Ads by Google X

رواية طريقي المبهم الفصل السادس والعشرون


 (الفصل السادس والعشرون)


جلست جميله علي الفراش وفتحت الظرف لتجد بداخله صوره تجمعها مع ماجده وكانت في عمر الخمس سنوات وماجده في منتصف العشرينات ورجل اخر لم تعرفه ولكنه كان في منتصف الثلاثينات ذو شعر بني فاتح وعيون عسليه ووجه دائري ناصع البياض وملامحه تظهر السعاده والطيبه فكانت تقف في المنتصف بينهما ويشابكون ايديهم معا ويضحكون في الصوره بسعاده
فاخذت ترفرف برموشها عده مرات واتسعت مقلتاها علي وسعيهما.... وتجمعت الاسئله الكثيفه داخل عقلها المتسائل المنصدم
لماذا هي تتواجد في هذه الصوره؟ ولماذا ماجده معاها في هذه الصوره؟ هل تعرفها؟ولكن كيف؟! ومن هذا الذي معاهم؟ فلقد تذكرته الان هذا الرجل رأته من قبل في صوره مع ماجده بمفردهما عندما كانت تنظف الغرفه والتوي كاحلها في ذلك اليوم

ظلت تنظر الي الصوره لبعض الدقائق وشعرت بالدفء والامان والراحه الغريبه عندما كانت تنظر الي ماجده وذلك الرجل.. ولكنها شعرت بالاختناق المفاجئ الذي اخذ يعتصر عنقها وصدرها بغلظه... فلم تعد تستطيع ان تتنفس بشكل طبيعي.. فاغمضت عينيها للحظات ساحبه نفسا عميقا ثم زفرته علي مهل
فابتعد هذا الاختناق عنها ففتحت عيناها وقررت ان تسال ماجده علي الصوره فهي لا تتذكرهم ابدا ولكنها توقفت عندما وجدت ورقه متوسطه الحجم مطويه في داخل الظرف فتحت الورقه وبدأت تقرأ ما بداخلها

" جميله بنتي انا سميه لو وصلتلك الرساله والصوره دي يبقي انا دلوقتي عند رب كريم اكيد طبعا بتسألي نفسك مين الراجل اللي في الصوره دا وليه انتي متصوره معاهم انا هجاوبك علي كل دا بس الاول عايزه اقولك علي حاجه انا اول مره شوفتك فيها حسيت بشعور غريب حسيت إني شوفتك قبل كدة وحسيتك بتشبهي حد اعرفه في الشكل وفي طيبتك وكلامك وتصرفاتك وكل حاجه وبعد فتره عرفت انتي بتشبهي مين في كل دا بس كذبت نفسي وقولت مستحيل ويخلق من الشبه اربعين لحد ما جه اليوم اللي تأكدت فيه كل شكوكي وكل اللي حسيته في الاول كان صح، اليوم اللي عرفت فيه انك بنت ماجده هانم وسامح بيه الراجل اللي في الصوره دا.. يبقي سامح بيه ابوكي وانتي نسخه منه في كل حاجه في الشكل والتصرفات وماجده هانم تبقي امك علشان كدا انتي متصوره معاهم.. دول هم اهلك اللي اتحرمتي منهم كل السنين دي كلها

بسبب عمك اللي هو محسن علشان قتل ابوكي وفاكر ان هو قتلك بس لا انتي ربنا كاتبلك عمر جديد.. عارفه قتله ازاي هقولك بس هقولك عن طريق كابوسك اللي نفسك تعرفي تفسيره وهتعرفي تفسيره دلوقتي
كابوسك دا اكبر حقيقه مرة وبتوجع في حياتك.. في كابوسك بتحلمي ان في واحد بيظهر فجاه بس وشه مش باين الواحد دا يبقي عمك محسن وكنتي مبسوطه وفرحانه مع باباكي سامح، عمك محسن خنق باباكي بيده، ومات ورماه في البحر ورماكي معاه، كل دا علشان اكتشف ان هو بيتاجر في المخدرات وكان هيبلغ عنه لو مبطلش الشغل دا وطبعا اختار شغله ومش اختار اخوه

عرفتي تفسير الكابوس خلاص انتي بتحلمي بيوم قتل ابوكي وبيوم حرمانك من امك وهو فاكر انك موتي بس ميعرفش ان في حد انقذك... ازاي وجثتك لقوها محدش يعرف ولا حتي انا.. بس اللي اعرفه ان اتكتبلك عمر جديد باسم جديد وحياه جديده يا ياسمين ايوه اسمك الحقيقي ياسمين انا سمعت الكلام دا كله لما محسن كان بيتكلم مع حمدي في المكتب اليوم اللي نزل يزعق ويقول فيه مين اللي كسر التحفه الفنيه كنت انا، بس هو مكنش زعلان علي التحفه الفنيه كان خايف وقلقان من اللي عرف الحقيقه وهيفضحه بس فضلت ساكته ومش عارفه اعمل ايه ولا اقول لمين بس لما سمعتك بتحكي ل احمد علي كابوسك شكيت وقتها علشان كده قولتلك عايزه اشوف صورتك وانتي صغيره علشان اتأكد من شكوكي وبعدها قررت اقول الحقيقة للكل بس قولت لو قولت الحقيقه محدش هيصدقني وهو هيكذبني وهيموتني كمان علشان معيش ادله،

