حكاية نور والتوام
الفصل السادس عشر
وقف الاثنين وانا جالسة.قالت السيده وفاء مالك يا نور..
- قلت بأسى::انا حدهاقولكم حاجة بس وحياة اغلى حاجة عندكم ما تسألونيش في تفاصيلها
-- قالت السيدة وفاء: نوى انا قلبي مقبوض في ايه
- قال السيد سراج.. هو ايه الحكاية بالضبط ماله سامح
- قولت بعصبية : ده مش بني ادم محترم ده احقر الناس انا جاية احذرك منه...
- قال بذهول: ازاي مش فاهم وانتي دخلك ايه بسامح و تعرفيهمنين
- اعرفه.من زمان ومش مهم موضوع اعرفه منين المهم انك ما تدخلش معاه في اي صفقة ولا اي بيع ارض ولا اي حاجة سامح مفلس خسر كل فلوسه في البورصة و بيوهمك بموضوع المشاريع والارض عشان ياخدهم ويبيعهم ويسافر سامح ده طول عمره كده نصاب وحرامي..(نظرت اليهم وجدت الحيرة في عيونهم وكأنهم غير مصدقين فعدت وقولت بإصرار)
وحياة ربنا انا بتكلم صح صدقوني والله العظيم الراجل ده نصاب اوعوا..انا عشان اكلت في البيت ده عيش وملح ما قدرتش اعرف الحاجات دي وافضل ساكتة مع اني عارفة ان كلامي هيعملي مصايب كتير ومشاكل اكتر بس ما قدرتش...
- قال سراج: مين قالك يا نور؟؟وعرفتي موضوع أنه مفلس منين؟؟؟
- ناس معارفه وأكدولي الموضوع ده صدقني لو دورت على سجلات سامح في البنوك هتلاقيه مفلس اسأل واتأكد والموضوع الي بيعمله عليك كله بس عشان ياخد الاراضي الي حيلتك ويخلع بيهم..
- قالت السيدة وفاء.. وازاي يعمل كده فينا اخنا بالذات ده احنا اخته جوانا مش ممكن...
- قولت بثقة: هو ما تفرقش معاه اخته اسأليني انا سامح ما يهموش الا نفسه وبس...
- قال السيد سراج محفزاً: قولي يا نور تعرفي ايه قولي مش هاكذبك...
- انا كل الي اعرفه قولته..
- لأ يحقلنا نعرف انتي تعرفيه منين وازاي جيبتي المعلومات دي...
- قالت السيدة وفاء: ايوة قولي يانور طالما معتبرنا زي اهلك وعاوزة تساعدينا وتخرجينا من الورطة دي احنا بردو يهمنا نعرف ايه علاقتك بسامح...
- قولت وانا امسح العرق الذي بدأ يتصبب على وجهي: اعرفه من زمان كان زميلي في الجامعه ونصيب بس ماتمش
- قالت وهي تشهق: يعني اما كان هنا كنتي عارفاه وما قولتيش...
- مافيش داعي اتكلم في حكاية راحت في حالها وخلاص يا طنط وفاء
- شعرت انها فهمت قصدي لانها تعرف قصتي كلها فقالت وهي تهز رأسها: فهمت خلاص....فهمت
- قال السيد سراج بإستغراب: فهمتي ايه..انا مش فاهم حاجة فهموني لو سمحتم(قالها بصوت عال)
- قولت وانا اغادر: انا اسفة اني جيت في وقت غير مناسب بس ما قدرتش اعرف حاجه ممكن تإذيكوا ومايقولش عليها عن اذنكم..
وانا خارجة اتصدمت بليان كانت تقف على الباب تسمعنا فقالت.. انتي رايحة فين يا نور استني ده مراد وندي جايين يتعشوا معانا
- سلميلي عليهم حبيبتي اشوفك على خير عن اذنكم..
لحقت بي السيدة وفاء الى الحديقه واوقفتني والدمعة في عينها استني يا نور استني..
- ايوة يا طنط...
- قالت وهي تحاول ان تخرج من جوفها الكلمات بصعوبة: اصل...اصل...الي قولتيه قلب كياني كله ولخبطني انا وسراج ومش عارفة اتوجعت عشان ندي مرات ابني..
