ، أنا عارف كل حاجة وتاج حكتلي .. لكن نسيت تعرفني إنها شافتهُ أمبارح
زينة وقد علمت بفطنتها إنه يحسن موقف شقيقته في نظرها : بجد ؟ أمال اتفاجئت ليه ؟
ريان : متفاجئتش ولا حاجة
_ نظر للطريق ، ثم عاود النظر إليها وهو يهتف بفظاظة :
- تقدري تنزلي هنا ، لأني هلف وأكمل طريق مش طريقك
زينة بنبرة مُتيمة : كل الطرق اللي توصلني ليك تبقى طرقي ياريان
ريان وهو يزفر أنفاسهُ بسخط : قولتلك طريقنا مش واحد ومش هيكون واحد يازينة
زينة وهي تضع كفها على ذراعهُ تتحسسهُ برفق : أنا معنديش مانع استناك العمر كلهُ
ريان وهو يبعد بذراعه عنها : هتستني على الفاضي ، لأني مش ملك نفسي
_ نظر للأتجاه الآخر وهو يهتف :
- مع السلامة
_ تفاجئ بها تقترب فجأة لتطبع قُبلة على صدغهُ .. ثم تحركت سريعًا لتترجل عن سيارته .. في حين بقى هو مصدومًا من فعلتها المجترئة معه ، ولكن انصرف ذهنهُ عن التفكير بذلك وراح يفكر في أمر شقيقتهُ التي قابلت كريم مرة أخرى .. كز على أسنانهُ بغيظ ، ثم أمسك هاتفهُ واتصل على هاتف القصر ليُحدثها و.......
_ كانت كارمن تجلس في باحة القصر .. ترتشف مشروبًا دافئًا ، بينما جلس قُصي في مقابلتها ليتحدثان سويًا ..
فاض إليها بهذا القلق والخوف الذي اعتراه منذ الأمس لما أصابها .. وأضاف لكلماتهُ المعسولة بعض البهارات العاطفية لكي يزيد من حماستها .. أدعت التأثير بكلماتهُ ، فتحمس كثيرًا لعرض طلبهُ عليها مرة أخرى و :
- هكون أسعد راجل في الدنيا ، لما تقرري تحديد معاد الفرح
كارمن وهي تفرك أصابع يديها سويًا : أتكلمنا قبل كده ياقُصي وقولتلك سيبلي فرصة أخرج من الحالة دي ، وفي حاجة كمان أنا عايزاها .. أعتبرها مهري
_ هبّ واقفًا واقترب منها سريعًا .. أنحنى ليحاوط مقعدها ونطق متلهفًا شغوفًا :
- لو طلبتي نجوم السما مهر أجيبهالك
كارمن وهي تنظر لحدقتيهُ الواسعتين : عايزة اللي قتل بابا
_ تبدلت تقاسيم وجهه ومازالت عينيه على عينيها الخضراء المبهجة .. تاه وسط هذه الغابات التي تتشكل في عينيها الساحرتين ، فغمغم بخفوت :
- ولو جيبتلك اللي قتل عمي جلال ، تتجوزيني فورًا؟
كارمن : فورًا ، بس تجيبهولي بالدليل
قُصي وهو يمد يده ليتحسس شعرها : أوعدك هوصلهُ ، طالما التمن هيكون أغلى حاجة في حياتي
_ رن الهاتف المنزلي .. فتنفست الصعداء وهي تدفعهُ بعيدًا عنها ، فـ هاهي تجد الفرصة للتخلص من قربهُ الشديد منها .. أتجهت نحو الهاتف بخطوات متمهلة ، ثم تنحنحت قبل أن ترد بصوت مرهق :
- ألو
- مش قولتلك ابعدي أخوكي عن أختي !
كارمن وهي تطرد زفيرًا ساخطًا من بين ضلوعها : كريم مسافر بره القاهرة بقاله فترة ، ولسه راجع أمبارح .. معتقدش لحق حتى يكلمها !
ريان وقد ارتفعت نبرة صوتهُ : قابلها امبارح ياهانم !
أنا لو وصل بيا الأمر إني أذيه عشان يبعد عنها هعمل كده ! سمعتيني ؟
كارمن بصوت مبحوح : لو عايز تبعدها عنه أبعدها .. إنما كريم ملكش علاقة بيه نهائي ، أنا مش هسمح بأي حاجة تحصلهُ
ريان بأسلوب فج : أنا قولتلك اللي في نيتي والكلام خلص
_ أغلق الهاتف قبل أن ترد عليه .. فنظرت بإنزعاج إلى سماعة الهاتف ثم تمتمت :
- وبعدين بقى ! أنا مش فاضية للموضوع ده !
