رواية عشق الفصل الثالث عشر 13 بقلم كنزة



رواية عشق الفصل الثالث عشر 13 بقلم كنزة 






الحلقة الثالثة عشر من رواية عشق
عنوان الحلقة: عاد من مشواره.

شاعر العشق يقول... 
" لن ارفع صوتي لكن ارجع إليّ "

و انا متيم بالعشق اقول...
سأصمت صوتي عن الكلام 
واتحمل سهام الالم ونظرات الملام
وافني عمري محارب رافع سيفه علي ارض السلام
منتظر اشارة العفو والسماح لأرفع راية الاستسلام 
لن اكف عن الانتظار.. وكيف يتوب عاشق غارق قلبه بالغرام 
انا شخص لا يعرف الصبر.. ومن اجلك عشقي اصبر حتي يتحاكي بصبري قصائد الهيام....❤
 
القسم الأول:

 يبحلق بها بغرابة فهي الشيء الوحيط الذي يبصر في ذلك الحين كل شيء حوله ضباب، ذلك الضباب الموحش الذي لا يعرف ما سيحضر، أما هي شيء بداخلها خاطبها وقال كف عنك التظاهر بالنوم وواجهيه واجهي كلماته تلك ولا تخافي، باستطاعتك قول وفعل أي شيء، ما عدت تحت وطئة سجنه، هو من التجأ وما كنت لتردين أحدا طلب العون عشق.
نظرت عيناها بعمق عينه، تأملت انعكاس صورتها برهة، من هذا؟ ايعقل أن يكون ذاك الذي لا يرحم؟ أيعقل أن يكون سيد الظلام يتغذى على خوفها؟ أتراه هو الوحش؟ لكن الذي يقف أمامها منكسر يستنجد بها يطلب المساعدة، منذ متى تستنجد الوحوش؟
هو من اغرورقت مقلتيه دمعا وليس هي، كم طالت السنون وهو محصن بالعظمة والغرور وفي نهاية المطاف تأكد وفهم أن العظمة والجبروت لله وحده.
سكنا قليلا، هدوء وصمت حزين، لغة أتقناها فما عادت تقيم الحروف أعراسا عندهما، ينظران لبعضهما فقد ضاعت الكلمات منها هدوء غريب لا صوت له غير نبضات قلبها ولا حركة فيه غير الرمش بتلك العيون
تحدث قائلا بعد حين بصوته الأجش وأماء برأسه نافيا:
لم استطع لم، اتمكن من فعلها لقد حاولت ولم أتمكن، لا اعلم ماذا أصنع ؟ أحس أن الهي يردني عن لطفه، أريد ان أقوم من موضعي هذا واصرخ واصرخ حتى أقع مغشيا علي أو افقد ذاكرتي وارتاح من ألمي هذا، يؤلم جدا ريحان هنا يحترق ويلهب جسدي(وهو يشير لقلبه).
هل انا سيء لدرجة أن أنس طريقة الصلاة وفاتحة الكتاب؟
هل انا سيء لدرجة أنني توقفت عند تكبيرة الإحرام؟
هل أنا سيء لدرجة أن أتعذب في بعدي عن خالقي وبقربي منه؟
هناك أسلاك شائكة تلتف حول رقبتي الآن وتخنق روحي الضعيفة الظالة، أردت العودة لكن النور الذي رأيته في آخر ظلمتي اخذ يبتعد ويبتعد، أنا اركض هنا وهناك كالمجنون لكنه يبتعد ريحان يبتعد اتفهمينني؟
نزلت دموعه أمامها ذلك الذي كان يبتسم لضعفها ويتلذذ به ذلك الذي كان لا يأبه لدموعها ورجاءها إذا ما انكسرت أمامه هاهو يبكي عندها، ذاك الذي لم يكترث لرجائها، جلادها ، معذبها، سجانها بكى أمامها بكى أمام اسيرته، من تملكها ظلما وقهرا امام من كان يقول لها باحتقار(توقفي عن البكاء فقد مللت دموعك).
احتاج معينا ها هي ذي يدي أمدها خاوية كي تساعديني.
كانت تستمع لكلماته التي تشد على وجع قلبها اكثر لاتدري ما تصنع وما تقول له لقد وضعها بين نارين هل تصرخ به و تطرده كما اعتادت أو تبقى صامتة على حالها؟ فمن يجلس أمامها أمير لكن من تعرفه هي وحش وليس إنسانا.
قاومت وقاومت كي تبقى صامتة لكن لم تتمكن من ذلك، رق حاله لها لتنطق أخيرا وهي تشير لقلبه، تلك المضغة وما وقر فيها.
 قالت بصوت خفيض استشعرته كل مشاعره:
هناك صوت هنا لا يسمع بالكلمات لأنه خاص بنا وحدنا، صوت يرشدك الطريق سواء كان طريق حق أو باطل، انصت الى هذا الصوت وستجد ظالتك حينها ستعرف بأي موضع انت وما هدفك وما تريد.
نظر إليها بانكسار وأضاف:
أعرفه جيدا، أسمعه في خلوتي كنت أو بين الناس، دائما ما كان يقول لا تستسلم لا يجب أن تفعلها فكما فكرت بدأت وكما بدأت ستكمل وان اكملت السباق ستفوز لا محالة.
ردت:
إذا لا تلتفت وراءك وانطلق
رد بحزن:
لكنني نسيت الفاتحة
قالت:
اذا أعدها الف مرة، اولا قم من مكانك واعد الكرة تاكد أن نسيان الفاتحة مجرد وهم، اعد سماعها بالهاتف وستتذكرها حينها، جابه شيطانك واهزمه لاتدعه يتمكن منك بعد أن هزمته،انفض عن قلبك ما نثرته المعاصي وداوي جروحك وانت بين يديه لا بالبعد عنه لحظتها اقسم لك انك ستذوق سكينة لم تجربها قط وتهدأ روحك كما لم تهدأ قبل.
ثم وقفت أمامه وهو لا يزال يطالعا بنظرة الحزن تلك على حالها وحالها، تحدثت قائلة:
سأساعدك كي لا يبق للشيطان حجة يظلك بها عن الصلاة، هل توضأت؟
رد :
فعلت؟
بخفوت اضافت:
حسنا كرر معي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) 
أمير:بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) 
ريحان:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) 
أمير:إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) 
ريحان:صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
أمير::صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
ريحان:
آمين
أمير:
آمين
ريحان:
كررها ثانية
أعادها كما طلبت، بخفوت وخشوع ورضا والتجاء لرب العالمين، ظل وأطال لكنه عاد، لربما تأخر قليلا لكنه عاد.
ريحان:
كرر ثالثا
أمير.....
أخذت نفسا عميقا أخنقه، كيف بعد الذي فعل بها تساعده المفروض أن تطرده لا تستقبله، ذاك ما خطر عل ى عقله لوهة، لكنها هي وليست غيرها، أصافت:
حسنا سأشرح لك الآن كيفية الصلاة وتأكد من الطريقة ثم صل.
أومأ بالإيجاب فانطلقت هي، كطفل صغير يجالس أمه أو معلمته يراقب شفتيها وما تلقيه، بسّطت كل شيء وذكرت كل تفصيل في الصلاة، "علموهم على سبع" لكن شاء قدره أن يعلم في الثلاثين.

