الفصل الثالث عشر من رواية:وقعت في قبضة الوحش.
بقلم/رولا هاني.
-هو إنتِ هتفضلي فاشلة في كل حاجة كدة!
قالتها "هادية" والدة "هايدي" بقسوة بالغة غير مكترثة لكم الألم الذي باتت إبنتها تشعر به، و لم تكتفي بذلك بل تابعت بحدة و هي تضرب كتفها بصورة مهينة جعلتها تنفجر بالبكاء:
-فاشلة في تعليمك و في حياتك، هتفضلي طول عمرك بالصورة المقرفة دي!
صرخت "هايدي" بإنهيارٍ و هي تركض ناحية المطبخ بخطوات سريعة لتتجه خلفها والدتها بتعابير شبه مرتبكة، شهقت "هادية" عندما رأتها تسحب سكينًا حاد لتضعه علي رسغها قائلة بحسرة و دموعها الحارة تلهب وجنتيها:
-نسيتي كمان تقولي حاجة يا "هادية" هانم، وجودي ملهوش لازمة.
و لم تتردد لحظة في غرز نصل السكين برسغها لتمرره ببطئ غير مكترثة لصراخ والدتها الهستيري التي ركضت نحوها لتلتقط ذلك السكين من يدها، و لكن بعد ماذا!؟.... بعدما فات الأوان!
___________________________________________
-حبيت أفهمك كل حاجة، عشان متتصرفيش بغباء.
قالها بغطرسة فرمقته هي بغيظٍ هاتفة بتأففٍ:
-غباء!...بقي انا اللي بتصرف بغباء.
قرب وجهه منها ليسألها بتحذيرٍ غير بائن لترمقه هي بتوترٍ ملحوظٍ:
-ايوة إنتِ، عندك مانع!؟
إتسعت حدقتاها لتهز رأسها برفضٍ تلقائي بينما هو يبتسم بثقة ليتجه ناحية باب الغرفة، ثم قال بنبرة عادية قبل أن يخرج من الغرفة:
-نامي و إرتاحي عشان بكرة يوم طويل.
إنتظرت خروجه من الغرفة لتضرب قدمها بالأرض متمتمة بحنقٍ شديدٍ:
-انا كان إية اللي دخلني في كل الحوارات دي!
____________________________________________
-يعني إية اللي بتقوليه دة يا ماما "سيدة"!؟...يعني إية الكلام دة!؟
صرخت بها "نرمين" و هي تهز رأسها رافضة إستيعاب ما حدث، ثم تابعت بفجعٍ و هي تقبض علي تلك الصحون لترميها أرضًا بإنهيارٍ:
-ماما مش ماتت، لا إنتِ كدابة و وحشة.
بينما "سيدة" بعالم أخر تستشيط غضبًا مدمدمة بغضبٍ جحيمي:
-قتلتها يا" زياد"!
و فجأة إنتبهت لتلك الدماء التي غمرت يد الصغيرة بسبب تلك الزجاجة التي غُرزت بكفها أثرًا لما حطمته، لذا و بلا تردد ركضت نحوها صارخة بفزعٍ من شدة الدماء المتدفقة التي تراها:
-"نرمين" حصلك إية!؟
و قبل أن تصل إليها وقعت الصغيرة فاقدة الوعي، لتصرخ "سيدة" بهلعٍ و هي تجثو علي ركبتيها باكية بحرقة:
-"نرمين" لا يا "نرمين" مش هتضيعي مني.
ثم تابعت صارخة بجنون و هي تهزها بعنفٍ:
-مش هتضيعي مني زي اللي قبلك سامعاني.
كانت بحالة غير طبيعية، ولا تتصرف بحكمة كل ما تفعله هو الصراخ الهستيري بجانب الصغيرة، لذا إجتمع السكان أمام باب الشقة و الفضول يسيطر عليهم لمعرفة ما سبب ذلك الصراخ المفزع بذلك الوقت المتأخر، ثم صاح أحدهم بحدة:
-إنتوا هتفضلوا واقفين كدة، يلا نكسر الباب عشان نعرف في إية!؟
اومأ الجميع و بعد عدة دقائق إستطاعوا بالفعل كسر الباب ليجدوا ذلك المنظر فصرخ ذلك الرجل مجددًا:
-إنتوا لسة هتتفرجوا، إطلبوا الإسعاف بسرعة.
____________________________________________
-لية بس المعاملة دي يا "زياد" باشا دة إحنا حتي حبايب!
صاح بها ذلك الرجل و علي وجهه علامات ماكرة خبيثة، ليرد عليه "زياد" بنبرة هادئة تحذر بهبوب عاصفة ما:
-بلا حبايب بلا قرايب، إنتَ خدت البضاعة اللي متفقين عليها و أنا المفروض أخد الفلوس اللي متفقين عليها بردو.
عقد ذلك الرجل حاجبيه ببراءة مزيفة و هو يهتف بسخرية:
-متزعلناش منك بقي يا "زياد" باشا، مش كفاية هنسمحلك تطير "أسامة الصياد" و مش هنعمل حاجة رغم إن علاقتنا بيه كويسة!
