رواية بين انياب الاسد الفصل السادس بقلم حسام العجمي
الرجل ضاحكا : إيه مالك ? ....لا لا لا ...أقفل بقك ....لسه الليلة طويلة بينا
ابتلع خالد المفاجأة بعد دقيقه من الذهول : لا براڤو ...بجد براڤو...وأنا اللى طول الوقت فاكره مسعد ...طلعت أنت يا فريد
فريد ضاحكا : مسعد ...مسعد ده عبيط ...غلبان ...أنا أظبطه و أحطه علي الطريق ...وهو ينفذ.
خالد : تمام ...تمام تصدق صدقتك آخر مرة لما حوشتني عنه
فريد ضاحكا : كان كفاية اقول له أن الفلوس اللي بيحلم بيها هتروح بسبب عنادك و أننا لازم نتكلم معاه
خالد : تمام
فريد : بس أنت ايه اللى خلاك تشك فيه ...مش سهل أنت برضه
خالد مفتعلا الراحة فى كلامه : أصلها مش صدفه كل اللى يجرا لى ده ...الهدف كان أنى أتوه مع خطف بنتى ...وتوجدوا الوقت اللى تقدروا تاخدوا فيه الورقة فى حاله أنى ما وافقتش على المليون جنيه
فريد : وربع ...مليون وربع ....عارف يا خالد ... الحدوتة دى كلها بكام ....ما تردش علشان مش هتوصل للرقم هقول لك انا...خمسة مليون جنيه
قطب خالد حاجبيه وقد صدمه ضخامة الرقم
أكمل فريد : أنا وأنت هناخد زى بعض ...والواد المزور ميت ألف وعمك مسعد ميه وخمسين
زاد خالد من قطبه حاجبيه حتى قاربت عيناه على الاغلاق
فريد : مالك مش مصدق ...لا صدق ...( ثم أمسك بذراعه واتجها الى كرسيان بصحن المخزن ) تعالى ..تعالى نقعد نحكى شويه لحد ما الباشا يوصل
وبعد أن جلسا
فريد : قول لى بقى شكيت فينا ازاى ؟؟؟؟
خالد مبتسما : بص كذا حاجه ....اصراركم تيجوا البيت ...مع أن عمركم ما زورتونى ...ولا تعرفوا حتى عنوانى اللى أصلا مش موجود فى ملف التعيين ثانيا ..الشبهات اللى حواليكم ...وحاجات تانية مش وقتها دلوقتى لما يجيى الباشا ..
فريد : لا تمام ..طيب ليه مسعد وأنا لأ
خالد متجاهلا السؤال : ما تشوف لنا الباشا ...خلينا نخلص
أحس فريد بالغضب من أسلوبه معه الا أنه ابتلع غضبه وظل كلاهما صامتا لعشر دقائق وأخيرا وصلت سيارتين نزل من احداهما رجل الاعمال حسن المنزلاوى وفي يده أميرة والتي ما أن رات والدها حتى بكت وانطلقت تحضنه فتلقاها بين أحضانه مقبلا اياها باكيا معها
وبعد دقائق من القبلات
المنزلاوى بجدية : أ. خالد تمام كده ...بنتك فى ايدك و فى حضنك ...والفلوس كمان اهيه ( وهو يشير الى حقيبة فى يد أحد الحراس ) وانا ليا عندك ورقه ..لو سمحت ابعت هاتها
نظر خالد اليه وقد ارتسمت على وجه علامات الغضب : كل ده كان ليه
المنزلاوى : حظك ...إن الورقة جت لك
خالد : طيب ولو قلت مافيش ورق
المنزلاوى : ما تقدرش تقول لأ ..عارف ليه ...تعالى أحكيلك أنت عملت معايا ايه الكام يوم اللى فاتوا .....أول حاجه وصلتها كانت دولارات أتغيرت بمصري ...تانى حاجه جوز الخيل اللى أنت قتلتهم هناك سواق التاكسي و اللي جوه المخزن ...تالت حاجه ..كان تشغيلك لقنبلة عنقودية اللي انت شغلتها من الألة الحاسبة وهتنفجر كمان ساعة في المتحف المصري لو ما ادتنيش الورقة
خالد يفزع : يا اولاد الكلب
المنزلاوي : إتلم مش عايز قلة أدب ...لسه لسه ... رابع حاجه كانت شحنه هيرويين اللى أنت مسكتها بأيدك ..خامس حاجة المراكبي..