.......................
كان ينظر إليها يستمع بتئن لكل كلمة، صوتها يمر باذنيه ويرجع صداه، شرحت له كيفية الصلاة والطريقة الصحيحة هي تتحدث وهو يتذكر ما تعلمه بصغره في مدرسته شيئا فشيئا،عاد لحظتها الى يوم تعلموها والى لهفته يومها بصغره وكيف كان يرغب بها وكيف سر حين درسها وتعلمها،وكيف كان يردد دائما بتفاخر بأنه لن يتركها ما دام به نبض ماجعله يبكي هي تتحدث وهو يستمع ويبكي إنها الحرية لدموعه.
فصلته عن سرحانه لتقول:
والآن حي على الصلاة، انا سأجلس هنا وأراقب صلاتك وانت صل لخالقك صل واطلب الغفران ذلا وانكسارا، عد إليه بقلب نقي، لا تيأس ولا تعد أدراجك مهما لاقيت فأشواك الطريق ماهي الا ابتلاءات تجعلك تحس قدر وجلالة من التجأت إليه وتأكد إن حدث خطأ بصلاتك سأصححه لك ولا تخف أنت مسلم وقلبك لم يلمسه الشرك وهذا يكفي، فالله عز وجل يقول:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا".
ابتسم مطمئنا، كلماتها تلك مثل البلسم الشافي ثم رد برضا:
سأفعل لن أتراجع أنا أريد الشفاء لهذا القلب الذي أشرت إليه.
ردت :
ولن تجدها إلا هكذا.
قامت هي وفرشت له سجادا بعد أن لقنته الفاتحة وكيفية الصلاة كالاطفال.
كان ينظر إليها بعين خوف، لكن خوف جميل مثل سمحة وجهها الذي يعيد الأمل، هي صلاة لكن بالنسبة له اعظم شيء يقوم به سنين عمره الثلاثين، إنها اول صلاة، إنها ولادته الجديدة، انها اول لحظة يبصر بها النور.
وقف ثانية بقلب خاشع ونظر اليها، بادلته النظر وابتسمت فهدأ ثم نظر أمامه واستعد للصلاة بقلب متفائل خاشع يريد فقط قرب خالقه يريد طمأنينته.
صل بتأن، كان بكل ركعة يرمي من ظهره ما يحمل من هموم وبكل سجدة يفتح قلبه لإدخال اكبر قد من الطمأنينة به،صل وانهى صلاته،هنا رفع يديه لخاله يناجيه ويبكي كان بيكي بشكل هستيري ويقول:اللهم يارب يارحمان يامنان اجب دعوتي واقبل توبتي وارحم ضعف قوتي،ربي اني اريد قربك فلا تحرمني عفوك ورضاك،اللهم اني جئت بذنوب تملئ ما بين السماوات والأرض لكن جئت بقلب مدرك أن الذي يقف بين يده يستقبل كل من التحأ إليه بقلب تائب.
ربي تعب الفؤاد من المعاصي تعب تعب فيامن سميتك نفسك الغفور اغفر لي،يامن سميتك نفسك العفو اعف عن عبدك الضعيف الذليل هذا.
كانت بجانبه جالسه تنظر إليه وتبكي لم تدرك حالها الا وهي تبكي على صوته، لمناجاته لدمعه لانكساره بطلبه الرضا من خالقه.

لم يتمكن من الوقوف لحظتها شلت قدماه وبقي جالسا على حاله يبكي ويقول:
بأي عالم كنت واي متاهة كانت نفسي تائهة بها كل هذه السنين؟ أصلا لم اكن حيا بل كنت جيفة متعفنة تهيئت في جسد بشري، الحمد لله والشكر لله، الآن فقط وجدت ظالتي وجدت النور بعد الظلمات، مسح على وجهه فأزال تلك الغشاوة التي كانت على عيونك وصار يرى المعاصي على حقيقتها.
كنت أقول ساخرا، ولم أصلي ليس علي صلاة فربي قال في كتابه "

كانت تنظر إليه وتتذكر أفعاله تتذكر ما عاشته ذكرى ذكرى،تتذكر جبروته وغضبه حينها وانكساره الآن أمامها ليعتصر قلبها اكثر فاكثر.
انتبه إليها رغم حالته ليقوم من مكانه ويقترب كان يود احتضانها بشوق كان يرغب بذلك لتكتمل طمأنينته، نظر إليها هو يبكي وهي كذلك كل منهما يحمل داخله قلبا ينزف وفؤادا مهموما وانفاسا تخنق اكثر مما تريح.
فتح ذراعيه لكنها أوقفته بيدها لتقول بصوت يرتجف:
رجاء نوقف.
نظر إليها ليزيد لهيب فؤاده اكثر فأماء بالإيجاب قائلا:
اقطعي الحبل الأخير الذي يلف رقبتي وسامحيني 
ردت باكية:
لا تقلها، لا يمكنني حتى لو حاولت لا يمكنني سامحني لا يمكنني النسيان، اريد أن اهرب واتحرر من كل تلك الذكريات لكن لا يمكنني 
رد بضيق:
أنا اختنق كلما نظرت بعينيك ولمحت حرقتي والنيران التي تاكلني بهما،قلبي ينزف اكثر فاكثر اتمنى حينها لو فقط يعاد الزمن وحتى لو فعلت ما فعلت لكن كنت توقفت لحظة رجائك كنت توقفت لحظت نزول تلك الدمعة من عينك وما فعلت ما فعلت 
مسكت تلك القطرات التي سرت مجراها النعتاد قائلة:
توقف لطفا قلت توقف انت من يخنقني لا تغرز سكانيك الحادة بقلبي اكثر.
جلست أرضا تبكي ليجلس هو بجانبها يبكي ضعفها،كانت تئن وتتالم وتقول:ليتك سمعت لرجائي ومافعلت ليتك فعلت.
لم يستطع تحمل ما.صنع بها أكثر ليتقدم ويضمهل بصدره وهم جالسين أرضا بذلك الوضع،لم تصده ولم تبعده بل بكت بين ذراعيه،شاركها الدمع والالم،شاركها الخذلان والانكسار،شاركها كل الهموم،هي كانت تبكي بسببه وهو بسبب نفسه،هي كانت تلومه هو وهو يلوم نفسه.
كانت بصدره تشتكي بدمعها لامير تارهون من امير تارهون.
سلما نفسيهما للدموع دون كلام أو لوم أو اتهامات ولنبضات القلب التي كادت تشق صدريهما وللشهقات التي تصدر من فؤادهما كانت تخافه وترتعب وتأخذ منه الامان وترتاح، وكان هو يستسمحها ويتألم ويأخذ منها أنينها الندم وعذاب الضمير، تناقضت مشاعرهم بين الرغبة والرفض لكن مع كل هذا استسلما لألمهما وتركا نفسيهما لشلال الدموع المنهمر على جسديهما المنهكين.
فتحت عيونها المتورمةأخيرا لتنتبه لحالها، أرادت سحب نفسها لكنه شد عليها اكثر ليقول:
ابقي فقط ابقي هنا قليلا، اريد أن ارتاح اكثر، اراحتني الصلاة واريد المزيد لن أخالفك لن أعاندك لن اطلب اكثر سأتركك بحالك فقط ابقي هكذا قليلا، يا قلة حيلتي وضعفي وانت ترمقينني بنظرات الكره، ياصعب على تحملي حين أفكر انك ستذهبين وتتركينني، يا ألمي حين اتذكر ذلك الوحش الذي دمرك ودمرني حتى بت لا أعرف نفسي، مضيت في الدنيا لا أفرق بين إن كنت حيا أو ميتا حتى جئت ريحان.

بقيت كذلك بقيت بين يده استسلمت لرغبته ورغبتها لم يكن هو فقط يريد حضنها لحظتها حتى هي شيء منها أراد وشيء منها يدفعه بضعف، ترثي راحتها وتبكيها، هل يعقل أن تلتجأ لمن سقاها المر والهوان؟ هي لا تريد لكن القلب أراد.
بكت بصمت وفعل هو كذلك وهكذا حتى هدآ بعد حين.
قامت من حضنه ونظرت إليه لتقول بجدية ليس لشيء فقط تهرب من حقيقتك أنها رغبت في الراحة بين يديه:
أنا هنا لاجل اوزجي فقط لقد وعدتها ولن انكث وعدي، انا لا قدرة لي أصلا دونها انها نبراس أضاءت بضحكاتها طريق وحدتي، رجاء لا تضغط علي أكثر ودعني لهذا كما يظن الجميع فقط لا غير، لأنني بشر ومافعلته بقلبي لا يمكن أن يطبب فلا تتنظر مني الغفران، خيبتي أعمق من أن أغفر، أنت تركت ذكرى بعقلي وذكرى موجعة بجسدي
أقرت بها فواجهته بتلك الحقيقة، ضرب*ته، اغت*الته بها فأصابت تلك.المضغة التعبة داخل صدره.

