روايه وقعت في قبضة الوحش الحلقه التاسعه والعشرون


 الفصل التاسع و عشرون من رواية:وقعت في قبضة الوحش.

بقلم/رولا هاني.


-روح ياكش و إنتَ ماشي يطلعلك واحد أضخم منك يبلعك.


قالتها "سعدية" و هي تنظف البيت مرة أخري بسبب ذلك الحارس الذي دلف للشقة عنوة باحثًا عن "نورسين"، تنهدت هي بلغوبٍ ثم صوبت نظراتها تجاه ذلك الهاتف الذي يهتز علي المنضدة ليعلن عن وصول مكالمة هاتفية جديدة، فإقتربت هي من المنضدة لتلتقط الهاتف لتنظر له بتعجبٍ قائلة بذهولٍ و هي تقرأ إسم المتصل:


-دي شكلها نسيت التليفون.


لوت  شفتيها بتأففٍ ثم هتفت بحيرة و هي تحك مقدمة رأسها:


-هي البت "تسنيم" قالتلي أدوس فين عشان أرد!؟


ردت سريعًا بعد عدة ثوان لتصيح بفرحٍ و كإنها نجحت بشئ ما:


-أيوة إفتكرت علي الدايرة الخضرا.


كادت أن تضغط علي الهاتف و لكن المكالمة إنتهت بتلك اللحظة فزفرت هي بحنقٍ صائحة بضيقٍ:


-خلاص إما يبقي يتصل تاني هبقي أرُد، هكمل أنا بقي تنضيف.

____________________________________________

-هسيبك أنا دلوقت، عايزك تختفي اليومين دول لغاية ما أطلبك، هتلاقي برا حد يديك رقمي قبل ما تمشي.


قالها "زياد" بإيجازٍ ليضع هاتفه الذي كان يحاول الوصول الي "نورسين" من خلاله و لكنه لم يستطع بجيبه، و بتلك اللحظة رد عليه "صخر" بنبرة عادية:


-تمام.


و قبل أن يخرج "زياد" من ذلك المكان هتف بتساؤلٍ و هو يرمق "صخر" بقتامة:


-مين اللي حط في دماغهم فكرة إنهم لازم يخلصوا مني؟


إزدردت "صخر" ريقه بصعوبة، ثم هتف بتلعثمٍ:


-ه...هو صاحب الفكرة..."هلال" بعدها أنا اللي وصلت الموضوع للي أكبر مننا.


إرتدي "زياد" نظارته الشمسية القاتمة ثم خرج من المكان و بكل هدوء جعل الرعب يسيطر علي "صخر"! 

____________________________________________

-جاية أودعك.


قالتها "روضة" و هي تبتسم ببشاشة ل "سيدة" التي جعلتها تلج لداخل منزلها، و هنا تسائلت "سيدة" بدهشة واضحة علي تعابير وجهها:


-تودعيني!؟...يعني إية؟


وضعت "روضة" كفها علي بطنها بندمٍ ملحوظٍ علي تعابير وجهها التي إنكمشت بحزن:


-بعد ما سقطت و "زياد" مقتلنيش، قررت أهرب من كل حاجة و أسافر.


ثم تابعت بجدية و هي تضع خصلاتها المتمردة القصيرة خلف أذنها:


-يعني هو أنا مش هبعد إوي، أنا بس هسافر قنا، إنتِ عارفة إن عيلة والدتي كلها هناك، ه...هما ناس طيبين و موافقين إني أبقي في وسطيهم.


اومأت لها "سيدة" بتفهمٍ، ثم صاحت بشكٍ:


-غريبة يعني الطريقة اللي بتتعاملي بيها!


ردت عليها "روضة" ضاحكة بخفة و هي تهز قدميها بصورة منتظمة:


-بُصي يا "سيدة" إنتِ الوحيدة اللي "زياد" بيثق فيكي و تقريبًا بيسمع كلامك، أنا عارفة إن "نورسين" مُهمة بالنسباله و لكن إنتِ أكتر واحدة فاهماه، و أنا عارفة كويس إنك السبب الرئيسي في إنه ميقتلنيش ف..ف تقدري تقولي جاية أشكرك.


تقدمت "سيدة" منها، ثم سحبتها نحوها لتضمها بحنان قائلة بنبرة رقيقة جعلت "روضة" تبتسم بإمتنان، فهي لم تكن تتوقع تطور الأحداث بتلك الصورة خلال أيام هكذا:


-متنسيناش يا "روضة". 


اومأت "روضة" و هي بين أحضانها، ثم صاحت بترددٍ و هي تبتعد قليلًا:


-"سيدة"، إرجعي لجوزك، هو لسة بيحبك.