خالد : بس انا طلعته من الميه
المنزلاوي ضاحكا : و انا غرفته تاني ...علشان الجريمة تلبسك ...كل ده اتصور( يضحك ) لوتحب نذيع هنذيع ...( ويضحك أكثر واكثر ويقترب منه وقد تغيرت سحنته الى الصرامة الشديدة)...أخر حاجه ...أنك أنت وبنتك هنا بين أيديا مش هتخرج من هنا بسلام الا وايدك فى ايدى ...إسمع يا ابني ..أنا مش هتسجن لحالى ...أنا هاخد عشر سنين ...وصدقنى مش هكملهم ...وهطلع افراج صحى ...( واقترب من أذنه ) بس أنت هتاخد اعدام ...فاهم اعدام
انتفض خالد بعد سماعه كل ما قيل
المنزلاوى : شوف عربون صداقه منى ... بنتك فى أمان و هتروح على بيتكم طالما هتجيب الورقة .... ابعت هات الورقه بقى وأنا هخليها تروح
خالد : طيب , طالما كده يبقي كلنا نكشف اوراقنا
المنزلاوي : قصدك ايه
خالد : قصدي ان اللى خطط لكل ده و كشف أن الورقه اللى فى الملف مزوره ... مش هيظهر بقى صاحب الاتنين مليون و نص ...خليه ينزل من العربية التانية ويشرفنا( ثم علا بصوته ) يا باشا أنا شايف خيالك ...ما تشرفنا بقى .... طالما كلنا بنكشف ورقنا كله كده
المنزلاوى : يفرق معاك
خالد : طبعا ...أنا خمنت مسعد وطلع فريد ...أنما التانى ده للأسف دلوقتى بقيت متأكد منه أكتر وأكتر ...اعتبرها تحدى داخلى
المنزلاوى : وماله ...أصلها فى الأخر يا أنت معانا ...يا علينا ( ناظرا الى السيارة ومشيرا لمن بداخلها ) تعالي خلينا نخلص
فتح باب السيارة ببطء، لتخرج منها قدما تلبس حذاءا لامعا يبرق من نظافتها ثم يتبعها رجلا طويلا يرتدي بدلة سوداء غاية في الأناقة واقترب الرجل من الجمع
الرجل ناظرا في عيني خالد : عرفت منين ...؟؟
خالد بحزن : بالرغم من ثقتى فيك ...وإحساسي بيك ...الا انك خنتني ...كنت شايفك شاب كويس ...له مستقبل ....ليه ...ليه يا زياد بيه ...أنا كنت بشوف فيك نفسى اللى كنت أتمناها
زياد مبتسما : اتنين مليون ونص يا خالد رقم مش قليل لو قعدت على كرسى القضاء مئتين سنه مش هتحصل على ربعهم ده غير وظيفة مستشار قانوني في شركات حسن بيه المنزلاوي بمرتب عشر مرات إللي باخده من الحكومة
خالد : فلوس حرام
زياد : حرام عليك إنت ..دي مصالح و بتخلص ...وبعدين ما أنت هينوبك برضه من الحب جانب... أنا مش أنانى ...وبحب رجالتى تتظبط معايا
خالد : والعدل والحق ...الاخلاص ...وقسمك راح فين
زياد : موجود ...وعلشان تعرف أني براعيهم و ما تزعلش أنا قدمت استقالتى من القضاء الأسبوع اللى فات ...لأحسن تفتكر ان القضاة كلهم كده ...لا ما تقلقش ...ده أنا بس ( يضحك ) اللى شقى شويه وهسيبك أنت وهما تتحنبلوا مع بعض ( يضحك أكثر) فى شعاراتكم الحلوة الجميلة بتاعة الحق و العدل ..
خالد : دى مش شعارات ...دى ..