هم ممكن يصدقوني بس في حكايه ان ياسمين اللي هو انتي لسه عايشه من الصوره بتاعتك وانتي صغيره او يعملوا تحليلdna لكن مش هيصدقوا ان هو قتل ابوكي وحاول يقتلك.. فمش قدامي دلوقتي غير حل واحد بس.. اني اسجله وهو بيعترف وانا عارفه ان دا مش هيحصل الا لو واجهته بالحقيقه وانا عارفه لو عملت كدا ان هو هيموتني في ساعتها بس ميهمنيش اللي يهمني ان الكل يعرف الحقيقه وتعيشي بقيه عمرك وسط اهلك الحقيقين وتبطلي تحلمي بالكوابيس قررت دلوقتي اني اواجه بالحقيقه واسجله بالتليفون من غير مايحس وبعدها هبعت التسجيل واحنا بنتكلم من غير مايحس برده علي تليفون واحد معرفه زي ابني وبثق فيه علشان عارفه ساعتها اني هموت بعد ما اخلص كلامي مع محسن وكمان الرساله اللي بكتبها دي هبعتها مع ساعي البريد لنفس الشخص اللي هبعتله التسجيل

وكده هموت وانا مطمنه ومتاكده ان الكل هيعرف الحقيقه وساعتها تضحياتي مش هضيع في الارض.. بس ليا عندك طلب انا عارفه انك بتحبي احمد واحمد بيحبك اوعي بعد كل اللي عرفتيه.... حبكم يتغير او تتفرقوا، هو ملوش ذنب.. ذنبه الوحيد ان ابوه مكنش الشخص الصح وكمان ميعرفش ايه حاجه وهو هيعرف في نفس اليوم اللي هتعرفي فيه.. وانا متاكدة ان هو ساعتها هيقف جنبك ومش هيسامح ابوه ابدا وعايزاكي تتجوزي احمد وتعيشي مع امك وتعوضي كل السنين اللي فاتت دي.. دا طلبي الوحيد يا ياسمين "

ما هذا هل هذا كابوس جديد؟! لا يمكن ان تكون هذه هي الحقيقه وانني لا احلم
هل يوجد حقيقه مرة بتلك الطريقه ياالله؟
كان هذا السؤال الوحيد الذي يجول بارتجاف في ذهنها وعقلها الذي تبخر منهم جميع الاسئله وجميع الذكريات وكل شئ كانها فقدت الذاكره... ولكن هذا السؤال ظل ملتصق في ذهنها كالعلكه
فجسدها اصبح بارد كالثلج بعد ان انسحبت منه السخونه والدفء... والدماء تجمدت في عروقها من كثر البروده التي اخذت تلفح جسدها بلا رحمه فهي تشعر بانها جالسه داخل الثلاجه الان.... كما ان دقات قلبها اخذت تتباطئ وتتباطئ فلم تعد تشعر بها

كما ان ملامح وجهها اصبحت كالزهره الذابله التي تم اقتلاعها من مكانها بعد ان كانت اجمل وارق زهره جميله ورائعه متفتحه ومشرقه فكانت تنظر امامها في الفراغ دون ان تحرك رمش واحد وكانها منومه مغناطسيا
كما انها تود ان تبكي لمده ايام او شهور او سنين ولكن لا تستطيع.. لايوجد دمعه واحده تود ان تسقط.. كأن احدهم سحب جميع دموعها فحاولت ان تستدعي دموعها وتهتف وتصرخ لتسقط لعلها تخرج من دوامه الصدمه الواسعه التي ابتلعتها ولكن دون جدوي فشعرت بانها لن تستطيع ان تبكي بعد الان

مر بعض الوقت كانت كالدهر عليها ومع كل دقيقه مرت عليها... جسدها وعقلها وقلبها انقلبوا مائه وثمانون درجه فانسحبت كل ذره سعاده وسرور كانت تملكها..... واحتل مكانها مئات من ذرات وكتل الحزن والهم
وروحها انسحبت منها... فاصبحت الان بجسد بلا روح... وعقلها توقف عن العمل.. فاصبحت ايضا بجسد بلا عقل.. فهي الان كالجثه الهامده
فحاولت اكثر من مره النهوض ولكن فشلت فهي لا تستطيع حمل جسدها بل جثتها الهامده البارده الثقيله... ولكن حاولت مره ثانيه بل عده مرات الي ان نجحت واخذت حقيبتها ووضعت الرساله والصوره دون ان تنظر اليهم ثم خرجت من الغرفه باقدام تجاهد لتحمل جثتها الهامده الثقيله ولم تبالي بانها مازالت ترتدي زي الخادمين

