رواية عشق الفصل الثاني عشر 12 بقلم كنزة



رواية عشق الفصل الثاني عشر 12 بقلم كنزة 





الحلقة الثانية عشر من رواية عشق
عنوان الحلقة: لأول مرة

القسم الأول:

لأول مرة...
لاول مرة اتنفس.. يدخل الهواء بصدري كأنه عبير بستان من الزهور تفوح رائحته وتثلج صدري الذي احرقته دوما بجمر العصيان...

لأول مرة افتح عيني.. كأنني كنت فاقد بصري وعاد لي من جديد، لا بل ولدت الان كأنني فتحت عيني للمرة الاولي علي الدنيا، ابصر الاشياء، انا كنت انظر للوحة سوداء وعادت اليها ألوان الربيع...

ظننت انني انهيت حياتك.. لم يأتي لعقلي لحظة واحده أنكِ بدايتي وستعيدين لي ديني ودنياي...

أعطني يدك ياجميلتي لنتراقص علي نغمات قلبي.. اشعر انني اريد ان احملك بين يداي واطير داخل السحاب.. فأنتِ ملاك عمري..

لا تردي يدي فارغه ولا تعيديني لحافة الهاويه..
اعلم انك تخافين ملامح الشرير 
فخيال الوحش انساني انني امير..

 
نظر إليها أمير مرتعبا ليركض ناحيتها سريعا ويناديها:ريحااان...
فزعت اوزجي من منظر ريحان وهي بالأرض لتبقى مكانها دهشة خائفة بينما هو فقد رمى بنفسه أرضا، تغلغل داخل قلبه الأدرينالين خاف، وأي خوف؟ منتهاه، حملها ووضع رأسها بحجره وبصوت يرتجف ارتجاف يديه قال:
ريحان هل انت بخير؟ ريحان افتحي عيونك وأجيبيني رجاء
نظر للدماء التي غطت جبينها ونزلت على وجهها فما زادته إلا خوفا عليها وضيقا،كانت اوزجي تنظر إليهما خائفة لتقول ترتعد:
بابا هي بخير صحيح؟
ذلك الصوت الخافت المرتجف أعادها بعضا من الوعي فتحدثت تطمئنها:
أنا بخير بخير لا تخافي صغيرتي.
نظر هو للصغيرة قائلا:
أوزجي حبيبتي عودي للقصر حالا
ردت خائفة:
وريحان؟ لن اتركها، لن أذهب
أمير بجدية:
هيا اوزجي ادخلي للداخل لا أريد ان اقلق عليك وانا ساهتم بريحان لا تخافي انها معي ستكون بخير، تثقين بي صحيح.
أومأت بالإيجاب وأصافت:
حسنا بابا سادخل وأخبر من بالداخل.
انطلقت اوزجي مسرعة نحو الداخل بينما هو وضع يده على الجرح وضغط بقوة يخفف من النزيف فأنت متألمة ليردد بخفوت:
آسف لكن يجب أن نضغط على جرحك كي لا ينزف أكثر.
نظرت إليه بعيونها التعبة ولم تتحدث بشيء لكنها لامست خوفه عليها من صوته المرتجف ومن لهفته ونظراته لها، امسك يدها ووضعها مكان الجرح ليقول:
اضغطي عليه هكذا لا تقلقي ستكونين بخير ثم قام بحملها بين ذراعيه وركض مسرعا نحو الخارج يأكل الأرض بقدميه.
بين ذراعيه رمت ثقل جسدها، لم تبالي أن شيطانها من يحملها، تضع يدها على رأسها وقد غطت الدماء وجهها، فتحت عيونها بثقل وطاعلته بحسرة، تدرك أنه يستحق ما قالت وكل كلمة رددتها ذلك اليوم حقيقة لكنها ندمت فما كانت عشق لترد الإساءة بالإساءة.
لأول مرة تطالع تفاصيل وجهه بتلك الطريقة، العرق يتصبب من وجهه وعلامات الهلع بادية.
أوقف رجل الامن سيارة أجرة فأدخلها أمير ومددها من الخلف ثم جلس بجانبها ليقوم بوضع رأسها بحجره ويقول لصاحب السيارة:
انطلق الى المشفى سريعا.
أما هي لاتزال تضع يدها على الجرح وتحاول جاهدة أن تبقى واعية تقاوم ذلك التعب الذي أتى على رأسها، مسح على شعرها ثم مرر يده على الدماء التي نزلت على وجهها لينتبه أنها بظأت تفقد الوعي لكنها تقاوم، تحدث بتوتر قائلا:
ابقي معي ريحان فقط ابقي عيونك مفتوحة سنصل للمشفى قريبا.
بحلقت به برهة، تسمع كلماته لكنها بعيدة وصورته مشوشة، قليلا فقط وخارت قواها ففقدت وعيها.
أدرك ذلك، ما عساه يفعل فلحظتها أحس بأن يداه مكبلتان بالأصفاد، قام بضمها إليه اكثر حتى تلطخ تماما بالدماء ضمها لصدره خوفا ليقول:
لا حبيبتي لا تغمضي عينيك افتحيهما واصرخي بوجهي وقولي ما شئت المهم افتحيهما، إياك ان تتركيني وحيدا، أنا لا يمكنني دونك للحظة ارجوكي، هيا ريحان قاومي، ثم صرخ بالسائق:
 أسرع أكثر لقد فقدت وعيها، قد يكون معها نزيف لا سمح الله.
وصلوا المشفى لينزل أولا ثم أنزلها وحملها ودخل بها المشفى فصرخ مناديا:
ساعدوني، أين الأطباء.
ركض إليه بعض الممرضين بالعربة ليسألوه عن سبب الحادث فأجاب بأنها سقطت.
نقلت سريعا الى غرفة الاستعجالات ليتم فحصها واجراء كل مايلزم من فحوصات وأشعة لمعرفة الضرر الذي لحق بها، أما هو فقد بقي خارجا امام الغرفة يروح ويجيئ ويقعد ويقف، يفرك أصابعه حينا ويدعو ربه حين أن يحفظها ويعافيها، 

حدث نفسه يطمئنها:
ستكون بخير بالتأكيد ليس بالجرح العميق ستكون بخير، لا يمكن ماذا لو حصل معها نزيف وانشلت، ييه ماذا تهذي؟ وماذا لو فقدت ذاكرتها؟ونستني ولم تسامحني وقتها، اوووف لهذه الدرجة أمير.
بقي كذلك مدة طويلة ينتظر ويراقب ساعة يده مستغربا مابها الدقائق لا تمر. 
بعد مدة خرج الطبيب المختص فاقترب منه أمير على عجل وتحدث قبل أن ينطق الآخر ليقول:
ها دكتور هي بخير صحيح؟ لم تصب بضرر؟ لم تفقد ذاكرتها صحيح؟
رد الدكتور:
ما صلتك بها؟
هما بهت أمير، أحس أن الضرر أصابه هو فتألم وابتلع ريقه بغصة
تحدث وقال بضيق:
إنها زوجتي.
الدكتور:
لا تقلق لحد الآن زوجتك بخير، لقد نظفنا الجرح وقمنا بخياطته وقد استعادت وعيها قليل لكن سننتظر الفحوصات التي ستظهر بعد قليل ونرى نسبة تضرر الرأس لربما تعاني مم نزيف لا سمح الله.
رد امير:ط بخوف:
نزيف؟! لا لا يستحيل لم تسقط من مكان مرتفع لهذه الدرجة.
الدكتور:
أحيانا يحدث، مجرد سقوط وأنت تمشي على الأرض قد يصيبك بالنزيق.
ابتسم يطمئن قلبه ورد:
 هل يمكنني رؤيتها؟
الدكتور مربتا على كتفه:
يمكنك ذلك لكن قد تكون نائمة فقد اعطيناها مهدئا قويا ستنام بسبب مفعوله مدة طويلة تفاديا لحركة رأسها حتى نعرف مدى الضرر.
أمير بخفوت:
حسنا ساكون بانتظارك عساه خيرا ان شاء الله زوجتي قوية أنا متاكد أنه لن يصيبها شيء.
الدكتور:
إن شاء الله، عن إذنك
تحرك الدكتور فتركه بمكانه واقفا يستجمع شجاعته كي يواجهها فرن هاتفه وفصله عن حيرته كانت سونا تريد الاطمئنان على ريحان بعد أن علمت بما حدث معها من اوزجي ليخبرها أمير بأنها بخير وأنه سبيقى لرعايتها كما أنه ينتظر الفحوصات التي ستظهر لاحقا،اطمأن كل من بالقصر حينها عدى جافيدان التي تمنت أذيتها وأن لا تعود، سعيدة بحقدها يكبر كل دقيقة على الجميلة
فصل الخط وأخذ نفسا عميقا وتوجه إلى الغرفة ففتح الباب برفق ودلفها مبتسما، طالعها فوجد نجلاءه مستفيقة تطالع السقف بصمت.
اقترب أكثر ومد يده يريد وضعها على جبينها لكنها حركت رأسها مبتعدة عنه حتى تألمت، ترضى بالألم ونار جهنم ولا ترضى بقربه، ضم يده إليه بحزن وقال:
لحمد لله المهم انك بخير هذا مايهم.
ردت متحاشية النظر إليه:
على كل شكرا لك لأنك أسعفتني،.لم أحس على حالي إلا وأنا بالأرض، قالت تلك الكلمات فقط وصامت عن الحديث.
طالعها كثيرا وانتظر أن تتحدث إليه مرة أخرى، يستهويه صوتها الخافت لكن ما فعلت فزفر بضيق وردد:
خفت كثيرا.
التفتت وابتسمت ساخرة، كل مرة يرى تلك الإبتسام تغ*تال السعادة داخله لكنه لا يبالي مادامت بقربه معافاة، انتبهت للدماء الموجودة بقميصه لتقول:
آسفة لتلطيخ قميصك.
أمير:هششش انت لا تتأسفين لشيء انا فقط من يجب أن يفعل ذلك.
سكتت حينها دون رد ليبقي هو نظره عليها حتى أنزلت عيونها ولفت رأسها جانبا متظاهرة بالنعاس.
 خاطب نفسه بغصة قائلا:
ليتني أستطيع أن ارتمي بين أحضانك لأعيش الراحه بين دقات قلبك، لارتاح بأنفاسك، اريدك بجانبي لاتتركيني، أريد أن أحتمي بك أنت، اأريد لقلبك أن يعفو عني، أريد الدخول لجنتك لو تسامحيني لكنت ملكت الدنيا بما فيها قلبي، أنا أعيش بحبك يا الله لتسامحني.
بقي لحظات هناك واقفا يتأملها بينما هي فقد كانت تهرب من نظراته تلك التي ماعادت تفهمها، وهو كذلك عاد الدكتور للغرفة.
طالعه أمير ينتظر ما سيقول فتحدث قائلا:
حسنا سيد أمير لقد ظهرت كل فحوصات زوجتك.
أمير بلهفة:
 ها طمئني دكتور
ابتسم ورد:
لا ضرر على جمجمة الرأس ولا نزيف، الحمد لله لكن زوجتك تعاني من فقر الدم ومناعتها ضعيفة
هنا نظرت ريحان للدكتور دهشة فهي لم تتوقع أن يقر أمير بأنها زوجته ليكمل الدكتور قائلا:
ايضا هل تعرضت لضغوطات نفسية مؤخرا؟
سرق أمير الكلام قبلها ليقول :
نعم دكتور مع الاسف حدثت ضغوطات كتيره وصعبة.
الدكتور:
لذلك ظهر كل هذا بفحوصاتها يجب أن تنتبهي على صحتك جيدا ولاتهمليها كي لاتسوء حالتك، لنفسك عليك حق، على العموم لقد أعطيناك دواء مهدءا لترتاحي جيدا، حمدا لله على سلامتك
تحدثت هي قائلة:
شكرا دكتور
الدكتور:
العفو شفاها الله سيد امير، ارجو أن تنتبه على صحة زوجتك جيدا.
ابتسم أمير وطالعها بحب ورد:
بالطبع سأفعل دكتور ليقول بداخله (انها نفسي ونور عيوني الذي ابصر به).
تلك النظرات التي تربكها كلما طالعها فهربت من عيونه وخاطبت الدكتور قائلة:
متى يمكنني المغادرة دكتور؟
الدكتور:
ليس قبل 24 ساعة يجب أن نتأكد من عدم وجود أي مضاعفات جراء الضربة التي تلقيتها برأسك.
ريحان بخفوت:
إن شاء الله.