- لأ يا طنط ندي ما لهاش ذنب ندي بنت كويسة والاهم انها بتحب ابنك مراد...
- انا عارفة بس اضايقت اوي عشان انا متأكدة انها هي ما تعرفش اخوها انه كده..
- انا اللي اعرفه...(تنهدت بقوة والم)
- يعني قصدك ان سامح هو اللي كان السبب في موضوع العملية واتنكر لابنك و..(صمتت )
- خلاص ما تكمليش يا طنط وفاء ماضي وراح في حاله..بس ربنا انتقم منه برده وهو بقة على الحديدة....
- يا ربي انا مش مصدقة اخر حاجة كنت اتوقعها من شاب محترم ومن عيله قصدي بقي اللي عامل نفسه محترم يكون كده
- واكتر من كده انتو عيلة جميلة وربنا مش هايوقعكم في ايدين حد زيه....
- قالت وهي تبتسم لي : انتي اللي كويسة وبنت بجد مش قادرة اوصف اخلاقك الجميلة ...
- انا اللي مهما عملت مش هارد جمايلكم يا طنط وفاء...
- مع اني حاسة اني ظلمتك اوي يا بنتي(قالتها بحزن)
- قولت وانا اتصنع الا مبالاة: لأ عادي ربنا يرزقه بلي احسن مني يارب احمد يستاهل كل خير..
- قالت وهي تهز رأسها رافضة: احمد تعبان اوي كل يوم يتصل بية ويعاتبني انا زعلانة عشانه...
- قولت بثقة: هي الدنيا كده ما بتدناش كل الي عاوزينه ولا كل الي بنحبه ويمكن يكون في خير لينا مش العكس صدقيني....
- حضنتني وقالت: انتي بنت تجنني ربنا يديكي على قد نيتك الصافية يا نور يارب..
قبلتها وابتعدت..وانا انظر اليها من وراء اسوار الحديقة الى ان غابت عن نظري عندها بدأت البكاء...
..........................
عدت الايام كنت مرتاحة نوعاً ما لكن اشعر بالخوف بين الحين والأخر لأنني كنت اعلم ان ما فعلته سيجر قدماي الى المجهول ولكن لم يعد يهمني ماذا املك في هذه الدنيا اخاف عليه.؟ لا شي؟
نعم لا شيئ...الذي كنت اخاف عليه قد ذهب او انا كنت اظن ذلك
بعد ايام قليلة اعترض طريقي نبيل وهو يحمل في يده سكينة ......
- ايه ....فاكراني نسيتك....
- قلت بقوة: لأ اهو ادامك عاوز ايه خاف على نفسك مش علية انت اللي هاتروح في داهيه لو قتلتني..
- منا لو ما عملتهاش هيعملها سامح بعد ما فضحتيه مش كنتي ساعدتيني انا وتاخدي قرشين بدل ما روحتي قولتي لعيله سراج والنتيجة ايه ما طلتيش حاجة فضلتيهم علية...
- انت تبعد عني لاحسن اصوت ولم عليك الناس وابلغ البوليس...
- جاء سامح وقال انتي هاتشوفي ايام لسه استني علية فاكراني مش هعرف اللي عملتيه وعارفك فين وعارف سكتك وعارف حتى بيت اختك مهما هربتي هلاقيكي.....
- انتو الاتنين اوسخ من بعض عادي..(حاولت الافلات منه وبدأت اركض وهو يصرخ)
- ماشي يانور ليكي يوم بس استني علية......
..........................
الغريب انني لم اخف تعودت على حلقات الرعب والألم التي اعيش فيها كل يوم اشعر انني لم اعد اشعر بشيءكأنني لم اكن وكأنني لست انا..
فتاة هائمة في بحر الحياة لا تملك من القوة الا نفحات تجعلها تتنفس وتأكل وتنام وتعمل فقط لا غير....
دائماً احاول ان اجعل حياتي طبيعية ولكنني اعجز اهرب من مشكلة لاقع في ورطة اهرب من ورطة لاقع في مصيبة لتلحقها كارثة والحلقة كلها محورها انا...نعم انا....