- جميله انتي مالك في ايه
قالتها علياء بملامح ونبره تكسوها القلق والفزع وهي تقف امامها وقلبها المنصدم سقط بداخلها مما جعل ماجده تنتفض من مكانها وهي تضع كفها علي قلبها بفزع عندما شاهدت حاله ملامح الذابله
وضعت علياء كفها علي كفه جميله فوجدتها كالثلج كانها خرجت من الثلاجه للتو
همست علياء في تساؤل يملاها القلق
- جميله مال ايدك بارده زي التلج كده ليه انتي تعبانه
سحبت جميله كفها بعنف لتصيح بجمود رغم ضعف نبرتها
- انا كويسه مافيش حاجه بس انا هخرج اتمشي شويه

ثم تركتها دون انتظار رد ومرت بجوار ماجده ولم تنظر اليها كانها غير متواجده وخرجت من الفيلا ولم تستمع لنداء علياء وماجده التي جلست مكانها مره اخرى وشعرت بقلبها الذي عاد يحرقها من القلق كالليله السابقه ولكن اشدد احتراقا اكثر... فشعرت بانها ستشم قريبا رائحه هذا الاحتراق
----------------------------------------
في نفس التوقيت
اخرج احمد من الظرف هاتف قديم ففتحه فوجد تسجيل صوتي وفوق التسجيل رساله نصيه محتواها" افتح التسجيل لتعرف الحقيقه" ففتح احمد التسجيل
وبعد مرور بعض الوقت
انتهي التسجيل وانتهي معاه كل ذره حب مازالت متبقيه في قلب احمد لوالده محسن
فكان التسجيل الذي سجلته سميه وهي تتحدث مع محسن امام الكوخ في ليله وفاتها
مع كل كلمه استمع اليها كانت كالسهام السامه التي اخترقت جدران قلبه بل جسده ايضا فهو يجلس الان لا حول ولا قوه له يحدق في الفراغ بملامح شاحبه جامده وجسد متخشب فكان كالصنم... فلقد تحطم بالفعل هذه المره ولن يستطيع احد ان يجعله يعود كما كان سوي فتاه واحده...ولكن كيف ستجعله هذه الفتاه يعود كما كان وهي مثله تحطمت اكثر منه بكثير ولا تعلم هل ستعود كما كانت ام لا

وكانت هناك عده اسئله.. جعل عقله يرتجف من الصدمه وعدم التصديق كأن احدهم كان يصعق عقله لذلك ارتجف
كيف يفعل والده شئ مثل هذا بأخيه وابنته كيف؟ هل قلب والده حجر؟ هل يمتلك قلب من الاصل؟ وهل قتل سميه كما قتل عمه وابنت عمه؟فعندما طرقت علي عقله هذه الفكره انتفض من مكانه وفك ازرار قميصه العاليه وهو يلهث بشده... محاولا التقاط انفاسه المنصدمه الهاربه منه فهو الان كالصياد الذي يحاول ان يصطاد فريسته وبالطبع فريسته لم تكن سوي انفاسه تلك ثم اغلق عيناه ويتمني ان يفتحها ويري ذاته مستلقي علي الفراش وبان كل هذا ماهو الا كابوس ولكن ليس ايه كابوس.. كابوس مرعب مميت خانق للانفاس

فهو لم يكن قريب من ابنت عمه يايسمين لصغر سنها.. لانه كان يراها طفله صغيره لا تصلح بان تكون صديقة احمد ذو الرابع عشر من عمره فكان لا يقابلها إلا في المناسبات فقط ولم يكن يتحدث معاها وفي بعض الاحيان لم يكن ينتبه لها ايضا لانه كان يسلط انتبه علي جنا وعمر اصدقائه فقط ولكن كان يحب عمه سامح ويتحدث معاه كثيراً فمن الذي لا يحبه لطيبه قلبه وحبه للجميع كابنته ياسمين

