Ads by Google X

رواية شغف الفصل السابع


 الفصل السابع


خرجت من قاعة المحاضرات بعد إنتهاء محاضرتها وقد إعتذرت من صديقاتها فهي لم يعد لها القدرة علي مصاحبة أحد وأصبحت مائلة للعزلة مؤخراً ...ولكن توقفت حينما نادي عليها ..
ـ أنسة شغف ...معلش عايزك ثانية
نظرت تجاهه في صدمة وهي تجيب بسرعة بأبتسامة مهذبة لأنه أستاذها بالجامعة :
ـ أه طبعاً يا دكتور عمر أتفضل
تنحنح بحرج ثم قال وقد ظهرت عليه بوادر الأرتباك :
ـ معلش لو مش هزعجك ممكن نقعد في اي كافيه بس عشان عايز أكلمك في موضوع مهم
بدا عليها التوتر بشدة وهي تقول له بحرج :
ـ انا أسفة جداً لحضرتك بس مش هينفع حد يشوفني معاك هيطلعوا علينا كلام وأشاعات وانت عارف ...حضرتك ممكن تقولي في ايه هنا شعر بالحرج من كلامها لكنها أصابت تماماً وفي داخله أعجبه موقفها فرد بأبتسامة مترددة قائلاً :
ـ احم ...يعني انا كنت ....كنت عايز رقم والدتك
ـ نعم !



ـ يعني ...أنا ....عايز أتقدملك
حملقت فيه بصدمة ...لم تتخيل أبداً حتي وإن كان أخر رجل علي وجه الأرض أن يتقدم لطلبها للزواج ...هي لم تراه أكثر من أستاذ تحب طريقة شرحه وفقط ولكن زوج !
لا تعلم كيف انتهت تلك المحادثة ولا كيف انتهي بها الحال خطيبته ...الأحداث بعد ذلك اليوم مرت بتسارع جنوني فبعد أن جاء لطلبها وكان بالتأكيد "عصام" في أستقباله كواصي عليها رأت الأعجاب الشديد به في عيون كل من والدتها وعصام ...كان من المضحك ان تشاهد والد خطيبها السابق الذي تخلي عنها يقف هو في أستقبال عريسها المنتظر ولكنها تغاضت عن الموقف لحبها لذلك الرجل الذي تراه بالفعل في مكانة والدها ولمعرفتها أنه لا ذنب له فيما حدث ...



كانت تلك الليلة بعد مرور أسبوع من خطبتها له ...أكتسبت والدتها عادة جديدة يومية وهي الحديث عنه وعن ميزاته التي لا تعد ولا تحصي
ـ بجد مش قادرة أبطل أحمد ربنا علي نعمه ... عمر ده مفيش منه أتنين مال وجمال وذوق ودكتور في الجامعة وأملاكهم متتعدش جوه وبره مصروشخصية محترمة جداً وعنده أخلاق ...هو ده العريس الي كنت أتمناهولك بجد
أبتسمت لوالدتها كي تنهي هذا الحديث الذي صارت تبغضه قائلة :
ـ الحمد لله يا حبيبتي بس مش يلا بقي تروحي تنامي وتريحي نفسك ؟! النهاردة اليوم كله كنتي واقفة في المطبخ بتعملي الأكل عشان عمر ريحي نفسك عشان متتعبيش بقي ..
ـ حاضر يا حبيبتي حاضر ...أنا راحتي الحقيقية كانت لما أتطمنت عليكي
قبلت مقدمة رأسها ثم خرجت تاركة اياها تصارع أفكارها ...هو بالفعل الرجل الذي تتمناه أي أمرأة ...شديد الغني والوسامة ولبق وذو بنية رياضية رائعة وخفيف الظل بدرجة لا تتساوي مع كونه أستاذ جامعي ...كل صفاته رائعة لكنها لا تطمئن للأمر ولا تعلم لما؟! ...من الممكن أن يكون أن التجربة السابقة تركت في نفسها جرحاً لا ينضب ...لم تعد لديها القدرة علي الوثوق بأحد ...هي لم تود ان تقبل لعدم إستعدادها الأن لأي تجربة من هذا النوع ولكن أمام إصرار والدتها الدائم لم تستطع سوي أن توافق ...لا تملك سوي ان تدعو الله أن يوفقها للخير ويشفي والدتها فقدرتها علي الأحتمال أوشكت علي النفاذ ..



