رواية عشق الفصل التاسع عشر 19 بقلم كنزة



رواية عشق الفصل التاسع عشر 19 بقلم كنزة 





الحلقة التاسعة عشر من رواية #عشق
عنوان الحلقة: الجميع يكتب عن الألم، ولكن الألم الحقيقي لا يحكى.

القسم الأول:

يا عشق... أنادي عليك بكل اشتياق فلا يجيبني سوا الصدي... يولد في داخلي ألم لا يمكن وصفه كلما ذكرك القلب فجرا منفطرا من شوقه.... عودي إلي قلبي وأعيدي إليه نبضه فوالله حتي المسافات قد سئمت تمددها علي الارض وتتمني ان تنطوي لنلتقي... أعرف أنني خطأ وقد أكون الخطأ الوحيد في حياتك ولكن أحيانا بعض الصواب يكمنُ بالخطأ ، عودي إلي يا عشق لاخبرك عن الخوف الذي ينتابني كل فترة و عن صوتك الذي لم يعد يأتي و عن وجهك الذي لا يفارقني في منامي وعن خيالك الذي بات مطبوعاً في ذاكرتي لربما لو كنت هنا كنت واسيتني... أريد أن أخبرك عن الحزن الذي يصبني فجأة ، 
عن رغبتي في البكاء وعن خوفي ، عن وجعي ، عن مدى اشتياقي لك و لملامح وجهك... عن كل شي يجري في خاطري..... في الحقيقة.....!!
اريد ان أخبرك انني بحاجتك...عودي إلي يا عشق الفؤاد يا كل كلي... علي الأقل كنتي انتظرتي لأودعك وداعا يليق بعشقي ولكنت أخذت يديك لأقبل عروقك وأزرع نفسي فيكي وكلما اجتاحتني نوبة اشتياق أقبل كفي فيفوح عطرك مني إليَّ.... أو ربما كنت احتضنتك بقوة لتلتحم ضلوعك بضلوعي وأخفيك داخلي حتي لا أفقدك... فشعور الاشتياق إليك مميت يشبه شعور خروج الروح من الجسد... كيف أعيش بعيدا عنك يا عشق... بل كيف للروح ان تسلي عن الروح والروح في الروح تقيم..

تركته جميلته وذهبت لسبيل حالها،تحررت من سجنها الذي قضت فيه اصعب واجمل شهور عمرها، كانت تمشي تجر جسدها جرا فهي تريد العودة اليه تريد أن تعود وتضمه بقوة وتقول انا اخترت الخيار الثاني انا سأبقى معك وأكون زوجتك وعشقك وسندك، القلب أراد كل هذا لكن الجسد تحرك مخالفا وأخذها لغرفة الفندق الصغيرة تلك، جمعت اغراضها ونزلت وحاسبت بما تبقى معها من نقود ثم أخذت وجهتها بعد أن أخذت قراراها للمحطة، كانت تجر حقيبتها خلفها وتمشي ببطئ وهي تخاطب نفسها كل حين قائلة: اين ساعود؟هناك بدأ عذابي، هناك خنقت روحي وأنفاسي احترقت، اين ساعود؟اصلا من لي هناك؟كلهم تحت التراب تركوني وحيدة واختاروا العودة للتراب،لم يرأف أحد منهم بحالي وضعفي،لماذا لم يفكروا بي؟ لماذا لم يتركوا لي مكانا لانام بينهم لافترش التراب واتغطى به مثلهم؟ لماذا لم يتركوا لي متسعا؟ ليتهم اخذوني بجانبهم واحتضنوني كما فعلوا قبلا ولا عشت كل هذه القسوة ولا جارت على جسدي الضعيف الايام الموجعة والليالي المعتمة.
وصلت للمحطة وأخذت تذكرة واتجهت للحافلة المقصودة التي ستنقلها لقريتها،وضعت حقيبتها في صندوق الحافلة ثم صعدت بصعوبة ووقفت عند الباب لتلتفت خلفها وتنظر للمدينه لكن كل تلك الدموع جفت ولم تنزل منذ تركته وهو ينظر إليها لتخرج زفرة قوية ثم رددت بكل حسرة:
إلى اللقاء يامدينة عذابي وعشقي تركت بك عشق وسآخذ معي ريحان فقط جسدا بلا مشاعر.
ثم ركبت وجلست بمكانها.
يحدث أحيانا أن جثو الروح على ركبتيها 

عاد هو للقصر مع طفلته، لم يحس على غير العادة أن المكان غير مألوف؟ بارد، غريب، لا نور فيه ولا يبعث على البهجة، دخل وهو يحملها يواسي نفسه بكتم دمعه ويواسيها باحتضانها وهي تبكي، لكن سرعان ما أفلتت نفسها من بين ذراعيه وركضت لغرفتها لتدخل وتقفل الباب بالقفل.
ركض خلفها مناديا لكنها كانت اسرع منه ليقف عند باباها محاولا الدخول قائلا برجاء:
حبيبتي افتحي رجاء لا تحرقي فؤاد والدك عليك صغيرتي.
اوزجي باكية:
ابتعد بابا لقد كذبت علي وهي ايضا كانت تقول الكذب حرام لكنها كذبت كان تقول وعد الحر دين لكنها خالفته، لماذا لا احد يحبني لماذا لماذا؟ انا لا اشاغب اطلاقا والبي كل ما تطلبون مني لماذا تركتني هي أيضا؟
أمير من خلف الباب:
الذنب ليس ذنبك انت ملاك افتحي حبيبتي 
اوزجي بحزن:
ذنب من اذا؟ لماذا ذهبت وقالت سامحيني لن اعود؟
أمير:
إنه انا انا فقط المذنب بكل شيء.
سكتت اوزجي قليلا ثم اقتربت وفتحت الباب لتجده لا يزال واقفا يبكي،انحنى إليها لتمد يديها الصغيرتين وتمسح دمعه وتقول:
لا تبك بابا.
نظر إليها بحزن واحتضنها بصدره بقوة ليقول:
سنداوي جروحنا معا ونستعيد عافيتنا معا وسيمر كل هذا اعرف لا يمكننا نسيانها لكن يجب أن نتعايش مع هذا فقط انت كوني بجانبي ولا تتركي يدي لأنه إن تركتها اضعف ولا استطيع الاستمرار ثم ابعدها عن حضنه ليضع يده على قلب صغيرته ويقول:احفضيها هنا ثم وضع يده على قلبه ليقول:كما اسكنتها انا هنا.
نظرت إليه بعين دامعة لتقول:
انا احبك بابا عدني أن لا تتركني يوما.
أمسك أنفها الصغير يداعبها ثم قال:
أترك من يا شقيتي انا بدونك لا اتنفس انا احتاجك اكثر مما تحتاجينني.
ضمها إليه اكثر ليعطيها الامان ويأخذ هو منها راحة فؤاده مع انها لن تفعل شيء أمام البراكين الملتهبة التي انفجرت بصدره منذ وداعها وانصرافها عن مرآه.

بعد مدة كانت الصغيرة قد نامت بحضن والدها كان يمسح على شعرها يداعب تلك الخصلات الذهبية وفكره كله عند عشق كما هو حال قلبه منذ أن رآها أول مرة لينتبه بعد لحظات أن الصغيرة قد نامت اخيرا فابتسم وقال:نوم العوافي ملاكي الصغير كم النظر إليك وأنت نائمة يريح ثم قام ببطئ وعدلها ثم انصرف خارجا ليجد كلا من سونا وجوناي عند الباب يودون التحدث إليه لكنه قال:
لا قدرة لي على شيء اتركوني اريد عزلة فقط لا اريد ان يزعجني أحد.
سونا برجاء:
أخي لا يمكنك الاعتزال لن ترتاح في وحدتك.
زفر بضيق وردد:
افهموني.
جوناي:
كما تشاء اخي وان شئت التحدث نحن هنا تذكر هذا دائما أصلا لم نسمى إخوتك إن لم نقف بجانبك وقت ما تحتاج
ابتسم ورد:
شكرا لكما على كل شيء أخي حقا لولاكما أنت وسونا لما تجاوزت شيء 
جوناي:
لا تقل ذلك أخي نحو إخوة وغير ذلك نحن أصدقاء أيضا

بقي جوناي مكانه ينظر لأخيه يحاول تهدئته والوقوف بجانبه للأخير
ابتسم أمير ثم زفر بحنق يحاول فك تلك الغصة التي بداخله ليقول:
شكرا لكما على كل شيء وقفتكما بجانبي في محنة كهذه كنت أحتاجها جدا لولاكما لما تحملت لا أنا ولا أوزجي والآن سأذهب لغرفتي أريد أن أرتاح.
جوناي مربتا على كتف أخيه:
اذهب أخي.

ذهب أمير لغرفته ودلفها ثم وقف عند الباب ينظر لزواياها يمنة ويسرة كأنه لا يعرف تلك الغرفة التي عهدها سنينا فاقترب أكثر ووضع يده على رقبته فقد كاد يختنق ثم ذهب بنظره ناحية الأريكة فتذكر مباشرة حين احترق ذراعه يومها وحين أحضرت عدة الإسعافات الأولية لتعالجه فتذكر قربها،دفء أنفاسها، جمالها،.لمعة عيونها، تفاصيل ملامحها،كيف كانت تتحدث عن طفولتها بحماس وحين ارتسمت تلك الإبتسامة وظهرت تلك الحفرة عند طرف شفتيها وكأن الشمس لحظتها أشرقت بعد أن حل الظلام عليه سنينا فاقترب أكثر وجلس على تلك الأريكة لايزال يتذكر بالأصل هي لا تغيب عن خاطره ولا لحظة حتى.
اعتدل في جلوسه ووضع يديه على رأسه ممسكا به وزفر بحنق ليقول:
عبثا أحاول، كيف سأتحمل فراقك أنا كيف؟ لا أستطيع اشتقت اليك عشق اشتفت كثيرا،ما لو اخترت الخيار الثاني ولم تذهبي،لم ذهبت لم؟ كنا سنصبح عائلة جميلة جدا أنا وانت واوزجي ولربما كبرنا وصار لنا أولادا ياه كم هو جميل أن اصبح أبا منك يا عشقي لكن هيهات هيهات لا أدري كيف سأعود إلى طبيعتي لا ادري كيف ساتقلم وأنا قد اشتقت اليك منذ هذه اللحظة ليتك لم تذهبي ليتك اخترتنا لكن شئت الذهاب ولن أعترض وسأدفن حبك بقلبي ما حييت.

