Ads by Google X

رواية مبروك المدام حامل الجزء الثاني


الجزء التاني 💙
٢-خالد
قالت لي شمس بينما كنا داخل السيارة عائدين الى القاهرة بعد كل ما لقيناه بالامس
" هذا جنون حقا …. لقد كان كلام العرافة صوابا "
قلت لها محاولا تهدئتها
"هذا غريب فعلا ولكننا مازلنا لا نعلم جنس التوائم ، لا تنسي ذلك "
قالت شمس بنفاذ صبر
" حقا لا داعي لمعرفة ذلك ، إنهن فتيات لا محاله كما قالت العرافة "


لم اجبها هذه المرة لقد كان قلبي يُؤْمِن بكل حرف تفوهته ولكن لا اجرؤ على الاعتراف ، انها مجرد ساحرة لعينة ايعقل ان تصيبني منها رهبة الى هذه الدرجة ؟…هذا مستحيل !
أردفت شمس تقول
" لا اعلم كيف سأخبر امي بذلك !"
قلت لها محذرا
" إياك ان تفعلي ذلك "
قالت شمس بعدم تفهم
"لماذا. ؟"
قلت لها بنفس نبرة التحذير
"ستبدا أمك بعد ذلك بالاستفسار واخبار كل من قابلت في طريقها وربما تتصرف بدافع خوفها عليك وتذهب الى الدجالين والسحرة ونحن سندخل في عالم لا اخر له ، أفهمت الان ؟… "


قالت شمس بعدما أطلقت تنهيدة
"نعم ، انت محق "
وبالرغم من كل المصائب التي نمر بها الان يجب ان اعترف أني أحب تلك الجملة كثيرا وأحب سماعها ايضا من افواه الآخرين ، لا اعلم السبب تحديدا ولكنها تجعلني اشعر بفخر كبير كما لو انني سأذهب الان لاستلام جائزه نوبل !
قلت لها
" هذا جيد ، من الأفضل الا نجعلهم يقلقون بلا سبب "
نظرة الي باستنكار قبل ان تصيح قائلة
" بلا سبب !!!!!!!.... كل هذا ومازلت تقول بلا سبب ، انا حقا لا أفهمك ، ممن تسمد ثقتك المرتفعة هذه بربك؟!"
أمسكت يدها بيدي اليمنى ومازالت يدي اليسرى تضغط على المقود ونظرت في عينها ثم قلت
" منك انت عزيزتي !"
لاحت ابتسامة على شفتيها ظهرت معها غمازتها التي تقع أسفل خدها الأيمن ، أحب شمس كثيرا واعشق كل تفاصيلها الصغيرة وأحب دائما ان ادللها بكلمات كهذه حتى ارى تلك الابتسامة التي تسرق قلبي
يالها من لحظة رومانسيه ….


أليس كذلك ؟
ولكني في كل دقيقة من حياتي ساندم على تلك اللحظة التي وبطريقة لا ايرادية أنهت حديثنا وابتساماتنا وكادت تنهي ايضا على حياتنا ….!
فجاة لم ارى تلك السيارة القادمة في هذا الظلام الكاحل ، نعم لقد اصطدمتا السيارتين ببعضهما فابتلعت احداهما الاخرى  كسمكة قرش هاجمت سمك التونه الصغير ، وبالطبع كنا نحن سمك التونة !
لم اترك يدا شمس في هذه اللحظة حتى عندما تحطمت السيارة بالكامل وأصابنا ما اصابنا  كنت ممسكا بيدها حتى اخر لحظه ، اخر نفس سمعته يخرج من جوفي اخر نظرة على الدم الذي يتصبب مني بغزارة حتى أصبحت غير قادر على تحديد أين يقع الجرح في جسمي تحديدا
اخذت الصورة تتشوش امام عيني شيئا فشئ حتى أصبحت لا اشعر بشئ على الإطلاق !

شمس لم يصبها شئ من الحادث غير بعض الجروح الخفيفة في أماكن متفرقة من جسمها واطفالنا ايضا بخير وبصحة جيده حيث انها كانت تحمل حقيبة السفر على حجرها وقد احتمت بها اثناء التصادم
كنت سعيد جدا لمعرفتي انها بخير هي وأطفالي ولكن في الوقت نفسه كانت إصابتي انا خطيرة حيث تفتت بعض من عظام ساقي اليسرى وأجريت عمليتان في اسبوع واحد حتى لا يضطر الأطباء لبترها
أقمت في المستشفى لمدة شهر كامل وبعد مرور ذلك الشهر كنت قادرًا على السير ولكن بعرجة واضحة اخبرني الأطباء انها سترحل تدريجيا


