Ads by Google X

رواية طريقي المبهم الفصل الحادي والعشرون

 

(الفصل الحادي والعشرون)

ملامحهم نطقت بعدم التصديق عندما شاهدوا فتاه طويله القامه ذات جسد ممشوق القوام وبشره بيضاء وعيون خضراء عشبيه وشعر اشقر طويل يصل الي نصف ظهرها وترتدي فستان ازرق اللون يصل الي ما قبل ركبتيها ذات حملات رفيعه تقترب منهم بابتسامه واسعه برزت اسنانها البيضاء
- جنا
همس احمد بصدمه
فارتمت جنا بين احضانه تعانقه بقوه واشتياق فبادلها العناق ومازال مصدوما

ابتعدت عنه دون ان تنطق بحرف وارتمت في احضان عمر الذي لا يقل صدمه عنه ثم ابتعدت عنهم وهي تنظر الي ملامحهم لتصيح بابتسامه مرحه
- ايه كل الصدمه دي كل دا علشان جيت مش مصدقين نفسكم ولا ايه
افاق احمد وعمر من صدمتهم قائلين في وقت واحد
- انتي رجعتي امتا من امريكا ومقولتليش ليه قبلها
ضحكت جنا بصخب
- لسه راجعه النهارده الصبح ومقولتش علشان اعملكم سبرايز

عمر وهو يغمز لها محتفظا بابتسامه مرحه سعيده
- احلي سبرايز من احلي واحده
ضغطت باصابعها فوق خده تعتصره بخفه لتهتف بمرح وادراك
- بحب كلامك دا اووي علشان كدة انا فهمت ليه البنات بتجرى وراك وتقع في شباكك علشان كلامك الحلو دا
ابعد عمر يدها بعنف قائلا بتذمر
- تاني الحركه دي مش هخلص منها
انفجر احمد وجنا في الضحك
جنا من بين ضحكاتها
- لا طبعا إلا الحركه دي، من واحنا صغيرنا علطول بحب اعملها
عمر وهو يعقد ذراعه امام صدره قائلا بغضب طفولي
- واشمعنا انا بس ليه مش احمد كمان

وضعت جنا يدها فوق كتف احمد وهي تهز كتفها ببساطه
- علشان خدودك اكبر من خدود احمد
انفجر احمد ضاحكا قائلا من بين ضحكاته
وهو يضغط باصابعه فوق خده يعتصره بخفه
- استني كدة اجرب.... لا عندك حق
ابعد عمر يده بعنف وهو يهتف باسمه بحنق
فانفجر احمد وجنا ضاحكين
تأفف عمر بغيظ وغضب
- من اولها كدة هتعملوا عليا حفله
خبطت جنا كتفها بكتفه برفق لتهتف بمرح ومشاكسه
- دا احنا بنضحك معاك متبقاش قفوش كدة
اشاح عمر وجهه عنهم وهو يتمتم بكلمات غاضبه مبهمه
فانفجر احمد وجنا ضاحكين

بينما كانت جميله وعلياء يتابعون كل ماحدث بأعين تغليان بالكثير والكثير بالغيره والغضب ويتنفسون من انفهم بعمق لتهدأت ثوره الغضب التي جعلت الدماء تثور في عروقهم
جميله وهي تصيح بغيره وشراسه وتهز جسدها بغيظ
- هي مين دي وحاطه ايدها علي كتفه كدة ليه، ايدها دي عايزه القطع
علياء وهي تحدقها بكرات ممتلئه بالغيره والغضب وهي تكور قبضه يدها حتي ابيضت مفاصلها
- دي ماشاء الله عليها من ساعه مادخلت وهي شغاله احضان ولمس وضحك مش عايزه تسكت

اغمضت جميله عينيها وتنفست الصعداء فشعرت بان جميع من في الحفله استمعوا الي تنفسها الساخن الذي كان يصرخ ويهتف بالغضب
ثم فتحت عينيها سريعا عندما استمعت الي ضحكات احمد وجنا بصخب
جميله وهي تخبط علي فخذيها بغيظ وغل لم تعهده من قبل
- هي البنت دي مش لاقيه حد يلمها
ثم اكملت وهي تهمس بدهشه
- انا اول مره اشوف احمد بيضحك بالطريقه دي ومع مين كمان بنت

