رواية زيغه الشيطان الحلقه الثالثه عشر


 

 

الفصل الثالث عشر من #زيغه_الشيطان

#أضواء_مبعثرة

بقلم فاطمة طه سلطان & فاطمة محمد.

_________


اذكروا الله.


_________


كل انسان يصبح شاعراً إذا لامس قلبه الحب.

افلاطون.


________


صباح اليوم التالي وأثناء استعداد امجد بغرفته كي يذهب إلى مكتبه جلست بتول بالصالون رفقة رقية يتسامران سويًا في مواضيع مختلفة..حتى خطر ببال بتول سؤالًا ألقته عليها دون تردد..

-إلا قوليلي يا رقية هو فين جوزك ابو معاذ؟؟؟

ولا مرة سمعتكم بتكلموا عنه....


توترت رقية وهربت بعيناها متمتمة..

-ابوه مات وانا حامل فيه...كنت بحبه اووي عشان كدة هتلاقي محدش فيهم بيجيب سيرته....والغريب انك لسة فاكرة تساليني دلوقتي...


-الله يرحمه..أنا مكنتش اعرف امجد مقالش وانا كل ما اقول هساله بنسى خالص...المهم انك لسة صغيرة واكيد هتحبي تاني...


كادت تجيبها لولا استماعها لصياح صفية واخبارها بضرورة مجيئها لرؤية ابنها الذي استيقظ ويبكي دون توقف...

فنهضت على الفور تاركة بتول....


بالخارج أمام بوابة الفيلا…


-أنت مبتفهمش زي اللي مشغلك ولا ايه بقولك انا صاحبه...انتيمه...شقه كده مبيستغناش عني ولو عرف اني جيت ومرضتش تدخلني مش بعيد يمسك في زمارة رقبتك..ولا يطردك خالص....


ابتلع البواب ريقه وتمتم بخوف مجيبًا على كلمات نجم كاذبًا:

-امجد بيه مش هنا..خرج...


-كداب.. امجد ده اكتع ومتأكد أنه جوه...افتح بقى البوابة خلي ليلتك دي تعدي...


تأفف البواب بنفاذ صبر...وفتح له بالنهاية كي يتخلص من إلحاحه...


ولج نجم بسيارته...وعيناه تجوب بالأرجاء...ثم صف السيارة أمام باب المنزل....وهبط من السيارة....


دنا من الباب و وقف أمامه ثم رفع يديه ودق عليه مرات متتالية...


نهضت بتول مندهشة متسائلة مع نفسها عن هوية الطارق…


التقطت عيناها العاملة التي كانت على وشك فتح الباب فأشارت لها كي ترحل مخبرة إياها بأنها من ستفتح....


وبالفعل رحلت العاملة وفتحت بتول الباب....

ابتسم لها نجم بسمة واسعة وردد بلهجته الصعيدية:

-يا صباح الخيرات...


أنزوى ما بين حاجبي بتول وردت وعيناها تتفحص هيئته الصعيدية...

-صباح النور حضرتك مين؟؟


-أنا نچم...صاحب چوزك..مقولكيش بيعشقني كيف ما بعشقه بضبط....


انكمشت ملامحها فلا تتذكر بأنها قد سمعت اسمه من قبل…


أشارت له تحثه على الدخول متمتمة:

-اتفضل طيب...


زادت بسمته اتساعا ورحب بتلك الفكرة والجًا المنزل وعيناه لا تكف عن تفحص كل شيء...فتمتم بخفوت:

-ماشاء الله ذوقكم زي الخرا...ويقرف..


لم تستمع بتول وقالت:

-حضرتك بتقول حاجة..




التفت لها ورد بنفي:

-بقول يا ترى امجد صحي ولا لسة اكتع زي ما هو...


رددت كلمته الأخيرة بتعجب:

-اكتع!!!!!


كاد يجيب عليها لولا استماعه لصوت امجد وهبوطه للأسفل:

-حبيبتي أنا ن


ابتلع باقي حروفه وهو يرى عدوه اللدود في منتصف منزله...فصاح بعصبية ملتهم المسافة بينهم:

-أنت بتعمل ايه هنا؟؟؟


رد نجم ببرود معتاد:

-جاي اسلم عليك يا حبيبي...ما أنت عارف ميهدليش بال غير لما اشوفك..


هنا وجاء دور بتول التي لم تزيح عيناها عن نجم...

-مين ده يا أمجد...


رد نجم بدلًا من امجد وعلق:

-ما جولتلك صاحبه أنتِ مش مصدقاني ولا ايه وبعدين انتِ حشرية ليه... مفيش حريم تدخل في كلام الرجالة يلا هملينا....


ارتفع حاجبيها مصعوقة من وقاحته وانتظرت أجابة امجد عليه لكنه خاب ظنها وقال بلهجة آمره:

-اطلعي اوضتك يا بتول....


صرت على أسنانها واستجابت له صاعدة للأعلى وبدلًا من أن تتجه لغرفتهم اتجهت للغرفة التي تمكث بها رقية و صفية...

طرقت على الباب فآذنت لها صفية…


انفرج الباب وطلت بجسدها راغبة في معرفة هوية هذا النجم..الوقح...