انصرف الدكتور بعد لحظات وما إن فعل حتى نظر أمير إليها ليقول:
حمدا لله على سلامتك من اليوم سأهتم أنا بك حتى لو اضطررت إلى إطعامك بيدي كي لا تمرضي، وتستعيدي عافيتك سريعا.
ريحان بتذمر:
لست بحاجة أعرف كيف أعتني بنفسي.
رد قائلا:
بل أنت بحاجة ولا تعارضي.
تنفست بضيق وأردفت بصوت خفيض تعاتبه:
من السبب في كل هذا؟ الست انت؟ الست انت من سبب لي كل تلك العقد النفسية؟ لطفا لاتتظاهر بأنك مهتم لحالتي لتكمل بداخلها(غبي ارتحت منك لأربع أيام مالذي اعادك؟).
غصها بقلبه ثم خاطبها حزينا وقال:
حسنا يبدو أنك متوترة لن أزعجك، سأخرج قليلا وأدعك لترتاحي، على العموم سيبدأ تأثير المهدئ بعد لحظات وستنامين لمدة طويلة ثم اقترب لتفقد جرحها لكنها لفت رأسها الجهة المقابلة وكعادته ضم يده كما ضم ندمه وحزنه وانكساراته داخله وانسحب من من الغرفة بحسرته فما زادتها حركاته وردود فعله إلا وجعا، تأففت ورددت:
ماذا تريد ماذا؟ جعلتني بين نارين نار كرهك ونار الندم على ما تلفظت به لك، حتى أن نفسي ضاعت مني للبعيد ولا أجدها اف اف، رد الي عشق أمير تارهون ردها إلي حررها وأعدها فهذه ليست هي.

بقيت كذلك تحدث نفسها حتى بدأت تنعس لتنام بعدها بعمق قريرة العين.
شعور صعب يساورها، كانت تبحث عن السكينة والراحة والآن هس تبحث عن ذاتها، تبحث عن تلك الطيبة وتلك الضحكات، تبحث عن ذكرياتها الجميلة التي فرت منها أيضا وما عاد عقلها يحمل غير الأذى الذي عاشت.
كان أمير يجلس خارجا مهموما فما عاد بإمكانه تحمل كل تلك الاثقال يناظر المارة لكن لا وجه يلمحه الا وجهها، لم تغب عن أنظاره ضحكاتها الجميلة حين كانت بالحديقة، تلك النبرة كنغنة عاشقة عزفت على اوتار العشق، لكن كيف ستكون له تلك الضحكات يوما؟ وهو من جلدها بسوط من نار وأقام عليها كل انواع الحدود وهي لم تذنب بشيء.
كيف سيغفر هو لنفسه على ظلمه وبطشه وطغيانه وتعذيبه لامرأة بدل أن يرفق بها، اخرج زفرة قوية من بين أظلعه ليقول بصوت مرتفع حتى انتبه الكل إليه لكنه لم يبالي لاحد:
الهي لقد تعب الفؤاد و بكيت عيني دما من كثره الألم وقلبي يحطمه الهوى وهو في صمت يتألم، وفي قهر يتوقف، إلهي تعبت ولا يعلم،بما في خاطري سواك،إلهي تقطعت حبال ثقتي بجميع البشر ولم أوصل ثقتي، إلا بك فما أفعل الهي وقد صرت سجين بين الألم والقهر والأحزان.
لكني يا الهي لن أيأس من طرق بابك واشهد يا رحيم بأني
لن أقنط من رحمتك فانت سميت نفسك الرحمان الرحيم.
عاد بعدها للداخل الى غرفتها ليجدها نائمة كالملاك.
اقترب وجلس بجانبها لكنه لم يقاوم نفسه ليضع يده على وجنتها ويلمسها برفق، لمسة ناعمة أعادته العافية فرد قائلا:
كم تعذبت تلك الوجنتين وتحملت سيلان الدموع الحارقة في تلك الليالي الظلماء كم؟ أعدك أنه مع الأيام لن ترتسم هذه الوجنتين ألا بغمازتك الفاتنة.
اقترب اكثر وتمرد على غضبها ورفضها له، جاءها مسالما بعد أن خاض حروب ندمه، ما خاف من ثورانها وما خشاها بل اقترب وقبل وجنتها برفق وحب، التهبت شفتيه بمجرد لمس شفتيها لكنه أطالها، إنها فرصته التي لا تعوض، فعلها ثم عاد مكانه ليضع يده على خصلات شعرها المنسدل ويلمسه بين أصابعه، من رأسها حتى نهاية أطرافه، تتراقص أصابعه فوق سواده.
بقي كذلك لمدة طويلة لم يتوقف للحظة عن تاملها وهي نائمة أو ملامسة شعرها كأنه حرم منه سنين واتته الفرصة، كان يمسك بيدها من ناحية واليد الأخرى تلامس شعرها حتى أتاه النعاس ليضع رأسه عند طرف السرير قرابة يدها وينام.
بعد مدة وهو كذلك أحس بحركة يدها ليفتح عيونه مباشرة ونظر اليها، كانت تهلوس في الاحلام وتهتز بجسدها وتتعرق وتحرك رأسها يمينا وشمالا، اقترب اكثرر ليسمع ما تتمتم فجلس عند رأسها وحاول ايقاضها بهدوء.
كانت هي ترى بالاحلام والدها
(ريحان بحزن: 
بابا اهذا انت؟
رد والدها:
عشق حبيبتي تعالي لنلعب بكرات الثلج كما في صغرك.
ريحان فرحة:
اشتقت اليك ابي هيا آتية فورا.)
كانت تئن حينا وتضحك حينا أخرى بينما هو يحاول أن يوقضها بهدوء فمفعول المنوم قوي.
أما هي في حلمها فكانت ترى نفسها تلاعب والدها وتضربه بكرات الثلج وضخكاتهما تملء المكان لتهرب منه احيانا وهو يرشقها بتلك الكرات وتقول:
بابا توقف انت سريع اترك لي مجالا لصنع الكرات،فجاة عم الظلام وانتشرت البرودة واصوات الرياح المرعبة تلتف حولها وبدأ والدها بالابتعاد شيئا فشيئا تاركا ريحان واقفة تنظر إليه وهو يبتعد وحيدة تعصف بوجهها الرياح,ركضت إليه لتلحقه لكن شلت ارجلها عن الحركة لتقع أرضا)
أما أمير فقد كان يسند رأسها يستمع لما تهذي به وفجأة تشبثت بقميصه بقوة كالطفل الذي يتشبث بوالده ان خاف من شيئ واحتضنته حتى هو تفاجأ لحركتها لتقول وهي نائمة:
بابا حبيبي لا تتركني له سيعذبني سيخنقني دون رحمة، عد وخذني لا تتركني له لا إنه لا يرحم، انا اكرهه لا تتركنني للوحش بابا بابا ،رغم أنه فهم الكلام بصعوبة لكن في الأخير استوعب ما هذت به، سقته بكلماتها المر أوعية، ارتشفها دفعة واحدة فغدى لا يحس ولا يبصر ولا يتحرك، علقته لوحة على جدران الندم فغدى يشار إليه بالأصابع بينما هو محبوس بأمر من فرشاة القدر.
لم يظهر لألمه ضعفه فاحتضنها بين ذراعيه بقوة وجرب كيف يكون المرأ عاجزا وهو قادر على الحركة، تنهد بضيق وقال:
ماذا صنعت بك انا؟حتى بأحلامك ترينتي وحشا لا يستحق الرحمة، لا بأس لن استسلم لن أيأس فقط اهدئي ريحان أنا هنا لن يؤذيك شيء سأحميك من نفسي ومن بطشي، من غروري ومن غضبي من حزني، سأميحك من الوحش أمير تارهون، ردد كلماته وهو يمسح على شعرها محاولا تهدئتها بينما هي لا تزال تهذي، لم يفلتها حتى هدأت لتشد هي الأخرى عليه أكثر، وجدت بين ذراعيه الامان دون شعرور فقلبها وإحساسها هو من قادها له.
بعد لحضات نامت الجميلة بين ذراعيه،نط نظر إليها وإلى قربها منه والى وجهها المقابل وجهه واستشعر أنفاسها الدافئة دفء قلبها الندي التي تضرب وجهه بنعومة بعد أن هدأت، لكن عيونه لحظتها ملئت بكل احزان وانكسارات الكون، ينظر لحالها وكيف هربت منه إليه ليقبل بعدها جبينها ويقول:
ستتعافين أعدك، ثم اعتدل قليلا وتركها تغفو على صدره، وشوش له قلبه" لا تهرب، ابق واسرق ما شئت من الفرح بقربها" فعل ما طلبه قلبه وجعل لها ذراعيه بيتا فنام بعد حين في قربها، وجد راحته فنام.