تنهدت علياء بضيق قائله وهي تمط شفتيها ببرود وتعقد ذراعها.. عكس مايدور بداخلها من حروب نيران الغيره التي اذا تركتها ستحرق جميع من حولها
- انا بقا مش اول مره اشوف عمر كدة دا علطول كدة بيضحك ويهزار مع ايه بنت دا لو لقي بنت في الشارع ممكن يضحك ويهزار معاها عادي جدا
ثم اكملت بسخريه من ذاتها وهي تهمس
- قال بيحبني قال وهيتغير علشاني واضح جدا انتي غبيه لما صدقتي للحظه حاجه زي دي
ثم اكملت بغضب وغيره يفح من بين اسنانها
عندما نكزها عمر في كتفها
- ديل الكلب عمره ماهيتعدل

كادت جميله ان تتحدت لكنها ابتلعت حديثها داخل جوفها عندما اشارت اليها جنا بيدها نحو المشروبات لتجلبهم
جميله قائله بصدق ممزوج بالحده وهي تضع المشروبات علي الصينيه
- ربنا يستر ومش اتجنن وارتكب جريمه
علياء بغل وغيظ ومازالت عينيها مسلطه عليهم
- ولا ترتكبي دا انا هساعدك كمان.. دا انا هموت وامسكها من شعرها اللي فرحان بيه دا
هتفت جميله برجاء وهي تمسك الصينيه عندما شعرت بانها من المؤكد ستؤذيها وستنقض عليها لتضربها لعلها تخمد النيران المشتعله التي جعل جسدها ساخن
- تعالي معايا ونبي ياعلياء او خليكي ورايا علشان مش ارتكب جريمه
علياء بغيظ وهي تهمس وتنظر الي جنا بحقد وغيره
- انا اللي عايزاكي جمبي علشان مش ارتكب جريمه

- علياء يلا ونبي
قالتها جميله برجاء وتوسل.. فتنهدت علياء باستسلام.. وسارت خلفها بخطوات غاضبه كاعصار يمشي علي قدمه وهي تقذف جنا وعمر بالمزيد والمزيد من نظرات الغضب والغيره
اقتربت جميله منهم وخلفها علياء ووضعت المشروبات بهدوء.. بوجه زائف من الملامح الهادئه المرتخيه
بينما عيون احمد العاشقه لم تبتعد عنها ابدا كالظل
وكان يود ان يصرخ فيها لتنظر اليه ليشاهد عينيها التي تسحره وتجعله في عالم اخر

لاحظت جنا نظراته المعلقه عليها.. فلكزت عمر في ذراعه بخفوت الذي كان ينظر بعشق وحب الي علياء الواقفه خلف جميله ولا تعيره اهتمام
جنا وهي تهمس بجوار اذنه بحيره واستغراب
- عمر هو احمد ماله بيبص للبنت اللي بتحط المشروبات كدة ليه
ثم اكملت بدهشه
- هو بيحبها ها
افاق عمر من تأمله لعلياء قائلا بتوتر
- ايه كنتي بتقولي ايه
تطلعت اليه بشك وهي تضيق عينيها ثم نظرت الي علياء وهي تبتسم بإدراك
لتهتف وهي تهمس بجوار اذنه بمزاح ومكر
- دا انتو شكلكم وقعتوا بقا ولا ايه

دفعها عمر بمزاح في كتفها ولكن رغما عنه كانت دفعته قويه ... فترنحت وتعثرت في وقفتها.. فسكبت العصير الذي كانت تحمله ببن اناملها علي ملابس جميله التي كانت تقف امامها
فشهق الجميع واقترب احمد منها وهو يضع يده علي كتفها ويهمس باسمها برفق
فوضعت جنا الكأس علي الطاوله قائله بأسف وهي ترفع كفها الاثنين باعتذار امام وجه جميله
- انا اسفه والله مكنتش اقصد
ثم تطلعت الي عمر بغضب قائله باتهام
- عمر هو ال..

قاطعتها جميله وهي تصرخ بوجهها بغضب مما جعل جميع الحاضرين يلتفتون اليها
فقررت ان تخرج جميع غيرتها وغضبها التي كانت تكبتها بداخلها كل ذلك الوقت فجسدها وقلبها لم يعد يحتملوا الاحتفاظ بكل هذا
فهي امتصت غضب وغيره العالم كله
- اسفك دا اعمل بيه ايه... بعد مابوظتي لبسي ولا علشان انا خدامه فهتعملي فيا اللي انتي عايزاه وفاكره اني هسكت ومش هقول حاجه

تطلع اليها احمد بأعين نطقت بالصدمه
فهو لاول مره يراها بهذه الحاله
فكادت ان تتحدث جنا فأوقفها احمد وهي يهتف بحزم وحده بعد ان افاق من صدمته
- جميله.. ما هي قالتلك متقصدش وكمان اتأسفتلك.. لازمته ايه اللي عملتيه دا اعتذرى منها يلا
قال جملته الاخيره بأمر وهو يشير براسه نحو جنا
احترقت عيناها بدموع صرخت بالحزن والغيره بل احترق قلبها المتألم من دافعه عنها فصرخت بغضب وعناد يحملون الغيره فقط امام وجهه
- طبعا لازم تدافع علي السنيوره بتاعتك بس والله ما هعتذر لحد حتي لو هطرد من شغلي

