رواية عشق الفصل الثالث 3 بقلم كنزة



رواية عشق الفصل الثالث3 بقلم كنزة 





القسم الأول:
عنوان الحلقة: دعاء
سأكتفي ببضع كلمات.
المسافة بين الدعاء والإجابة هي ذاتها المسافة بين المفردتين في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}.

(لا إله إلا الله انت سبحانك إني كنت من الظالمين.
 اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتهِِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأوََّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عني هذا البلاء يا رب.... يارب.... يارب.... لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين.... يارب... يارب... ياااااااااااااااااااارب يااااااااااااااارب نجني مما أنا به)
في تلك اللحظات لا سبيل لها غير الله عز وجل، من أنجى يوسف من غياهب الجب وجعله بعد سنون عجاف من الحب والأمان عزيز مصر والمسؤول عن خزائنها والتي كانت في ذلك الحين صاحبة شأن عظيم ولا زالت، ومنجي موسى من فرعون حين فرق بحرا بعظمته له وجعل فيه طريقا يبسا، ومنجي ابراهيم من نار حارقة اوقدت تحته وحوله شهرا بحاله لكنها لم تمسسه بسوء بل خالفت النار قواعد الطبيعة وكانت بردا وسلاما، فقال لها كوني بردا وسلاما فكانت.
تستنجد بتلك القوة التي بقيت لها وقد كان فعليا قوة جبارة فصرخت به مرددة دون توقف وأحبالها الصوتية تتمزق مع قلبها وجسدها الذي تحت قبضته:
بالحلال بالحلال خذ ماتريد فقط بالحلال اترجاك لا تفعلها.
لقد بلغت سذاجتها الذورة بالنسبة له فضحك مقهقها يسمع كل من حول ذلك المكان ليردد باستهزاء:
يا لك من ساذجة وغبية ماذا تقولين؟ أي حلال؟
أخذت نفسا تحاول شق صوت من بين شهقاتها المتضاربة فرددت بنفس منقطع وصوت خافت قد تعب الصراخ:
اتركني، أنا ما فعلت لك شيء لم تؤذيني؟
أما هو فلم يكن يسمع لترجياتها ولا يهتم لدموعها التي تسقط كحبات برد تضرب جسدها وروحها، نعم ذلك الجسد الذي يطالعه بنهم متعطش لاكتشافه وكأنها كتبت بالخط العريض "ملك خاص بأمير تارهون" يشبك يديه بيديها التي تقاوم كي يضعف من مقاومتها أكثر، هههه بالكاد تتحرك بالأصل لكنه يتلذذ كلما دفعته، إنه لشعور مختلف فقد تعود أن ترضخن له النساء وهذه تمنع نفسها عنه.
خارت قوى المسكينة تماما بعد أن قاومت وقاومت لتقول بالاخير بضيق لو سُمِّعَ للجبل لبكى، صوت قهر من أعماق أعماقها صدر:
اترجاك خذ جسدي كما شئت فقط بالحلال.
ضحك من جديد يصيب فؤادها علة بتلك الضحكات.
ضحكات ضيقت عليها الأرض بما رحبت فرددت:
"يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا"

أوشك هو أن يأخذ منها اغلى ما تملكه فتاة شريفة طاهرة عفيفة مثلها لكنه تراجع في آخر لحظة، نعم رفع جسده الذي اعتلاها دقائق كثيرة مرت سنونا عليها واعتدل وهو يطالعها بنفس النظر، هذا عذاب من نوع آخر فبعد كل ذلك الق**تال وتلك المعركة التس واجهها فيها ويعرف أنه منتصر لا محالة تراجع، لينظر بعدها إلى وجهها الشاحب وعيونها المتورمة الدامية وجسدها المنهك بسبب قبضته الفولاذية بالنسة لها، تلك فقط ما يرى أمام مرآه لكن ما أحدث بعمقها أسوءبكثير فقط أوقع خرابا لا يرمم.
أخذ نفسا عميقا ثم طالعها يبتسم بحقارة ليردف:
 ممم ليس اليوم يا حلوة، غيرت رايي ليس لدي رغبة بفعلها اليوم لنأجلها ليوم آخر.
 وسط العواصف الهوجاء كانت تقف، أعصار قادم من بعيد يوحي بقدوم كارثة، كارثة ستحل عليها هي فقط، صرخات سمعتها لوهة" اهربي عشق" لكن ذهب الصوت وابتعد وعادت تقف وحيدة تنظر فاقتربت تلك الريح بسرعة وخطفتها قجأة ورفعتهت لأعالي السماء ثم طرحها أرضا دون أن تحرك الجميلة ساكنا.

ابتسم ثم حمل قميصه المرمي أرضا ليقوم بلباسه وقفل ازراره وهو ينظر إليها مبتسما ليقول:لا تتمادي ثانية والا رايتي مني اكثر واكثر انت لي وافعل بك ما اشاء ووقت ما تشاء واياك أن تفكري في الفرار ثانية لانني ساجدك حتى لو نزلت اسفل الارض المرة الأولى تغاضيت أما المرة الثانية لن ارحمك.
كانت تستمع لكلماته المسمومة التي تزيد من نزيف قلبها وتؤذيها لكنها ما ضعفت أو انذلت بل نظرت بعمق عينه وضغطت على أسنانها بغضب جامح مرددة:
 قبحك الله.
لكنه سمعها حينها ليعود إليها سريعا ويقترب ليشد شعرها بقوة جعلتها تتالم فتحدث بحثيث أفعى:
أعيدها وستكون نهايتك
صرخت بعذاب قائلة:
اتركني قبحك الله ايها الشيطان 
انحنى على رقبتها ثانية لتعود للخلف بقوة محاولة صده ورده عنها بكلتا يديها ورجليها لكنه استطاع ردها اليه وسحبها بعنف، ليقوم بتقبيلها بقوة حتى تألمت فتحدث مبتسما بنصر:
هذا شيء بسيط عقابا على لسانك السليط.
ثم تحرك وخرج من الغرفة بهدوء، هدوء غريب، هدوء والتي أمامه تحتضر بسببه، هدوء ولعنات تلوح فوق رأسه لكنه لا يبالي.
انكمشت البريئة سريعا وهي تسحب لحاف السرير لتستتر به شدته اليها بقوة، ضمته فخيل لها لوهلة أنها بسريرها وتحت لحافها تضم أمها، أي لحاف وأي سرير وأين الأم؟ صفعها القدر على حين غفلة فاستفاقت صارخة حينا وتئن أحيانا، تارة هكذا وتارة هكذا، وهذا الشيء الوحيد الذي استطاعت اليه سبيلا، وهكذا حتى نامت كالمغشي عليها دون وعي.
وكأين من شبح روح بشعة تعلقت بها وتأبي ان تفارقها بسلام، وكأنه مسخ يفرض نفسه عليها كاتما أنفاسها معيقا اي خطوة منها نحو النجاة، تتخبط بين جدران مطلية بسواد يشبه هذه الليلة وهذا القدر الذي انغمست به عنوة فاقدة أبسط حقوقها لتدافع عن نفسها وعن شرفها.