-بقولكم ايه هو مين نجم ده؟؟؟؟


اتسعت عين رقية وتبادلت النظرات مع صفية التي أجابت على الفور:

-وأنتِ عرفتي نجم منين..وبتسألي ليه؟؟؟؟؟؟


-اصله تحت وبيقول أنه صاحب امجد وانا اول مرة اشوفه....


علقت رقية تلك المرة بمرارة:

-اه صاحبه...


رمقتها صفية بتحذير ثم وجهت حديثها لهم:

-محدش يخرج من الاوضة دي لحد ما يمشي من اهنا....


بالاسفل...

قبض امجد على ملابسه فاستنكر نجم فعلته وقال:

-هو ده نورت بيتي يا نجم...أما انك حيوان بصحيح...


-لم لسانك وقولي عايز مني ايه بترازي فيا ليه...انا كل ده ساكت....اتقي شري يا نجم....


ابتسم نجم وبحركه مباغته دفعه بقوة ورد بخشونه:

-أنا ارازي فيك براحتي....ومش هتقي شرك...




-طب وريني اخرك ايه..بس ساعتها متعيطش زي الحريم...


ابتسم نجم باستفزاز وعلق:

-مش نجم اللي يعمل اكده بس ابن الشيمي هو اللي يعملها..ويكون في علمك هتستنى كتير عشان أنا مليش آخر.....


انتهى مغادرًا المنزل...تاركًا إياه يشتعل ويتوعد له....


________


في بيت شاكر النجم الذي توفي منذ سنوات عديدة، كانت غرام تجلس وتستمع إلى إحدى الأغاني التي استحوذت على إعجابها في الفترة الأخيرة…

 

" اللي يقدر يتقدر دة نظامي و مبقتش بكبر، بتعامل بالمثل و اكتر من الاخر كدة هخسر ايه، الناس بتسوق لو اعدي وانا راحتي دي اهم ما عندي، و الدنيا مش كلها وردي والطيب دا يا اهلا بيه، و الله يسهلك روح يا حبيبي الباب مفتوح، اتفضل الف سلامة بلاها ملامة بلاها جروح، انا عايز الي يدلعني وفي ضيقتي يطبطب يسمعني، ومشفتش ده في قربك يعني انا قولت و مكدبش عليك

سيبني اتكلم على راحتي وانا اسف جدا لصراحتي "….


فقد مر شهر وهى تجلس مع والدتها أحيانًا تتجاهل اتصالاته وأحيانا تجيب عليه معللة أنها ليست متفرغة، كما أخبرته منذ أسبوع أن والدتها مريضة ولن تستطيع العودة 

فليعلم أنها لن تتنازل أبدا ولديها كرامة أما أن يحترمها او يتركها، نعم فهي لن تأتي على كرامتها بأسم الحب، جاءت والدتها وهي تمسك (الطماطم والسكينة) قائلة بغضب فقد أتت من المطبخ للتو:

- اقفلي النيلة ده وروحي افتحي الباب، اطرشتي الباب عمال يرن وانا سايبه الحاجة على النار ... ده اللي انتِ فالحة فيه..

 

قالت كلماتها متحركة مرة أخرى إلى المطبخ، لتغلق غرام الأغاني وتركض إلى الخارج وهى تتمتم بينها وبين نفسها:

-يعني بدل التهزيق اللي أنا خدته ده كنتي فتحتي أنتِ !


فتحت الباب لتندهش من هوية الطارق والذي لم يكن سواه….نجمها..وبطلها منذ الصغر ها هو يقف أمامها وكانت تعبيراته غاضبة بسبب هيئتها، فكانت تترك شعرها حرًا وتضع بعض أدوات التجميل وترتدي بنطال وتيشرت نصف كم، فصاح نجم بها بغضب:

- هو انتِ مفيش فايدة فيكي يابنت الناس، ازاي تفتحي كده ؟؟؟؟




حاولت أن تخرج من دهشتها وهتفت بلا مبالاة زائفة ووجه خالي من التعبيرات 

- أبدا افتكرتك نورا جارتنا .. 


هتف نجم بنبرة غاضبة من تصرفاتها: 

- نورا الوحيدة اللي هتخبط عليكم ؟؟؟ غرام كل ما أنوي يابنت الناس افهمك تعصبيني وتعملي حاجات تضايقني..


جاءت والدتها حينما لاحظت تأخر غرام، وبمجرد أن رأت نجم تهللت أسارير الفرحة بها فهي أيضا تعتبره ولدها فمنذ سنوات وأثناء إقامته معهم هي من قامت بتربيته ورعايته... 

- أهلا أهلا يا نجم يا ابني اتفضل.


ثم نظرت إلى ابنتها مُردفة بعتاب: 

- انتِ سايبة جوزك على الباب كل ده..

 

وبالفعل دلف نجم إلى المنزل وجلس على الأريكة، فأردفت والدتها بنبرة هادئة ومُرحبة بزوج أبنتها: 

- اعملي قهوة لجوزك يا غرام متقفيش متنحة كدة..


ذهبت غرام إلى المطبخ وهى تشعر بالسعادة فهو جاء من أجلها، فكيف لا تفرح، فكانت تريد منه أن يظهر لها أنه يعزها ويحترم علاقتهما على الأقل…


_________


في الخارج.


