رواية ممنوع من الحب الفصل السادس 6 بقلم منال كريم


 رواية ممنوع من الحب الفصل السادس 

- أنت اكيد مجنون ازاي تحب بنت مسلمة.

قالتها مريم بجنون و عدم استيعاب،بينما يقف أدهم صامتاً، و تهدر  دموعه معلنة عن  جحيم قادم له.

شبكت يديها أمام صدرها، محاولة منها السيطرة على الرعشة التي اقتحمت جسدها ، و ارتجفت شفتاها و بنبرة خائفة ردت متسائلة:

_ أدهم أنت بتهزر صح الكلام ده مش حقيقي.

لم يجيب و عجز عن الرد، و تأكدت هي من إجابته ، فكت ذراعيها ،و بيد مرتعشة صفعته بغضب، صاح سامي

_ مريم.

لم يبدي أدهم أي ردة فعل، و هي أشارت السباسبة في وجهه و قالت بتحذير:

_ أبعد عن أختي أنت فاهم، هي مش زيك مش بس علشان اختلاف الدين لا هي إنسانة نظيفة و طاهرة و نقية ،اما أنت شخص زبا،لة و مقر،ف ، مفيش حاجة فيك صح، حياتك كلها غلط، و يوم ما تحب، تحب ملاك، أيوة هي ملاك.

و ارتفعت نبرة صوتها بحدة، و استرسلت حديثها:

_ أنت مش طبيعي، أنا كنت متأكدة أنك شخص زبا،لة بس دلوقتي عرفت أنك مجنون و مختل و إنسان قذ،ر، تجري وراءها ليه؟ عايز منها ايه و أنت عارف أن العلاقة مستحيلة،تصدق يا أدهم حتي لو مشكلة الدين مش موجودة أنا كنت رفضت أنك ترتبط بيها، ياريت مرجعت من السفر، ياريتك تموت و نرتاح منك.

و هرعت حتي تغادر المنزل، فتحت الباب كان رامي يقف أمامها ، هتف بابتسامة:

_ اتاخرت عليكي يلا أنا جاهز نخرج نتغدا سوء.

أجابت بغضب:

_ أبعد عني دلوقتي.

و دفعته و توجهت إلى المصعد، جاء يذهب خلفها، قال سامي:

_ تعالي يا رامي.

ولج بتعجب و حيرة و سأل:

_ في ايه مال شكلكم يغم كده؟

سار إلى البار،و ألقى جسده على المقعد، و التقط زجاجة كحول، و هرع في شربه ،أنزل الزجاج و تحدث مبتسماً بسخرية :

_ رامي أنا بحب.

صفق بحماس و هي يصيح:

_ هو ده، أخيراً جت اللي تربيك من أول و جديد ، و تعلمك الادب.

و نزع سعادته البالغة و هو يخبره بحزن:

ـ بحب بنت مسلمة.

فتح فمه و عيونه بصدمة، و تأمل ملامح أدهم ثم سامي و تذكر ملامح مريم، و أيقن أنها ليست داعبة، اقترب منه حتي أصبح قابله، و هو يسأل:

_ أدهم هو أنت ايه مميزاتك؟

جلس سامي بحزن و ضياع على الاريكة، و أكمل رامي: 

_ معندكش إجابة صح، صدقني مش بلؤم عليك، بس أنت طريقك كله غلط و جاي تكمل بحاجة زي كده. 

التف سامي  له و هو يخبره:

_ المشكلة في البنت نفسها. 

ادار وجهه له و سأل:

_ حد نعرفه. 

حرك رأسه بالإيجاب ، ليسأل بفزع :

_ مين ؟

_ أخت محمد. 

أخبره سامي عن الفتاة دون ذكر أسمها، احتراماً لها و لعائلتها، بينما حول رامي نظراته إلى أدهم، نظرات غاضبة و قال:

_ أنت مجنون صح، أنت ليه بتحب تضيع نفسك كده، أنت حياتك كلها خراب في خراب و دلوقتي كملت.

يسمع الحديث بصمت و ينشغل باحتساء الكحول، و نطق جملة واحدة و هي:

_ غصب عني.

أشار رامي بيده رافضا و انفجر غاضباً و هو يردف: 

ـ لا ،لا ، مش عليا غصب عنك ازاي، معك أن المشاعر ملهاش سلطان، بس عندنا عقل يقولنا نعمل ايه في حاجة إسمها منطق، و أنت لغيت كل دول.