عقدت "سيدة" حاجبيها لتصيح بعدم تصديق:


-"مؤمن"! 


أومأت لها "روضة" عدة مرات، ثم هتفت بترقبٍ و هي تتنهد بتمهلٍ:


-ايوة، كان علطول بيسأل عنك. 


تنهدت بقنوطٍ ثم صاحت بهدوء و هي تحاول إستيعاب تلك الصدمة:


-تمام هشوف الموضوع دة. 


ثم تابعت بضيقٍ و هي تتجاهل ما قالته "روضة" منذ قليل عمدًا:


-المهم إنتِ و" زياد" دلوقت.. 


قاطعتها "روضة" بنبرة عادية و هي تقبض علي حقيبتها الكبيرة التي تمتلئ بملابسها و كل ما تحتاجه:


-بعتلي ورقة طلاقي، و متنسيش تقولي ل "نورسين" عشان دي بتغير عليه جدًا...و علي فكرة عايزاكي متقلقيش منها خالص،" نورسين" بتحب "زياد" بجد. 


اومأت لها" سيدة" عدة مرات، لتكمل "روضة" و هي تبتسم بلطفٍ:


-يلا أنا همشي بقي عشان كدة هتأخر. 


إتسعت إبتسامة "سيدة" فإقتربت منها لتحتضنها قائلة برقة:


-إبقي تعالي يا "روضة". 


اومأت لها مرات ثم تراجعت بخطواتها لتخرج من المنزل ب" روضة"جديدة كما تمنت من قبل، ب "روضة" لا يملئها الحقد ولا الغل، فقط حياة مشرقة جميلة تجعل المرء سعيد بلا تفكير! 

____________________________________________

-بيت مين دة!؟ 


قالتها "نورسين" بإستفسارٍ و هي تدلف لداخل ذلك المنزل مع صديقتها "هايدي" فردت هي عليها بجدية شديدة أصابت نورسين بالذهول فهي لم تستطيع إستيعاب ما حدث منذ قليل:


-دة بيت عيلة بابا، هُما حاليًا كلهم مسافرين و مبيرجعوش غير مرة أو مرتين في السنة. 


تنهدت "نورسين" بإرهاقٍ و هي حتي لا تستطيع أن تسأل صديقتها عما حدث بسبب شعور الإنهاك الذي سيطر عليه، لذا تقدمت ناحية تلك الأريكة لتتمدد عليها و هي تلهث بوهن، و لكن "هايدي" لم تتركها للراحة بل صاحت بعدم تصديق و هي تقبض علي خصلاتها بكلا كفيها:


-معقول "إسماعيل يبيعك عشان الفلوس! 


جحظت عينان "نورسين" فجأة لتهب واقفة صارخة بإستهجان:


-هو اللي عرفهم مكاني!؟ 


اومأت لها" هايدي"عدة مرات، و فجأة تقلصت تعابير وجهها بإرتباكٍ عندما صاحت صديقتها بتعجبٍ:


-بس هو عرف منين مكاني!؟....دة محدش يعرفه غير "زياد" و إنتِ....


إبتلعت بقية كلماتها عندما إستطاعت إستيعاب ما حدث، فصرخت وقتها بغضبٍ و جسدها يهتز من فرط الإنفعال:


-إنتِ يا "هايدي"!؟ 


إزدردت "هايدي" ريقها بصعوبة بالغة ثم صاحت بنبرة مهتزة و هي تحاول تبرير فعلتها الحمقاء:


-متفهمنيش غلط، أنا كل اللي كنت عايزاه إني أساعدك بأي طريقة، و فعلًا كنت بحاول و فجأة جه "إسماعيل" و قالي إنه مسك دليل علي "زياد النويري"، دليل يثبت إنه تاجر مخدرات و قالي كمان إنه محتاج يعرف مكانك عشان دة هيساعده في اللي بيعمله، و لما عرفت العنوان و قولتله جيت يومها أروحلك زي ما إنتِ عايزة و وقتها لقيت رجالة كتير بتدور عليكي، ف....ففهمت إن في حاجة غلط بتحصل خصوصًا لما نزلت و لقيتك بتجري بسرعة، وقتها خدت عربيتي و مشيت وراكي عشان أنقذك. 


جزت "نورسين" علي أسنانها بنزقٍ ثم صرخت بسخطٍ بوجه صديقتها التي إنكمشت برعبٍ فهي لن تستطع مجابهة عصبية "نورسين" أبدًا:


-إنتِ بجد غبية!...بسببك كان ممكن أكون مقتولة دلوقت، و بعدين مين قالك إني عايزة أخلص منه ها؟....رُدي عليا، أنا بحبه و مش هسمح لأي حد إنه يأذيه، سامعاني؟


كانت "نورسين" تلهث من فرط الإهتياج الذي سيطر عليها، و فجأة وضعت كفها علي فمها عندما إستطاعت إستيعاب ما قالته، و وقتها لم تستطع فعل أي شئ أمام صديقتها التي صرخت بصدمة:


-بتحبيه!


