Ads by Google X

رواية زيغه الشيطان الحلقه الثانيه عشر


 

الفصل الثاني عشر من #زيغه_الشيطان

#أضواء_مبعثرة.

بقلم فاطمة محمد & فاطمة طه سلطان.


_______


اذكروا الله.


______


'الحب الحقيقي : أن تحب الشخص الوحيد القادر أن يجعلك تعيسا.'

- أنيس منصور.


_______


في صباح يوم جديد…


كانت رقية تجلس على الطاولة ويجلس معاذ في أحضانها شبه نائم، أما صفية كانت تترأس المائدة وكانت الخادمة تضع انواع واصناف الطعام التي تريدها فلم يعجبها هذا الفطار الذي كان سيتم تحضيرة وكان مكونًا من جبن فقط وبعض المعجنات، فهتفت رقية معترضة:

- يا ماما اللي بتعمليه ده ميصحش، يعني مينفعشي نمشي البيت على كيفنا…


- انكتمي يا بت الواد ضعفان والبت حبلة لازم فطار وحاچات تشبع وتقويهم..


- اديني انكتمت اهو ..أصلا انا مكنتش عايزة أجي أنتِ السبب مش عارفة لحد أمتى هتفضلي تغصبيني على كل حاجة…


قالتها رقية بتذمر وحزن دفين فعلقت صفية بأنفعال:

- مش جولتلك عاد انكتمي ..


زفرت رقية بضيق فمهما قالت لن تقتنع صفية ابدا بحديثها فأخذت تنتظر هبوطهما، وبالفعل ما هي الا دقائق ليهبط أمجد وهو يحاوط بتول بذراعيه

- صباح الخير يا أمي..


أجابت عليه صفية بتهكم وهي تراه يحتضنها وكل ذلك الدلال، ولكنها رسمت بسمة مزيفة على ثغرها:

- صباح النور على سيد الناس..

 

ألقت بتول التحية على رقية وعلى صفية لتجلس بعد أن سحب أمجد المقعد لها…





فرمقته صفية بسخرية…

 متابعة ذهابه ناحية رقية وهو يمد يده لها ويبتسم بهدوء مردد:

- هاتي الواد احضنه شوية، واحشنى أبن الايه…


مدت رقية له معاذ ليحمله أمجد بحب شديد ويذهب ناحية بتول التي لم تكن تركز في أي شيء سوى في تلك الصحون الموضوعه على السفرة بانزعاج فكانت تحوي على ( فول وبيض بالسمنة وقشطة وعسل وفطائر ) اشياء كثيرة تكفي قبيلة ولا تأكل منها شيء…


بينما داعب أمجد الصغير وهتف بمرح:

- لو بتول جابت بنت وعد مني يا معاذ هجوزهالك وأكون حماك..

 

ابتسمت بتول لتداعب رأس الصغير، فصاحت صفية بنبرة حانقة:

- لا بت لا، عايزين الواد وبس..


نظر الجميع لصفية بدهشة من حديثها فهتفت بتول باستغراب ونبرة هادئة:

- كل اللي يجيبه ربنا كويس يا طنط، المهم يكون صحته كويسة وبس..


هزت صفية رأسها بلا مبالاة: 

- الواد وان شاء الله يجي بصحة كويسة؛ الواد هي الخلفة اللي يعتمد عليها اما البنات بتوع مصايب ومشاكل، الواد يعني القوة والسند والعزوة..


نهضت بتول قائلة بانزعاج:

- عن اذنكم..

 

فهتف أمجد بلهفة: 

- انتِ مكلتيش يا بتول..

 

فأردفت صفية بنبرة جامدة: 

- كلي يا بتي واتغذي علشان الواد ينزل صحته زينة..

 

فهتفت بتول بنبرة منزعجة لا تسطيع أخفاءها:

- معلش يا طنط انا مباكلش اي حاجة من الحاجات دي هروح اخليهم يعملوا الشاي والفطار بتاعي..

 

فصاحت صفية بانزعاج جلي:

- علشان اجده انتِ مسلوعة، بس انتِ حرة في نفسك لكن حفيدي لا لازم يتغذى زين ولما يتولد ابجى كلي اللي تأكليه..


- أنا باكل حاجات صحية ومتابعة مع الدكتورة يا طنط متقلقيش، عن اذنكم..