كان أمير في الاسفل يجلس على الأريكة وهو يتناول مشروبه كالعادة ويستمع لصرخاتها التي تفلق الحجر،كان يلوم نفسه، نعم خالج شعوره شيء من الندم هل ما أفعله هو الصواب حقا؟
بقي على حالته تلك بين الندم وبين القسوة واللامبالاة يروح ويجيء فمن سيضفر به في النهاية يا ترى؟
بقي كذلك مدة ثم عاد للغرفة ليتفقدها فقد كن صوتها وآهاتها تماما،وجدها مستلقية على السرير نائمة ليعود أدراجه ويغلق الباب الغرفة وينزل للاسفل ثم قام بطلب الحارسين وما أن وصلا حتى حمل معطفه ومفاتيحه ليخرج من المنزل كله وقبل ذهابه اوصى الرجلين عليها بان يوفروا لها بعض الألبسة والاكل بكل وقت وحذرهم من أن تفر منهم ثانية حتى عودته.
استقل سيارته لينطلق مسرعا نحو القصر وهو بحيرة من أمره يتذكر مناجتها لربها وقت ضعفها وهي تحت جسده الضخم وكيف كانت تنتفض لتفك نفسها وكل حالتها تلك في ذهنه وأمام مرأى عينيه.
مر وقت واتت أشعة الشمس الاولى ترسل أملا جديدا ويوما جديدا.
كانت ريحان لا تزال نائمة دون وعي لشدة انينها والمها وتعبها لتستفيق على ضوء الشمس الذي دخل من شرفة الغرفة يلامس ملامح وجهها البرئ ويمسح برفق على تلك العيون الواسعة المتورمة.
فتحت عيونها لتفزع من مكانها وهي لا تزال تشد على لحاف السرير وهي بتلك الحالة لكن حين استوعبت أنه ليس هناك وأنها بأمن بعض الوقت تقوقعت مجددا وانطوت على نفسها وشرعت بالبكاء وهي تتذكر كل تفاصيل ما حدث تذكرت ملامح الشيطان الرجيم الذي كان يعتليها تذكرت ضغطه على جسدها الضعيف تذكرت كلماته تذكرت عيونه المخيفة، إنها الجميلة وإنه الوحش ذو العيون الواسعة التي يظهر بريقها بشكل بشع.
قامت ولملمت نفسها وروحها المنكسرة ومشاعرها المتناثرة ارضا وما تبقى من فستانها الذي يكسو جسدها الحزين، وما بقي من عشق الرقيقة، وتوجهت للحمام مباشرة خطوات عشوائية في غرفة هي الجحيم بحد ذاته، محاولة عدم الوقوع بصعوبة ترتكز على الحائط خطوتين وتمشي خطوة، لتفتح صنبور الماء البارد دون وعي وتقف تحته مباشرة،رمت بظهرها على الحائط تاركة الماء يسقط على ذلك الجسد الشبه ميت كان الماء باردا لكن جسدها المحترق ظلما وقلبها الذي قارب أن يصبح كتلة رماد لن تطفأه حتى مياه القطبين المتجمدة.
ملعون أيها الضيق، ملعونة أيتها الغرفة بكل ما فيك وملعون أيها الزمن، تحارب دون سلاح، جيش من مليون وحش وهي وحيدة أمامه ما أسوء قد يحدث أكثر من أن تنتظر فجر يوم جديد وأنت مهزوم.
 أي ماء سينظف الآن قذارته؟ أي ماء سيخلصني من وقع يديه وشفتيه؟ أي ماء سيريحني الآن؟_ رددتها صارخة باكية.
ثم سحبت ليفة الحمام لتضع بها ما وجدت من صابون هناك ثم أخذت تنضف بها كل اجزاء جسدها التي لمسها بعنف، وكأن ذلك الجسد لا يكفيه عنف يديه حتى تزيده هي من الجرعة حبة.
تمسح وتردد لاعنة إياه:
ما اقذرك ما اقذرك ايها العفن اللهم جهنم وبئس المصير،كانت تنضف بقوة وتضغط على جسدها فجرحت رقبتها ونزفت لكن هل تهتم؟ تريد فقط أن تزيل آثاره.
تنهدت بحنق وأضافت:
يجب أن ازيل عني هذه القذارة ستزول ستزول هيا اسقطي عني اسقطي عن جسدي لم تحس باي الم حينها حتى فألم فؤادها طغى على كل الآلام أخذت تنظف وتنظف وتبكي بحرقة حتى مر وقت وهي كذلك.
كل ما كانت تحلم به مجرد نتف من الأمل والطمأنينة والسعادة، لم تتعد أحلامها سقف بيتهم وحدود ق ريتها قط، فبأي ذنب رجمت عشق؟
خرجت من الحمام لتعيد ارتداء ملابسها الممزقة ثم أعادت لف اللحاف على جسدها لتجلس أرضا بتلك الغرفة بزاوية من زواياها باكية شاكية لخالقها عز وجل.
بقيت بتلك الحالة مدة تضع راسها على الحائط مثقلة بالهموم، ينتابها الجنون حين وتسكن حينها، تفكر بالموت ثم تفكر أن تقاوم علها تجد الخلاص.
كان يا مكان كان منذ زمن بعيد ظلم وجور كثير القوي يأكل الضعيف، ولا زال لحد الآن الوضع على حاله.
بوجه شاحب وعيون أخذت حمرة الدم وجسد انتهت صلاحيته في لحظات فقط تقبع هناك منذ زمن تتنفس بألم ولو طالعها أحد للوهلة الأولى لظنها ميتة، تعد الثواني التي تمر من خلالها وما أصعبه من شعور حين تحل المصيبة ويأتي الوقت الذي يليها، إنه أصعب وقت يعيشه الإنسان حقا.
 حادثت عشق عشق البائسة بعد حين قائلة:
لماذا ياعمتي؟لم حبيبتي؟تركتني لوحوش لاترحم 
ثم بصوت خافت شرعت في غناء اغنية كانت تغنيها لها دائما عمتها، علها تجد.فقط شيء قليلا من السكينة أو لربما تحس بوجودها ودفئ خضنها هناك.
(مهد طفلي من الصنوبر
Bebeğin Beşiği çamdan
تدحرج وسقط عن السطح
Yuvarlandi düştü damdan
يأتي والده السيد من الشام
Bey babasi gelir şam'dan
هيا نم
Ninne nenni
هيا نم ياصغيري
Nenni bebek oy
هيا نم 
Ninne nenni
 
بدأت بترديد كلمات الأغنية وهي تتذكر كيف كانت عمتها تحنو عليها وتمسح على رأسها كانت تغني وتبكي وشريط ذكرياتها يمر أمام أعينها البريئة.
وصل أمير القصر ليتوجه مباشرة إلى غرفته ثم قام بنزع قميصه ورميه أرضا ليرمي بجسده على سريره وهو لا يزال يفكر بها لكنه انتبه لوجود بعض الخدوش بصدره ليتوجه إلى المرآة مباشرة كان ينظر لآثار مقاومتها ليقول ضاحكا:
اوه قطة شرسة، لا بأس أمير تريث قدر المستطاع فكل شيء سيأتي بوقته، ثم عاد لمكانه فتمدد حينا ليغط بعدها بالنوم مباشرة.
