روايه وقعت في قبضة الوحش الحلقه السابعه والعشرون


 الفصل السابع و عشرون من رواية:وقعت في قبضة الوحش.

بقلم/رولا هاني.


-"نادر" فوق يا "نادر".


صاحت بها "هايدي" بعدما تناثرت قطرات المياة علي وجهه، ففتح هو جفنيه بصعوبة ليتأوه بقوة شديدة باكيًا بحرقة و هو يضع كفه علي قلبه قائلًا بحسرة:


-لو كان معايا فلوس كان زماني عالجتها.


تنهدت بحرجٍ، ثم صاحت بأسفٍ و هي تربت علي كتفه بمؤازرة:


-إدعليها ربنا يرحمها يا "نادر".


أطبق جفنيه صارخًا بقهرٍ و هو يعتدل في جلسته:


-أنا خلاص بقيت لوحدي يا "هايدي"، كل حاجة راحت لما أمي ماتت.


هزت رأسها بإستنكارٍ ثم صاحت بإستهجان و هي تهز رأسها نافية:


-لو كانت عايشة مكانتش هتحب تشوفك كدة، الأفضل دلوقت إنك تدعيلها يا "نادر".


تهاوت عبراته علي وجنتيه مجددًا فأمرها هو بتلك النبرة المختنقة:


-إطلعي برا و سيبيني في أوضتي دلوقت يا "هايدي".


أومأ له عدة مرات ثم نهضت من علي ذلك الكرسي الخشبي لتراجع بخطواتها ناحية الباب لتخرج منه و بداخلها شعور من السخط و الغضب ناحية والدته!

____________________________________________

-محدش راضي يفتح الباب يامة هنعمل إية!؟


صاحت بها "تسنيم" بفزعٍ إزداد عندما تعالت تلك الصرخات فردت عليها والدتها سريعًا و هي تتجه ناحية الدرج:


-إندهي معايا علي أخوكي "رجب" يجي يكسر الباب.


صاحت بتلك النبرة العالية هي و إبنتها:


-يا "رجب".


و ظلوا يهتفوا بإسمه هكذا عدة مرات حتي خرج من شقته ليصعد الدرج قائلًا بحنقٍ و هو يفرك وجهه بنعاسٍ:


-في إية يامة؟....و إية الصريخ دة!؟


ضربته "سعدية" بكتفه بقسوة حتي يستفيق، و صرخت بحدة و هي تدفعه ناحية ذلك الباب:


-يا واد خلص و إكسر الباب دي مرات الباشا يعني كلنا هنروح فداهيا.


جحظت عينان "رجب" بصدمة كمن لدغه عقرب، ثم ركض ناحية باب الشقة ليرمي جسده عليه عدة مرات حتي إنكسر بالفعل، و هنا باتت الصرخات واضحة فتجمع بعض من الجيران بفضولٍ حول تلك الصرخات، لم تهتم بهم كلا من "تسنيم" و "سعدية" بل دلفا للداخل للبحث عن مصدر الصوت، فولجا لتلك الغرفة ليجدوها نائمة و منكمشة علي نفسها برعبٍ و هي ترتجف بهستيرية، إقتربت "سعدية" منها بينما "تسنيم" ظلت واقفة أمام باب الغرفة و هي تتابع صرخات "نورسين" التي تعالي بهلعٍ، وضعت "سعدية" كفها علي جبين "نورسين" لتتحسسه بحذرٍ فصرخت وقتها بوجلٍ و هي تلطم علي صدرها:


-دي سخنة أوي يا "تسنيم"!


ظلت "نورسين" تهذي بعدة كلمات واضحة، و كإنها تقاوم شئ ما و لكن بذعرٍ و ليس كعادتها بعِند و تحدي:


-لا إبعدوا عني، "زياد".....إلحقني ي....يا "زياد"....د..دول هيقتلوني.