 

ذهبت بتول بغضب شديد من كلماتها، فهتف أمجد بعتاب شديد وحنق طفيف:

- يعني هو كان لازم تكلمي معاها كدة ؟


كانت رقية تتابعهم وتلتزم الصمت فهي كانت تعلم من البداية أن صفية لن تجعل الموضوع يمر مرور الكرام…


فصاحت صفية بمقط: 

- انا مجولتش حاچة أنا جولت الحقيقة، وبعدين لو انتَ ومرتك مش طايقين وجودي أرچع بلدي وارجع بيتي…


- هو مين قال كده بس ده بيتك يا ام امجد، انا بقولك ان واد ولا بت دي حاجة مش في أيد حد مكنش ليه لزمة..


قال كلماته بهدوء شديد ليستكمل مداعبته للصغير وهو يشغل عقله عن بتول فعلى ما يبدو والدته لن تمر تلك الفترة على خير..


________





في حجرة رضوان..


دقت غرام على الباب بخفة منتظرة سماع صوته يأذن لها بالدخول..


تناهى لها صوته سامحًا لها، فتحت الباب وعينيها تبحث عنه، مغلقة الباب من خلفها بهدوء..


فوجدته يجلس على مقعده الخشبي المفضل وعيناه مثبته عليها، متحدث بنبرته الحادة الصارمة…

-قربي يا غرام.


ازدردت ريقها وانصاعت له وهى تطرق رأسها للأسفل كطفل صغير مذنب يقف أمام والديه منتظرًا أن يلقي عقابه، فهى تعلم سبب طلبه لها فقد أخبرتها توحيدة بأنها أخبرته بما حدث بينها و بين نجم..


خرج صوته مجددًا ولكن تلك المرة كان أقوى وصارم أكثر، متمتم بشراسة:

-جوليلي بجى إيه اللي بيحصل بينك وبين نجم، أنتم عيال صغيرة وأنا مخبرش ولا إيه؟


لوت فمها بامتعاض من كلمة صغيرة، فهى ما جذبت انتباهها لحديثه..


رفعت رأسها تناظره حتى تستطع سرد ما حدث عليه، وقالت بتذمر رافضة تشبيها بطفلة صغيرة فهى ناضجة كاملة الأنوثة:

-أنا مش عيلة صغيرة يا جدي، لو كنت عيلة مكنتش حضرتك جوزتني لنجم، حتى هو شايفني عيلة صغيرة، بيعاملني زي ما بيعامل بنته..


عقب على حديثها، مغمغم:

-وه، وأنتِ تكرهي أنه يعاملك كيف ما بيعامل سندس، شكلك هبلة إياك..


زفرت بضيق، وقالت مبررة محاولة إيصال مقصدها له مقتربة منه أكثر:

-يا جدي افهمني مشكلتي أنه هو مش شايفني مراته، شايفني غرام العيلة الصغيرة اللي كان بيشيلها وبيلاعبها، مش قادر يستوعب أننا انكتب كتابنا وقريب اوي هبقى مراته وأم عياله، وعشان كدة مرضتش انزل اكل معاه، لازم يخاف على زعلي ويبطل معاملته دي، لازم يعرف قيمتي، وعشان كدة قولتله برضو عايزة اسافر لـ ماما الأسبوع الجاي.


أنهت حديثها منتظرة تعنيفة لها، حنقه منها، لكن ما حدث خالف ظنونها، فقد دوت ضحكاته عاليًا بأرجاء الحجرة، متحدث من بينهم بسعادة:

-عفارم عليكي يا بنت ابني، تعچبيني، وفرحت أنك رفضتي تأكلي وياه لازم توريه النچوم في عز الضهر لما يزعلك، بس كمان مش عايزك على الفاضي والمليان تعاقبيه، الست الشاطرة تعرف امتى تشد وامتى ترخي..


شقت البسمة ثغرها وصاحت بعدم تصديق:

-يعني أنت مبسوط مني.




-إلا مبسوط ده انا مبسوط ومبسوط ومبسوط كمان، بس زي ما جولتلك لازم تعرفي امتى تشدي وامتى ترخي، وأنا متأكد أنه نجم هيحبك وقلبه هيرجع يدق من تاني..


بعد مرور بعض الوقت.


كان نجم يقف أمامه هو الآخر منتظرًا سماع حديثه، ظل رضوان يمعن النظر به بوجه مقتضب للحظات، ثم تحول ذلك الأقتضاب لتهكم وسخرية:

-وبعدين؟


ضيق نجم عيناه ورد على مضض:

-وبعدين إيه يا چدي!


