رواية بين انياب الاسد الفصل الخامس 5 بقلم حسام العجمي

 

رواية بين انياب الاسد الفصل الخامس بقلم حسام العجمي


نزلت كلمات مسعد علي خالد كطوق نجاه , فهجم خالد علي مسعد ممسكا بياقة قميصه 
خالد : أنطق يا مسعد ...بنتي فين 
مسعد وكأنه لم يسمع السؤال  : أنت عاجبك حالك ..ما تهدى كده ...فلوس هتجى لك من الهوا ....مش أحسن ما انت عمال  تشحت علاج أختك ...في ايدك تصلح من عيشتك وعشيتنا ...وخلينا نعيش ...ماحدش يقدر يقاوم الأغنيا ...احنا فى زمن الفلوس 

خالد وقد إكفهر وجه غضبا : بنتي فين يا مسعد أنطق لأموتك 
مسعد مختنقا : ما اعرفش انا بوصل لك رسالة ...سيبني هتخنق ...ما اعرفش حاجة عنها 
دخل فريد المكتب وصعق من المشهد فهجم علي يد خالد : في ايه سيبه ...سيبه ما توديش نفسك في داهية  ..
خالد بغضب : مسعد يعرف الخاطفين 
نظر فريد الي مسعد : صحيح يا مسعد ( التفت الي خالد ) طيب سيبه ونشوف 

ظل مسعد منحنيا لثوان باحثا عن جرعات من الهواء ثم إعتدل مواجها إياهما : لا ما اعرفش حاجة أنا رسول بس
فريد : خلاص يا عم خالد صدقه ...مسعد ما بيكذبش أنا أعرفه اكتر منك 
أصيب خالد بالخرس ولم يرد , وأخذ ينظر لمسعد يداه وهو يهندم  ملابسه 
مسعد : راجع نفسك ...أنت بتأذى حالك وحال بيتك ...وحال زمايلك 

ابتعد خالد عنهما ثم أسرع بالخروج من المحكمة ليستنشق الهواء ويهدا وقد  بدأت الصورة تتضح أكثر فأكثر... لقد حاصروه من كل الاتجاهات لكن ما أقلقه بشده أن يكون حكيم ايضا معهم  وقطع قلقه رنين الهاتف 
الصوت : جاهز ...
تنفس خالد : جاهز 
الصوت : تمام ...طبعا الصندوق معاك ...هتلاقي عربية فيرنا على باب المحكمة ...تركب فيها ...المفتاح فى الدواسة ....هتروح على أول طريق القليوبية ...وعند محطه مترو شبرا الخيمة هكلمك ...خللى بالك ناسنا وراك ...بيعدوا عليك النفس ...تقفل تليفونك دلوقتى وأنا معاك 
خالد : اديني مكالمه واحده اطمن مراتى بس 
الصوت : وأنا معاك ...تكلمها وأنا معاك 

واتصل خالد : أيوه يا حبيبتى ...ما تقلقيش ..أنا خارج خلاص ...هانت ...أنشاء الله هترجع النهارده ....ادعى لى ...ايوه واللهى خارج على طول ساعتين تلاته وتلاقيها عندك ...سلام بقى 
وما أن قفل الهاتف حتى توجه الى مكتب المستشار وعيناه حزينتان : عن اذنك ...أنا خارج خلاص.
زياد : ابقى طمنى ....وابعت لى فريد بدالك يكمل اليوم معايا

ركب خالد السيارة وعند محطه مترو الأنفاق تلقى الامر بالتوجه الى أحد مخازن قطع غيار السيارات لتوصيل الصندوق وظل يقود لأكثرمن نصف ساعه حتي وصل الى المخزن المطلوب ثم اتصل به الصوت أمرا اياه بالدخول وعدم غلق الخط .

