رواية وليدة قلبي الفصل الثامن 38 والثلاثون بقلم دعاء أحمد (لجزء الثاني من اطفت شعلة تمردها

 

رواية وليدة قلبي الفصل الثامن والثلاثون بقلم دعاء أحمد (لجزء الثاني من اطفت شعلة تمردها 



_________________________

تركض في تلك الغابة المظلمة وحدها، تركض بأقصى سرعة لديها نحو شعاع النور، الغبار يملاء المكان، تلك الأشجار السوداء تدب الرعب بقلبها، حتى تلك البركة ذات المياة الملوثة، تلك الأصوات تجعلها تزيد من سرعتها ،شعرها الاسود يتناثر حول وجهها، دقات قلبها و أنفاسها الحارة تتعالى الأصوات،تركض بأقصى سرعتها.

حاولت «زينب» الهروب من ذلك الظلام الذي يلحقها، ما أن أقتربت من النور وجدت نفسها تقف في صحراء خالية من البشر، أمامها البحر و خلفها تلك الغابة

و هي بينهما تقف مذعورة خائفة

 

 

 

 

 
 

 

وضعت يديها على اذنيها و هي تصرخ من شدة الألم الذي تشعر به و الوحدة الذي تعم ذلك المكان

جلست أرضا على تلك الرمال، وجدت يدي تُمد اليها، رفعت رأسها تنظر له

ملامح حزينة وعيون خضراء مطفية، ظلت تُمعن النظر اليه بارتياب، رفعت يديها لتمسك يده لكن تناثر رماده فجأة و اختفى تلاشي كأنه لم ياتي.

شهقت «زينب» فجأة بذعر في تلك الغرفة المطلية بالون الأبيض، كانت تتنفس بسرعة و ذعر و هي تحاول استيعاب ما يحدث، قبل أن تقوم بإزالة جهاز التنفس الصناعي منافذ تنفسها، دموعها هبطت و هي تدرك انها نائمة في تلك الغرفة و كل ذلك كابوس

دلفت الممرضة الي الغرفة بسرعة، ابتسمت بسعادة قائلة :

-“حمدالله على السلامه يا مدام زينب، كلهم كانوا قلقنين عليك”

حاولت «زينب» النهوض الا أنها تأوهت بألم لتصع يديها على بطنها قائلة بفزع و دموع:

-“أولادي؟”

ربتت الممرضة على كتفها قائلة باهتمام لتهدء من روعها :

-“متقلقيش هم كويسين، احنا دخلنهم الحضانة بعد الولادة بس الحمد لله كويسين”

سألتها زينب بارهاق و تعب:

-” هو ايه اللي حصل؟ فين بيلا؟ و صالح و الولاد”

ردت الممرضة بهدوء قائلة:

-“الولاد بخير الحمد لله و هما مع بشمهندس صالح في الاوضة اللي جانبنا دي مع الولاد، أنتِ جيتي المستشفى من اكتر من اسبوعين في حالة ولادة مبكرة، كنتي خلفتي في مستشفى المنصورة و للأسف لان الولادة كان فيها إجهاد كبير فقدتي الوعي و اتشخصت غيبوبة مؤقته، مدام بيلا كانت هنا لكن نزلت الكافتيريا مع عمر بيه والد حضرتك”

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التمعت عيون زينب بالدموع قائلة بلهفة:

-” بابا؟ أنا عايزه اشوف صالح و الاولاد “

اومأت لها الممرضة بالموافقة قائلة بهدوء:

-” هروح اقول للدكتور و لصالح بيه”

كادت ان تغادر الا ان زينب قالت بجدية :

-” خديني لصالح، أنا كويسة و هقدر اقوم”

ساعدتها الممرضة في النهوض، كانت تتحرك ببطئ و تعب، لكن رغم المها كان قلبها متلهف لرؤية أطفالها و زوجها و كم اشتقت له، كانت بين كوابيسها المظلمة تفتقده و تفتقد دفء احضانه، تفتقد شعور الأمان.

في نفس التوقيت

دلف عمر الي ذلك الممر الطويل متجه نحو غرفتها رغم شعوره بالحزن و قلبه الذي يتألم، كم يتمنى ان يغمرها بحبه الذي افتقدته طوال حياتها.

خرجت زينب من الغرفة رفعت رأسها تنظر لذلك الذي يقترب منها بخطوات ثابته واثقة و هيمنة شخصيته تغلفه.

ازدادت نبضات قلبها حتى كادت ان تسمعها، افلتت يديها من يدي الممرضة و هي تتجه نحوه و عيناها الرمادية التقت من رماديته الجميلة

شعر عمر بارتجاف اوصله كلما اقتربت المسافة بينهما، ايا ليت لم يُكتب علينا الفراق، تراكمت طبقة طفيفة من الدموع بمقلتيهما.

وقفت زينب أمامه و عيناها تشمله بنظرة متالمة، عيونها ذرفت الدموع على غير هُدي و هي ترى عمر يفتح ذراعيه لها، ألقت بجسدها بين ذراعيه تشهق بذعر و هي تتشبث به بقوة.