ابتعدت عن كل شيىء اصبحت امشي في الطريق وانا مشتتة لا يهمني ان يصيبني مكروه او حتى يعترضني سامح ويقتلني او نبيل او اي احد....اريد فقط ان ارتاح...
كنت يوميا انتهي من عملي واصل الى المنزل اتحدث قليلاً مع الحاجة فايزه ان كان لديها ما تقوله لي اجلس معها ..ان لم يكن لديها اتركها وادخل الى مضجعي ارتمي فيه حتى يقتلني النعاس بعد ان اتعب من التفكير وانام...
وان كانت تريد التحدث معي اجلس بقربها وانظر الي عيونها كي تشعر كم احبها واحتاج اليها في حياتي...
- نور جات اختك النهاردة وسألت عنك
- مين حور..
- اه وبتقولك انها اجلت المعياد ليوم 15 الشهر اللي جاي عشان تروحي عندها البيت وتمضي لأن معاينة الضرايب لسه ماخلصتش..
- ما قعدتش خالص..
- لا قالتلي الكلمتين دول من على الباب وروحت...
- قولت وانا اتنهد: انا عاوزة اطلب منك طلب يا حجة..
- قولي يا بنتي..
- لو حصل لي اي مكروه ....(قاطعتني قائلة..بعد الشر)..اسمعيني يا ماما فايزة لو حصلي حاجة وحشة...امانة عليكي تفضلي تسألي عن حور وعمر ماشي وتحني عليهم..انا عارفة طيبة قلبك...
- ده انتي واي حد من طرفك على دماغي من فوق ولو حبت تيجي تعيش معانا يا ميت اهلا وسهلا
- تسلمي يا حجة مش كفاية انا متقلة عليكي..
- متقلة بأيه ده انتي شايلة كل حاجة الاكل والشرب ده كفايه دخلتك علية ده انتي هايتكتبلك الجنة ان شاءالله
- ضحكت وقولت: تفتكري يا ماما..
- طبعاً يا حبيبتي الانسان بأعماله..وانا ديما بشوفك في رؤية جميلة الا..
- الا ايه يا ماما فايزه
- من يومين كده شفت حجارة بتوقع وانتي خارجة هدومك متوسخة بس بعدين فجأة لقيتها بقيت بيضة بس الهدوم كأنها مش بتاعتك...
- خير يارب....
- هو كله خير حبيبتي....انا لو حسيت ان في حاجة وحشة ما كنتش قولتلك بس يارب خير...
- ادعيلي انتي بس ربنا يبعد عني ولاد الحرام....
- يارب يا بنتي....
(طرق عندها الباب )...فتحت لأجد سامح من جديد..
- قولت فوراً: الظاهر دعاكي يا ماما فايزة لسه ما وصلش عشان اللي منقول عليهم ظهرو اهم
- قال والشرار يتطاير من عينيه: ايه هاتجيبي مين دلوقت يضربني حبيب القلب سافر...
- عاوز ايه يا سامح اخرج من هنا لالم عليك الحارة..
-لا جدعة اللي عملتيه مش هافوتهولك...خليكي فاكرة..
- قولت بثقة وبرود: اللي تقدر عليه اعمله انا زمان كنت بخاف منك دلوقت لأ واطلع برة
(اقفلت في وجهه الباب..ثم عدت وفتحته وقولت)
- قول للديل بتاعك اللي اسمو نبيل اللي بيلعب على الحبلين لحساب محسن يبعد عني عشان لو شوفته مرة تانية هقتله واقتلك او ابلغ عنكم انتم الاتنين ماشي ولو حصلي اي حاجة هاتروح في داهية يا سامح اكتر ما انت رايح فاهم..وعن اذنك دلوقت هقفل الباب كويس عشان الشياطين ما تنطلناش كل شوية...
اعتقدت ان سامح سيضرني كما فعلها قبلها لينتقم مني لم اكن اعلم ان ضرره سيلحق بي على المستوى المعنوي والمهني ....
تخيلت ان المجرمين ضررهم يتوقف عند حدود معينة لكن مع سامح تخطى الضرر كل الاساليب الوقحة ليصل الى ما وصل اليه.....