بينما انتفضت جنا ووقفت بجواره وامسكت ذراعه برفق وتعاطف وهي تهمس باسمه بضعف.... واختلطت ملامحها مابين القلق والحزن لرؤيه صديقها واخيها بهذه الحاله فعندما استمعت الي التسجيل.. انصدمت في بادئ الامر ولكن افاقت من صدمتها سريعا وشعرت بالاحتقار والاشمئزاز نحو محسن فهي تعلم بانه قتل احدهم والقي بهم في البحر وهذا ماجاءت لتقوله لأحمد اليوم
ولكن لم تعلم بان هذا يكون عم احمد وابنت عمه فلقد رأته في تلك الليله وهو يفتعل جريمته وكانت تختبئ فلم يراها احد في ذلك اليوم وكانت في الثاني عشر من عمرها فكانت تلعب مع والديها.. فلسوء حظها ذهبت واختبئت بالقرب من البحر فعندما شاهدت ذلك المشهد ارتعبت بشده وجاءها حاله من الذعر والرعب... فبعد تلك الليله كانت تلاحقها كوابيس ذلك اليوم كما انها كانت تظل دائما صامته لا تتحدث مع احد

كما انها لا تلعب مع احد وعندما يقترب منها احد تصرخ في وجهه وتبكي، كما انها لم تخبر احد حتي والديها الذين كانوا يحاولون معرفه ما بها ابنتهم فوصل بهم الامر انهم جلبوا لها جميع الدكاتره النفسيين ولكن دون جدوي وكانت تبكي وتصرخ كل ليله لانها ترى ذلك المشهد في احلامها وظلت سنه بتلك الحاله ولكن لم يعلم احمد وعمر بم مرت بيه ولم تخبرهم حتي الان فكانت في امريكا بعد تلك الليله البشعه وبعد سافرها توفت والده احمد وعمه وابنت عمه وكان احمد في حاله لا يرثي له.. لم ينتبه لاي شئ حوله حتي جنا واستمرت حالته تلك لسنوات وعمر كان معاه ويحاول ان يسنده.. ولم يكن منتبه لجنا ابدا

بينما جنا كانت في حالتها تلك ولقد تحسنت بعد مرور سنه علي يد وعلاج احدي الدكاتره النفسيين ولكنها لم تخبره بالحقيقه ولم تخبر والديها ايضا ولكن افاقت من ذعرها وخوفها واقنعت ذاتها بانها لن ترى ذلك الرجل مره اخرى وهذا كان كابوس فقط بالاضافه الي العلاج الذي ساعدها علي تهدأت اعصابها ويجعلها تنام براحه ولكن لم تتوقع بانها ستراه مره اخرى وسيكون والد صديقها فهي تتذكر وجه محسن جيدا حتي بعد كل تلك السنوات

افاقت من شرودها المؤلم الملئ بالاسرار علي احمد الذي كان يسير كالوحش الهائج الذي بداخله الان ظلام داكن مخيف ولكنه مؤلم فحاولت جنا ان توقفه ولكنها لم تستطيع فجلست بجسد متعب متثقل علي مقعدها وهي تحيط راسها بين كفيها... ولا تعلم ماذا تفعل الان
----------------------------------------
كان سمير يجلس علي الكرسي في غرفته ويتطلع الي خارج النافذه بوجه حزين يصرخ بالاشتياق والألم ودموعه تنهمر كالانهار علي وجنتيه بصمت
فاغلق عينيه ليهمس بكل مايحمله من ألم ووجع.. فتك قلبه الذي بعد وفاه سميه لم يعد ينبض بسعاده وفرحه كما كان.. فاصبح ينبض ببطء شديد بحزن وألم
- ليه ياسميه عملتي كدة مفكرتيش فيا وانتي بضحي بنفسك مفكرتيش هبقي من غيرك عامل ازاي
ثم اكمل وهو يفتح عينيه التي تحولت من الحزن والألم في لمح البصر الي غضب وكراهيه العالم كله
- وخليتني استحمل طول المده دي وافضل عايش مع المجرم اللي قتلك وابص في وشه واضحك عادي وكاني معرفش حاجه وهو عايش وبيتمتع بالحياه كأنه معملش ايه حاجه
ثم اكمل بحده وشراسه تفح من بين اسنانه
- اللي صبرني بس.. ان المجرم دا سافر علطول بعد وفاتك... طبعا سافر الحقير ولا علي باله ولا كأنه عمل حاجه

اغلق عيونه وزفر بضيق لينطق لسانه الذي اصبحت مراره الحزن والالم عالقه فيه فاصبح كلما يتذوق ايه طعام حلو للغايه.. لا يشعر بحلوه بسبب تلك المراره
- بس خلاص انا نفذت وصيتك ياحبيبتي وحققتلك اللي نفسك فيه
اخذ يتذكر ذلك اليوم عندما دلف الي غرفته في الفيلا في اليوم السادس بعد وفاه سميه وكان يحمل صندوق كبير فجلس علي سريره وبجواره الصندوق فكان بداخله اغراضه واغراض سميه الذي تركهم في الكوخ فلم يستطيع ان ياخذ اغراضه ولا اغراضها في ذلك اليوم لانه كان في حاله لا يرثي لها ولكن قاموا الفتيات بوضع الاغراض في الصندوق في ذلك اليوم واعطوه لسمير الان