جرد من كل مشاعر الإنسانية وغدى وحشا يخفي بشاعته في جسد إنسان.
مر الصباح وهو لا يزال نائما على هيئته تلك، والأخرى التي في سجن الجبل لا تزال تموت كلما مرت ساعة أخرى.
اتت اوزجي لغرفة والدها سريعا لتدخل مباشرة بعد أن طرقت الباب لمرة منادية على أبيها ثم صعدت مباشرة فوق سريره وقبلته بقوة كي توقضه.
فتح عينيه بتثاقل ونظر إليها بعين واحدة مردفا بتذمر: 
طفلتي اريد النوم؟
اوزجي:
بابا هيا استيقظ هل نسيت اليوم؟؟
رد أمير مدعيا النسيان:
ماذا هناك اليوم؟
اوزجي بغضب:
مسرحيتي لا تقل أنك نسيت
أمير:
لا لم أنس يا حلوة لكن أليست مساء؟؟
اوزجي:
أجل بابا لكن يجب أن أجري بروفا اولا هيا يكفيك نوما
اعتدل أمير بسريره ليقول:
بأمر الأميرة أنا 
اقتربت وقبلته من وجنته بقوة، قبلة تحي الروح التعبة لتقول:
حبيبي لكنها انتبهت لصدره والخدش الذي به فاضافت دهشة:
بابا ما بك؟
نزل أمير من سريره وقام بارتداء قميصه سريعا وهو يعطيه ظهرها قائلا:
لا شيء حبيبتي حادث بسيط لا اكثر
اوزجي:
هل يؤلمك؟
أمير بسعادة:
تعالي يا حلوة يا من تفكر بأبيها تألم أو لا لكن لا تهتمي بابا قوي ولا يتألم لشيء.
اوزجي ضاحكة:
بابا بات مان
أمير:
ممم لنجعله سوبر مان
اوزجي:
موافقة المهم رجل خارق مع أنني أحب الأميرات لا الرجال
أمير ضاحكا:
يا صغيتي لا يمكنني أن أكون أميرة لنمشيها رجلا خارقا مبدئيا.
أوزجي مفكرة:
ممم موافقة أيضا
طالعها أمير بحب ثم مسح على رأسها ولامس وجنتها الكرزية ليردف:
انت جميلتي ابتسامتك تمنحني طاقة الصباح لا بل طاقة يوم بأكمله.
اوزجي:
إذا هيا بابا للإفطار ثم نبدأ بروفا
أمير على عجل:
حسنا لكن لا يمكنني أن اتاخر كثيرا طفلتي لدي عمل.
اوزجي بغضب:
اووو بابا منذ مدة وانت لدي عمل لدي عمل الن ينتهي عملك هذا؟؟ لقد غضبت 
اقترب وقرص خديها مردفا بحب:
يا جمال غضبك أنت، انت تدفعينني لأكلك ها، في الغد حبيبتي غدا ينتهي العمل هذا الذي أغضبواوزجيتي
اوزجي بابتسامة عريضة:
حسنا سامحتك
أمير:
تعالي يا مجنونة سآكلك بدل الفطور
ليبدأ بدغدغتها وهي تضحك مقهقهة وتترجاه أن يتركها حتى علت ضحكاتهما اكثر واكثر وملأت أرجاء القصر.
كانت سونا خارجة من غرفتها لتسمع ضحكاتهم الجميلة فلم تتمالك نفسها وذهبت ناحيتهم، دخلت الغرفة بعد أن وجدت بابها مفتوحا لتجد أمير يلاعب طفلته بحب.
اقتربت مبتسمة ثم اردفت براحة:
ماهذا الصباح الجميل والضحكات العالية؟
لتصرخ اوزجي حين رأتها قائلة:
عمتي سونا انقذيني
أمير:
انقذيها إن استطعت
سونا ضاحكة:
لا دخل لي خلصي نفسك بنفسك
اقترب أمير من سونا وقبل جبينها قائلا:
صباحك اجمل حبيبتي كيف اصبحت؟
سونا بحب:
على حالي اخي
ربت أمير على كتفها ليردف بخفوت:
لا اريد ان تهتمي لحديث ابي ولا لحديث امي انت اميرة القصر انت من عائلة تارهون راسك دائما مرفوع تمام؟
تنهدت سونا بضيق مردفة:
نظرات ابي لا ترحم أمير، إنها تؤذي روحي، ماذنبي أنا؟
أطالعها برهة فقد رق قلبه لحالها وحزن لضعفه أن أخته حينة وما بيده شيء لفعله فأردف بعد أن لامس شعرها بحنية مردفا:
هشش لن نعيد هذا الحديث انا هنا بجانبك حتى آخر نفس بعمري، سأسند دائما وبأي قرار.
ابتسمت بحب فقد خالج وجدانها شيء من الراحة فما فرط بها يوما وما أحست يوما بعجز إلا ووجدته بجانبها يسندها.
قاطعت اوزجي هدوءهم قائلة:
وانا؟؟
سونا ضاحكة:
أنت؟ أنت المدللة يا غيورتي
ابتسمت اوزجي برضا لتردف:
سونا هل ستاتين لمسرحيتي؟
سكتت سونا برهة ثم ردت برجاء:
اعذريني حبيبتي لا يمكنني أن آتي.
أمير بتذمر:
سوناااا، ماذا كنا نقول لتونا
سونا بخوفت:
أمير أنت تعرف جيدا انه لا يمكنني الاختلاط بالناس، تعلم أني أخاف وأشعر بالاحراج
أمير:
عن أي احراج تتحدثين؟ أنسيت من تكونين؟ ثم يكفيكي عزلة الى متى ستنطوين على نفسك ستذهبين يعني ستذهبين لا اعتراض
قفزت اوزجي من فوق السرير لتجلس بحضن عمتها وتقول:
ستاتين وتشاهدينني بدور الارنب اليوم لطفا لطفا ثم نظرت إليها نظرة الترجي
سونا ضاحكة:
حسنا حسنا وافقت الا هذه النظرة لطفا، وأنت أمير ما اخبار مناقصتك
أمير بحنق:
لاتذكريني أنا بالأصل على أعصابي غدا القرار النهائي وسنرى نصيب من سيكون المشروع
سونا:
سيكون لك صحيح؟
أمير:
إن شاء الله لقد فعلت كل شيء كي لا يأخذها التافه ذاك فمشروع كهذا وبمدينة لا تنام طوال فصول السنة كدبي يستحق فعل أي شيئ.
سونا:
يجب أن لا تكون له اخي لا تستحق تلك العائلة أي نجاح 
ابتسم أمير بنصر مردفا:
احضر له شيئا سيفاجأه اكبر من المناقصة بكثير
سونا:
حقا؟ وماهو؟
أمير مربتا على كتفها:
لننتظر بعض الوقت وحينها ساخبرك بكل شيء
سونا بتذمر:
اوووه أمير كل مرة تقول بغير وقت أخبرني الآن.