ثم تركتهم وهي تركض داخل الفيلا بعد ان القت بكلماتها التي كانت كالقنبله الصادمه علي الجميع فارتفعت همهمات الحاضرين من حولهم بدهشه وصدمه
بينما احمد اتسعت حدقه عينيه البنيه بصدمه وذهول وهو ينظر اليها وهي تركض داخل الفيلا.. كور قبضه يده التي اهتزت من الغضب بل اهتزت كل عضله في ملامح وجهه
فدلف الي الداخل بخطوات سريعه غاضبه هزت الارض.. غير مبالي بنداء عمر وماجده
بينما كانت علياء تشاهد ماحدث وهي فاغره الفم ترفرف بجفونها عده مرات تحاول استيعاب مافعلته صديقتها المجنونه
فاقت من صدمتها واغلقت فمها ونظرت الي جنا الذي وضعت كفها علي كتف عمر
لتهمس بصدمه ظهرت علي ملامحها الفاتنه وهي تشير باصبعها الاوسط نحو صدرها
- انا ياعمر السنيوره بتاعت احمد ازاي قالت كده

حرك عمر شفتيه ليتحدث بعد ان افاق من صدمته التي لا تقل عنهم فقطاعته علياء بنصف ابتسامه ساخره والغيره غمرت قلبها
- لا الصراحه هي غلطت في دي المفروض تقول السنيوره بتاعت الكل
ثم تركتهم وهي تتدلف الي داخل الفيلا وتتمتم بكلمات غاضبه تنم عن غيرتها الفاضحه
ضحكت جنا لبرهة بعدم تصديق وعدم فهم
وهي تشير الي علياء التي تسير
- هي قصدها ايه دي كمان... وايه اللي بيحصل دا
ابتسم عمر بادراك وهو ينظر امامه بشرود ملئ بالسعاده التي هتف بها ملامح وجهه
- اللي بيحصل انهم بيغيروا وعلياء بتغير عليا علشان بتحبني

اخذت ترمش عده مرات قائله وهي تهز راسها بعدم فهم
- علياء مين وتحب ايه انا مش فاهمه حاجه
ربت عمر علي كتفها قائلا كلماته سريعا
- هفهمك علي كل حاجه بعدين بس لازم امشي دلوقتي
ثم تركها دون انتظار رد ودلف داخل الفيلا بخطوات سريعه تشبه الركض
فكادت ان تتدلف خلفه لكن اوقفتها ملك وماجده فرحبت بهم بسعاده واخذوا يتحدثون بمرح.. واخذت ماجده تعتذر لها علي ماحدث من جميله
فقابلت جنا اعتذرها وهي تقول لها بان ليس لها ذنب وبأنها لن تهتم بما حدث
------------------------------------------
في نفس التوقيت
كانت جميله تبكي بحرقه ومراره الغيره وتشهق وهي داخل حمام غرفتها تتذكر جميع ماحدث وعندما تتذكر دافعه عنها بكائها يزداد أكثر معتقده بانه يحبها وكان يضحك عليها عندما اعترف لها كما قالت نورا
فقاطع بكائها طرقات متتاليه علي الباب فاخذت تمسح دموعها سريعا واقتربت لتفتح الباب فكانت تظن انها علياء... ولكنها تخشبت في مكانها عندما وجدت احمد يتطلع اليها بأعين تهتف بالقلق متنسيا غضبه تماما.. عندما شاهد عينيها المنتفخه من كثر البكاء وانفها المحمر وملابسها الملطخه بالعصير

فكادت جميله ان تتحدث بغضب ولكنها شهقت بصدمه عندما حملها احمد علي اكتافه رغما عنها وراسها يتدلي علي ظهره.. متجاهلا صوتها الغاضب ولكماتها علي ظهره
خرج من الغرفه ببرود مستفز وهو يضع يده الاخرى في جيبه كأنه لا يحمل شيئا يذكر
فاصطدم بعلياء علي باب الغرفه التي شهقت ووضعت يدها علي فمها بعيون متسعه من الصدمه التي كادت ان تخرج من مكانها عندما شاهدت هذا المشهد ولكنه لم يعيرها اهتمام وصعد بجميله علي الدرج متجه الي غرفته
فهتفتها جميله بأسمها كي تنقذها كانه وحش ثائر اختطفها.. فكادت ان تسير لتنقذها ولكن اوقفها عمر وهو يمسك ذراعها قائلا بابتسامه تعاطف ماكره معلقا نظره علي الدرج
- سبيهم متقطعيش اللحظه الحلوه دي عليهم