ففتح الصندوق وكان يبكي عندما يمسك باحدي اغراض سميه ولكنه توقف عن البكاء عندما شاهد ورقه مطويه متوسطه الحجم ففتح الورقه بيد مرتجفه فوجد بانها مكتوبه بخط يد سميه فظن انها كانت تشعر بانها ستموت وهذه وصيتها فاخذ يقرأ وهو يبكي
" حببيبي وجوزي وكل حاجه في حياتي لو كنت بتقرا الرساله دي دلوقتي يبقي انا دلوقتي عند رب كريم انا عايزاك بعد مااموت ماتقفلش علي نفسك ومتبقاش عايز تشوف حد ولا تاكل والكلام دا لا عايزاك تعيش حياتك من بعدي عادي لان دا قدر ربنا والموت علينا حق وانا عارفه اني هموت مش علشان تعبانه علشان هضحي بنفسي علشان ياسمين بنت ماجده وسامح اللي عرفت انها عايشه واللي تبقي جميله"

ثم اخذت تقص عليه ماسمعته وما ستفعله لتكتشف الحقيقه للجميع كما قصت علي جميله في الرساله ثم اكملت
" وصيتي ليك انك ماتقولش لحد ايه حاجه وحيات غلاوتي عندك متقولش لحد حاجه دلوقتي ولا تعمل حاجه في محسن ولا تبلغ الشرطه ولا ايه حاجه تعمل دا لما احمد يعترف لجميله ان هو بيحبها او يعرض عليها الجواز ويقول لأهله وانا متاكده ان هو هيعمل دا قريب علشان بيحبوا بعض وانا عايزه كدة علشان العائله مش تتفكك ويبعدوا عن بعض اكتر من كدة علشان لو عرفوا الحقيقه قبل كل دا احمد مستحيل يعيش مع جميله وماجده وملك كذلك علشان مش هيقدر يبص في وشها علشان هيكون ابن قاتل ابوها ومش هيسامح نفسه وهيركب نفسه الذنب وملك زيه وساعتها هيعيشوا متفرقين

وماجده هانم هتتعب وهتبقي بين نارين من جهه بنتها الحقيقه اللي عايزه تكمل باقي عمرها معاها وتعوضها عن كل السنين اللي فاتت ومن جهه احمد وملك اللي عاشت عمرها كله تربيهم وحبتهم كانهم ولادها الحقيقين بس لما يعرفوا الحقيقه بعد مايعترفوا لبعض ويعرض عليها الجواز ساعتها اللي متاكده منه حبهم هو اللي هيكسب ومش هيبصوا لحاجات زي دي.. هم بس هيأخدوا وقت لحد مايستوعبوا الصدمه الكبيره.. بس بعدها هيعيشوا مع بعض وهيجتمعوا وهيبقوا عائله واحده ومحسن هيكون في السجن وهياخد جزاه بعد ماتشوف الرساله دي، التسجيل اللي بعته هيكون عند فارس انت عارف انا بعتبره زي ابني وبثق فيه قد ايه وانا بعت رساله له هيحتفظ بيها مع التسجيل... الرساله دي انا كتبها لجميله علشان اعرفها علي كل حاجه وفيها صوره تجمعها مع ماجده هانم وسامح بيه كانت معايا

الحاحات دي انا قولت لفارس مش يطلعها او يديها لحد غير لما انت تروحله بنفسك وتاخدها منه وانا عارفه انك مش هتعمل كدة غير زي ماقولتلك لان انا اول مره اطلب منك طلب بعد كل السنين دي كلها ومتأكده انك هتنفذ طلبي ووصيتي.. بحبك"
عوده الي الحاضر
فتح سمير عيناه وتنهد بضيق
فهو بعد تلك الليله نفذ وصيتها كما امرت وعندما استمع الي احمد يتحدث مع ماجده عن قراره بالزواج من جميله دون ان ينتبهوا لوجوده... علم بانه الوقت المناسب لتنفيذ ماامرت بيه سميه وبالفعل فعل ذلك وذهب الي فارس واعطه الاشياء وبعثها مع ساعي البريد لجميله واحمد ومن ثم بعث التسجيل ايضا للشرطه التي ستصل الي محسن الان في ايه لحظه

ومن حسن حظ سميه رحمها الله.. بان هاتفها التي سجلت بيه الحديث الذي كانت تضعه في جيبها فبالتاكيد كانت تتعمد ان تتحدث بصوت عالي عندما شعرت باقتراب محسن لتنجح خطتها... وسجلت الحديث بهاتفها وبعثت التسجيل في الخفاء بضغطه زر واحده وهي تضع يداها في جيبها عندما كان محسن يتحدث معاها ولكن لم يعلم محسن او ينتبه لهاتفها الذي اعطته احدي الممرضات لسمير الذي وجدوه في جيبها مع ملابسها.. فلو كان انتبه محسن او اعلم بان هاتفها كان يتواجد معاها كان سيشك وسيبحث في الامر

