رواية حبل الوريد الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ياسمين عادل

 

 

 

 

 رواية حبل الوريد الفصل السادس والعشرون بقلم ياسمين عادل


     _ أصابهُ حالة من الهياج العصبي والجسدي ، عقب أن علم ببيع أخيهُ للممتلكات السياحية الفاخرة التي تمتلكها عائلة النُعماني بأحد المدن السياحية الشهيرة.. 
فـ كسر مزهرية الزهور الموجودة على المنضدة.. وصاح بلهجة عنيفة :

- هو ده أبنك اللي مأمنهُ على مالنا ، وسايبهُ يتصرف براحتهُ
طاهر محاولًا التهدئة من روع ولدهُ الأكبر : أهدى يامراد ! لما ييجي هيشرحلنا ليه عمل كدا  
مراد وقد دوى صوتهُ في أنحاء القصر وأرجاءهُ : يشرح ! يشرح إيه ولا إيه ولا إيه ؟ أنا طفح بيا الكيل ومش هصبر عليه أكتر من كده  

      _ هبطت مايسة إليهم مذعورة على أثر هذا الصوت .. وتسائلت بشئ من الخوف :

- في إيه ياطاهر !؟ أبنك بيزعق كده ليه ؟ 
مراد وهو يتصيد الفرص : تعالي شوفي إبن أخوكي الحيلة بتاعتكم .. باع الشاليهات بتاعتنا اللي الساحل واللي في السخنة ! وكل ده ليه ؟ عشان أخوكي رايح يسيبلهُ توكيل بالتصرف في كل حاجة ! 
طاهر وهو يصيح فيه بإنفعال : مـــراد ، أتكلم عدل معايا
مايسة وهي ترمقهُ بإحتقار : إزاي تكلم عن باباك بالشكل ده يامراد ؟ 
مراد بضحكة ساخرة : أمسكو فيا وسيبوا البيه اللي زايط فيها ، وفي الآخر أنا اللي هلبس خازوق ومش هطول مليم واحد من حقي

     _ حضر ريان في هذه اللحظة .. واستمع للكلمات الأخيرة من مراد ، فتنهد بصبر نافذ وقرر الدخول إليهم لمواجهة الإتهامات من جديد .. وما أن وقعت أبصار مراد عليه ، حتى أشار نحوهُ بإحتقار وردد :

- أهو البيه شرف بسلامتهُ ، أسألوه إزاي يتصرف في حاجة تخصنا كلنا !؟ 
ريان بلهجة باردة : في إيه يامراد ! مالك 
مراد وقد أرتفع حاجبيه بإستغراب : مالي ! لا أبدًا مفيش يابن أبويا .. خير اللهم أجعله خير ، صحيت لقيت نفسي بايع الشاليه بتاعي وانا نايم ومش حاسس ! 
ريان وهو يجفل بصرهُ بحرج : أعتبرني أستلفت فلوسهُ منك ، ولما ربنا يفرجها هجيبلك شاليه أحسن منهُ
مراد وقد وصل لذروة إنفعالهُ : آ... 
طاهر وهو يقاطعهُ بصرامة : أخرس بقى يامراد ، صحيح الكلام ده ياريان ؟ إنت بيعت الشاليهات كلها ؟ 
ريان وهو يبتعد بأبصارهُ عنهم : صح  
مايسة وقد ذهلت : طب ليه يابني ؟ 
مراد بسخرية : قولهم ليه ؟ 
ريان وهو يكز على أسنانهُ بضيق : أشتريت مصنع جديد ومحتاج أسدد تمنهُ
طاهر بلهجة مرتفعة : وكان لزمتهُ إيه المصنع وإحنا مش معانا سيولة كفاية يابني
مراد وهو يحدج أخيه بإستخفاف : الباشا لبس في الحيط ، الهانم الدلوعة بنت الدغيدي لبستله المصنع بعد ما وقف قصادها في المزاد .. وطبعًا كان لازم يطلع قدامها هيرو البطل ! من فلوسنــا