أمير:
قلت ليس الآن حلوتي لكن صدقيني ساخبرك وتاكدي هذا الشيء سيفرحك بشدة.
سونا:
غريب امرك
أمير:
هيا دعاني اغير ملابسي والحق بكما للإفطار
اوزجي:
سونا بابا جرح من صدره
نظرت سونا لامير بتعجب ثم اردفت:
ماذا هناك أمير؟هل جرحت فعلا؟
أمير وهو يومئ لأوزجي:
لا شيء مجرد جرح بسيط تعرضت لحادث بسيط
اوزجي:
لكنه يشبه خدش القطط سونا، صحيح هل لديك قطة بابا؟
أمير ضاحكا:
قطة ماذا يا ابنتي؟ من أين تأتين بهذه الأفكار.
اوزجي:
في أحد الرسوم المتحركة رأيت القطة وهي تخدش شخصا أراد أن يمسك بها ويضعها في صندوق القطط المشردة
أمير ضاحكا:
يا الهي ماالذي تشاهدينه انت؟
قاطعتهم سونا مستفهمة:
أمير ماذا هناك؟
أمير:
سونا قلت لاشيء مجرد جرح لا اكثر 
سونا:
حسنا أخي، والآن تعالي صغيرتي لنترك والدك يجهز نفسه، هيا هيا اسرعي، عن إذنك أخي.
أمير:
سألحق بكما سريعا. 
خرجت سونا واوزجي من الغرفة ليتوجه هو إلى الحمام ثم خرج لتغيير ملابسه لينتبه الى الخدش الذي بصدره اكثر كان خدشا كبيرا وواضحاوأثر أظافرها مجمعة هناك، بقي ينظر إلى صدره وهو يلمسه برفق وإنه لجرح بسيط لا يقارن ابدا بالألف جرح الذي سببه لها، فكر قليلا ثم اردف مستفهما:
كيف فعلت هذا ولم انتبه لها أو احس لذلك؟ لا باس سؤكافئها لاحقا تلك الغبية.
أما تلك التي ينعت بالغبية فلا تزال حبيسة، لقد تم الحكم عليها بالإعدام بعد ان اتهمت بجرم ارتكبته مع سبق الإصرار والترصد، لكن لنتوقف هنا لحظة، أي جرم؟ إن كانت هي لا تعلمه، حتى هو لا يعلمه، حالها حال المؤودة التي تسأل الوجوه بأي ذنب قتلت.

لا يزال يطالع نفسه بالمرآة، للحظة سر حين تذكر عذابها لكن قبل أن تصل تلك الراحة لقلبه وتحتله عبس وتولى عن المرآة يعقد حاجبيه بل أحس بضيق فجأة وبعض من الندم فتحرك سريعا يهرب من أفكاره تلك وتوجه لثيابه و جهز نفسه وتوجه للإفطار مباشرة يحاول نسيان ما حدث ثم توجه للشركة لعمله.
مر وقت على ذلك وريحان بالغرفة لا تزال قابعة هناك، تحت ظلمات لا تعرف من اين أتت، ضوء الشمس ساطع لكن العتمة لا تزال تحاوطها من كل جانب والحزن يأتيها من كل حدب وصوب، سمعت صوت حركة بالاسفل انتفضت وركضت للباب لتحكم إغلاقه وهي تسترق السمع خائفة.
كان أحد الرجال هو من دخل،بحث عنها في أرجاء الغرف السفلية جميعا ولم يجدها ليتأكد بأنها فوق في غرفة النوم لا محالة.
صعد الدرج متوجها لغرفة النوم ليعطيها ما أحضره من ملابس وطعام ودواء لها كما طلب منه أمير.
بدأت تلك الخطوات الثقيلة تقترب شيئا فشيئا وهي تصعد الدرج بينما هي تستمع مرتعبة وبكل خطوة يخطوها الرجل يرتجف قلبها معلنا الخوف، حتى توقفت عند باب غرفتها،ركضت في زاوية الغرفة وانكمشت مكانها ترتجف لشدة خوفها ظنا أن الشيطان كما تصفه قد عاد لا محالة وحان وقت القصاص رغم أنها لم تفتعل اي ذنب.
دق الرجل الباب ليقول:
يا آنسة ،هاي انت هل انت هنا؟
لكن لارد...
زفر بضيق ثم أردف:
قد أحضرت لك بعض الملابس وطعامك ودواؤك 
ردت ريحان بغضب صارخة به:
انصرف لا اريد منك شيئا 
رد الحارس:
كما تشائين انت ساترك كل شيء عند الباب إن شئت خذيهم وان شئت اتركيهم لكن نصيحة لاجلك لا تغضبي السيد أمير لان غضبه موحش.
ريحان صارخة:
قلت انصرف لسبيل حالك.
الحارس:
حسنا كما تشائين يا عنيدة.
عاد الرجل أدراجه بينما فكرت ريحان قليلا لتركض إلى الباب ثانية وتقول بصوت خافت من خلف الباب:
انت انتظر لحظة.
عاد الرجل ليقف عند الباب قائلا:
ماذا تريدين؟هل غيرت رايك؟
ردت ريحان بخفوت:
هل لي ان اطلب شيئا؟
رد الرجل بجدية:
لا تقولي أن اتركك تذهبين فهذا مستحيل.
ريحان:
لا لا ليس هذا، بل أريد لباس صلاة ومصحفا وسجادا
رد الرجل ضاحكا باستهزاء:
:لباس صلاة ومصحف؟ كل هذا دفعة واحدة؟ والله اضحكتني 
ريحان بغضب:
وما المضحك بطلبي؟
الرجل:
العفو لا شيء حسنا ساوفر لك طلبك 
ريحان بخفوت:
حين تحضره ضعه عند الباب.
خرج الرجل من عندها ليتوجه نحو صديقه الذي سأله مباشرة ما إن وقف أمامه:
ها هل سلمت لها ما طلبه السيد امير؟ليجيب بنعم فعلت
وكيف حالها؟
الرجل:
لم أرها حتى كان الباب مقفلا لكنها طلبت شيئا غريبا.
ليقول الحارس الثاني:
وما هو؟
الرجل:
لباس صلاة ومصحفا وسجادا 
ليرد الآخر:
 يبدو أن بائعة الهوى تابت لخالقها فجأة لا بأس احضر لها ما تريد وانا سابقى هنا لحراسة البيت ما عسانا نفعل غير اتباع المجانين لأجل لقمة العيش، هههه قالت سجادا ومصحفا، فتاة غريبة.
ليتوجه الرجل بعدها إلى إحضار ما طلبت وعاد سريعا ثم صعد ووضع الاغراض أمام باب الغرفة حيث وجدها قد فتحت وأخذت ما وضعه قبلا من اغراض.
كانت ريحان مستلقية بذلك السرير بعد أن هدأت قليلا تفكر كيف تخلص نفسها مما هي به من جلل، في تلك الغرفة التي بترت فيها أحلامها وقتلت فيها انوثتها بكل وحشية ليدق الباب فجأة.
