رواية حكاية نور والتوأم الفصل السابع عشر


حكاية نور والتوام
الفصل السابع عشر
اصبحت بلا عمل ابحث عنه كل يوم دون جدوى اما بائعة ملابس بجنيهات قليلة او سكرتيرة لأحد الأطباء وجميعهم يقول لي
( حنتصل بيكي)....

الا ان وجدت عملاً لدى بائع حلويات كبير في السن كان يريد فتاة تساعده في المطبخ وفي المساء في المحاسبة انه العم شكري...

شعرت في داخلي برغبة كبيرة لأن اعمل عنده ففي نظراته نفحات لأبوة افتقدها منذ زمن كان لا يقول لي الا (يا بنتي) ومنذ ان اتيت اليه وافق فوراً على ان اعمل عنده ...

سألته بعدها( وافقت علية بسهولة كده ليه وفي كتير كان عايز يشتغل عندك )

فقال لي: شبه بنتي الي اتوفت من سنة....

عرفت السر وعندما اراني صورتها شعرت تأكدت انه لم يخطىء ابداً حتى من يأتي لزيارته في المحل ويراني يقول له( مين البت دي شبه قمر الله يرحمها) فأرى عينيه تدمع وينظر لي ويبتسم...

كان دوام عملي طويل من الساعة السادسة صباحاً وحتى السادسة مساءً وساعة غداء عند الساعة الواحدة ظهراً.....لكنني احيانا لا استغلها واعود الى المنزل بل ابقى في المحل واتناول السندويشات التي تصنعها لي ماما فايزه في الصباح ...

وذلك كنوع من التوفير في المواصلات فراتبي لم يكن كالذي كنت اتقاضاه في الحضانة ولكنني سعيدة بالعمل مع العم شكري...

شعرت أن الله يرسل الي دائماً من يفتحون الأبواب في وجهي مهما اغلقت من حولي وهذا الباب اتى من خلال الشبه بيني وبين ابنته ولعل جملة( يخلق من الشبه اربعين) تأتي في بعض الأحيان في صالح الشخص وليس العكس خاصة في حالتي...

كنت انا وهو في المحل ومعنا صبي صغير يدعى يحيى يوصل الطلبات.....

كان العم شكري من المتخصصين بفطيرة حلوى لا يعرف ان يصنعها احد غيره في المنطقة (حلوى التفاح) فيقصده جميع اغنياء البلد للحصول عليها لمذاقها اللذيذ وطعمها الرائع.....

كان لدى العم شكري مصطلح وهو( سر المهنة) فلا يقول لأحد كيفية صنعها..

ولكن الغريب انه علمني اياها وفي اقل من اسبوع اصبحت اتقن صنعها ليس مثله ولكن على الاقل اصبحت اعرف هذا السر...

.......................

اتى الخامس عشرة من الشهر وذهبت الى منزل اختي ليتم بيع المنزل...

وجدتها تجلس وتبكي...

- مالك يا حور في ايه؟؟ فين المحامي

- قالت ببكاء: ما فيش محامي وما فيش بيع..

- ليه انتي بتقولي كده ليه حصل حاجة

- البيت طلع مرهون

- نعم؟؟

- ايوة رحت الضرايب عشان اخلص الاوراق عشان البيع لقيته مرهون والرهنية ب20 الف جنيه لابو سمير السمسار بتاع الحتة..

- مش معقول(اصابني الذهول) وماما عملت كده ليه

- عشان عشان..

- عشان ايه؟؟؟ امك تاخد المبلغ ده ليه

- انا فاكراه من خالي مش منها

- مش فاهماكي....ماما هاتعوز المبلغ ده في ايه

- قالت بخجل وهي تمسح دموعها :عشان اديناهم لعادل...

-عادل طليقك...ليه عشان ايه..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

- اصل كان عاوز يدخل في شغل مع حد وكان مضطر ومحتاجهم ضروري فماما قالت خلاص ادبر انا المبلغ والموضوع يخلص ما كنتش عارفة انها هاترهن البيت بس هو كان متأكد انه المبلغ في اقل من شهرين هايرجع اضعاف

- قولت بغضب: ايه الكلام ده..وحصل ايه...

- ولا حاجة زي ما انتي شايفة عادل سافر وراح ما رجعش وبعتلي ورقة طلاقي

- قولت بحدة: يعني مش موضوعي ومش انا السبب زي ما انتي قولتي...؟؟؟؟

بدأت البكاء اكثر ولم ترد علي...