-غرام هتعاملها لأمتى بالطريقة دي، خابر لو مكنتش بنت عمك وبتحبك كانت طفشت منك، دي مرتك خابر يعني إيه مرتك، يعني لو قاسي مع الكل تيجي عندها وتبجى حنين، معاملتك معاها لازم تبجى مختلفة، تحسسها أنها مميزة في حياتك، اظاهر أنك نسيت ازاي تتعامل مع الحريم حاسس أنه فيه في دماغك جالوص طين مش عقل…


ظل نجم يلزم الصمت، فقط اكتفى بأطلاق زفره عنيفة حملت بين طياتها الكثير، وما لبث أن يتلفظ حتى قاطعه رضوان، متابعًا:

-مرتك عايزة تروح زيارة لأمها، هتوصلها وتسيبها قاعدة كام يوم، لحد ما تفكر في اللي بتعمله معاها، بس عايزك وأنت بتفكر اجده تفتكر عمك يا نجم... 


_________


في المساء..


يقبع أمجد على الفراش، يعطى كامل تركيز في تلك الأوراق المتواجدة بين يديه العائدة لإحدى القضايا التي يتولاها…


خرجت بتول من دورة المياة بعدما أخذت حمامًا دافئًا حتى يهدأ روعها قليلًا، فـ كلمات صفية أزعجتها رغم ما أظهرته من برود إلا أن طريقة حديثها لم تنل أعجابها، واستنكرت أقوالها فما الفرق بين الصبي والفتاة…


يكفي أن يوُلد ويأتي لتلك الحياة بصحة جيدة...فهناك العديد من النساء يتمنون فقط الأطفال، وهى ماذا تفعل تتمرد راغبة بصبي …


رفع أمجد رأسه المنكبة على الأوراق، ما أن تناهى لمسامعه صوت إغلاق الباب..




كما انتبه لذلك الضيق الذي يعتريها و يتضح على قسماتها وضوح الشمس..


راقب وقوفها أمام المرآة وتمشيطها لخصلاتها بلامبالاه، ململة أياه سريعًا، ثم التفتت وتقدمت من الفراش ممددة بجواره..


ترك الملف من يديه واضعًا إياه على الكومود بجواره، ثم آتاها صوته مستفسرًا شاعرًا بضيقها فلم يحدث شيء يثير حنقها سوى كلمات والدته اللاذعة، قائلًا:

-مالك يا بتول، أنتِ زعلانة من ماما؟


رفعت يديها مدلكة رقبتها، مجيبة بوجوم وتهكم جلي محيدة النظر بعيناه:

-وهزعل ليه هى قالت حاجة تزعل.


زم شفتيه للأمام رافعًا حاجبيه، هاتفًا على الفور محاولًا التهوين عليها:

-بتول مش عايزك تضايقي، ماما مش جديدة عليكي، وهى بتحب خلفه الولاد من زمان، شيفاهم عزوة وسند، وبعدين هو أنتِ فاكرة أنها لو جت بنت هى هتزعل، بالعكس هتفرح برضو عشان بنت ابنها، هى بس عندها أمل يبقى ولد مش اكتر، بس تعرفي بقى أنا نفسي تبقى بنت…


هنا وحركت رأسها تجاه تطالعه، تنتظر استرسال حديثه واعطاء سبب رغم أنها تدركه جيدًا لكنها رغبت بسماعه، عله يسعدها ويغفر له ولو قليلًا.


رأى اللهفة بعينيها بوضوح، وعلم أنها تريد منه أن لا يتوقف ويستكمل حديثه، فتنهد قبل أن يكمل، مقتربًا منها ضاممًا إياها لأحضانه واضعًا رأسها على صدره طابعًا قبلة شغوفة على رأسها:

-عايزها بنت يا بتول، ويا سلام بقى لو طلعت شبهك بالضبط…


رفعت عيناها تطالعه وهو لايزال يضمها، جالت عيناه على ملامحها بأشتياق، وانخفض برأسه ملثمًا شفتيها…


لم تعارض، أو تمنع حدوث ذلك اللقاء في بادئ الأمر، فقد تركته ينعم بتلك القبلة…

تجرء أكثر فـ أكثر وطمع في المزيد، هنا ولم تتحمل لا تريد حدوث ذلك الآن، كارهه استسلامها ورضوخها له الدائم..


دفعته بكامل قوتها، مبتعدة عنه بأنفاس لاهثة، قائلة بقوة غير تلك الضعيفة التي انصاعت وانجرفت خلف مشاعرها..

-مش عايزة يا أمجد.




صك على أسنانه وقال بترقب، والنيران تكاد تتآكله، فقد اشتاقها وبعدما جعلته يطمح للمزيد، غدرت به مبتعدة عنه:

-يعني إيه مش عايزة، الدكتورة اللي متابعة معاها قالتلك مينفعش..