تلاحقت أنفاس "تسنيم" لتصيح بتساؤلٍ و هي تهز رأسها بإستفسارٍ:


-هنعمل إية؟


ردت عليها "سعدية" بجدية و هي ترمي الغطاء علي "نورسين" التي ترتجف بعنفٍ:


-إخرجي مشي الناس اللي برا دي، و أنا هعملها كمادات.

____________________________________________

-"هلال" أنتَ تثق بنا، أليس كذلك؟


قالها "روبرت" و هو يشدد قبضته علي الهاتف فرد عليه "هلال" بتلك النبرة المرتبكة:


-بالتأكيد أثق بكم.


رد عليه وقتها "روبرت" بجمودٍ و هو يرتشف عدة رشفات من فنجان القهوة الذي كان بيده الأخري:


-حسنًا، لا تصدق أي شئ قاله ذلك الأحمق و أكمل ما كنت تفعله.


و لم يعطه فرصة للرد بل أغلق الخط هاتفًا بحقدٍ:


-لنتخلص من "زياد" و بعدها نستفيق لك يا "هلال".

____________________________________________

دلف للبيت المتهالك، ثم صعد الدرج ببطئ و إرهاقٍ بائن علي تعابير وجهه المنهكة و فجأة جحظت عيناه بذعرٍ عندما وجد الباب مكسور، فركض هو كالثور الهائج لداخل الشقة صارخًا برفضٍ لتلك الفكرة:


-"نورسيـــن".


وجد "سعدية" تخرج من غرفة "نورسين" قائلة بنعاسٍ و هي تفرك عينيها فقد كانت الساعة الواحدة صباحًا:


-كويس إنك جيت، الهانم كانت تعبانة أوي.


تلاحقت أنفاسه ليزداد هلعه، فركض لداخل غرفتها صارخًا بإرتعابٍ:


-"نورسين"، حصلك إية!؟


جلس بجانبها علي الفراش ليسحبها نحوه صائحًا بخوفٍ شديدٍ ظهر علي تعابير وجهه خاصة عندما شحب:


-"نورسين" رُدي عليا، حصلك إية!؟


إقتربت "سعدية" منه، ثم قالت بهدوء و هي تفرك كفيها بتوترٍ ملحوظٍ:


-هي كانت سخنة و عمالة بتصرخ طول الليل، بس دلوقت حرارتها إنخفضت بعد ما عملتلها كمادات و دلوقت هي نايمة.


اومأ لها عدة مرات، ثم ضم "نورسين" لصدره و هو يخشي فقدانها بأي لحظة، و بعد عدة ثوان صاح بتلك النبرة المرتجفة التي جعلت عينان "سعدية" تجحظ بعدم تصديق:


-شكرًا يا "سعدية".


إزدردت ريقها ثم ردت عليه بإرتباكٍ واضحٍ و هي تتراجع لتخرج من الغرفة:


-همشي أنا بقي يا باشا، الوقت إتأخر، و اة صح نسيت أقولك، أنا بعت الواد "رجب" يجيب واحد يصلح الباب اللي إتكسر إحنا مكناش عايزين نكسره بس الهانم ا...


قاطعها بهدوء و هو يمرر كفه علي خصلات "نورسين" بحنو شديدٍ أصاب "سعدية" بالدهشة:


-محصلش حاجة يا أم "رجب"، كفاية إن إنتوا أنقذتوها.


هزت رأسها عدة مرات ثم غادرت المكان بهدوء، بينما هو يعاتبها بوضوحٍ ليقبل شفتيها بتلك القبلات الرقيقة:


-كدة تخضيني عليكي!


ضمها أكثر له ليتمدد بجانبها و هو يقبل جبينها بإطمئنان واضحٍ علي وجهه، ثم و بعد عدة دقائق قال بهيامٍ ملحوظٍ ليطبق جفنيه براحة بعدما سيطر عليه شعور الأمان و هي بين ذراعيه هكذا:


-بحبك يا "نورسين"، بحبك ياللي غيرتي حياتي!