أمير: 
اعرف لكن لا تنسي، خلقت القضايا لترتكب وخلق الغفران ليصححها.
ضحكت ساخرة وأضافت:
لكنك أطفأتني.
ابتسم ورد:
ورغم ذلك لن افقد الأمل ولن ايأس لقد تعلمت ذلك منك سأنتظرك حتى آخر نفس بصدري.
نظرت اليه بتمعن ثم ابتسمت من خلف تلك الدموع ابتسامة رغم انها حزينة الا أنها اشرقت بها على دنيا ظلامه لتقول:
ستنتظر كثيرا.
رد بخفوت:
وليكن لآخر العمر، ستتواجه عيوونا يوما وستصرخين بوجهي كما كنت تفعلين وتبكين وتتألمين وبالاخير ستقولينها لن استسلم حتى اسمعها من شفتيك.
قامت من مكانها صامتة وعادت لسريرها واستلقت وهي لاتزال تنظر إليه تنظر فقط عجزت عن الحديث تعبت من الصراخ لم تتمكن من منع نفسها من البكاء أمامه لأجله.

جلس على الكرسي الذي بجوارها ينظر إليها وهي تنظر إليه بقيا كذلك لحظات ثم قال:
أيمكنني أن ابقى هنا بجانبك للحظات فقط؟ غرفتي تخنقني كلما دخلت إليها.
اعتدلت بمكانها وطالعته برهةثم قالت:
كما تشاء القصر كله لك، لكن ربما يراك احد بغرفتي وتزيد الشكوك حولي.
أمير:
كل من به منطو على نفسه الكل اختار العزلة.
زفرت بضيق ثم ثم وقفت ومشت صامتة فأمسكها من يدها وضمها بقوة، طالعت يده لكنه لم يتركها وتحدث:
الى اين؟
سحبت يدها عنه قائلة:
ساتفقد اوزجي 
رد:
 شكرا لوجودك بيننا، لم أتوقع يوما أنك ستكونين سبب طمأنينتنا،
ردت بخفوت:
الفضل لله سبحانه وحده لا فضل لعبد في ذلك، قالتها تتحاشاه كعادتها ثم انسحبت وخرجت من الغرفة وما إن فعلت حتى توقفت عند الباب، كانت قوية منذ ثوان فقط وحين غاب عن نظرها هزمت، توقفت تستجمع بعض الشجاعة كي تستمر في مواجهته، تريد أن تفرج عن نفسها لكن ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، في أوج ضعفها سابقا خسرت والآن حين صارت الأقوى خسرت أيضا.

ذهبت للصغيرة وتفقدتها كانت نائمة كعادتها، قبلت جبينها لكنها لم تتركها و تعد بل رمت جسدها على كرسي هناك و طالعت ذلك المصباح الصغير الذي يلف ويرسم أشكالا جميلة على الحائط، غريب أمرها هي كذلك تلف بها الحياة فتصورها حالمة مرة وقاسية القلب مرة وطيبة مرة، تنهدت وقالت:
هكذا أنت تؤذيني، هل أهرب منك ام اليك؟ شيء بداخلي يقول سامحي واعفي عند مقدرتك وما الغفران إلا قوة، لكني لا استطيع أنت وضعت قلبي بين يديك و وضغطت حتى فرت كل مشاعر الفرح مستنجدة، أتالم كلما نظرت بعينيك تلك الحيرة التي كنت بها قبل أن تجد ظالتك أعيشها منذ قابلتك فعن أي غفران تتحدث؟
بقي هناك على ذلك الكرسي، أسندظهره عليه واعتدل لكنه قام ثانية وصل ركعتين يجرب ذاكرته وقلبه، لكن هذه المرة لم ينس شيء من صلاته ففرح ودعى بكل جوارحه وناجى ربه ليرتاح اخيرا ويهدأ صدره من الاهتزاز والبكاء.
عاد إلى الكرسي وجلس هناك يفكر بها ليقول:
من المؤكد لن تعود، ثم حمل وسادتها واشتم رائحتها بعمق سعيدا وما العطور إلا أناس تتنقل، ثم احتضنها بين يده وأضاف:
 من هذه اللحظة لن أضغط عليك ولن اؤؤذيك اكثر، سنتركها للايام لن اوافقك وأفقد الأمل، لن أكف لحظة عن حبك سأنتظرك حتى تقفي يوما وكما نظرت لي بكره ستفعلين بحب وتثقين بي أيضا.
بقي مدة كذلك يفكر بحاله وبها، أين كان وأين صار، 
ثم نام وهو جالس على الكرسي.
بقيت مكانها هي أيضا مدة ثم قررت العودة لغرقتها ظنا أنه عاد لغرفته.
دخلت لتجده مستلق على الكرسي بمكانه فاقتربت منه لتجده نائما بعمق بعد أن هدأ داخله ووجد ظالته بصلاته بعد ضياعه كل تلك السنين، يحتضن وسادتها، وقفت أمامه وقالت:
شعور التيه والحيرة التي عانيتها ومجابهة احاسيسي اصعب بكثير من شعور الكره، كيف يستطيع المرأ أن يكون غير نفسه، لا ادري هل يمكنني تحمل هذا ام لا؟ لا بأس كله سيمضي المهم انك وجدت النور بعد الظلام وعدت لخاقلك اتمنى أن تنال التوبة النصوح وان لا تعود لمعاصيك وان لا تنقاد خلف شهواتك مرة أخرى.
ثم حملت لحافها وغطته به لكن ما ان وضعتها حتى رن هاتفه، فتح عيونه ليجدها منحنية عليه نظر إليها مستغربا لكن اعتدلت سريعا لتقوأنا كنت يعني خفت، أقصد الجو بارد.
ناظرها مذبهلا وإلى يديها التي تشد على اللحاف، طال رنين الهاتف ليرد أخيرا قائلا:
المتصل:
أمير بيك مرحبا نحن من المشفى
رد سريعا:
تفضل سيدي ماذا هناك؟ هل استفاق حكمت بيك؟
المتصل:
سيد امير السيد الوالد لقد توقف قلبه بالليل.
ضربت تلك المضغة التي عاش طوال حياته يحميها، صوت أصابه فكسر تلك الراحة التي عاش لم يسمع بعد تلك الكلمات المعدودات شيء فلم يتكرر على مسمعه الا كلمة "توقف" "قلبه توقف" قلبه لم يتمكن 
حتى من سماع باقي الحديث ليرمي هاتفه بقوة حتى وقع أرضا ليقول بنبرة حزن:
بسببي انا فقط بسببي، لا يمكن أن يفعلها بي يذهب دون أن يسامحني، هل انا سيء لهذه الدرجة؟ اخبريني هل انا سيء لدرجة أن يذهب دون أن اراضيه؟
نعم أنا سيء، الآن فقط تأكدت أنه كما تدين تدان وأنا الآن أدان.
جن جنونه وأخذ يذم نفسه ويحملها كل شيء.
نظرت اليه بعيون متسعة لا تدري ما تجيب وما تقول ليرن هاتفه ثانية حملته وردت لتجد أنه المشفى ردت لتقول:
نعم تفضل هاتف أمير بيك وطلب مني الرد بينما هو لايزال مرتعبا مما سمع
المتصل:
لقد اقفل الخط قبل أن أكمل حديثي 
ريحان ناظرة إليه:
انا اسمعك سيدي اكمل 
رد.المتصل:
سيدتي لقد توقف قلب حكمت بيك البارحة كما أخبرتك
ردت صارخة:
ماذا؟
المتصل:
 لكن لحسن الحظ تمكنا من إنقاذه.
زفرت براحة تضع يدها على قلبها وقالت ترتجف:
الحمد لله والشكر لله، كيف هو الآن؟
المتصل:
حالته مستقرة ويتجاوب مع العلاج لكنه لم يستفق بعد نتتظر ذلك بأمل.
ريحان براحة:
إن شاء الله سيتعافى ويعود الينا حتما 
المتصل:
إن شاء الله، نسأل الله له العافية، مع السلامة

