رواية جريمة محامي ( كاملة جميع الفصول) بقلم محمود الأمين

 

رواية جريمة محامي كامله جميع الفصول بقلم محمود الأمين 

تخيل معايا كده انك تتدخل عشان تنقذ واحد من حبل المشنقة، فتلاقي نفسك مهدد بالقتل، ومع التهديد ده تهرب وتفتكر إن الموضوع خلص.. لكن بعد سنين تتقتل وكل ده بسبب ثغرة قانونية.
*****
الجزء الاول

رن المنبه رنته المعتادة الساعة 8 الصبح، ده معاد صحياني من النوم.. قومت من السرير ودخلت الحمام اخدت دش وفطرت حاجة خفيفة ولبست واتحركت على شغلي. أول ما وصلت مديرية الأمن، قابلت عم زكريا بتاع البوفية اللي أول ما شافني اتكلم وقال:
_حاضر يا باشا فنجان القهوة بتاع حضرتك هيكون عندك دلوقتي.
=شكراً يا عم زكريا.

عم زكريا عشرة سنين، وكل يوم بطلب منه نفس الطلب فخلاص حفظه.. أنا المقدم زياد المغربي وخلاص كلها كام شهر وهبقى العقيد زياد، وطبعاً مستني اليوم ده بفارغ الصبر. المهم إني دخلت المكتب وقبل ما اقعد دخل الرائد ياسر وكالعادة كان بيفطر.. فقولتله:
_صباح الخير يا عم ياسر، نفسي ادخل عليك مرة ومتكونش بتاكل.
=صباح النور يا باشا، هو حضرتك على طول معترض إن أنا بفطر؟ ما هو لازم أفطر عشان أشتغل.
_إيوه إيوه، أصل الشغل مقطع بعضه يا عم ياسر.
=اومال يا باشا، ما زي ما انت هتترقى لعقيد أنا كمان هترقى لمقدم.
_لا حبيبي، اوعى تقارن نفسك بيا في الحتة دي، شوف انت ليك كام سنة رائد وأنا اترقيت ووصلت للرتبة دي على كام سنة.
=عديها يا باشا، وبعدين إحنا نيجي فين في سيادتك؟ بسم الله ما شاء الله ما فيش قضية بتعدي من تحت إيدك غير لما تكون مقفلها.
_قل أعوذ برب الفلق.
=ما أنا قولت ما شاء الله يا باشا، خلاص بقى.

كنا بنتكلم وبنكشه كالعادة، ولقيت التليفون بيرن. طلعت التليفون وكان اللي بيتصل ملازم أول أيمن الشاطر.
بصيت لياسر وق لتله:
-أيمن الشاطر بيتصل، شكلها كده في بلاغ.
رديت على أيمن اللي اتكلم وقال:
_الو.. إيوه يا باشا في بلاغ عن جريمة قتل في مصر الجديدة، اللي بلغ جار المجني عليه واسمه حسين عبد السلام. هبعت لحضرتك اللوكيشن على الواتس.
=تمام يا أيمن، في انتظارك.

قفلت مع أيمن وطلبت من ياسر يجهز القوة عشان هنتحرك دلوقتي على مصر الجديدة. فتحت الواتساب ولقيت أيمن بعتلي اللوكيشن، واتحركنا على هناك. كانت عمارة في منطقة حمامات القبة بالتحديد شارع المقريزي.
أول ما وصلنا لقينا الناس متجمعة قدام العمارة والدنيا مقلوبة.طلبت من أيمن يفك التجمهر اللي قدام العمارة، ولقيت البواب واقف واتكلم وقال: 
-الدور التاني يا باشا، شقة المحامي حسن عبد الراضي.
 طلعت الدور التاني ووقتها لقيت راجل واقف على باب شقة واتكلم وقال:
_أنا حسين عبد السلام، اللي عملت البلاغ.