قطع المسافات بينهم حتي جلس أمامه و قال:

_ ساعات بسال نفسي أنت ممكن تكون عندك انفصام الشخصية ، اصل مش طبيعي دكتور جامعة و كل تصرفاته غلط و خارج العقل و الحدود، تصدق دلوقتي عرفت ليه عماد يكرهك، لأنك شخص مريض ، أنت النقطة السودة اللي في حياتنا..

و رحل رامي، و نهض سامي و هو في انتظار ماذا يقول الآخر؟ تحدث بنبرة هادئة:

_ ابعد عنها يا أدهم هي مش زيك، أبعد وسا،ختك و قر،فك عنها.

و رحل الآخر ، و هو جالس مثل ما هو، يزهق روحه أكثر و أكثر فهذا السم، ظناً منه أن هذا نجاته من بحر الأفكار الذي يجتز عقله في كل ثانية، كلماتهم مثل السهم الذي أصاب القلب مباشرة، و السبب لأنهم أشخاص مميزين، يسأل نفسه ،الجميع يكنن لي الكراهية،إذا أنا لا أستحق الحب في حياتي.

و رفع الزجاجة على فمه و يرتشف منه بشراهة، اختلطت دموعه مع المشروب الذي يسيل من فمه....
///////////////////////////
في منزل عماد 

يجوب المنزل ذهاباً و اياباً، و هو يفكر ماذا يفعل حتي يثبت لوالدته إنه الافضل؟ و يبحث في ذاكرته من هذه الفتاة التي تدعى سارة؟

صرّ يده حماساً و هو يهتف:

_ أكيد هي صاحبه مريم.

أخرج الهاتف من جيبه ، و دخل على حساب مريم الشخصي، و بحث عن حساب سارة، و لكن الملف الشخصي مقفول و لم يستطيع الدخول عليه، لم يتراجع عن ذلك، أو يخبره ضميره أن هذه الفتاة ليست لها ذنب حتي تكون الضحية، بحث في حساب شقيقها محمد، و خاب أمله عندما لم يجد لها أي صور،عائلة أحمد مستحيل تنشر صورهم على وسائل التواصل.

جلس على الفراش و قال:

_ مش مشكلة صورة، كفاية اوي أني اكتب إسمها.

قرر نشر المنشور على كل الجروبات التعليمية و الجروب الخاص بالجامعة و أيضا جروب خاص بحي شبرا و هذا محل اقامة سارة.

و بدأ الكتابة بعدما وضع صورة لأخيها و صورة من جوجل لفتاة ترتدي زي شرعي:

_مش عارف ابدا منين بس الخبر صعب جدا ، وصلنا لمرحلة مفيش فيها أي قيم و أخلاق،لما المعلم ينسي أنه معلم و الطالب يكسر الحدود بينه و بين المعلم.

مشكلة كبيرة و كفيلة تنز،ع أمن البلد،  دكتور في كلية آداب قسم تاريخ، و أسمه أدهم سليمان، وقع في حب طالبة عنده أسمها سارة.

حد يسالني فين المشكلة، اقولك المشكلة أن الدكتور اللي في الصورة قدمك الديانية (مسيحي)

و إن الطالبة و طبعا حفاظا على سمعة أهلها كفاية اسمها الأول و كمان دي صور من على النت و لكن ده استيل البنت لأنها (مسلمة) الحقيقة العلاقة بينهم وصلت حتة صعبة  اوي، و آسف اني بكتب كده علاقتهم وصلت للعلاقة الكاملة.

و أنهى المنشور الطويل بجملة:

_ ربنا يحمي مصر من الفت،ن.

ثم أعاد قراءة المنشور و هي على وجهه سعادة غريبة و غير مبررة، و قبل أن يضغط نشر، جذبت الهاتف و هي تسأل:

_ هو ايه ده؟

نهض من مقعده، و ادار ظهره لها و قال:

_ هاتي التلفيون يا مايا.

ابتعدت للخلف و هي تنظر إلى الهاتف و سألت:

_ أنت مجنون ازاي تفكر تعمل كده، فقدت عقلك، أنت عارف منشور زي ده ممكن يعمل ايه؟ مش بس يض,يع مستقبل أخوك و بنت، لا ده يو،لع في البلد و تكون فرصة لاي حد يكره مصر يزرع الفتن،ة بين المسيحي و المسلم، ازاي فكرت في كده.