بزغت أشعة الشمس على المدينة وحل الصباح.
اتت سونا ومليكة للمشفى بذلك الوقت فهما لم تتمكنا من الانتظار، تترحكان في رواق المشفى بسرعة وكل همهما الإطمئنان على ريحان ووضعها.
سألتا بالاستقبال لتدلهم الممرضة على غرفتها.
توجهتا إلى الغرفة وهما تبحثان بالرواق عن امير لكن لا أثر له لتقول سونا:
من المؤكد أنه بالكافيتيريا أو نائم بغرفة ما لكن ماكان يجب أن يبق هنا طوال الليل، إنه عنيد بالتأكيد أحرجت البنت بسببه.
ردت مليكة:
لا تهتمي سأطلب منه العودة للقصر ليرتاح وابقى أنا مع ريحان حتى تغادر.
دلفتا الغرفة وهما لا تزالان تتحدثان وما أن نظرتا إلى ريحان وأمير حتى توقفتا عن الكلام واتسعت عيونهما، دهشتا مما رأتا، ريحان نائمة في حضن أمير، سحبت مليكة سونا وخرجت من الغرفة سريعا.
نظرت سونا الى مليكة لتقول بخفوت:
رأيت نفس الشيء صحيح؟ ماذا يحدث هنا؟
ابتسمت مليكة وردت:
رأيت طبعا.
سونا دهشة:
أمير وريحان لا لا لا اصدق كيف ومتى؟
مليكة:
دعينا لا نزعجهما ولا نتدخل أحسن وننتظر حتى يخرج أخوك من الغرفة.
ردت سونا:
انتظري كيف لا نتدخل؟ ريحان ريحااان نائمة في حضن أخي؟ سبحان الله يعني ظاهر في عيونهما أمامنا ونحن آخر من يعلم؟ لا بأس اخي تخفي عني، وأنت ريحان حسابك معي حين تتعافين.
مليكة بتذمر:
هل يزعجك أن احبا بعضهما 
سونا مبتسمة:
يزعجني بالتأكيد لا، هل يوجد افضل من ريحان عروسة لاخي.
مليكة:
إذا هيا نعد أدراجنا وكأن شيء لم يكن ولا نزعجهما، نحن لم نأت ولم نر شيئا .
سونا:
لم نعود الا يجب أن نوقضهما؟
مليكة:
لا، هيا ولا تتدخلي فيما لا يعنيك اثنان راشدان ويعرفان ما يفعلان.
سونا:سبحان الله سبحان مغير الأحوال بأمرك أنا، نحن لم نأتي ولم نرى شيء.
كانت ريحان لا تزال بموضعها لتبدأ بفتح عيونها بتثاقل لكنها كانت تهلوس وتظن أنها لاتزال تحتضن والدها لتعدل من وضعها لكنه اتاها ريح عطره فجأة لتذهب ابتسامتها عن وجهها فعبست وفتحت عيونها.
اتسعت تلك العينين لتنتبه لحالها وكيف كانت تحتضنه أما هو فلم يحس لشيء فقد وجد بقربها السكينة التي فقدها منذ سنين طوال.
بحلقت به وبقربه وبتفاصيل ملامحه وبذراعيه التي تحاوطها، أصيبت بالوهن وسكنها الصقيع من رأسها حتى أخمس قدميها فرددت بخفوت:
ياالهي مالذي فعلته أنا؟ كيف استطاع التقرب مني؟ وكيف نمت هكذا ؟ياربي لا اصدق ما هذه الورطة؟ يلعنه ستصيبني حساسية بسبب قربه مني.
حاولت نزع ذراعيه من على كتفها لكنه تحرك لتسكن مكانها ووتتجمد كي لا يستفيق.
نظرت اليه لتقول بهمس:
إن تحركت سيستيقظ ويراني هكذا بين يديه، اللعنة لا يجب أن يراني، لا يجب سيتشمت بي لا محالة، الاحمق يبدو انني نمت بعمق بسبب الدواء وقد فعلها واحتضنني دون وعي، بالتأكيد فلا أحد مثله يستغل الفرص، أف 
هدأت وأخذت نفسا عميقا ثم حاولت التملص مرة أخرى لكن ما ان تحركت ثانية حتى أطبق ذراعيه حولها وشدها اكثر.
كادت تنفجر غضبا من حركته لتقول:
ساعدني يارب وخلصني من ذراعيه.
تحركت بهدوء وعيونها تراقبه لكنه احس على حركتها ليبدأ بفتح عيونه بتثاقل وما أن رأته حتى تظاهرت بالنوم.
فتح عيونه عليها، نظر إليها وهي نائمة بين يديه تمعن بلامحها اكثر فلحظتها احس أنها ملكه حقا، ابستم بحب وردد.هامسا:
صباح الخير عشقي، سيدتي، شمسي، فصولي وكل الواني.
اليوم فقط ولد أمير تارهون، اليوم كتبت لي عمرا جديدا وانا أصحو على رهطك الحسن، وسيختم على قلبي بأنني أسعد رجال الكون يوم تسامحينني.
كانت تستمع لكل كلمة يخرجها من شفتيه، كانت مصدومة تماما وحديثه الذي أتى من اعماق فؤاده جعلها تحسه وهي قريبة كل ذلك القرب من نبض قلبه، لكنها تألمت بداخلها بدل أن تسر.
تأملها مدة دون ملل أما هي فكانت تعد اللحظات كي يتركها ويخرج فلم يعد بمقدورها الصبر والتظاهر بالنوم اكثر.
اقترب وقبل جبينها ليقول:
لاتركك ترتاحين جميلتي فعلى ما يبدو أن المنوم قوي فعلا كما ذكر الطبيب مع كل هذه الحركة ولم تستفيقي.
عدلها بسريرها ومسح على شعرها قليلا ثم قام بتغطيتها وأضاف قائلا:
أشعر بالجوع سأذهب لتناول شيء واعود ربما ستكونين قد استيقظت حينها.
ما إن خرج من الغرفة حتى رمت الغطاء عنها ومسحت تلك.القبلة التي طبع على جبينها لتردد بغضب:
السم الهاري، لتذهب للجحيم، قال عشقي ونبضي وألواني، أحمق هذا ما كان سنقصني أن أصطبح على وجهك وكلماتك.السخيفة، عاد سريعا ودلف الغرفة مرة أخرى فقد نسي جاكيته لتغلق عيونها مباشرة مرتعبة مخافة أن يراها.
حمل جاكيته وخرج ووقف عن باب الغرفة ليقول مبتسما بمكر:
إذا تظاهرين بالنوم، كشفتك والدليل أنك رميت الغطاء عنك بهذا الشكل، وليكن انت اهربي لكن ستواجهين حبي في كل مكان، ثم توجه للكافيتيريا بعدها.
مر الوقت بعدها عاد بها أمير للقصر سريعا لتغيير ملابسه والاطمئنان على اوزجي وأهل البيت، لكنه لم يطل البقاء تفاديا لوالدته وأسئلتها الكثيرة وتذمرها من بقائه مع ريحان ليقرر بعدها العودة للمشفى لإخراج ريحان من هناك لكن قبل خروجه استوقفته اوزجي لتقول:
أريد القدوم معك بابا
أمير:
لا يمكن صغيرتي 
اوزجي بحزن:
لماذا بابا؟ أريد الاطمئنان على ريحان أيضا.
رد أمير:
ساذهب لاحضارها أصلا وسترينها مطولا.
ردت بحماس فرحة:
إذا كان هكذا أنا موافقة سأنتظركما.
لينصرف أمير بعدها خارجا بينما اوزجي وقفت قليلا مكانها ثم توجهت لعمتها سونا لتطرق الباب ثم دخلت لتقول:
عمتييي
سونا ضاحكة:
لاتنادينني عمتي الا إذا أردت شيئا هات ما لديك هيا
اوزجي ضاحكة:
 لا اريد شيء فقط ريحان ستخرج من المشفى بعد قليل وتعود للقصر وأريد أن أحضر لها شيء كي تسر به ولكن لا أعرف ماهو، ساعديني
فكرت سونا قليلا وتذكرت منظرهم حين راتهم صباحا لتبتسم بمكر ثم قالت:
ممممم أنا عندي فكرة مارأيك بفستان جميل؟
اوزجي:
هدية جميلة 
سونا:
وليس هذا فقط 
اوزجي:
وماذا ايضا؟
اقتربت بكرسيها من الصغيرة ثم سحبتها إليهل قليلا واقتربت من أذنها هامسة:
اسمعي ما سنفعله....
اتفقتا على أن يأخذوا ريحان للعشاء بمناسبة خروجها سالمة من المشفى على أن تكون العزومة على امير.
وصل هو للمشفى وأتم إجراءات تخريجها ليتجه لغرفتها مباشرة، كانت السعادة تملء عيونه وكأنه في عالم موازي يملؤه الأمل، لم يعهد نفسه هكذا قبلا وكأنه حقا ولد من جديد.
دخل ليجدها واقفة تستعد للخروج وقد ارتدت ملابسها،اقترب ليقول:
أتحتاجين مساعدة؟
طالعته برهة ثم لفت وجهها عنه قائلة بخفوت:
لا 
أمير:
أنت بخير صحيح؟
ردت ببرود:
بخير
ليخرجا بعدها من الغرفة،كان يمشي بجانبها مبتسما بينما هي كانت متذمرة، نظرت أليه بغضب ورددت بهمس:
ما اوقحك انت وابتسامتك المستفزة تلك، كم اشتهي ضربك وتحطيم أسنانك البيضاء تلك مستغل للفرص، لا اصدق كيف نمت مثل الحمقاء على... استغفر الله العظيم لتكمل بصوت مرتفع:
اف اف
طالعها دهشا وقال:
خير مابك؟
ابتسمت ببلاهة وردت:
ها، لا شيء فقط فكرت بصوت عال(اخ كدت اكشف).
عادا للقصر فاستقبلوها بفرح كل يريد.أن يطمئن على حالها، استأذنت بعد حين وتحركت إلى غرفتها لتستلقي بفراشها والجميع حولها يريدون فعل أي شيء ليوفروا لها بعض الراحة.
 دلفت جافيدان فجأة الغرفة فنظرت لأولادها بغضب وقالت:
لقد مللت من دلالك، وانتم منذ متى نهتم بالخدم ونرعاهم؟
أمير بغضب:
امي
سونا بتذمر:
أمي ريحان ليست خادمة 
جافيدان صارخة:
بل هي كذلك ولن اراها غير هكذا.
زفر بضيق وقال بغضب:
أمي اخرجي
طالعه الكل معا فتحدثت والدته متظاهرة بالحزن:
طردني امير!؟
رد بغضب:
من فضلك
تأففت ثم تحركت وخرجت ن هناك غاضبة والكل ينظر إليها صامتا ليلتفت أمير لريحان ويعتذر عن ما حدث فقالت هي:
لا بأس لم يحدث شيء.
سونا بحزن:
تعرفين أمي ريحان.
ابتسمت وضمت يد سونا قائلة:
صدقيني لم أنزعج، لا تجزعي
 تحدثوا قليلا معها ثم عدل أمير الوسائد خلف ظهرها لترتاح وسونا تنظر وتبتسم بمكر لينسحبوا بعدها من الغرفة ليتركوها ترتاح.
نظرت إليه وهم يخرجون بالتوالي وما إن أقفل الباب حتى عادت لتلك.الزاوية يسكنها الحزن، ودت لو بإمكانها اتقان مهارة النسيان كي تتجاوز وتعيش لكن كتب لها أن تنسى كل شيئ وتحتفظ ذاكرتها بالذكريات السيئة.