____________________________________________

باليوم التالي. 


تمت مراسم الدفن و ها هم بالعزاء، كان يقف لا يشعر بأي شئ، فقط حزن شديد خيم بقلبه، حزن شديد لا يتركه و لو لدقيقة واحدة، و كيف يتركه بعدما فقد والدته التي كانت بمثابة حياته، نعم فهو فقد الحياة، و وقتها إقترب منه ذلك الرجل ليصافحه قائلًا ببرودٍ:


-"هادية" هانم بتقولك إلغي الإتفاق اللي بينا.


أومأ "نادر" عدة مرات، ثم رد علي ذلك الرجل قائلًا بإزدراء:


-إبقي خُد بنتها معاك.


أومأ له ذلك الرجل عدة مرات ثم تواري عن أنظاره عندما إتجه ناحية ذلك البيت، بينما هو يعود لحالة الشرود تلك التي باتت تسيطر عليه و لكنه إنتفض فجأة عندما إستمع لصرخات "هايدي" التي تصيب المرء بالإرتعاد.

____________________________________________

تأوهت بقوة فإنتفض هو مستقيظًا عندما إستمع لصوت نبرتها المتألمة فصاح بتساؤلٍ و هو يضع كفه أسفل ذقنها ليرفع وجهها له:


-"نورسين" إنتِ كويسة؟


لعقت شفتيها و هي تقلب نظرها بالمكان قائلة بنعاسٍ:


-هو حصل إية!؟


حاولت الإعتدال في جلستها و لكنه كان يشدد قبضته علي جسدها ليضمها إليه، و بعد عدة ثوان هتف هو بعبثٍ متجاهلًا ما قالته منذ قليل:


-عايزة تهربي من بين إيديا يا قطتي.


إبتسمت بإرهاقٍ ظهر علي وجهها و هي تقول بتلك النبرة الضعيفة لتضع كفها علي صدره برقة جعلته يرمقها بتعجبٍ:


-مبقتش أقدر أهرب من بين إيديك يا "زياد".


تنهدت بعمقٍ لتدفن رأسها بصدره و هي تشعر بالأمان لتستمع هي لنبضات قلبه بإرتياحٍ، ثم و بعد عدة دقائق من السكون هتفت هي بترددٍ:


-"زياد" ممكن أطلب منك طلب؟


رد عليها بتلقائية و هو يمرر كفه علي خصلاتها بحركات منتظمة:


-طلب غبي!


عقدت حاجبيها بغيظٍ لتضرب صدره بغلٍ و هي تبتعد عنه لتعتدل في جلستها، بينما هو يستند برأسه علي ذراعه ليتابعها بإهتمامٍ:


-كل حاجة غبية، غبية، أنا غبية يا "زياد"؟


رمقها بشغفٍ ليتابع براءتها بفضولٍ، ثم رد عليها بتلك النبرة الطفولية المزيفة:


-لا خالص يا قطتي.


زفرت بضيقٍ بسبب ترددها المزعج لكي لا تخبره بما تريد، لذا قضمت أظافرها بتوجسٍ فتحدث هو وقتها بجدية:


-في إية يا "نورسين"؟


ردت عليه وقتها بلا تفكير و هي تعقد ساعديها أمام صدرها لتخفي رجفة كفيها:


-عايزة "هايدي" تيجي هنا و أشوفها.


نظر لها مطولًا فتوقعت هي رفضه، لذا تابعت بتوسلٍ و هي ترمقه برجاء جعله يتعجب من إلحاحها العجيب:


-لو سمحت يا "زياد" أنا أول مرة أطلب منك طلب بالطريقة دي، و متخافش أنا واثقة فيها.