أقفلت وطالعته، ذاك الذي لوهلة كاد يقع أرضا منهارا، من كانت لا تراه إلا متجبرا ظهر أن انسان يحزن ويضعف فقالت بخفوت:
 والدك بخير لم تدع الرجل يكمل حديثه لقد توقف قلبه لكن انقذوه وتجاوز المحنة ينتظرون أن يستفيق فقط.
نظر إليها مبتهجا فزاره السرور سريعا فلم يتمالك نفسه ليمسكها بيديه من وجنتيها دون أن ينتبه، ضمهما يستقبل معها الربيع والألوان والحياة والكثير من مشاعر الراحة، قبل جبينها بقوة قائلا بسعادة:
شكرا شكرا 
نظرت اليه دهشة وقبل أن تغضب تحرك من موضعه قائلا:
أعتذر اعتذر لكن يجب أن اذهب للمشفى قد يستفيق بأي لحظة ويجب أن أكون بجانبه.، تركها مذهولة من ردة فعله ليخرج سريعا ويتوجه لغرفة امه ليخبرها.
دخل لغرفتها وقد كانت مستيقظة ليخبرها سريعا بحالة والده وما اخبرهم به الموظف من المشفى، نظرت اليه بحزن لتقول:
لكنه لم يستفق قد لا يفعلها ويتركنا.
رد متفائلا:
لن يفعلها ابي قوي
جافيدان بيأس:
لا تنس أنه تعرض لأزمة قبلا ما عاد قلبه قويا لقد اتعبتموه لدرجة أنه استسلم في الآونة الأخيرة لتعبه.
أمير:
امي نحن اين وانت اين؟ انا جئت لاخبرك عن وضعه وساذهب فورا ربما يستفيق.
جافيدان بخفوت:
انت لا سينتكس لو رآك
سكت قليلا يحاول استعاب ما قالته ثم شد على لحيته وتلفت يمنة ويسرة غاضبا ليقول:
ماذا تهذين أمي؟
اتت سونا إلى الغرفة ودلفت مباشرة بعد أن سمعت حديثهم لتقول بحزن:
أمير كيف حال ابي أخبرني كيف اصبح؟
رد أمير:
لقد توقف قلب أبي البارحة لكنهم انقذوه.
زفرت بضيق وبكت مردفة:
لا ابي لن يفعلها لن يتركنا هكذا سيعود انا متأكدة، صحيح أخي؟
ابتسم يحاول طمأنتها فنظرت إليهما جافيدان التي كانت تريد أحدا فقط لرميه بالاتهامات لتقول:
أصلا كله بسببكم بالبداية انت ذهبت وغشقت ابن عدوه وكنت غبية لدرجة أنه استطاع اغتصابك ورميك كالكلاب المشردة، ولم تكتف بهذا بل رميت نفسك من أعلى القصر وكسرت واصبحت مقعدة دون أن أنس عقدك النفسية حتى أصبحت سجينة القصر.
أمير بغضب:
أمي..
ردت بنبرتها الحادة:
 وانت ها انت طلقت زوجتك التي تحبك وتحولت لشخص لا يهمه الا ملذاته وشهواته والركض خلف النساء حتى أصبحت سمعتك بالطين، كيف اذا كيف تريدينه التحمل؟ اقسم اذا حدث شيء لحكمت لن اسامحكم ما حييت
طالعته سونا وأماءت بالنفي لكنه غضب وإذا غضب ينفجر ولا يهمه شيء فتحدث قائلا:
من السبب بهذا ياترى ألست انت من ساعدها على إسقاط الجنينين؟ اثنين وليس واحدا فقط ولم ترأفي بحال ابنك حتى وانت تعرفين حبي للاطفال الست انت؟ من وافقها على فعلتها ولم تخبريني الست انت؟ من اراد تزويج سونا من ابن رجل الأعمال غسان بيك وهي لا تريده حتى تعلقت البنت بشخص لا تعرف طينته فقط لتهرب منك ومن ذلك الزواج اللعين؟ اخبريني من السبب بكل هذا جافيدان خانم من؟
كانت سونا تبكي بحرقة وهي تسمع كل تلك الكلمات وتتذكر آلامها وآهاتها.
حضر جوناي سريعا وتدخل محاولا فهم مايجري وتهدئتهم وتخفيف صراخهم لكن دون جدوى أفرغ ما في جعبته كله.
أما ريحان فقد كانت بالقرب من الباب هي والخدم، سمعت كل شيء لكنها لم تستطع الدخول كانت دموع سونا وشهقاتها تصل لقلبها فهي أكثر من تأذى وعانى من بينهم.
تحرك أمير وفتح الباب بقوة يريد الخروج ليجدها هناك واقفة فتسمرت مكانها دون حديث، نظر إليها بنظرة كلها انكسار وحاجة حاجة إلى حضنها بتلك اللحظة ليقول.بضيق:
اهلا بك في عائلة آل تارهون ريحان، هذه هي العائلة المثالية التي يقرأ عنها بالجرائد، هذه هي عائلة المال والاسم اللامع ظاهرها ماس يتلألأ وباطنها خراب.
نظرت اليها جافيدان يغضب لتقول:
وانت ايتها القروية الجاهلة ماذا تفعلين عندك؟اتيت لتتشمتي ام ماذا؟
التفت إليها أمير سريعا وتحدث بضيق وخفوت وحزن وانكسار وحسرة:
ما يؤلمني انك امي ووجب علي طاعتك وبرك.
تلك الكلمات كانت كفيلة أن تسكتها، فبعض الحقائق تقت*ل الكلمات والمشاعر.
تحرك غضبا يريد أن يهنأ ولا يجد ظالته وهاهو يجرب الوجع من أقرب البشر إليه، خرج وتوجه للخارج ليركب سيارته، لحقت به سريعا لكنها توقفت عند الباب فجاة ولم تخرج فتنهدت واردفت :
لادعه وشأنه هذا افضل له ولي ، لتعود ادراجها الى سونا،وجدتها هناك منهارة بينما والدتها تكمل ما تبقى من غضب بقلبها لتخرجه في وجه تلك المسكينة التي لا حول لها ولا قوة.
دخلت ريحان سريعا إلى الغرفة لتسحب سونا من وسط الغرفة ورددت في وجه أمها قائلة بغضب:
سامحك الله كيف لو لم يكونا فلذات كبدك ماذا كنت صنعت بهم حينها؟ فعلا هناك نساء لا يسحقن الأمومة، تلك السمة أرقى وارفع منك، هيا عزيزتي لا تبكي فلا شيء يستحق حزنك.
توجهت بها للغرفة بينما الأخرى تبكي وتئن بشكل هستيري كعادتها لتقوم ريحان بإغلاق باب الغرفة سريعا ثم تقدمت إليها واحتضنتها بقوة وهي تقول:
اهدئي حبيبتي اهدئي هدئي من روعك ودمعك
ردت سونا صارخة:
لقد تعبت ريحان تعبت نظراتهم الي تحرقني،كلماتهم تقتلني هي وابي لم يرحمان يوما ولم يحسا بالمي يوما ولم يشفعا لانكساري يوما، لقد تعرضت للاغتصاب كالحيوانات لقد خدرني يومها لقد نمت أمانا لكنه فعلها فعلها دون رحمة فعلها رغم رجائي ورماني بعدها كالكلاب خارجا وهو يقول:
"اذهبي الآن إلى والدك المغرور حكمت تارهون وقولي له بأن ابن ديميير صبانجي عدوه بالتحديد سلب شرفك وبرضا مدللتك ايضا وكسر شوكة آل تارهون ووضع رأسهم بالطين هيا انصرفي من هنا سريعا"، لقد رماني خارجا بثيابي الممزقة لقد جردني من كل مشاعر السعادة وكسى دنياي الاسود والبرد والحزن،لقد فقدت سونا بسببه لم يبق مني غير الاسم.