كل ذلك لم يكن مهم … إصابتي لم تكن مهمة .. خروجنا من الحادث بسلام ايضا لم يكن مهما .. كل ما كان يدور في بالي وقتها وما قراته ايضا في عين شمس ، هل كان ذلك جزء من المصائب التي سنعيشها كما قالت العرافة ؟؟!.....
بالطبع لم تكن معرفتنا بان الثلاثة توائم فتيات امر يدهشنا ، فقد بدا كل شئ واضح لنا بعد الان ، كنت دائما احاول ان أكون متماسكا امام شمس ، فحالتنا ستصبح مزرية حقا ان لم يتماسك احدنا ويصطنع عدم الخوف امام الاخر ، وكنت انا من يجب عليه القيام بذلك الدور !
لم اعترض على قضاء الله في فقدان السيارة في الحادث واضطراري كل يوم للذهاب الى العمل بقدمي المتعرجة بين زحمة المواصلات والعوده ايضا بهذه الطريقة ، ولكن ما حطم كل شئ داخلي هو انني خسرت عملي في الشركة بعدما قال المدير بكل برود


" أنتم زائدون على حاجتنا من الموظفين هنا !"
لم أكن انا الوحيد الذي خسرت عملي فقد تم طرد اكثر من عشرة موظفين اخرين لذلك أقنعت نفسي ان هذا غير مرتبط بما قالته العرافة رغم ان داخلي وداخل شمس كان يُؤْمِن كثيرا بهذا ولا يستطيع اي واحد منا انكاره ، وكالعادة بدأت في تمثيل ذلك الدور الكاذب المتماسك الذي لا يصدق ما قالته تلك العرافة
لم يكن اي شئ على مايرام منذ ذلك الحين ، استطاع اخي العثور لي على عمل في احدى الشركات الاخرى ولكني ايضا طردت منه بنفس العذر السخيف فحاجتهم للموظفين قد نفذت ايضا
وبعد نفاذ صبري في إيجاد عمل قررت ان اعمل لحسابي فقد كنت مبرمج كمبيوتر محترف وكنت أستطيع تصليح الأجهزة والأعطال التي تواجهها


وبآخر ما تبقى لي من مال فتحت ذلك المحل ولَم اندم ابدا على ذلك القرار ، وان كنت حقا ساندم على شئ فساندم على تلك السنوات التي ضيعتها في العمل بالشركات التي اكسب الان أضعاف ذلك الراتب الضئيل ، شعرت حقا باهمية العمل الحر حينها وشعرت ان الحياة قد بدأت بصب جمالها التي كانت تخفيه ونسيت تلك العرافة من الأساس وطارت تلك الفكرة التي كانت تداعب مخي بان اجعل شمس تُجهض التوائم ، بعدما أصبحت الان في شهرها السابع وبدات تصدق ان كلام العرافة ليس له اي اساس من الصحة
وللحظة ما انقلب كل شئ رأسا على عقب …
اشتعلت النيران في المحل وانتهى كل شئ ، نظرنا الى الكاميرات لم يقترب اي احد من المحل طوال الليل وهذا يعني انه ليس من فعل فاعل ، اذا من فعلها ؟.. لا احد يعلم
ولكني اعلم …


نعم ، انها العرافة !
لم يكن هذا دليلي الوحيد فبعد اسبوع واحد من احتراق المحل تعرض والدي لازمة قلبية حادة كاد يفقد فيها حياته ، ماذا ؟!
انه ابي …
هل ستصمت على هذا الهراء ؟ ، هل ستقف مكتوف الايدي وانت بمقدورك فعل الكثير ؟
كيف ؟.. نعم لا تتعجب .. بمقدورك فعل الكثير !

"سأسافر غدا الى الاسكندرية !"
قلتها بنبرة حادة وانا انظر الى عيني شمس
قالت شمس بتعجب
" ماذا تهذي انت الان ؟"
قلت بنفس تلك النبرة
"علي ان أوقف تلك العرافة عند حدها "
ردت بسخرية
" قلت من هذا الذي ستوقعه عند حده ؟؟..الم تقل ان كل كلامها خرافة ..الست انت من جعلني اؤمن ان كل شئ سيُصبِح على مايرام ؟.. ماذا حدث لك ، ما هذا الضعف الذي أصبحت عليه ؟؟"
قلت لها بحزن
" لن انتظر حتى تقتل والدي "!!
اقتربت مني شمس وقالت
" هل انت مجنون ،؟ ان حدث شئ لوالدك فسيكون من قضاء الله وليس تلك الحمقاء التي لا تقوى على شئ "
قلت لها بغضب
" سأرحل يعني سأرحل ، هذا الموضوع لا نقاش فيه ، لقد اتخذت قراري وانتهى الامر !"
قالت والدموع تنساب من عينها
" ان كان لا يهمك ان ترحل وتترك والدك بهذا الحالة .. فماذا عني انا ؟.. ماذا عن بناتك ؟… هل ستتركني وانا حامل في الشهر الثامن وليس معي احد ؟؟"
لم اجبها وانطلقت خارجا من الغرفة …
في اليوم التالي ذهبت الى الاسكندرية وبالمعنى الحرفي بحثت في كل شبر على ارضها ولَم اجد تلك العرافة ، سالت عليها كل من قابلت في طريقي ، ذهبت الى بيوت عرافات دلّني عليها احد الأشخاص ولكن لم تكن هي ولَم يكن يعرفها احد ، كأنها ولدت فقط في هذه الليلة لتفسد حياتي بالكامل ثم انشقت الارض وابتلعتها !!