فتح نجم الباب للبواب والرجال الذين انتظروه أسفل البناية حتي ينهي مشواره والذين كلفهم بأن يدخلوا تلك الأشياء الذي أتي ببعضها من نفسه، والبعض الآخر من طيور وفطائر واشياء قد ارسلها رضوان وتوحيدة لهما وحينما انتهوا من وضع الاشياء ذهبوا..

فجلس نجم مرة اخري في مكانه..


فهتفت والده غرام بعتاب طفيف: 

- تعبت نفسك ليه كده يا ابني.


- ولا تعب ولا حاجة، دي حاجات بسيطة يا مرات عمي، المهم الف سلامة عليكي وعاملة إيه دلوقتي وأزي صحتك؟؟؟ 


نظرت له باستغراب فأردفت بعدم فهم:

- الله يسلمك يا نجم يا أبني بس انا كويسة مفيش فيا حاجة الحمدلله..


كانت في تلك الاثناء قد جاءت غرام وهي تحمل فنجان القهوة واضعة إياه على الطاولة بحنق وتأفف ..

جعله على وشك السقوط على ملابس نجم. 


رمقها بنظرات نارية... من كذبها عليه بأن والدتها مريضة..

يا ليته لم يستمع لحديث جده ففارق العمر بينهما كبير وهذا خلاف لا يستطيع تجاوزه. 


هتف سريعًا وهو يجز على أسنانه: 

- يارب دايما تكوني بخير .. أصل في حد يا مرات عمي قولتله يرجع البيت علشان الجامعة وعلشان يبطل ياخد على خاطره، فقالت أن حضرتك تعبانة وميصحش تسيبك لوحدك..


فهمت والدتها أن نجم يلقي بالحديث عليها، فانطلقت منها ضحكة عفوية على عقلية أبنتها؛ ثم هتفت بمرح وهي تحاول أن تلطف الأجواء المشتدة بينهم: 

- والله يا نجم ..غرام طول عمرها كده .. من زمان وهي عندها يجي ست سنين كانت تقعد تعمل نفسها تعبانة علشان اهتم بيها لو اتجاهلتها شوية أنا أو أبوها..




- حركات عيال..

 

قالها نجم بتلقائية شديدة…

 

-خلاص أنا عيلة طلقني وخلص نفسك من حركات العيال اللي مش عجباك دي إيه اللي غصبك على كده..

 

قالت غرام كلماتها بأنفعال شديد فهي مهما فعلت سيراها طفلة على الأغلب دائما صغيرة في نظره لن يتجاوز فارق العمر أبدا، فصدح صوت والدتها قبل أن يتحدث نجم : 

- تصدقي هو مكدبش انتِ عيلة فعلا، علشان مش عاقلة مش معني انه في خلاف ما بينكم او هو عمل حاجة تضايقك، يبقي تقولي طلقني …


نظرت لها غرام بانزعاج فوالدتها تنصره عليها، استكملت والدتها حديثها :

- عن اذنك يا نجم هروح أشوف الاكل..

 

هز نجم رأسه بهدوء لتذهب والدتها حتى تعطيهم المجال للحديث سويًا... 


صاح نجم وهو ينهض ويجلس جوارها بعد ذهاب والدتها:

- ياريت عقلك زين زي أمك أجده .. انا مجولتش انك عيلة بس بتتصرفي تصرفات عيال يا غرام ..لو عايزاني اطلجك هعملك اللي يعجبك .. لأن مينفعش نكمل حياتنا سوا وكل مشكلة تجوليلي طلجني.. 


- وانتَ مش كل مشكلة كدة ده أنا لو كحيت بس معاك تقول عليا عيلة ..كأنك مغصوب عليا..


قالت كلماتها بحنق شديد وهى تعقد ساعديها وترمي بالحديث بأن رضوان هو من يريد تلك الزيجة، فحاول نجم أن يتمالك أعصابه بقدر الإمكان، فتحدث بنبرة هادئة: 

- يا غرام متتعبنيش معاكي .. ده أسلوبي ودي طريقتي مع الكل وانتِ عارفة اجده من قبل ما تكوني مرتي..

 

- اهو اديك قولتها قبل ما اكون مراتك، لكن دلوقتي مش هقبلها وانا مراتك لان المفروض معاملتك مع الناس شيء ومعاملتك ليا شيء تاني خالص.... 

انا بسعى بكل طاقتي وجهدي أعمل أي حاجة علشان ارضيك.... بس برضو مهما عملت عيلة انا مش صغيرة قصادك...انا مراتك مبقتش العيلة اللي كنت بتشيلها وضفرلها شعرها... 


قالت كلماتها الأخيرة بانفعال، فهتف نجم بنبرة حاول أن يجعلها مرحة متخليًا عن لهجته الصعيدية التي تعشقها: 

- ياستي متزعقيش بس عرفنا أنك مش عيلة يقطع لسان اللي يقول عليكي عيلة…


- لا بعد الشر عليك.

 

قالتها بابتسامة حاولت كبحها ولم تستطع ليتحدث نجم بنبرة هادئة:

- خلاص متزعليش بقا، سوء تفاهم وعدا البيت وحش من غيرك، وكمان علشان جامعتك ولا عايزة يقولوا لما اتجوزت نجم سابت دراستها وسقطت وتفضحينا..