نظرت اليه علياء لتصيح بوجه احمر من الغضب والخجل
- انت قليل الادب ومش..
ولكن ابتلعت باقي حديثها داخل حلقها عندما جذبها عمر فالتصقت بالحائط.. وضع يديه الاثنين علي الحائط بجوارها فأصبحت مقيده الحركه يحاوطها ذراعيه من الجهتين
قال عمر وهو يهمس ببطء ملئ بالمكر ويرمقها بنظره ذات معني
- انا ممكن اوريكي قليل الادب دا ممكن يعمل
اتسعت عينيها بادراك واخذت تنفي براسها وهي تعلم بأنه مجنون وقح سيفعلها... والدماء التي تجرى في جسدها صعدت بالكامل الي وجهها

ابتسم عمر قائلا بتاكيد ولطف
- خلاص مش هعمل حاجه بس بشرط
كانت تود ان تبتعد عنه ولكن شعرت بان احدهم اعطها مخدر جعل جسدها يصبح مشلول.. فدفعها قلبها الخافق بعنف ينطق بحبه مع كل خفقه.. تحدق بعينيه الزرقاء المجتمعه بحب ولطف العالم كله
ابتسم عمر بسعاده عندما لم تقاومه او تبتعد عنه قائلا بصوت خافض بلطف كانه متعمدا تخدريها اكثر
- ممكن تقوليلي ليه اتعصبتي اووي وقولتي الكلام اللي قولتيه دا لجنا
لم تجاوبه علياء فشعرت بالكلمات تبخرت من عقلها الاحمق ولسانها فقد النطق كانها مازالت طفله لا يتعدي عمرها السنتين.. فاتسعت ابتسامتها كالبلهاء ومازالت تتطلع الي عينيه عندما وجدت البريق اللامع الملئ بالحب الذي تعشقه فقابلته بنفس البريق اللامع رغما عنها

ابتسم عمر بحب وسرور جعل ملامح وجهه وقلبه يرقصون من الفرحه لرؤيه نظرات الحب في عينيها فقال بهواده ورقه
- خلاص لو مش هتقولي، هقولك انا انتي بتغيري عليا علشان بتحبني صح مش لازم تردي ممكن تهزي راسك بس
كادت علياء ان تحرك راسها فهي اصبحت الان كالمسحوره ولكن جاءت التي انتشلتها من السحر والتخدير.. فانتفضت ودفعته في صدره بعنف عندما حمحمت خديجه وهي تبتسم باحراج وتنظر الي ارضيه الصاله اغمضت علياء عينيها باحراج وخجل وهي تسب وتلعن نفسها علي استسلمها له واخذت تستغفر الله في سرها وهي تركض الي الحديقه فخرجت خلفها خديجه
بينما اغمض عمر عينيه وهو يمرر يده في خصلات شعره بغضب واحباط وهو يلعن حظه الذي لا يوافقه عندما تقترب من اعترافها له
----------------------------------------
في نفس التوقيت
دلف احمد الي غرفته ومازال يحمل جميله ثم انزلها برقه علي السرير
فصرخت جميله بغضب ووجهها اشتعل بمزيج من الغضب والخجل
- انت اتجننت ازاي تعمل كدة
انحني احمد بنصف جسده واقترب من وجهها وصرخ بغضب وقسوه نطق بيه ملامح وجهه فهي استطاعت ببراعه ان تجعله يفقد اعصابه وهدوءه الذي يلازمه دائما كالظل
- انتي لسانك طول اووي... هو محدش عاجبك ولا ايه، شكلك عايزه تتربي من اول وجديد
انتفضت جميله بفزع فكلماته كانت كالسهام السامه التي اخترقت جدران قلبها وجعلته ينزف بالبكاء فاخذ جسدها يرتجف وهي تغمض عينيها تاركه دموعها تنهمر كالشلال علي وجنتيها

اختفي كل غضبه وقسوته.. فرق قلبه الذي اخذ يضربه في صدره ويوبخه علي مافعله لها فشعر بالندم يجتاحه
فجلس بجوارها علي الفراش وعناقها بقوه وشعر بجسدها يرتجف بين احضانه فشدد احضانه اكثر
بينما هي حاولت ابعده عنها بقوه ولكنه كان كالصنم لم يتحرك ولم يهتز ابدا فاستسلمت له
فلم يعد لديها طاقه للمقاومه.. وازداد بكائها بشده... فاخذ يربت علي ظهرها بحنان ويهمس لها بكلمات مهدئه
بعد مرور بعض الوقت
ابعدها عنه برقه عندما شعر بانها هدأت
وضع يده اسفل ذقنها ليرفع راسها بخفوت واخذ يزيل باصابعه الدموع التي لازالت عالقه فوق وجنتيها