نهض من الاريكة متثاقلا محتفظا بذكراها التي عاشها معها هناك وانتقل إلى الداخل يبحث عن النوم لكن النوم هجر ولم يجده فاقترب ووقف قليلا يفكر ويفكر ذكريات سيئة تروح وذكريات جميلة تجيء ثم رمى بجسده المثقل بالحزن على سريره فالتفت الناحية الأخرى وحينها تذكر يوم نامت بجانبه حين أصابته الحمى لحظتها ابتسم نعم فعل حين تذكر توترها حين أدركت أنها نامت بجانبه فتنهد وقال:كنت تبدين جميلة جدا لقد كان صباحا مختلفا بل أجمل صباح عشته منذ سنسين طوال ماذا لو كانت كل أيامنا هكذا جميلتي أين المشكلة لو استفقت كل يوم على وجهك الملائكي أخ أخخ لم ادرك أن بعدك متعب لقلبي هكذا ثم انقلب الناحية الأخرى وهو لا يرى شيء غيرها وهي تنسحب من أمامه بعد أن تركت حضنه ليعاتب نفسه ويقول:
 ما الذي فعلته أمير لم فرطت بها كيف تركتها هكذا تذهب بهذه البساطة لما لم تخالفها؟
كنت أمسكتها من يدها وضممتها إليك وترجيتها أن لا تذهب إن لم يكن لأجلك على الأقل لأجل اوزجي انها تحبها جدا وستتعب نفسيتها بالتأكيد لفراقها اووف اف تعبت والله تعبت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الهمني الصبر ياارب.
انت لا يمكنك دونها لم تركتها تذهب؟من ذا الذي يسلم روحه للعتمة وهو راض من؟جلس بعدها ووضع يديه على رأسه واغمض عيونه التعبة بشدة وكأنه يرغب في المزيد من الظلمة لا تكفيه تلك التي أصابت قلبه من لحظة رحيلها وزفر كعادته بحنق لا يخرج النفس الذي يتخلله الشوق لرؤياها فقط بل يخرج معه تراكمات من المشاعر المختلطة التي آذته سنينا ولازالت تؤذيه أكثر لكن فجأ أخذ نفسا عميقا لكن هذه المرة مريح فقد أتاه ريحها الطيب الذي أدمنه وما عاد يقدر دونه فجأة ليفتح عيونه بسرعة وينظر حوله باحثا عنها كغريق كان يتخبط تحت الماء وخرج ونجى من الغرق وهاهو يتنفس الهواء بالقدر الذي يكفيه وزيادة كي يعيش،فنظر بجانبه ليجدها تجلس بجانبه بكل هدوء تنظر إليه وتبتسم نعم إنها عشق لا غيرها إنها نور عينيه إمها المرأة التي عشق المرأة التي آذاها لكن بالأخير هزمته بعيونها البريئة وأصبح متيما بها لا يرى من النساء في الكون عداها.
اشرق وجهه الشاحب اخيرا وهو ينظر إليه مبتسما ليقول:عشق؟!أعدت حقا.
امسكت يده لتقول:
وهل يمكن لعشق دون امير؟وهل توجد عشق دون امير؟لم اذهب حتى لكي اعود،اقتربت منه أكثر ومدت يدها لتضعها على قلبه لتضيف:
الست هنا؟نظر لموضع يدها ثم إليها ليقول:لا سكن لك بالكون غيره.
ريحان:اذا انا بكل مكان بعقلك بنبضك بدمك بنفسك كما تكون أنت ثم أمسكت يده لتقول:وانت لا سكن لك غير هذا،اطبقت عليك بكل شرايينه وحبستك به.
أمير:لا اريد أن اتحرر منه يوما أنه جنتي وما خارجه جهنم.
ابتسمت عيونها له اكثر فأكثر ليبادلها نفس الابتسامة لكن فجأة وقفت وبدأت بالابتعاد عنه وهي تبتسم حتى اختفت.
استفاق من غفوته فزعا لينادي مباشرة:عشق
نظر حوله ليستوعب أنه حلم،اخذ نفسا عميقا لدرجة آلمته اضلعه ثم قام ودخل الحمام وتوضأ،ليمسك سجادته ويطرحها أرضا ويقول:
سافعل ما كنت تفعلين لأنه لن أجد راحة لفؤادي المنكسرة لفقدانك الا بالصلاة.

شرع بصلاته وصل ما استطاع،ثم رفع بالأخير يديه للسماء راجيا ليقول:(اللهم اني اسالك ايمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتي اعلم انه لن يصيبني الا ما كتبه علي كي اصبر على فراقها والرضا بما قسمته لي كي أتعايش مع رحيلها عن دنياي يا ذا الجلال و الاكرام).
ربي انك اسكنتها فؤادي وجعلتها سكينته فإن كانت مشيئتك أن تبعدها فانا راض بحكمك لكن رجائي أن تحفظها وهي بعيدة يارب العالمين فانا اتحمل بعدها لكن لا يمكنني التحمل أن تتأذا روحها بسببي اكثر.
لم ينتبه أن دمعه خانه ثانية هو أمير القوي الصلب الصلد الذي لا يبكي لشيء لكن فراقها اوجعه ودمعها ونظراتها وانكسارها ورجاؤها كلها اوجعته ولا تزال توجعه مع كل نفس ياخذه.

أما هي كانت بتلك الحافلة التي تسير الى الامام وروحها تدفع بها عكس التيار وكأنها تحاول جر الحافلة بما فيها لتعيدها خلفا،كانت تضع راسها على الكرسي ذاك لكن فجأة سمعت صوت تزمير قوي واحد يشير إلى الحافلة كي تتوقف، فزع كل من في الحافلة ينظرون من، تذمر السائق وصرخ على تلك السيارة بشدة لكنه توقف مخافة أن يصيب الركاب بحادث.
وما أن فعل حتى صعقت مما رأت لقد كان أمير واقفا عند سيارته ينتظرها،نزلت وتقدمت ببطئ منه ثم نظرت اليه حزينة لتقول:ماذا تريد لما فعلت هذا واوقفت الحافلة؟
أمير:اريدك انت 
ريحان:وانا لا اريدك
أمير:بل تريدنني وستعودين معي ثم امسكها من يدها وحاول جذبها لتصرخ به،لا اريدك الا تفهم.
التفت اليها وابتسم بحب ثم اقترب منها وسحبها إليه فجأة وضمها بكل مشاعر الحب التي اجتمعت داخله، لم تعاند بل تركت نفسها له ولذلك الدفء الذي هزم ثلجا متهاطلا على شوارع خفية منسية منذ دهر، طال العناق وانتهى الفراق فتركها أخيرا يريد بريق نجلائه، ابتسمت له وهي خجلة لم تجد ما تجيب ليحتظنها ببصره بحب نظرت الى عمق عينيه رغم خجلها لتقول:
أنا احبك لكن هنا استفاقت من حلمها الجميل فزعة،نظرت حولها لتدرك أنه حلم لا حقيقة.
رددت بضيق موجع:
 نحن انتهينا دون رجعة.
لا تملك رفاهية الإنهيار إنها مجبرة على تجاوز كل شيء.
لقد فعلتها وذهبت،كيف استطاعت حتى هي لا تدري كيف فقلبها معه وروحها معلقة بين جدران ذلك البيت وابتساماتها مرتسمة مع ضحكات اوزجي لكنها كابرت ودعست على مشاعر الحنين داخلها وتحركت نحو باب القصر نظرت كثيرا للوراء وبكت مع كل طرفة عين وهي وتنظر وتأذت كثيرا لكنها بالأخير اقتنعت وانصرفت لقد حاولت كثيرا أن تتعايش وتتناسى لكن في زاوية من زوايا الذكريات في عقلها لا تزال تلك النقطة هناك تنخر بالفرح والحب الذي تكن له لذا انسحبت من حرب لا نصر فيها.

مر وقت بقي امير في غرفته لم يخالط أحدا ولم يتحدث مع احد لكنه في آخر النهار استسلم وذهب لصغيرته التي نامت بوقت مبكر ليحملها ويتجه لغرفة عشقه ويناما معا هناك على سريرها وهما يأخذان من ريحها التي بقيت على فرشها.
وصلت ريحان القرية بعد سفر شاق...
كانت تجر حقيبتها خلفها حزينة لقد عادت عشق لقريتها بعد أيام غياب طويلة لكن عشق التي عادت اليها ليست نفسها التي غادرت منها مخطوفة قبلا، عادت إلى القرية عشق الخاوية الفؤاد،عشق التي عشقت الوحش،لكنها تركت الوحش وحيدا بعد أن ردته أميرا لكن هنا ليس بقبلة بل بلمسة يد احتوت كل معاني الطيبة.