صاح بغضب شديد و هو يقول:

_ هاتي التلفيون يا مايا.

صرخت الاخرى و عرض تقول باعتراض:

_ لا و مش أسمح ليك تعمل الجنان ده، ازاي تفتري على اخوك كذ،ب.

لكم الحائط بغضب، و جزٌ على أسنانه و أبدى لها:

_ حقيقة مش كذب، أدهم بيحب بنت مسلمة، بيحب سارة صاحبة مريم.

ترتعش شفتاها صدماً مما قال، و تعتصر يدها بتوتر، و بنبرة ضائعة وسط جح،يم هذه الجملة، سالت:

_ الكلام ده بجد، يعني أدهم بيحب ،و يبحب بنت مسلمة، و مين سارة، دي ملتزمة جدا أنا مش فاهمة حاجة ، بس المشكلة دلوقتي هو أنت، ازاي تعمل كده ،عايزة تش،وه سمعة أخوك و البنت، أنت من أمت بال،شر ده يا عماد؟

تبادلت ملامح وجهه إلى الحزن، و تحرك حتي جلس على الفراش ، و عيناه ساكناً في الفراغ، و احتضن نفسه و هو يصرح:

_ أنا محدش بيحبني يا مايا، أمي مفيش في حياتها غير أدهم ، خدت مني كل حاجة علشان خاطره، حتي بيتنا اللي كان ورث من بابا، رمت الذكريات و ايامنا و فرطت في البيت علشان أدهم يسافر بفلوسه،و خدت شقة صغيرة فيها اوضة واحدة بس، كانت الاوضة لها و أنا أنام في الصالة، صدقني مكنش عندي مشكلة، و قولت مش مشكلة اتخلى عن البيت و عن فرصة السفر كل ده علشان اخويا الكبير ، و في المقابل نفسي أشوف نظرة الحب و اللهفة في عينها لما تسمع أو تشوف أدهم، أنا بالنسبة ليها سد خانة، و أدهم مسموح له كل حاجه و عماد لا.

اتجهت إليه و جلست بجانبه، رتبت على كتفه و تحدثت بنبرة هادئة:

_حبيبي أنا آسفة ليك على كل حاجة، بس صدقني كل كلامك ده مش مبرر للجري،مة اللي كنت ناوي تعمله في حق بنت ملهاش ذنب غير أنك غيران و تح،قد على أخوك، أنت بتعاني من التفرقة بينك و بين اخوك، المذ،نب هنا مش أدهم و لا أنت ، المذ،نبة هي الأم و الاب اللى فرقوا بين المعاملة، تعال بقى نفكر في دلوقتي أنتوا كبرتوا و ربنا خلق لكل واحد عقل، يعني المفروض تفكيركم يكون ناضج، كر،هك لاخوك مش حل  ،  المفروض بدل ما تفكر في دما،ره فكر أنك تكون قريب منه، الحق اخوك من الضيا،ع، أنت عرفت تعمل بيت و أسرة و عيلة، و على النقيض هو رمي نفسه في مستنقع زبا،لة، شد أيده و طلعه، أدهم كان مظلو،م لما شاف كل حاجة متاح قدمه، و أمه تعمل المستحيل علشان يكون مبسوط، و اتحول لظا،لم، لأنه شخص عاقل وعي و مثقف و يقدر ينقذ نفسه، بس هو عجبته الحياة دي، اقف جنبه و حاولت تحبه، و بلاش الطريقة الشيط،انية دي، اللي مش بس تد،مر سمعة بنت وتض،يع أدهم و كمان فيها خرا،ب لمصر.

شعر بالندم لأنه لغي العقل و اتباع الش،يطان و الغي،رة أعمت عيونه عن نقاط كثيرة، كل كلمة من زوجته بمثابة صفعة له حتي يعود لراشده ، القى رأسه على كتفها و همس بحب:

_ أنا بحبك اوي يا مايا، شكرا أنك في حياتي.

دعبت خصلات شعره، و رسمت ابتسامة جميلة على شفتيها و همست:

_ بحبك.
/////////////////////
في منزل نور

جلس بعصبية، و قال بنبرة حادة:

_ بقولك يا مصطفى احنا مش عايزين صداع كل شوية تجي تزونا.