فعدت وقولت: يعني مش موضوعي انا زي ما فهمتي ماما اني انا السبب في طلاقك السبب انه اخد الفلوس وهرب ...صح؟؟؟وماما من وقتها تعبت اكتر عشان عارفة موضوع البيت صح

- قالت وهي تصرخ في وجهي: اسكتي..خلاص مش عاوزة اسمع حاجه

- قولت بعصبية: كرهتي ماما فية اكتر وخليتيني احس اني سبب كل تعاسة الدنيا حرام عليكي...

- قالت وهي تصرخ: حرام عليكي انتي كلو بسببك انتي مهما عملتي مش هاتكفري عن ذنبك..

- انا مش ضعيفة اوي بالشكل اللي انتي متخيلاه عشان تتكلمي معاية بالطريقة دي واسكت..خلاص مش هسكت بعد النهاردة....

- خلاص يبقى تسيبيني في حالي اخرجي يلا ان شاءالله البيت يوقع علية مش فارقة معاية..اخرجي يلا...

تركتها وهممت بالخروج..

توقفت وعدت اليها وانا اسمع صوت بكائها...

- اقتربت منها وقلت: مش مشكلة..الرهنية تتحل انا هحاول اجيب المبلغ ده

- قالت وهي تنظر الي بشكل مستفز: اه ماهو سهل عندك تجيبي اي مبلغ..

- صفعتها على وجهها ولم اتحمل نفسي وقولت: انتي ما لكيش حق تحاسبيني لية رب يحاسبني.سيبوني في حالي بقي...انا تعبت..

.................................................. .....

يبدو ان حور اصبحت تتقن فنون التعذيب النفسي معي فكل مرة اراها فيها تحبط من عزيمتي وقوتي وثقتي بنفسي وتجعلني ارتمي في بحر من الاحزان لا تهدأ امواجه....
كنت في كل مره اذهب الي الحاجة فايزة عندها لتواسيني...

- معلش يا حبيبتي اصبري ده ربنا مع الصابرين والتوابين..

- انا مش صعبانة علية نفسي انا صعبان عليه حور وعمر مش عارفة اعملهم ايه بجد..والمبلغ كبير...

- جبيها تعيش معانا هنا يا نور

- تسملي يا حجة انا اعرف نشافة دماغها مش هاترضى,,

سمعت طرقات على الباب فتحته لأجدها امامي تحمل في يدها عمر وتقول بإستكانة..

- ممكن اشرب معاكي فنجان قهوة...اصل...اصل...

شددتها من يدها وضممتها لم انتظر كي تقول اكثر.....وكان اول لقاء بيني وبينها بهذا الشكل منذ اكثر من اربعة سنوات..

استمر البكاء بيننا لدقائق وهي تطرق بيدها على ظهري وتقول..

- انا تعبت اوي في غيابك عننا سامحيني....

- قولت لها وانا امسح دموعها: انتي اللي سامحيني يا حور سامحيني على كل سببته ليكي انتي وماما..

..........................................

ومن يومها عدت انا حور توأمان على حق....

بدأت تتودد لي دائماً وتزورني في منزل الحاجة فايزة وايضاً في عملي...

ووعدتها ان احاول ان اجمع مال الرهن في اسرع وقت ممكن لكي تتمكن من بيع البيت...

اتت لي في محل العم شكري وما ان رأها حتى قال..

- ايه ده ايه القمر ده..انا بقي عندي بنتين دلوقت ربنا بيعوض اهو

- ضحكت وقولت موجهة الكلام الي حور: شوفتي يا حور...ده عم شكري اللي قولتلك عليه ما بيشبعش مجاملات

- قالت مبتسمة: نور حاكتلي عنك كتير....ربنا يرحم قمر

- قال وهو ينظر الينا نحن الاثنتين: انتوا ما يتفرقش بينكم خالص

- قولت وانا اضحك: ماما كانت بتفرق من شامية صغيرة على كتفي

- لا بس حور برود تفرق عنك

قولت بذهول: بأيه

- قال: في ودنها الشمال ورا كده علامة زي وقعة او كده

- قالت وهي تضحك: اه اصلي من فترة وقعت على ازازة واتعورت واخدت فيها كام غرزه.