فنطق لسانه في لهجه منخفضه لطيفه
- ممكن بقا افهم في ايه مالك النهارده
ظلت جميله تتطلع الي عينيه بعتاب
تنهد احمد بضيق قائلا بنفاذ صبر ورجاء
- جميله ردي عليا وريحني وقوليلي مالك
اخفضت جميله راسها ونفت براسها فهمست بصوت مخنوق من كتر البكاء
- مافيش انا كويسه اهو
رفع احمد راسها مره اخري ليصيح في حده وحيره
- بدل انتي كويسه قوليلي بقا ليه عملتي اللي عملتيه دا من شويه وانتي عارفه انك اللي عملتيه دا غلط

" احمق بكلماته تلك ايقظ وحش الغيره والغضب الذي كان نائما براحه وعمق بداخلها عندما كانت بين احضانه"
فنهضت لتصيح بعناد وحنق وهي تشعر بمراره جعل حلقها جاف وبالطبع ماهي هي الا مراره الغيره
- لا انا معملتش حاجه غلط هي االي كبت عليا العصير وبوظت هدومي يعني هي اللي غلطت مش انا
نهض احمد ايضا ليقف امامها مباشره ليهتف بجديه وعقلانيه محاولا كبت غضبه بداخله كي لا يندم مجددا
- بس هي اتأسفتلك يا جميله ومكنتش تقصد زي ماقالتلك فمكنش له داعي اللي عملتيه دا كله وتخلي كل اللي موجودين يبصوا عليكم
ثم اكمل ببطء يحمل الكثير من الغضب والحده
- ومكنش له داعي برده الكلام الاهبل اللي قلتيه ليا

اخفضت جميله راسها بندم واحراج فهي تعلم انه معاه كامل الحق ولكن ماذا تفعل فلم تستطيع السيطره علي غيرتها وغضبها الذين قادوا عقلها ولسانها
اقترب احمد منها وضع كلتا يده علي كتفها ويخفض رأسه بطريقه كوميديه محاولا ان يشاهد ملامح وجهها التي حرمته منها عندما اخفضت راسها فابتسم بلطف ليهمس في لهجه منخفضه رقيقه
- خلاص مش مهم اللي حصل حصل.. المهم تكوني عرفتي غلطك ومتكرريش اللي عملتيه دا تاني اتفقنا
هزت جميله راسها بطاعه ورفعت وجهها لتقابل عينيه التي ارتسمت فيهم الحب ثم العشق ثم الحب ثم العشق فقط فكانت واضحه للغايه فيستطيع ايه شخص قراتها فقفز قلبها داخل صدرها بسعاده واشرق وجهها بنور مضئ ملئ بالحب والبهجه
ولكنها لم تستطيع الحافظ علي فضولها وغيرتها فهتفت بغيره واضحه وهي تمط شفتيها بعدم اعجاب
- هي مين دي

ظل احمد يتطلع داخل عمق عينيها التي تجعله يتناسي همه وحزنه وعالمه الواقع الذي يعيش فيه وتجعله يعيش في عالم وردي لا يوجد فيه سوي السعاده والحب
فهمس كالمسحور وبالطبع كانت جميله الساحره التي سلبت عقله وقلبه
- هي مين
حمحمت جميله وشعرت بتوتر من نظراته المطوله لها علي عينيها التي بدات في التنقل الي باقي ملامح وجهها فقالت بتلعثم وارتباك
اللي.. ك.. كبت.. ع.. عليا... ا.. العصير
افاق احمد من سحرها التي تمارسه عليه دائما دون ان تعلم فلم يستطيع كبح ابتسامته الواسعه السعيده التي ارتسمت فوق ثغره عندما شاهد بوضوح تقاسيم وجهها الذي يحمل الغيره بل فسر نبرت صوتها ايضا التي لم تكن تحمل سوي الغيره.. فاخذ قلبه يردد هذه الجمله وهو يتراقص بسعاده وسرور عليها كانها لحن جميل ورقيق "تغار عليا"
ولكنه قرر عدم سؤالها اذا كان هذا صحيح ام لا. لانه يعلم انها لن تجاوبه وستتهرب منه