مرت بعدها ايام استعادت فيها ريحان عافيتها.
في مساء أحد تلك الأيام كان أمير مستلق بغرفته وهو يعيد بذاكرته لحظة استفاق وهي في حضنه.وملامحه وجهها القريب منه، بل عاش تلك الأيام على منظرها لم يغب عنه لحظة، وكثيرا مت يبتسم فجأة فيلفت الأنظار حوله وكأنه أصيب بالجنون لتأتي سونا وتدخل الغرفة بعد أن استاذنت.
اعتدل بمكانه وأخذ نفسا عميقا ثم قال:
ماذا هناك سونا انت بخير صحيح؟
ابتسمت وردت:
بخير جدا.
أمير:
لماذا تبتسمين هذه الابتسامة الغبية خير؟
ردت سونا بحماس:
كل الخير اخي.
مارأيك أن نخرج لتناول العشاء بمناسبة خروج ريحان بالسلامة من المشفى؟ يعني أنت وأنا وريحان واوزجي.
فكر قليلا ورد:
فكرة مع أن المناسبة غير مقنعة إلا أنه لا مانع لدي طبعا، لكن هل ستوافق؟
لتقول سونا بداخلها(هههه غير مقنعة وأنت ستقفز من الفرح؟ )
ريحان اتركها لي ستوافق لا تقلق، هيا تجهز أنت وانتظرنا بالحديقة
ابتسم وتحرك من مكانه سريعا وقال:
لا تتأخروا
سونا بمكر:
ستنتظر 3 نسوة بدل واحدة تستحق هذا أخي.
رد:
أمري لله.
مشت قليلا ثم التفتت إليه مرددة:
أمير انت تحبها صحيح؟
أجاب مستفهما:
أحب من؟
ابتسمت بمكر قائلة:
من يعني؟جارتك بالغرفة أمير تارهون ولعلمك لقد رأيتكما صباحا بالمشفى وعلى سرير المشفى بالتحديد فلا تنكر.
رد صارخا صعقا:
ماذا؟
ضحكت قائلة:
لا تفتح فمك هكذا وتجهز، حسابنا لاحقا أخي وتخفي عني؟ لا بأس، ثم خرجت من الغرفة تاركة أخيها واقفا مندهشا من كلامها لايستوعب ماقالته وفكرة أنها رأتهم صباحا بحالتهم تلك.
جلس على طرف السرير لم يفرق شعوره هل هو فرح أم غاضب، هل يقول حقيقة أنها زوجته أم يخفي الأمر.
فكر قليلا ثم قام من مكانه مرددا:
ليس وقت التفكير، لأستغل هذا العشاء ونأخذ من لمعة تلك العيون قدر المستطاع لعلي بعد تعبي هذا ألاقي ضحكة منها ولو مجاملة ثم أفكر بشيء أقنع به سونا.
تجهزت سونا سريعا هي واوزجي ليأتي الفستان الذي طلبتاه عبر الانترنت.
أحضرت نيجار الفستان لغرفة سونا وانصرفت لتقوما بفتح العلبة وقد كان فستان بسيطا باللون الاحمق القاني يشبه أسلوب ريحان في بساطته لتضرب سونا كف اوزجي قائلة:
الفستان مثالي.
ردت أوزجي:
هيا إذا يجب أن نكمل الخطة، تحركتا ودلفتا غرفتها مباشرة حتى افزعتاها فقالت بتذمر:
ماذا هل حدث زلزال أم حريق؟
ضحكت سونا وقالت:
تقريبا، هيا بسرعة قومي
طالعتها مذبهلة من رد فعلها لبرهة ثم قالت بتذمر:
ماذا هناك سونا؟ لا أريد أن أبرح مكاني هذا.
 ابتسمت سونا بمكر وتحدثت دفعة واحدة:
 اسمعي ودون اعتراض لأنه مرفوض ارتدي هذا الفستان الجميل انظري هو هدية من اوزجي، صح حلوتي؟ 
أومأت بالأيجاب لتكمل سونا: هيا سريعا سنخرج لتناول العشاء مع أمير وهو بانتظارها خارجا لا يجب أن نطيل عليه كي لا يغضب.
ريحان دهشة:
ماذا؟ ومن قال أنني موافقة أيضا لا أحب الفساتين الحمراء انها تجلب الفأل السيء لي ملعونة يعني.
سونا:
هيا بدون كسل أو اعتراض اسرعي ولا تتحججي الفستان رائع وأسلوبك أيضا بسيط وأنيق ستكونين كالأميرات به.
ريحان بضيق:
لطفا سونا لا يمكنني انا آسفة.
طالعتها اوزجي بحزن قائلة:
لا ريحان رجاء تعالي، أنا من دعاك والفستان هدية مني لاترديني وإلا ممممم
ريحان بتذمر:
وإلا ماذا؟ تهددين إذا.
اوزجي بابتسامة بريئة:
وإلا سأبكي ولن أسكت، رجاء رجاء هيا هيا 
تأففت مردفة:
أستغفر الله العظيم من كل ذنب أثيم، وأنت أيضا أوزجي؟
سونا:
 دعينا نخرج لا تفسدي فرحتنا هيا، قليلا ما نخرج أصلا.
ريحان بغضب:
اف منك أنت وهي، حسنا وافقت وافقت فقط لاجلكما ها، ولن نتأخر كثيرا أشعر بالتعب.
سونا بتذمر:
حاضر ريحان خانم فهمنا أنك تنامين باكرا مثل الدجاجة، نحن بانتظارك خارجا.
اوزجي:
ها ريحان أتركي شعرك منسدلا كي يبدو أجمل مع الفستان.
ريحان:
بأمرك أنا
توجهوا لسيارة أمير وانتظروها لكنها تأخرت قليلا ليقول هو بحزن:
لن تأت أعلم.
ردت سونا تطمئنه:
ستأتي انتظر فقط لا تستعجل.
لم يعد في جعبته صبر فترجل من سيارته وهو وتحرك قائلا:
ساتفقدها واعود ربما تعبت فجأة.
ابتسمت سونا وردت هامسة:
العشق وأفعاله، لا يستطيع أن يفارقها لحظات، اووه عشت ورأيتك عاشقا أمير تارهون.
توجه لغرفتها ليجد الباب مفتوحا ليجدها واقفة أمام مرآتها تعدل نفسها، نظر إليها بحب وأخذ يتاملها ويتأمل جمالها لا يبصر سواها أمامه، احتفظ بكلماته ولم يقلها وقابلها في موعد للعشق لم يكن، على منصة السعادة وقف يبحلق بتلك التي تغلغلت لقلبه وأسرته لكن ما سجنته بل أعطته حرية لكن جعلت على قلبه ختما باسمها.
أما هي فقد التفتت ونظرت إليه خجلة حتى هي لا تدرك لم الخجل لربما لأن نظراته توحي لها بأنه فتن بها.
تحركت للخروج لتمر من جانبه دون حديث لكنه ذكي، ولن يضيع فرصه فاقترب منها وهمس عند أذنها ليقول:
جميلة الجميلات 
لكنها لم ترد بشيء فقط نظرت إليه مستنكرة كلامه ثم انسحبت من جانبه متوجهة للخارج وهي تقول:
لا حول ولا قوة الا بالله، لقد ظهرت شخصيته الثانية فعلا انت تعاني من الانفصام ولا أحد يصدقني إن قلت.
عاد من ترحاله إلى عطرها وتحرك يراقب خطواتها مفتون بقوامها الممشوق ليلحق بها ويركب سيارته، كانت ستركب من الخلف لكنها وجدت سونا بجانب أوزجي هناك فطالعتها بغضب لتقول الأخرى:
عفوا ريحان اركبي بجانب أخي انا لا استريح بالكراسي الأمامية للسيارة تشعرني بالغثيان
ريحان:استغفر الله العظيم على علمي الكراسي الخلفية التي تشعر بالغثيات
ردت سونا:
أنا أختلف عن الآخرين يا جميلة.
طالعتها بتذمر ثم نظرت أليه برهة وركبت بجانبه
انطلق بسيارته سعيدا، لم يكن يعرف نفسه لولاها، لم تغرمه تلك الفرحة ويقيم عنده السرور مدينة لولاها.
 لم يتوقف لحظة عن استراق النظر طوال الطريق، إليها أما هي فطوال الوقت ترمقه بعينها ولم تخلو الطريق من حوار أنفسهم لحظة.
كان يتغزل بها كل حين بينما هي كانت تلعنه وتقول كل حين:
أحمق غبي الى ماذا ينظر هذا؟ وضحكته تلك تصيبني الغثيان ساضربه لا محالة بينما هو يجيب:
وقعت بين يدي ريحان تارهون ولن تهربي الا الي.
وصلوا للمطعم المقصود الذي كان جميلا وهادئا وقد اختاره أمير بسيطا كي ترتاح به فهي غير متعودة على المطاعم الفخمة.
مشت بجانبه بخطوات خفيفة وذلك الشعر يتحرك مع كل خطوة، اختارت الهروب ولم تناظره، هي شجاعة وتواجع لكن من تلك النظرات اختارت أن تكون جبانة.
سيد زماته كان، جميلته بجانبه تمشي على استحياء، ود لو يشير للعالم ويقول:
تلك التي جبلت على الحياء زوجتي وأنسي وأنيستي.
جلسوا على الطاولة طلبوا الطعام لياتي بعد مدة لكن النادل وضع أمام ريحان طبقا مغطى دونا عن الباقين.
نظرت إلى النادل مستغربة لتقول:
ماهذا؟
النادل:
هذا طلب خاص من السيد أمير.
ابتسم هو وقال:
ارفعي الغطاء اولا.
رفعته لتتفاجأ بكمية من الفطائر ذات رائحة شهية، فطائر مثل التي صنعتها لها الخالة بيرين في ذلك اليوم المشؤوم والتي أسقطها أرضا حتى أنها لم تتذوق منها أية قضمة.
كانت تنظر للفطائر أمامها بينما هو ينظر إليها هنا أخذها قطار ذكرياتها إلى الحدث ذاك فانكسر قلبها وتساقط كما تساقطت تلك الفطائر بصحنها، اغرورقت عيونها دمعا لكن ما بكت فقط ابتلعت غصتها ودفنتها في درج أحزانه، اليقترب قليلا وتحدث يهمس:
أعتذر حقا، اعتذر عن كل شيء وكل لحظة آذيت روحك بها.
نظرت اليه وعيونها ممتلئة دمعا لكنها لم تتلفظ بحرف.
نظرت إليهما سونا لتقول:
ماذا هناك ريحان؟
تمالكت دمعها وتحاملت على حزنها وردت لتقول:
لا شيء تذكرت شيئا محزنا فقط.
نظر إليها بانكسار ليعتدل مكانه صامتا ويقول داخله:
لم امنحها الا الذكريات المحزنة ولا أعلم ما أصنع كي تنسى كل الذي حدث. 
تحدثت سونا لتقول:
ريحان ليس وقت الحزن، أيضا هذه الفطائر مخصصة لك بتوصية من أمير إنها بالسبانخ كما تحبين لقد سألني عن ما تحبين أكله وأخبرته أنك تحبينها.
نظرت ريحان إليه وابتسمت تداري حزنها تقول بضيق:
كنت أحبها والآن لم أعد كذلك، هناك أمور كثيرة تغيرت بي منذ أتيت إلى هنا، حتى أنني ماعدت اعرف نفسي وأبحث عنها في كل أركان الحياة ولا أجدها.
تحدثت اوزجي مازحة:
لنقل إذا انت عشق وليس ريحان احب الاسم كثيرا.
سونا:
معك حق حبيبتي اليوم معنا عشق وليس ريحان فقد أصبحت غريبة الأطوار وتتكلم كلاما غريبا غير مفهوم، والآن تناولي الفطائر أو العشاء كما تشائين هيا.
ريحان:
حقا لا اشتهي شيئا الآن تعشوا أنتم.
سونا بجدية:
يلزمك غذاء لا تنسي توصيات هيا لا عناد
كانوا يتحدثون بحب بينما هو فلم يكن يرى سواها يتأمل جمالها أغلب الوقت.
مر بعض الوقت شغلوا فيها موسيقى هادئة فكرت اوزجي قليلا ثم قامت من كرسيها لتمد يدها لأبيها وتقول:
أمير تارهون اتشاركني الرقصة؟
وقف أمير من مكانه ليقول:
لي الشرف اوزجي تارهون
بدأ يراقص طفلته بسعادة وضحكاتها ملأت قلبه سعادة، كان يحملها ويلف بها مرحا، اقتربت سونا من ريحان وقالت بخفوت:
شكرا، حقا شكرا لأنك أدخلت السعادة بقلبها لقد تغيرت بفضلك.
ردت ريحان:
أستغفر الله هذا بفضل الله أنا مجرد سبب
نظرت اوزجي لريحان ثم لوالدها لتقول:
بابا راقص ريحان
رد قائلا:
أنت على ماذا تنوين الليلة هيا اخبريني؟
اوزجي:
بابا لا تكتمل السهرة بدون رقصة، عيب يجب أن تكون جنتل مان وتعرف كيف تتعامل مع النساء.
رد مستغربا:
أنت اوزجي صحيح؟ من أين تعرفين كل هذا يا شقية؟
اوزجي بخفوت:
سأخبرك لا حقا والآن هيا ادع ريحان للرقص.
طالعها وقال:
لا لن توافق أصلا، لا تهتمي
اوزجي بابتسامة مكر:
ومن قال؟ ثم غمزت له فردها مبتسما ثم انزلها من ذراعييه ليتقدم نحوهم، اقترب وهي تناظره ومد يده لها ليقول: 
أتسمحين بمشاركتي رقصة ولو قصيرة؟
رمقته ببصرها وردت بغضبب:
بالتأكيد لا.
اوزجي برجاء:
هيا ريحان ارقصي قليلا لأجلي لطفا لطفا.
ريحان:
لا يمكن حبيبتي، أنا لا أراقص غرباء ولا ارقص أصلا، ولم أفعلها قبلا