دخل خالد الى المخزن واذا برجل داعشي جديد كاللذين قابلهم  ليله أول أمس 
الرجل : أهلا ..أهلا ...بالوحش ... 
توتر خالد عند رؤيته للرجل : أنت تبع أبو عمر ...
الداعشى : لا ما تقلقش ....أنا جماعه تانية 
خالد : طيب خلص ....استلم ...صندوقك ...
الصوت : افتح الصندوق
خالد : ما أعرفش رقمه ( قام الصوت بأملائه الرقم ) 

ما إن ضغط علي الارقام السرية حتي فتح الصندوق فاذا بآلة حاسبه تقبع داخله 
الصوت : قدم الآلة  للراجل...
استلم الرجل الألة ثم مد يده أسفل المكتب الجالس عليه ليسحب شيئا ما  من تحت قدمه فارتد خالد الى الوراء ظانا بأنه سيسحب سلاحا فاذا به يخرج حقيبة جلدية مقدما له اياها 
الصوت : افتح الشنطة  وارفع كيس من اللى جواها وبص فيه 

نفذ خالد الامر فاذا بالحقيبة ممتلئة بأكياس شفافة تحتوى على بودره بيضاء فقرب  كيسا من عينيه لينظر إليه 
خالد فزعا : ده شكله هيروين  
الصوت كأنه لم يسمع جملة خالد : اقفل الشنطة ورجعها تانى للراجل 

اخذ الداعشى الحقيبة ثم قام بإعطائه حقيبة أخرى 
الصوت : افتحها..دى الفلوس اللى اتفقنا عليها ...متشكرين لك يا عم خالد
خالد : مش فاهم ... أنا مش فاهم حاجة 
الصوت : مش مهم ...أنت كده تمام ...هتتفضل عندنا ساعتين وعلى الساعه واحده هتمشى بالسلامة وعلى ما توصل البيت هتكون بنتك عندك ...سعيد أنى اتعاونت معاك 

مرت الساعتين وسمح له الداعشى بالرحيل وأسرع بركوب سيارة أجرة متوجها إلي بيته ليصله بعد ساعة واسرع بصعود السلالم  مهيأ نفسه لملاقاة حبيبته الصغيرة.
وما إن دخل شقته باحثا عنها وينادي باسمها لكن لا مجيب فأخذ ينظر في وجوه من في البيت فراي في وجوههم نظرة الحزن فأدرك أنها لم تعد بعد فلم فعاد القلق لينهش قلبه عليها مره أخرى ...

خالد : لما لم يعيدها الصوت ..ليه 
مدت أمينة بيدها حاملة هاتفه : المستشار زياد اتصل عليك  خمس مرات و حكيم تلاتة
اسرع خالد بالاتصال بحكيم اولا : ايوه يا حكيم ...عملت ايه 
حكيم : تمام كلمت النمرتين زى ما قلت لى...بس هما مين يا عم خالد 
خالد : تعالا بسرعة 

اغلق خالد الهاتف فى وجهه دون أن يجيبه ثم أسرع بالإتصال بالمستشار زياد 
زياد : طمنى على البنت ...رجعت
خالد : الحمد لله ...راجعه انشاء الله 
زياد : طيب لما ترجع ابقى طمنى عليها ...متنساش بكره المحاكمة بتاعه المنزلاوى 
خالد : أنشاء الله جاى ...الملف مع سيادتك 
زياد : أه طبعا ...زى ما اتفقنا 

وما أن أغلق الهاتف حتى أتت له مكالمه الصوت فعاجله خالد بلهفه  : البنت فين 
الصوت وقد تغيرت لهجته الى الصرامة : البنت مش راجعه.
خالد : ليه أنا عملت كل اللى أنتم طلبتوه  
الصوت : لا ...لسه فاضل حاجه...
خالد : مش فاهم ..أنت قلت تلات حاجات وخلصوا 
الصوت : فاضل حاجه كمان 
خالد : ايه 
الصوت : الورقة ...عقد حسن المنزلاوى 
خالد وقد ومضت عيناه وأيقن أن شكوكه قد صارت حقيقه : مالها ...مش معايا خلاص 
الصوت : أنت هتستعبط ....عايزينها ...
خالد : مش معايا بقول لك 

الصوت : تمام ...كمل استعباط على حساب حياة بنتك ..احنا عرفنا انك ربطت بكل اللى بيجرى وأن الورقة الأصلية اللى فى الملف أنت غيرتها ومعاك دلوقتى ... على العموم علشان نعرف نتفاهم  ...هبعت لك فيديوهات اتفرج عليهم وبعدها هكلمك 