القسم الثاني:

من يومها لم اجد راحة ولم انعم بنوم ولم اعرف سكينة ولم اهنأ بضحكة، من يومها انا مي*تة في جسد مي*ت وأنا على قيد. الحياة.
هنا نزلت دمعة الجميلة، تري سونا وعشق معا، تذكرت حالها تقابلت دموع الجميلتين كل منها تتالم كل منها تفجر بركان وجعها كانت تستمع فقط تستمع لسونا وهي تقول دون النظر بعينيها حتى:
ارهقني تجاهلهم اتعب روحي، بداخلي دمعة وصرخة مكتومة والم غاف يستفيق من نومه بكلمة واحدة،.لقد ترك لي بفعلته وجعا يكفيني سبعون عاما، هههه اي كرم هذا؟ قد استفقت قبل أن يكمل وئده لي لقد ترجيته رغم أني لم أكن بوعيي.
بكت ريحان نارا حينها بتلك الدمعة التي نزلت على وجنتها فتحدثت بحزن قائلة:
وانا فعلت ترجيته لكنه فعلها
إنه ذلك المنفى الذي رُحِّلت إليه، حكم عليها في محكمة الوحوش تحت وطأة القهر وأصدر القرار بحقها فلم يتركوا لها مجالا للدفاع عن نفسها وهاهي تعايش حكمها ومنفاها بقلب من حديد.
سونا:
لقدد مللت وانا ابحث عن مرسى يريحني،كتب علي الحزن من يوم نطق اسمي وصار بعدها الألم بكل مرسى يواجهني ويضرب جسدي وروحي ضربات موجعة يسقطني بها أرضا مغشيا علي.
كل ذلك ولم اجد الا الملامة منهم لم أجد غير امير لا احد غيره الذي احتضنني وصبر، لماذا ريحان لماذا؟ ما ذنبي، ما ذنبي هل لانني خلقت فتاة الاقي كل هذا؟ اللعنة.
زادت من صرخاتها وبكائها واهتزازها وهي تضرب قدماها بعن*ف مرددة:
العنة عليكما انتما من مشيتما بارادتكما إليه، اللعنة عليكما انتما من جعلتماني عاجزة، اللعنة على العشق الكاذب وعلى نفسي وعلى كل الرجال.
أعلى ذلك المنحدر وققت كثيرا تطالع أسفله، ما أسفله هو حياتها، تعي أنه مظلم ولا تريد النزول لكن يد الغدر تلك رمت بها، تدحرجت وتألمت فوجد نفسها بعد ألم في الأسفل، ستعيش هناك حتى تقرر الصعود للأعلى وإما تتشجع وتصعد أو ستدفن هناك.

اقتربت منها لتحتضنها بقوة كما رأته يفعل قبلا، رغم ضعفها، رغم أنا احتجزت في تلك الذكرى وهاهي تلف رقبها تخ*نق انفاسها لكنها فعلت شدت عليها أحاطت جسدها بين ذراعيها وهي تنحني الى مستواها ثم شدت على يديها لتقول:
توقفي لطفا انت تقتلين**ني الما توقفي سونا، توقفي لا تضربي رجليك هكذا، لا احد يستحق أن تتألمي لأجله انت مثلي لا ذنب لك غير انك فتاة بريئة وقعت بين يدي وحش بشري لا يرحم.
لم تستوعب ما قالته فهي في ذلك القعر تحاول الوقوق فردت:
أنا اتالم من نفسي لنفسي، ارهقت منذ ذلك اليوم وتلك اللحظة بالتحديد لم اجد سكينة لفؤادي، كلما وجدت بصيص أمل اركض اليه لكنه يختفي فجاة.
شدتها اكثر وبكت كانت تبكي حالها لا حال سونا، تضم جسدها العليل لا جسد سونا، تواسي روحها المنكسرة لا روح سونا، ضمتها ولم تتركها حتى هدأت بين ذراعيها وهي ايضا هدأت بعد مدة بعد أن تمكنت من إخراج كل الألم الذي احتوته.
نظرت اليها سونا وابتسمت أخيرا لتقول:
شكرا لك حبيبتي.
ردت برجاء:
بل انت شكرا لك لأنك سمحت لي بمعرفة كل هذا ووثقت بي وأفرغت كل آلامك.
سونا:
رب اخت لم تنجبها أيي انت.
افرحتها لا بل ابتهجت وكذلك هي تجرب شعورا مفرحا مختلفا، هناك من تحسها دون حديث.
سونا:
أيمكنك الاتصال بامير ؟ لا استطيع الحديث مع احد الآن وأريد الاطمئنان على حالة ابي.
ردت ريحان:
انا اتصل بأحيك؟ يستحيل، انتظري لا أظن أنه وصل اصلا انتظري وسيتصل هو ويطمئننا بالتأكيد.
مسحت سونا دمعها وتنفست براحة قائلة:
خيرا أن شاء الله ليتعافى ابي فقط فهذا كل ما أريد.
ريحان مربتة على كتفها:
انت ادع له لا تنسيه من دعائك وعندها سترتاحين وايضا حكمت بيك شخص قوي سيتعافى انا متأكدة.
ابتسمت وهدأت أخيرا فوضعت رأسها على كتف ريحان التي تجلس على حافة السرير بجانبها وسكنت.
تلك ما كانت مجرد كتف بل مرسالا للسكينة سكنت إليه.

وصل أمير المشفى ليتجه الى الدكتور المشرف على حالة والده سريعا ليسأله عن ماحدث ليلا، أخبره الدكتور حينها بانتكاسة والده وأنه قد توقف قلبه عن الخفقان فجأة لكنهم انقذوه واستعادوا النبض ثانية كما طمأنه بانه قد بدأ بالاستجابة لعلاجه تدريجيا لكنه لن يستفيق الا بعد مدة.
رفع أمير يديه إلى السماء حينها وقد لامس قلبه شيء من الطمأنينة بعدما سمعه ليقول:
الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه.
الدكتور بجدية:
لكن لا نعلم الضرر الذي لحق بجسده سيد أمير توقع أي شيء.
ابتسم برضا ورد:
لاشيء يهم المهم وجوده بيننا هذا أبي، ثم واصل حديثه مع الدكتور عن حالة والده وطلب اذنا لتفقده بالأخير.
ارتدى مايلزم ثم دلف غرفة الإنعاش، يتحرك ببطئ يريد هو أيضا قوة تنعش قلبه الذي يحتضر، لا طبيبا ولا جهازا ولا دواء بل يلزمه قوة جبارة، وقف مكانه ينظر لذلك الرجل الذي كان يقف عند باب شركته كل يوم بكل عنفوان يعدل ربطة عنقه ثم يبتسم ويمشي واثق الخطى كالملك فيسلم على موظفيه جميعا، ذلك الرجل الذي يمسك أدواته ويتفنن في رسم تصاميم مميزة، والآن الملك ممدد على فراش المشفى الأبيض البارد وحيدا لا يعي شيء، تحاوطه تلك الأجهزة التي تصدر صوتا مزعجا وجسمه موصول بها بتلك الأسلاك التي تشل ذلك الجسد الضرير.
اقترب منه أكثر يطالعه حزينا بالكاد يمسك دمعه، غريب حال البشر فعلا فتحدث بضيق مردفا:
أبي سندني، اعلم انك تسمعني، استيقظ اريد أن أخبرك ماذا حصل معي، لن تصدق أنا بدأت الصلاة، انا تحررت من سجني وصليت لقد وجدت النور بعد كل تلك الظلمة، ليتك ضربتني على عشر وما تركتها لكن لا بأس أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي، لكن فرحتي ليست مكتملة اريد ان اشاركك إياها، افتح عيونك لطفا افتحهما وقل لي كما بصغري حين انجح بشيء "احسنت يارجلي الصغير" وانا انزعج واقول أنا رجل كبير ولست صغيرا لترد ضاحكا "حسنا يارجلي الكبير احسنت"، فقط استفق و قل رجلي الصغير لن انزعج بل ساسر بها، فقط عد الينا اياك وتركنا لن تفعلها ستعود وتسامحني ونتحدث ونتشاجر، سأحكي لك عن ما وجدته بصلاتي اتعلم ايضا ساخبرك عنها ساخبرك عن عشقي عشق،اريد ان احكي لك عن طيبتها عن جمالها عن براءتها ساتحدث ولن امل وستسمعني ولن تمل ايضا اتفقنا؟ حسنا السكوت علامة الرضا أحيانا يعني اتفقنا.