القسم الثاني:

اقترب أمير منها قليلا ليهمس لها:
لا تنسي أني زوجك، أنا لست غريبا وأستطيع أن أصرخ بعلو صوتي وأقولها هذه الجميلة زوجتي ملكي كل شيء بها ملكي.
نظرت اليه ريحان مندهشة ليكمل:
إلا اذا كنت خائفة لذا لاتريدين الرقص.
ابتسمت ساخرة وردت:
منك،هههه ماعدت أخافك، ثم لا تهدد لأنك أجبن من أن تفعلها
ابتسم ورد:
إذا تعالي يدي لا تزال ممدودة والكل ينظر إلينا ولا تجربيني لأنني أفعلها عشق، أصلا هذا ما أتمناه.
كل تلك الهمسات كانت أمام مرأى سونا واوزجي اللتان كانتا تنظران لهمت وقربهما مبتسمتين (اوزجي وسونا بيمثلونا).
حادثتها سونا برجاء:
هيا ريحان كلها رقصة لا تبالغي لو لم أكن بوضغي لرقصت.
فكرت قليلا ثم طالعته ليهمس:
سأصرح أقسم.
أجابت:
اف منك ألا تمل، حسنا سونا لأجلك فقط صبرا يا الله لتقوم مباشرة من مكانها لكنها لم تسلمه يدها بل مرت بجانبه وهي ترمقه بطرف عينها، تركته واقفا ويده ممدودة ليضمها إليه بخجلته لكنه لا يستسلم فلحق بها واقترب منها، استدارت له تكتم غيضها ورفضها لقربه، وما ان فعلت ذلك حتى وضع يده على خصرها 
 أمطرت سماءه عشقا على أرصفته الحزينة فاقتلعت فرحه المغتال وجراحه الحزينة، بلمسة خصر عاش الفرح والسكينة.
سحبها إليه فجأة حتى لامست صدره لكنها عادت للخلف سريعا لتقول بغضب:
مابك؟
حاوط خصرها جيدا أما هي فكانت واقفة متجمدة مطأطئة رأسها تتحاشاه، ثم رفع يدها ليقوم بوضعها موضع قلبه بالتحديد بينما أمسك بيدها الأخرى ليقول:
هكذا يمكنك الرقص 
ريحان بغضب:
أزح يدك عن خصري 
أمير:
لا يمكن الرقص إلا إذا وضعت يدي على خصرك.
تنهدت متذمرة لتتمتم:
ياصبر ياصبر 
هاهي أمنياته تحققت، يراقصها على موسيقى هادئة لم يكن يراقصها على نوتات الموسيقى بل يراقصها على دقات قلبه، قلبه الذي ينبض بها ولها كان يتأملها وكأنه أبصر بعد فقدان النظر سنين غير معدودات،
اما هي فقد خجلت وانزلت عيونها تتامل الارض بدل عيونه لم تقدر مجابهة عيونه التي تخترق تفاصيل وجهها.
أغمض عينيه ليتنفس عطرها الآخاذ وكأنه أكسجين حياته ليقول في نفسه : 
ماذا فعلت بي يا عشق ؟! كيف اسرت أمير تارهون الذي لا يقوى عليه أحد ؟! لقد أصبحت أسيرا لكل تفاصيلك... عيونك ، رموشك ، رائحتك ، طلتك البهية ، جمالك الفاتن... كل شئ فيك أسرني حتي أصبحت كل شئ لي ، لقد غرقت فيك ولكنني لا أريد النجاة منك ، اتركيني انهل من قربك واشبع قلبي المتعطش لنظرة من عينيك وعيوني التي تتراقص علي نغمات ضحكاتك ، زاحميني ولا تتركيني لغيرك فهاجسي الوحيد أن أصبح لك وتصبحين لي واضيع فيك أكثر واكثر ياعشق إذا نزل على العليل شفي.