ظلت يديه معلقة في الهواء وهي تتمسك به بقوة، انسابت دموعه قبل أن يضمها بقوة حتى كاد أن يدفنها بين ذراعيه قائلا ببكاء و قلبه يكاد يبكي:

-“حقك عليا يا ملك و الله العظيم حقك عليا و على قلبي، يشهد رب العالمين اني كنت بتعذب، عمري ما تخيلت ان أقرب الناس ليا هم اللي يطعنوني في قلبي و ياخدوكِ مني، لسه فاكر اول مرة شيلتك فيها بعد ما اتولدتي وقتها حضنتك و قلبي ارتعش هو نفس الشعور اللي انا حاسس بيه دلوقتي، فاكر اول مرة سمعت نبضك وقتها كنت خايف معرفش ابقى اب كويس ليك لكن ربنا حرمني منك قبل حتى ما اشوفك، حقك علي عيني وثقت في ناس موتى كان حلمهم و فلوسي كانت امالهم، لو كنت اعرف ان الفلوس قصدها بُعدك عني والله كنت رميتهالهم بدون لحظة تفكير. “

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اغمضت زينب عينيها بتثاقل و تعب قائلة:

-” عارف انا كم مرة احتاجت ليك بجد، عارف كم مرة خفت من كلام الناس، عارف كم مرة خوفت اكون بنت حرام”

صرخ عمر بحدة و هو يربت على ظهرها يحنان:

-” كدب و افتراء اي واحد يقول كلمة وحشه في حق بيلا يبقى معندوش دين، يعلم ربنا ان مقربتش منها الا وهي على ذمتي و بعلم أهلها و أخواتها و جدتها و أدام ربنا و الناس كانت مراتي و حبيبتي و أنتِ كنتي أغلى ما عندي و هتفضلي حبيبتي الحقيقة، أنا تعبت لسنين طويلة اوي، كنت لوحدي لا عرفت انسى بيلا و قدرت اتخطى بُعدك و فكرة انك مُت كانت بتقت”لني بالحياة، لكن خالص معدش في بُعد تاني و لا وجع خالص هنرجع تاني أنا و أنت و هحضنك و اطبطب على قلبك لما تزعلي و أنت هتفضلي معايا و مش هتبعدي تاني ابدا.”

 رفعت ملك رماديتيها تنظر له مررت يديها على ذقنه الخفيفة قائلة بدموع و خوف:

-“انا عندي أم و أب مش لوحدي و مش هبقي لوحدي تاني مش كدا؟! “

سألته بخوف و رجاء يجعل القلب ينفطر لأجلها، حاوط عمر وجهها بين يديه مقبلا قمة رأسها بحنان:

-” مش هتبعدي تاني و لا هتكوني لوحدك مهما حصل كفاية كل السنين دي كفاية اوي”

 كادت ان تسقط مع شعورها بالدوار بينما قام عمر بحملها، كم رسم بعقله ذكريات جميلة بالماضي، بني عالم باكمله لها، كان يحلُم بأن يكون أب لها، تمنى حملها و العب معها، تمنى ان يحيى معها شبابه و طفولتها الا ان القدر كان له رأي خاص

أسندت براسها على صدره لا تخشى شئ و كيف تخشي بعد أن وجدت عائلتها كل الدموع التي انهمرت على وجنتها كانت سبيلها للراحة لكن الآن تلك الدموع ما هي إلا سعادة

وضعها عمر بالفراش و جذب الغطاء عليها قائلا بسعادة:

-“بيلا هتفرح اوي اوي لما تعرف انك فوقتي”

ردت زينب بسرعة و فزع:

-“بابا انا عايزه ولادي”

تنهد براحة ثم مال عليها مقبلا وجنتها قائلا:

-“هجيبهمالك”

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اومأت له ليخرج من الغرفة، وضعت يديها على عينيها و هي تبكي لا تعلم لماذا فقط هو شعور بالسعادة يغمرها بضراوة.

في الغرفة المجاورة

كان صالح ينام على كرسي بجوار الفراش و يستند براسه على حاجز الفراش الذي عليه أطفاله الثلاثة ينامون بهدوء ، ثلاثة أطفال و كأنهم ثلاث ملائكة، النظرة لوجههم تعطيك الكثير من السعادة و الراحة

بينما وضع يديه على الفراش فأخذت فتاة منهم تمسك باصبعه و هي نائمة براحة و هو كذلك

فتح عمر باب الغرفة و دلف اليها بهدوء، اخفض بصره ينظر لصالح بنظرة مبهمة، شعر ببعض الارتياح نحوه رغم شعوره بالغضب منه فيما قبل ربما لانه تمنى ان يختار زوج أبنته بنفسه، يختار شخص يثق به و يعرفه، لكن ذلك المشهد الذي يراه أمام عينيه، و خوفه عليها في الفترة الماضية و اهتمامه بها جعله يشعر ببعض الارتياح نحو .


بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-