وانا في عملي اتى ساعي البريد الينا وأعطى رسائل الى جميع العاملات في الحضانة وعلى رأسهم المديرة وانا من ضمنهم فتحت الرسالة لأجد ما لم اتوقعه..
صوري......وانا في اوضاع محرجة مع عدد من الرجال .....
وبدأ الجميع ينظر لي فنفس الرسالة ارسلت الى الجميع وصور كانت تزداد....
استدعتني فوراً مديرة الحضانة والغضب يملأ كلامها ولم استطع تبرير ما رأت....
كيف اقول لست انا ....وهي انا؟؟؟؟
وان كذبت وانكرت هل ستثق بي بعد ما رأته؟؟؟؟
تركتها بعد ان اعطتني معاشي الاخير قائلة..شغلك عندنا خلص وانا بقى ليه كلام مع وفاء واكيد هي ما ترضاش ان حد زيك يشتغل عندنا
- قولت لها بأسى: انتي شوفتي حاجة وحشة مني طول الفترة الي اشتغلت فيها عندك؟؟
- لأ...بس بردو ما قدرش اشغل عندي وحدة تربي اطفال صغيرين وهي كانت كده يمكن...
- خلاص ما تكمليش....ما تكمليش...
ذهبت من أمامها وكنت اسير في الشوارع وانا في حالة غير واعية ابداً لم اكن مستعدة لهذه صدمة خسرت من جديد شرفي وعملي....ففي كل مرة انسى ما كنت فيه واعيد بناء شرف جديد يأتي احد ويسلبه مني تحت مسمى( الماضي).......لأفقد عذريتي من جديد في كل مرة اعود ببنائها.......
وصلت الى البيت لأجد الحاجة فايزة تحمل في يدها ايضاً نفس الظرف....ونفس الصور.........
قالت وهي تنظر الي بذهول ايه ده يا بنتي...
- ركعت عندها على قدميها وبدأت البكاء وقولت: هاحكيلك كل حاجة يا ماما فايزة بس قبلها هاجيبلك حاجة..
دخلت الى غرفتي وجلبت القرأن الكريم وقولت وانا اضع يدي عليه..
- والله العظيم اني تبت...وما قربتش للحرام من فترة كبيرة ومش هقرب ربنا من عندو بيقبل التوبة ليه الناس مش راضية ليه بيعاملوني اني زبالة كده مع انهم ما بيشفوش مني الا كل حاجة كويسة عشان بس كنت كده منا مش كده انا بطلت كده والله بطلت كده....
اعمل ايه طيب اكتر من الي بعمله عشان الناس تنسى وتغفر....
حضنتني وقالت: معلش يا بنتي اهدي بس واحكيلي..
- مسحت دموعي وقولت: هحكيلك ...هحكيلك يا ماما...
حكيت لها كل شيىء من اللحظة التي تركت فيها منزل والدتي الى اللحظة التي دخلت فيها اليها بكت عندما بكيت وتألمت عندما تألمت وبعد ان انهيت دخلت غرفتي ولم انتظر الى ان اسمع ما تريد ان تقوله فلقد كنت اعرف السيناريو نفسه...
وضعت اغراضي في حقيبة وخرجت اليها..
- اشوف وشك بخير يا حجة فايزة..
- قالت وهي تبكي: على فين يا بنتي
- خلاص...مش هستنى منك تقوليلي انتي انك مش عاوزاني زي ما عمل الكل معاية هاروح من هنا وربنا ما بيسبش حد..
- اقتربت مني بتثاقل ومسحت دموعي وقالت: اذا كان في ربنا في السما بيغفر ويسامح ويقبل التوبة يبقى انا ما قبلهاش يا بنتي يا حبيبتي تعالي في حضني...تعالي..
رميت الحقيبة وحضنتها بقوة وبكيت انا وهي بشدة حتى نسيت نفسي ونسيت وجعي ولأول مرة اشعر ان هناك على هذه الأرض من يقبل التوبة لعلها الحاجة فايزة عملة نادرة لن تتكرر في هذا الزمن......
الفصل السابع عشر من هنا