رواية جثة رجاء الفصل الثاني بقلم محمود الأمين
لمحت نور الاوضه بتاعتي بيولع وبيطفي لوحده، استغربت وشاورت لعرفه على الاوضه.
ولما بص، اتكلم وقال:
_ تلاقيه عطل في الكهربا يا باشا، ما تقلقش.
= عطل في الكهربا؟.. طيب يا عرفه، أنا داخل ارتاح شويه.
....
سبت عرفه ودخلت البيت، واحساس عدم الراحه اللي بيجيلي كل ما بدخل الجنينه ده مش طبيعي. في حاجه غلط في المكان ده، بس أنا مش عارف هي ايه؟!
دخلت البيت وطلعت على اوضتي على طول، كنت تعبان تعب مش طبيعي، حاسس ان جسمي مكسر، وعشان كده رميت نفسي على السرير على طول ونمت.
فتحت عينيا لقيت نفسي واقف في الجنينه، وبالتحديد قدام مرجيحه قاعد عليها طفل صغير، وواقفه قدامه واحده، والواحده دي هي الست رجاء.
قربت منها لحد ما شفت ملامحها، حرفياً ملامح شيطان، ولما بصيت على الطفل كان عباره عن هيكل عظمي قاعد على المرجيحه.
ولقيت الست رجاء بشكلها المرعب ده بتبصلي وبتقول:
_ امشي من هنا يا ياسر.. ده مش مكانك يا ياسر.
= امال مكان مين؟
_ ده مكاننا احنا يا ياسر، احنا عيله هنا وساكنين، وانت عايش وسطنا.
= بس ده بيتي.
_ مش بيتك يا ياسر، ده بيتنا احنا.
...
صحيت على صوت رنه التليفون بتاعي.. كان اللي بيتصل نادر.
رديت عليه:
_ ايه يا عم، انت نايم ولا ايه؟
= اه والله يا نادر، كنت نايم. خير، هو حصلت حاجه ولا ايه؟
_ مش عارف، أنا عندي معلومه بس هي تهمك ولا لا، الله اعلم.
= ايه المعلومه اللي عندك وبخصوص ايه؟
_ بخصوص البيت اللي انت فيه والست اللي اسمها رجاء دي، اصل أنا سالت كده عشان اعرف شويه معلومات.
= طيب، وعرفت ايه؟
_ الموضوع عباره عن لغز كبير جداً يا ياسر، في كلام طلع كثير ان جوزها وابنها مسافروش اصلاً، ومحدش من الجيران سمع عن حادثه حصلت للراجل وابنه. الجيران بيقولوا انه من يوم وليله كده الراجل وابنه اختفوا، والست قالت انهم سافروا وانها بتحاول تبيع البيت عشان تحصلهم.
لكن بالنسبه للاصوات اللي الناس بتسمعها، فكل الجيران اجمعوا على كده يا ياسر.. وقالوا على البيت ده مش طبيعي، وبالتحديد من اليوم اللي قالت فيه الست رجاء ان جوزها وابنها سافروا.
= معناه ايه الكلام ده؟
_ معناه انه في حلقه مفقوده، الراجل وابنه راحوا فين؟ لو على الموت ما فيش حد شاف الحادثه دي، ولو على السفر فمحدش شافه وهو مسافر.
واللي زود الامر حيره ان الست رجاء دايماً بتسافر مع جوزها وابنها اللي بتحبهم حب مرضي وبتخاف عليهم من الهوا الطاير. ازاي تسيبهم يسافروا وهي تقعد مع نفسها المده دي لحد ما تبيع البيت؟
= تمام يا نادر، عموماً أنا هعرف ايه ورا الامر ده، وبعدها هحاول اتصرف.
....
بعد ما قفلت مع نادر، قمت من مكاني على صوت خبط على الحيطان، الصوت ده ما كنتش عارف مصدره جاي منين؟
لحد ما خرجت للصالون ووقتها شفت تلاتة واقفين قصادي، الست رجاء وجوزها وابنها متكفنين عضمهم اسود وكانوا بيقربوا مني.
حاولت ارجع لورا لكن جسمي كان مشلول، لحد ما بقوا قدامي. في اللحظه دي لقيت نفسي بصحى من النوم على صوت رنه تليفوني من تاني، وكان اللي بيتصل برده نادر.
بس الغريب ان نادر كرر نفس الكلام اللي قاله في المكالمه اللي فاتت، فقلتله:
يا ابني، ما انت اتصلت من شويه وقلتلي الكلام ده؟
وكان ردوا عليا رد غريب لما قال:
_ أنا اتصلت بيك امتى؟.. أنا لسه مكلمك حالاً اهو.
= مكلمني حالاً ازاي؟.. انت من شويه كلمتني وقلت نفس الكلام اللي قلته دلوقتي ده.
_ لا ياسر، محصلش.
= طيب ثواني، خليك معايا.
...