فقال بنبره هادئه لم تخلو من السعاده التي لم يستطيع محوها من نبرته
- دي ياستي تبقي جنا زي ماتقولي كدة اختي التانيه انا وعمر وجنا كنا صحاب واخوات من واحنا صغيرنا وكمان هي شريكتي في الشركه زيها زي عمر بالضبط بس هي بتحب امريكا اكتر من مصر وشغلها وحياتها كلها هناك ومش بتنزل كثير مصر بس احنا علي تواصل علطول وبتابع شغلها اللي في الشركه عندي من هناك
همهمت جميله لتدل علي فهمها وتنهدت تنهيده طويله مليئه بالسعاده التي جعل وجهها يزداد اشراقا ونورآ

"اختي التانيه" وكلما تذكرت تلك الجمله بل حفرت في ذاكرتها تزداد ابتسامتها اشراقا وبهجه كما يزداد خفقان قلبها كالطبول من السعاده الفاضحه التي ظهرت علي معالم وجهها فعلمت انها اصبحت كالبلهاء تماما
ابتعد عنها احمد وهو يبتلع غصه الرغبه اللحوحه التي تتطالب ليظل قريبا منها دائما ولا يبتعد عنها خاصتا بعد ان شاهد ابتسامتها التي انارت قلبه بالسرور

فصاح في لهجه امر وصرامه
- يلا روحي غيرى هدومك وكفايه عليكي شغل لحد كدة وخدي دوش ونامي
تلاشت ابتسامتها وكادت ان تعترض فعلم باعتراضها وقاطعها وهو يرفع اصبعه الاوسط امام وجهها بتحذير بطيء
- مش عايز اعتراض
ثم اكمل بتهديد ومكر
- الا انا اللي هنزلك علي اوضتك بنفسي وهدخلك الحمام بنفس الطريقه اللي عملتها من شويه
شهقت جميله ووضعت يدها علي فمها بخوف وكانت في لمح البصر خارج الغرفه فضحك احمد بمرح فوصلت ضحكاته الرجوليه المرحه الي اذنها وهي تركض في الممر مما جعلها تتضحك ايضا بخجل
--------------------------------------------
- ايه ياعم كل دا
قالها عمر بمشاكسه ممزوجه بالخبث وهو يغمز له وبجواره جنا وهي تبتسم بمكر
ضربه احمد بقوه في ذراعه فتأوه عمر وهو يفرك ذراعه ويرمقه بغضب
جنا وهي تستند بوجهها علي كف يديها وتبتسم بسعاده مختلطه بالمشاغبه
- واخيرا جه اليوم اللي اشوف احمد باشا بيحب
تطلع احمد الي عمر بأعين حاده قاتله
فرفع عمر كلتا يده امام وجه احمد وتراجع الي الخلف وهو يبرر الوضع بصدق
- والله انا مليش دعوه هي اصلا كانت فاهمه قبلها وعارفه كل حاجه من اللي حصل ولما ضغطت عليا مقدرتش وحكتلها علي كل حاجه

ابتسم احمد بمكر ورمقه بنظره ذات مغزي فهمها عمر فتحدث سريعا
- ريح نفسك هي عارفه برده
ثم اكمل وهو يحك مؤخرة راسه ويبتسم بحب وعشق
- ان انا بحب علياء
همهم بابتسامه خفيفه
ثم نظر حوله قائلا بتساؤل وفضول
- اومال فين علياء
تنهد عمر بضيق قائلا وهو يلوي شفتيه بعدم رضا وعبوس
- استأذنت من طنط ماجده وقالت انها مش هتقدر تكمل بقيه شغلها ودخلت اوضتها

ثم نظر الي محمد وخديجه بغيظ وغضب فكانوا يتحدثون بمرح
فهمس بغضب وغيظ ظهر علي معالم وجهه وهو يجز علي اسنانه
- كل دا بسبب ثنائي قطع اللحظات
- بتقول ايه
قالتها جنا وهي تضيق عينيها عليه بتساؤل
تنهد عمر بضيق وهو ينفي براسه

فكاد احمد ان يتحدث ولكنه انتفض بفزع عندما صفقت جنا لتهتف بحماس وهي تبتسم وتوزع نظراتها بينهم
- خليكم معايا بقا علشان علي حسب اللي قالو عمر ان هم لحد دلوقتي لسه مش اعترفوا بحبهم او حتي ردوا علي اعترافكم
همهم احمد وعمر وظهر علي تقاسيم وجوههم الحزن والحيره
فابتسمت جنا وهي تشير اليهم بيدها ليقتربوا منها
- طب تعالوا بقا اقولكم ازاي نخليهم يعترفوا
اقتربوا منها بلهفه وامل واخذت تخبرهم ماذا سيفعلون
---------------------------------------
في صباح اليوم التالي