بقي لدقائق أخرى ليجلس على ركبتيه ويمسك يد والده ويقبلها ثم قال:
دمت لنا الأمان والطمأنينة.
ثم خرج وعاد للدكتور ليوصيه إن حدث اي شيء يجب أن يتصل به دون تردد.
بقي هناك قليلا لكن دون فائدة فوالده قد منعت عنه الزيارة وقتها،
خرج من المشفى وانطلق بسيارته كعادته جاب شوارع المدينه كلها طاف هنا وهناك يتأمل وجوه المارة حتى استقر أخيرا وأوقف سيارته عند بيت الجبل، ترجل منها ليدخل هناك واغلق الباب بقوة خلفه حتى اهتز الجدار.
وقف عنده وأخذ يطالع ذلك البيت، يطوف بهما بكل زاوية من زواياه ثم مشى ببطئ ليتغلغل داخله اكثر وهو يجوب ارجاءه ببصره تأمله مدة ثم تحدث ليقول:
أما آن الأوان أن تطهر من ذنوبك التي شاركتني إياها ايضا؟كل شيء حدث هنا كل شيء غطيته علينا، كل ليلة احضر فتاة كل ليلة، اشرب واثمل كل ليلة استمتع بشهوات المعاصي وانت تكتم ذلك وتغطي، رضيت وما رفضت ليتك اهتززت ووقعت على راسي حينها وارحتني من ذلك الوحش.
لف الى المطبخ ووقف هناك ليقول:
لو لا قبحك لكانت هي من تقف هنا تذيقك من اكلها الطيب.
اقترب اكثر وفتح الأدراج التي يخبئ بها الخمور الغالية التي لا يتناولها الا أصحاب الفخامة.
سحبها قنينة قنينة وحملها وهو ينظر مرردا بغضب مغلف بحزنه الذي انطلق:
هذه براتب موظف الاستقبال، وهذه براتب مهندس وهذه وهذه...ما احقرك أمير ما احقرك، من انت؟ الم تكن تخجل من نفسك؟ الم تستح من ربك يوما وأنت تتناول ما حرمه كل لحظة بل أحيانا يخلف الماء.
وضعها أمامه الواحدة تلو الأخرى حتى جمع كل القنينات الموجودة بالمنزل كلها دون استثناء و الممتلئة خمرا.
وضعها أمامه ثم بدأ بفتحها واحدة واحدة وافرغها بحوض المطبخ ببطئ كان ينظر إليها وهو يبكي سنين طيشه وادمانه على العفن، مع كل قطرة تسيل يعتصر حسرة عن سنون عمره التي فرط، وأخذ يردد:
هيا سيلي واذهبي طريقك وخذي معك ذنوبي،خذي معك ذكريات شربي وثمالتي وغفلتي، خذي معك ذكريات التجائي اليك حين افرح وحين اغضب وحين اكون بين هذا وذاك، لقد أخذت من جسدي وصحتي الكثير واذهبت عقلي كثيرا وكثيرا حتى امسيت اسيرك لا ارجو الحرية، اركض اليك كل حين فماذا فعلت بي؟ كنت ارتشفك لارتاح وما فعلت قط.
أفرغ كل المحتوى هناك ثم حمل القوارير وتوجه للحديقة وبدأ بتحطيمها، ياخذ كل واحدة بيده ويرميها أرضا بكل قوة وهو يفرغ كل شحنات الغضب تلك، نعم فعلها وكما كسرها انكسر، لا يراها تتحطم بل يطالع نفسه وهو يتهشم، ردد صارخا:
اللعنة عليك،اللعنة على اللحظة التي فكرت بإحضارها هنا، اللعنة على اللحظة التي عنف*تها، اللعنة على اللحظة التي اقتربت منها دون رضاها، اللعنة على فعلتي المشؤومة، حطم تلك القوارير بقوة لا تظاهى ثم دخل الى البيت ثانية لكن هذه المرة توجه للغرفة بتلك القوة وبكل شحنات غضبه تلك ليبدأ بسحب الغطاء الموضوع على السرير وهو يصرخ وينادي بعلو صوته ويصرخ بكل ما يملك من قوة:
آخخ لقد ترجتك وتالمت، لقد نزف قلبها قبل وجنتيها، لقد رأيت الدماء التي نزلت من قدميها لكنك مارحمتها كيف استطعت أمير كيف كيف؟ وتريدها أن تسامحك؟ صعب صعب جدا صعب، تبا سرير تحمل بداخلك كل الذنوب كم من بائعة هوى احتضنتها ولم تعارض؟ حتى بهذه جسدي يحترق كلما أتذكر تلك النساء اللواتي احتضنتهن بين ذراعي بالحرام، أنا احترق ياربي كيف ساكفر عن كل هذا كيف كيف؟ لا ذكريات لي غير المعاصي والذنوب وانعدام أخلاقي ومجاهرتي بالمعاصي بدل المرة ألفا.
قام بإزاحة الغطاء كله وحمله بين يديه وخرج به للحديقة ورماه أرضا،ثم عاد للغرفة وحمل الفستان الأحمر الملعون بين يديه وبدأ يتذكرها حين كانت ترتديه وحين ارتدت ذلك الفستان ليلتها ورقصت بين يديه ليقول بصوت أجش:
كنت جميلة بالاثنين، كان قلبك يخفق بشدة بالاثنين، بهذا يخفق راجيا الحرية والثاني يخفق راجيا الود أعلم، جميلتي انت تملكت الاحمر وكل الالوان واقسم انني ساذهب عنك لعنته التي رميتها عليك بسبب هذا ولن أيأس حتى تسلميني يباض قلبك الطاهر.

أخذ الفستان وكل مابالغرفة خارجا ورماه أرضا ولملمه ثم ذهب لسيارته وأحضر قارورة كبيرة من صندوق السيارة بها بعض البنزين للضرورة وصب شيئا منه على كل تلك الأعراض ثم فتح ولاعته وطالعها صامت بائس تمثال من الصخر واقف لكنه، يصرخ وينادي، يغق في المنتصف في بحر الخيبات يلاطم الموج ونفسه لكن ما غلبه الموج بل نفسه، رغم الأنين استطاع وغادر نفسه ليصنعها من جديد بانتصاراته، أنه أعظم ما صنع ذاته الجديدة.
رماها على تلك الكومة وجعلها تلتهب.
اشتعلت النيران وارتفعت وبدأت بالتآكل كان ينظر إليها ويقول:
هكذا تآكلي واحترقي كما تحرقين فؤادي خذي معك ذكراي السيئة وحوليها الى رماد إلى أن تاتي الرياح وتاخذها للبعيد البعيد،لقد ولد أمير تارهون جديد هذه هي بدايتي معها بداية طاهرة من الشوائب والذنوب عل الله يقبلني ويرحمني.
بقي ينظر للنيران المتصاعدة أمامه مدة طويلة دون أن يتعب أو يدخل ليريح جسده الذي تعب الوقوف بقي هناك حتى تآكلت كل الاغراض وتحولت لرماد، تقدم وجلس وحمل الرماد الساخن بيده ليلمسه ويقول:الآن فقط ارتاحت روحي لكنه لم يكتف بذلك فقط بل تركها ودخل للداخل ليقوم بإفراغ البنزين المتبقي على باقي المنزل هنا وهناك كما يرمي بثقل ندمه وحسرته، لم يعد له رغبة في أن يشاركه ذلك البيت شيء، لم يعد يحبه، رمى القارورة الفارغة ثم وقف عند الباب ينظر ويتذكر كل شيء بالاخص ذكرياتها معه واهاناته لها ثم قال:
هنا بدأ كل شيء وهنا سينتهي كل شيء ليضرم النيران ثانية بالمنزل كله ويغلق الباب ويخرج من الحديقة حتى أنه لم ينتبه أنه اصيب ببعض الجروح في ذراعه ويده بسبب رميه لكل تلك
الأشياء بغضب.
عاد من مشوار خاطئ يحمل معه تعبها وتعبه في تلك الطريق، تداعى كل شيء على نحو شديد المرارة، لم يكن المنزل لكنها حرقة الذكريات ما يؤذي، عاد و لتلك العودة بداية انطلقت بإحراق قلبه المريض وولادة قلب جديد نقي، نهاية كانت البداية بخطوات ثابتة مشى ومضى وانطلق فمرحبا بك أمير بعيدا عن الوحش.

