رواية الرسم على القلب الفصل الثاني بقلم زينب محروس
هي بالفعل اتخطفت قدام عيونه و هو واقف ملحقش يتحرك، و حتي مشافش وش الشخص اللي خطفها لكنه كان نفس استايل شريف، في اللحظة دي وصل خالد اللي بمجرد نزوله من العربية، شاور له كريم بسرعة عشان يركب، و ركب هو كمان معاه، و طلب منه يتحرك بسرعة ورا العربية اللي شاور له عليها.
لكن خالد حب يستفسر عن السبب و اللهفة الشديدة في حثه على الحركة، فرد كريم باستعجال:
_ في بنت اتخطفت اتحرك بسرعة.
هو قال الجملة دي، ونقل نظره مكان العربية لكنها كانت اختفت و كأنها فص ملح و داب، فسأله خالد اللي بدأ في السواقة:
_ انهي عربية؟؟
_ اختفت، بقولك ايه رن على ابن عمك المجنون ده ليكون هو اللي خطفها.
و بالفعل اتصلوا على شريف اللي أكد لهم إنه ملهوش أي علاقة بالموضوع، فدخلوا المدرسة عشان يعرفوا اي حاجة عن نيچار أو اي طريقة يتواصلوا بها مع أهلها، و في الوقت ده وصل أبوها اللي بمجرد معرفته بالموضوع أكد لهم إن الخاطف دا هو شخص عايزه يتنازل عن المدرسة، و بالفعل و هما واقفين وصلت رسالة تهديد لوالد نيچار إنه في خلال اتناشر ساعة لو المدرسة متباعتش، محدش هيعرف طريق نيچار.
★★★★★★★
من لما رجع من المدرسة و هو مش قادر ينسى اللحظة اللي اتخطفت فيها نيچار، و اللي مضايقه أكتر إنه مقدرش يلحقها، بس مكنش يعرف إن الزبون اللي جايله هو اللي خاطف نيچار، مأخدش وقت كتير عشان يستوعب إن دي نفس الهيئة و نفس الهدوم بتاع الخاطف، و مش بس كدا دا كمان العربية نفسها!!!
كان بيلف حوالين العربية و هو بيحاول يتفقد محتوى العربية من الشباك المفتوح، فانتبه لدبوس الشعر الفضي اللي كانت لبساه نيجار الصبح!
هو كدا بقى متأكد إن دا بالفعل هو الخاطف، و عشان كدا قبل ما يسلمه العربية متصلحة، كان مجهز نفسه، و اتحرك وراه فورًا بالموتوسيكل بتاعه، لكنه كان حريص عشان الخاطف مياخدش باله.
العربية وقفت على طريق زراعي، و نزل منها الخاطف و توجه تجاه مزرعة ، و من وراه كريم اللي تفاجئ بوجود عدد من الشباب غير الخاطف و كمان في عربيات ملاكي واقفة داخل محيط المزرعة، في اللحظة دي أدرك كريم إن الكترة تغلب الشجاعة و عشان كدا كان لازم يطلب مساعدة خالد و الشرطة.
بدأ يتسلل من بين الزرع، بيدور على مدخل للمزرعة، لكنه متوقعش يلاقي نيچار في أوضة منفصلة عن المزرعة، و كمان من الطوب اللبن، قرب من الأوضة و هو بيدقق النظر من الشباك الإزاز المكسور.
كانت قاعدة على الأرض و مربوطة لدرجة إنها مش عارفة تتحرك، مد ايده فتح الشباك وهو بيتفقد الوضع حواليه، و اول ما رجله اصطدمت بأرضية الأوضة صرخت بصدمة:
_ هو انت اللي خاطفني!
قرب منها بسرعة و هو بيكتم صوتها و قال باستنكار:
_ يعني لو انا اللي خاطفك، هدخل من الشباك!
بدأ يفكها و هو سامعها بتقول بارتياح:
_ الحمدلله إنك هنا، أنا كنت خايفة اوي يا كريم.
ساعدها تقف و هي بتنفض الحبل الملفوف عليها، و في اللحظة دي و بسبب صوتها اللي كان عالي لحظة دخوله، وصل شابين اشتبكوا مع كريم اللي كان غالبهم في البداية لكن مع زيادة العدد بدأ الموضوع يكون صعب و هنا قررت نيچار التخلي عن خوفها لما شالت عصاية حديد مركونة على الحيطة و ضربت واحد من الشباب، لكنه قدر ياخد منها العصاية و يزقها و يزرع الخوف جواها من تاني و دا ظهر من رعشة جسمها و دموعها اللي نزلت، لما كان على وشك يضربها، لولا كريم اللي حماها و أخد الضربة على دراعه.