تشكلت ملامح التعجب على وجهه، و فتح عيناه بصدمة و سأل:

_ نعم، هو كلام حضرتك بجد و لا هزار؟

رفع يده اعتراضاً و صاح:

_ و أنا اهزر معك ليه هو أنا بطيقك علشان اهزر معك.

تحاول فاطمة كبح ضحكتها، أما نور غاضبة من طريقة ولادها، بينما أجاب هو:

_ يا عمي حضرتك سمحت الزيارة تكون كل خميس و أنا التزمت بكده، و كمان بعد نصف ساعة بسهولة كده تطرودني من البيت، أعمل ايه تاني؟

نظر الى ساعته و نهض بفزع و قال:

_ طيب يلا بقى بقالك نص ساعة دقيقة ، خدت اكتر من وقت.

تحدثت بابتسامة بشوشه:

_ عيب كده يا أبو نور.

جذب يده و جره خلفه و قال:

_ سلم على أبوك.

رغم غضبه ،لكن لا يستطيع كبح ضحكته من أفعال عمه، يعلم أن كل هذا بسبب غيرته على صغيرته، و يجب عليه يتصرف بهدوء و حكمة حتي تصبح نور زوجته، و رحل مصطفى....

جاءت من المطبخ و هي تنظر إلى الاسفل، جلس على الأريكة و قال:

_ تعالي جنبي يا نور.

وضعت صنية الشاي و جلست بجواره، احاط كتفيها بيده و قال بهدوء:

_ أنا عارف أن طريقتي مع مصطفى مش كويسه بس أنا بعمل كل ده عشانك ،عشان تكوني غالية في عينه الواحد يا حبيبتي لما يتعب في حاجه بتبقى غالية عنده قوي، مصطفى أبني مش أبن أخويا بس مفيش حد عندي بدرجه غلاوتك،علشان كده بعمل كل حاجه عشان خاطرك،أنا واثق فيكي و في  مصطفى بس مش واثق في الشيطان و الاسوء من الشيطان النفس الاماره بالسوء، علشان كده بخلي  العلاقة بينكما في أضيق الحدود، اللي يحصل دلوقتي غلط، البنت و الشاب بعد الخطوبة يتصرفوا بحرية و دون خجل و حياء ،ينزلوا صور ليهم من غير حدود بينهم و كأنهم متجوزين مش مخطوبين علشان كده خلي بالك من نفسك قوي حتي من  أقرب الناس لان الدنيا صعبة و الفتن كترت حوالينا ،و ربك يستر و يحفظ اولادنا و بناتنا من كل شر و سوء...

ألقت نفسها في حضنه و هي تقول:

عارف يا بابا قبل ما اسمع كلامك كنت شايفة أن معاملتك صعبة و فيها ظلم لي و لمصطفى بس دلوقتي حضرتك عندك حق،ولازم نخلي الكلام و كل حاجة لما نكون تحت سقف واحد، أنا بحبك اوي يا بابا.

أبتسم و قال:

_ و أنا بحبك يا قلب بابا..

/////////////
قررت مريم عدم إخبار أحد بحديث أدهم،و إغلاق الموضوع نهائيا ، أرسلت رسالة لسارة تخبرها أن ادهم لم يقترب منها مرة أخرى ، شعرت بالراحة النفسية أنها تتخلص من هذا المختل، كما تطلق عليه أنه مختل..

و بينما هي تدعو الله أن يبتعد عنها و لا يجمعهم اي شيء ، هو غارق في الكحول و يدعو أن تقع  عاشقة القهوة و يقصد سارة في حبه.

كل منهم يدعو دعوة مختلفة و يسعي لتحقيقها.

و لكن ماذا يخفي القدر لهم؟

هل أدهم و سارة يجتمعون في جملة؟

تصاعدت الأحداث، لم يعود إلى راشده أو يبتعد عنها،بل يستغل كل فرصة أن يكون قريب منها ، و يظن بذلك أنه يحارب لأجل حبه، و حتي لو الحب ممنوع، فهو قادر على كسر القيود، لم يسمع إلى نصائح رامي و سامي، أو تحذيرات مريم التي توقفت عن الحديث معه و اخترت صديقها عنه، بل و قدمت شكاوي عديدة بصفة مجهولة، في إدارة الجامعة أنه دكتور فا،سد حتي يطرد من الجامعة لكن بدون جدوى..