لكنها أحست بحركة فجأة خلفها رغم أنها كانت شبه مخدرة،التفتت فجأة لكنها لم تجد شيء خلفها،بقيت واقفة هناك قليلا لتقول:
يبدو انني اتوهم ثم أكملت دربها الضائع.
توجهت إلى بيت عمتها خائفة،اقتربت علها تلمح أحدا أو ضوء هناك ظنا منها أن البيت قد بيع لكنها لم تر غير الظلام الذي يحاوطه وتلك الحديقة التي أصبحت بالية حزينة على من تركوها دون عودة إنها تحكي هجران الديار فحتى البيوت تحس وتشتاق وتحزن من هجران أحبابها وذلك الفقد يظهر عليها جليا حين تعتم ويصيبها الغبار وما هو إلا غبار الشوق والحنين ورماد الذكريات التي احترقت داخله وتركها أصحابها وهجروا وحتى البيوت تبكي لكن لا نسمع بكاءها لكنها تفعل مع الأسف.
اقتربت أكثر واسترقت النظر يمنة ويسرة،كانت مترددة اتطرق الباب ام تعود لتقول:لا أظن أنه هنا،لو كان هنا لأنار كل البيت كعادته،لا يهمني سأدخل لا حل لي وآخذ اغراضية التي تركتها في ذلك اليوم المشؤوم هنا وذكرياتي التي اشتقت اليها ورائحة عمتي التي حرمت منها بسبب حقارة ذلك الذي لا يسمى وانصرف اوووف لم أكن أعتقد أن هذا صعب كل شيء حولي يتعبني.
رفعت يدها لكنها خافت للحظة، انزلت يدها وتنهدت بعمق لتقول:
لامفر من الرجوع هنا وطني وقد عدت حتى وإن كان الوطن لا يريدني لتستجمع قواها وترن الجرس ثم عادت للخلف وانتظرت لكن لا أحد فتح استغربت ثم رنت ثانية لتسمع فجأة أحدا يناديها 
التفتت لتقول متعجبة:
محمد!
تقدم بسرعة ناحيتها ليقول:
ريحان اختي لا اصدق فعلا لا اصدق.
ابتسمت بحفاوة وقالت براحة:
مرحبا محمد.
تحدث حينها محمد فرحا:
أين كنت يا ابنتي اختفيت فجأة ولم نعرف عنك اي شيء رغم أنني سالت وسالت وبحثت لكن دون جدوى لاستسلم في الآخر ،حتى زوج عمتك اختفى منذ مدة طويلة ولم يظهر ثانية ولم اعرف انك بخير الا منذ أيام حين قرأت خبر الجرائد وانك قد تزوجت برجل أعلن حبه لك أمام تركيا كلها.
نظرت يمنة ويسرة تلملم حزنها داخل عينيها ثم طالعته وابتسمت تهزم حزنها ظاهريا فقط لتقول:
وهل وصل الخبر اليكم ايضا؟يا ل خجلتي من المؤكد انكم تظنون بي الظنون السيئة الآن.
محمد:
وهل هناك شيء مخجل؟ انت تزوجته بالحلال لا اعلم من استقصد اتهامك لكن من المؤكد أنه أحد الحاقدين على زوجك ايضا السيد أمير ماشاء الله رجل معروف، أسمع عنه، لكن كيف حدث معك كل هذا؟ولم اختفيت فجاة؟امي كادت تجن 
ريحان:
اووووه قصة طويلة لاقيت منها الأمرين.
محمد:
ولم عدت؟اين زوجك المهندس؟هل اتيت لزيارة؟
ابتسمت وردت:
ستعرف كل شيء بوقتها اخي محمد
محمد:
حسنا لا يهم المهم أنك هنا، اشتقنا إليك، هيا تعالي للبيت ستسر امي بك سنفاجؤها لن تصدق انك عدت.
ريحان:
لا اخي لا اريد ازعاجكم ساجد مكانا لارتاح به لا تهتم.
محمد:
عيب وما نفع الاخ اذا إن تركت تذهبين؟
ابتسمت براحة ثم وافقته ومشت بجانبه وهي تلتفت كل حين للخف لبيت عمتها.تطالع ذكرياتها هناك.

وصلت بيت جارتهم الخالة عائشة أم محمد ليدخل هو ويهمس لها:
انتظري ثم دخل ليقبل يد والدته لتقول:
لماذا تأخرت بني؟
محمد:
أمي لن تصدقي من عاد الينا.
الخالة عائشة:
من بني؟او انها؟!
محمد بفرح:
هي بذاتها.
دخلت ريحان عليها لتقول:
مرحبا خالة.
نظرت اليها بعيون دامعة ورددت بفرح:
ريحان ابنتي.
فتحت ذراعيها إليها لتسرع ريحان وتحتضنها قائلة:
اشتقت اليك ياخالة.
الخالة عائشة:
ابنتي لم اختفيت فجأة؟ اين كنت طيلة هذه المدة؟
اومأ محمد لريحان ففهمت بان الخالة لا تعرف شيء عن تلك الأخبار.
لقد بحثنا عنك مطولا حتى يئست من لقائك.
ريحان:
آسفة خالة ظروف فوق قدرتي اخذتني من هنا ومنعتني من العودة.
الخالة عائشة:
المهم انك عدت حبيبتي لقد اثقلت كاهلي بغيابك بعد أن امنتني عمتك عليك ولم اجدك ساءت حالتي كثيرا ماذا حدث معك؟اين كنت طيلة هذه الفترة؟
نظرت اليها ريحان لكنها لم تتمالك نفسها لتنفجر باكية،احتضنتها الخالة عائشة لتشير لمحمد بأن ينصرف فهي تعلم خجلها ثم احتضنتها أكثر لتقول:آه يا طفلتي يبدو انك عشت أياما موجعة.
نظرت اليها ريحان لتقول:اكثر مما يتخيل عقل لقد فقدت عشق التي تعرفينها فقدت كل شيء جميل بها.
الخالة عائشة:
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها حبيبتي وما وضعك في الذي عشته الا لادراكه عز وجل انك ستتحملين وتصبرين، تعالي اجلسي هيا وارتاحي ولا تفارقي حظني.
ابتسمت ترسل دمعا تعبا من جفونها تلك ثم تحرحت نحو الداخل وجلست على الأريكة تطلب الراحة.
تركتها الخالة هكذا تضمها صامتة لمدة طويلة لم تتحرك من مكانها فقط تسمع لتلك الشهقات المكتومة داخل صدرها فأدركت أن ما مرت به ليس بهين، ثم بعد حين عادت وتحدثت قائلة:
عشق امتحنت بدل الامتحان الفا وابتليت بدل الابتلاء الفين وكل مرة نأخذ منها دروسا بالصبر على المحن وما ابتليت الا لأن خالقها يحبها اسمعي ريحان قال الله جل في علاه:{وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} 
ساروي لك قصة خذي منها العبر وقد تصبرك بعض الشيء وتستشعري من خلالها حكمة رب العالمين وابتلاءه لمن يحب.
ريحان:اسمعك خالة
الخالة عائشة:
إنه الابتلاء إنه ذلك الوجع الذي قد يصيب القلب أو القلب والبدن معا ويتفرق في طريقته التي يوجعنا بها ربما نبتلى في فقد من نحب فنموت في كل ذكرى او في داء يصيب بددنا فنفقد لذة الحياة والاستمتاع بكل ما هو جميل أو لربما فراق الحبيب الذي يشيب شبابنا بالشيخوخة قبل أوانه وهكذا لكنها الحياة تستمر ولا تتوقف عند احد ابدا وما سمي الإنسان انسانا إلا لكثرة نسيانه وتعوده على الفقد والتعايش معه وبرغم البراكين الهائجة والعواصف التي تتراكم داخلك مع كل دمعة حزن تنزل منك إلا أنك بالأخير تقفين على قدميك من جديد وتتعلمين درسك جيدا الدرس الذي تخرجين منه وتقفين أمام امتحان القدر متسلحة بصبر جبار يمكن أن يجابه أي شيء
ريحان بحزن:
ونعم بالله خالة أنا لم أعترض يوما على حكمته عز وجل بل بالعكس لقد لاقيت كل ما لاقيت وكل الذي ذقته بصدر رحب واعرف أن هذا كله ابتلاء ولا يبتلى إلا المحبون فيما يحبون أيضا لكن.
الخالة خديجة:
لكن ماذا صغيرتي؟
ريحان بحزن :
لكن هذه المرة جرحي عميق جدا
الخالة عائشة:
لقد سمعت القصة التي حكيت واستوعبتها صحيح.
اومأت ريحان بالإيجاب لتضيف الأخرى قائلة:
وهل ذقت من هذا الذي ذاقت تلك المرأة؟ هل فقدت زوجا أو هل فقدت أطفالك فلذة كبدك؟
ريحان:
لا لم يحدث فقدي يس بهذا الحجم الذي أصاب هذه المرأة الصابرة لكن قلبي تعب كثيرا تراكمات تلو التراكمات تلو التراكمات
الخالة عائشة:
اذا صبرا جميلا جميلتي صبرا جميلا والله المستعان رب العالمين يبتلي من عباده الأخيار الأنبياء ثم الصالحين ثم الصالحين ثم الصالحين
ريحان بحزن:
ونعم بالله خالة ونعم بالله لم اعترض يوما ولم اقنط من رحمته وفرجه لحظة بالتأكيد هذا الوقت سيمضي ساتجرع غضاته بألم وسأبكي ليال وليال لكن بالأخير ساتعود وستعود لي ضحكاتي وأتعايش مع ألمي إذا كان مرضى السرطان وتعايشوا مع ألمهم كيف لا أفعل أنا
الخالة عائشة:
عفانا الله وعافاك يا طفلتي وشفى مرضى المسلمين أجمعين 
تنهدت بضيق وأردفت:
آمين
الخالة عائشة:
نعم هكذا هي عشق ابنتي عهدتك دائما حساسة لكنك قوية هشة صحيح ورقيقة لكن لا شيء يكسرك.
ريحان:
سأحاول أن أتجاوز كل هذا أعدك لكن سأعيش حزني حتى الآخر لا أريد ان أكابر وأضغط على نفسي.
الخالة عائشة:
ومن قال كابري واضغطي على نفسك بل العكس تماما ابكي واسهري واصرخي ان شئت افعلي أي شي المهم أخرجي كل حزنك وألمك وحين تقفين على قدميك من جديد تقفين قوية بقلب جديد وروح نقية وعيون لامعة محبة للحياة.
ريحان:
سافعل اعدك سأقف من جديد وأبدأ من نقطة الصفر كأنني ولدت من جديد وسأكون قوية وهذه المرة سأنتبه لخطاي جيدا كي لا أقع او انحني حتى.
الخالة عائشة:ها ها هذه عشق ابنة فهرية التي كانت تسرق لي البيض من خم الدجاج كل صباح
ريحان دهشةأنا؟!
الخالة عائشة:
لا أنا لقد كنت اراك يا فتاة لكن أقول لاباس دعها تأخذ.