نهض سمير وخرج من الغرفه متجه الي محسن ليلقيه درسا وياخد بتار زوجته بيده الذي قاتلها بدم بارد قبل ان تصل الشرطه فهو ظل صامتا كل ذلك الوقت ولكن لن يستطيع بعد الان... فقرر ان يخرج الوحش الثائر الذي يصيح بالشر والكراهيه نحو محسن
ولكنه توقف في مكانه واختبئ خلف شجره كبيره في الحديقه غطت جسده عندما شاهد حمدي يصرخ في وجه محسن
- قاتلتها برده انت ايه يااخي القتل دا بقا في دمك
اتسعت عيناه بصدمه وذهول واخرج هاتفه من جيبه سريعا ليسجل ماسيقوله فهو شعر بانه سيتحدث في امر هام.. ففتح التسجيل

قال محسن وهو يصرخ في وجهه بغضب جامح وشراسه اظلمت عيناه وظهر بريق بهما مخيف
- ايوه القتل بقا في دمي انت كنت عايزاني اسيبها بعد ماعرفت انها بتحاول تقول لماجده علي علاقتي معاها وانا كنت ايش ضمني ساعتها انها هتسكت ومش هتحاول تعمل حاجه تانيه ولا كنت عايزاني اسيبها وماجده ساعتها هتعرف اني علي علاقه مع نورا الخدامه.. لا الله
ثم اكمل بشرود يملأه الخوف
- لو مكنتش انت لحقت الموضوع مكنتش هعرف اللي هيحصل

كاد حمدي ان يتحدث ليطلق باقي توبيخه وصراخه ولكن ابتلع كل هذا داخل جوفه رغما عنه عندما رفع محسن كفه امام وجهه ليصيح بصوت حازم قوي لا يقبل المناقشه
- بس الكلام خلص لحد كدة ومش عايز اسمع منك كلمه زياده
ثم تركه ودلف الي الداخل دون انتظار رد وكل ذلك تحت اعين سمير المتسعه للغاية من الصدمه الكبيره التي تلقاها عقله ولكن سرعان ماتحولت صدمته الي احتقار وكره شديد فاغلق التسجيل وقرر ان يبعثه للشرطه ولكنه تجمد في مكانه عندما استمع حمدي يتحدث في الهاتف مع احدهم ولكنه انصدم اكثر بكثير عندما استمع الي الحديث ثم اغلق حمدي الهاتف ودلف الي الداخل
فابتسم سمير قائلا بشماته
- نهايتك قربت يامحسن بيه
-------------------------------------
بعد مرور عده ساعات
كانت سميره وسعديه يقفون امام غرفه سميره ويصيحون ويهتفون باسم جميله وهم يطرقون علي باب الغرفه بقوه فكاد الباب ان ينكسر ولكن جميله لم تنطق بحرف ولم تفتح لهم، هم بهذه الحاله منذ فتره طويله فلقد جاءت جميله بنفس الحاله التي خرجت منها من الفيلا وطلبت من سميره ان تخرج من غرفتها وتتركها بمفردها فتركتها فتره وعندما لم تستمع الي صوتها او تخرج.. هتفت سعديه واخذوا يطرقون علي الباب وهم يصيحون
تنهدت سميره بتعب لتصيح بدموعها التي بدات تهبط علي وجنتيها من القلق
- انا اول مره اشوف جميله بالحاله دي هو اللي حصلها

ثم شهقت وهي تضع كفها علي فمها بفزع
- معقول تكون عرفت الحقيقه
نفت سعديه براسها قائله بثقه وتاكيد
- لا لو كانت عرفت كان حمدي قالي او قالي حتي ان هو هيعرفها لكن مافيش حاجه
سميره بملامح صرخت بقلق باكي وهي تتضرب علي صدرها لتستعطفها
- ونبي ياسعديه اتصلي بيه برده اتاكدي انا مش مطمنه انا حاسه انها عرفت
اومأت سعديه باستسلام فهي تشعر مثلها فهي تعلم بان جميله لن تكون بمثل هذه الحاله الا ان علمت بالحقيقه
- ايوه ياحمدي
قالتها سعديه بلهفة
سعديه بتساؤل
- حمدي هي جميله عرفت الحقيقه