ركب سيارته وانطلق سعيدا ، ارتاح لفعلته تلك فطالع البيت الذي نبشت داخله النيران قائلا:
فلتذهبي يا ذكرياتي المؤلمة الى الجحيم، ما عدت ضعيفا ولا تظني أنك في خندقك المظلم ستضعينني كي تعذ*بيني ببطئ، لم أعد أخافك لينتبه اخيرا للدماء بذراعه فأضاف:
أثقلت كاهنك الذنوب أمير تارهون حتى تخدر جسدك بسببها وبت لا تحس باي الم، ماهذا الضياع الذي كنت تعيشه؟,حمدا لله انك وجدت ظالتك ولو بقيت بعصيانك لفقدت الجسد والروح معا وتهت في الظلال ورميت في جهنم بالاخير جهنم وبئس المصير ذالك.
توجه بسيارته عائدا للقصر لتعقيم جرحه وتغيير ملابسه والإتجاه للعمل وهو بالطريق حمل هاتفه واتصل بالمطافئ للتبليغ عن الحريق حيث أعطاهم العنوان سريعا مدع التأثر والخوف ليقفل الخط بعدها ضاحكا ثم عاد للقصر مبتهجا وكأنه تخلص مما كان يخنقه ويشد على رقبته.

وصل للقصر لينزل من سيارته ويدخل ليتجه الى غرفته لتغيير ملابسه ثم فكر أن يقصد بعدها غرفة سونا للاطمئنان على حالها، ذهب إليها لكنه التقى بطريقه بمليكة نظرت اليه لتقول:
أمير بني كيف حال والدك الآن مابك ما كل هذه الدماء؟ التي على ذراعك؟
ابتسم ورد:
أبي يتحسن وسيستفيق إن شاء الله فقط لنكثر له من الدعاء فهو يحتاجه بشدة.
مليكة:
سيشفى ويعود الينا ويدخل القصر بهيبته المعتادة ان شاء الله
امير:
ونعم بالله خالة ونعم بالله 
مليكة:
لكن انت هل انت بخير؟ وذراعك؟؟
ربت على كتفها قائلا:
بخير بخير لا شيء مخيف اصلا، جرح صغير فقط سانظفه، لم اكن يوما مرتاحا هكذا كما أنني واثق أن ابي سيتعافى سريعا.
مليكة باستفهام:
هل انت بخير حقا؟أنا لست مطمئنة حالك غريب منذ أيام ما الذي يحدث معك بني؟
رد:
بخير، فقط احضري لي معقما للجروح الى غرفتي لانظف جرحي كي لا يلتهب سأنتظرك.
مليكة:
حسنا بني
كانت ريحان خارجة من غرفة اوزجي بينما هو متجه لغرفته مسرعا كي لا ينتبه لحالته احد آخر بالقصر بالاخص هي.
خرجت هي من الغرفة ولم تنتبه له حتى كادت ترتطم توقفت مكانها فوجدت دفئ أنفاسه يصيبها، طالعت عيونه والقرب فهام هو بها وذهب عن واقعه، أرادت أن تفر كعادتها لكن وجدت نفسها مخاصرة بعيونه وهاهي ملزمة أن تخوض المعركة فإما أن تنتصر وتمضي وإلا ستنهزم وتركن إليه.
 نظر بعينيها وتاملها لثوان دون التلفظ بحرف ليقول بداخله:
ما اجملها من مقلتين كيف ساصبر كيف؟وانا الذي اشتهي قربك وأنا الذي أدمنت رائحتك العطرة حتى أصبحت أتنفسها، أحس انك تكذبين هكذا لسانك يقول شيء ونبضات قلبك شيء آخر، إن كنت لا تريد مسامحتي ولا تريدين قربي لم تهربين بعينيك كلما نظرت بهما لماذ؟لماذا تأخذ وجنتيك لون شقائق النعمان فجأة لماذا؟هل هذا ايضا كذب؟
ردت هي بداخلها لتقول:
ابتعد لطفا لا تقترب اكثر لم تنظر إلي هكذا؟ لا تفهم قلت لا اريدك بدل المرة الفا لكنك تعاند، تظن أن قلبي سيرق لكنك نسيت أنك قتل"ته.
كان كل منهما يتأمل الآخر بتمعن بقيا كذلك لحظات لتننتبه اخيرا لحاتها وتنزل نظرها عنه بينما هو لايزال يطبق نظره بعيونها،
تحدثت قائلة:
كيف حال والدك؟
رد:
بدأ يستجيب للعلاج.
تحركت من أمامه كان لم يحدث شيء ولم يكن هناك فيض مشاعر ومطر من نوع خاص سقاهما الفرح.
أمسكها سريعا وكعادتها طالعت موضع يده وكعادته سحب يده وضمها اليه، تحسر كم تمنى أن تشاركه فرحة ولادته من جديد، هنا 
انتبهت لتلك الدماء لتقول:
ماذا حدث معك؟
امير:
هذا، انها دماء.
ريحان بتذمر:
اعلم انها دماء سألتك ماذا حدث؟
امير مبتسما:
حرقت الذكريات الموحشة وأصبت منها
ردت مستفهمة:
لم أفهم
امير مبتهجا:
حرقت كل شيء سيء عشته، حرقت ذلك الفستان الأحمر الذي عذبتك به ليصير سبب عذابي، حرقت ذلك الفراش الذي قتلت طيبتك به ووئدت به عذريتك، لكن قتلت نفسي وانسانيتي قبلها، حرقت كل الدموع التي عشتها كل الآلام كل الصرخات التي صدرت منك ومني هناك، لقد واجهتها وماخفت وما تردتت رغم كل الالم تمكنت من تلك الذكريات وجعلتها رمادا منثورا مع الرياح، ذهبت ولن تعود، لقد حرقت بيت الجبل بما فيه فمن عاش هناك تلك الأيام أمير تارهون الظال الوحش، اليوم خلق أمير تارهون الإنسان.
كان يتحدث بينما هي تنظر إليه وتستمع مذبهلة، لتقول:حتى ان فعلتها وأحرقت كل شيء ايمكنك أن تحرق الألم واليأس الذي سكن هنا؟ (مشيرة لقلبها) والحسرة التي هنا وتزيلها؟(وهي تشير لعقلها)
ايمكنك أن تحرق ما رمي هنا وتسبب بنزيفه؟ (وهي تشير لقلبها)
ايمكنك أن تجعله رمادا منثورا مع الرياح العاتية كما فعلت بذلك البيت العين؟ جبني ايمكنك؟
امير بحزن :
أنا واقف عند بابك لكنك لا تسمحين لي بالدخول.
ردت بضيق:
ولن افعل حتى لو انتظرتني قرنا بحاله سنة بسنة ساعة بساعة.
ثم انسحبت من أمامه واتجهت للمطبخ 
ما أمسكها هذه المرة فقط ناظرها قائلا:
:اقسم ولا اخاف قسمي هذا أنك تقولين ما لا تحسينه وسيأتي يوم وتحرقين تلك الذكريات المؤلمة لوحدك كما فعلت أنا،ثم دخل غرفته بهدوء.
توجهت ريحان للمطبخ لأكل شيء فمنذ مرض حكمت لم تجتمع العائلة على طاولة الاكل.
دخلت لتجد الخالة مليكة تجهز علبة الاسعافات لامير،نظرت إليها لتقول:
خير خالة لمن هذه؟
مليكة:
لأمير لقد جرح ذراعه
ريحان ببرود:
اها اعلم لقد رأيته منذ دقائق.
مليكة:
حسنا طفلتي سآخذ له العلبة لتعقيم جرحه.
هنا دخلت جافيدان الى المطبخ لتصرخ بوجه مليكة قائلة:
ماذا هل ارسل لك دعوة حتى تحضري الغرفة؟
مليكة بتوتر:
عذرا لم اسمع نداءك.
جافيدان بتذمر:
حضري لي كوبا من شاي الزيزفون أشعر بصداع شديد.
وضعت مليكة العلبة جانبا لتقول:
بأمرك ياخانم.
ثم انصرفت جافيدان من المطبخ لكنها رمت ريحان قبل خروجها بكلماتها المؤذية لتردد بهمس:
غبية بسببها حل النحس على قصري.
سمعت ريحان تلك الكلمات التي أذاتها بشدة لكنها كضمت غيضها كعادتها وامسكت لسانها ولم تتحدث بشيء عدا انها قالت في نفسها"صبرا جميلا والله المستعان".
بدأت مليكة بتحضير الشاي اولا لكنها نظرت لريحان فجأة لتقول:
ابنتي خذي انت العلبة لامير
ريحان بتذمر:
انا؟وما دخلي انا؟
مليكة بجدية:
ما دخلك؟أعملك مربية لاوزجي أنساك أنك زوجته؟
ريحان متأففة:
زوجته؟ اي زواج هذا اصدقت تلك الكذبة؟
اقتربت منها مليكة اكثر لتضع يدها على كتفها وتمسح على شعرها بحنان وتقول:
طفلتي سواء صدقت أو لا انت كذلك هو زوجك وانت زوجته،هيا خذي العلبة قبل أن يلتهب جرحه.
ريحان بغضب:
حسنا حسنا سأهرب كي لا تاكلي راسي بقصة الزواج التافه.