ابتسمت أخيرا ثم حين تعمقت في تلك الذكرى ضحكت مقهقهة فزال عنها بتلك الضحكة بعض البأس و بقيت تتحدث مع الخالة عائشة حتى هدات قليلا، قامت الخالة 
لتقول:
سأحضر العشاء تتناولين عشاءك وترتاحين بعدها وامامنا كل الوقت كي تسردي لي ما حدث معك بتفاصيله وتخبريني ماذا حدث معك ايضا هناك اشياء يجب ان تعرفيها.
ريحان مبتسمة:
شكرا خالة اتعبتك معي لكن سابقى قليلا وانصرف ساذهب للفندق مؤقتا وابحث لاحقا عن عمل وبيت لاستأجره.
الخالة عائشة بغضب مصطنع:
عيب والله عيب كيف استطعت قولها وبيتي؟انت حبيبة الغالية وأمانة برقبتي لا يمكنني التفريط بك لاي سبب ثم إن لك منزلا غير هذا ما حاجتك للفندق. 
ريحان:
أي منزل لم افهم؟
الخالة عائشة :
منزل فهرية عمتك.
ريحان بجدية:
ألم يقم زوج عمتي ببيعه؟
الخالة عائشة:
يبيع ماذا حبيبتي؟ انتظري لحظة، ثم دخلت واحضرت بعض الأوراق لتضعها بيد ريحان وتكمل قائلة:
هذا هو سبب بحثي عنك طوال تلك الفترة لك أمانة عندي.
حملت ريحان الاوراق وفتحتها لتجدها اوراق ملكية المنزل وقد أصبح مسجلا باسمها،نظرت للأوراق ثم للخالة لتقول بعين دامعة:
أي أن البيت لم يبع كما أخبرني أي أن كل ماحدث
الخالة عائشة:
زوج عمتك لا يملك أي شيء بالبيت كما أنه مختف منذ اختفائك ايضا لم يظهر من حينها، البيت مسجل باسمك انت لم اخبرك لأنها كانت وصية عمتك أن اسلمك الاوراق بعد اكتمال اربعينيتها.
هنا بكت ولم تتحمل، بكت بألم مرددة:
آه يا حبيبتي الغالية حتى اربعينيتك ونسيتها لكثرة همومي، حبيبتي حتى وانت تتالمين تفكرين بي بآخر لحظة فكرت بي ،ليرحمك الله غاليتي، ليرحمك انت وحبيبي قلبي وليرزقكما الجنة، حتى الحزن على فقدانك وحرموني منه،كم هي قاسية هذه الدنيا، لا حق لدي لا في السعادة مع احبائي ولا في الحزن على من فقدتهم،ماذنبي انا حتى يكتب على جبيني شقية؟
احتضنتها الخالة عائشة لتقول:
هيا امسحي دموعك هذه يكفي والا غضبت منك لقد انتهى الكابوس والآن عدت الينا وانظري كرم خالقك كنت تظنين انك بلا ماوى وفجأة يظهر انك تمتلكين بيتا جميلا باسمك وحدك، اليس هذا فرج وكرم ما بعده كرم؟
ريحان:
الحمد لله الحمد.لله لكن لو تعلمين مامررت به ياخالة؟لو تعلمين كم صرخت وكم تألمت كم عصفت بي الاحزان كم نزفت واستصرخت لكن لم يلبث ندائي أحد.
ربتت على كتفها ثم على تلك الوجنتين مسحت بحب لتقول:
اسمعي ستتناولين شيء اولا ثم نجتمع ساسمعك طوال الليل وستفرغين كل احزانك بحضني.
ردت بضيق:
ليس لدي رغبة بشيء.
ردت الخالة بغضب مصطنع:
الا اكل خالتك هيا امسحي دموعك ورافقيني للمطبخ هيا وسنرى ان كنت ستبقين لا تشتهين شيء.
ابتمست وتحركت خلفها دون عناد ودلفتا المطبخ فجلست ريحان على الكرسي وبقيت على حالها هادئة بينما شرعت الخالة بتحضير العشاء بينما محمد فقد غادر لمنزله،كانت ريحان جالسة تنظر لظلمة الخارج لكنها ليست هناك بل كانت معه كانت تتامله تتذكر لمعة عيونه حين اعترف بحبه، تذكرت كل جميل مر عليهم تذكرت ابتسامته،تذكرت دفئ قلبه،تذكرت حضنه تذكرت دمعه، كيف كان وكيف اصبح، غيرته، جنونه، يوم اركبها تلك اللعبة المجنونة لتبتسم بلاوعي وتقول ضاحكة:
مجنون يبدو انني اشتقت رغما عن أنفي.
نظرت اليها الخالة لكنها لم تفصلها عن ذكرياتها لتبتسم وتقول بهمس:
على ما يبدو أن قلب الفتاة نبض للحب ياترى من سعيد الحظ لينال جوهرتي.

في ذلك الحين كان أمير نائما بغرفتها وهو يحتضن طفلته ليستفيق فزعا فجأة ليجد صغيرته بحضنه، عدلها بسرير ريحان ثم خرج لشرفتها، نظر للسماء وأخرج زفرة قوية ليقول:لم اخترت الخيار الثالث لم لم ؟ما حسبت ان بعدك ليوم فقط موجع هكذا،ما حسبت ان أخذ النفس في غير وجودك يخنق هكذا،ما حسبت ان الحياة دون لمعة عيونك معتمة هكذا،ثم صرخ بقوة وهو لايزال ينظر للسماء، احست هي لحظتها بغصة في قلبها،
تحدث هو قائلا:
كم هو صعب فراقك، كل المكان دونك موحش، لكن ماعساني افعل غير التدرب على النسيان، لكن كيف انسى وانت تسكنين نبضي ولن تتركي نبضي حتى يتوقف واموت انا، يارب رضيت بما كتبت لي.
هي منزله ووطنه، ما ارتحل هو لكن الوطن هو الذي مضى وفارقه، 
وعاد طريقه جافا بعد.أن أزهر وردا من ضحكاتها.

أكملت هي طعامها ثم توجهت للغرفة لترتاح بجانب الخالة.
حاولت النوم لكن ما استطاعت، اذا انقلب هو يمينا فعلت هي شمالا، واذا انقلب شمالا انقلبت هي يمينا وكل مرة تراه ويراها وجها لوجه،اذا أحست بغصة وضع هو يده على قلبه متنهدا،لكن هو غافله النوم وأخذه بينما هي لم تستطع.

اقتربت منها الخالة لتقول بخفوت:
أنا اسمعك.
بحلقت بها كمن رأى شيء أفزعه، فزفرت بضيق موجع ثم ردت:
لقد تزوجت ياخالة.
الخالة دهشة:
انت؟يستحيل؟ متى وكيف؟ 
ريحان:
هل هو خطأ ان تزوجت المرأة من ظلمها وآلمها؟
الخالة:وإن تغير المؤذي أو الظالم وتاب واعتذر واستسمح باكيا الا يستحق فرصة؟
ريحان:أنه مهدنس 
الخالة:اها
تنهدت مردفة:
إنه وسيم يعني لا وسيم حقا حتى إذا غضب سأتحدث بضمير، عصبي لكنه طيب، مجنون وعاقل بنفس الوقت، أحيانا أخافه واحيانا لا، اريده ولا أريده حين يقترب مني عقلي يصده وقلبي يرغب قربه، احيانا اضيع بين قلبي وعقلي حتى اتعب، وضع بفؤادي جرحا عميقا لكنه حاول علاجه، كم هربت مرات ومرات منه اليه، ألفته روحي ألفه دمعي، الفه نبضي، اصبحت أراه بحلمي ويقضتي، لكن نحن انتهينا قبل أن نبدأ، وسأطلب الطلاق منه.
الخالة:انت عاشقة.
ضحكت ساخرة وردت:
أصابني منه من الألم أكثر مما يتحمل بشر، واليوم تمتزج ذكراه بالعذاب، لكن وبهذا القدر من الضيق يبقى وجهه بالنسبة لي وجه السعادة والحياة....

ابتسمت الخالة واردفت بصوتها الخفيض الذي يبعث الراحة لقب عشق:
ولو عاد معتذرا
أومأت بالنفي، تلاه صمت، لغتها التي تجيد.
الخالة:
ما اسمه
ريحان:
أمير
الخالة:
من لمعة عيونك هذه وانت تذكرين اسمه اقول انك عاشقة ياصغيرة ثم اقتربت منها لتضع يدها على قلب ريحان وتضيف:
وهل هذا راض عن فراقه؟
أومأت بالنفي أيضا فاغرورقت عيونها دمعا لتجيب :
ظننت أنه سيرتاح لفراقه فهو تمنى ذلك مرات ومرات لكنه الآن يحترق ويلومني على هجرانه.
نظرت اليها الخالة لتقول:
تستحقين الحب ريحان أن كانت عيونك لمعت لذكر اسمه فكيف لقربه ورؤيته ثم وقفت لتقول:اعلم انك لن تنامي ساتركك معه في خيالك أراح الله قلبك حبيبتي تصبحين على خير، ها تذكرت لقدتركت عمتك عندي أمانة، أنه مبلغ من المال اوصتني أن أسلمه إياك عند الحاجة، والآن انت بحاجة.
ابتسمت مردفة:
رحمها الله، فكرت بي وهي التي كانت بحاجة للمال
الخالة عائشة بحزن:
اييه إنها فهرية دون سواها، ثم انصرفت لتتركها هناك وحيدة.
اعتدلت بسريرها وأخذت تفكر به لتقول بعد حين:
سانساك استطيع ذلك استطيع سابكي واصرخ واحترق ولن يطفئ لهيبي أحد لكن ساتعايش وانسى انت خيرتني وانا اخترت وستنسونني وكان شيء لم يكن.
نامت بصعوبة بعدها بعد أن بللت وسادتها دمعا صامتا كعادتها لكن هذه المرة لاشتياقها له وليس لتعذيبه لها.

حل الصباح...
استفاقت باكرا قبل الجميع لتخرج وتتجه لمنزل عمتها مباشرة دخلت لتجده مقلوبا راسا على عقب ورائحته بشعة، توجهت لغرفتها لتجد صورة والديها بموضعها تماما،حملتها واحتضنتها لتقول:اشتقت الى ابسامتكما حبيباي سازوركما لانني اريد أن أفرغ كل المي بقربكما فلا أحد يمكن أن يستوعب المي غيركما.
بقيت مدة مع الصورة ثم قررت تنظيف البيت علها تنسى قليلا وجعها.