كان يتحدث بمرح لتبتسم رغما عنها، ثم هتفت بشك: 

-طبعا ده كلام جدي واللي هناك لكن مش كلامك تلاقيك مش واخد بالك اني مش في البيت حتى. 


- مش محتاج أقول كلام حد بعرف اتكلم والله لوحدي..





ردت غرام بحزن شديد وخجل والدموع تلمع بعيناها:

- انا زعلانة منك يا نجم، وزعلانة أوي والله لدرجة اني أنبت نفسي علي اللي عملته وكأني غلطت علشان بصحيك وأني بقيت في نظرك جريئة وقليلة ... 


قاطعها نجم بعتاب لنفسه قبلها فهو المتسبب بهذا الشعور لها :

- يخربيت عقلك، دماغك راحت لبعيد يا غرام، انتِ مراتي وحلالي، انا مكنتش أقصد كده طب انتِ تعرفي أن مفيش حد يجرأ يخش يصحيني حتى جدك بيسبوني اصحي لوحدي بدري متأخر كله بمزاجي... 

حتى سندس لو دخلت لاقتني نايم بتخلي الغفير يوصلها..

 

تنهد ثم نطق بمرح حاول أن يمحي حزنها به:

- وبعدين انا مش واخد على اني اصحى على حاجات حلوة مرة واحدة فكان لازم اتفاجي اسف ياستي حقك عليا ... خلاص بقا يا غرام بطلي عياط هاتي رأسك ابوسها...


لينهض ويهبط مقبلًا رأسها بحنو شديد لاول مرة تراه منه، فهي بالفعل استطاعت التأثير عليه بدموعها، جلس مرة أخري وأمسك يدها مقبلًا أياها بحنان شديد:

- حقك عليا يا غرام..

 

لم تكن تصدق أنه قد قبل يدها بالفعل، ويتحدث بتلك النبرة فتسائل بنبرة خافتة:

- هترجعي معايا ؟ 


- لما اشوف ماما الأول ممكن تكون عايزاني لسه…


قالت كلماتها بخجل بسبب أنه ينظر لها مباشرًا ومازال يمسك يدها...


________


في منتصف اليوم…


لوت صفية فمها، وهى ترمق رقية الجالسة جوارها على ذات الأريكة والتي بادلتها تلك النظرات بنظرة خاطفة..


اعتدلت صفية برأسها ملتقطة كوب العصير أمامها، ثم طالعت والدة بتول التي تجلس أمامها على الأريكة المقابلة واضعة ساق فوق الأخرى بوجههم، مرتشفة من فنجان الشاي القابع بين يديها، ثم وجهت حديثها إلى ابنتها التي تجلس جوارها..

-قوليلي يا بتول لسة مختارتيش اسامي للبيبي.


ابتسمت لها بتول و ردت نافية:

-لسة يا ماما مش لما نعرف الأول بنت ولا ولد ..


هنا وصدح صوت صفية تاركة الكوب من يديها على الطاولة بتشنج مما أصدر صوت، معقبة على حديث بتول:

-بت لا مش عايزين بنات مبنحبهمش هو ولد إن شاء الله.


إلتوى فم داليا بتهكم واردفت ساخرة على تلك الأفكار:

-غريبة معأنك مخلفة بنت، وبعدين هو حد لسة بيفكر التفكير العقيم ده، دلوقتي مبقاش في فرق بين الولد والبنت، بل ساعات البنت بتبقى احسن من الولد مليون مرة.


كانت بتول تتابع حديث والدتها بسعادة، فكلماتها صحيحة..

لكن لم تدم تلك السعادة عندما ردت صفية بحنق شديد:

-أنا مليش في اللي بتجوليه ده، أنا اللي اعرفه أن الست متعرفش تعمل حاجات كتير الراجل يقدر يعملها، الراجل هو اللي بيصرف على مرته مش العكس، الراجل هو اللي بيشتغل وبيتعب وبيشقا عشان يجيب القرش..


لم تتردد داليا بالتحدث بغضب مماثل:

-بجد يعني مبتسمعيش عن الرجالة اللي بتبقى قاعدة في البيت ومراته هى اللي بتصرف على البيت، مسمعتيش عن الراجل اللي ممكن يشغل مراته أو بنته في الدعارة لمجرد بس أنه يستفاد منها، في حين أنه ممكن يشتغل ويستت مراته وبنته، في الحالات دي برضو بتفضلي وبتنصري خلفة الولاد، مع الاسف كنت فاكرة الناس اللي تفكيرها متخلف كدة خلصت بس واضح انها لسة موجودة..


تبادلت بتول و رقية النظرات القلقة، فقد انقلب الأمر شجارًا بين الأثنين، نهضت صفية من جلستها، وصرخت عليها بهدر:

-انا متخلفة تصدقي أنك ولية قليلة الرباية..


نهضت بتول هى الآخرى مدافعة عن والدتها:

-طنط لو سمحتي مينفعش كدة، وأنتِ يا ماما خلاص.