تنهدت سعديه براحه ونفت براسها وهي تنظر الي سميره التي اغلقت عينيها وتنهدت براحه لا تقل عن راحتها
سعديه بقلق وحيره
- اصل هي جت وكانت حالتها غريبه اووي ولا بتعيط ولا بتتكلم كانها شافت او سمعت حاجه ومصدومه منها ومن ساعتها قافله علي نفسها ومش عايزه تفتح ولا تتكلم مع حد فافتكرنا انها عرفت الحقيقه
سعديه وهي تضحك بسعاده
- بجد ياحمدي يعني محسن هيتسجن النهارده
شقت الابتسامه فم سميره وتضع يداها علي قلبها وترفع راسها تشكر الله في سرها وتجفف دموعخا سريعا
فتابعت سعديه بفرح
- خلاص ماشي لو عرفت حاجه هقولك سلام
- صحيح اللي سمعته دا محسن هيتسجن
قالتها سميره بلهفه خلفها الكثير من السعاده

اومأت سعديه وهي تبتسم وكادت ان تتحدث ولكن اختفت ابتسامتها واختفي معاها الحديث عندما فتحت جميله باب الغرفه بوجه شاحب وذابل وخالي من المشاعر
اقتربوا منها بلهفه بملامح تحدثت بالقلق فقراءه جميله ملامحهم لذلك مددت يداها بالرساله والصوره لتهتف بصوت بلا حياء
- اقروا الرساله وشوفوا الصوره وانتو هتعرفوا مالي
ابتلعوا غصه الشك والتوتر وامسكوا الاشياء بعد ان انتهوا من قراءه الرساله
عناقتها سميره ببكاء وهي تربت علي ظهر جميله بمواساه ولكن ظلت جميله بهذه الوضعيه وبتلك الحاله لم تتحرك ولم تبادلها العناق اكتفت فقط بتحديق سعديه بشك مخيف التي اشاحت بوجهها المشدود من التوتر

ابعدت جميله سميره عنها بخفه ثم اقتربت من سعديه وامسكت ذراعها وهي تضيق عينيها الذابله بشك
- انتي تعرفي حاجه عن الكلام دا
سعديه بتلعثم
- ا... نا... هو..
ابتسمت.. ولكن ابتسامه لم تعهدها ثغرها ولم تشق ثغرها ابدا.. ابتسامه باهته بارده تعبر عن حالتها تماما الان
- يعني تعرفي
اقتربت منها سميره وامسكت ذراعها لتخرج نبرتها منخفضه مبرره الوضع
- ياجميله يابنتي هي خبت عليكي غصب عنها ع...
قاطعتها جميله وهي تصرخ بحده وتبتعد عنها بعنف وترمقها باعين اخذت تجول علي علي وجه سميره بصدمه وخيبه امل
- وانتي كمان كنتي تعرفي

اخفضت سميره راسها بخجل وندم بينما تراجعت جميله الي الخلف وهي تضحك بجنون وهستيريا وتحرك كلتا يديها في الهواء
- الله حتي انتو، ياترى مين كمان عارف دا شكل الكل عارف وانا الوحيده اللي مغفله
اقتربت منها سعديه وامسكت ذراعها والدموع الرجاء والحزن التمعت في عينيها
- علشان خاطرى متعمليش كدة اسمعني الاول وبعدها احكم علينا
لم تنطق جميله او تتحرك فظلت صامته فهي تود ان تعرف الحقيقه بل جميع الحقائق فقصت عليها سعديه كما قصت علي سميره من قبل بينما ظلت ملامح جميله كما هي خاليه من ايه مشاعر او تعبيرات لا تظهر سوي الشحوب فقط
سعديه ببكاء مبرره الوضع
- والله انا عملت كدة وسميره لما عرفت خبت عليكي علشان خايفين عليكي من محسن

ثم اكملت وهي تبتسم بشماته وسعاده
- بس خلاص محسن كلها حبه ويتسجن وبعدها هتعيشي مع عائلتك بأمان وسلام
ارتفع جانب وجهها في ابتسامه ساخره خلفها الكثير والكثير من الألم والصدمه التي تحبسها بداخلها باحكام ولم تخرجها حتي الان
- هيتسجن! طب الحق بقي اسلم علي عمي قبل مايتسجن
كان حديثها كدلو ملئ بالصدمه الكبيره التي انسكبت فوقهم فنظروا الي بعضهم باعين همست بصدمه وعدم تصديق فلاول مره يروا جميله هكذا.. كما انهم لم يتوقعوا رده فعلها تلك
تركتهم جميله وخرجت من الدار وهم مازالوا تحت صدمتهم
سعديه وهي تهمس بحيره وصدمه ودموعها مازالت تهطل علي وجنتيها ولكن بصمت
- جميله مالها
هتفت سميره وهي تمسح دموعها بشرود وادراك
- دا اللي بيسموه الهدوء قبل العاصفه
-------------------------------------
بعد مرور ساعه
خرج احمد من سيارته بملامح مختلطه تظهر بوضوح التعب والارهاق والألم فلقد ظل يقود سيارته منذ عده ساعات دون هدف محدد محاولا خلال هذه المده.. كما انه كان سيتسبب في مقتله اكثر من مره حيث فقد السيطره علي عجله القياده بسبب ذهنه الشارد وقيادته السريعه المتهوره
اغمض عينيه بألم وتنفس بعمق نابع من صدره المتثاقل بهموم الحزن والتحطم وهو يقف امام بوابه الفيلا فلقد قرر ان يواجه محسن ويسمعه التسجيل امام الجميع
فتح عينيه وفتح بوابه الفيلا
وفي نفس التوقيت
هبطت جنا وعمر من سيارتهم فلقد اخبرته جنا بما حدث كما انها اخبرته بما شاهدته في ذلك اليوم