نفت برأسها، مرددة:

-لا مش الدكتورة، انا اللي مش عايزاك يا امجد، مش طيقاك تقربلي..


هنا وطفح الكيل، انتفض من على الفراش، وصاح بهدر وشراسة دبت الرعب في أوصالها:

-هو فيه إيه بقى، أنتِ مبتحسيش، اعتذرتلك مليون مرة، بوست راسك وايدك، وقولتلك لو عايزاني اعتذرلك قدام الناس هعمل كدة، لو عايزة اقطع أيدي اللي اتمدت عليكي برضو معنديش مانع، بس أنتِ اللي قررتي تسامحيني، جاية دلوقتي تقوليلي مش طيقاك؟


ظلت ملتزمة الصمت فقط تتابع عصبيته المفرطة، من المفترض أن يشعر بها..

هو من أخطأ في حقها وليس العكس..


خرج صوتها ضعيفًا، معقبة على كلماته:

-يعني أنا دلوقتي اللي غلطانة عشان سامحتك صح، يعني مش أنت السبب في اني مطقكش؟


أغمض عيناه لـ برهة زافرًا بقوة، ثم رفع يده ماسحًا على وجهه بأكمله، مدركًا فداحة فعلته، نادمًا على كلماته التي هتف بها..

بارح مكانه مقتربًا منها جالسًا على ركبتيه، محاوطًا وجهها بين راحة يديه، متمتم بندم:

-لا أنا السبب، بس اعذريني أنا بحبك، مقدرتش استحمل أنك تبعدي عني يا بتول، أنتِ متعرفيش وحشاني قد إيه..


حركت رأسها محاولة الأبتعاد عنه، لكنه آبى ذلك متمسكًا بها عنوة، مرددًا بحب:

-أنا آسف، مش هفرض نفسي عليكي، وهديكي الوقت الكافي عشان تنسي…


طالعت عيناه وتحدثت بهدوء:

-أنا هنام..


اماء لها، وانحنى تجاه وجنتيها مقبلًا إياها بقبلة دامت لحظات، ثم ابتعد عنها تاركًا الفراش منتشلًا الملف، مرددًا:

-نامي يا حبيبتي، انا هكمل شغل في المكتب، تصبحي على خير.


اراحت جسدها على الفراش وتقلبت نائمة على جانبها مولية إياه ظهرها، فتقدم منها مدثرًا إياها بالغطاء جيدًا، ثم أغلق الأضاءة مغادرًا الحجرة..


__________


الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، كانت ريما نائمة على الأريكة المتواجدة في الغرفة، وشهاب ينام على الفراش، حينما أتي من عمله تحدث معها أنه بالفعل يريدها ويريد ان تكن حياتهما طبيعية ويجب ان تعطيه فرصة وتكف عن أثارة غيرته فهو على وشك الاصابة بالجنون، حاولت ان تكن هادئة هذا المساء ووافقت أن ينام معها في ذات الغرفة..


لكنها مازالت غاضبة وتريد فرصة لأن تتقبل ما عرفته او تنساه ووعدته بأنها ستحاول تنفض تلك الأفكار من رأسها ... 


فتحت عيناها واستيقظت بغضب شديد، بسبب ذلك الحلم الذي رآته يحتضن به فتاة ويقبلها أمامها ولا تستطيع منعه أو معرفة وجهها... 

- وحياة أمك يا شهاب بتبوس البت، قدامي يا بجح..


تحركت من على الأريكة التي اصرت على النوم عليها كي لا يتسلل جوارها على الفراش ويستغل نومها متجهه ناحية الفراش، فكان شهاب مستلقي بهدوء وانسجام عجيب وراحة عجيبة فهتفت بحنق:

- طبعا ما انتَ شغال بوس، طبيعي تكون نايم براحتك…


صعدت على الفراش وهو ينام في طرفه كعادته أقرب إلى السقوط، اقتربت من اذنيه وهتفت بنبرة غاضبة ومرتفعة للغاية أشبه بالصراخ.... 

- قوووووم يا شهاب قووم، قامت قيامتك…

 

استيقظ شهاب بفزع رهيب ومن هول ما فعلته انقلب على الأرض بظهره ليتأوه بغضب فصاح قائلا وهو يستوعب الموقف ويناظرها:

- هو انتِ ايه ناوية على شللي، منك لله يا شيخة ده أنتِ بوظتي فقرات ضهري في ايام، في ايه؟ إيه اللي حصل ! 