زياد : لا شعارات ...وعلي فكرة الفلوس اللي هتاخدها تقدر تسيب شغلانتك دي وتعمل مشروع
وقاطع المنزلاوى حديثهما وهو يتقدم ليقف بينهما : استراحة ...استراحة ...احنا جايين نخلص حاجه ...مناظرات وكلام فارغ أنا مش فاضى ...خلص يا ابنى الورقه فين ؟
خالد : الاول البنت تروح ...وتوصل لمامتها وأنا معاكم هنا
المنزلاوى : لا طبعا ...إيش ضمنني
خالد : ده اللى عندى ...وبعدين أنا معاك هنا ومش ماشي
المنزلاوى ملوحا بإصبعه في وجه خالد : أنت بتلاوع ...أنا ممكن أدفنك هنا
خالد : براحتك ...الورقه بكره هتبقى عند رئيس المحكمة
مال زياد على أذن المنزلاوى هامسا فيها ثم توجهه الى خالد : موافقين...بس رجالتنا اللي هيوصلوها هيفضلوا مستنيين معاهم لحد ما نستلم منك الورقة والا بكده مش هتبقي بنتك بس ...لا و مراتك وعيالك وأهلك كلهم يعنى بدل ما هى القطقوطة بس ..لا هيبقى البيت كله ...
تجاهل خالد تهديد زياد و أمسك ابنته مقبلا إياها وأكد عليها أن تتصل به فور وصولها من هاتف والدتها
وما أن خرجت أميرة مع رجال المنزلاوي حتى إتصل خالد بزوجته ليخبرها بعودة أميرة وأن تكلمه ليطمئن بوصولها وعندما سالته عن مكان تواجده أبلغها بذهابه الى القسم للإبلاغ عن عودتها
خالد : مكالمة كمان بقي للي معاه الورقة ( أومأ له زياد بالموافقة ) آلو ..أيوه يا حكيم تكون عندي في العنوان ده بالورقة بعد ساعة من دلوقتي هبعت لك المكان اللي انا فيه
حكيم من الطرف الآخر : واخبار البنت ايه ؟
خالد : راجعة البيت قدامها ساعة إلا ربع تبقي هناك ...كلمني لما تقرب علي النمرة دي
زياد مبتسما : تمام ... أنت شغلت الواد المزور معاك ...تمام ...ده أنا هنفخه بس لما ييجى ...اقعد..اقعد لسه قدامنا ساعة نتكلم في اي حاجة.
ومرت الساعة على الجميع و أخيرا أتت مكالمه أمينه تبشره بعوده أميرة فأخذ زياد الهاتف منه
زياد : الرجالة اللى عندك يا مدام يا ريت تعملي لهم شاي لحد ما خالد بيه يكلمك تانى
خالد بتوتر: اسمعى الكلام يا أمينه وأنا ساعتين كده وراجع
أمينه : مين دول ....وايه خالد بيه دى
خالد : اسمعى الكلام اللى بقول لك عليه
المنزلاوى : مش كفاية بقى كده ...أنا اتفقعت خلاص وعايز أمشى
زياد : كلم الواد حكيم قوله ييجى بقى
بعد عشر دقائق دخل حكيم وعلى وجهه ابتسامته المعهودة وبطريقته الفكاهية ألقي السلام على الجميع لكن لم يرد عليه أحد
اقترب فريد منه : فين الورقه ياض أنت
يبتسم حكيم : فين الفلوس بتاعتي ..
فريد : فلوس ايه يا روح أمك ...
حكيم : نسبتى ...الميت ألف ( مبتسما ) وتأدب معايا
فريد : مافيش يا حيلتها ...مش لعبت معاه ..أنت تحمد ربنا وتروح تعمل لك عمرتين وتتحجب كمان لو خرجت من هنا عايش
حكيم بغضب : الله ...الله ...الله مش ده الإتفاق يا باشا ( ناظرا الى زياد )
وقف زياد مبتسما ثم اقترب من خالد المتابع لما يجرى : خد منه الورقة يا فريد و سلمه الفلوس ...خليه يغور من هنا
فريد : ازاى بس يا باشا.....ده لعب علينا
زياد ( وهو ينظر بتحد فى عيني خالد ) : لا ما لعبش ولا حاجه ...الواد معانا من أول يوم .