حتي عماد ابتدأ من جديد مع أخيه و حاول أن يبعده عن هذا الطريق، و أخبره أنه يجب عليه تغير نفسه لكن لم يجد نفعاً.

في الصباح يركض خلف سارة و المساء غارق  في الكحو،ل ،لكن أبتعد عن النساء لأنه أصبح لا يرى أثني إلا سارة..

أصبحت محاط به من كل مكان في الجامعة التي باتت تغيب عنها  حتي لا ترى،و لم يكتفي بذلك، بل شبه مقيم عند خالته، و في الأوان الأخيرة يسير خلفها مثل ظلها ، طول الوقت هي مراقبة منه، و تجاهد نفسها بعدم التفكير فيه، بالتقرب إلى الله، لكن هو لم يحرم ضعفها أو قلة خبرتها في هذه المواضيع و أن قلبها لم يدق يوماً ما، قلبها مثل  طائر  سجين و مجرد كسر الباب، حلق الطائر بعيد و هذا حال قلبها...

////////////////////
في قرية سياحية

جاءت سارة مع أخيها و زوجته و أختها و زوجها.

تذمرت بضيق و هي تقول:

_ سؤال صغير أنا هنا بعمل ايه؟ أنا مخنوقة علشان حاسة أني عزول.

ابتسمت ملك و أجابت:

_ تصدقي احنا غلطانين قولنا تجي تغيري جو الدارسة.

و أكمل محمد : 

_ بتعشق النكد سارة .

استندت ظهرها للخلف و تنظر إلى المكان  بانبهار, و هتفت:

_ تمام متشكره، مش عايزة حد.فيكم يتقيد بي ،انطلقوا.

مجرد إنهاء الجملة ، نهض وهو ياخذ يد ملك و يقول: 

ـ شكرا يا سارة احنا قاعدين عند حمام السباحة لو حد عايز مننا حاجة.

ابتسمت ثم نظرت إلى محمد و قالت: 

يلا يا ميدو طريقك اخضر.

وضع يده على يدها بحنان و سأل :

_ يعني مش زعلانة.

حركت رأسها بالنفي ،و ذهب محمد مع شهد.

و لاحظت وجود مائدة طعام الوانها تخطف النظر، نهضت من مقعدها و ذهبت اليها،وجدت مشروب لونه أحمر، أخذته و رفعت الكاس على فمها، لكن جاء صوته و هو يقول:

_ على فكرة المشروب ده في نسبة كحول.

أعادت الكوب سريعاً و نظرت إلى الخلف، و دق قلبها و هي تردف بنبرة هادئة:

_ دكتور أدهم.

و سريعا خفضت نظرها ارضا و هي تركض من أمامه بخوف، و كأنه شبح قاتل،ركض خلفه حتي وقف أمامها،تمعن النظر فيها و همس بنبرة حنونة:

_ ما بلاش دكتور قولي أدهم أو حتي ياض.

رسمت ابتسامة جميلة على شفتيها و نطقت بتوتر:
_ بلاش كده لو سمحت.

نظر الى الأسفل و قال مازحاً:

_ حلو كده أعمل زيك ابص في الارض، بس أنتِ عادي لو بصيتي في الأرض ، بس أنا ليه اتحرم النظر في وجهك الجميل اللي يشبه الملائكة.

اهتزت مشاعرها بهذه الكلمات البسيطة، فهو يتعمد يغازلها كلما رآها حتي لو أمام الجميع و لم يذكر أسمها، يلعب باحترافية على الوتر الحساس لديها و أنها لم تسمع هذه الكلمات قبل ذلك، و نجح أدهم في اختراق قلبها بنجاح ، بل تغيرات كثيراً عن السباق، تنتظر  المحاضرة خاصته و تختلس النظر منه،
 عقدت يديها بتوتر، تصارعت  أصوات أنفاسها و تبللت عرقاً  وترتعش شفتاها و هي تريد أن تنطق جملة كلماته اثقل من الجبال.

بينما هو تحدث بهدوء:

_ مش عايزة تعرفي ايه المشروب الخالي من الكحول.

ظلت صامتاً و تنظر إلى الأسفل، بينما هو مد يده أخذ كوب و قال:

_اتفضلي يا سارة ده عصير طبيعي.