    _ لم يستطع ريان كبح غضبهُ أكثر من ذلك ، خاصة بعد أن ذُكرت كارمن بالأمر وبهذه الطريقة الإستهزائية .. فهدر بصوتهُ بتشنج واضح وهو يقترب منهُ ليكون قبالتهُ :

- أسمع ، أنا ممكن أقولك بعت واشتريت والمصنع ملكي وملكش عندي جنيه واحد ، وكله بالورق والمستندات .. لكن أنا طلعت راجل وقولتلك حقك محفوظ ، وأول ما المصنع يقف على رجلهُ هتاخد حقك ، أصلًا كل حاجة بأسم أبويا مش بأسمك
مراد وهو يشير نحوه بإزدراء : أنت راجل انت ؟ ده أنت عيل ياض .. أوعى تفتكر حتة التوكيل اللي معاك ده هيعمل منك حاجة لأ فوق ، أبوك راجل ظالم .. لو مكانش ظالم كان عدل بينا وفضل هو الآمر والناهي ، مش يمسكك انت ياعيل كل حاجة ! 

     _ رد عليه بلكمة عنيفة جعلتهُ يرتد للوراء ، وأعقبها بلكمة أخرى أعنف حتى هوى مراد على الأرضية .. صرخت مايسة فيهم وحاول طاهر التدخل بينهم .. 
ولكن وصل الأمر بينهم حد العراك بالأيدى والساقين أيضًا .. تشابكا معًا فأحدث كل منهما كدمات وخدوش للآخر .. 
كل ذلك والأب عاجزًا عن حلّ بينهم ، صاح فيهم ولكن دون جدوى :

- بقولكم أنا واقف وسطكم ، أعملولي حساب ياولاد الـ ***
مايسة بصوت مبحوح على أثر الصراخ : سيبهُ ياريان ، سيبه يابني عيب كدا ! الخدامين بيتفرجو علينــا
ريان وهو يسدد لهُ ضربة عنيفة : ده انت اللي عيل ، لو مكنتش عيل كان وثق فيك وأمنك على مالهُ ، لكن انت كفاية عليك البنات والعلاقات المشبوهة اللي مضيع عليها فلوسنا .. ما تقول لأبوك انت ساحب كام من خزنة الشركة يا****

    _ وأخيرًا نجح '' طاهر '' في الوقوف بينهم .. ودفع الأثنين بذراعيهُ ليحافظ على مسافة بينهم تمنع تشابكهم مرة أخرى .. 
مسح مراد أثر الدماء الذي أنسال من أنفهُ گخيط رفيع ، ثم صاح فيه :

- فلوسي ، حقي وأخد منه وقت ما يعجبني ! 
طاهر وقد صدمتهُ الحقيقة : حقك ! بتضيع شقى السنين على النسوان بتاعتك يامراد وتقول حقك ! 
ريان بضحكة مستخفة : أسأله عمل إيه بـ الميا وخمسين ألف اللي سحبهم أخر أسبوعين ! وجاي يلوم عليا انا ؟ 
أنت آخر واحد يلومني أو يحاسبني ، فاهــم ! 

     _ تجاوز الجميع ، وصعد على الدرج ببطئ ، حيث سحب هذا العراك طاقتهُ وقدرتهُ الحركية .. 
بينما بقى طاهر واقفًا غير مصدق ما حدث ، ولا يختلف حال مايسة عنهُ .. 
دخل حجرته ، نزع عنه سترتهُ وقميصهُ وتركهم على الأرضية ، ونظر لوجهه بالمرآه ، وجد أثرًا مُحمرًا أسفل عينيه وأعلى جبهتهُ .. فتأفف بضجر وهو يلعنهُ :

- ولا بيرحم ولا سايب رحمة ربنا تنزل ! مش كفاية ساكت عن بلاويه السودا ! 

   _ تحسس هذه الكدمات وتأوه متألمًا .. ثم دلف للمرحاض ، حيث وضع دهان مُلطف للجلد ليزيل هذه الآثار .. وخرج مرة أخرى وعلى وجهه المقت والغضب . 

