(الفصل السابع عشر)
تقف في منتصف الردهة بكل هيبة وشموخ تتابعه
بعين، تريد أن تملي عيناها من رؤية وحيدها وهو
لا يفصل بينهم غير عدة أمتار، لم تصدق أنها بعد
كل تلك السنوات تري أمامها وحيدها وقطعة من قلبها
يالله ما أسعد هذا اليوم بالنسبة لي، هل سيرتمي
في أحضانها تبث شوقها إليه أم سيظل بعيداً عنها
كما حدث من قبل.
علامات من الاستغراب والدهشة ترتسم علي ملامحه
يريد أن يعرف من هذه المرأة التي رغم سنها تمتلك
من الجمال ما يقع صريعا لها ولروعتها، ولكن قام
بعقد حواجبه وأحمرت عيناه من النيران المشتعلة
التي تكاد أن تلتهم من يحاول بالتقرب إليها، كيف
لها أن تخرب فرحة قلبه بهذه الطريقة الجنونية.
هتف رعد مغمغا بضيق وهدوء مخيف..
أنتي مين يا ست أنتي وازاي تتجرأي تقولي كده
أنتي عارفة أنا ممكن أعمل فيكي إيه دلوقتي
أنا ممكن انسفك.
نطقت ميار بما افزع قلبه وعلامات من الصدمة
تجوب ملامحه..
أنا أمك ميار يا رعد بيه ولا شكل حضرتك نسيتني.
بادلها رعد بنظرة تهكمية ولكنها تحذيرية، نطق
بهدوء مريب..
أفندم حضرتك مين أمي، أنا أمي ماتت قدام عنيا
زمان شكلك واحدة نصابة وأنا مش مستعد إني
أضيع وقتي مع الأشكال إلى زيك شكلك عاوزة
قرشين عشان كده عاوزة تحدفي بلاويكي علياا
فعشان كده لو مش خرجتي دلوقتي من قدامي
أنا مش هخليكي يطلع عليكي نهار.
بسرعة البرق لم يستطع استيعاب ما حدث معه
ووجهه يدور إلى الجهة الثانية، لم يعلم كيف تم
ضربه علي وجهه رفع نظره بدمار جحيمي ورأى
أمامه تلك المرأة وهي تبادله تلك النظرات كأنها
نسخة مطابقة إليه في كل شيء.
تحدثت ميار بغضب نيراني قد اعم في كل ركن
من أركان المكان..
ده عشان أنت مش أبني إلى اتمنيه من الدنيا
فعلاً أنت بقيت شيطان، بس أنا بقا هخليك أبني
أنا بس بحق وحقيقي وإياك ثم إياك ترفع عينك
في عنيا تاني، وإلا أقسم بالله ما هرحمك وأنا
وقتها هوريك أم الشيطان هتبقي أزاي.
ثواني وتم تجمع الجميع، ياسمين وعبدالرحمن
جنان ومالك والضابط، وحور وميار ورعد.
هتفت ميار بكل جدية ونظرة برود بنبرة هادئة
ولكن مخيفة في نفس الوقت..
بصوا بقاا أنا إلى هنطق بيه دلوقتي كان لازم ينكشف
من زمان بس هو أتأخر والوقت جه عشان كل حاجة
تبان ويرجع كل شيء لأصله، اسمعوني كويس
ومش عاوزة حد يقاطعني.
فلاش باااااك.
في اليوم الذي حدث فيه تغير ودمار لعائلتين لم
يكن من المفروض حدوث ذلك ولكن يشاء القدر
غيره.
دلف رعد من باب فيلته وهو في أوج سعادته لأنه
قد طلع الأول علي قسمه وهو لا يتجاوز السابعة
من عمره، رأي ما اخرسه واوقع الرعب في قلبه
رأي والدته وهي غارقة في دماءها، أقترب إليها
وهو لا يصدق ذلك وصرخ بأعلى صوته لفقدانه
من كانت تمده بالحنان والحب طيلة حياته، رأي
والده أمامه وهو يهاتفه ببرود أنه هو من قتل والدته
لأنها رأته وهو يقوم بخيانتها لذلك قام بقتلها، وقام
بأخذ هذا الطفل وقد حوله إلى شيطان بكل ما للكلمة
من معني.