كانت داليا تشتعل من كلمات صفية الفجة، فلم تستمع لابنتها وقالت بسخرية:

-أنا لو قليلة رباية فعلا كنت هرد عليكي، بس تعقيب صغير بس على كلامك، واللي واضح أنك متعرفيهوش وجاهلة بيه وهو أن ابنك المصون هو اللي مسئول عن نوع الجنين والست ملهاش اي دخل، يعني لو جت بنت، روحي عاتبي ابنك..مش بنتي..


هتفت الأخيرة بسخرية، فـ فارت الدماء لرأس صفية وصاحت ملوحة بيديها بالهواء:

-رقية قومي لمي عزالنا وصحي حفيدي، هنرجع على بلدنا...


__________


في المساء…


-يعني إيه يا هانم، أمك تهين أمي في بيتي وأنتِ تقعدي ساكتة، ها، ازاي؟ 


زفرت بتول وهى تستمع لكلمات زوجها الذي جاء للتو من عمله ولم يفعل شيء سوى اقتحامه لغرفتهم، منفجرًا بها كالقنبلة الموقوتة. 


التقطت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز وقامت باطفاءة متحدثة بنبرة مستنكرة: 

-واضح أن طنط مأثرتش وأنك واخد جرعة تقويم محترمة قبل ما تيجي، عشان أنا أول مرة أشوفك كدة، مش عارفة هى قالتلك إيه، بس هى اللي غلطت في ماما الأول، وماما مغلطتش.. 


قهقه عاليًا ساخرًا من كلماتها وقال بعصبية مفرطة و وجه احمر كالدم: 

-آه أنتِ هتقوليلي على حماتي المصونه، ده مفيش في لسانها اللي بينقط عسل.. 





تشنجت عروق رقبتها ونهضت من على الفراش واقفة قبالته متحدثة بعصبية رافضة طريقة حديثه معها وسخريته من والدتها: 

-اتكلم باحترام يا أمجد، أمي خط احمر مسمحلكش تغلط فيها.. 


قبض على ذراعيها بقوة جعلتها تصدر أنينًا خافتًا، متمتم من بين أسنانه: 

-وأنتوا تغلطوا في أمي عادي مش كدة، والمفروض اني اسقفلكم واقولكم لا برافو، يا شيخة ده أنا مستحمل أمك بقالي سنتين، سنتين ساكت عشان خاطرك، وأنتِ مش عارفة تستحملي أمي.. 


تكاظم غضبها فصرخت عليه بهدر ونبرة عالية متشنجة لأقصى درجة : 

-هو أنت مبتفهمش، بقولك هى اللي غلطت الأول، وبعدين أنا واحدة حامل وامك مش مراعية ده، ومن ساعة ما جت وهى سامة بدني بكلامها اللي زي السم.. 


رفع يديه وكاد يهوى بصفعة على وجهها، لكنه توقف معلقًا يديه بالهواء، عندما وجدها أغمضت عينيها بقوة خوفًا ورفعت يديها واضعة إياها أمام وجهها تحميه من تلك الصفعة.. 


لم يفعلها.. اخفضت يديها ببطء تطالعه، فوجدته يخفض يداه وعيناه معلقة بها لا تنزاح.. 


ابتلعت ريقها وقالت بنبرة غلفها الحزن رغم قوتها: 

-وقفت لية يا أمجد مضربتش لية، مش جديدة عليك سبق وعملتها، يلا اعملها تاني، يلا مستني إيه… 


اشاح نظراته عنها ولم يتفوه بحرف واحد، منطلقًا من مكانه بسرعه البرق صافعًا الباب من خلفه…


__________


في الساعة العاشرة مساء..

 

خرجت راضية من المستشفى بعد أن ودعت صديقتها، واستقلت سيارتها التي اشتراها والدها لها منذ تعيينها حتى تذهب وتأتي بها تحديدًا عندما تتأخر ليلًا حينما تكن في الطوارئ أو هناك لها مناوبة في المساء 

وكانت اليوم قد أخبرته أنها لديها مناوبة، جلست في السيارة وأخذت أنفاسها تحاول أن تصلح ما أفسدته تلك الحمقاء، أمسكت هاتفها لتفحص الرسائل وتجد أن شقيقتها أرسلت لها العنوان التي ستجده به…


وبالفعل توجهت ناحية ذلك المقهي والذي يعود لصديقه، غافلة عن ذلك الشخص الذي يراقبها كل ليلة .. 


__________


هبطت راضية من سيارتها لتقف أمام منزل أحدي العائلات المتواجد خلف الأنظار، واتصلت برقمه لا تعتقد انه يعرف ذلك الرقم، وأجاب عليها بعد ثواني:

- الو 


- انا مستنياك قدام بيت "  ...." 


- انتِ مين؟؟ 


- انا راضية أخت ياسمين، مستنياك يا أيمن وأياك متجيش وإلا مش هيحصل طيب، سلام.


أغلقت المكالمة دون أن تتنظر رده بعد أن أردفت كلماتها بحدة ولهجة لا تقبل النقاش فلن تظهر ضعيفة مهما أخطأت شقيقتها يجب أن يصلح الأمر بأي طريقة..


بعد مرور عشر دقائق تقريبًا... 