اومأ لها عدة مرات، ثم أخرج ذلك الهاتف من جيبه و قبل أن يعطيه إياها قال بترقبٍ:


-والدك كان عايز يشتغل معايا من عن طريقك عشان شركته بتفلس، تحبي أعمل فيه إية؟


تنهدت "نورسين" بإمتعاضٍ، و قد إكفهر وجهها بصورة واضحة لتجيبه بتجهمٍ:


-سيبه يا "زياد"، إخلص من كل حاجة مخليانا في خطر عشان نهرب من هنا و نعيش سوا بعيد عن كل حاجة.


عقد حاجبيه ليصيح بإستفهامٍ و هو يرمقها بصدمة لم يستطع إخفاءها:


-سوا!؟ 


أومأت له عدة مرات بتوترٍ، ثم إلتقطت ذلك الهاتف من بين بيديه لتهرب من بنيتيه التي تراقبها بلا توقف، و وقتها نهض هو ليبتسم  تلك الإبتسامة الساحرة علي خجلها الذي باتت هي لا تستطيع السيطرة عليه، ثم قال بجدية مصطنعة:


-طب أنا تمشي دلوقت عشان ورايا كذا حاجة هعملها، و متنسيش تقولي لصاحبتك العنوان إحنا في (*****) 


خرج من الغرفة ليتجه ناحية باب الشقة الذي عاد كما كان، و قبل أن يفتحه و يخرج صاح بحدة حتي تنتبه لمدي خطورة كلماته:


-"هايدي" و بس يا "نورسين".

____________________________________________

دلف للشقة ليقبض علي مقدمة قميص ذلك الرجل الذي يحاول سحبها عنوة، ثم لكمه عدة لكمات عنيفة وسط صرخات النساء صارخًا ب:


-بقي بتضربها في بيتي يا ***


رد عليه ذلك الرجل و هو يلهثٍ بعنفٍ ليشير ناحية "هايدي" التي تبكي بهستيرية:


-هي اللي رافضة تيجي معايا، "هادية" هانم عايزاها في البيت حالًا.


هزت "هايدي" رأسها نافية عدة مرات لتصرخ برفضٍ لا يقبل النقاش وسط همهمات النساء:


-أنا مش همشي يا "نادر" مش هسيبك. 


أطبق "نادر" جفنيه ثم صاح بجمودٍ و هو يجز علي أسنانه بعنفٍ:


-خُدها و إمشي من هنا، وجودها ملهوش لازمة. 


رمقته "هايدي" بخزي ثم تقدمت بخطواتها ناحية الباب دون أن تنبس بأي كلمة، بينما ذلك الرجل يذهب خلفها ليخرجا الأثنان وسط ذهول الجميع، و هنا إقتربت خالته منه لتصيح بإستنكارٍ:


-هتسيبها يا "نادر" يابني! 


أومأ لها عدة مرات هاتفًا بقسوة و عينيه تلتمع بوميضٍ لا يبشر بالخير:


-وجودها من الأول كان غلط.

____________________________________________

صعدت السيارة مع الحارس الشخصي لوالدتها، ثم تنهدت بقهرٍ فهي لم تكن تتوقع رد فعله المهين ذلك!


إنتفضت "هايدي" بخفة عندما تعالي رنين هاتفها، ثم نظرت لرنين الهاتف بفتورٍ و لكنها شهقت بحماسٍ عندما رأت هوية المتصل، فردت هي سريعًا لتستمع لصوت "نورسين" التي كانت تصيح ب:


-ساعتين عشان ترُدي!....إسمعي أنا في (*****) عايزاكي تجيلي بسرعة عشان في كذا موضوع عايزاكي فيه.


عقدت "هايدي" حاجبيها بإستغرابٍ عندما تم إغلاق الخط و لكنها لم تهتم، بل ظلت تضغط علي الهاتف عدة ضغطات لتضعه علي أذنها بعد عدة ثوان قائلة بتلهفٍ:


-أيوة يا "إسماعيل"، أنا عرفت عنوان "نورسين".

................................................................. 

    الحلقه الثامنه والعشرون من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1