لكن في الجهة الأخرى كانت هناك من تستمع إلى
زوجها وولدها وهو يخبره أنه قد قتل والدته بدما
بارداً، ولم يعلم أنه قد قام بتهديدها أنه سوف يقتله
أمامها لذلك قد اعتدت الصمت وعزمت علي مغادرة
المكان غير ناسية طفلها الوحيد ونطقت بكل وعيد
أنها ستنتقم من كل من غدر بها.
وصلت إلى منزل أختها الوحيدة والتي لم يعلم عنها
أحدآ دونها لكي لا يتم اذيتها أبدآ اجتمعت مع زوجها
عبدالرحمن واختها واخبرتهم بما حدث إليها، من
تهديد زوجها إليها إلى وقت مغادرتها وعند عزمها
إلى مغادرة البلاد لبناء نفسها من جديد قامت بتوصية
أختها علي وليدها الوحيد حتي لا يتم ضياعه من
قبل هذا الوحش الذي يسمي زوجها، بعد عدة أيام
قبل ذهابها إلى المطار ذهبت إلى بيت طليقها
نعم فهي قد تطلقت منه قبل ذهابها، ذهبت إلى بيته
لكي تري ولدها الوحيد ولكن رأت ما آثارها بالصدمة
والذهول رأت إبن أختها وطليقها عزيز يقوم بقتله
لكنها قد خطرت ببالها خطة من خلالها قد أنقذته
منه، قامت بإصدار صوت قد أرعبه علي أثره قد
تركه ودلف مسرعاً إلى الداخل أسرعت ميار إليه
وأخذته وذهبت من هذا المكان وعزمت علي تربيته
دون إخبار أختها بذلك.
بعد عدة سنوات قد أصبح إبن أختها ضابطاً وهو يسمي
قاسم، وقامت باخباره بما حدث معها كل تلك السنوات
واتفقت معه علي تحقيق الإنتقام، وذهب إلى بلاده
ويشاء القدر أن يلجأ إليه والده ويخبره علي خطف
أخته من قبل هذا الشخص وهو في الأصل يكون
إبن خالتها قام قاسم بتحديد شخص ولكنه كان غامضا
ولم يعلم أحداً في الأصل أنها هي ميار والدة رعد
وقد قامت بمساعدة قاسم في كل شيء، بعد ذلك
ذهبت إلى أختها بغرض تفاجاها ولكنها عمدت ذلك
واخبرتها بوجودها وعند مغادرتها رأت جنان صديقة
حور، واتفقت معها علي توقيع مالك صديق رعد
في حبها وهذا ما حدث وتم التخطيط إليه.
قامت ميار ببعث رسالة إلى جون لكي يخبر عزيز
بوجود ميار طليقته وأنها علي قيد الحياة، جن
جنون الآخر فهو بعد مغادرتها قد بعث أحدهم وراءها
لكي يقوم بقتلها، وهذا مما أخبره به، ولكن شاء القدر
غير ذلك وقامت ببعث تلك الرسالة لرعد تخبره
فيها بوجودها وأن حور فهي أبنة خالته، وها هي
أمامه الآن.
بااااااك.
كل ذلك قد تم تحت مسامع الجميع، منهم من كان
المصدوم، والآخر حزين، والبعض الآخر يشتاق إلى
ضم الثاني.
نطق رعد بضياع لم يستطع استيعاب ما حدث معه
للتو ومما سمعه أيضاً..
إن أنتي بت بتقولي أي إيه، أكيد إلى سمعته ده كدب
مش حقيقة أنتي كدابه كلكوا كدابين، اطلعوا بره
برررره مش عاوز أشوف حد.
لحظات ووقع رعد مغمضا عينيه عن هذا المكان
لم يسمع سوي صراخ قد تردد في روحه ألا وهي
والدته وحبيبته ولم يعد يستوعب شيئا بعد ذلك.
( قاسم هو الضابط إلى لجأ ليه عبدالرحمن لما خطفت
حور، لكن لم يعرف أحداً أنه إبن ياسمين وعبدالرحمن
الذي اختفي منذ الصغر ظانين أنه قد قتل، ولكنه
لم يكن سوي ولدهم المفقود والذي قد تكلفت به
خالته ميار والدة رعد).
===============================
في الولايات المتحدة الأمريكية.
تسير في رواد المشفي تلهب عقول الشباب والحقد
والحسد من الفتيات، فهي ذات جمال اخاذ لم يستطع
أحدا عند رؤيتها غير أن يقع صريعا لروعتها وشدة
جمالها الفاتن.