إستند بظهره علي سيارته ليهتف بروية و هو يتنهد بعمقٍ:
-إخلص يا "هلال" عايز إية؟
نفث "هلال" دخان سيجارته بعدما أشعلها، ثم صاح بدهاء و علي وجهه تعابير و علامات شيطانية تصيب المرء بالرعب:
-تنزل شوية سعر البضاعة، خليها إتنين مليون.
ثم تابع و عينيه تشع وميضًا شريرًا:
-إنتَ عارف إحنا لو إتدخلنا إنسي إن "أسامة" يتحبس.
إرتسم علي ثغره إبتسامة جانبية ساخرة ليهتف بإعجابٍ مصطنعٍ:
-كنت عارف إنكم هتعرفوا اللي حصل.
إبتسم "هلال" بثقة إزدادت خاصة عند هتاف "زياد" ب:
-ماشي يا "هلال" هخليها إتنين مليون.
كاد "هلال" أن يرد عليه و لكنه إنتبه لتلك الجلبة التي كانت خلف سيارة "زياد"، لذا أخرجا الأثنان سلاحهما الناري ليتجها ببطئ ناحية خلف السيارة، و ما إن رأي "زياد" تلك التي تنكمش علي نفسها خلف السيارة حذر "هلال" بنبرة عالية و هو يبعده:
-إوعي تضرب نار.
رمقه "هلال" بصدمة بينما هو يهمس بغضبٍ مكتومٍ:
-"نورسين"!
____________________________________________
-إنتِ اللي وصلتيها لإنها تإذي نفسها، إنتِ السبب!
صاح بها "أمين" بسخطٍ بينما "هادية" تبكي بندمٍ و شهقاتها تزداد بهستيرية، و فجأة تركها "أمين" ليركض ناحية الطبيب صائحًا بتلهفٍ:
-أخبارها إية دلوقتي يا دكتور؟
رد عليه الطبيب بنبرة جامدة و هو يعدل من وضعية نظارته:
-أنقذناها بصعوبة، و حالتها دلوقت مستقرة.
تقدمت "هادية" منه بخطواتها المتئدة لتصيح برجاء:
-عايزين نشوفها يا دكتور.
هز الطبيب رأسه بأسفٍ، ثم قال بنبرة هادئة:
-مع الأسف مش هينفع دلوقتي، تقدروا تشوفوها بكرة.
ثم إستأذن منهم بإحترامٍ ليتركهم للإطمئنان علي المرضي.
تراجعت بخطواتها لتضع كلا كفيها علي وجهها باكية بحسرة صارخة بحرقة:
-آآآآآه يا بنتي.
____________________________________________
-متقلقيش حضرتك دة مجرد جرح سطحي و إحنا عالجناه.
قالها ذلك الطبيب ليطمئن "سيدة" التي تبكي بهستيرية و كإنها فقدت إبنتها مجددًا!...هز الطبيب رأسه بقلة حيلة ثم إضطر لتركها للإتجاه لمكتبه بينما هي يزداد بكائها المرير و هي تردد بندمٍ:
-أنا اللي قولتلها، أنا اللي قولتلها، يا غبية يا "سيدة" يا غبية.
أخرجت هاتفها من جيبها لتضغط عليه عدة ضغطات بغلٍ، ثم وضعته علي أذنها لتحاول مهاتفته للمرة العاشرة لتصيح بضيقٍ:
-رُد
____________________________________________
-أنا عارفة إني إتصرفت بغباء بس أ...
قالتها عندما لاحظت هدوئه المرعب ليقاطعها هو صارخًا بوجهها بفظاظة جعلتها تصمت بحنقٍ:
-أنا مش عايز أسمع صوتك لحد ما نوصل إنتِ فاهمة؟
عقدت حاجبيها بغيظٍ لتتخصر بغلٍ صائحة بسخطٍ:
-لا بقولك إية إنتَ اللي غلطان، قولتلي إنك هتعرفي كل حاجة و طلعت مخبي عني حاجات كتيرة!
ضغط علي مكابح السيارة ليرمقها بنظراتٍ لا تبشر بالخير قبل أن يصرخ بوجهها مجددًا و قد برزت عروقه النابضة من فرط الإنفعال:
-إنتِ متخلفة و مبتعرفيش تفكري، كان ممكن خلال ثواني تموتي لو كنت مخدتش بالي إنه إنتِ، عرضتي حياتك للخطر عشان فضولك الغبي.
أجابته بإستخفافٍ و هي تعقد ساعديها أمام صدرها، لتلتفت للناحية الأخري لتصطنع عدم الإنتباه له:
-علي أساس إنك مهتم أوي أموت ولا أعيش!
باغتها بسحبه إياها نحوه لترمقه هي بصدمة خاصة عندما هتف بحزمٍ و هو يرمقها بنظراتٍ مبهمة لم تستطع فهمها:
-طبعًا يهمني، و يهمني أوي كمان.