في القصر...
فتح أمير عيونه بتثاقل ليجد صغيرته قد غادرت الغرفة،اخذ نفسا عميقا ليقول:اول يوم دونها ياترى كم ساتحمل من ايام هل صاصمد ام ساذبل شيء فشيء حتى اتلاشى،اقترب وقبل وسادتها الموضوعة جانبا والتي لم يستعملها أحد كي لا تذهب ريحها منها ليعيدها لموضعها ويخرج من الغرفة.
قام من مكانه وذهب لغرفته وتجهز سريعا فقد كان يومها اجتماع لمجلس الإدارة بالشركة وما أن تقدم خارجا حتى قاطعته والدته لتقول:يجب أن نتحدث
أمير:عن ماذا؟
جافيدان:عن ما حدث
أمير:من عاملتها ابنتك هي من فضحتك وليس ريحان لكن ارتاحي امي لقد ذهبت القروية الجاهلة دون رجعة اقيمي الافراح لكن تذكري نقطة فقط لقد هرم ابنك بغيابها وأصبح صاحب 90 سنة قلبه شاخ.
جافيدان:بني
أمير بضيق:
ما يقهرني انك امي ولا جنة بغضبك لكنك ظلمت روحي انا انام بغرفتها كالطفل لآخذ من رائحتها فقط كي لا تخرج نيران غذابي للعلن والآن عن اذنك لدي عمل ثم انصرف تاركا والدته بالغرفة تبكي لحال ابنها.

في الشركة اجتمع أعضاء المجلس كلهم،كان أمير جالسا بجانب والده يحرك قدمه وقلمه بسرعة متوترا يفكر بها حينا وبمن سيدخل بعد لحظات الاجتماع لا محالة،نظر إليه والده ليقول:ماذا هناك امير؟
أمير:لا شيء ابي 
حكمت:احسك متوترا لننه اجتماعنا اولا هناك حديث مطول بيننا لقد سكت وانت تماديت كثيرا ولكل شيء حد. 
أمير:يجب أن نتحدث فعلا ابي فهناك أمور لا يجب أن نسكت عنها بعد الآن لينظر حكمت بعدها للحضور ويقول:يا جماعة بما أن كل الاعضاء مجتميعين لنبدأ اجتماعنا الآن.
لكن اتى صوت من باب القاعة فجأة ليقول:كيف تبدؤون الاجتماع وهناك عضو فعال ناقص.
نظر حكمت للباب ومصدر الصوت لتتسع عيونه بكل حجمها ما جعل دقات قلبه الضعيف تتسارع اكثر فاكثر ثم وقف أمامه ليقول:ديمير؟!!!
تقدم ديمير بابتسامته المستفزة تلك ليقول:مرحبا حكمت بيك ثم مد يده لكن حكمت لم يمد يده ليضم الآخر يده ويقول:المفروض أن تستدعوا كل اعضاء المجلس بالاخص من لديهم حصة كبيرة من الاسهم؟
كان أمير ينظر صامتا بينما حكمت ينظر دهشا لامير ليقول:كيف تجرأ وتدخل شركتي من سمح لك بذلك وما الذي تهذي به،مادخلك بالاجتماع انت؟
نظر ديمير لامير باستهزاء ليقول :ماذا أمير بيك؟الم تخبر السيد الوالد؟الست ابنه البكر وكاتم اسراره؟
حكمت:أمير ماذا هناك بني مالذي يتحدث اخبرني؟
لكن أمير لا يزال صامتا ينظر لديمير بغضب وهو يقول بداخله:ياربي امنحني الصبر كي لا اضربه فقط.
نظر ديمير لحكمت وابتسم ابتسامة نصر فقد انتظر تلك اللحظة التي يرى فيها حكمت منكسرا منذ سنين طوال وكل تلك الحروب كللت بنصره اخيرا والفضل كله لفتاة بسيطة :لقد اصبحت عضوا في شركتك صديقي حكمت ومن هذه اللحظة لدي الحق في التصرف باعمال الشركة وكذا حضور جميع الاجتماعات معكم
بقي حكمت ينظر صعقا لم يستوعب اي حرف مما سمع.
ديمير:،لا بأس ايام وتتعود على وجودي
حكمت؛مالذي تهذي به انت؟ اي عضو واي شركة؟؟هل جننت فجأة؟ هيا أخرج والا طلبت لك الأمن واخرجتك بطريقة لا تليق لشخصك كرجل أعمال.
ديمير:ماذا أمير هل لجم لسانك(كان الكل يشاهد مترقبا) الم تخبر والدك انك تخليت عن اسهمك بالشركة لي وبارادتك؟
كان الكل ينظر صعقا لما يرون ويسمعون من جدال.
صرخ حكمت:لا تسكت هكذا أمير وتلعب باعصابي ماذا يقول هذا؟
ابتسم ديمير ليقول:هههه كماسمعت حكمت بيك اصبحت عضوا في شركتك التي بدأتها وحيدا فقيرا من الصفر.
هنا وقف أمير غضبا بجبروته لكنه تملكه ليقلب ملامحه مبتسما ويقول:اتحب أن أتحدث لوحدنا ام أمام الجميع؟
ديمير:امام الحضور احسن نحن شركاء بالنهاية.
أمير:كما تشاء ديمير بيك انت اردت ذلك اذا لك هذا انا لا املك اي اسهم بشركة ابي لقد تخليت عنها بالكامل منذ مدة ولم أخبر ابي بذلك فقط.
حكمت:ماذا؟
ديمير ساخرا:
هههه انها مزحة سخيفة بالتاكيد
أمير:
حضرة المحامي تحدث.
المحامي:
حكمت بيك لقد. تنازل السيد أمير عن اسهمه بالشركة منذ خسارتنا للمناقصة ولقد طلب مني عدم اخبارك كي لا يزعجك.
كان حكمت واقفا صعقا يكاد يقع لكنه ما فعل ليقول:أمير هل هذا صحيح؟
تنهد أمير ثم قال :
يمكنك التاكد من ذلك بسهولة ابي؟
احمرت عينا ديمير وعقد حاجبيه وبرزت عروق رقبته ليصرخ بهم:يستحيل ذلك هذه لعبة اتفقتم عليها اكيد.
اقترب أمير من ديمير ليضع يده على كتفه بكل تعال ويقول:اخبرتك أن نتحدث لوحدنا وانت ابيت أنها حقيقة يابيك وليست كذبة،التوقيع والتنازل لعبة فقط وانت اكلت الضرب.
نظر ديمير لامير غاضبا ليقول:لكن التوقيع معي وبما أنك وقعت على تنازل لا تملك محتواه فيمكنني أن اقاضيك به واسجنك ياذكي.
اقترب أمير منه ليهمس عند أذنه:
وتسجيل صوتك اثناء الخطف وتهديدك وكل حرف تلفظت به معي ايضا، ويمكنني أن اسجنك وافضحك أمام الملأ وانزلك لاسفل سافلين، ماذا ظننت؟ انا اقسم روحي بينها وبين أبي ولا اتخلى عن أحد منها.
اشتد غضب ديمير اكثر ليقول:
هكذا اذا أمير انت تتحداني اذا الايام بيننا والحرب سجال وسيأتي يوم وتركع عند قدمي راجيا الرحمة ولن افعل.
رد أمير بغضب:
حتى وان مت لن افعلها يوما 
حكمت بغضب:
اخرج من شركتي حالا هيا.
ضرب ديمير طاولة العمل بقوة ثم مضى بغضب شديد وجسده ينتفض لما حدث، خرج منهزما والكل ينظر اليه ساخرا ليصرخ بالحضور قائلا:
ماذا لماذا تنظرون؟ ثم اكمل وجهته يتوعد بالانتقام لامير ليلتفت عند باب القاعة ثم تحدث مهددا:
هذه المرة لن ارحمك سيد أمير وتذكر موقفنا هذا جيدا.





القسم الثاني:

أمير بغضب:
اخرج ولا ترنا وجهك ثانية.
نظر بعدها حكمت للحضور ليقول:انتهى الاجتماع ياسادة،امير الى مكتبي حالا.
دخلوا المكتب واغلقوا الباب ليلتفت حكمت لامير سريعا وقد كان يغلي كالبركان ليقول:هذه المرة ستعطيني تفسيرا لن اسمح لك بالذهاب دونه الفيلم الذي حدث منذ قليل يوجد له تفسير ومنطقي ايضا وما قصة تخليك عن اسهمك وانا لا علم لي ولم فعلت ذلك؟
أمير:ساشرح كل شيء ابي فقط اجلس واهدأ.
حكمت:
أمير لا تغضبني اكثر تحدث بسرعة.
أمير:
الحقيقة ثم تذكرها تذكر حين ضرب بالرصاص وحين وقع بين يديها كان يرى أمامه خوفها دموعها لهفتها احتضانها له،تذكر فتح ذراعيها له وطلب الأمان احس بدقات قلبها المتسارعة خوفا لاجله في قلبه هو ليخرج زفرة قوية ثم نظر لوالده بحزن وقال:لقد خطفها ابي وهددني بها.
حكمت:
كيف؟
فتح أمير قميصه حينها ليري لوالده جرحه فنظر والده صعقا ليقول:
انظر لقد ضربني برصاصة كادت تقتلني ولم يكتف بذلك،خطفها وهددني بها، قتلني بدل المرة مرتين وثلاث واربع، ساومني على سبب وجودي بكل دناءة و انا كنت قد تخليت عن حصتي لك منذ أن فقدت ثقتك بي بسبب تلك المناقصة اللعينة ولم اشأ اخبارك لأنه لم تأت فرصة منذ وقتها وصعب علي ذلك ايضا لكن حتى لو لم اتخل عنها كنت ساوقع وافديها بعمري كله،انها عشقي ابي،انها من غيرت ابنك و أعادته لطريق النور،تلك التي رفضتموها ونظرتم إليها نظرة استحقار غيرتني كليا لقد انارت لي العتمة التي كنت اتخبط بها،والآن انظر لقد ذهبت وتركتني واردتني خاويا فراغا تجوب في الرياح الباردة دون رحمة، انا اموت كل دقيقة بغيابها ابي، ليت تلك الرصاصة قتلتني وانتهينا من هذا العذاب.
رمى حكمت جسده على كرسيه ليضع يده على رأسه وقد اسودت كل الدنيا أمامه لما سمع من امير تنهد بعمق لكن غصة بصدره شدت بقوة فوضع يده على صدره وتنفس بضيق، ركض إليه أمير ليقول:
انت بخير ابي؟
تنهد وقال:
كنت احبها وكان صديقي المقرب حتى انني ما كنت اخفي عنه شيء كان يعرف مدى عشقنا وعايش قصة حبنا لكنه كان شيطا يظهر وده كملاك 
كان أمير يستمع بعيون متسعة ولم يستطع أن ينطق حرفا واحدا ليكمل حكمت:لكنه لحقارته غدر بي صديقي المقرب خانني ولفق لي تهمة دخلت بسببها السجن شهورا وحين خرجت ماعدت استطيع فراقها اكثر فتقدمت لها رغم أنني فعلتها قبلا ورفضوني اهلها لكنهم رفضوني مجددا وحرموني منها قتلو حكمت دون رحمة فرقوا بين قلبينا احرقوني واحرقوها لكن ما زاد من المي اكثر انه تقدم لخطبتها وبما ان والده غني وصاحب اسم زوجوها قصرا وتركوني احترق بعشقي لها عشت أياما تألمت فيها وصرخت حاولت وحاولت نسيانها وما استطعت.
أمير دهشا:
يعني زوجته هي؟؟؟
حكمت:
نعم زوجة ديمير كانت عشقي ومنذ تلك اللحظة مات حكمت إلى أن اتيت انت، وحين بكيت لأول مرة عاد نبض قلبي من جديد وعاد حكمت تارهون للحياة لكني لم انسها يوما ولن افعل انها محفورة هنا(قلبه)وهنا(عقله)، ذلك الانكسار جعلني اجتهد واتعب وأسهر الليالي عملا ودراسة حتى وصلت الى هنا.
أمير بحزن
أبي انا آسف.
حكمت:
لا تتخلى عن عشقك أمير لا تستسلم كن كا النورس لا يهمه موج ولا عواصف يحلق فوق البحر وباق على عهده.
أمير:
أنا أحاول أبي لكنها ذهبت
حكمت:
ومن قال أن ذهباها يعني نهاية الحب على العكس بعمرها المسافات ما أنقصت من الحب شيء وتذكر هذه القاعدة دائما واتبعها مهما حاولت النسيان لاحقا فلن تستطيع الزمن لا يمكنه مداواة القلب اذا نزف وبعمره مرورو الوقت والأيام كان علاجا لاوجاعه سيبقى هنا مشيرا لقلبه.
أمير:
تعبت أبي
حكمت:
ستدفن كل شيء هنا صحيح ستستمر وتقوم على قدميك وتتظاهر بالصلابة وكأن شيء لم يكن لكن كل ليلة حين تأتي لتنام ستتذكر وقد لاتنام وتعود كل الذكريات دفعة واحدة لرأسك فتتألم كثيرا ولا مفرج.
أمير:
أتاريه صعب أبي
حكمت:
لذا لا تستسلم بني،اما ذلك الحقير فانا من سيوقفه عند حده وسادفعه ثمن اقترابه من عائلتي.
أمير:
لقد انتهينا ابي عشقنا انتهى لن أحاول كلامك محفز صحيح لكن ما عاد باليد حيلة هي اختارت طريقها وأنا في طريقي سأعيش على ذكراها 
حكمت:
أتضحك على نفسك أم علي بني
أمير:
بابا رجاء ثم لا تهتم بهذا أما ذلك الحقير فمصيره السجن وسأسعى انا لذلك لا أريدك أن تختلط معه او يستفزك سأجد ثغرة تسقطه وتنزله إلى أسفل سافلين أعدك.
حكمت:
وهذا ما سأسعى إليه ايضا ساندمه على اقترابه منك أنا اعرفه جيدا بني وأنا الذي أعرف نقاط ضعفه جيدا هذه حربي أنا ولا أريدك أن ولا إخوتك أن تتأذوا منها أكثر و المهم انك بخير وامامي الحمد لله.
أمير:
ليحفظك الله لنا ابي والآن استاذنك الآن ابي.
حكمت:
إلى اين؟
أمير:
لابحث عن الراحة علني اجد شيء منها أحس أنني اختنق كل شيء حولي يؤذيني أريد أن ابقى لوحدي قليلا فقلبي يوجعني والذكريات كما قلت تتدفق كلها برأسي لكن حقا ارتحت حين تحدثت إليك.
حكمت:
أنا هنا دائما بني في أي وقت شئت التحدث ساستقبلك برحابة صدر وانت كن قويا ولا تستسلم.
أمير:
إن شاء الله
حكمت:إذنك معك بني.

خرج من المكتب ووقف عند الباب فزفر بحنق وردد:كيف تحملت كل هذا بابا كيف؟
 ليقول والده في الداخل:
لن تجد راحتك الا بين يديها مع الاسف كل الذي قلناه ترهات لا يسمن ولا يغني من جوع لو أفادني انا هذا الكلام لكان سيفيدك بني لكن ما في القلب يدفن في القلب.
إنه الحب إنه شعور يخلقه الله سبحانه وتعالى في القلوب كتلة مشاعر لا يمكنها أن تنتهي بكبسة زر قد نتعايش وقد نتناسى ونضحك ونستمر لكن يستحيل أن ننسى يوما.
توجه أمير الى السكرتيرة ليطلب منها ارسال عمال لتنظيف منزل الجبل وترميمه فقد قرر المكوث به والانعزال عن العالم كليا ليقول:ها ويجب أن يكون جاهزا خلال ثلاثة أيام فقط.ثم انصرف لوجهته.
أخذ سيارته وانطلق قائلا:
والآن اين ساذهب اين ساجد الراحة من دونها؟؟لو فقط المحها لو فقط المح ابتسامتها لو فقط اشم شيء من رائحتها الجميلة،توقعت أن فراقها موجع لكن ليس لهذه الدرجة،انه شيء لا يحتمل كيف امكنك ياابي تحمل كل تلك السنين كيف؟
ليتك فقط أكملت ما تبقى من حروف في الرسالة وما زدتني بها حيرة والما،اين انت عشق؟باي ارض انت الآن؟لم يفكر للحظة انها ستعود لقريتها وتغادر المدينة كليا،يا الهي ضاقت بي الارض بما رحبت فكيف ساتحمل كيف؟

كانت ريحان بمنزلها ترتبه فقد وجدته شبه المزبلة رغم تعبها الشديد إلا أنها كانت تنظف دون أن ترحم جسدها،وكانها تتعمد إرهاق ذلك الجسد تريد فقط أن توقعه مغشيا عليه من كثرة التعب كي يذهب عنها الم فؤادها،كانت تمسح السجادة بيديها بعنف وقوة تروح وتجيء بيدها تريد اخراج غضبها بها لكنها ما استطاعت أن تكتم المها لتشرع بتفجير شلال دموعها وتقول:سيزول كل شيء سيزول من قلبي كما تزول هذه الشوائب،لاشيء له بفؤادي لا كره ولا عشق،انا انتهيت قبل أن ابدا،هو قتلني منذ أن أخذني من الكازينو،كل ماعشته قبلا اوهام زائلة،لن استصيغ نبضه بقلبي مهما كان،لا لا لن اصدق انني اريد قربه، ما أردته قبلا ولا اريده الآن،انا الآن مرتاحة انا هكذا وجدت سكينتي أجل هكذا،هذا ما يناسبني حقا،ثم رمت مابيدها أرضا لترمي نفسها على ذلك السجاد المبتل ما جعلها تبتل ايضا ثم صرخت وهي تقول:
ياربي لم اعد احتمل هذه الحرب الضروس التي بداخلي، ليتني ما قابلته يوما، غبية غبية لم سمحت له بلمس قلبك؟لم سمحت له بقلب كيانك لم لم؟ ستتعذبين لوحدك وتحترقين كالشمعة شيء فشيء حتى تنتهي.
إلى الأرض لوحدك، اينقصك وجع فوق اوجاعك؟كيف تماديت وجعلت عشقه يتملكك؟كيف كيف؟
بقيت كذلك قليلا بكت وبكت وحيدة ثم لملمت حزنها كعادتها وحيدة وعادت واكملت ما بداته،ثم جمعت كل الاغراض القديمة ووضعتها بغرفة لجمع الاغراض القديمة على أن تصرفها لاحقا لتعود مساء الى بيت الخالة مرهقة بشكل كبير بالكاد تجر قدميها 
فتحت الخالة عائشة الباب لها لتفزع من حالتها تلك لقد كانت شبه واعية لما حولها،لم تعاتبها الخالة ولم تسألها لم أوصلت نفسك لهذا فهي تعلم حالها وحرقتها،اكتفت باحتضانها والمسح على شعرها بعد كل ذلك التعب حتى نامت ودمعتها على خدها تحرق.
نظرت الخالة عائشة لحالها لتقول:
اه كم تحمل هذا القلب من الم حتى شاخ ياصغيرتي لكن رب الخلائق حليم كريم وسيأتي يوم ويعوضك كل المك فهو ادرى بطيبة قلبك وصدق من قال" " حُرِم علي النار كل هين لين ، سهل ، قريب من الناس " 
"الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب"
ثم عدلتها لتتركها وتخرج.
مر يوم ويومان وثلاث واسبوع واسبوعان ليمر بذلك مئة وثمانون يوما وليلة على فراقهما، ربما تحتسبونها انتم ستة أشهر ولكن بالنسبة لحسابات دقات قلبه الملتاعة شوقا لها لقد احترقت روحه بحثا عن طيفها طوال النهارات الفارطة فيكلل بحثه بالفشل حتي تخطت حاجز الثلاث مئة والستون ومع ذلك بقي علي أمل عودة عشقه لحياته كما تعود الروح للجسد الهزيل فتنعشه بالحياة.