نهضت من على الفراش جالسة مرة واحدة على بطنه ممسكه رقبته ليتأوه بسبب ثقلها:

- ده انا هوريك النجوم في عز الضهر كنت بتبوس مين يا شهاب قولي بتبوس مين وانتَ قايلي اديني فرصة انطق بقولك

 

- يا بنت .... 





صمت دون أن يستكمل حديثه  يحاول أخذ أنفاسه بسبب جلستها، ومازال تحت تأثير النوم؛ ويحاول فهم ما يحدث، فهتف قائلا 

- منك لله هتخليني اغلط في ابوكي وامك، يابنتي اللي بتعمليه فيا ده محدش هيجني خرابه غيرك، هتعملي أيه براجل ضهره بايظ ومشلول، لا وقاطع الخلف كمان..


- انطق قول مين يا شهاب بتخوني تاني صح؟؟!! 

ملكش أمان فعلا..

 

كانت تتحدث بغيرة وغضب لأقصى درجة وكأنه ليس حلم، اغلقت قبضتها على عنقه، فصاح بغضب: 

- هو انا خونتك يا بنت المجنونة اولاني علشان اخونك تاني، وربنا نايم نايم جنبك ده انا مختش الفرصة حتى علشان اخونك..


جزت على أسنانها قائلة بغضب وهي تغلق قبضتها عليه أكثر: 

- كمان بتعترف أنك بتخوني من قبل ما أكح معاك حتى…


- حد يلحقني نادوا أبويا ياناس، بنت المجنونة هتموتني، لا انتِ ابوكي اكيد ضاربلك شهادة أنك عاقلة وغرتيني بهدوئك..

 

ثم رفع يده وحاوط رقبتها ليصبح كل منهما يغلق قبضته على عنق الآخر فقال بخبث بسبب وضعهم:

- لا مهوا هتخنقي؛ هخنق، هتكسري هكسر؛ ولو قلعتي عز الطلب أقلع؛ ثم إيه تكحي دي انتِ متجوزة دكتور صدرية..

 

- لا خاين وبجح، خاين وقليل الأدب انطق بقولك كنت بتبوس مين بدل ما اخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك..

 

- لا دي هبت منك على الاخر يا ريما..


أردفت ريما بنبرة تلقائية: 

- في الحلم بوستها..

 

- وحياة أمك ؟؟؟؟ يعني صرعتيني علشان حلم، يعني بقولك اعقلي وبطلي تحطي اوهام في دماغك وتديني فرصة وتشوفي افعالي، فتقومي تحاسبيني على احلامك كمان..


قال كلماته بسخرية لا يصدق ما تقوله معتوهه فهو لم يعترف أنه هو الذي أصابها بالجنون بسبب عشقها له، فصاحت قائلة بتذمر:

- احاسبك على أي حاجة؛ مش انتَ اللي كنت في الحلم بتبوس البت قدامي ؟؟؟؟؟ 


كان ينظر لها بدهشة فهي بالفعل معتوهه درجة اولى...و حينما وجدته لا يتحدث وينظر لها فهتفت بغضب: 

- ما تنطق انكر وقول مش انا قول..

 

- وربنا ما اعرف انا ولا مش انا علشان احلف هو انا كنت مشغل لاسلكي على دماغك بشوف الحلم معاكي…

 

- ولو ولو تتحاسب..

 



نظرت لوضعيتهما، فهي تجلس فوقه وتقبض على عنقه باصابعها وهو كذلك وكأنهما في حرب، مظهر يصيبها بالخجل الشديد مما فعلته وكأنها قد استيقظت من النوبة العجيبة التي مرت بها؛ فقالت بتلعثم شديد وهي ترخي قبضتها عن عنقه وعلى وشك الهروب: 

- I'm so sorry يا شهاب كان كابوس…

 

كانت على وشك النهوض والركض حتى لخارج الغرفة، لتجد نفسها في لمح البصر هي من تكن أسفله وهو فوقها رافعًا ذراعيها ومقيدهما بكف يده قائلا: 

- قلبتي اجنبية دلوقتي..

 

- كنت في كابوس يا شهاب وبعدين عيب اللي انتَ عامله ده يعني عيب سيب ايدي يا شهاب..


- اه واللي عملتيه مكنش عيب يابت، وبعدين مش هسيب أيدك، بقا اقولك سبيني أعبر اني اتغيرت وبطلي توهمي نفسك فتروحي قاطعة خلف امي علشان حلم..