بصيت على الشقة اللي قدامه.. لقيت الباب مفتوح وبعد خطوتين منه فيه جثة لشاب في التلاتينات من عمره.. كان مضروب بطلقتين في منطقة الصدر. دخلت الشقة بالراحة، كانت شقة مرتبة ومنظمة جداً، ما فيش أي حاجة متكسرة أو مرمية على الأرض. كمان كان فيه ترابيزة في الصالة حواليها أربع كراسي وعليها علبة بيتزا وكان متاكل منها قطعة واحدة، واضح إن المجني عليه كان بيتعشى قبل ما يتقتل. وفعلاً لما قربت من الجثة كان فيه على بؤه آثار أكل.
في الوقت ده وصل رجالة المعمل الجنائي عشان يبدؤوا بفحص مسرح الجريمة ورفع البصمات، خصوصاً إن الشقة كانت سليمة تماماً وواضح إن الغرض كان القتل وبس.
خرجت من الشقة وبصيت للاستاذ حسين، كان راجل في الخمسينات من عمره لابس لبس البيت.. كان باين عليه التوتر والخوف وده واضح من العرق اللي على وشه. طلبت منه يهدى ويحكي اللي حصل بالظبط فاتكلم وقال:
_أنا كنت قاعد قدام التلفزيون، وفجأة سمعت صوت ضرب نار جاي من بره. جريت بسرعة ناحية الباب وفتحته، لقيت الاستاذ حسن واقع على الأرض ومضروب بالرصاص، ووقتها لمحت واحد بيجري على السلم بسرعة كان لابس جلابية. ندهت على البواب عشان يمسكه لكن واضح إنه مكنش موجود. روحت ناحية البلكونة بسرعة ولقيته بيركب ورا واحد على موتوسيكل وبيهربوا.
=هو حضرتك تعرف الاستاذ حسن كويس؟
_الله يرحمه كان محامي، وكان راجل قمة في الاحترام والأدب. الكل في العمارة كان بيحبه وبيحترمه.
=طيب ما تعرفش إذا كان ليه أعداء من الجيران، أو في حد كان بيهدده بحاجة الفترة الأخيرة؟
_في الحقيقة ما اعرفش، هو كان في حاله ومش بتاع كلام كتير. كل اللي اعرفه عنه إنه كان محامي وإنه جار محترم.
=تمام يا عم حسين، بس هستأذنك هنستدعيك عشان تقول الكلام ده في محضر رسمي.
_أنا تحت أمرك يا باشا.

رجالة المعمل الجنائي خلصوا شغلهم، واتنقلت الجثة للمشرحة ووأنا نازل لقيت البواب موجود.. قربت منه وسألته:
_اسمك إيه؟
=عوض يا فندم.
_كنت فين يا عوض ساعة وقوع الجريمة؟
=لا مؤاخذة كنت في الحمام.
_طيب قبل ما تدخل الحمام، في حد طلع عند المجني عليه؟ يعني حد كان طالع يودي طلب أو حد معرفة؟
=ما فيش غير واحد بتاع دليفري، سأل على شقة الاستاذ وطلع. بس أنا كنت متعود أشوفه.. هو جه هنا كذا مرة واسمه خالد.
_تمام يا عوض بس خلي بالك هنستدعيك عشان ناخد أقوالك في محضر رسمي.

رجعت على المكتب وبدأنا نعمل تحريات عن المجني عليه عشان نعرف هل كان ليه عداوة مع حد ولا لا؟
وبعد 24 ساعة كان قدامي ملف تحريات عن المجني عليه حسن عبد الراضي.
فتحت ملف التحريات وقريته وفي الحقيقة كنت متفاجئ من التفاصيل، وده خلى الرائد ياسر يسألني:
_خير يا باشا؟ واضح كده إن التحريات فيها حاجة، وده باين على وش سيادتك.
=في حاجات مش حاجة واحدة، القضية دي هتاخد شكل تاني خالص يا ياسر.
_مش فاهم يا باشا، وضح أكتر.
=التفاصيل يا ياسر.. التفاصيل عبارة عن متاهة. حسن عبد الراضي كان الأول على دفعته أربع سنين في كلية حقوق، صعيدي أصيل وبالتحديد من قنا مركز نجع حمادي، ولكن بعد ما خلص تعليمه جه على القاهرة واشتغل في مكتب واحد من المحامين الكبار.. مكتب سالم الصياد.
حسن كان عايش لوحده، أهله توفوا من زمان ومش بينزل نجع حمادي نهائي يعني مستقر في القاهرة. أما بالنسبة للخلافات فدي النقطة اللي هنقف عندها كتير.
حسن كان على خلاف واضح مع رجل الأعمال عزت الطاير الملياردير المعروف، وسبب الخلاف قضية كان حسن عبد الراضي فيها هو محامي المدعي بالحق المدني.
باختصار عزت الطاير هو رجل أعمال معاه مجموعة من المصانع..وفي يوم قرر إنه يمشي مجموعة من العمال اللي عنده ولكن رفض يديهم حقهم. العمال دول رفعوا عليه قضية.. ولما اترافع حسن في القضية كان معاه كل الأوراق اللي تثبت حقوق الناس دي.. وفعلاً كسب القضية. بعد الحكم بأسبوع واحد اتوجه المحامي حسن عبد الراضي لقسم الشرطة.. وكان معاه محادثة على الواتساب فيها تهديد صريح بالقتل. وقتها المحضر اتحول على مباحث الاتصالات.. ولكن المشكلة إن الرسالة كانت مبعوته من رقم دولي، ولما حاولوا يتتبعوا الرقم كانت حيطه سد وما وصلوش لحاجة. لحد كده تمام.. آخر قضية مسكها المجني عليه كانت بين اتنين صعايدة:واحد كان نائب مجلس الشعب السابق فوزي طايع، والتاني كان شخص غلبان وعلى باب الله اسمه سيد عوض الله.
عضو مجلس الشعب السابق بيملك عمارة وقال إن العمارة بتاعته هتقع وطالب بإخلاء العمارة ولكن السكان رفضوا وبالذات سيد، وكان المحامي بتاعه هو حسن عبد الراضي واللي قدر يجيب كل الأدلة اللي تثبت إن العمارة سليمة واتحكم للسكان.
وعلى حسب شهادة حسين جار المجني عليه قال إنه هو شاف اللي بيجري على السلم كان لابس جلابية ومداري وشه بشال يعني ممكن يكون صعيدي.. يعني إحنا دلوقتي قدامنا اتنين متهمين:
رجل الأعمال عزت الطاير، وعضو مجلس الشعب السابق فوزي طايع.