دلفت جميله الي الحديقه بتردد وهي تفرك كفيها معا بتوتر فلقد طلبت منها ماجده عندما استيقظت ان تاتي اليها الي الحديقه قبل طعام الفطار... فعلمت جميله بانها ستوبخها علي مافعلته في امس الليله السابقه او ستطردها
- كنتي عايزاني ياماجده هانم
قالتها جميله وهي تقف امام ماجده الجالسه علي احدي المقاعد تعبث في هاتفها نظرت إليها ماجده ووضعت هاتفها علي الطاوله قائله بهدوء وجديه
- انا هدخل في الموضوع علطول انتي من اول ماجيتي هنا وانا حبيتك جدا ودخلتي قلبي علطول وارتحتلك كمان

تخللها السعاده والدفء التي جعلت شفتيها ترسم ابتسامه خفيفه مشرقه خفيفه
ولكن محت ابتسامتها عندما اكملت ماجده بحده وخيبه امل
- بس اللي عملتيه امباراح دا خلي صورتك قدامي تهتز
اخفضت جميله راسها بخجل لتهتف بنبره خافضه يتخللها الندم والاعتذار
- انا اسفه ياماجده هانم انا فعلا غلطت جدا امباراح
ثم رفعت راسها لتقول سريعا بتأكيد
- بس والله دي اخر مره ومش هتتكرر تاني
ثم اكملت بهمس وهي تخفض راسها بحزن
- ولو مش قابله اعتذاري ممكن تتطردني

تنهدت تنهيده مليئه بالضيق نابعه من قلبها الذي كان يؤلمها لرؤيتها هكذا
فوقفت امامها وهي تحيط كتفها بابتسامه حنونه هادئه
- بدل وعدتني وقولتي مش هتكررى الغلط دا تاني يبقي خلاص مافيش طرد والهبل اللي قولتيه دا
ثم اكملت بأمر وهي تحرك اصبعها اماما وجهها
- بس عايزاكي تعتذرى لانسه جنا واحمد باشا كمان... بالرغم ان هو قالي امباراح انك قلتيله انك ندمانه علي اللي عملتيه واتأسفتي بس برده اعتذرى له قدام الكل هو وانسه جنا
تطلعت اليها جميله وهزت راسها بتردد وعقلها يتحدث باستغراب وحيره.. فهي لم تتأسف ل احمد ولم تعلم لماذا تفوه بذلك

ازاحت ماجده يدها عن كتفها قائله بفضول لم تستطيع السيطره عليه
- اللي قوليلي يا جميله هم اهلك موجودين عايشين يعني
تطلعت اليها بألم وحزن.. وشعرت بغصه البكاء تكاد تخنقها فحاولت ابتلعها بصعوبه لتهتف بنبره مبحوحه مختنقه
- معرفش اذا كان هم عايشين ولا لا انا متربيه طول عمرى في دار الايتام من وانا عندي خمس سنين واللي اعرفه بس ان هم لقوني غرقنا في البحر وواحد انقذني ولما حاول يوصل لاهلي معرفش فوديني علي دار الايتام

انفطر قلبها حزنا عليها... فاخذت تحدق بها بتعاطف.. وللحظه خيل لها عقلها صوره ابنتها ذات الخمس اعوام التي تظن بانها متوفيه تقف امامها.. فلم تعلم لماذا في هذا الوقت بالتحديد خيل لها عقلها بذلك
"لم تعلم بان عقلها يحاول ان يرسل لها رساله وماهي الا ابنتها الحقيقه التي تبكي كل ليله علي فراقها المزيف.. تقف امامها متحطمه منكسره القلب والروح.. معتقده بان اهلها ليسوا متواجدين.. ولكن هيهات فوالدتها تقف امامها ولكنها لا تعلم.. ولكن هل سيظلون عائشين محتفظين بحقيقه يظنون بانها صحيحه ولا يعلمون بانها مزيفه وجعلت من حياتهم مزيفه غير مكتمله ايضا؟! "

نفضت ماجده رأسها لتتطرد هذا التخيل العجيب ثم احاطت وجنتيها بين كفيها بحنان ودفء
- خلاص اعتبري كل اللي موجود هنا هم اهلك وانا اعتبريني اني زي امك اتفقنا
" عندما قابلتها سميه اول مره وقالت لها بانها تستطيع ان تناديها ب"ماما" لم تستطيع جميله ان تتفوه بتلك الكلمه ولم تستطيع ان تتخيل بان سميه تأخذ مكان والدتها التي لا تعلم عنها ايه شئ حتي الان ولكن لماذا عندما تفوهت ماجده بذلك لم تعترض بداخلها ابدا بل رحبت بسعاده بل خيل لها عقلها ايضا بانها والدتها بالفعل.. كما انها تفوهت بتلك الكلمه"ماما" عندما كانت ماجده راقده في المستشفي.. فلماذا كل هذا؟! "