وما أن أغلق الصوت المكالمة حتى استقبل هاتف خالد الفيديو الأول فاذا به يحتوى على كل عمليات التسليم التى قام بها خلال اليومين الماضيين وقد تم عمل المونتاج اللازم له وظل خالد يشاهده لعده مرات.
ثم استقبل الفيديو الآخر وما إن فتحه حتي هب واقفا فالمشاهد التي أمامه كانت له و قدت عمل المونتاج بها فبدا خالد خلاله قاتلا فراي نفسه يقتل الداعشي في أول ليلة وفي المشهد التالي وهو يضرب المراكبي إلا أن الفيديو توقف عند ضرب المراكبي فقط .
شعر خالد أن الأرض تميد به وقبل أن يتمالك أعصابه اذا بأمينة تدخل عليه تولول وتبكى وقد شارفت على انهيار عصبي ممسكة بهاتفها ويداها ترتعشان تطلب منه النجدة

أمسك خالد بهاتفها فاذا بفيديو باسم أميرة الأمورة وعند فتحه هاله ما رآه... فأميرة كانت جالسه على كرسى خشبي وقد تم تغطيه عينيها برباط أسود يقف خلفها داعشي ملثم ممسكا بسيف حاد وصوت قادم من خلال هذا الفيديو يطالبه بتسليم الورقة بعد ساعتين من الأن والا فسيتم ذبح ابنته .

وكأن الصوت يعذبهما فقد ظل الأثنين فى انتظار أتصالا منه لأكثر من نصف ساعة.. لا يدريان ما يجب عليهما فعله ...أمينه تبكى بلا انقطاع وقد شحب وجهها حتى صار لونه أبيضا كالأموات وخالد محتضنا إياها دون أن يتحدث يفكر في كل ما يحدث معه.

أخيرا جاءت المكالمة المنتظرة.
الصوت : من غير لعب تاني هتيجى على مخزن... هبعت لك مكانه على المحمول بتاعك ...ومعاك الورقة ...أى حركه كده ولا كده ....تمنها بنتك 
خالد : بس بشرط حسن بيه يكون موجود 
الصوت : انسى 
خالد : ده شرطى ...هاجى المخزن ... لقيته ...هطلع الورقة ...ما لقيتوش مفيش ورقه ...وصدقني مش فارقه معايا خلاص ...وهموت مع بنتى 
الصوت بتردد : هارجع لك 
خالد : قبل ما تقفل ...,وطبعا أميرة تكون فى ايده كمان 

مرت عشر دقائق وأتصل الصوت : تمام كمان ساعه فى المخزن ...هتطلع على الحى العاشر وفى الموقف اللى هناك هبعت لك المكان ...بس خللى بالك هي هتخلص النهارده ...مالهاش بكره...

قام خالد بالاتصال بحكيم : إنت فين يا بني آدم 
حكيم : دقايق وأكون عندك 
خالد : ما تخليش حد يشوفك و انت طالع 

أمينة بإنهيار تام : البنت راحت كده يا خالد ؟ أنا عاوزة بنتي ابوس إيدك 
خالد مربتا علي كتفها : أمينة ...ما تخفيش أن شاء الله هترجع 
أمينة : إديهم اللي هما عايزينه والنبي ...حرام عليك 
خالد : أمينة ...لو سمحتي قومي دلوقتي و سيبيها علي الله وعليا ...اهدي بقي مش عايزين الولاد ولا أمي ياخدوا بالهم 
أمينة : اهدي ...اهدي ازاي يعني ؟ بنتي هتتدبح وتقولي اهدي 
خالد بقوة : اسمعي الكلام لو عايزها ترجع قومي وما تخليش حد ياخد باله من حاجة  
امينة بإنكسار : حاضر ( اخذت تمسح دموعها المنهمرة كالمطر ) حاضر يا خالد بس أميرة لو ما رجعتش أنا هموت ...هتجنن 

مرت خمس دقائق وسمع خالد صوت دقات على نافذه المطبخ فاذا بحكيم وقد نزل اليه من سطح المنزل
خالد : الصورة وضحت خلاص يا حكيم ...الناس اللي بعتوك هما اللي ورا خطف بنتي وكمان مصورني في كل اللي عملته معاهم علشان يهددوني بيه و يسجننوني 
حكيم متفاجئا : فعلا ...يا أولاد الكلاب وهتعمل ايه 
خالد بريبة : ده بجد ما تعرفش 
حكيم : إنت لسه مش مصدقني 

خالد : شوف يا حكيم ...حياتي وحياه بنتى بين ايديك ، أنا هصدقك وهصدق أنك فعلا معايا واسمع (  ثم روي له المطلوب منه ) حكيم ...لو أنت فعلا مش معايا قول ...مش هينفع أفقد الثقة فى كل اللى حواليا ...
حكيم بجدية : واللهى معاك ( وكأنها لحظه صدق ) ومن غير فلوس كمان ..أنت راجل طيب ...وبنتك حرام تدفع تمن نضافتك.