تجولت بعيناها بخوف و رددت:

_ لو سمحت امشي من هنا، لو حد شافك هتقول ايه؟

_ أقول بحبك.

فقدت السيطرة على نفسها و سارت خلف مشاعرها التي تقودها إلى الهلاك، رفعت عيناها و تفحصت ملامحه الجاذبة بالنسبة له و المحببة إلى قلبها ، وجدته يربع يده أمام صدره، و يرسم ابتسامة جميلة ، أهلكت روحها، و استرسل حديثه بنبرة حنونة:

_ أنا بحبك يا سارة بحبك من أول مرة شوفتك و مش قادر أبعد عنك أو أبطل أحبك، و كل أملي في الحياة أنك تحبني.

ترسم على ملامحها ابتسامة بلهاء، و كأنها حمقاء و لا ترى الصورة كاملة، نسيت كل شيء ، كل ما سارت عليه لسنوات، تم هدمه أمام هذا الحب الممنوع، وهو لم يكتفي أو يشعر بالشقق عليها، بل يزيد من عذبها و عذب نفسه، أكمل بنفس النبرة :

_ سارة قولي  أنك بتحبني ،أنتِ عارفة أني بعشق حروف أسمك، قولي اي حاجه يا حبيبتي.

تخلت عن الصمت و سألت بضياع:

_ أقول ايه ؟

حرك شفتيه دون صوت و كأنه يعلم طفل صغير النطق، صحيح لسانها مازال عاجز عن نطق الجملة لكن قلبها صرخ بها، ظل يكرر نفس الجملة بدون صوت ثم همس بنبرة ضعيفة:

_ قولي بحبك يا أدهم.

غمضت عيونها ليس استحياء مثل الماضي، بل حتي تكرر هذه الجملة في عقلها و ذهنها، و ما تبقي الآن إلا الاعتراف بها ، و حدثه عقلها لماذا الإنتظار ؟ هو حبيبك و يجب أن يسمع هذا الاعتراف، مثلما أغرقك بالاعتراف لديه أنه يحبك.

صمت تام في المكان، و كأنها خالي من البشر، الصوت الوحيد هو صوت أنفاسهم، نبضات قلبها تضرب أعناق القلب، معلنة الحرب عليها، أن تستسلم و تعترف بالحب، افكارها مثل الغيمة المظلمة تظلل على قلبها و تخيم على تفكيرها.

غاب العقل و المنطق بل و أصبح مثل الشيطان يوسوس لها حتي وقعت فريسة سهلة في جبعة الذئب متوحش مثله، و يبرر كل ذلك أنه يعشقها،كانت روحه مثل الوردة الذابلة ، تحتاج إلى  قطرات الندى لكي ينتعش  من جديد و كانت هى سر انتعاش روحه و قلبه ، فهل يفرط فيها بعد ذلك؟ صرح مرة أخرى بكل واضح:

_ أنا بحبك يا سارة بحبك و نفسي لو مرة واحدة تجوبي على سؤالي بتحبني أو لا؟

لم ترمش جفونها، معلقة عليه، لعقت شفتيها بتوتر و مسحت جبينها ، و نطقت حروف غير منظم و بتعلثم:

_ ا،ن،ا،أنا.

سلت دموعها و هي تعترف بحقيقة مؤلمة، بجملة سوف تقلب حياتها رأسا على عقب، نطقت بحروف مبعثرة:

_ أنا بحبك يا أدهم، بحبك ، و حاولت كتير أبعد عنك بس مقدرتش، أنا عارفة أن علاقتنا حرام و محكوم عليه بالنهاية ، بس غصب عني بحبك و نفسي في حل و نكون مع بعض.

_ أخيراً.

قالها وهو. يشعر بسعادة كبيرة  على هذا  الاعتراف، كلماتها مثل الزهرة البيضاء المتفتحة تنشر عبيرها في  قلبه،اخبرها بنبرة ممتلئة بالحب و الحنان :

_ و أنا بعشقك يا قلب أدهم، و دموعك توجع قلبي و متخافيش الحل عندي، أنا و أنتِ لبعض و مفيش قوة تفارقنا.

في نفس الوقت التي هي ترتكب الذنوب و خانت ربها و دينها و عائلتها و نفسها أولا ، اخواتها يبحثون عنها لأنهم عادوا سريعاً و لم تكن في نفس المكان.... 

تعليقات