بصيت في التليفون وهو لسه معايا على المكالمه، وفتحت سجل المكالمات، بس فعلاً اخر اتصال منه كان امبارح، وأول اتصال ما بينا النهارده هو الاتصال اللي شغال دلوقتي.
ازاي؟!
أنا خلاص هتجنن.
رجعت تاني للمكالمه وقولتله:
بقولك ايه؟.. أنا عاوزك تقابلني دلوقتي.
= تمام، عدي عليا في الكافيه اللي متعودين نتقابل فيه، على ما توصل هتلاقيني هناك.
_ خلاص، اشطا اتفقنا.
...
وفعلاً قمت غيرت هدومي، ونزلت عشان أقابل نادر في الكافيه.
وانا في الطريق للكافيه، لفت نظري محل بيبيع حيوانات اليفه، وقتها افتكرت الكلب بتاعي اللي مات السنه اللي فاتت، وقررت اني هشتري واحد وانا راجع.
وصلت الكافيه وقعدت شويه مع نادر.. كل الكلام كان على البيت ده، ونادر طلب مني اني احاول ابيعه في اقرب فرصه واشتري بيت في مكان تاني.
وبعد ما خلصت قعدتي مع نادر، خرجت من الكافيه وركبت عربيتي واتحركت ووصلت لحد محل الحيوانات، واشتريت كلب وسميته على اسم الكلب القديم بتاعي "فوكس".
وبعدها اخدته في العربيه ورجعت على البيت، بس الغريبه اني أول ما دخلت البيت بالكلب لقيته فلت من ايدي ونزل في الجنينه وبدأ ينبح بقوه كأنه شايف حاجه أنا مش شايفها.
قربت منه وحاولت اطبطب عليه، لكنه كان بيبعد عني.
وعشان أنا عندي خبره في موضوع الكلاب ده، فاقدر اقولكم ان معنى ان الكلب ينبح بالطريقه دي يبقى المكان في حاجه مش طبيعيه.
الكلاب بتقدر تشوف حاجات احنا منعرفش نشوفها.
استمر فوكس على الحاله دي لمده 10 دقايق، وبعدها فضل ماشي لحد ما راح عند الباب، فتحت بالمفتاح ودخلت ودخل ورايا.
...
كنت مخنوق ومش عارف اعمل ايه؟!
فجأه خطر في بالي حاجه مفكرتش فيها قبل كده.
أنا من يوم ما جيت ما دخلتش الاوضه اللي كانت قاعده فيها الست رجاء، قمت من مكاني واتحركت على الاوضه، فعلاً وصلت عندها وفتحتها.
كانت اوضه عاديه جداً، فيها سرير ومكتب ودولاب.. كانت منظمه ومرتبه جداً.
رحت ناحيه المكتب وانا مش عارف ليه حاسس اني هلاقي حاجه، وأول ما وصلت وفتحت الدرج الاول لقيت كشكول سلك رجاء.
فتحت الكشكول ده وابتديت اقرأ.
******
(انا عندي هوس من وانا صغيره بكتابة مذكراتي، مش عارفة ليه بكتبها.. يمكن عشان حياتي ممله ومافيش فيها حاجة جديدة.
جايز.. بس انا بشوف مذكراتي دي هي عالمي الخاص اللي هسيبها لولادي بعد ما اموت، عشان يعرفوا انا كنت بعمل ايه عشانهم.. ما عنديش دلوقتي غير سيف ابني الوحيد، وطبعًا جوزي حبيبي عمر.
حياتي سعيدة جدًا، مفيش فيها حاجة صعبة، بخرج مع صحابي، بعمل شوبينج، وبجيب كل اللي نفسي فيه. وبصراحة، عمر مش حارمني من أي حاجة.
بس انا عندي حاجة بعض الناس شايفاها عيب وخطيرة، لكن انا شايفاها ميزة.. هي حبي الغير طبيعي لعيلتي. في ناس شايفين ان الحب ده حب مرضي، بس من امتى يا جماعة كان الحب مرض؟
انا بس عايزة اكون معاهم خطوة بخطوة، لو خرجوا بخرج معاهم، ولو سافروا بسافر معاهم.. بحاول على قد ما اقدر اكون ام مثالية لابني سيف.
بس المشكلة ان عمر شايف ان الناس دي عندها حق، وانه حب ليهم حب مرضي.. يمكن انا بدقق في حاجات صغيرة، بس ده من حبي ليهم والله.)
...
وقفت المذكرات لما سمعت صوت فوكس بينبح بقوة.. قمت من مكاني واتحركت ناحية مصدر الصوت، وقتها لقيت فوكس واقف قدام الحمام وبينبح بقوة.. بصيت جوه الحمام وشفت نفس المنظر اللي شفته قبل كده، بس المرة دي الست رجاء كانت واقفة وبتحط حاجة في المية اللي في البانيو، ولما بصت عليا كانت هدومها غرقانة دم. وفجأة...