جاء أيمن وهو يحاول أن يخفي ذلك الذعر الذي دب به، فهو يعلم كل العلم أن كان هناك شخص في عائلة النجم يجب أن يخاف منه بعد رضوان ونجم هي راضية، فهي التوأم الانثوي لشخصية نجم الصارمة: 

- خير يا راضية حصل أيه ؟؟ 

وايه الطريقة اللي انتِ بتكلميني بيها دي..


هتفت راضية بصرامة وهي تعقد ساعديها: 

- انتَ قولت لياسمين أنك خلاص مش هتتجوزها صح؟؟ 


ابتلع ريقه بتوتر شديد وحاول ان يركز قليلا ورد بنبرة جامدة حاول صنعها:

- ايوه، انا حر مش عايز أكمل معاها مش متفقين 


- اه فعلا تبقي حر لما تكون مش متفق معاها فحقك يا ابن الناس تخرج بالمعروف وتفشكل الخطوبة من غير ما تكون ضرتها، لكن بعد ما تعمل عملتك الوسخة بدل ما تتحمل غلطتك لا بكل بجاحة مش عايز تتجوزها..

 

- عمله ايه وكلام فاضي إيه، إيه اللي بتقوليه ده يا دكتورة وبعدين انا بحترمك وبقول عليكي عاقلة و  ... 


قاطعته قائلة وهو تحذره بسبباتها بغضب شديد وأعين حادة :

- أياك تفكر مجرد التفكير تغلط فيا لان غصب عنك وعن اللي خلفوك تحترمني متنساش نفسك، اه ياسمين غلطت وعارفة أيه الغلطة اللي عملتها مش بس اللي حصل يوم كتب كتاب نجم لا غلطتها انها فضلت تطاوع عيل زيك باعها في أول دقيقة..

 

- متغلطيش يا راضية متخلنيش أقل أدبي، اختك متلزمنيش وأبقي ربيها واديها هي المحاضرات دي؛ انا مش هتجوز واحدة سلمتلي نفسها في بيت أهلها أتمنها على شرفي ازاي..


كانت تبتلع الغصة في حلقها فلا تستطيع أن تنكر حماقة وغباء شقيقتها بمسمي الحب ولا أحد سيدفع الثمن أكثر منها، فهتفت بنبرة حانقة:

- فعلا انا معاك هي محتاجة تتربي أو تتقتل كمان مش هلومك، بس ده لما يكون واحد غيرك زي ما غلطت أنتَ غلطت وهتتجوزها ورجلك فوق رقبتك أنتَ سامع، ياسمين حامل..

 

نظر لها بصدمة وفاه مفتوحًا على واسعة، هل حامل من ليلة واحدة فقط، هذا ما كان ينقصه تذكر كلمات صديقه فهتف بلا مبالاة 

- بقولك ايه انا هضمن منين انه ابني اللي غلطت مرة تغلط الف


قاطعته راضية بتشنج:

- اخرس يا أيمن أخرس أياك تطول لسانك اكتر من كده ..





- مش هتجوزها يا راضية وأعلى ما في خيلك أركبيه انتِ وأختك ولا اقولك روحي قوليلهم كل حاجة قولي لابوكي وللمعلم نجم بنتكوا نزلت لخطيبها في بيتكوا…


حاولت الا تظهر أنها قلقة فقالت بجمود: 

- خلاص انتَ حر وأنا برضو في اللي هعمله حرة يا أيمن وعليا وعلى أعدائي..

 

- ايه يعني هتعملي ايه بتخوفيني وبتهدديني، اختك صورها معايا ولو حد جاب سيرتي هفضحها..


- انتَ واطي بشكل ميتصدقش بس صدقني افتكر اني كلمتك بالحسنى يا أيمن وقولتلك اتجوزها وانتَ اللي مش موافق..

 

- ومعندكيش حاجة تعمليها الا الحسنى يا راضية أنا اللي بذلكم مش انتِ اللي ماسكة عليا ذلة انا راجل مش عايز اكمل مع خطيبتي ولما قولتلها كده حطت لاختها قصص وحكايات …


ضحكت بسخرية وهتفت:  

- ما عاش ولا كان اللي يذل بنات عيلة النجم مهما غلطوا، قسما بالله لو ما اتجوزتها ورجلك فوق رقبتك واتحملت غلطك في أقل من شهر بقسملك وحياة رضوان النجم، لهكون سجناك وهخلي فضيحتك انتَ ونائب المستقبل بجلاجل….


تنهدت ثم أستكملت حديثها قائلة بنبرة صارمة :

- في محضر معمول في القسم بمسروقات من البيت يوم كتب كتاب نجم، لا وحبة الصور الحلوة دي عادي ده ياسمين لسه مسروقة وولاد الحرام لما لقوا صور واحدة لابسة لبس البيت فكروا يعملوا كده اصل معلش يا ايمن ولاد الحرام كتروا..

 

- يا سلام وهتقولي ايه لما تحبسيني كان قاعد في البيت مع اختي ولا ايه..


قهقه بسخرية فهتفت قائلة بجمود 

- عارف أنك متصور بالكاميرا اللي عند البوابة دخلت امتى وخرجت امتى واستغليت أن الغفير مش قاعد، انتَ غبي يا ايمن لدرجة أن ذكائك مصورلك أنك هتذل ياسمين وياسمين هتخاف وممكن تموت من الخوف اقولك ابويا هيعمل ايه لو عرف ولا نجم..