وقعت هذه الجملة على خالد كالقنبلة فتمكن منه الاضطراب وبدا وكأنه قد مسه ماس كهربي شديد القوة والتفت ناظرا الي حكيم
زياد ضاحكا : مالك يا خالوود ..اهدي كده ...فاكر لما الواد طلع وقال لك هات الموبايل ...على ما روحت أنت كان حط لك الشنطة ...أصل الواد ده شهرته ابليس الحكيم ...عفريت يعنى ...عارف يا خالوود مين اللى صورك في أول يوم ...هو برضه ابن الكلب ده ...طيب أقول لك حاجه كمان ...الدولارات اللى خدتوها والسلاح كله جاللى البيت
نظر خالد الى حكيم نظره حزن وبؤس : أه يا وسخ
حكيم منحنيا بأداء مسرحي هزلى : ميرسي لحضرتك يا أفندم ....عموما مش ها رد عليك أنت برضه ...صاحب الفضل فى الفلوس اللى هكسبها....مش هشتمك ولا هروح أتصل لك بحد يجيى يساعدك ...ولا باينك كنت فاكرني هسيب الباشوات و أساعدك...علشان كده هقول لك ميرسى مهما قلت فيا
زياد : التقيله بقى ...هو اللى كلمنى وبلغنى بالورقة المضروبة كمان الصبح لما اديته نمرتى....ايه رايك ؟؟ شطرنج ...لعبتها معاك شطرنج ...مصيده و اترسمت لك صح ..لحد ما بقيت( واقترب منه فاتحا فمه وكأنه سيعضه )
خالد ...كش ملك ...مات ( مصفقا بيديه )
ضحك جميع المتواجدين وأمسك زياد ورقه العقد معاينا لها ثم مد يده مقدما اياها الى المنزلاوى المنزلاوي لرجاله : هاتوا الفلوس بتاعتهم ( ناظرا إلي خالد ) علي الرغم انك تعبتنا بس برضه ساعدتنا في الكام عملية اللي نفذتهم لنا و انا راجل حقاني وهديك حقك اللي اتفقنا عليه.
خالد : و قنبلة المتحف ?
المنزلاوي : لا انسي
زياد بعدما استلم حقيبة المال الذي يخصه : مبروك يا عم خالد ...تقدر تعمل كل اللي انت عايزه و لو عايز تزرع كلية لأختك هتقدر ...
وجاء الرد من خالد بأن تملكته نوبة من الضحك قوية جدا في البداية شاركه الجميع إما بالإبتسام أو بالضحك لكن مع استمرار خالد في الضحك بدأت ضحكات الأخرين فى الخفوت ثم تحولت إلي صمت تام مدموجا بقلق في العيون فما كان من زياد إلا ان اقترب منه وقد بدا عليه شيئا من العصبية
زياد قاطبة حاجبيه : ما تضحكنا معاك ... ولا أنت اتجننت خلاص
خالد ضاحكا كأنه لم يسمع زياد : منزلاوى بيه ...من شويه قلت لى كل حاجه متصوره عايز نذيع هنذيع ...تمام ...وأنتم كمان ...كل حاجة حصلت هنا متصورة ...بس المرة دى مش هستأذنك أذيع ولا ما نذيعش ...( تحول صوته الي قوة و تحدي ) البوليس فى كل حته يا كلاب
وانطلق صوتا من الخارج عبر الميكروفون : سلموا انفسكم ...المخزن كله محاصر
وأثناء ذهولهم ، انتفض خالد واسرع بمهاجمة زياد ضاربا اياه بلكمه أوقعته أرضا وليصيبه بدوار .
استوعب المنزلاوى ما يحدث فأمر رجاله بسرعة ركوب السيارات للهرب فورا بعد أن أخذ ورقته من زياد .
تحرك الحرسان الملازمان لفريد فأخرجا أسلحتهما تأهبا لإطلاق الرصاص على خالد الذى مال علي زياد رافعا إياه متخذا منه ساترا ، فجمد الحارسان خوفا أن يصيبا زياد.
اثناء ذلك تمكن أحد حراس المنزلاوى من فتح باب المخزن فاذا برصاصة تخترق جمجمته و يقع أرضا ليصاب جميع من بالداخل بالذهول .
وإن هي إلا ثوان حتي تدفق رجال العمليات الخاصة مقتحمين المكان ليتواري رجال المنزلاوي ويبداوا في إطلاق الرصاص فما كان من القوات الخاصة إلا ان تبادلت معهم النيران.