................................................................... 

      _ قضت الليل تُعلاجها بالكمادات الباردة ، حتى أنخفضت درجة الحرارة .. ومن ثم حقنتها بالمضاد وتركتها لتنام براحة ، ولكن الحقيقة إنها لم تنام في ليلتها .. 
صوته يتردد على مسامعها ، أشتاقت للمساتهُ .. واشتاقت لوالدها أيضًا ، تتذكر حينما كان يُجلسها على حجرهُ ، ويمسح بعاطفة أبوية على ظهرها ويمسد على شعرها .. 
مازالت دمائهُ تؤرقها وتنغص نومها ، هي لن تهدأ إلا بعد أن تأتي بحقهُ .. لقد خسرت كثيرًا ، 
والدها ، حبيبها .. ضحكتها وفرحتها ، سرق الفجر كل ذلك منها وسيطر عليها النوم لتغفو قرابة الأربع ساعات ، قبيل أن تستيقظ مرة أخرى .. 
نهضت لتستحم ، فتزيل عنها بعض من أثار المرض الذي صاحبها لأيام .. ثم ارتدت ثيابها الكلاسيكية ، وقررت الخروج مبكرًا إلى موقع الأرض المُراد تنفيذ المشروع عليها .. 
أقتربت من المكان ، فلمحت سيارتهُ تقترب هي الأخرى .. 
أبطئت من سيرها فـ أبطأ من سيرهُ .. حتى وقف أثنتاهم في مواجهة بعضهم البعض قليل من الوقت .. 
ترجلت عن سيارتها فترجل هو الآخر ، وظلت المسافة بينهما تتلاشى وهم يقتربون ويقطعون الطريق .. حتى أصبحت قبالتهُ ، لاحظت هاتين الكدمتين بوجههُ ، أرادت أن تتسائل ولكنها كبحت رغبتها وأطرقت رأسها .. قبل أن تتابع :

- عايزة أعرف سبب رفضك للمشروع بتاعي ! 
ريان وهو يدس كفيه في جيوب معطفهُ الشتوي : من غير سبب ، أنا عايز كدا 
كارمن وقد أحتدت نظراتها المصوبة نحوه : بس انا شاركتك عشان المشروع ده يكمل ، مش عشان تأسس مشروع على مزاجك ! لو ناسي فاأنا شريكة بالأرض الأكبر 
ريان بلهجة متعندة : لو ناسية أنا صاحب القرار ، العقد بيقول كدا .. وانا مش هنفذلك مشروعك ، عاجبك عاجبك مش عاجبك نوقف المشروع ومفيش حاجة هتتنفذ 
كارمن وهي ترمقهُ بغيظ شديد : بقى كدا ! 
ريان بتحدٍ : أه

    _ فكرت قليلًا ، فوجدت من الجميل أن لا تُعانده الآن .. 
هو يفعل ذلك من أجل بث الغيظ بداخلنا ومضايقتها .. 
حتى يرد لها فعلتها بحقهُ ، أبتسمت بعبث ، ثم رفعت بصرها نحوه وقالت بهدوء بارد :

- Okey ، أنا واثقة في خبراتك وموافقة على مشروعك .. وطالما أنت عايز تنفذه مفيش مانع ننفذه
ريان وقد أشتعل صدرهُ بغيظ من برودة ردها : مسألتكيش موافقة ولا لأ
كارمن بعدم إكتراث : مش هتفرق ياريان ، إحنا شركاء ومش هتفرق معانا الثغرات دي 
ريان وقد نفذ صبرهُ : إنتي أكتر حد مستفز قابلتهُ في حياتي
كارمن بنبرة هادئة للغاية : عارفة ، أنا همشي بقى .. ومطمنة على كل حاجة طول ماانت موجود ، بـاي
ريان وهو يغمغم بخفوت : يابنت الـ ... ، بتستفزيني ! 