أمسك خالد بيديه وهو ينظر فى عينيه  :و أنا مصدقك ...وهثق فيك ..شوف بقي عايزك تكلم النمرتين تانى اللى اديتهم لك ...وتراقبنى من بعيد ..تمام
حكيم : حاضر 
خالد : الورقة الأصلية اللي معاك فيها حياتي وحياة بنتى ...حكيم ...لأخر مرة هسألك لو أنت معاهم قول و لو ناوي تسلمني فأنا موافق أنك تسلمنى ...بس ...بس أرجوك ترجع البنت لأمها ...

نظر له حكيم بحزن : سيبها على الله 
خالد : طيب أهم حاجه تخليك ورايا ...أكيد هحتاجك و يمكن أحتاج العقد  ...تمام ...دلوقتى زى ما جيت تخرج واتكل على الله ...قدامك عشر دقايق تنزل و تكلم النمرتين وتجهز و ترن لي علشان انزل 

انطلق خالد الى موقف الحي العاشر في الموعد المتفق عليه وظل منتظرا لرساله تحديد المكان الا أن الصوت اتصل به 
الصوت :عدي الناحية التانيه بسرعه ( نفذ خالد الأمر) أركب العربية المرسيدس اللى واقفه قدامك دى على طول 

انطلقت السيارة من فورها الى الطريق الدائري ومنه اتخذت طريق مدينه العبور وبعد ساعة كامله  وصلت الى مخزنا بالمنطقة الصناعية في نهاية مدينة العبور.
نزل خالد تحت حراسة رجلين توجها به الى داخل المخزن فإذا بأربعة آخرين وقد اشهروا مسدساتهم وأخذ خالد يتلفت حوله ومن مكتب مرتفع أتاه الصوت لكن هذه المرة متحدثا بميكروفون

الصوت : أخيرا هنتقابل ...وللمرة الأخيرة ..الورقة فين ...ويا ريت تخللى الموضوع يخلص بينا أحسن 
خالد بقوة وثبات : صاحب الورق يحضر ومعاه أميرة  ...
الصوت : مالهاش لزمة حتة الأفلام العربي دي ما أنا هفتشك ,وأخدها وخلصت ...خليها تيجي منك

يضحك خالد رغما عنه ليوحي له بالثقة : يا راجل تصدق أن الأفلام العربي دي ساعات بتنفع ول سألت اي عيل دلوقتي عن مكان  الورقة هيكون إنها فى حته بعيد مع حد مش عارف ايه ولو ما مش عارف حصل لى ايه ولا اتأخرت عن مش عارف قد ايه ...هيقدمها للبوليس 
الصوت : أه ده أنت دمك خفيف وأنا ما كنتش عارف 
يقهقه خالد : ليه يا مسعد ...مع أننا عشره عشر سنين 

يصمت الصوت لثوان ليطلق ضحكة قوية : مسعد ...(ضاحكا أكثر ) ...مسعد ....طالما وصلت لكده و قربت منى كده... خلينى أطلع لك بقى مامنهاش لزمة أتداري عنك يا عشرة عشر سنين 

فتح باب المكتب العلوي ليخرج منه رجلين مسلحين و ورائهما ثالث يرتدى معطفا رافعا ياقتيه فأخفيتا ملامح وجهه وبهدؤ أخذ ثلاثتهم ينزلون السلالم ، أخذ خالد يحاول أن يري وجه مسعد إلا أن النازل كان يلبس على رأسه طاقية رعاه البقر الأمريكية .

أخذ  الرجل يقترب من خالد حتى صار ما يفصل بينهما هما الحارسين ضخام الجثة اللذان رافقا الرجل ، وبدأ  الرجل في خلع معطفه ملقيا إياه علي الأرض ثم رفع طاقيته عن رأسه لتلحق بمعطفه ثم مد يده مزيحا الرجلين من أمامه وتحت أضواء المخزن اقترب الرجل من خالد 
الرجل مبتسما كالذئب : حبيبي يا خالد... ازيك ...عامل ايه 
ارتد خالد الى خلف فقد كان هذا الرجل أبعد من أن يفكر فيه

تعليقات