معنت النظر ببنيتيه تحاول فهم مغزى حديثه و لكن بالطبع لم تزكن أي شئ، لذا سألته بصدقٍ بعدما لعقت شفتيها بتوترٍ:
-قصدك إية!؟
طال الصمت لترمقه بإرتباكٍ هامسة بقلقٍ و نظراتها الزائغة تتابع بنيتيه التي مازالت ترمقها بصورة عجيبة:
-إنتَ بتبصلي كدة لية!؟
لم يرد عليها و كأنه شارد بصورة شديدة لتهمس هي مجددًا بخوفٍ ظهر بعلامات وجهها التي إنكمشت بوجلٍ:
-"زياد" إنتَ....
و لكنه إبتلع بقية كلماتها عندما إقترب أكثر ليقبل شفتيها بنعومة و رقة ففزعت هي علي أثرهما، و بالرغم من إستطابتها لشعور قربه إلا إنها دفعته بعيدًا عنها ليرمقها هو بتعجبٍ فهتفت هي برفضٍ صارمٍ لا يقبل النقاش:
-لا يا "زياد"، لا.
ثم تابعت بضيقٍ واضحٍ و هي ترمق نظراته المبهمة بتوجسٍ:
-أنا هنفذ إتفاقنا و أمشي و تنساني زي ما إتفقنا.
لم يعطيها رد بل إلتفت مجددًا ليدير محرك السيارة بصمتٍ لا يطمئن ولا يبشر بالخير فكادت هي أن تسأله عن سبب صمته و عدم رده علي ما قالته، و لكنها تراجعت عندما رأت تعابير وجهه المرعبة القاتمة التي جعلتها تتراجع عن أي أسئلة كادت أن تسألها، بالإضافة إلي شعورها بالندم بسبب فعلتها الغبية، كالحمقاء خرجت لتراقبه بعدما خرج من المنزل بسبب فضولها العجيب!؟....و لكن ما تأكدت منه هو صحة ما قرأته عنه من قبل!......هو تاجر مخدرات بصورة رجل أعمال!
____________________________________________
دلفت بخطواتها المتئدة للغرفة لترمقها بألمٍ و هي تنكمش علي نفسها بحزن، ثم قالت بنبرة شبه لطيفة لتخفف من حالة الكآبة التي سيطرت علي الصغيرة:
-"نرمين" حبيبتي إنتِ كويسة؟
هزت الصغيرة رأسها نافية بصدقٍ قبل أن تصيح ببراءة واضحة و دموعها تغمر وجنتيها الممتلئتين:
-لا و إبعدي عني، محدش له دعوة بيا، أنا عايزة ماما و بس.
نظرت لها "سيدة" بإستياء هاتفة بذهولٍ:
-كدة يا "نرمين"!...دة أنا ماما "سيدة"!
هزت الصغيرة رأسها بهستيرية لتجيبها بصراخٍ و هي تضرب الفراش بيدها المجروحة:
-لا إنتِ مش ماما ولا عمرك هتبقي ماما ولا هتعرفي تبقي زيها، سامعاني؟
هدأتها "سيدة" بإشارة من يديها لتصيح بإرتعابٍ و هي تهز رأسها بقلقٍ من حالة تلك الصغيرة التي باتت لا تطمئن:
-إهدي يا "نرمين" إهدي، متعمليش كدة أبوس إيدك.
لم تستمع "نرمين" لما قالته بسبب حالة الإهتياج التي سيطرت عليها، ثم صرخت بأعلي صوتها و جسدها الهزيل يرتجف بلا توقف من فرط العصبية:
-إمشي برة، إنتِ وحشة و كدابة، و انا بكرهك.
تراجعت "سيدة" بخطواتها للخلف و هي تضع كلا كفيها كفيها علي أذنيها، و لكن كلمات الصغيرة لاحقتها كظلها (إنتِ مش ماما ولا عمرك هتبقي ماما)، هزت رأسها بألمِ و هي تتابع "نرمين" التي تنتحب بلا توقف لتتعالي شهقاتها بعجزٍ صارخة ب:
-كفاية يا "نرمين" كلامك بيوجعني.
ردت عليها الصغيرة بنبرة طفولية و دموعها تهبط مجددًا:
-و أنا واجعني إن ماما مش معايا!
هزت "سيدة" رأسها عدة مرات و هي عاجزة عن الرد عليها، ثم و بكل ألم خرجت من الغرفة و عبراتها تتهاوي بلا توقف لتظهر تلك المرأة المسكينة التي دفنتها بداخلها لعدة سنوات!
____________________________________________
صباح يوم جديد.
إستيقظت علي تلك الأصوات الغريبة التي بالأسفل، لذا نهضت سريعًا لتخرج من غرفتها و هي مهتمة لمتابعة كل شئ يحدث بذلك البيت، أو يخص "زياد" الممتلئ بالأسرار المبهمة.
هبطت الدرج لتجد عدة ظباط و قد كان أحدهم يهتف بثباتٍ:
-إنتَ مُتهم بقتل "سهيلة عبد الهادي"
.............................................................................
كنت حابة أوضح حاجة حساكوا كدة مش رابطينها(روضة ظهرت في أول فصل في أول مشهد لزياد في الرواية بس مكانش إسمها مكتوب)❤️❤️
😉❤️
و دمتم سالمين❤️