      _ حقًا نجحت في إثارة إستفزازهُ .. وبدلًا من أن يكون هو مصدر غضبها ، كانت هي مصدر إستفزازهُ .. 
أنصرفت وهي تكتم ضحكة كادت تنفجر من صدرها لتظهر في العلن .. حتى أستقلت سيارتها ، فتحركت بها وأطلقت العنان لنفسها لتضحك وتضحك حتى أدمعت عيناها . 

.................................................................... 

     _ لم تهتم بحالة الإعياء التي تواجهها ، فهي في حاجة ماسة لكل دقيقة .. أنتقلت بسيارتها للشركة ، ومن ثم طلبت أحد أفراد الأمن الذين تثق بقدراتهم .. 
أرادت أن تسند إليه مهمة غاية في الخطورة ، ولم تجد الأجدر منه ليفعلها .. وقف فرد الأمن '' سامح '' أمامها بثبات ليستمع إلى أوامرها ، أعتراه القلق في بادئ الأمر .. خاصة عندما علم بوجود '' قُصي '' في الأمر .. 
تعلثم لسانه وتقطعت الكلمات وهو ينطق بـ :

- آ.. أراقب قُصي باشا؟ 
كارمن وهي تتحرك يمينًا ويسارًا على المقعد : آه ، هتجيبلي أخبارهُ أول بأول .. وهتاخد أجازة مفتوحة من الشغل هنا ومرتبك هتاخده كامل وبزيادة كمان
سامح وهو يحك طرف ذقنهُ بتفكير : صعب ياهانم ، قُصي باشا حويط أوي ومش بالساهل يتراقب
كارمن : أنا لما جيبتك هنا وقولتلك على مهمتك الجديدة جيبتك عشان واثقة أنك الوحيد اللي هتقدر تعملها ياسامح

    _ صمت قليلًا وهو يفكر في كيفية فعلها ، بينما أرادت كارمن أن تغلق عليه الدائرة فيصبح مجبرًا على تنفيذ أوامرها .. أظلمت عينيها وأحتدت ملامحها وهي تردد :

- أنا مش باخد رأيك ياسامح ، ياأما هتنفذ اللي قولتلك عليه .. ياأما هتسيب الشركة دي فورًا
سامح وقد أتسعت عينيه بذهول : إيـه! 
- زي ما سمعت ، القرار ليك
سامح وهو يذم على شفتيه بضجر : ياهانم أنا أخدمك بعنيا .. بس بدورها في دماغي

      _ فتحت كارمن حقيبتها وأخرجت أجهزة إلكترونية صغيرة للغاية .. ثم مدت بها يدها له وهي تردد :

- دي أجهزة تسجيل وتصنت .. بتشتغل بـالـ SIM Card ( خط محمول ) ، مجرد ما تتصل بالرقم تسمع كل حاجة .. هتحط واحد في أوضة قُصي والتاني في الرسيبشن 

    _ ألتقطهم منها ومازال الذهول مسيطرًا عليه .. فقد أصبحت أدهى مما يتخيل ، وتحولت روحها البريئة لأخرى شرسة ترغب في الإنتقام .. 
أنتقلت لحقيبتها مرة أخرى وأخرجت ظرف صغير ، ألقتهُ على سطح المكتب وهي تتابع :

- الظرف ده فيه مفتاح الشقة والعنوان .. هتروح النهاردة الساعة ٦ تنفذ اللي قولتلك عليه ، قُصي هيكون معايا في الوقت ده وانا هعرف أخليه يسيب الشقة

      _ وقفت في مكانها .. حدجتهُ بنظرات متأملة وهي تقول :

- أنا حاطة عليك أمل كبير ياسامح ، متخذلنيش
سامح وهو ينظر لما تحويه يدهُ من أسلحة خطيرة : آ.. حاضر 
كارمن : ومش عايزاك تقلق أبدًا .. محدش يقدر يأذيك وانا موجودة ، ودلوقتي تقدر تروح تطلب الأجازة وانا هوافق عليها فورًا
سامح وهو يهز رأسهُ بالإيجاب : أمرك ياهانم ، عن أذنك