أسرع خالد بسحب زياد خلف بعض الصناديق المرصوصة فوق بعضها ، بعدما فقد وعيه بعد معركة سريعة معه وما إن استقر خالد خلف تلك الصناديق حتي لمح حكيم وقد أختبأ علي الطرف الآخر من تلك الصناديق خوفا من الرصاص المتناثر حولهم .
بدأ رجال المنزلاوي في التناقص بعد قتل العديد منهم ومن خلف الصندوق الذي يقبع خالد خلفه , لمح فريد يصعد الى المكتب العلوى الذي نزل منه عند قدومه الي المخزن وكان سلم هذا المكتب أقرب إلي حكيم من خالد.
في نفس اللحظة كان حكيم ينظر في إتجاه خالد فلمح عيناه وهما ترمقان شيئا ما خلفه فالتفت ولمح فريد صاعدا .
آما خارج المخزن فلقد كانت باقي القوات قد أحكمت حصارها علي المخزن بعدما أحاط به من كافه الاتجاهات.
وانطلق صوت أحد الضباط عبر الميكروفون يطالب المنزلاوي و رجاله بتسليم أنفسهم وأخذ يكرر النداء
داخل المخزن أسرع حرس المنزلاوي بالوقوف ملقين أسلحتهم أرضا معلنين إستسلامهم فما كان من المنزلاوى بعد أن أحس بأن لا أمل للفرار إلا أن صدح بصوته بأنه يستسلم وغير مسلح ثم رفع يديه متقدما فى اتجاه قوات الشرطة .
اسرع الضباط الي داخل المخازن وبدأ عساكرهم فى تقييد كل من كان بالداخل .
تقدم أحد الضباط من خالد : متشكرين يا أ.خالد ...أنت تعبت معانا أوى الأسبوع ده
خالد : طمنى الأول يا ادهم باشا ...الرجالة اللى روحوا اميرة...أخبارهم ايه
أدهم : عيب عليك ...كله تمام
اقترب خالد من زياد الذى استعاد شيئا من توازنه : يا خساره يا خالد بيه ...خساره
بدأت القوات فى وضع المقبوض عليهم داخل العربات مع تفتيش المخزن لعلها تجد مخالفات أخرى وأثناء وقوف النقيب أدهم مع خالد يراقبان الجندي الذي يسوق زياد الي الحافلة ..إذا بصوتا قادما من أعلى
حكيم : أيه نسيتونى ولا ايه
رمقه خالد وهو يراه نازلا مبتسما كعادته ...يسوق أمامه فريد بعدما استطاع التغلب عليه ملقيا القبض عليه .
حكيم : اتفضل يا باشا ...الكلب ده ...معاهم ...( وينظر الى خالد وهو يؤدى اليه التحية العسكرية ) تمام يا صاحبي
مد خالد ممسكا بيديه ساحبا اياه حاضنا له بشده : مش عارف من غيرك كنت عملت ايه ..
توقف زياد عن الحركة وحاول المجند الذى يسوقه أن يحثه على التقدم الى الأمام الا أنه تسمر مكانه موجهها كلامه الى الضابط
زياد بحسره : بعد اذنك يا أفندم ...عايز أتكلم مع خالد
بإشارة موافقة من يد ادهم اقترب المجند بزياد
زياد لخالد : أنا مش فاهم حاجة
ابتسم خالد : شطرنج ...مش اكتر من دور شطرنج على رأيك ...الفضل فيه لربنا وللواد ده ( مشيرا الى حكيم )
زياد : فهمنى
خالد : أنا روحت المحكمة قدمت على أجازه ..وقابلت سعادة رئيس المحكمة حكيت له عن بنتى وأنى عايز أعمل محضر... الراجل مشكورا ادانى الكارت بتاعه اقدمه لظابط مباحث القسم ( مشيرا الى النقيب ادهم الواقف معهم) ادهم بيه..كنت طول السكة هتجنن ...خايف من كل الشمال اللى أنتم ممكن تحطونى فيه ...صحيح ما كنتش عارف فى ايه ..بس متأكد أن فى شمال هيتطلب منى ...كتبت على ضهر كارت رئيس المحكمة قصتي ودخلت علي أدهم بيه....سلمته الكارت
ادهم : كان مكتوب عليه بنتي اتخطفت ..ناس بتساومني..أنا مراقب
خالد : والراجل ما كدبش خبر أتعامل معايا عمل نفسه بيكتب المحضر وهو بيديني التعليمات اللي عليا انفذها...وما سابنيش ولا لحظه ...كنت كل ما اتحرك يعرف ..