بعد ثلاثة ايام من البحث المتواصل تلقيت اتصالا من شمس أخبرتني فيه ان والدي يود رؤيتي على عجلة من أمره
بالطبع لم أفكر ولو لحظة وجمعت شتات نفسي المبعثرة هنا وهناك في زوايا الاسكندرية وعدت الى القاهرة ، عدت بعد فوات الاوان ، عدت على أسوأ خبر قد اسمعه في حياتي
مات والدي …
تلك النيران المشتعلة في صدري لن تهدا ابدا
لن انتظر حتى يتوفى جميع أفراد عائلتي امام عيني
صحيح انني كنت احلم ان اصبح ابا ، ولكن يمكننا ان نعوض الأطفال اما والدي ، من الذي سيعيد الي والدي من جديد ؟..لا احد
ماذا ان حدث شئ لأمي ؟ لأخي ؟ لشمس ؟
هل سأكون سعيد بهذا ؟
اخذت كثير من الأفكار تتلاعب في ذهني خلال فترة ولادة شمس تحولت من القوة الى الهذيان الى اللاشئ
وتحولت شمس من الضعف الى عدم الاستسلام
انقلبت الموازين وأصبحت هي التي تشجعني على تخطي هذه الأزمة ، ولكنها لا تشعر بما يحترق داخلي
تذكرني بأحاديث الرسول وآيات من القران ولكنني لم أبالي بها ، كنت استمع اليها بعدم تفهم وبالرغم من ذلك لم تيأس شمس من محاولاتها ، يا لها من امراءة صالحة
ولكني يئست ..!


في العلاقات يجب ان يتحلى الطرف الاقوى بالشجاعة ، ولكن ماذا ان اصبح بضعف عصفور صغير ؟
ستذهب وقتها كل محاولات الطرف الاخر هباءا
وكذلك فعلت ..

اخبرنا الطبيب ان شمس يمكنها الخروج بعد يومين بصحبة اطفالها الى المنزل ، كانت سعادة شمس وامي ووالدتها واخي والجميع واضحة على وجوههم
الجميع سعداء
ولكني حزين ..
بقيت متماسك حتى اخر لحظة من ذهابي ورؤية أطفالي في الحضانة ، كنت اعرف جيدا انني عندما اراهم ساتخلى تماما عما يدور في راسي ، سأتحول الى طفل صغير فقد لعبته ثم عثر عليها بعد بحث طويل
الجميع متعجبون من تصرفي
ولكن شمس لم تُبْد أية ردة فعل
، امي بدأت تنعتني بالجاحد وقاسي القلب وكذلك اخي ونظرات حماتي تحمل الكثير من اللعنات
ولكن شمس صمتت
كنت اعلم ما تفكر فيه ، كانت تظن انني ساميل بمفردي واذهب لرؤية أطفالي
ولكنها لم تكن بهذا الذكاء لتعلم ما أفكر فيه !!

" بعدما تخرجين من المستشفى سآخذ البنات واضعهن في الملجأ او في اي مكان اخر ، صدقيني لقد حاولت جاهدا ان اسحب تلك الفكرة من راسي ولكني لست مستعدا لخسارة احد بعد اليوم "
لم انطق بكلمة اخرى بعدها ، ولَم تنطق هي الاخرى
اوليتها ظهري وخرجت من غرفتها ثم من باب المستشفى وانا اعلم انها ما زالت تحدق بي ، او بمعنى أصح في ذلك الفراغ الذي تركته بعد ذهابي ، اعلم انها غارقة الان بين دموعها
ولكني كان يجب ان افعل ذلك ، كان يجب ان اجعلها تستوعب جيدا خطر هؤلاء الأطفال علينا
نعم انني ذلك الأب القاسي الذي سيتخلص من بناته بعد انتظار دام خمس سنوات باكملها
سأسمح لكم بنعتي ، بسبي .. بإلقاء كل ما يحلو لكم من اللعنات
ولكنكم لستم بمكاني لتشعرو بما اشعر به ..هل جربتم معنى ان تخاف الى حد الجنون ؟
ذلك الشعور قاس الى حد لا يُطاق
الى حد يجعلك تشعر بالاختناق ..
الى حد يجعلك تحتضر وانت مازلت حيّا .. تماما كما قالت العرافة !!

الجزء الثالث من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-