   _ دس كل ذلك في جيب سترتهُ الرسمية ، ثم خرج عن المكتب .. في حين خرجت كارمن أيضًا وانتقلت بخطواتها نحو حجرة مكتب قُصي .. أنتبهت لها السكرتيرة فـ هبت واقفة و... :

- أهلًا يافندم ، قُصي بيه مش جوه
كارمن وهي تومئ رأسها بتفهم : هستناه جوه ، أطلبيلي ينسون من فضلك
- حاضر يافندم

     _ ولجت كارمن للداخل وأوصدت الباب عليها ، تأملت زوايا الحجرة جيدًا .. حتى وجدت المكان الصحيح الذي ستضع به هذا الجهاز الضئيل لـ تتلصص عليه .. 
حيث ألصقتهُ بظهر المقعد الجلدي الوثير ، ثم جلست على المقعد وتنفست براحة شديدة .. لحظات ووجدتهُ يقتحم الحجرة بدون سابق إنذار ، أتسع ثغرهُ بـ إبتسامة سعيدة وخطّ بقدمهُ ليقترب منها .. جلس بساق واحدة على طرف المكتب أمامها ، ثم أستند بذراعهُ على ساقهُ وهو يردد :

- كارمن الجميلة منورة مكتبي ، مش مصدق ! 
كارمن وهي ترسم بسمة مزيفة على محياها : وكمان عازمة نفسي على الغدا معاك النهاردة
قُصي وقد ارتفع حاجبيه بعدم تصديق : ده بجد ! 
كارمن وقد تنغض جبينها بتصنع : مش عايز ؟ 
قُصي بنبرة متلهفة : طبعًا عايز ، عايز جدًا 

    _ أنحنى بجسدهُ ليكون أقرب أليها .. فتح كفهُ أمامها لتضع كفها عليه ، ترددت هي لحظات قبل أن تضع أطراف أناملها .. ولكنه جذب الكف كُله وكأنه إحتلال ، قربهُ من فمهُ وطبع عليه قُبلة ليست ببريئة أبدًا ، جعلتها تقشعر بخوف منه .. كادت تسحب كفها ولكنه تعلق به وأحكم قبضتهُ عليه ، تعمق النظر لهاتين العينين اللاتي ذاب فيهما گالجليد المنصهر .. ثم نطق :

- هتحبيني أمتى ! 
كارمن وهي تدعي الثبات أمامهُ : هو الحب بمواعيد !؟ 

    _ فرك جلد كفها بنعومة ، وكأنهُ يعد خطوطهُ .. ثم جعل أطراف كفها تلامس صدغهُ ، فأنشرح صدرهُ وأغمض عينيه بهيام وراح يقول بلوعة وإشتياق :

- آآه لو تعرفي قد إيه مستني اللحظة اللي هتبصيلي فيها بصة رضا واحدة .. لحظة واحدة بس ، إن شالله أموت بعدها ميهمنيش ، بس أعيش اللحظة دي ! 
كارمن وهي تبتلع ريقها بتوتر شديد : آآ... 
قُصي : ششش .. سيبيني أحلم أنك جمبي

     _ جاهدت لسحب كفها ، لكنها عجزت أمام أصرارهُ .. تأوهت بتألم من عنف قبضتهُ وهتفت بآنين :

- آآه ، قُصي إنت بتوجعني
قُصي وقد أنتبهُ لإنفعالهُ العاطفي ، فترك كفها وهو يقول : آسف ، مخدتش بالي

    _ نهضت سريعًا لتفر من أمامه ، ولكنه وقف أمامها حائلًا .. تشمم رائحتها المميزة وهو يقول :

- خليكي شوية ، أرجوكي ! 
كارمن وهي ترمش بعينيها عدة مرات : لازم امشي عشان أجهز نفسي ، متنساش إنك عازمني النهاردة

    _ تجاوزتهُ بصعوبة وهي تهتف :

- هستناك الساعة خمسة ونص في القصر .. باي

    _ نظر لراحتهُ .. وتحسس جلدهُ الذي كان ملامسًا لكفها منذ قليل ، ثم همس بصوت متملك :

- إنتي ليا ، ولو السما أطربقت على الأرض

................................................................. 