لم تهتم بكل هذا فتركت كل هذه الاسئله المتعجبه الكثيره مؤقتا.. تاركه السعاده والحنان والدفء التي تشعر بيه دائما عندما تتواجد معها تحتل جسدها وقلبها بالكامل فالتمع عينيها ببريق الدموع وهزت راسها موافقا علي حديثها بابتسامه سعيده زينت ثغرها وملامحها التي اصبحت مرتخيه هادئه فكانت تود ماجده ان تعنقها بقوه فأستجبت لرغبتها اللحوحه واحتضنتها بقوه
فتوسعت عينيها بصدمه ولكنها ابتسمت بحنان وسعاده وبادلتها العناق لتنعم بالدفء والحنان لبعض الوقت

بينما شعرت ماجده بشعور غريب لم تشعره منذ فتره طويله حتي لم تشعره عندما كانت تحتضنن ملك
"ماذا حل بي لماذا اتخيل ابنتي واقفه مكان جميله ولماذا اشعر بهذا الشعور الذي اعتقدته بانه مات عندما توفت ابنتي"
لكنها طردت ايضا هذا الشعور كما طردت تخيلها ولكن موقتا
"احيانا بلا دائما احاسيسنا وشعورنا يكون صحيحا ولكن هناك البعض يكذب شعوره ولا يصدقه ولا يستمع له ويندم ندمانا شديدا
والبعض يسير خلف شعوره ويفرح ويشكر الله بانه صدقه واستمع له
لذلك يجب السير خلف احاسيسنا وشعورنا وتصديقها.. فهذه نعمه من عند الله"

كان احمد يراقب جميع ماحدث بقلب ينبض بحزن وبملامح عابسه دون ان ينتبهوا له
فهمس لعمر الواقف بجواره
- عرفت حاجه عن اهل جميله
نفي عمر براسه قائلا بصوت خافض وهو يضع يده علي كتفه محاولا طمئنته
- متقلقش من ساعه ماقولتي اني ادور واعرف مكان اهلها الحقيقين وانا مش ساكت انا ورجلتي وان شاء الله هنعرف قريب

هز راسه بتفهم.. ثم اكمل بأمر وحزم
- اه وبخصوص موضوع بابا وتفتش وراه والكلام دا.. لا خلاص مش تكمل وكفايه لحد كدة انا خلاص مش عايز اعرف حاجه تانيه كاني حاسس ان في حاجات تانيه كثيره عملها وانا معرفهاش بس كفايه علشان لو عرفتها ممكن مش اقدر ابص في وشه تاني كفايه اللي عرفته لحد كدة
اكتفي عمر بهز راسه بطاعه.. وهو يربت علي كتفه بتعاطف مواسيا له.. فابتسم احمد بامتنان
ودلفوا الي داخل الفيلا تاركين ماجده وجميله بنفس الوضع
------------------------------------------
- يوسف انا خلاص مش قادره استحمل اكتر من كدة انا بقيت بشوفها كل يوم وانا نايمه وانا صاحيه كمان
قالتها خديجه ببكاء وشفتيها ترتجف بشده
خديجه وهي تصيح بغضب
- هو ايه انا اوفر اووي وبكبر المواضيع.. انت ايه يااخي معندكش دم ولا ضمير انت ازاي مش حاسس بالخوف ولا بالذنب ولا حتي بالندم، احنا قتلنا إنسانه فاهم يعني ايه قتلنا إنسانه
ثم اكملت بصوت خافض مهزوز وجسدها يرتجف
- قتلناها بالسكينه من غير شفقه ولا رحمه

ثم اكملت باشمئزاز واحتقار من علاقتهم
- كل دا علشان اكتشفت علاقتنا القذره وكانت هتفضحنا
ثم اكملت بندم ومازالت تبكي وترتجف
- ياريتها فضحتنا احسن وياريت ماحبيتك ولا شوفتك م...
ولكنها صمتت عندما اغلق يوسف الخط في وجهها
اغمضت خديجه عينيها وجففت دموعها سريعا كي لا يراها احد.. ثم تنفست بعمق
لتهدأ نفسها وتعود حالتها الطبيعيه كما كانت
فاستدارت... لكنها تصلبت في مكانها بملامح شاحبه وهاتفها سقط علي الارض من شده ارتجاف يدها... فهي تشعر بانها لا تستطيع التحرك ولا السير ولا التماسك بعد الان

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-