كانت يده لاتزال اعلى خصرها يشدها احيانا ويلامس أطراف شعرها التي وقعت على يده احيانا،كان بعالم لا شيء فيه غير العشق وعشق.
أما هي فقط ترتجف وهي بين يديه لتقول في نفسها:
ياالهي اكاد اقع ماذا يحدث لي؟ وجنتاي تكادان تحترقان متى ستنتهي هذه النغمات لاتحرر من بين يديه؟ماكان يجب أن اوافق، إنه ينوي شيء بلطفاته وإدعائه الحب متأكدة، لا يمكن لأمثاله أن يتغيروا.
اكمل حديثه الداخلي وهو يتاملها ليقول:
إنها ترتجف، أتراه رغبة أم رهبة؟ ليتني أستطيع التفريق، أحس بنبضات قلبها من هنا كالمرة الاولى، بهية جميلة بالفستان الاحمر لكن ليس فستانا ملعونا بل مرغوبا زادها حسنا على حسنها.
حرر كلماته المختنقة وأطلقها للعلن ليقترب من اذنها ويهمس:
يا نجمة وجدتني ضائعا فأنارت لي ما تبقى من ظلمة الدرب
أيا لوحة فاتنة بهية أخذت في نقائها من صفوة ألوان السماء
فسحرت بطلتها ألوان الطيف الحسناء
أعذريني إن سابق شعوري كل الألحان وتسارعت وتيرة الزمان...أعذريني إن أضعت من همس حروفك المكان
فأنا أتلهف بلحني الهادئ لوقت اللقاء 
وأتأمل في أن تعطيني رخصة من قلبك لأنال شرف البقاء
فلا تتركي لحني يتناثر كزخات المطر.
أصابها الصقيع وضاعت منها سكينتها، ولعنت اللحظة التي قالت فيها نعم، كان قلبها يخفق بشدة تريد التحكم بدقاته لكنها لم تتمكن من ذلك فتحدثت داخلها قائلة:
توقف عن الانتفاض، سأفضح توقف توقف، لم هذه الأغنية طويلة هكذا؟ لا أطيق البقاء بين ذراعيه أكثر، لتبق كذلك لدقائق بينما هو كان سعيدا مبتسما لخجلها واحمرار وجنتيها.
طالعته أخيرا فسر وابتسم لكنه صدمته حين قالت:
اترك شعري
رد ببرود:
ليتني اقدر فقد ادمنته.
هنا تركت يده لتقول غاضبة:
لننه هذه السخافة الآن.
ثم انسحبت من أمامه ليتتبعها بنظره ويقول:
خجلت نعم خجلت، مشوار الالف ميل يبدأ بخطوه واليوم وضعت أول خطوة، ثم تحرك ليعود لمكانه.
كانت سونا تنظر إليها كل حين بينما هي تفادت النظر للجميع لكثرة خجلها لتبق كذلك حتى انهو سهرتهم تلك.
عادوا للقصر بوقت متأخر، نزلت هي اولا ثم سونا بمساعدة أمير لتقود كرسي سونا وتتجها للداخل مباشرة متفادية أمير، تحدثت سونا قائلة:
انتظري ريحان ألن نقول لأمير تصبح على خير وشكرا على السهرة الجميلة؟
ردت:
لا هيا للداخل.
بقيت اوزجي مع والدها بالسيارة تراقبهما حتى وصلتا لباب القصر ثم تحدثت لأبيها قائلة:
بابا اتحب ريحان؟ اياك والكذب ساكشفك؟
أمير بتذمر:
عيب أن تصفي أباك بالكذاب، ثم أين تعلمت كل هذا؟
اوزجي:
لا أقصد طبعا بابا أنا أعتذر ثم من أين تعلمت؟ ممم لنقل أني ابنة أبي هيا اجب
أمير:
إلى الداخل اوزجي هيا.
ردت اوزجي:
لن افعل حتى تجيبني.
امير:
هكذا اذا تعالي ياشقية، ليبدأ بدغدغتها حتى علت ضحكاتهم، التفتت سونا وريحان إليهما لتقول سونا فرحة:
حبيبتي الحمد لله عادت إليها ضحكتها المشرقة فبعد انفصال والديها عاشت أياما صعبة وحيدة، وحتى قبل أن ينفصلا لم تكن نازلي تهتم الا بنفسها ولم تشعرها يوما بحنان الأم.
ريحان بحزن:
مع أنها قطعة سكر تتملك قلب كل من رآها.
سونا مبتسمة:
تشبه أباها.
ردت بصحكة ساخرة:
هههه اوزجي تشبه السيد أمير؟ شتانا بين الثرى والثريا.
سونا:
من يراك حين راقصك يقول غير هذا.
ريحان بتذمر:
الله الله ماذا تهذين انت؟انا ساذهب لغرفتي لانام تصبحين على خير هذا افضل حل كي لا اسمع ترهاتك هذه، توقفت عند باباد غرفة سونا وتحركت نحو غرفتها فعلا لتنادي سونا بصوت مرتفع:
أنت اهربي كعادتك لكن لنا يوم ونتواجه ياعشق.
عادت ريحان لغرفتها وغيرت ذلك الفستان ووضعته بالصندوق كما كان لكن لحظتها تذكرت ذلك الفستان الملعون فزفرت بضيق ورددت:
ليس لي حق بالأحمر كالفتيات ولا كالعشاق فقد شوهه بسواد فعلته حتى كرهته.
بقيت كذلك لحظات ثم تذكرت كلامه حين راقصها وهمسه باذنها وحالة ضياعها لتقوم من مكانها وتبدأ بالتحرك ذهابا وايابا وهي تقول:
لا لايجب أن اسمح له بالتمادي اكثر انا اصلا لن اسامحه حتى وإن تغير فما كسر لا يجبر ولو بعد حين وما فعله لا يغتفر ولو بعد مليون سنة،لا يمكن ان أنسى ماعشت من الم وخوف وانكسار وخذلان، لن انسى فقداني لنفسي وظلالي حتى انني فكرت بالانتحار، لن أنسى رجائي مرة ومرة ومرة وانا اطلب أن تحررني من قضبانك ورغم انك تقدر لكنك مافعلت، رغم عنادها كانت لاتسمع الا كلماته لتضع يديها على اذنيها تحرك رأسها يمنة ويسرة قائلة:
لالا توقفي ريحان لا تفكري بذلك الكلام المنمق كله كذب، كذب هو جلادك لا اكثر لا تدعيه يتغلغل لفؤادك بقناع الطيبة السخيف فانت اكثر شخص يعرف أنه شيطان والشياطين لن تكون ملائكة ولن تدخل الجنة وقد ذكر هذا في كتاب الله المحفوظ.
فجأة سمعت صوت اقدام تقترب من غرفتها لتفزع بمكانها وتركض الى الحمام وهي تقول:
لقد أتى إننه هو حتما، اتى ليرني نظرة النصر بعيونه وأنه قد تمكن مني برضاي، وفعلا كان هو طرق الباب ودخل لكنه لم يجدها وقد أدرك انها بالحمام تهرب منه
توجه للصندوق وأخرج الفستان، كان بقمة سعادته ليحمله بين يديه ثم اقترب من باب الحمام لينتبه أنه لاصوت يصدر من هناك ليتأكد أنها هربت.
اقترب اكثر ليقول:
يقال ان اللون الأحمر هو لون الحب،الأحمر هو اللون الأول للربيع، إنه اللون الحقيقي للولادة، من البداية والأحمر هو العلاج النهائي للحزن لكن في نظري أن اللون الأحمر الجميل الذي يتحدى بجماله فخامة الأسود هو عشق.
ثم أعاد الفستان لمكانه ليخرج من الغرفة لكنه بقي قليلا عند الباب يسترق السمع، خرجت من الحمام واقفلت الباب وعادت لمكانها فتأففت بضيق وأردفت:
معتوه اخرق يبدو أن مرض الانفصام الذي يعاني منه معدي، فعلى مايبدو انني اصبحت مثله ليسمع.
ابتسم ليقول:
جميلتي تصبحين على خير يا قطعة السكر انت.
عاد لغرفته ولم يطل سهره اكثر فقد نام بعد مدة قصيرة.
نعم عاش السعادة ليلتهابذلك الصوت المخضب بابتسامتها، وتلك الهمسات المجملة من شفتيها، انتهت كل المعارك وما خرج أحد بخسارة، في تلك الليلة فقط أدرك أنها وطن للسلام يلجأ إليه كل ما آذته التعاسة، وعلى فراش من حرير يطير به محلقا نام قرير العين.