ترددت قليلا ثم قالت:
ماذا؟
الرجل:
لقد أحضرت لك طلبك وساتركه هنا عند الباب 
ريحان:
حسنا ضعه هناك وانصرف.
بقيت للحظات ثم فتحت باب الغرفة وبقيت تراقب الحارس حتى غادر البيت لتسحب الاغراض وتدخل الغرفة جلست على حافة الكرسي وتنفست بعمق، نعم لقد عادت للطريق الصائب، لقد عادت لملاذها أين تجد سكينتها ولو كانت تخوض حربا ضروسا دونما اسلحة، تنهدت براحة قائلة:
الحمد لله عاد إلي راحتي.
ثم سارعت وتوظأت وارتدت لباسها لتشرع بصلاتها مباشرة صلت ما توجب عليها من قضاء كله لتنتهي بعد مدة ثم جمعت كفيها للدعاء مرددة برجاء يملأ ارجاء تلك الغرفة:
اللهم يامن أجاب نوحاً حين ناداه.ويامن كشف الضر عن أيوب في بلواه،ويامن سمع يعقوب في شكواه ,
ورد اليه يوسف وأخاه ,وبرحمته ارتد بصيراً وعادت الى النورعيناه.
يارحيم يارؤوف ياذا العزة والجبروت ،يامالك الملك والملكوت ويامن أمّنت يونس في بطن الحوت،ونجيت بقدرتك محمداً صلى الله عليه وسلم حين نسجت على الغار العنكبوت.
ويامن حفظت موسى في اليم والتابوت ,وطمأنت أمه وجبرت خاطرها .
اللهم يامن أحاط علمه بجميع المعلومات وعلت قدرته على جميع المقدورات أسألك بعزك الذي لا يرام وبملكك الذي لا يضام
وبنورك الذي ملأ أركان عرشك وبقدرتك على الخلائق أن تفرج ما أصابني من كرب ربي انني امتك الضعيفة بين يديك اصرف عني هذا البلاء ياالله ارحمني فانا أضعف من أن اتحمل.
أنهت صلاتها ثم قامت بفتح المصحف لتبدأ بقراءة ما تيسر منه ودموعها تنزل على تلك الوجنتين الجميلتين تحرقها.





القسم الثاني:
بعد مدة من الزمن مرت وقد لاقت فيها نصيبا من الراحة ولو قليلا لكن كان يكفيها لتتحرك وتتنفس براحة دون اختناق، تناولت شيئا من الطعام ثم استلقت على السرير صامتة لا تزال تفكر بتلك التفاصيل الملعونة.
تنهدت مردفة:
كم كنت حمقاء حين حلمت يوما بمغادرة مدينتي، ليتني ما تمنيت فبعض الأماني كوابيس.

كان أمير بمكتبه يحضر آخر تقرير بملفه لتسليمه الشركة المعنية فقد وصل اليوم الأخير لتسليم ملفات الشركات المشاركة والساعية لنيل المشروع.
ركب سيارته وانطلق سريعا ليصل بعد حين إلى وجهته وما ان دخل الشركة الطارحة للمشروع التقى بالسيد ديمير خارجا منها،لم يظهر له اي اهتمام واكمل دربه بجبروته المعتاد لكن الآخر استوقفه ليقول:ارى انك هنا بدل والدك سيد أمير كيف يتكل عليك بشيء كهذا؟
توقف أمير مكانه قليلا ليأخذ نفسا عميقا ثم التفت للرجل ليقول:
امض بطريقك سيد ديمير
ديمير بضحكة ساخرة:
نصيحة يا بني عد ادراجك
أمير بجدية:
المشروع سيكون لي شئت ام ابيت
ديمير بثقة:
نتواجه غدا في نفس المكان وبنفس التوقيت يا ولد.
أمير:
سأعتبر نفسي لم أسمع آخر كلمة، وتذكر جيدا أنه من يظحك أخيرا يضحك كثيرا.
ثم أكمل طريقه ليفعل السيد ديمير ذات الشيء وما أن خرج واستقل سيارته وارتدى نظارته السوداء الفاخرة حتى أردف غاضبا مهددا:
ستدفعون ثمن المي آل تارهون انا وانتم والايام بيننا والحرب سجال وسأسعى أن تدفنوا تحت التراب واحرمكم من كل شيء كما حرمتموني من طفلتي وما حصل لابنتك حكمت تارهون هو اقل شيء ولا يظاهي دمعة من عيني او عين امها.
سلم أمير ملفه ثم توجه سريعا لمدرسة طفلته اوزجي لحظور المسرحية المرتقبة.
وصل هناك ليجد سونا ونازلي ووالدته ووالدها هناك بالمدرسة ينتظرونه فاقترب منهم ووقف بجانب اخته مسلما على الجميع.
نظرت اليه نازلي نظرة عتاب لتقول:
أير لم كل هذا التاخير؟
رد أمير:
أعتذر كان لدي عمل مهم.
نازلي تشد على أسنانها:
ليس اهم من ابنتك
أمير بنبرة جادة:
نازلي انتهى قلت عملا مهما لا يؤجل لذلك تاخرت لا تبالغي ها أنا هنا الآن بالطبع ما كنت لأتأخر عن مسرحية ابنتي لا تعتبري نفسك الأم المثالية الآن وأنا المقصر هنا.
نظرت نازلي لردة فعله مندهشة لتردد:
مابك انفجرت بوجهي، لم اقصد
أمير بغضب:
قصدتها أم لا قلت يكفي.
امسكته حينها والدته من ذراعه واقتربت منه قائلة بخفوت:
يكفي ليس الآن لنلتزم اماكننا فالمسرحية ستبدأ بعد لحظات لا تجعلونا أضحوكة انت وهي الكل ينظر اليكما.
امير بخفوت:
حسنا أمي، سوء تفاهم ليس أكثر لكن حقا تأخرت لأجل عمل.
تحرك الجميع ولزم الكل مكانه فلحظات فقط وينطلق العرض.
جلس أمير بمكانه بجانب والده متذمرا من نازلي بينما هي جلست بجانبه والدته لتقول بعد أن هدأت قليلا:
ما الداعي لردة فعله تلك لم اقل شيئا لولا اوزجي ووقت المسرحية قد بدأ لما سكت.
جافيدان بخفوت:
لا بأس روحي لا تهتمي أمير وتعرفين عصبيته وايضا غدا المناقصة لذا هو متوتر لقد أخره العمل وإلا أنت تعرفين اوزجي بالنسبة له
نازلي:
لنرى آخرتها مع عصبيتك الغير منطقية أمير تارهون لا بأس حماتي دعينا نشاهد المسرحية ونستمتع ولنترك هذا الموضوع السخيف.
جافيدان مبتسمة:
وأنت قلتها حبيبتي، سخيف ولا يستحق.
انطلقت المسرحية وتجمع ممثلوها الصغار على الخشبة فتجهز كل الأولياء للمشاهدة بكل حب.
المسرحية كانت بعنوان"كنز العسل"كان ابطالها الرئيسين اوزجي بدور الارنبة النشيطة وزميلها بدور الدب الكسول وشخصيات اخرى.