أنا عايزك بقى يا ياسر تعمل تحريات كاملة عن الاتنين دول وكمان تعمل تحريات عن الشخص اللي اسمه سيد عوض الله.. وإن شاء الله في أقرب وقت هنوصل للي عمل كده.
******
أنا أمير عبد الهادي رئيس مباحث مركز نجع حمادي، والمركز ده تابع لمحافظة قنا. أنا واحد من أبناء المركز وحظي الكويس إني خدمت في بلدي. الجو هنا هادي والمشاكل قليلة وعلى قد الإيد زي ما بيقولوا.. القضايا اللي عندي بتكون مشاكل عادية زي اتنين اتخانقوا في الشارع وضربوا بعض، أو حد جاي يعمل لحد محضر عدم تعرض.
لكن واضح إن الهدوء ده مش هيستمر كتير خصوصاً إن الصعيد في مشكلة كبيرة ويمكن هي اللي بتخوف معظم الناس مننا، وهي مشكلة التار.
وأنا قاعد في مكتبي جالي بلاغ عن جريمة قتل حصلت في أحد القرى التابعة للمركز، وأنا أسف مش هقدر أذكر اسم القرية ولكن لما عرفت مين اللي اتقتل؟.. افتكرت موضوع حصل من خمس سنين ولحد دلوقتي ما حدش قادر ينساه.
اخدت قوة صغيرة من المركز واتحركت على القرية اللي جاي منها البلاغ. لما وصلت هناك كنت قدام عشة متوسطة الحجم.. قدامها كنبتين من الخشب، وجوه العشة جثة لشاب في التلاتينات من عمره اسمه زين عبد التواب حمدان.
طبعاً أهل البلد كانوا كلهم متجمعين، وكلهم عارفين مين اللي قتل زين، زي ما أنا عارف ولكن ما فيش دليل.
قدام العشة كان في اتنين رجالة متعورين في دماغهم، ومش في الدنيا معانا أصلاً.
وهناك لقيت الحاج عبد التواب واقف وابنه التاني عمار، قربت منهم واتكلمت:
_البقاء لله يا حاج عبد التواب شد حيلك.
=الشدة على الله يا باشا.
_بتتهم مين بقتل ابنك يا حاج؟
=الله أعلم، ولاد الحرام كتير يباشا، وإحنا واثقين إن الحكومة هتعرف مين اللي عملها في أقرب وقت وهتقبض عليه.
_يعني انت عايز تفهمني إنك مش عارف مين اللي قتل ابنك؟
=وأنا هعرف منين؟
_يعني مش بتتهم عيلة عبد العظيم، إنهم هم اللي قتلوا ابنك؟
=قصدك عشان الحوار القديم يا باشا؟ ده عدي عليه فوق الخمس سنين وولدي اخد براءة ولا حضرتك نسيت؟
_لا ما نسيتش يا حاج، بس التار في الصعيد مش بيتنسى وانت عارف، وابنك لسه راجع من إيطاليا، ليه ما يكونش عيلة عبد العظيم هي اللي خلصت عليه عشان تاخد بتار ابنهم؟
=أنا ما أقدرش أتهم حد من غير دليل يا باشا، ولو اتأكدنا إن هما اللي وراها هنبلغ سيادتك.
_تمام يا حاج، أنا هحتاجك بس تيجي معايا المركز عشان ناخد أقوالك في محضر رسمي.
=أنا تحت أمرك يا باشا.

رجعت على المركز من تاني، وبعد ما اخدنا أقوال والد المجني عليه، دخل عليا معاون المباحث أشرف الكردي.. أشرف كان لسه منقول عندنا وما كملش سنة في المكان واتكلم وقال:
_أول مرة أشوف جريمة قتل عندكم هنا، كنت عمال تقول آخرنا قواضي صغيرة اهو جالك التقيل.
=وتخيل بقى انت، دي جريمة إحنا عارفين مين القاتل فيها لكن مش معانا دليل، ولا أهل المجني عليه متهمينه.
_إزاي يعني؟.. لما انت عارف القاتل اقبض عليه، وإزاي عارف القاتل ومش معاك دليل؟!!
=دي حكاية حصلت من خمس سنين، ولحد دلوقتي ماخلصتش، والله أعلم مين هيتقتل تاني؟..

تعليقات