حل الصباح...
استفاق أمير باكرا وفقد قرر العودة للعمل في الشركة التي تغيب عنها أياما واستعادة نشاطها بعد أن لا قت ما لاقت من خسائر بسبب ذلك المشروع.
توجه للإفطار ليجد والده الذي عاد من سفره قبل يوم هناك.
كان يحمل الجريدة الصباحية ويقرأ مرتعبا.
تقدم أمير وسلم ثم جلس ليرمي والده الجريدة أمامه ويقول بغضب:
خذ اقرأ.
أمير بتوتر:
ماذا هناك ابي؟
رد حكمت:
انظر بعينك تفضل أعمالك إلى ماذا اوصلت شركة تارهون للإنشاءات، الشركة التي تنافس أهم شركات الانشاءات العمرانية بالبلد أصبحت من اضعفها بفضل مدير لا يصلح للإدارة.
حرك رأسه متضايقا لكنه كتم غيضه ورد بهدوء:
أبي ما الداعي لهذا الكلام والحمد لله انها توقفت عند هذا ولم نخسر اكثر.
حكمت:
شركتي تسقط تدريجيا وانا انظر الا تستوعب هذا؟
أمير بغضب:
مشيئة الخالق، حتى أنا أصبت بسبب الحادث لكني لم أشتكي.
رد والده صارخا:
مشيئة الخالق اذا، الآن تذكرت ربك؟ انت الذي لا تهتم الا بملذاتك من خمر ونساء وقمار تذكرت أن هناك قضاء وقدر؟
هناك كلمات أقوى من السلاح، قد تصيبك رصاصة فلا تقت*لك وتشفى مع الزمن ويزول الألم لكن بعض الكلمات تمي*تك وأنت على قيد الحياة.
كانت صعبة لكنه ابتعلها لأنها حقيقة،علت أصواتهم أكثر ففزع الكل واتجهوا نحوهم.
قام أمير من مكانه غضبا ورد:
ألا يكفي انني متهم وأحاكم خارجا؟ الا يكفي اني كدت أموت تحت الحطام واترك طفلتي بلا اب؟ ألا يكفيك انك كنت ستحرم من ابنك البكر انت هكذا دائما ابي أناني لدرجة تفضل شركتك على اولادك ومن تحب، وبكل فرصة تحمل غيرك ذنوبا لم يكن لهم قصدا بارتكابها.
رد حكمت :
ترد لتغطي على أفعالك، انظر بعينك للمقال ولا كلمة واحدة جيدة بحق الشركة وهذا يعتبر نزولا باسمها الى أسفل السافلين.
هنا ثار اكثر قائلا:
لقد مللت مللت، انا أتعب لاجل الشركة ضعف كل العمال وقبل أن تلومني اسال نفسك من المتسبب الاول بكل هذا.
كان الكل ينظر إليهم والى شرارات الغضب البادية من حركات أيديهم وعيونهم ولم يستطع أحد اسكاتهم حتى جافيدان التي كانت تحاول تهدئة حكمت فقد كان مريضا الأيام الأخيرة.
حاول أمير تمالك نفسه لكنه لم يستطع فهو عندما يغضب يجن، كانت كلمات والده واتهامه له بالاهمال كل حين تجرحه اكثر لتزيد من غضبه أكثر فأكثر.
أما ريحان فتنظر إليه مرتعبة، ترى أمامها الوحش الذي ظهر ثانية، تذكرت وحشيته اهاناته صراخه لتقول داخلها بحزن:
 هذه هي حقيقتك أمير تارهون هذا هو انت.
أفرغ أمير كل شحنات الغضب التي تملكته بوالده لينسحب بعدها منتفظا ويتوجه للخارج.
ركب سيارته ولكن قبل أن ينطلق سمع صوتها تناديه وهي تركض نحوه، نسمة حانية لمست قلبه فزال عنه فجأة كل الألم والغضب والبأس، طالعها بحب وتمنى فقط سرقة عناق منها.
اغلق باب السيارة وركض ناحيتها ليقول بخوف:
ماذا هناك لم انت مرتعبة؟
ردت بهلع:
والدك أمير، لقد وقع أرضا وأغمي عليه.
رد فزعا:
ماذا؟
ثم ركض إلى الداخل مباشرة وسريعا نزل أرضا عند والده يناديه:
أبي، أبي افتح عيونك
حاول ايقاضه لكن لامجيب ليصرخ بالجميع اتصلوا بالاسعاف سريعا ثم وضع رأسه والده برفق على ركبته ليقول:
أي افتح عيونك لا تؤذي روحي افتح عيونك أنا آسف لكلامي الموجع فقط افتح عيونك ووبخني كما شئت فقد عد لوعيك ابي.
كانت ريحان تنظر إلى والده المغشي عليه والى حاله لافتراشه الأرض لحزنه لخوفه للهفته فنزلت دمعة من عينها، سبحان الله، كل ماحدث لها يحدث له، كل ما تلقت من رعب بقلبها عاد لقلبه لكنها لم تتشمت لم تفعل بل أحست بغصته فالأب هو أكبر نعمة في الوجود. 

نقل حكمت الى المشفى على جناح السرعة والكل قد رافقه عدا ريحان ليتم نقله سريعا الى غرفة العمليات فقد تعرض حينها لأزمة قلبية.
كان الكل بالخارج ينتظر ما سيقوله الطبيب كانت العائلة بدوامة حزن وكأن كل غرابيب الدنيا السوداء تحوم فوقهم دون باقي الخلائق.
كان الكل يعد الثواني لسماع خبر مفرح عن حكمت.
بعد مرور ساعات من الانتظار المر كالصبر أو ربما اشد خرج دكتور القلبية من غرفة العمليات ليركض الكل ويلتفوا حوله، تحدث أمير:
أخبرنا دكتور كيف حال ابي؟
الدكتور:
مع الاسف السيد الوالد تعرض لأزمة قلبية وقد اتيتم به في آخر لحظة.
صعق الكل من ما سمعوا وكأن تلك الغرابيب التي تحوم حولهم زادت من نعيقها دفعة واحدة لتطرشهم جميعا.
لم يستوعب أحد ما سمع إنه حكمت تارهون اهم مهندسي مدينة اسطنبول، كيف في لحظة انهار لهذه الدرجة لكنها حكمته سبحانه.
عاد أميلوعيه ليقول:
وكيف هو الآن؟
الدكتور:
لن اقول لك شيء فهو لا يزال نائما صحيح العملية نجحت لكن سننتظر استفاقته لنر حجم الضرر الذي ألحقته الأزمة باعضاء جسده.
جوناي بحزن:
والمعنى دكتور.
الدكتور:
المعنى توقعوا اي شيء سيء والآن عن اذنكم.
رمى أمير بنفسه على الكرسي حزينا بينما والدته وسونا كانتا بالزاوية تبكيان بحرقة.
كانت كل كلمة دارت بينه وبين والده تعاد على ذهنه صباحا وتنخر به مع كل نفس يأخذه، فما بقي في عقله إلا ما تمنى نسيانه، ينظر إلى غرفة الإنعاش بأسى، ضباب أصاب بصره، ملعون الضباب والضيق الذي حسسه بأنه سيفقد الأمان، فمن ينعش قلبه من الضيق الذي أصابه، كتب له أن يذوق المر في نهاية الكأس الذي سلمته له السعادة.

مر بعض الوقت لينقل حكمت بيك الى غرفة الانعاش منتظرين عله يستجيب ويستفيق من غيبوبته.
اكتست عائلة تارهون بلون الحزن الاسود لما حل برب العائلة سند الجميع الكبير والصغير، عاد الكل الى القصر بعد أن منعت عنهم زيارته، عادوا وانعزل كل واحد بنفسه ليهيم بالضياع لوحده عله يرتاح وهكذا حتى حل الليل على المدينة..
كان أمير بشرفة غرفته حزينا وحيدا مهموما لم يتحدث لأحد ولم يختلط مع أ ولم يهنأ بلحظة سكينة طوال اليوم يتنقل بين غرفته والشرفة كل حين ويتصل ويسأل بالمشفى عن حالة والده وكيف أصبحت، لكن يتلقى نفس الإجابة كل مرة "والدك لم يستفق بعد"
نخرت بمشاعره تلك العبارة، تستقبله كل حين فكرهها،
 لا راحة لا اكل لا سكينة لا هدوء رغم الهدوء الذي يحاوطه لكنه كان بوسط الضوضاء لا تحتمل.

نظر إلى السماء وطالع تلك السحب لكنها ما بماطرة، أحس بغصة وأنها تنذر بقحط موجع فبكى، قل ما يبكي لكن حين يهزم الرجل وينهار يبكي، إنه الأب ياسادة فكيف لا يبكيه.
 ثم رفع يديه لخالقه وردد قائلا:
يارب مالي سواك فلا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك، ارحم ضعفي يارب، ارحم أبي واشفه اللهم، هون علي امتحانك وبلاءك هذا.