     _ بهذا المساء وقف ريان أمام المرآه ، لينثر الكثير من العطر الرجالي فوق قميصهُ الأزرق الداكن .. ثم أرتدى معطفهُ أعلاه ، وتأهب للخروج من حجرتهُ .. 
أخترقت أنفهُ رائحة يعرفها جيدًا ، ويحفظها عن ظهر قلب .. رائحة عطرها المثير والمميز .. أهتاجت مشاعره وتلفت حولهُ وكأنه يبحث عنها گالمجنون ، وراح يبحث عن مصدر هذه الرائحة بإرتباك .. حتى أقترب من غرفة شقيقتهُ ، 
طرق الباب أولًا ثم دخل بإندفاع ، فوجد الرائحة تزداد عمقًا وتحتل أنفهُ أكثر .. فسأل شقيقته بصوت متلهف :

- إيه الريحة دي ! 
تاج وهي تتمايل بوقفتها أمام المرآه : ده الـ perfume الجديد بتاعي .. تحفة صح ؟ 

   _ وقعت عينيه على قنينة العطر الجديدة على منضدة الزينة .. فألتقطتها سريعًا وصاح في شقيقتهُ بتذمر :

- متحطيش منه تاني ، أنتي سمعاني
تاج وقد انتباها الفضول : ليه ياريان ، ده لسه جديد وعاجبني
ريان وهو يهدر بها بإنفعال : من غير سبب ، عندك برفانات الدنيا كلها حطي منها .. ماعدا ده ! 

   _ ألتفت ليغادر الغرفة واحتفظ بهذه القنينة الجديدة .. فصرخت به شقيقته وهي تقول بصوت مرتفع :

- أستنى طيب ، هات الإزازة دي جديــدة ! 
أوووف بقــى ! 

      _ هبط سريعًا وخرج ليستقل سيارتهُ .. أغلقها عليهُ وتنهد بإرتياح ، نظر لهذه الزجاجة متمعنًا ، ثم قرر أن ينثر منها قطرة واحدة على ظهر كفهُ .. 
فانتشر العطر في السيارة ، بقيت رائحتها في أنفهُ وكأنها بين أحضانهُ .. هام بها وسرح بخيالهُ ليتذكر أجمل أيام مضت من حياتهُ . 

................................................................ 

        _ جلست تاج على المقعد الخشبي المبطن تنتظر صديقاتها في النادي .. ثم قررت الإتصال بإحداهن لتستعجلها و.... 
 
- أيوة يايسرا ! أنتوا فين ؟ 
طب يلا بسرعة انا مستنياكو .. أوكي ، باي

    _ أغلقت هاتفها لتجد فتاة ما لا تعرفها تقف أمامها وتستأذنها بالجلوس و... :

- ممكن أقعد ! 
تاج وهي تنظر حولها : حضرتك في ترابيزات كتير فاضية
ناني وهي تبتسم ببراءة مصطنعة : أنا عايزة أقعد معاكي
تاج وقد أصابها الحرج : آ.. أتفضلي

    _ سحبت المقعد وجلست فوقهُ ، ثم ابتسمت بوداعة وهي تقول :

- نفسي أوي نكون أصحاب ، أنا بشوفك هنا على طول وكان نفسي نتعرف من زمان ، ممكن!؟ 
تاج وهي تبتسم بمجاملة كاذبة : آآ.. آه أكيد ، ممكن  

    _ لمعت عينيها لنجاح أول خطوة في مشوارها الشيطاني .. ثم راحت تتحدث إليها بـ إستفاضة وكأنها تعرفها منذ زمن و............................................. 

تعليقات