زياد : طيب إزاي واحنا كنا وراك
ادهم : المدام بتاعته كانت بتكلمني تبلغني بنزوله و رجالتي كانوا وراه في كل خطوة ..مفيش مكان الا وكنا وراه حتي التليفون اللي بتكلموه عليه ركبناه...وفضلنا وراكم كان هدفنا نجمعكم سوا
زياد وعلي وجهه نظرات الحسرة : يعني ...يعني
خالد : أيوة يعني ...بتوع السلاح اتقبض عليهم ، المراكبي رميتوه في المية و شرطة المسطحات نجدته
أدهم : والقنبلة اللي شغلتوها خبراء المفرقعات وقفوها ...وقبضنا علي العيال اللي عاملين داعش و معاهم الهيروين
زياد : شكيت فيا ازاى
خالد : مبتسما ...أول حاجة لما رجعت من أجازتك ...كان كل اللى فى المحكمة ماحدش فيهم كان عارف ان بنتى اتخطفت ..الكل كان عارف انها تاهت ...لكن أنت الوحيد اللى قال لى اتخطفت...ماخدتش بالي في الأول بس بعد كده لما ابتديت اجمع الصور جنب بعض ... مسعد لما قال لى بدل ما تشحت فلوس علاج أختك ...هنا افتكرت أن ماحدش شاف سعادتك وانت بتدى لى فلوس نادي القضاة يبقى عرف ازاى ؟ وده اللي خلاني اشك في مسعد وطبعا فهمت بعد كده ان فريد بلغها لمسعد علشان يأمن نفسه ...الحاجه الأخيرة والأهم هي ورقة العقد المزورة، طبعا لما رفضت العصابة ترجع البنت وكان علشان عرفتم أن الورقه مزورة طيب العصابة عرفت ازاي ؟ كلمتك وسألتك عن الملف قلت لي أنه معاك مش مع فريد ...ساعتها إتأكدت أنك للأسف سحبتها من الملف اللى أنت أخدته وقفلت عليه عندك ...
شعر زياد بالأرض تدور به فأمسك بيد العسكري الذي يصطحبه
خالد مكملا : الواد ده بقى (حكيم ) ربنا ساعات بتبقى أبواب السما كده مفتوحة ...أول مره أديته نمرتين يتصل بيهم كانت واحده بتاعتك والتانيه بتاعة أدهم بيه وساعتها عمل الواجب اللى عليه وابتديت أتطمن له ...هو بقى اكتشف أن نفس النمرة اللى أنا اديتها له بتاعه نفس الشخص اللى اتفق معاه ...والواد مابيحبش الخيانة....فهم أنك زباله و مالكش أمان ساعتها اشترانى بنضافة قلبه اللى كان عايز فرصة يطهر بيها نفسه ....وقبل ما أجى لك حكى لى كل اللى حصل منه معاكم وعنك ...حتى تلاقي آخر حاجة عملها معاكم كان تصوير أول مهمة كلفتوني بيها ...
مثلا لما كنت رايح القليوبية كلمت حكيم على أنه مراتى علشان يفهم أنى هتحرك ويصحصح معايا...
حكيم : كلمت أدهم بيه وهو اللي خلاني اتصل بيك تانى مرة و ابلغك باللى قلته لك علشان فى كل مره كنت عايزك تطمن لى وتفتكر إني لسه معاكم...
أدهم : حتي الفلوس و السلاح اللي سلمهم لك ..كله كان تحت السيطرة
خالد لحكيم : عملت ايه علشان تلحقني لما غيروا الاتجاهات في الحي العاشر
حكيم مبتسما : ولا حاجه ...نطت على الرصيف بالموتوسيكل وكلمت الباشا أدهم ....عادى يعنى
يبتسم خالد وهو ممسكا بكتفه : و أحلي حاجة بقي بما كان واقف بينكم وطمني أن البوليس فى السكة
زياد : ازاى يعنى ؟
أعاد خالد جمله حكيم التى طمأنه فيها عن ابلاغه لمعتصم : (برضه ...صاحب الفضل فى الفلوس اللى هكسبها....مش هشتمك ولا هروح أتصل لك بحد يجيى يساعدك ...)