ترنحت نورسين في وقفتها و لم تستطع المقاومة أكثر من ذلك فإستسلمت هي لذلك الشعور الذي يراودها منذ الصباح لتقع فاقدة الوعي تحت نظرات "هايدي" التي تصرخ بخوفٍ!

____________________________________________

-إستمع لي "روبرت" إن لم تحضر لي تلك ال***** خلال عدة ساعات أنتَ تعرف رد فعلي القاسي وقتها.


صرخ بها "جاك" بعدما أتي حارسه الشخصي و مساعده "روبرت" ليخبره بفشله في إيجاد "نورسين"، فرد عليه بذعرٍ و هو يومئ له عدة مرات:


-حسنًا فقط عدة ساعات، أعطني عدة ساعات و سأحاول مجددًا.


أولاه "جاك" ظهره و هو يشعل سيجارته الفاخرة قائلًا بقتامة مخيفة:


-عدة ساعات فقط "روبرت".

____________________________________________

-يعني إية مش موجودة!؟


صرخ بها "زياد" و هو يحطم كل ما يراه بشقة "سعدية" التي ردت عليه بإرتعابٍ:


-كل اللي أعرفه إنها نزلت من هنا قبل ما يجوا هما عشان يدوروا عليها هنا.


تلاحقت أنفاس "زياد" ليهز رأسه رافضًا بهستيرية، ثم و خلال عدة ثوان بكي!...بكي بقهرٍ أسفل نظرات "سعدية" المشدوهة، بكي بحسرة بعدما شعر بعدم وجودها!....أفقدها أم إن هناك شئ ما لا يعرفه!؟...إنتحب بإرتعادٍ من تلك الفكرة التي راودته لتلاحقه كظله، ماذا إن وقعت بين يديهم!؟....أقتلوها!؟...أهي خائفة الآن!؟....إنهمرت عبراته لتتعالي شهقاته كالطفل الصغيرة الذي فقد والدته بعدما وجدها!....إرتجف جسده و هو يقع علي الأرضية الباردة ليصرخ بنبرة هزت أرجاء المكان، بينما "سعدية" ترمقه بصدمة واضحة، أهل ذلك هو الرجل الذي يهابه الجميع و يخشوا أن ينالوا بطشه بأي لحظة!؟....ربما يحب تلك ال"نورسين" بصدقٍ:


-"نورسيــــن"، مش هتضيعي مني بعد ما لقيتك لا. 


تقدمت "سعدية" منه لتربت علي كتفه برقة قائلة بنبرة هادئة لتخفف من حدة الموقف:


-قوم يا بني، متخليش حد يشوفك مكسور، قوم إنتَ لو إتكسرت الكل ما هيصدق و صدقني الوضع هيبقي أسوء. 


رفع "زياد" رأسه نحوها ثم تسائل بقلبٍ منفطر و هو يهز رأسه بهستيرية:


-أنا حاسس إن كل حاجة ضاعت مني! 


هزت "سعدية" رأسها نافية، ثم قالت بحدة و هي تضرب كتفه بخفة حتي ينهض:


-طب ما يمكن تكون هربت منهم، قوم دور علي مراتك متفضلش كدة يا بني.


نهض "زياد" ببطئٍ لينظر لها بإمتنان فهي قامت بدور "سيدة" بتلك اللحظة، نعم وبخته علي ضعفه الذي ظهر بوضوحٍ فذلك ليس الوقت المناسب للإنهيار، "نورسين" تحتاجه بذلك الوقت أكثر من أي شئ، لذا كفكف عبراته الغزيرة، ثم تقدم ناحية "سعدية" ليقبل رأسها قائلًا:


-شكرًا يا أم "رجب". 


و لم يعطها فرصة للرد بل خرج سريعًا من الشقة، و قد عزم إيجاد "نورسين" ليكمل خطته حتي يعيش هو معها بسلامٍ مبتعد عن أي شئ، و ما إن خرج هو زفرت "سعدية" بإختناقٍ صارخة ب:


-طب و رحمة أمي ما أنا منضفة تاني. 

___________________________________________

قبضت" هايدي" علي هاتفها، ثم همست بترددٍ:


-لازم أكلمه عشان يعرف مكانها، دة بردو جوزها.


زفرت بحنقٍ و هي تضغط علي الهاتف عدة مرات لتحاول الوصول لذلك ال"زياد"و لكن..

..................................................................... 

 

        الحلقه الثلاثون من هنا

تعليقات



×