كانت تحكي عن الدب الكسول الذي ينام طوال النهار بينما جارته الارنبة وباقي الحيوانات يمرون بجانبه يوميا وهم متجهين لعملهم وكيف كانوا يحاولون إقناعه بالسعي لطلب رزقه بينما هو يجيبهم بأنه يوجد كنز من العسل بالشجرة المستلقي تحتها وأنه يكفيه لشهور دون الحاجة للعمل.
لكن توالت الأيام وبقي الدب على حاله حتى رأى بيوم ثعبانا عند فتحة العسل يطارد فارا ليلقي بسمه على الفار وبذلك أصاب العسل وبقي الدب بلا غذاء وهكذا عادت الارنوبة مساء تحمل طعامها الذي جنته من عملها بينما هو بقي جائعا يبكي متحسرا وبذلك اقتنع من قبل جارته بضرورة العمل والسعي لكسب الرزق.
كانت مسرحية جميلة لعبت فيها اوزجي دور الارنبة المجدة النشيطة باتقان حيث حفظت دورها جيدا.

انتهت المسرحية وامير رغم رؤيته لطفلته وآدائها المميز وإشادة الجميع بها بالاخص معلمتها إلا أنه بقي متذمرا وملامح القلق بادية على وجهه ولم يتوقف عن النظر يمنة ويسرة ولا للحظة.

انتبه إليه والده اكثر من مرة وحسن انتهت المسرحية اقترب منه ليسال:
أمير مابك طوال عرض المسرحية لم تكن معنا؟ تنظر هنا وهناك ومتور
أمير:
لا شيء ابي لا تهتم
حكمت:
بني هناك شيء بخصوص المشروع؟
رد أمير:
التقيت بديمير ولست مرتاحا لوجوده أبي، لا اعرف هدوءه لا يطمئن أحسه انه يدبر لشيء، يعني الهدوء قبل العاصفة.
حكمت مربتا على كتف امير:
لا تقلق بني، أنا اراقبه لا يمكنه أذيتنا، أصلا هو ليس بحاجة للمشروع دخل المناقصة فقط لكسرنا لا اكثر، يعني هكذا يؤذينا بطريقة قانونية وشريفة وليس بألاعيبه المعتادة.
أمير مبتسما:
وانا لن اخسرها لقد تدبرت الأمر لا تقلق ابي.
حكمت:
أتمنى ذلك بني أنا اثق بك فلا تخذلني.
أمير:
اوو أبي قلت هذه الكلمة ألف مرة وأجبتك انني لن افعل.
حكمت:
أمير انت جديد برئاسة مجلس الإدارة ويجب أن تثبت جدارتك أمام أعضاء المجلس وانا تشدد على نيلك للمشروع لأنه تزيد أسهم الشركة لاضعاف اذا كانت لنا.
رد أمير:
لقد طرحت بملفي تصميما مختلفا لم ينشئ من قبل ولا أظن أن أحدا خطط تصميما مشابها لذا ارح بالك.
حكمت: 
اها، ننتظر بحماس إذا وغدا يظهر كل شيء 
أمير:
إن شاء الله والآن ابي اريد رؤية اوزجي عن اذنك.
حكمت:
تفضل بني
تحرك أمير نحو غرفة تغيير ملابس العرض لرؤية اوزجي بسنما بقي والده بمكانه يطالعه حتى اختفى عن نظره ليتنهد بضيق مردفا:
آه آه أنا سبب كل هذا انا أشعلت الفتيل بالماضي والآن اولادنا يدفعون الثمن ويلتهبون بنيران حربنا يا ديمير، لا أدري متى ستنتهي هذه الحرب ويرتاح الجميع.
انصرف أمير ناحية طفلته لتتبعه نازلي سريعا لكن أمير لم يعرهع اهتماما بل لم ينظر إليها حتى، دلفا مكان وجود اوزجي فسارعت نازلي و وقفت بجانب أمير كتفا لكتف تنادي:
صغيرتي المبدعة لقد أتينا، وما إن رأتهما اوزجي حتى ركضت سريعا نحو امير فرحة ففتح ذراعيه بسعادة تغمره وحملها بين ذاراعيه قائلا بفرح:
أرنبتي النشيطة المبدعة، كنت رائعة جدا.
ردت اوزجي فرحة:
بابا حبيبي هل اعجبك دوري حقا؟ أكنت جيدة؟ هل ألقيته بشكل جيد؟
قبل امير وجنتها بقوة واضاف:
كنت مبدعة حبيبتي، لقد أتقنت كل تفصيلة بدورك ولم تنسها، أنا فخور بك جدا.
نظرت نازلي إليهما وللحظة أحست أنها دخيلة وليست أم تلك الفتاة التي لم تنظر إليها حتى لكن لم تبد تذمرا بل ابتسمت ولامست شعر الصغيرة بحنية مردفة:
أحسنت اوزجي كنت الافضل من بين الجميع.
ردت اوزجي مبتسمة باشراق:
أفرحتني ماما، كنت خائفة وأرتجف.
نازلي بحب:
لكن لم يظهر من هذا شيء بل كنت رائعة حقا، أحسنت هذه هي طفلتي.
نظرت اوزجي لوالدها سعيدة لكن سريعا تذكرت الخدش فتحدثت قائلة:
بابا هل شفي جرحك؟
نظرت نازلي لأمير سريعا ثم تحدثت مستفهمة:
جرح ماذا امير؟ هل تعرضت لحادث؟
ردت اوزجي قائلة:
ببا مصاب في صدره خدش يشبه خدش القطة ماما.
نازلي بجدية:
خدش قطة؟ هههه ماذا هناك امير ماذا تعني بخدش قطة؟
أمير:
لا شيء جرح بسيط اوزجي عيب 
نازلي بتذمر:
يبدو انك عدت للهوك أيها الاب.
أمير بنبرة حادة:
نازلي لا تتدخلي في شيء لا يعنيكي انا حر يكفي.
ردت غاضبة مهددة:
أمير أنت لديك طفلة ومسؤول لن أسمح بأن تتشوه سمعتها بسببك
 عقد حاجبيه واحمر وجهه وبرزت عروق رقبته توحي بغضبه الشديد وأنه قد ينفجر بأي لحظة فتحدث بعد حين صارخا بوجهها:
نازلي الزمي حدودك ولا تتعديها.
صرخت هي أيضا في وجهه قائلة:
وأنت احترم كونك ابا، اليس عيبا أن تراك الفتاة بذلك.الوضع؟
أمير بغضب:
لا تتظاهري بانك الأم المثالية وانت آخر من تهتم بطفلتها، ليس لأنني تأخرت دقيقتين أصبحت مهملا، للمرة الثانية الزمي حدك نازلي.
كانت اوزجي تنظر الى والديها بعين دامعة وكل أصداقها عيون موجهة هناك أيضا لكن تلك النظرات التي تحدق من كل جانب كانت تؤذيها هي، فأحست لوهلة أن كل الأيادي تشير إليها هي وأنها تختلف عن جميع من هناك.