- كابوس يا شهاب بالك انتَ لو مكاني يا غالي كنت عملت أكتر من كده؛ وياريت تبعد عني عيب كده، انا بنت ناس وكنت خايفة وانتَ كاتم نفسي..

 

قالت كلماتها بتلعثم شديد فعيناه تلتهماها وها قد وقعت أسيرته بحماقتها، فهتف شهاب بخبث: 

- انا هريحك دلوقتي وهعملك تنفس صناعي، والكابوس ده لازم اشوف بيقول ايه علشان اشوفه فعلا بيخوف ولا لا...


نظرت له باستغراب فتوقف عقلها عن العمل فقط قلبها هو من ينبض بشدة..

- يعني ايه هو انا هكدب عليك انا شوفت ..... 


قاطعها هابطًا بشفتيه على شفتيها ليصمتها تمامًا حاصلًا على قبلتهما الأولى الذي كان يظهر بها شغفه وجنونه بها جعلته في ظرف أيام أسير تقلباتها يسعى لإرضائها ولأول مرة يشعر بالغيرة بتلك الطريقة، حتى ان غيرته على بتول لم تصل لهذا الحد، فكلما تذكر أحمر شفاها الصارخ وما كانت تفعله به حينما تضعه، يقبلها بقوة أكثر ثم يعود يقبلها بتعمق وبطء شديد...


أرخى قبضته عن ذراعيها الذي يحتجزهما وقد خارت أي مقاومة او برود فماذا تفعل بقلبها العاشق له سوى ان يجبرها أن تحاوط عنقه وتتلقي منه القبلة مستمتعة بها وتحاول أن تبادله، ستكذب ولن تستطيع تصنع البرود فهل هناك أصدق من شعورها تجاهه، شيء ما يريدها أن تستمر معه وشيء اخر يريدها الا تستسلم..


دقائق طويلة قضاها في تقبيلها... 

فيجب أن تستسلم دون أن يعلن عشقه لها، فهو يستحق الترويض قليلًا...فاقت لنفسها ودفعته... 


فصاح بغضب في البداية لينهي كلماته بمرح ومكر... 

- يابنتي ارحمي أمي بقى، انتِ شيزوفرينيا متنقلة ما كنا كويسين وبشوف الكابوس بيضايق ولا لا وطلع بيضايق اوي تعالي اضايقك شوية..

 

نهضت بغضب وهتفت بتلعثم:

- انتَ بتهرج يا شهاب انتَ ازاي تبوسني ؟!!





نظر لها بمرح ليقهقه قائلا مُدركًا أحمرار وجهها وتريد ألا تقول أنها كانت تريده ومازالت فكان يظهر ذلك في تجاوبها:

- ازاي صح .. ايه قلة الادب اللي انا فيها دي .. معلش امي ماتت وانا صغير وابويا انشغل في شغله وسابني لوحدي مع المربين فاخلاقي باظت..

 

لينهض ويقترب منها بخبث ويستند برأسه على كتفيها؛ قائلا وهو يتصنع البكاء محتضنًا أياها من خصرها 

- ومن ساعتها وانا مش لاقي صدر حنين يطبطب عليا يا ريما وأخلاقي زي ما انتِ شايفة كده بقيت قليل الأدب وببوس مراتي…


لا تدري هل تخجل أم تضحك علي ما يفعله، فهو بالفعل قد تغير لم تكن تظن أن شهاب لديه حس فكاهي لتلك الدرجة وكثير الأحاديث كتلك الأيام فابعدته عنها قائلة وهي تتوجه إلى الأريكة وتغطي نفسها:

- معلش الله يسهلك، هاخدك وهنروح اي جامع بعد صلاة الجمعة أعمل بيك شغل حلو..


- بيبي انتِ هتنامي، وانا وضعي إيه بعد ما فوقت وقليت أدبي، مش المفروض أننا نشوف موضوع الكابوس ده..

 

هتفت بخجل شديد فمازالت تشعر بتخدر شفتيها ودقات قلبها بسببه، فتوليه ظهرها وتغطي نفسها:

- نام يا شهاب بقى خلاص..لم نفسك..

 

هتف شهاب وهو يذهب إلى الفراش: 

- طب على فكرة بقى كان باين أوي انك بتعملي حوار علشان أبوسك، كنتي قولتي ومكنتش هخليكي تكملي الكلمة الا وانتِ شايلة فهمي الصغير..

 

- احترم نفسك..