أدهم : وخليناه يسلمك الورقه الحقيقية ويكلمك قبلها ويعرفك أن الورقة اللى معاك مضروبة علشان تطمن له لأننا كنا متأكدين من كشفك لها خصوصا بعد ما العصابة رفضت ترجع البنت و أظهرت هدفها الاصلي ورا كل اللي بيحصل مع خالد
خالد مندهشا : ده أنا نفسى اتفاجئت ...
زياد بحسرة : وعلشان لازم الورقه تبقى أصلية ...وتثبت القضية علينا
ويضحك ثلاثتهم
أدهم :حكيم ..تعبك ماراحش هدر...أنت ليك مكافأة كويسة يا حكيم ...بس تكمل تمشى عدل
حكيم ضاحكا : متين ألف جنيه كده ...
يبتسم خالد وهو يضربه بقبضه يده : الحمد لله ...الحلال مفيش احسن منه و ربنا بيبارك فيه
أدهم : وأنت كمان يا خالد ... الداخلية ونقابة القضاة عاملين لك مكافأة كويسة وغير المكافأة ...علاج أختك هيبقى فى مستشفى الشرطة وعلى نفقه وزاره العدل والداخلية ...ده غير التكريم اللى هتاخدوه ...أنتم حميتم البلد من مخدرات وقنبلة عنقودية وساعدتونا في القبض علي عصابة كبيرة .
حكيم فرحا : الله أكبر, مبروك يا عمنا ( يعلو صوته ) مبرووووك...أقلها وسام من الريس
خالد رافعا يده : اللهم لك الحمد ...اللهم لك الحمد ...بس فى ألفين جنيه كنت واخدهم من زياد بيه ...عايز ارجعهم له
نظر زياد الى الأرض
أدهم : على فكرة ...هو الموافقة بتاعه وزارة العدل ونقابة القضاة والفلوس اللى انت أخدتها فعلا بسبب الطلب اللى عمله زياد ...اللى زاد عليك بس وزاره الداخلية ودى أنا اللى عملتها أنت تستاهل كل خير ...ولازم نشجع كل اللى زيك ...أنهم يقاوموا كل المغريات ويتمسكوا بالحق والعدل.
ترقرقت الدموع بين عينى خالد واقترب من زياد : أنا مسامحك يا زياد بيه ...عارف ....بعد الطلب اللى أنت عملته علشانى ...والموافقات اللى جت بسببك ...أنت لو قتلتنى حتى كنت برضه هسامحك ...ربنا يغفر لك ويعفو عنك
نظر اليه زياد باكيا : بجد يا خالد ...سامحنى ...الفلوس عمتنى والطمع ضيعني...الفلوس كانت كتير أوى ...لدرجه ...لدرجه أنى ما أقدرتش اقاوم
خالد : هما فى الأخر حرام ....ازاي كنت هتأكل عيالك حرام ...يا زياد بيه الفلوس الحرام بتاكل حلالك...صحتك ، ولادك ، راحة بالك ...ربنا يهديك ويعفى عنك
طأطأ زياد رأسه خجلا الى الأرض وبدأ فى التحرك مع جندى الحراسة وقبل أن يركب التفت الى خالد : سامحنى يا خالد
اقترب منه خالد : مسامحك يا زياد بيه ...وهبقى آجي أزورك كمان
زياد وقد ترقرق الدمع في عينيه : يا ريت
اقترب حكيم منهما
حكيم : إلا قول لى يا زياد باشا
التفت اليه الأثنين
حكيم : إيه رأيك في دور الشطرنج اللي اتلعب معاك من اليوم التالت للخطف وخالد مدورها صح ...والحمد لله يا زياد بيه ...خالد لاعبك دور عمرك ما هتنساه
أدهم : هل يمكننا التحرك ؟ كفانا
حكيم : أدهم بيه ...احنا قانونا لينا عشرة في المئة من الفلوس يعني ..يعني ستة مليون لينا فيهم ستمائة الف و الخمسين دولار لينا فيهم خمس تلاف مش كده
أدهم مبتسما : لا أنت كده تركب معاهم أحسن
حكيم ضاحكا : خلاص ...خلاص يا باشا ده انا بهزر ...احنا تحت امر الحكومة
واثناء العودة الى منزله متشوقا الى ابنته بصحبة حكيم
خالد : على فكره ...أنا ماقلتش على الخمس تلاف دولار اللى أنت ضربتهم
نظر اليه حكيم : ما تقلقش أنا بلغت أدهم باشا وحاسبني عليهم وقالي اعتبرهم مصاريف اتصرفت فى متابعة العصابة و رجعتهم له و ساب لي منهم ٥٠٠ دولار ...يا ساتر عليك ده الحكومة طلعت اطيب منك يا حنبلي.