_ أنتفض جسدها على أثر لمسة قُصي لها .. والتفتت سريعًا لتواجهه ، فوجدته يبتسم وهو يردف :
- سيبيلي أنا موضوع كريم وتاج ده ، وانا هريحك منه خالص
كارمن وهي تتنهد بسئم : هتتصرف إزاي يعني ؟
قُصي : هبعدهم عن بعض ، من غير ما كريم يتأذي أو حتى يضايق
كارمن وقد تنغض جبينها بعدم فهم : إزاي ؟
قُصي : أنتي متشغليش بالك بحاجة ، ثقي فيا
كارمن :................
_لحظات من الصمت وهو يراقب تعابير وجهها ، إلى أن حانت بـ إلتفاتة من رأسها وقالت بنبرة آمره :
- متدخلش في الموضوع ده ياقُصي ، ده موضوع أخويا وانا وهو هنحلهُ مع بعض
قُصي وهو يذم شفتيه بعدم رضا : زي ما تحبي
_ أحست إنه ربما يراوغها ، وسيفعل ما يحلو له .. فأطلقت نظراتها الشزرة نحوه وأشارت بسبابتها مُحذرة :
- قُصي ، لو اتصرفت من دماغك أو عملت أي تصرف غبي هـ.......
قُصي وهو يهز رأسه بموافقة : تمام تمام ، ماشي
_ بسط يده وتحسس جبهتها متعمدًا لمسها ، بينما تراجعت هي للوارء بإرتباك وحدجته بقسوة وهي تعنفهُ مرددة :
- قُصــي !
قُصي متصنعًا صفو النية : أنا بشوف حرارتك نزلت ولا لسه
كارمن وهي تبتعد عنه وقد ضاق صدرها : أعفيني من اهتمامك الزايد ده ، لحد ما تنفذ وعدك ليا .. ودلوقتي أنا طالعة ارتاح ، عن أذنك
_ راقب حركتها البطيئة التي تنم عن إرهاق جسدها بدقة ، حتى أختفت بين الأروقة .. فأخفض بصره وضاقت عينيه وهو يهمس لحالهُ :
- لازم أثبت ! بس هثبت إزاي ؟
_ وما أن ولجت لحجرتها ، حتى ألتقطت هاتفها وحاولت الإتصال بشقيقها الذي خرج منذ قليل .. أنتظرت أن يرد عليها حتى جاءها صوته ، فقالت :
- كريم ، مش اتفقنا هتبعد عن تاج الفترة دي ! ليه بتحطني في مواقف سخيفة مع ريان ؟
كريم وقد أنكمشت المساحة ما بين حاجبيه : مين قالك إني معملتش كدا ! أنا لسه راجع من السفر زي ماانتي عارفة و...
_ صمت ولم يتمم عبارتهُ ، فعضت على شفتيها بتذمر ثم هتفت :
- و إيه ياكريم ؟ شوفتها أمبارح ؟
كريم : صدفة والله وكان في النادي ، بس محدش شافنا
كارمن وهي تبتسم بسخرية : مؤكد حد شافكم ، لأن ريان عرف وعلى أخرهُ
_ تنفست بصوت مرتفع ، ثم قالت :
-أصبر شوية ياكريم ، كل حاجة هتتحل وانا مرتبة ده في دماغي .. ومش هسيب موضوعك إنت وتاج ، بس في أولويات دلوقتي
كريم وقد أصابهُ السئم : أنا هقفل دلوقتي ، لما نرجع نكلم ياكارمن
كارمن : ماشي ياكريم ، سلام
................................................................
_ ترك ريان هذه اللوحات الهندسية على الطاولة المستديرة .. ثم نظر نظرة خاطفة للموقع وهو يقول :
- ده المشروع اللي هيتنفذ على الأرض ، عايزكم تدرسوه وتراجعوه وتبلغوني لو في أي تعديلات محتاجين نضيفها
_ نظر المهندسون لبعضهم البعض ، ثم تنحنح كبيرهم قبل أن يردد :
- بس آ .. كارمن هانم آ...
ريان بلهجة قاطعة : أسمع يابشمهندس ، ده المشروع ومفيش كلام تاني يتقال بعد كلامي
المهندس : .....