 

قالتها بعد أن التفتت وقذفته بالوسادة لتخطئ الهدف، فهتف باستفزاز: 

- يابنتي ما انا محترم اهو وبعدين خليكي عندك على الكنبة دي وانام انا في السرير ده واحلم باللي كنت بحلم بيه بقى..


قال اخر كلماته وهو يريد أشعال غيرتها ويجعل التساؤلات تدور في عقلها..

فـ ما هو الشيء الذي كان يحلم به، هل بتول ؟؟؟ ام امرأة غيرها؟؟ 


زفرت بضيق شديد، لتجهد عقلها فالتفكير والاشتعال، رغم أنه لم يحلم بشيء من الأساس فتتركه بنيران قد اشعلتها به في قربها ثم تبعده قبل أن تطفئها تاركه به العديد من المشاعر المبهمة؛ فسوف ينتقم ويجعلها تحترق بالغيرة…


________


بعد مرور شهر.


كانت ياسمين تقف بتوتر شديد وخفقاتها عالية، تدعي الا يكون ما تفكر به صحيحًا، ولا تحمل جنين وما هى إلا مجرد أوهام لا اكثر…


 صرخ قلبها وبشدة فيكفي ما تشعر به من تقزز وغضب من نفسها، وكلمات أيمن الجارحة في حقها التي شعرت بها وكأنها عاهرة، وقع قلبها حينما سمعت نداء والدتها لتترك ذلك الاختبار على الطاولة، وخرجت على الفور، لتأخذها والدتها لرؤية بعض الأشياء التي أتت بها من أجل جهازها، ليؤلمها صدرها فكيف تخبرها بأنها لطخت شرفهم وتخبرها بأن أيمن يريد الانفصال عنها وفسخ خطوبتهم!!

 

هتفت توحيدة باستغراب من شرودها 

- انتِ يابت مش بكلمك ايه رأيك في الحاچات دي چبتها أنا وخالتك النهاردة..


- حلوين يا ماما حلوين عايزة حاجة مني..

 

أردفت توحيدة بشك وغضب 

- انتِ مالك يا بت انتِ، طول النهار مرزوعة في أوضتك حتى الجامعة مبقتيش تعتبيها، فيكي ايه..

 

ابتلعت ياسمين ريقها بتوتر شديد، وهتفت وهي تحاول أن تكن هادئة: 

- مفيش يا ماما زهقانة ومخنوقة شوية..





- تكونيش متخانقة مع المحروس علشان كده قالبة بوزك..


- اه يعني في خلاف بسيط ما بينا... 


ليمر ربعة ساعة وأكثر ووالدتها تحاول معرفة الخلاف لتجيب عليها ياسمين بأي أسباب قد تبدو منطقية وطبيعية بين فتاة وخطيبها..


_________


دخلت راضية غرفة ياسمين، فلم تجدها فذهبت ناحية الخزانة قائلة:

- طبعا كالعادة هلاقي الطرح وكل حاجة بتاعتي في دولابها لما اشوفها بس..


أخذت تبحث لتخرج وشاحين، وكنزة كعادة شقيقتها ترتدي معظم ملابسها، أخذت الأشياء وكانت على وشك الخروج ليلفت نظرها تلك العلبة الكرتونية المتواجدة على الطاولة بجانب بعض الكتب، ظنت انها توهمت أو الرؤية غير واضحة هي ليس علبة لمجموعة اختبارات حمل منزلية..

 

اقتربت من الطاولة وهي على يقين انها لم تري جيدًا من بعيد؛ لتشعر أنها على وشك فقدان وعيها بالفعل حينما تأكد ظنها، بل ما جعلها تجلس على المقعد لتخور قواها وتسقط تلك الملابس أرضًا التي كانت تحملها بين يدها..


حينما وجدت إحدى الإختبارات قد اسُتخدمت بل أنها تشير إلى ايجابي 

مهلا لابد أنها قد فقدت بصرها وأصبحت لا تري، أهون عليها أن تقبل أن تكن عمياء عوضًا عما تراه الآن..


دخلت ياسمين الغرفة غالقة الباب بحنق لتنسحب الدماء من وجهها ويشحب تمامًا بمجرد رؤية راضية شقيقتها الكبرى تحمل الإختبار:


- را ...راضية 


كانت تحاول ان تتحدث ولكن الكلمات خرجت منها مبعثرة نهضت راضية واقتربت منها بغموض شديد، رفعت يدها لتصفعها ولأول مرة بحياتها تصفع أحدهما، صفعة لم تؤلم ياسمين جسديًا بقدر ما جعلتها تدرك أنها على وشك الموت..