خالد مربتا على كتفه : يا ابنى أنا عايزك تبدا على نضيف...بس بجد أنا مبسوط أني اتعرفت علي شهم زيك
وبعد وصولهم
خالد : عارف يا حكيم... أنت كويس ..أه واللهى كويس أوى
حكيم ممتنا لما سمع : و أنت طيب وجدع أوي يا خالد ...طيب لدرجه الرخامة ...
يضحك خالد : كتر خيرك يا سيدى ...أنا عارف ...من وأنا صغير وكل صحابي مسمينى الرخم
حكيم : يخرب بيتك ...ايه يا عم الرد ده ...أنت مش بس رخم لا وغلس كمان
خالد : فى ايه طيب ...زعلان ليه
حكيم : واحد كان هيموتك وخطف بنتك وكان هيوديك في داهية.
اعتدل حكيم ثم قام بتسبيل عينيه وبدأ في تقليد خالد وهو يحدث زياد عند ركوبه سيارة الترحيلات حكيم : أنا مسامحك يا زياد ...مسامحك ..وهبقى أجى أزورك ( ثم عاد لهيئته) تزور مين يا عم خالد أنت...أبو رخامتك
قهقه خالد : لازم تدى الناس فرصة واتنين ...لو قفلنا فى وش الناس كل ابواب الرحمة قول على الدنيا السلام ...ربنا بيحب العبد الخطاء ...يعنى اللى بيغلط ..ليه علشان يرجع يستغفر ...ويفضل يغلط ويستغفر وربنا يقبل توبته ما بيزهقش منه ...نقوم احنا نعانيه و نبعده مش كفاية عليه السجن اللى هيدخله علي الاقل نديله أمل في بكره علشان ما يبعدش عن إنسانيته أكتر من كده وما يخرجش من السجن ألعن مما كان ...وخليك فاكر أن لولا زياد ما اتعرفنا علي بعض وبقينا اصحاب كمان
ارتسمت على وجه حكيم الدهشة والجدية معا : بجد أنا صاحبك
خالد مبتسما : طبعا ...وأخويا كمان
لم يستطع عندها حكيم منع نفسه من البكاء واحتضان خالد
خالد : خلاص يا عم ....أنت هتنام ولا ايه ...ولا شكل حضنى بيفكرك بالحاجة الظاهر وهي بتقول لك قوم ياللا اتعشى يا حبيبى
يمسح حكيم عيناه : مش بقول لك رخم ...ياللا ياعم ..اطلع للست أميرة....أنا هروح أنام وآجي لك بكره الجمعة نصلى مع بعض وتعزمنى على الغدا
انطلق خالد صاعدا السلم كالصاروخ الى ابنته العائدة....حتى وصل الى باب شقته حيث وجد أهل حارته وقد التفوا من حولها ما بين مهنئ و الزغاريد تنطلق من الأفواه و منهم من كان يوزع الحلوى والمشروبات.
أزاح خالد الجميع مناديا علي اميرة التى انطلقت لترتمي بين أحضانه و بدا فاصل من البكاء بينه وبين أهل بيته اللذين انضموا إليها في حضنه مع أمنيه ..والجميع يحمدون الله يدعونه بعدم الفرقة مره أخرى.
وتقدمت منه أمينة تنظر في عينيه بكل الحب والهيام وبدأ الجميع في الابتعاد عنه مفسحين لها الطريق إليه وما إن اقتربت منه حتي إرتمت بين أحضانه مستكينة بين ذراعيه تستنشق رائحته ، تتمتع بدفء قلبه الذي أخذت تسمع الي دقاته كأنها انغام موسيقية لترفع عيناها ناظرة في عينيه هامسة له: خالد ...أحبك ...بل أعشقك ...
انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