 

تصنعت التفكير ثم أضافت: 

- هيقتلها؟؟؟ تستاهل بصراحة القتل، ولا اقولك هيخلي أي حد يعرفه يجوزها وابويا يقدر على كده وانتَ عارف، بس تفتكر حتي لو ولع في ياسمين، رضوان النجم هيسيبك؟؟؟ افتكر اخر واحد جه على طرف ليه انتَ عارف حصله أيه، ولا أسال عيلة الشيمي رضوان النجم بياخد تاره أزاي ولا بياخد حقه ازاي…


ابتلع ريقه بتوتر شديد فهي بالفعل استطاعت إرهابه 

- انتِ فكراني هخاف؟


صاحت راضية بغضب شديد فالموقف اصعب منها ولكن يجب الا تخاف وتظهر قوتها: 

- لو بكرة أو اخرك معايا يومين ومجتش انتَ وابوك تقول لابويا انكم عايزين تقدموا ميعاد الفرح في أقل من شهر، قسما بالله يا ايمن لهوريك اللي عمرك ما كنت تتخيله، ومش هكون الدكتورة العاقلة اللي تعرفها  

انتَ فكرت نفسك مسكت ياسمين من أيديها اللي بتوجعها مكنتش تتخيل انها هتكون حامل أو انها هتقول لحد انتَ حبيت تلعب لعبة انتَ مش قدها…

 

- أيمن..


التفت كلاً من ايمن وراضية إلى ذلك الصوت الجهوري والغاضب كصاحبه بسبب ما كان يسمعه منذ دقائق…

 

فهتف أيمن بتوتر شديد: 

- عامر …


___________


في سيارة شهاب…





كان يختلس النظرات إليها محاولًا جذب انتباهها له، لا يدرك بأن كامل حواسها وتركيزها معه، فالأمور بينهم باتت هادئة عن ذي قبل، فطوال ذلك الشهر، لم تكف مشاجراتهم المرحة فكان لها فضلًا كبيرًا فيما وصلوا له اليوم… 


أراد شهاب استغلال تلك الهدنة وذلك الهدوء، فطلب من والده ادعاء سفره تاركًا لهم المنزل، فلا تدرك ريما حتى الآن أن فهمي متواجد ولم يسافر، لكنه في الحقيقة يجلس بمنزل صغير متأملًا أن تصلح كافة الأمور بينهم أثناء غيابه عن المنزل. 


رفع شهاب يده مشغلًا مسجل السيارة، ظل يقلب به حتى وجد ضالته، تاركًا تلك الأغنية التي صدح صوتها بالسيارة.. 


"راح يوقف قلبي 

دخيلك يا ربي 

وشو حلوة عينيها 

  

بضحكه 

بتنسيني همي 

وعم تمشي بدمي 

وراح موت عليها 

  

بحبا بغارعليها 

بجن بدوب 

قلبي ملكا باسما مكتوب 

وقفت هالدنيه عندا 

بتكفيني هيه وحدا 

الحب الي بقلبي بدو خمس قلوب" 


كانت ريما تستمع للأغنية وهى تنظر من النافذة المغلقة بجوارها، محاولة كبح بسمتها مدركة ما يحاول فعله، فكانت سعيدة بتلك اللحظة كما لم تسعد من قبل… 


معترفة لذاتها بأن مشاعره باتت ملكًا لها… 


حاولت اخفاء بسمتها قدر المستطاع، عندما بدأ يدندن كلماتها، فرفعت يديها وأغلقت تلك الأغنية.. 


امتعض وجه شهاب وصاح بتذمر طفولي: 

-طب لية الرخامة دي؟ 


حركت كتفيها وقالت بكذب: 

-الله مصدعة، وبعدين صوتك وحش ونشاذ متغنيش تاني. 


ارتفع حاجبيه بمكر وقال: 

-غريبة صوتي وحش ونشاذ في جملة واحدة؟ 


-وإيه الغريب في كدة! 


تلفظت بها بتساؤل، فأجابها بذات النبرة الماكرة العابثة: 

-أنتِ الوحيدة اللي شايفة صوتي وحش، ده كل اللي سمعوه شكروا فيه، وكانوا بيقولولي الله على صوتك يا شهاب، أنت المفروض تبقى مغني يا شهاب، والله يا بنتي أنتِ مش مقدرة اللي معاكي، أنا لو فكرت أغني هقعد نص المغنين في البيت، لا نصهم إيه ده كلهم.

 

-اسكت يا شهاب اسكت.. 


-ما انا هسكت فعلا بس مش عشانك لا، عشان وصلنا البيت.. 


هتف بها وهو يقف بالسيارة أمام منزلهم، تنهدت هابطة من السيارة متحركة صوب الباب، أما هو فأغلق السيارة ولحق بها بخطوات سريعة متعجلة.. 





فتح الباب لغياب الخادمة عن العمل متحججة بمرض ابنتها، فهو و والده من أخبراها بقول هذا.. 