ريان وهو يضيف متعمدًا : والهانم بتاعتكم لا تملك حق التعديل عليا بأمر من العقد اللي بينا ، تمام ؟
المهندس وهو يومئ برأسه موافقًا : اللي يريحك ياريان بيه
_ نظر ريان لساعة يدهُ .. ثم التفت ليتحدث بهاتفهُ ، بينما همس المهندس المسؤول لزميله وقال :
- لازم الهانم تعرف ، ونشوف العمل إيه
_ جاءهُ صوت الرجل الخاص به عبر الهاتف وهو يقول :
- ريان باشا ، مستني أوامر سعاتك ياباشا
ريان وهو يحك طرف أنفهُ بإنفعال : بكرة بالليل هنتفق على المعاد سوا ، عايز المخازن دي تتفحم .. وبعدها نشوف هنعمل إيه
رجب بلهجة حماسية : اللي تؤمر بيه ياباشا
_ أغلق الهاتف ودسهُ في جيب سترتهُ ، أبتسم بتشفي وهو يحدث حالهُ :
- ده انا هخرب بيتك
...............................................................
_ كانت مُمددة على الفراش ومدثرة جسدها أسفل الغطاء جيدًا .. عطست ولحق عطسطها السُعال ، تحسست جبهتها فوجدت حرارتها أرتفعت من جديد ..
كادت تتحرك لتُحضر قنينة الدواء الصغيرة ولكن رن هاتفها ، فألتقطتهُ أولًا لتجيب المتصل بصوت ضعيف :
- ألو
المهندس : كارمن هانم ، في حاجة لازم تعرفيها
كارمن : في إيه يابشمهندس؟
_ سرد عليها بعجالة ما حدث منذ قليل .. توهج صدرها بغيظ من تصرفاتهُ العنيدة معها ، وفكرت سريعًا كيف تتصدى لهذه المهزلة التي بدأتها هي..
حتى وجدت إنه لا مفر من التواصل معهُ شخصيًا لحل الموقف ، أغلقت هاتفها .. ثم أخرجت الهاتف الصغير والإحتياطي من درج الكومود وبدأت تضغط على الأرقام لتتصل به ..
بينما وجد هو رقمًا غريبًا يلح في طلبهُ ، فأجاب أخيرًا وهو يقود سيارته .. :
- ألو
_ أستمعت لصوتهُ ، فتوقفت العبارات على لسانها ، ولم تقوَ على الرد .. تنفست بصعوبة وظهر صوت شهيقها وزفيرها ، صفّ ريان سيارتهُ أمام بوابة القصر وراح يستمع لنهج صدرها ..
إنها هي ، عرفها سريعًا .. وكيف لا يعرفها وهي حبل الوريد خاصتهُ ، والتي سلبت العقل والروح والقلب والجسد .. أطبق جفنيه وضغط عليهما بقوة ، وأعاد الرد منتظرًا أن تمنّ عليه وتأتيهُ بصوتها :
- أأ.. لـو !
كارمن : ....................
_ أغلقت الهاتف سريعًا وألقتهُ جوارها ، وانهارت تبكي بكاءًا مريرًا .. بكاءًا لا تعلم لهُ سبب ..
في حين بقى هو جليس سيارتهُ ، أستند برأسه على عجلة القيادة .. وأستحضر صوت أنفاسها التي ترددت في أذنُه منذ قليل ، علها تشفي علة قلبهُ وتداوي هذا الجرح ..
وبصوت مبحوح نطق :
- يمكن في يوم ، نرجع !
..................................................................
_ خرجت تاج من بوابة النادي الرئيسية ، فأقترب منها السائق وحمل عنها حقيبتها الرياضية ..
ثم فتح لها باب السيارة لتركبها، ومن ثم تحرك بها ،
كانت تلك الأعين الخبيثة تطالعها من بعيد .. أشعل سيجارتهُ وسحب أول نفس نيكوتيني منها ، ثم أشار لهذه الفتاة التي تقف بجوارهُ وهو يقول :
- شوفتيها ؟
الفتاة : أه
قُصي وهو يزفر بالدخان العالق بصدرهُ : هي دي اللي عليها الكلام ، هتعرفي ؟
الفتاة وهي تبتسم إبتسامة ماكرة : عيب ياباشا ، ده انا ناني وانت عارفني
قُصي : أحلــــوت !