جذبتها راضية من خصلات شعرها بعنف لاول مرة يظهر عليها لتتأوه ياسمين، صاحت راضية قائلة: 

- ايه ده فهميني..

 

- راضية أبوس ايدك وطي صوتك هتفضحيني ابوس ايدك وطي صوتك وانا هفهمك علشان خاطري..

 

كانت تتحدث والدموع تهبط من عيناها كالشلالات، ونبرتها متوسلة للغاية، فهتفت راضية بصدمة لا تصدق ما يحدث ولكنها بالرغم من ذلك خفضت صوتها 

- تفهميني ايه ... تفهميني ايه، انتِ حامل!!!!!

قولي أني اتعميت يا ياسمين واني مش شايفة وهصدقك، قولي ان ده مش صح، قولي انه مش صح يا ياسمين..

 

ازداد بكاء ياسمين لترخي راضية قبضتها لتجلس ياسمين على الارض ممسكة بيد راضية، كانت تتوسلها بشدة يا ليتها سمعت حديثها في البداية ولم تري ان شقيقتها تكبر الأمور وكل الأشياء تنظر لها بمفهوم الخطأ والصواب ياليتها كانت مثلها ولم تسخر من طبيعتها.. 

- ارجوكي يا راضية أسمعيني وانا هقولك كل حاجة اهدي علشان خاطر بابا وماما محدش يحس فيهم ارجوكي..

 




- انطقي يا ياسمين، حامل من مين وامتى اخرسي بطلي عياط العياط لسه وقته جاي يا ياسمين 


نفضت يدها التي تمسكها، لتبدأ ياسمين تسرد لها ما حدث لتشهق راضية اكثر من مرة لا تصدق ما تسمعه، هل شقيقتها فعلت ذلك أم أنها تروي قصة ما…


قصت لها ياسمين كل شيء، حتي أنها أخبرتها برغبة أيمن في الانفصال 

- ارجوكي يا راضية عارفة اني غلطت …

 

قاطعتها راضية بغضب مكتوم ونبرة ساخرة 

- غلطتي بس!!! شايفة نفسك غلطتي بس يا ياسمين، يا بجاحتك يا شيخة يا بجاحتك كان عقلك فين وانتِ بتبعتي ليه صورك كان عقلك فين؟!!!! من بجاحتك مش بس غلطتي لا ده كنتي هنا في البيت، في بيت العيلة واوضة نجم..

 

تنهدت واستكملت حديثها بعدم استيعاب لا تصدق بالفعل ما تقوله شقيقتها: 

- ايه يا شيخة انتِ مخوفتيش حتى بلاش متربتيش مع ان امنا ربتنا احسن تريية مخوفتيش من ربنا، مخوفتيش يحصل حاجة ونجم يجي يشوفكم او حد يشوفه وهو ماشي ضيعتي نفسك يا ياسمين لا وكمان حامل علشان تكمل..

 

- يا شيخة يارب أموت واريحكم مني يارب بابا يعرف ويقتلني ربنا ياخدني، ربنا ياخدني..

 

كانت تتحدث والدموع تهبط منها وتصفع ذاتها لتنظر لها راضية بغضب حاولت كتمه:

- مش وقت اللطم يا ياسمين، مش وقته لسه وقته جاي متقلقيش، كان العتاب وأنك تقهري في نفسك من لما بعتي ليه صورك، خلتيه يشوفك رخيصة يا ياسمين مفيش واحد هيحترم واحدة باللي عملتيه، هو وسخ وزبالة بس العيب مكنش عليه العيب علي اللي ادته إشارات وسمحت ان من بجاحته يقعد في اوضة نجم كل الوقت ده لانه عارف أنك هتنزلي..

 

- راضية انتِ دكتوره قوليلي ازاي انزله قوليلي انا لسه في الاول يا راضية..

 

هتفت راضية بغضب: 

- اه نصلح قرف ومعصية بقتل روح كمان اخرسي يا ياسمين، اخرسي أحسن مش طايقة أسمعك ولا اسمع قرف أكتر من كده..


تنهدت واستكملت حديثها:

- هاتي رقم الحيوان ده وإياكي تكلميه انتِ سامعه ؟؟؟؟ 

ولا تبيني أن في حاجة لحد، هيتجوزك غصب عنه، لو مكنش برضاه انا معنديش استعداد أبويا يجراله حاجة، مش هيكون قتل ودم بس.. أبويا مش هيستحمل يعرف حاجة زي دي هتقضي على جبروته لان المرة دي شرفه ضاع… 


__يتبع__ 


                    الحلقه الثالثه عشر من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-