عادت ريحان لمنزلها المتواضع واستقرت به هربا من العالم، أرادت العودة لوحدتها،فهي الرفيق الدائم والأقرب لها،كم بكت بتلك الليالي وكم لعنته وكم رأته حولها بيقضتها وكم حلمت به في ليلها يحتضنها لتستفيق فزعة من نومها تناديه وكم حاولت النسيان والابتعاد باي طريقة كانت لكنها تعود لنقطة الصفر لتجد بالنهاية عشقه هو الذي يحيي روحها الموجوعة تلك.
كانت تقضي ليلها تئن وتبكي لتستيقظ صباحا وتلملم صرخاتها المنتشرة بارجاء الغرفة المعتمة تلك هنا وهناك ثم تعيدها لفؤادها الخاوي وتتجهز وتخرج بعدها تدعي القوة وكأنها كانت ناىمة طوال الليل بهدوء وسكينة لتشرع في البحث عن عمل ثم تعود الى البيت والى عزلتها وليلها كل يوم مرهقة.
أما هو فلم يكن اقل منها حالا،كل مساء يعود للقصر للاطمئنان على طفلته ليعود بعدها لبيت الجبل وحيدا أخذت معها أفراحه أخذت معها ابتسامته وألوانه ورحلت،كان يظن انه مع الايام سيتعود لكن ألمه وغصته زادت شدا على اوتار سعادته حتى مزقتها حتى أضحى باردا لا يريد شيء ولا يهتم لشيء ولا يشغله شيء.
في أحد تلك الأيام تجهزت ريحان كعادتها لكنها قررت الذهاب للقرية المجاورة علها تجد عملا يعيلها لكن قبل أن تخرج رن جرس بابها فجأة،توجهت إليه وفتحته ظنا أنه محمد أو والدته لكنه كان شخصا لا تعرفه،سالها ليقول:
انت ريحان يلماز؟
ريحان:نعم أنا
الرجل:علمت انك تبحثين عن عمل منذ مدة
ريحان:نعم أنا كذلك.
الرجل:انا صاحب مكتب العقارات الذي بوسط القرية والحقيقة يلزمني مساعدة بعملي لذا اتيت اليك لأطلب منك أن تعملي بمكتبي.
ريحان:غريب كيف عرفت انني ابحث عن عمل؟
الرجل:قريتنا صغيرة يا آنسة،لقد رأيتك منذ أيام هناك وحين سالت اخبروني انك تبحثين عن عمل،ناديتك ولكنك كنت تائهة ولم تسمعيني،لذا سالت عنك وقدمت لبيتك.
ريحان:فعلا ابحث عن عمل منذ مدة، كنت أعمل بمطعم صغير لكن تركت منذ شهر والآن أنا بدون عمل ويجب أن أجد كي ألبي حاجاتي.
الرجل:اذا ابنتي زوريني في مكتبي إن شئت وسنتفق على كل الامور وان أعجبتك اشتغلت بالمكتب وان لم تعجبك بحثنا لك عن عمل آخر.
ريحان:شكرا ياعم سازورك حتما.
الرجل:نادني بعمي علي ابنتي سانتظرك بالمكتب اذا انت تعرفينه بجانب محل الورود
ريحان:تمام أعرفه عم علي شكرا لقدومك.

انصرف الرجل إلى وجهته واقفلت هي الباب ثم وقفت مكانها تفكر محتارة مما حدث منذ دقيقتين لتقول:غريب ما حدث شيء لا يصدق فعلا يعني انا تعبت من الصبح لحد المساء وأنا ابحث عن عمل منذ أيام عدة وفجأة يظهر امامي صاحب عمل ومكتب بجلالة قدره ويأتي لحد بابي ويقول:زوروني في مكتبي ونادني عمي أيضا لان لدي عمل لك، الله الله ما الذي يجري؟ حسنا يامسهل سازوره بمكتبه وأرى ثم تحركت قليلا ثم توقف مكانها تفكر لتضيف:
لحظة لحظة يأتي إلى بيتي ويريدني أن أعمل معه وهو لا يعرفني حتى ام انه،لا لا أمير لا يعرف بوجودي هنا اصلا، ولم لا يكون هو؟ يا الهي كيف سأعرف كيف؟هي فرصة لا تعوض لكن إن كان له دخل بها لا يمكنني أن اقبل حتما.
بقيت مكانها تروح وتجيء وتفكر لتحمل هاتفها وتقرر الاتصال بسونا من جهة للاطمئنان على حالها وحال اوزجي ومن جهة لتسأل عنه بطريقة غير مباشرة لتعرف هل غادر المدينة ام لا؟
رن هاتف سونا لتجده رقما جديدا،ترددت قليلا لكنها ردت لتقول:الو من معي؟
ريحان:هذه انا
ابتهجت سونا لسماع صوت ريحان لتقول:
حبيبتي ريحان واخيرا واخيرا،اين كنت كيف تركتنا هكذا ولم تسالي منذ مدة، شهران لم تتصلي بي وكلما اتصلت هاتفك مقفل، هنت عليك هكذا؟ كدت أجن، على الاقل ابعثي رقمك ليس هكذا.
ردت بضيق:
هكذا افضل حبيبتي
سونا بحزن:
وان افترقت انت واخي اليس لنا انا واوزجي وجوناي مكانة بقلبك ها؟لقد عانت الصغيرة لغيابك لقد استوطنت هي وامير غرفتك فقط ليحسوا بقربك الم تفكري بنارهم للحظة؟
ريحان:توقفي سونا رجاء.
سونا:حسنا حبيبتي لن اضغط عليك فقط اخبريني هل انت بخير؟
ريحان:بخير لا تقلقي.
سونا:واين انت؟
ريحان:لا يهم اين انا المهم انني بخير.
سونا:لماذا ابتعدت ريحان لماذا؟اخي يتالم بصمت أنه يدعي القوة أمامنا لكن فراقك اضعفه انت ذهبت حتى دون أن تتركي لنا مجالا لنتحدث بشيء
سكتت على ذكراه، تألمت وحزنت ثم تناست وتجاوزت سريعا كعادتها وتحدثت قائلة:
كيف حاله؟
سونا:ليس بخير لقد انتتقل لبيت الجبل،يظل هناك وحيدا حتى الشركة ما عاد ذهب إليها مع الاسف.
ريحان:سيتعافى دوام الحال من المحال.
سونا:الن تعودي لتساعديني في علاجي لقد قررت العودة؟
ريحان:حبيبتي افرحتتني الحمد لله الحمد لله.
سونا:اريدك معي 
ريحان:انا معك قلبي معك لكن سامحيني حتى وإن حاولت لا يمكنني العودة.
سونا:ريحان
ريحان:رجاء سونا انا اتالم لا تزيدي من اوجاعي.
سونا:أراح الله قلبك وقلبه لكن صدقيني لن تشفى جروحكما الا ببعضكما البعض.
ريحان:لا تخبريه عن اتصالي لطفا.
سونا:كما تشائين.
لم تطل ريحان بعدها الحديث لتقفل الخط هربا من سونا واسئلتها لتعود لحزنها المرير بعدها بعد أن سمعت أخباره الموحشة حتى نسيت سبب اتصالها،بقيت مدة كذلك منطوية على نفسها لتبدأ فجأة بتذكر كلام سونا عنه لنتذكر سبب اتصالها اولا ما جعلها تتأكد انه لم يغادر المدينة قط.
مرت ايام اخرى بعدها بدأت ريحان فيها العمل تدريجيا لكسب المال وبدأت بالاختلاط بأناس جدد لكن ما كان يؤلمها الابتسام قصرا كي لا تفضح، كان يصعب عليها إظهار السعادة وداخلها يحترق،لتبدأ بالتاقلم مع وضعها شيء فشيء. 
قيل..." الجميع يكتب عن الألم، ولكن الألم الحقيقي لا يحكى"