في الوقت ده وصل شخص في سن والد نيچار و طلب منهم يوقفوا الخناقة و اخدوهم حبسوهم الاتنين في أوضة داخل بيت المزرعة، و المرة دي مكنوش مربوطين، لأن كريم صرخ في وشهم لما حاولوا ياخدوها منه..
حاول يهديها لكنها كانت بتنتفض من كتر الخوف و بتتمسك بيه اكتر، فبدأ يقرأ لها قرآن، و بمرور الوقت بطلت بكا و نامت، و محستش بالشرطة اللي وصلت و معاهم خالد و والدها.
★★★★★★
تاني يوم و هو شغال في الورشة حس بوجع ايده بيزيد، فقعد على كرسي خشب جانبي و هو بيحرك ايده بشكل تكراري و كأنه بيقيم نسبة الألم، في الوقت ده سمع صوتها الأنثوي الرقيق:
_ بتوجعك؟؟
رفع دماغه و بصلها بدهشة:
_ آنسة نيچار! بتعملي ايه هنا؟
_ جاية مع بابا، المهم قولي إيدك عاملة ايه؟ بتوجعك من الضربة بتاع امبارح صح؟
اكتفي بابتسامة خفيفة:
_ أبدًا، أنا كويس.
لما وصل والدها مكنش في مكان انهم يقعدوا فيه عشان كدا أخدهم كريم لشقته، و رحبت بهم والدته اللي أخدت نيچار و قعدت معاها بعيدًا عن كريم و والدها اللي شكره على إنقاذ بنته الوحيدة، و تعبيرًا عن امتنانه كان حابب يعفيه من مصاريف المدرسة و مش بس لبنت اخوه، بل لأي حد يخص كريم، لكن كريم رفض الموضوع بأسلوب قاطع.
و في طريقهم للبيت سألت نيچار والدها عن اللي حصل، فكان رده:
_ رفض الموضوع، الشاب دا عنده عزة نفس شديدة، يعني أنا لما قرأت المعلومات اللي كتبها في الاستمارات قولت دا هيتبسط جدًا بعرضي، بس حصل العكس و حسيت إنه اضايق.
اكتفت نيچار بابتسامة إعجاب، و معلقتش على كلام والدها.
★★★★★★★
بمرور يومين كانت نيچار مع طلاب المرحلة الأولى بتعلمهم الرسم، لما ظهرت لها واحدة من العاملات وعرفتها إن في شاب مستنيها في جنينة المدرسة، خرجت نيچار على أمل إنه يكون كريم، لكن خاب أملها لما شافت شريف اللي استقبلها بابتسامة عريضة:
_ سمعت إنك كنتي مخطوفة، فجيت اطمن عليكي.
غمضت عيونها بيأس، و حاولت تنتقي كلامها بدل ما تتخانق معاه، لكنها تراجعت فورًا لما شريف كمل و قال:
_ تخيلي كريم كان مفكرني أنا اللي خاطفك!! مش عارف ازاي ممكن يشك في صاحبه كدا!
بما إنهم صحاب و الدبانة شريف مش عايز يحل عن دماغها، يبقى على الأقل تستفيد منه قبل ما تمسح بكرامته الأرض، فابتسمت بخفة و قالت:
_ شكرًا على ذوقك، ألا صحيح كريم أخباره ايه؟
_ كويس الحمدلله، أنا لسه كنت عنده في الورشة.
_ اه ربنا يعينه، دا أخد ضربة شديدة على دراعه.
_ ايه ده بجد! امال بينزل يتمرن في الجيم ازاي؟!
كانت حريصة إنها تعرف من شريف اسم الجيم اللي بيتمرن فيه كريم، مع إنها لحد دلوقت متعرفش اسم شريف أصلًا، وبعد ما اخدت منه المعلومات اللي عايزاها اتهربت منه بحجة الشغل، و سابته و مشيت.
في الوقت اللي كان كريم مشغول في حياته و أموره، مكنتش نيچار قادرة تبطل تفكير فيه، و اشتركت في الچيم مخصوص عشان تشوفه، لكنها كانت بتروح في مواعيد مختلفة، و لما أخيرًا راحت في وقت تواجده أخدت أكبر صدمة.
كانت واقفة تتأمله من بعيد و هو بيتمرن، فجت بنوتة وقفت جنبها وقالت:
_ اهو دا بالذات بقى محدش يقدر يقرب منه.
انتبهت لها نيچار:
_ قصدك مين؟
_ كريم، مبيكلمش بنات من هنا نهائي، لأنه مرتبط، مش شايفة الدبلة اللي في إيده؟