توجهت ريحان لغرفته كانت من خوفها تقترب خطوة وترجع أخرى كانت تمشي ببطئ وهي تخاطب نفسها وتقول:
هل اذهب هل اذهب بنفسي له؟ اف وما المشكلة؟ انا لن انام هناك كلها دقيقة اطرق الباب سيقول تفضل،ادخل واسلم واقول تفضل علبة الاسعافات، اسلم وما الداعي لاسلم اصلا، لكن يجب ذلك فهذا من الآداب، هههه مع أنه والأدب خطان متوازيان لا يلتقيان، ساسلم حسنا لكن لن انطق بشيء بعدها أضع العلبة وأخرج وربما يكون بالحمام ولن يراني اصلا، اوووه خالة لم يحلو لك تحضير الشاي الا الآن كنت انتظرت ثوان أخرى حتى أحضرت له العلبة.
انتبهت انها تكلم نفسها دون وعي لتنظر يمينا وشمالا ثم قالت:
ساصاب بالجنون لا محالة يارب اني لا اسالك رد القضاء ولكن اسالك اللطف فيه، هيا ياجبانة تشجعي وادخلي لن يحبسك هناك، عمل انساني لا اكثر تمام تمام.
تقدمت من غرفته ثم طرقت الباب ليقول هو :
تفضلي مليكة.
فتحت الباب ودخلت عند مدخله فقط لتقول:
المعقم والاسعافات التي طلبتها.
كان جالسا على الكنبة ليقوم مباشرة من مكانه مندهشا لقدومها إلى غرفته فتلك المرة الثالثة فقط التي تدخل غرفته،بقي يتأملها قليلا سعيدا مبتهجا وقلبه يكاد يشق صدره ويرتحل إليها ليضمها فرحا، فتحدث قائلا:
ريحان! شكرا ضعيها هنا.
وضعتها على الطاولة ثم نظرت اليه قليلا لكنها استدارت وتقدمت ليستوقفها ويقول:
أيمكنك مساعدتي رجاء؟
استدارت لتقول:
آسفة لا يمكنني ذلك، لتستدير ثانية وتتحرك نحو الباب.
تحدث قبل خروجها قائلا برجاء:
كنت سأطلب من مليكة لو أتت اصلا فلا يمكنني فعلها لوحدي، ولا يمكنني الطلب من سونا فهي منعزلة عن الكل وحوناي ليس هنا وأمي تعرفين الوضع.
رفعت بصرها للسماء لتقول:ساعدني ياالله وامنحني القدرة على التحمل، هذا سيحكي.لي قصة حياته، لتلتفت إليه وتقول بهدوء:
حسنا ساتولى أنا تعقيم جرحك ولا تطلب مني شيء آخر رجاء أنا لا أستطيع أن أبقى هنا كثيرا.
عاد لمكانه لتقترب هي وتجلس بجانبه.
عدل ذراعه ورفع ذراع كنزته التي يرتديها ليريها الجرح.
كان يلفه بضمادة،كانت تنظر إليه حينا وتهرب من عيونه حينا فهو لم يزح نظره عن وجهها منذ أن جلست بجواره.
نزعت الضمادة لتعري على جرحه ثم اقتربت لتراه بدقة اكثر فتحدثت قائلة:
لا تخف ليس بالجرح العميق لكن يجب تعقيمه جيدا فقد بدأ يلتهب أيضا سيؤلمك قليلا الدواء يجب أن تتحمل كما يجب عليك أخذ مضاد حيوي تفاديا لأي ضرر.
نظر إليها ليقول:
ومن اين تعرفين كل هذا؟
ردت:
أمي كانت ممرضة وقد علمتني شيء من عملها،
ابتسم وقال:
والدتك؟جميل.
لم تحس على نفسها حين تذكرت والدتها لتبتهج فجأة وهي تتحدث عنها وعن طفولتها وهو يستمع لحديثها باهتمام كبير لتقول دون أن تدرك ما تتلفظ به:
لقد كنت صغيرة حين تعلمت بعض أمور التمريض والاسعافات لانني كنت احب الحيوانات جدا ولا اخافها، وكنت اسعف حيوانات القرية وقتها.
امير ببهجة:
حقا؟
كانت تضمد جرحه وهي تتحدث لتكمل وتقول:
اها اين ما يتاذى حيوان اسرعي عشق إلى ذلك المكان ذلك القط وقع،ذلك العصفور كسر جناحه،ذلك الخروف يحتاج رعاية كما انه كانت لي حمامة بيضاء جميلة اجرب فيها كل شيء المسكينة، لقد حررتها امي بسبب افعالي بها وبكيت بشدة وقتها وغضبت لأيام لانني كنت أحبها، لكن ابي حبيبي عوضني واشترى لي عصفورين جميلين ذكر وانثى وقد حرمت بعدها أن أجرب عليهما شيء كي لا أخسرهما وبقيا معي حتى هرما مع بعض وماتت العصفورة بالأخير لكن العصفور لم يتحمل فراقها ليموت بعدها بيوم وهكذا...
انتبه لضحكتها العفوية شدت قلبه أسرته، سحرته، فتن تسارعت وتيرة نبضه لحديثها، لضحكتها، للمسها ذراعه كل حين دون أن تنتبه لحالها، لم يتمالك نفسه ولم يقاوم رائحتها وقربها منه ليرفع يده فجأة ويضعها على غمازتها بالتحديد وتحدث:
هذه الغمازة قادرة على جعل كل شيء مرا حلوا وكل شيء باهت ملونا،انت اضحكي فحين أراها مطبوعة على وجنتك يشرق نهاري ويتحسن مزاجي وآخذ جرعة طاقتي سبحان من خلق هذا الحسن.
نظرت اليه بعيون متسعة انصدمت من كلامه وحركته تلك لكنها انصدمت اكثر من حديثها معه بعفوية دون أن تدرك أنها بذلك خالفت نفسها تماما وخالفت ماقالته له صباحا وقبل دقائق معدودات أعادت رأسها للحلف تتحاشاه لكنه لم يزح يده، لم يوافقها عاندها عله يظفر ببعض من عبقها وضحكتها، وفي هذه اللحظة طرقت نيجار الباب بسرعة لتدخل مباشرة مرتعبة قائلة...

الى هنا تنتهي حلقة الليلة من رواية #عشق انتظروني بالحلقة المقبلة..
قراءة ممتعة♥️

الفصل الرابع عشر من هنا 





 

تعليقات



×