فركضوا سريعا نحو احمد الذي كاد ان يدلف الي الداخل فامسك عمر بذراعه قائلا وهو يلهث ويحرك راسه ببطء
- احمد انت هتعمل ايه
نظر اليه احمد ثم نظر الي جنا التي تتطلع اليه بقلق وشفقه... فعلم بانها اخبرته بما حدث
احمد بابتسامه ساخره مؤلمه
- هروح ل ابويا واطلب منه يعلمني ازاي اقدر اقتل ارواح لا ومش ايه ارواح، ارواح اقرب ناس له وينام براحه من غير تأنيب ضمير، ويفضل ساكت ويضحك ويبص في وشوش الكل ولا كأنه عمل حاجه
ثم دلف الي داخل الفيلا تحت نداء عمر وجنا الذين دلفوا خلفه

دلف احمد الي الصاله فوجد محسن يجلس باسترخاء علي الاريكه وبجواره ماجده التي كانت شارده الذهن فهي هكذا منذ ان ذهبت جميله وحمدي الذي كان يجلس علي الاريكه ايضا باسترخاء وهو يحدق امامه بشرود وابتسامه خفيفه تعلو شفتيه لامر ما
بينما ملك كانت تمسك بهاتفها وتعبث فيه فاخرج احمد الهاتف والقاه باهمال علي الطاوله مما احدث ضجه
فانتفض الجميع ونظروا اليه باستغراب
وفي نفس التوقيت
دلفت علياء وسمير وباقي الخدم الي الصاله ومعاهم بعض الصحون لكنهم توقفوا في مكانهم عندما شاهدوا حاله احمد
محسن بحاجب مرفوع بتساؤل وهو ينظر الي الهاتف
- في ايه احمد وتليفون مين دا
احمد بنبره خافضه بهدوء يصرخ بالشر المخيف... وعينيه تشع بخيبه الامل والانكسار
- دا التليفون اللي هيكشف حقيقتك قدام الكل

نظروا اليه بعدم فهم فضغط احمد علي زر الهاتف ليصدع صوت محسن وهو يعترف علي ذاته لسميه في اركان الصاله
بينما ارتفع رنين هاتف احمد فاخراجه من جيبه ونظر الي الشاشه وجد رقم غير مسجل فلم يهتم وكاد ان يضعه في جيبه مره اخرى ولكن لفت انتباه رساله من رقم غريب ففتح تلك الرساله.... وروحه المتبقيه قتلتها تلك الرساله.. قتلتها بكل شفقه وبلا رحمه وجعلت الرساله عقله المتبقي يتوقف عن العمل تمامآ وتتبخر منه كل الكلمات وكل شئ لان عقله لم يعد يستطيع ان يتحمل صدمات اخرى
"ولكن اصمد وكن كالصخر ايها العقل فهناك صدمات كثيره قادمه الان"

انتهاء التسجيل
عم الصمت في اركان المكان
فشاحب وجه محسن كشحوب الموتي وهو يبتلع لعابه بصعوبه ويبلل شفتيه الباهته فحاول التحرك او النهوض او الحديث ولكن لم يستطيع فشعر بان جميع حواسه اصبحت مشلوله
بينما ظل احمد يتطلع الي الهاتف بعيون صادمه غير مصدقه لما قراءته ونطق لسانه بصعوبه
- امي... امي... مستحيل
كان الجميع جالس منصدم.... لم يهتموا بما قاله احمد... فالتسجيل كان كفيل ليجعل اذانهم تفقد السمع.. فلقد صم هذا التسجيل اذانهم تماما... ولكن جنا وعمر اقتربوا منه فلقد ابتلعوا صدمتهم منذ فتره

فوضع عمر يده علي ذراع احمد المتشنج ليسأله بتعجب وعدم فهم
- امك مين حبيبه الله يرحمها.. طب مستحيل ايه
ولكن ظل احمد كما هو.... فنظر عمر الي شاشه الهاتف وبجواره جنا التي اخذت تنظر اليهم بحيره
فقرأ عمر الرساله واحتلت الصدمه وعدم التصديق معالم وجهه فكاد ان يتحدث ولكن قاطعته القنبله الكبيره التي ستفجر ماتبقي من عقول الجميع
- اذيك ياعمي واذيك ياابن عمي

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-