خرجت هي لشرفتها ايضا علها تأخذ بعض الهواء النقي بعد أن امتلأ القصر بالحزن الخانق، تعايش حزنه فشعور الفقد قد جربته قبلا وكثير من الاوجاع قد دفنتها بين قبري والديها قبلا.
كانت تنظر للسماء والسحب فأخذت نفسا عميقا عمق جراحها ثم انزلت رأسها لتلمحه بشرفته واقفا بلبس خفيف، طالعته بتمعن لتلمح الهم الذي كان به، فما يحمله القلب من هم تترجمه ملامح الوجه، أدركت أنه بعالم غير عالمهم وأنه يسبح في بحر لجي والموج يغشاه وهو يمد يده ولا احد ينقذه.
نظرت اليه لكن دون شماتة هذه المرة رغم انكسارها الداخلي لكن قلبها الطيب الندي رفق بحاله لانها عاشت قبلا هذا الالم الذي لا يجابهه في اوجاع، فحين نفقد ابا أو أما فإننا نفقد نصفنا الطيب الحليم، ثم فكرت قليلا بمكانها لتدخل غرفتها وحملت سجادة صلاتها وتوجهت لغرفته.
وصلت عند الباب ورفعت يدها لطرقه لكنها تراجعت لتقول:
ماذا افعل انا؟ كيف تنازلت وأتيت لغرفته بهذه السهولة؟ إنه لا يستحق حتى مشاعر الشفقة.
عادت ادراجها لكن ما أن وصلت باب غرفتها حتى عادت إليه ثانية وهي تقول:
"انك لا تهدي من احببتك ولكن الله يهدي من يشاء"
قد ينال شرف التوبة ويعود عن الظلال الذي هو به، سأرد إساءته بالحسنة فذلك نا علمني إياه رسولي الكريم، أما شيء آخر فلا يعنيني وفي نهاية المطاف سأتحرر منه وأعود لقريتي.
طرقت الباب برفق وقالت بخفوت:
مممم أمير بيك، قالتها بصعوبة لكنه ما سمع لتعيد ثانية لكن لا مجيب، تأفتت بضيق ورددت:
ياالله توكلت عليك ماذا افعل ماذا؟ تشجعي ريحان وادخلي لثوان واخرجي سريعا لن يفعل معك شيئا، أصلا أنت لا تخافينه ثم إنه ليس بحال تجعله يفكر في أذيتك.
تشجعت وأخذت نفسا عميقا ودخلت وتوجهت إليه مباشرة، خرجت للشرفة لكنه لم يحس بوجودها حتى فأحزانه أوقفت كل حواسه حينها.
اقترب منه وقالت مشيرة لسجادة صلاتها:
هنا ستجد السكينة، لا تبحث عنها في أي زاوية بل هنا فقط.
التفت اليها فزعا ليقول دهشا:
ريحااان، هل أنت حقيقة؟
وضعت السجادة على يديه لتقول دون النظر بعينه فقد كانت تتفاداه:
لقد أنهكت قلبك بالشهوات ، وأجهدتك قيود السيئات، ولم تستحي من مولاك في الخلوات، كلما لآح لك بصيص من نور التوبة آثرت الرجوع إلى الظلمات، إنتبه لقلبك العليل، إنهض من فراش غفلاتك وحطم قيودك وإبكي على ذنوبك واثأر من شيطانك وحاصر سيئاتك، متى أرى دموع التوبة من مقلتيك تنهمر؟ متى تقوى على كسر القيود وتنتصر.
نظر إليها بعينين متسعتين لايدري هل ما تقوله حقيقة أم سراب؟ لقد كسرت بكلماتها كل قيود غفلته لقد كان صوتها يدوي برأسه وقلبه وبكل خلية من خلايا جسده، حي على التوبة، حي علة الرجوع لفطرتك، حي على الصلاة يا أمير.
لأول مرة يرى نورا يأتي من نهاية ذلك.الطريق الذي يسير به منذ سنين ولا يعرف متى ينتهي.
ردد بضيق وحزن:
ماعصيته الا لغفلتي حتى كبر السواد بقلبي واصبحت اجاهر بعصيانه دون خوف، فهل يقبليني اذا وقفت ببابه؟ وانا الذي جردت من الاخلاق ولبست حلة الذنوب لسنين طوال؟
ردت تطمئن قلبه:
ما خاب من قال ياالله 
رد هو :
تعبت انا اختنق انا في ظلال مبين.
تحدثت بصوتها الخفيض قائلة:
إذا صلّ وادع وعد لربك بقلب تائب فإن خير الخطائين التوابون، وتأكد أنه عندما تظلم بنا دروب الحياة ويشعر الواحد منا بالهلاك ويشتعل في كياننا الحريق تنزل على قلوبنا آيات الله الندية فيفتح أمامنا باب الأمل والرجاء، باب الرحمة الواسعة، وها هو ربنا جل وعلا ينادينا ويقول(قُل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِم لا تَقنَطُوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذٌّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53) إنها الرحمة الواسعة التي تسع كل معصية كائنة ما كانت.
  وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يجد منتهى راحته إلا وهو واقف بين يدي ربه، يناجيه، يطلب النصر والتأييد منه وحده. 
إن الصلاة هي أعظم ما حبب إليه صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا الفانية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “حُبِّبَ إلي من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وجُعلت قرة عيني في الصلاة”.
نعم جعلت قرة عينه في الصلاة،فحين يشتد الوجع، ويتصاعد الألم، ليس هناك علاج فوري وفاعل مثل وصفة الصبر والصلاة لتهدأ النفس وتعود إلى طبيعتها فالعبد في حال غفلته كالهارب من مولاه، فإذا جاء إلى الصلاة كان كالعائد إليه والراجع إلى ملكه، لكن بأي وجه يرجع، إنه ليس إلّا وجه التذلل والانكسار ، ليستدعي عطف سيده وإقباله بعد أن أعرض عنه.
ابصرها في ذات الحين الذي ينصت إليها مستمعا لكل حرف من يتطرق من بين ناطقتيها، للحظة ظن انها ليست ريحان التي يعهدها تصرخ وتصيح بعلو صوتها هاربة منه. 
لم يكن كلامها لحظتها بالعادي بل كان يستمع لكل حرف لكل كلمة لكل جملة بقلبه لا بسامعتيه وكأنها مدت له يد لتنقذه من الغرق الذي أغدق نفسه به عنوة، اخيرا لم يكن صوتها هو المؤثر بل ماتقول واخيرا وجد ضالته واخيرا وجد نفسه بعد الضياع وجد مخرج المتاهة التي بحث عنه طيلة سنين عمره. 
رفعت بصرها إليه اخيرا لتردف:
أراحك الله بها
ثم انسحبت وخرجت من غرفته لتعود لغرفتها وهي مرتاحة الفؤاد.
كان واقفا بمكانه كالصنم مرت من أمامه ذكرياته سمره وقماره وشربه الخمر،ضرب وجهه لحظتها بالمطر والثلج والبرق والنار كلها على التوالي،تركته يصارع نفسه التي ضاعت منه ووجدها اخيرا، مر على بصره ظلاله وضحكاته العالية ولهوه ومعاصيه،كيف كان يسمع الآذان ويسمع حتى حي على الصلاة حي على الفلاح لكنه لا يلبي،تذكر كيف آذاها مرات ومرات وكيف كانت بكل كسرة وخذلان منه تعود لخالقها وتناجيه لتنال الطمأنينة،فهم حينها مصدر قوتها وكيف استطاعت مجابهته وتحمل ما لا يتحمله الجبال الشامخات.
دخل غرفته بذلك الشرود والضياع ليتوجه للحمام مباشرة استحم واسبغ الوضوء الذي بالكاد تذكره كان مع كل قطرة ماء ينزل دمعة ندم تحرق فؤاده اكثر فاكثر فأكثر.
ثم اتجه للغرفة حمل السجادة وبسطها أرضا ووقف بنية الصلاة لكن قبل استعد للوقوف بين يدي ربه بقلب تائب ضائع ووجد ظالته اخيرا ليقول قبل أن يكبر:
الهي اني انا عبدك الضعيف واقف الآن بين يديك اتيت ارغب بما لديك،اتيتك اشكو مصائب الذنوب،وهل يشتكى الضر الا اليك،فمن علي بعفوك ياسيدي
كان يحاول بشق الأنفس تذكر طريقة الصلاة التي تعلمها في صغره تملكه شعور غريب لم يجربه قبلا ولامست الطمأنينة قلبه حينها.
كبر تكبيرة الإحرام ثم قال ثم قال:
"بسم الله الرحمن الرحيم...
تعلثم لحظتها ولم يستطع أن يكمل ليصدم تماما.
سكن لدقائق ثم حاول ثانية لكنه نسي فعلا نسي سورة الفاتحة السورة التي بقلب كل مسلم بل من المسلمات والبديهيات نسيها امير.
لم يتمالك نفسه لحظتها ليسلم بموضعه ويسقط على ركبتيه أرضا منهارا كالمغشي عليه لكنه واع ،بكى لحظتها بحرقة بكى كالاطفال،بكى وشهق حتى كاد صدره يشق،بكى بكاء سنينه كلها،
أصدر آهات وانينا حتى هي سمعته كان يبكي ويردد:
ان لم ترحمني يارب اهلك،حتى الفاتحة ونسيتها باي شيء تطلب الغفران باي شيء تطلب الرحمة، أمير..
لالا لن اتراجع لن افعل لن افعل فقد وجدت ضالتي، لن ايأس مهما بلغت أوزاري ولن اقنط مهما بلغت خطاياي،فما جعل الله التوبة إلا للخطاة و ما أرسل الأنبياء إلا للضالين و ما جعل المغفرة إلا للمذنبين و ما سمّى نفسه الغفار التواب العفو الكريم إلا من أجل حين نخطئ يغفر.
ثم رفع يديه بموضعه ليقول بعلو صوته:
اللهم إني أستغفرك لكل ذنب خطوت إليه برجلي أو مددت إليه يدي أو تأملته ببصري أو أصغيت إليه بأذني أو نطق به لساني أو أتلفت فيه ما رزقتني ثم استرزقتك على عصياني فرزقتني ثم استعنت برزقك على عصيانك فسترته علي وسألتك الزيادة فلم تحرمني ولا تزال عائدا علي بحلمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين...
اللهم إني أستغفرك من كل سيئة ارتكبتها في وضح النهار أوسواد الليل في ملأٍ أوخلوة في سرٍ أوعلانية فلم أستحيي منك وأنت ناظر إلي...
اللهم إني أستغفرك من كل فريضة أوجبتَها عليّ في الليل أوالنهار تركتها خطأً أو عمدا أو نسياناً أو جهلاوأستغفرك من كل سنة من سنن خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم تركتها غفلةً أو سهوا أو نسياناً أو تهاوناً أو جهلا...
أستغفرالله وأتوب إليه مما يكرهه الله قولاً أوفعلا باطناً أوظاهرا أستغفرالله وأتوب إليه.

بقي على حالته تلك يبكي ويدعو لقد نزف قلبه بشدة.
بعد مدة قام من موضعه حزينا يجر ذلك الجسد الذي كسرت روحه ليتوجه إلى غرفتها.
طرق الباب برفق وقد كانت هي بفراشها تبكي بعد ما سمعت من آهاته لتتظاهر بالنوم قبل دخوله.
كان يود الرجوع لكن لم يستطع فدخل إليها بانكساره،نظر ناحيتها ليجدها نائمة،اقترب وجلس عند طرف السرير ليقول:
اعلم انك تسمعينني،انا ضائع ريحان انا تائه أردت العودة لكن رميت بعيدا،لاول مرة اخاف هكذا،لاول مرة يحترق فؤادي هكذا،كل قوتي وجبروتي وبطشي تحول لضعف في لحظة نسيان.
ساعديني ريحان ساعديني اريد ان اصلي ولا اعرف كيف؟
ساعديني وسامحيني سامحيني 
هل يمكنك ذلك ريحان؟ 
فتحت عيونها ونظرت إليه وكفت عن التظاهر بالنوم لتتواجه العيون لحظتها 

لا تعرف ما تفعل تريد أن تساعده وتمد له يد العون لتنتشله من الضياع، وبنفس الوقت خائفة، لا تدري مما ولكنها تخشي المجهول، ولكن رغما عن ذلك قررت أن تزيح كل اعتبار جانبا لتكلف عشق بالنهوض وانتشال الغريق من فيض موج ضميره المحترق.

إلى هنا تنهي حلقة الليلة من رواية #عشق انتظروني في الحلقة المقبلة.♥️

قراءة ممتعة


الفصل الثالث عشر من هنا 

 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1