أشار لها حتى تدخل، فولجت المنزل أولًا، متقدمة من الدرج، اوقفتها يداه جاذبًا إياها بعدما أغلق الباب، ملصقًا جسدها به، مما جعل رجفة بسيطة تسري بها، ناظرة بعيناه، وهو يتمتم بمكر ولؤم: 

-رايحة فين، مفيش نوم، خلينا نتفرج على فيلم ولا حاجة، ويا سلام بقى لو رومانسي، أصلك متعرفيش اموت في الرومانسية زي عنيا.. 


ارتفع إحدى حاحبيها وصاحت: 

-لا يا راجل. 


رد على الفور بنبرة مرحة: 

-وحياة امي اللي ما بحلف بيها بكدب. 


لكزته في صدره بيديها الآخرى قائلة: 

-طب حرام متقولش كدة تاني، الحلفان بغير الله شرك. 


اماء لها وقال: 

-ماشي يا ستي، قوليلي بقى قولتي إيه.. 


اخفضت عيناها ناظره ليداه الممسكة بها، ثم رفعت عيناها ليحدث ذلك اللقاء بين عينيهم ثانية، مرددة: 

-ماشي يا شهاب، بس رعب. 


-يا ساتر يارب، لية يا بنتي ده غلط على الصحة. 


قالها بأستفزاز، فصاحت بعفوية: 

-مش بحب الرومانسي بحب الرعب ها قولت إيه موافق ولا اطلع انام. 


كز على أسنانه وقال: 

-ماشي رعب رعب، يلا… 


بعد بعض الوقت كانا يجلسان على الأريكة يتابعان إحدى الأفلام التي أثارت أشمئزازه، أما هى فكانت مندمجة معه بشده.. 


برق بعقله فكرة جهنمية عزم على تنفيذها، تحرك من جلسته قليلًا مقتربًا منها، منتظرًا اللحظة الحاسمة الذي سينفذ بها. 


بعد لحظات حدث ما انتظره وصاح فجأة بصوت جهوري أفزعها: 

-هيقتلها هيقتلها هيشق بطنها نصين… 


فزعت ريما بجلستها، واضعة يديها على صدرها، أما هو فصدحت ضحكاته عاليًا.. 


ثوانِ وكانت ريما تلتقط الوسادة تسدد الضربات له، متحدثة من بين اسنانها، فقد جعلها ترتعب لتحدثه تزامنًا مع مجئ مشهد دموي .. 

-يا اخي حرام عليكي خضتني.. 


انتشل الوسادة من يديها وقال بطريقة متذمرة: 

-أخوكي في عينك يا حيوانه، ده أنا جوزك مع ايقاف التنفيذ بس ونفسي انفذ

 

كبحت بسمتها وعادت تتابع الفيلم هاتفة: 

-اتلم بقى وسبني اكمل الفيلم. 


زفر بملل، ثم رفع يديه محاوطًا رقبتها.. 

نظرت ليداه التي حاوطتها، واقترابه من أذنيها هامسًا لها: 

-بقولك إيه.. 





توترت من اقترابه ومحاوطته لعنقها بتلك الطريقة، ابتلعت ريقها بصعوبة، شاعرة بتخبط بتلك اللحظة.. 

لا تدري ماذا تفعل.. 

تبتعد وتنهي تلك الليلة، أم تتركه وينعمون ببداية جديدة… 


حركت رأسها دون إرادتها راغبة برؤية اشتياقه ولوعه بها في عيناه القاتمة.. 


تعمقت النظر بعيناه، واعتراها فرحة ورضا في آنِ واحد، مستشعرة أنوثتها.. 

صمت مريب حدث تلك اللحظة، فقط عيناها من تتحدث.. 

وقعت عيناه على شفتيها وتمنى تقبيلها مرة ثانية فـ منذ القبلة الأولى بينهم لم يقبلها مرة أخرى، وظلت تلك اللحظة تطارده كل ليلة… 

هنا وقرر تحقيق امنياه… 


وبدون تفكير انحنى تجاها تاركًا مشاعره تتحدث وتفعل الأفاعيل… 


أما هى فكانت راضخة لقلبها الذي يطالب به…. 


ابتعد عنها قليلًا وليته لم يفعل، لحظات وكانت تدرك ما يحدث.. 


فاقت من تلك الغيبة، دفعته برفق وهرولت تجاه الدرج، والجة غرفتها محتمية بها منه ومشاعرها الجامحة تجاهه، مغلقة الباب بأحكام عليها. 


أمام هو فصُدم من رحيلها وهروبها منه في تلك اللحظة، فلم يفكر كثيرًا واندفع لاحقًا بها. 


وصل أمام الحجرة وحاول فتح الباب، فلم يفلح فقد اغلقته… 


طرق على الباب هاتفًا بأسمها يحثها على فتح الباب: 

-افتحي يا ريما، افتحي. 


أجابته برفض وإصرار، خاجلة مما حدث بينهم منذ قليل: 

-لا مش فتحة.. 


سحب نفسًا عميقًا ثم زفر بعنف، متمتم بحنق: 

-هو إيه اللي مش هتفتحي.. 


-يعني مش فاتحة يا شهاب روح نام في اوضة عمو تصبح على خير. 


__يتبع__ 


                    الحلقه الرابعه عشر من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-