رواية جثة يارا الفصل الثاني بقلم عيد عزام
مستوحاه من أحداث حقيقة ..
أصعب حاجة ممكن تقابلها في حياتك لما تشوف حد ضعيف وانت مش قادر تجيب حقه ، فبتحاول تخفي عجزك قدام نفسك ..
أنا واقف قدام المكان اللي لقينا فيه يارا. الجثـ ـة رقم ١، مش صورة وبس، إحساس واقف تحت عيني، كأنها بتحاول تقول حاجة قبل ما تمـــ ـوت.
فتحت ملف القضية بإيدي، صور الأطفال اللي كانت ندى شغلتهم قبل كده، كلهم بنات وشباب، كل واحد منهم اتعلّم الشوارع، اتسيطر عليهم بالخـ ـوف والتـ ــهديد. يارا كانت مختلفة، حرة شويّة، حاولت تعارض، حاولت تخرج من السيطرة، بس ده كان خـ ــطر على نفسها.
اللي حصل، زي ما عرفنا من التحريات، إنها اتلمّت عليها مجموعة من الشباب في الشارع، أغتـ ـــصابوها وقتــ ـلوها. ورمـ ــوها في الشارع، كأنها مجرد رقم، كأنها رسالة للناس اللي حاولت تهرب من النظام ده كله.
قعدت قدام الكمبيوتر، ركّزت في الصور: الوشوش، الإيدين، العلامات الصغيرة على جسمها، كل تفصيلة بتحكي جزء من الجـ ــرائم اللي حصلت قبلها. ركّبت كل الأحداث مع بعض: ندى كانت مسؤولة عن كل ده، الخـ ـوف، السيطرة، والشباب اللي اتلموا عليها كلهم كانوا جزء من خطة أكبر.
طلعت على السطح، شفت الشارع كله مظلم، الظلال بتتحرك مع نور المصابيح. فجأة، حسيت بحركة سريعة بين الحيطان، ظل صغير يجر نفسه بعيد قبل ما أقدر أشوفه. كل خطوة محسوبة، كل نفس محسوب، كل جزء من الشارع كان مليان قصص دفنـــ ت من سنين.
رجعت للملف القديم، حاولت أربط اللي حصل مع يارا بباقي البنات اللي كانوا تحت سيطرة ندى. كلهم كانوا ضحـ ــايا، بس يارا كانت آخر واحدة حاولت تواجههم، آخر واحدة فضحت جزء من الشغل اللي كانوا بيعملوه، وكانت الغلطة اللي خلتهم يقتــ ــلوها .
اللى اسمها ندى كان ست الشيــ ــطان يتعلم منها .. مديرة ملجأ ..ست قدام الناس حنينة وطيبة وبتعطف على الأطفال ..بس الحقيقة الصادمة اللى عرفتها انها كانت كل فترة بتسرب طفل وتسلمه لرجالتها في الشارع يشحت ويشتغل لحسابها ، ولو بنت بتشغلها في الدعـ ــارة
عرفت كل ده وللاسف مش معايا دليل ..بس فكرت في الطريقة اللى هجيب بيها راس الحية وهجيب حق يارا وحق كل طفل اتشــ ـرد علي ايديها
جبت طفلين من أطفال الشوارع وفضلت ادربهم لمدة أسبوعين ورميتهم في سكتها وهى ما شاء الله لبست الطعم في لحظة كان هدفي يكون بنت كبيرة شوية عشان نجيب شبكة الدعـ ــارة ، وولد عشان اجيب الشبكة اللى بيشغلوا الاطفال في الشارع في الشـ ــحاته والتسـ ــول ..
والحمد لله لحقت الطفلة على آخر لحظة قبل ما يعملوا فيها زى يارا مع التحقيق والتعـ ــذيب فيهم اعترفوا أنهم هما اللى عملوا في يارا كدا ، واعترفوا على ندى وكلهم اتحكم عليهم بالأعـ ــدام
أنا روحت من المحكمة مبسوط أنهم خدوا عقابهم بس زعلت أن لسه في ألاف الاطفال زى يارا في الشارع وبحلم باليوم اللى كلهم يتلموا تحت سقف بيت يحميهم من ذئـ ــاب الشارع.