في المدينة...
كان أمير جالسا في منزله كعادته وحيدا يحمل مصحفه ويقرأ ما تيسر منه.
رن الجرس فجأة ليضع مصحفه بجانبه ويذهب باتجاه الباب ليفتحه فهو يدرك أن من يزوره اما اخوته وابنته او مليكة فقط لا احد غيرهم.
فتحه ولم يتفاجأ فقد كانت سونا هي من بالباب.
دخلت بهدوء لتقول:والحل اخي الن تعود للقصر مضى ستة أشهر.
ابتسم ورد:
أنا مرتاح هكذا حبيبتي
سونا:لكننا نحتاجك اوزجي تحتاجك،انا احتاجك،لقد بدأت علاجي واريدك بجانبي.
أمير:سونا غاليتي لقد اخبرتك أنني سأكون معك بكل جلسات علاجك لكن لا تضغطي علي اكثر ارجوك.
سونا:والى متى هذه العزلة ها؟الن ترحم نفسك؟اشتقنا لابتسامتك اخي،القصر أصبح موحشا لا روح به.
أمير:لكنها أخذت بابتسامتي ورحلت دون سؤال حتى
سونا:لقد اتصلت اخي
أمير:لا يمكن
سونا:نعم اخي اتصلت وسالت عنك ايضا،في نبرة صوتها شوق السنين لكنها تكابر احساسها فقط صدقني.
أمير:لكنها اختارت الفراق هي أرادت هي اشعلت الفتيل وتركتني اتخبط في الحريق.
سونا:الديها سبب
أمير:لديها كل الأسباب
سونا:اذا لم تلومها؟
أمير:الومها لانني احبها.
سونا:ولم تركتها تذهب اذا ولم تمنعها؟
أمير:لانني احبها ايضا.
سونا:اذا ردها اليك هي لاتزال زوجتك وتحمل اسمك حتى لو طلبت الطلاق لكنها لا تزال زوجتك ، اريدك انت أن تذهب إليها وتطلب هذا.
امير:ايمكن هذا؟
سونا:أجل اخي،لا تفرط بها فقط لأنها تركتك لذنب بل حاول معها وان لم توافق رضيت وقتها،انت لم تفعل شيء ورضيت بذهابها وحسب.
ابتسم أمير لحديث سونا لكن رن جرس الباب ثانية ليفتحه سريعا وقد وجد سائق منزلهم سفر عند الباب.
أمير:اهلا سفر خير ماذا تريد لم اتيت الى هنا؟
سفر:لقد وصل هذا البريد لك الى القصر لكن اختي مليكة طلبت مني إحضاره الى هنا.
أمير:شكرا،لكن لم لم تبعثه مع سونا؟ فهي اتت منذ لحظات و
سفر:لم الحق بها 
أمير:شكرا يمكنك الانصراف الآن.
دخل أمير وهو يحمل الظرف بيده ليفتحه ويطالع محتواه، هو يعرف ما به فهذه هي المرة الثالثة التي ترسل فيها له اوراق الطلاق لكنه المرات الفارطة مزقها والآن يطالعها بحسرة، كسر قلبه الضرير، نظر للاوراق بحزن، نظرت إليه سونا لتقول:
ماذا هناك اخي؟لم تغيرت ملامح وجهك؟
توجه الأريكة ورمى بجسده هناك ليقول بضيق:
للمرة الثالثة، اوراق الطلاق، وددت لو تتراجع، وددت لو يهزمها حبي لها لكنها مصرة.
نظرت إليه سونا بحزن لم تجد ما تواسيه به فهي قد قالت منذ قليل انها طالما أرسلت الاوراق من جديد فهي لا تريده.
أمسكت سونا الاوراق من يده وقرأتها لكنها ما استسلمت قط لتنظر لانكساره الموجع بلحظتها،رق قلبها على أخيها لتقول:ان شىئت وافقت وعشت طول عمرك سجين عشقك في تعاسة وان شئت ذهبت راكضا إليها واحتضنتها وعشت في سعادة طوال سنين عمرك المتبقية،الخيار امامك اختر اقربهم لقلبك.
نظر إليها صامتا ليقول:انا اريدها.
سونا:اذا ماذا تنتظر هيا إليها؟
أمير:وعنوانها؟لحظة لحظة يمكنني أخذه باي حجة من المحامي 
سونا:اذا بدون مماطلة اذهب اليها الآن ولا تستسلم يجب أن تعود انت وعشق وانتما تحتضنان يديكما.
اقترب من أخته بعد أن ابتهج قلبه ليحتضنها ويقول:شكرا لوجودك يا اجمل اخت في الكون.
سونا:العفو اخي لكن على مهمل انت تخنقني.
خرج مسرعا بعد أن دون هاتف المحامي من الأوراق ليتصل. به سريعا وهو بطريقه ثم طلب منه عنوانها بحجة أنه يجب أن يتحدث إليها بامر مهم مسبقا.
أخذ عنوانها وأخذ بطريقه إليها مباشرة.
مر وقت طويل وصل أمير قريتها بعد أن استقل الطائرة قبل مغيب الشمس.
نزل من سيارة الأجرة التي قادته لقلب القرية ثم نزل وجلس بأحد المقاهي،ليطلب من صاحب المقهى ورقة وقلما وبدأ بكتابة رسالة لها،انهاها بعد لحظات ثم أخذ دربه ماشيا بعد أن سال على عنوان بيتها ليدلوه عليه بسهولة.
وصل ووقف عند بابها وهو يحمل نفس الظرف وقد مزق اوراق الطلاق ووضعها به مع الرسالة،احس بدقات قلبه تتسارع وتتسارع ذلك القلب الذي ذهب نبضه مدة شهر،احس بريحها يأتيه من داخل المنزل،احس بلمسات يدها تنتشر هنا وهناك،مجرد وجوده بمقربة منها أعاد له الحياة حتى قبل رؤيتها،عدل لبسه وشعره وتنفس بعمق ليقول:
اوووه لم انت متوتر هكذا أمير؟ما هذه الحالة؟ هيا كلها كبسة اصبع هيا رن الجرس هيا.
لكن احس بحركة فجأة ليضع الظرف أرضا ويختبئ بعيدا بسرعة ويبدأ بمراقبة القادم.
نظر لحظات وقد كانت هي انها عشقه محبوبته،ملئت دنياه لحظتها بالافراح،ادمعت عيونه فرحا، ابتهجت الروح الحزينة وتحررت من اختناقها اخيرا وذهبت تلك السحب السوداء المتراكمة فوق سمائه واشرقت الشمس بنورها،عشق أمامه عشق بخير رغم أن جسمها أصبح هزيلا إلا انها بخير وامام عينيه، تقدم خطوة لكنه تراجع ليراقبها قليلا ويأخذ من جمالها الذي لا يشبعه،اقتربت هي والتفتت هنا وهناك قبل أن ترى الظرف حتى فقد وصلها عطره،وقفت قليلا ثم قالت:لا انا اتوهم فقط يبدو أن اشتياقي إليه سيصيبني بالجنون حتما.
وقفت عند الباب لتنتبه للظرف قبل أن تفتحه، نزلت وحملته وفتحته وهي تقول:
ماذا هناك ايضا،لتجد به أوراقا ممزقة ورسالة معهم، استغربت الأمر ثم استوعبت أخيرا فزفرت بضيق مردفة:
لا تكون فقط أوراق الطلاق لم توقع أيضا، لقد طال الأمر وأنا لا أريد أن أظهر أمامه لأي سبب لكنه مصر على العناد، طبعه ولن يتغير، وما هذه الرسالة أيضا، بسم الله.
فتحت الرسالة وبدأت بقراءتها تردد
(لقد مسكت قلمي لأكتب لكِ رسالة كان مضمونها ثابت في عقلي منذ قليل لكن... عندما تذكرت عيناك نسيت كل حرف اعرفه وكأنني نسيت الكتابة ايضا...
لذا سأترك قلمي لقلبي يسطر لكِ بنبضاته كلمات يعجز عقلي علي سردها وتأكدي أنه كما كان صعبا على قلبي اخرج هذا الكلمات وأنت بعيدة عني كما أن قلمي غص مع كل كلمة.
يا عشق... يا كل كلي... 

كيف حالك يا عشق الفؤاد... أعترف بأنني لا استطيع إنهاء كُلّ ما تُعاني مِنه ، لكن بوسعي أن أكون معك... لا أدري كيف سأنال غفرانك ولكنني أعلم جيداً أن حديثى لصورتك لن يجدى نفعا لذلك فلقاء قلوبنا هو الحل.. قد يكون قدومي إليك هو جنون العشق بحد ذاته وقد يكون وجع الفراق... عموماً : وحتى أكون صادق معك فأنا مشتاق لحديثك الممتع ولصوتك الدافئ و للمعة عينيك التي تدفئ قلبي وروحي... يا عشق الفؤاد... اشتقت اليك يا ملكة الفؤاد والروح والوجدان 
احبك من بعيد ياجميلتي،وساحبك دائما دون ان اشتم رائحتكِ، او ان احتضنكِ، دون أن ألمس وجهكِ، فقط أحبكِ.. هكذا أحبكِ من بعيد...وأنا راض بل سعيد فيكفي أن حبك الذي زرع بداخلي يحييني ويربطني بهذه الحياة التي كانت فارغة باردة مظلمة قبلك،
أحبك يا عشق دون أن امسك يدكِ، أو ان ألمس قلبك، أو ان اسرح في عينيك و أذهب، عنادا بهذا الحب ذو الثلاثة ايام، أحبكِ مثل الرجل.. لا، مثل المتسكع، هكذا أحبكِ من بعيد... 
دون ان امسح تلك الدمعتين اللتين سقطتا علي خديكِ، دون مشاركة ضحكاتك الاكثر جنوناً، دون ان نردد اغنيتك المفضله معاً.. هكذا أحبكِ من بعيد...
دون ان اكسركِ، و ان ابعثرك، و ان اقطعك، و ان احزنك، دون ان ابكيكِ، أحبكِ.. هكذا أحبكِ من بعيد...
أحبكِ بتحطيم كل كلمه أردت ان اقولها لكِ في لساني، بينما تتدفق كلماتي قطرة قطرة، أحبك علي ورقة بيضاء بريئة.. هكذا أحبكِ من بعيد....وكم أتمنى ان يصير البعيد قريبا لكن راض بحكم الله ثم حكمك راض ياعشقي باختيارك ويكفيني أننا نسكن نفس المدينة ونتنفس من نفس الهواء كي أتنفس وأعيش.
الرسالة بيدها لقد قرأتها حرفا حرفا بتمعن وبقلبها لا بفكرها فقط و
بكت نعم بكت مع كل كلمة وكل حرف تسمع الحروف تتردد من شفتيه وتتأمل يده وهي تتحرك بالقلم وتحس بنبضه وقلبه الذي يخفق بشدة ،عاشت مع كل نفس منه وهو يكتب تلك الرسالة وبين سطورها حركت أصابعها تلامسها كأنها تلمس يديه هو،كانت تقرأها وتعيد مرة ثانية مع شلال دموعها الذي فضحتها رغم مقاومتها كانت كلماته موجهة لقلبها مباشرة تلامسه بنعومة وتتراقص مع نبضه كما رقصت هي أول مرة معه وهي تقرأها بصوته هو لا بصوتها وكم كانت رغم الألم ورغم الحزن سعيدة بكل ذلك وإنه لمن دواعي الحب أن تحضى عشق التي اختارت ترك حبيبها رغم عشقها له أن يكتب لها رسالة اعتراف بتلك الكلمات الجميلة التي تلين قلب أي فتاة فماذا لو كانت عاشقة للذي خط تلك الكلمات،اكملت الرسالة بصعوبة لم تسطع حتى طيها جيدا يداها ترتجف وقلبها يرتجف حتى أنها بللتها بدمعا فأتتها ذكرايتها معه لكن هذه المرة لم تزرها إلا الجميلة منها تذكرت الكثير والكثير حين نامت بجانبه،وكيف كانت تخجل نظراته إليها فتتحول تلك الوجنتين إلى حفلة ربيع قرمزية، تذكرت حين وقعت من فوق الشجرة ودخلت إلى المستشفى وحين استفاقت ذلك الصباح ووجدته يضمها وهي تضع رأسها على صدره مطمئنة مرتاحة هادئة، وكم كان شعورها تلك اللحظة غريبا ممتزجا بين الرغبة والنفور بين الحب والكراهية بين الهدوء ةالغضب لكن في خلجات قلبها تريده بشدة وسعيدة لأنها استفاقت ووجدت نفسها بين ذراعيه كأنها ولدت من جديد، كل تلك التفاصيل الجميلة تذكرتها جنونه نظراته إليها ذلك اليوم حين لامس شعرها وصنع لها ضفيرة.
زفرت بحنق ودموعها لا تزال تنزل وحتضنت تلك الرسالة الى صدرها وكأنها تحتضنه هو لتقول بين شفتيها:
لماذا لماذا امير؟ انت تقتلني هكذا ألا يكفيني الألم الذي داخلي كي تعذبني بكلماتك الجميلة هذه مرة أخرى؟ آه ياقلبي آه كم ستتحمل لتتحمل.
هنا وقف أمامها فجاة هو حقيقة بمشاعره بضحكته ببريق عينيه الذي يضمها، نظرت هي إليه صعقة واتسعت عيونها الواسعة أكثر فخفق قلبها بطريقة مرعبة فجأة وابتلعت ريقها واقشعر كل جسدها من رأسها حتى أخمس قدميها وقبل أن تتلفظ بشيء قال هو:
جئتك كي تسامحيني عشق.....

هل ستسامح؟
إلى هنا تنتهي حلقة اللية من رواية عشق

قراءة ممتعة♥️

الفصل العشرون من هنا 

 

تعليقات



×