مرت الأيام وتوطدت معها علاقتها ب "عمر" فهو لم يدخر جهداً في الوقوف الي جانبها في مرض والدتها ولا في التخفيف عنها وإسعادها بالهدايا والرسائل الطريفة التي كان يرسلها لها يومياً ... كان يبثها الأهتمام الذي كانت في حاجة إليه ...كان يخرجها من قوقعة الوحدة التي كانت قد فرضتها علي نفسها بعد مرض والدتها وترك "أدهم" لها وتلك الشائعات التي قامت "يارا" التي كانت بمثابة الأخت لها بترويجها بين اصدقائها حتي أصبحت لا تتمكن من الحديث معهم ...كان ذلك خذلان الأصدقاء الذي جاء في الوقت الذي كانت تحتاج فيه الي كلمة تساندها وفقط ...الخذلان جاء من القريبة التي طعنتها في ظهرها ...ومن الأخريات الاتي صدقنها لتلغي من قاموس حياتها كلمة أصدقاء الي أبد الدهر ..




وتوالت الأيام والأسابيع ...حضرت حفل زفاف "أدهم" دون ان تتأثر ...أو حاولت أن تظهر عدم تأثرها إن كان له أو لأخته التي خيبت أملها ...مر العرس ...ومرت الأيام حتي عقد قرانها هي الأخري ...كانت الفكرة ل"عمر" ولكنها كانت كطوق النجاة ل"ماجدة" للقضاء علي مخاوفها
والفكرة ان يتم عقد القران الأن حتي يستطيع ان يحدثها كما يريد لأنها كانت قد فرضت قيود علي العلاقة قبل الزواج كي يبارك الله في تلك الزيجة فهي حتي وسط همومها الكبيرة التي أثقلت كاحلها لم تنسَ طاعة ربها ...وافقت هي الأخري بعد التفكير في الأمر فقد كانت بحاجة لأن تشعر أن هناك من يساندها في هذا الوقت بالذات...وأتفقوا ان يكون الزفاف عقب إنتهاء إمتحاناتها ...
كان عقد القران في قاعة أحتفالات راقية بالطبع كي يليق بطبقة "عمر" الأجتماعية ...وأخيراً ظهر والده وزوجته كأول ظهور له وكان من الواضح ان الأمر برمته لا يفرق عنده شئ ..
وتكرر المشهد مع أختلاف الأوضاع ...حضر "أدهم" عقد قرانها كما حضرت هي حفل زفافه ...سخرت من الأمر في داخلها فقد مر علي زواجه قرابة الشهرين ...شعرت من مظهره أنه ليس سعيداً البتة وحينما تلاقت عينيها بعينيه للحظات رأت في عينيه نظرة غريبة لم تعهدها ولم تتوقع ان تراها ...نظرة ندم ؟!



مع عقد قرانهما ازداد قربه لها أكثر ...أصبح لا يفارقها في جلسات والدتها عند الأطباء ...يأتي لها في منزلها كي يشرح لها موادها الدراسية كي يسهل عليها مذاكرتها فهو لم يكتفي بمادته فقط بل كان يساعدها في كل المواد ...حتي انه كان يساعد أختها "نور" فيما يصعب عليها فهمه فهي كانت في الصف الثالث الثانوي ...كانت تستغرب أنه يترك أعماله التي لا تنتهي ويفرغ نفسه لها ولعائلتها اليوم بأكمله ...كان هذا ينمي بذرة الحب التي بدأت في الظهور داخل قلبها تجاهه ...



في ذلك اليوم كان في منزلها كعادته فهو أصبح يأتيها يومياً ...أصبحت تحدثه بكل ما يعتمل في صدرها فهي لم تعد تجد لنفسها أماناً سواه
ـ أنا خايفة أوي ...كان هذا صوتها المضطرب الذي شق الصمت الذي كان يخيم عليهما في الشرفة
وضع يديه علي كتفها وهو ينظر في عينيها بعينيه الزرقاء الرائعة التي تبث في نفسها الأمان :
ـ متخافيش ...انا جنبك ...ومامتك بأذن الله مش هيجرالها حاجة ثقي في ده
ـ أفضل دايماً جنبي متسيبنيش ...أنا بجد محتاجالك
قال بمرح محاولاً التخفيف عنها فقد أخبرهم الطبيب اليوم أنه لم يعد هناك أمل في حالة والدتها وأنها يمكن ان تلقي حتفها في أي وقت :
ـ متخافيش هفضل جنبك لحد م تزهقي مني



أبتسمت بحزن ثم أستأذنت منه لتذهب وتوقظ والدتها كي تتناول علاجها ...
كانت تلك هي اللحظات الأصعب عليها في حياتها كلها ...أخذت تناديها وما من جواب ...شعرت بالرعب يملأ أوصالها فأخذت تنادي عليها وهي تهزها ولكن لم تفيق ...لم يصدر منها سوي صرخة شقت السكون المحاوط بها قبل ان تغيب عن تلك الدنيا الظالمة
ـ مــــامــــا


بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-