أتت كل من سونا وجافيدان سريعا نحوهما فتوجهت سونا ناحية أخيها لتمسكه من ذراعه محاولة تهدئته قائلة:
أمير يكفي، توقفا ما الذي تفعلانه؟ الكل ينظر لكما، رجاء أخي لو لي رجاء عندك توقف أوزجي تنظر، لتشير براسها ناحية اوزجي التي كانت تبكي بصمت.
هدأ أمير أخيرا على حركة سونا ثم نظر لطفلته الحزينة فرق قلبه لا بل انكسر على حالها وأصابه الندم الشديد وهاهي فرحتها التي كانت توزعها على الجميع زالت فاقترب منها قليلا يلامس وجنتها ثم همس عند اذنها :
أنا آسف حبيبتي
نظرت اوزجي بعمق عينيه بتلك العينين الغارقتين في دمعهما الرقراق لتردف صارخة دفعة واحدة:
أنا اكرهكما اكرهكما انتما اسوء ام واب ثم بدأت بالصراخ بقوة تردد دون توقف:
اتركوني وشأني فقط، لا أريد أحدا منكما، لا أحد يحبني لا أحد، ثم همت بالركض فاسرعت جافيدان إليها ممسكة بذراعها فتحدثت اوزجي باكية:
اتركيني جدتي أريد أن أبقى بمفردي.
احتضنتها جافدان بقوة ثم قبلت رأسها لتردف بخفوت:
اهدئي حبيبتي أنا هنا انظري، مجرد خلاف لا تبكي رجاء، افرحي بمسرحيتك مع رفاقك هيا لا شيء يستحق أن تبكي لأجله عيون مدللتي، وأنت أمير ألن تتوقفا عن أفعالكما هذه؟ اخترتما الإنفصال تحملا نتائجه ولا تجعلوا من الصغيرة شماعة تعلقون عليها اخطاءكم.
تحدث أمير بغضب يحكم قبضة يده ليردد:
أمي.
جافيدان بغضب:
لا أمي ولا أبي، أنا سأخرج أنا وأوزجي وأنتما إن لم تكملا شجاركما فتفضلا هناك خشبة مسرح تناقشا فيها كيف شئتما، وأنت حلوتي هيا لنعد للقصر.
سحبت حفيدتها من أمام أبيها الذي لا يزال واقفا متسمرا بمكانه لا يصدر همسا وأمسكت بيدها الصغيرة وخرجتا معا بكل هدوء، لتقرر أخذها مباشرة للقصر.
بقي امير ونازلي لحظات كذلك ثم انصرفت نازلي غاضبة من كل المكان فخرجت واستقلت سيارتها وجلست هناك قليلا تحال أن تهدأ لكن ذلك لم يحدث، فضربت مقود سيارتها بقوة مردفة:
اللعنة عليك، اف اف، يبدو انني أخطأت بترك الحضانة لك فعلا، حسنا عودي لعملك أيتها الساذحة ويكفيكي نواحا.
شغلت سيارتها وأخذت خجلتها معها وانطلقت غير مهتمة بالتي غادرت باكية، كل همها منظرها أمام الناس.
بقي أمير في الداخل ولم يبرح مكانه ينظر لمن حوله غاضبا يلوم نفسه على الذي حل بالصغيرة، كيف هذا؟ منذ لحظات فقط كانت سعيدة فرحة تحلق كفراشة بين أبهيا وأمها، والآن لقد خرجت بكسرتها والدموع متجمعة في عينيها.
اقتربت سونا من أمير قليلا ممسكة بيده لتضمها بقوة فنظر إليها بحزن ثم ابتسمت قائلة:
أمير، أهدأ أخي رجاء ولا تقلق بشأن اوزجي ماما ستهدئها.
رد أمير مبتسما يداري غضبة وحزنه:
أنا هادئ سونا لكن حزنت لأننا كسرنا بخاطرها حتى انظري الكل سعيد إلا هي لا تكتمل لها فرحة بسببنا، انظري أنا لا أبرئ نفسي لكن نازلي، اخ اخ ما عساي اقول.
ابتسمت سونا تحاول تهدئته فبادلها نفس الابتسامة يطمئنها أنه بخير لتتحدث حينها قائلة:
اخي اوزجي تحتاج لمعالج نفسي حالتها تتفاقم كلما حدث شيء تبدأ بالصراخ بشكل هستيري وأنت متغاض عن ذلك، أما أمها فلن اقول شيء
أمير بحنق:
أعلم ذلك سونا وأفكر به، أصلا كل العائلة تحتاج معالجا وليس اوزجي فقط، انا ذاهب لقد مللت وأنت عودي للقصر واهتمي بها حتى تهدأ لو لحقت بها الآن لن تحادثني أعلم.
سونا:
حسنا اخي كما تشاء.
أخذ أمير سيارته وانطلق دون وجهة محدودة يفكر بصغيرته وصرخاتها التي بقيت بعقله، ليقرر بعد حين الذهاب للكازينو عله يرتاح قليلا لو شرب مشروبا او تحدث مع بوراك.
وصل ودخل ليجد صديقه بوراك هناك بمكتبه جالسا يراجع بعض الحسابات.
دخل إليه مباشرة وجلس دون أن يستأذن حتى.
رفع بوراك رأسه سريعا فزعا من الذي دلف مكتبه فجأة ليجده امير فتحدث بجدية مردفا:
على الأقل أطرق الباب يارجل لقد افزعتني
أمير بحنق:
من دون استئذان اطلب لي اقوى نوع مشروب هنا عندك
بوراك دهشا:
خير مابك أمير؟
أمير بتذمر:
رجاء لا تسأل وافعل ما طلبت فقط
رد بوراك :
كما تريد اهدأ فقط لاداعي للغضب ساطلب لك مشروبا وتخبرني ما بك
أمير:
هاته ودعك من الذي بي لا توجع رأسك.
أتى النادل بعد لحظات بمشروب قوي فتناول أمير الكأس من الطاولة وارتشفه دفعة واحدة حتى أحس ببعض الألم في حلقه وبطنه لكنه لم يهتم بل سكب ثاني كأس ووضع به ثلجا وشرع في تناوله.
طالعه بوراك باستغراب وانتظره عله يتحدث لكنه ما فعل كل همه تلك القنينة وكأسه يعدل مزاجه بهمها كي ينسى أي هم قد يعكر صفوة هدوئه.
زفر بوراك وتحدث قائلا:
هاي أنت يارجل، ماذا حل بك؟ منذ أن أخذت تلك الفتاة لم تات ولم تتصل حتى، أخبرني كيف حالك حتى، تحدث يارجل.
طالعه برهة وابتسم قائلا:
على حالي صديقي
بوراك:
إن شئت اعدل مزاجك بواحدة أخرى بدل المشروب.
أمير:
لا اريد اريد مشروبي فقط.
بوراك:
كما تشاء
وضع أمير الكأس جانبا واستجمع وعيه قليلا ثم تحدث قائلا:
اسمع غدا مساء سآتي للاحتفال جهز المكان ها قد أخبرتك من الآن.