- شوفتوا بقي عرفت افرق بنكم ازاي

-قولت بضحك: يا عجوز قد ايه ملاحظتك قوية انت لو كنت اصغر من كده بشوية كنت خفت منك

- قال وهو يضحك: يا ستي مش باقي من العمر قد اللي راح وموت قمر بنتي الوحيدة قصفلي عمري

- ربنا يديك طولة العمر( قالتها حور)

- قال لها: انتي بتشتغلي يا حور

- ايوة في مصنع

- وبتاخدي كويس؟؟

- الحمد الله...

- طيب ايه رأيك تشتغلي معانا ..

- قالت: لا انا تقريباً شغلي في المصنع بقاله مدة ومرتاحة فيه

- على كيفك انا اطول اتنين يشبهه بنتي يكونوا قدامي اما تروح واحدة تفضل التانية...

.................................................. ........

كان العم شكري الفرحة التي ارسلها لي الله بعد حزن كبير عشته واالام لم تبرح ان تخرج مني....

لدرجة انني اقتنعت انني ابنته قمر ولست نور

فلعبت هذا الدور بإتقان فكنت اشعره دائماً انني ابنة ولست موظفة لديه وهو كان يطير فرحاً بهذا الشعور الذي أنا ايضاً كنت بحاجة اليه....
هو بحاجة الى ابنة وانا بحاجة الى أب....

قضيت ايام جميلة في محاله واصبحت كما يقولون( الكل بالكل فيه) وعم شكري لا يتدخل في اي شيىء بل يصنع الحلوى صباحاً ويجلس على المكتب طوال النهار يقرأ في بعض الكتب ويتلقى اتصالات من الزبائن للطلبات ويكتبها على ورقة ويعطيني اياها وانا اقوم بكل شيى من بيع و توريد والاعتناء بكل صغيرة وكبيرة...

الا ان جاء طلب قالب حلوى كبير وفطيرة تفاح الى السيد سراج عبرالهاتف .....بمناسبة نجاح ابنته في الثانوية العامة...

صنعت لها الفطيرة بنفسي وطلبت من العم شكري ان يكون القالب مميزاً جداً لأنها تهمني...

ارسلتهم وكتبت على ورقة

( الى اجمل ليان الف مبروك على النجاح)
نور.....

في اليوم التالي اتصلت السيدة وفاء لتشكرني على ما فعلته ولتقول لي..

- انا اتبسطت اوي بجد كانت مفاجأة لينا كلنا بس انا ما كنتش عارفة انك بتشتغلي هنا

- وانا اتبسطت اكتر عشان اعوض ولو شوية عن الي عملتوا معاية

- حبيتي يا نور ربنا يوفقك انتي اجمل بنت بأخلاقك وطيبة قلبك يكفي الي عملتيه عشان تنقذينا من اللي اسمه سامح .

- هي ندي عرفت حاجة

- لأ ولا حد عرف حتى ان سراج قاله انه مش عاوز يبيع الارض وبس ومراد ساب الشغل من عنده عشان فلس زي ما قولتي وما حبيناش نزعج ندي في حاجة اصلها حامل وعلى وش ولادة

- ربنا يقومها بخير وسلامة يارب

- قالت بخجل: انا كل مرة بزعل من نفسي اوي عشان انا السبب في انك و..

- قلت لها حاسمة الموضوع: كل شيىء قسمة ونصيب وكده احسن حبيبتي..كده احسن

..............................

هذا الحديث مع السيدة وفاء كان له تبعات ولعلي اكتشفت تبعاته بعدها......
لم افكر كثيراً في اي امر يصادفني لأن وقتي كان مشغولاً بالعمل دائماً في محل العم شكري...ولم اعد ارى من حينها لا نبيل ولا الشيطان الاخر سامح....

لكن كلما فكرت في منزل والدتي احزن كان ينقصني وقت طويل لأستطيع ان اجمع الرهن ولا اريد ان اطلب من عم شكري اي شيىء حتى لا يعتقد انني استغل ابوته لي...

كنت اسرح بين الحين والأخر في هذه المشكلة لأستيقظ على صوت احد الزبائن يريد ان يشتري شيئاً...

- انسة لو سمحتي ممكن فطيرة كبيرة...

-لم انظر اليه بل هرعت فوراً لأجلب علبة اضع فيها الفطيرة نظرت اليه لأسأله عن حجمها...

واذا بي ارى..

احمد..............


الفصل الثامن عشر من هنا
SHETOS
SHETOS
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1