من يراها لا يصدق أنها هي من أتت منذ شهور، وهي
عبارة عن جثة هامدة ولكن مع اصرارها وعزيتها
مع العلاج والإرادة المستمرة قد رجعت إلى هياتها
القاتلة، آلتي تهيب وتقتل من يقترب إليها، كيف
ولا هي أبنه جواد الدميري ذات الجمال الأسطوري
والخلاب.
طرقاً خفيفا علي باب الغرفة، لم تستطع تخمين
ما هو الشيء الوحيد الذي يخصها والذي من أجله
تم استدعائها من قبل مدير المشفي، وهو الذي
أشرف علي حالتها منذ وصولها إلى وقتها هذا، سمح
لها الطبيب بالدلوف إلى الغرفة لكي تري من الذي
أتى من أجلها.
دلفت قمر إلى الداخل ورأت ما أصابها بالذهول
رأت والدها العزيز علي قلبها، لم تستطع التحمل
واسرعت في الارتماء في أحضانه لكي تبث شوقها
وحنانها من والدها بعد غياب كل تلك الفترة، قام
الآخر بضمها إلى روحه لم يصدق إلا عندما أخبره
الطبيب بذلك، وكانت أسعد شيء قد حدث في
حياته وهو يري أمامه عزيزته وهي واقفة علي
قدمها وفي أبهى حالتها وجمالها.
حمحم الطبيب بعد هذا العناق، ألتفت علي أثره
جواد وابنته قمر وهما الاثنان في أوج سعادتهم
وفرحهم الكبير..
إيه رأيك في المفاجأة دي يا قمر، أظن مفيش أحلى
من كده أول لما قلت ليه إنك بقيتي أحسن وأفضل
من الأول مش كان مصدق وصمم إنه يجي بنفسه
عشان يتأكد ويشوفك بنفسه، أنا أستأذن منكوا
أمر علي الحالات واسيبكوا مع بعض.
بعد مغادرته قام جواد بضم أبنته إليه لكي يستنشق
عبيرها، ولكي يستشف روحها ، لا يكاد يصدق أنها
أمامه الآن في أبهى حالتها نطق جواد بكل حب..
حبيبتي يا قمر أنتي مش تعرفي أنا أسعد واحد
في الدنيا النهاردة أزاي، ربنا يعلم يا بنتي أنا كنت
ميت أزاي من قبل حالتك دي لما حصلت كنت ميت
بس لما الدكتور قلي مش صدقت جيت علي أول
طيارة عشان أشوفك والحمد لله بقيت أسعد
أب إني بنتي رجعت لياا من جديد.
اغرورقت عيناها بالدموع ونطقت قمر بكل هدوء
ونظرة لامعة قد أحيت قلبها ورحها من جديد..
أنا كنت ميتة يا بابا لما قتلوني وخدوا روحي
مني، بس أنا بإرادتي رجعت من تاني وهنتقم من
كل إلي عمل فياا كده وخاصة مالك، بس عاوزة منك
إنك ترجع وتجهز كل حاجة هقولك عليها،قصت
عليه ما تريد تنفيذه من وجودها حية إلى حين
ظهورها.
رتب جواد علي كتفها يبثها بالقوة والعزيمة، وهو
ينظر إليها بكل جمود..
كل إلي قلتي عليه اعتبريه تم، بس أنا خايف عليكي
ليؤذوكي وأنا مش مستعد إني اخسرك، بس أنا علي
يقين إنك فعلاً بنت جواد الدميري وهنتقمي من
الكل اسيبك أنا عشان تستعدي يا قمر جواد
الدميري.
بعد مغادرته قامت قمر وهي في أوج حالتها من الحقد
والغدر، هتفت بكل هدوء مريب..
استناني يا مالك دمارك الجديد بدأ.
( قمر هي إبنة جواد الدميري الذي قام مالك بالاعتداء
عليها وتركها بعد ذلك لرجاله، وقام ببعثها لوالدها
لكي يكون إنذار بالنسبة له، ولكن تري ما هو مصيره
مع قمر وجنان).
===============================
في المشفي.
منتظرين جميعاً في حالة من القلق والرعب تخيم
عليهم، يريدون معرفة ما حدث مع رعد وهما منذ
ساعات قابعين بالخارج ولم يخرج أحداً لكي
يخبرهم بما يحدث بالداخل معه.
خرج الطبيب وتمتم باسف..
أنا آسف يا جماعة المريض القلب بتاعه وقف شدوا
حيلكوا البقاء لله.