رد بوراك ضاحكا:
حفلة؟! هل ستودع العزوبية ولم تخبرنا أمير بيك؟ 
أمير مقهقها:
أنا أودع عزوبيتي؟ يستحيل ذلك اموت ولا افعلها، بل شيء يخص العمل سأسكب مشروعا أمضيت شهورا أعمل عليه.
بوراك:
إذا كان هكذا وليكن ساحرص على تحضير كل شيء كما تريد
أمير:
انها نقلة لشركتنا من الجيد الى الممتاز ويجب أن يكون احتفالا يليق بي، أنت تعرف سمعتي هنا
بوراك:
حسنا فهمنا أخي، ليست أول مرة الموضوع عندي لا تهتم والآن اخبرني كيف كانت تلك الجميلة معك، إنها جميلة جدا بالتأكيد أمتعتك
زفر أمير بحنق مرددا:
عنيدة جدا أتعبتني قليلا لكن في النهاية رضخت.
بوراك:
ألن تعيدها إلى هنا،يستنفع بها غيرك لا تكن أنانيا.
أمير:
باحلامك صارت ملكي الآن، ها أتيت لأخذ بطاقتها الشخصية وإن كان لها اغراض هنا.
بوراك:
حسنا سأحضرها لك.
تحدثا بعدها قليلا ثم انسحب أمير لينصرف عائدا إلى القصر.
كم هي رخيصة نفسها غدت، بين عملها والمسجد وبيتها تتنقل راضية فرحة مطمئنة كانت، والآن بين شفاه أشباه الرجال تساوم من يدفع فيها ثمنا أكثر لكن يعود ويبقى ثمنا بخصا.

وصل أمير القصر بعد فترة وتوجه سريعا لطفلته ليجدها بغرفتها جالسة بهدوء ترتدي بيجامتها و ترسم لوحدها لوحة.
دلف الغرفة ووقف عند الباب يطالعها، يرى أحلامه وأعياده وكل فرحه بها، أمير غير أمير الذي عذب عشق، أمير في ابتسامته الحالمة لا أمير ذاك في تكشيرته الوحشية.
اقترب قليلا بعد أن يئس من أن تناظره بتلك النظرات البريئة. تحدث بحشاشة قائلا:
اتسمح لي اميرتي بالدخول؟
ردت اوزجي بنبرتها الجادة تلك دون النظر إليه:
لقد دخلت بابا
ابتسم أمير ثم جلس بجانبها لا يزال يطالعها فلامس بعضا من خصلات شعرها يداعبها ليردف:
يبدو انك لا تزالين غاضبة مني
اوزجي:
لست غاضبة منك بابا، أنت تعرف أنني لا يمكن أن أغضب منك أنت بالتحديد لأي سبب كان، لكنها اكملت الرسم دون النظر إليه 
اقترب أكثروقبل رأسها ليهمس عند أذنها قائلا:
اها، لكن ما يبدو لي عكس هذا.
نظرت حينها إليه واردفت بتذمر:
وماذا يبدو لك سيد بابا؟
ابتسم قليلا ثم هجم على وجنتها وقبلها بقوة وأضاف:
على الأميرة ان تسامحني لأنني لم أقصد إحزانها، أصلا أشعر بالندم وقلبي ينفطر وأنا أطالع عيونها الحزينة
اوزجي بحزن:
لكن قصدت ذلك انت وماما وانتهى الأمر بابا.
سكت قليلا يفكر ثم نظر لرسمتها فتحدث قائلا:
ماذا ترسمين ارني؟
اوزجي:
شيء خاص لا أريد أن تراه بالتحديد انت لأنني غاضبة منك.
أمير بتذمر:
ليس لدرجة تخفين عني رسمتك حلوتي، لن أتحمل ذلك هات لأراها.
وضعت ذراعيها على الورقة تحاول منعه من رؤيتها لكنها ما استطاعت فقد باغتها وتمكن من سحب الورقة وحملها ليجدها وقد رسمت ثلاثة أشخاص بتلك الورقة.
 بقي برهة ينظر للصورة يحاول فهمها ثم ناظرها مستفهما وأردف:
ماذا رسمت؟ ولم آخر شخص بعيد عن الباقين.
اوزجي:
هذا انت وبجانبك ماما وهذه التي تقف بعيدة هناك انا.
خيم الصمت عليه دقيقة او اثنتان وغص قلبه، صغيرته حزينة وفي حزنها ألم جسدته برسمة، إنها تعاني حقا وهو غافل، فأصابه الندم وجزع لكنه عاد وابتسم في وجهها السمح قائلا:
ولم تقفين بعيدة ؟
اوزجي مطئطئة رأسها:
لأنني هكذا وحيدة دائما
أمير:
حسنا بعيدة لأنك وحيدة، لكن لم جعلت فمك واسنانك كبيرة هكذا؟ أنت لست هكذا، أنت جميلة جدا صغيرتي.
اوزجي بحزن:
ألا تلاحظ انني اصرخ ولا احد يستمع إلي؟ لذا أتمنى لو كان لي فم كبير كنت سأصرخ بصوت عال اكثر واكثر وعندها تسمعونني جميعكم وتكفون عن الشجار والصراخ أمامي.
وضع أمير الورقة جانبا بعد سماع تلك الكلمات من طفلته ونظر إليها برجاء ثم أردف بخفوت:
أعتذر.
أومأت بالإيجاب وسارعت نحوه ليحتضنها بكل قوة ثم تنهد براحة قائلا:
لست وحيدة يا عمري، انا هنا معك افديك بروحي ولا تحتاجين للصراخ فقط اهمسي فقط وستجدينني عندك لحظتها.
اوزجي باكية:
أتعدني بابا بأنك ستبقى معي دائما؟
أمير:
ماهذا الكلام الأكبر منك؟
اوزجي:
عدني أن لا تتركني كما فعلت ماما.
أمير بخفوت:
أنت نبض قلبي لا يمكنني العيش دونك للحظة هيا كفي عن هذا الكلام الغريب وتعالي لأضعك بسريرك لتنامي.
ابتسمت أخيرا له فأعادت الهدوء والصفوة لقلبه، بتلك الابتسامة 
تمكنت الصغيرة من إظهار أنه إنسان له مشاعر يحزن ويحب وييأس ويتأمل.
وضعها بسريرها ثم تناول كتاب قصصها بيده وبدأ يحكي لها قصة ما قبل النوم لكنها نامت بحضنه سريعا قبل أن يكمل القصة.
عدلها بسريرها ليخرج بعدها من عندها ثم اتجه لغرفته حيث غير ثيابه سريعا وخرج.
كان لا يزال قلقا من كلام ديمير ووالده الذي وضع المناقصة أمام ثقته به ليركب سيارته وينطلق.

وجد نفسه بعد مدة عند باب بيته صف سيارته وبقي بها للحظات ثم نزل واتجه إلى الحارسين سالهما عن الوضع وما أن كانت قد حاولت الهرب ثانية ليجيباه بأنها لم تفتعل اي شيء فالبيت مغلق من كل النواحي وهما يحرسانه جيدا عدا انها تغلق باب الغرفة على نفسها اغلب الوقت ليقول أمير:
هكذا اذا خذ كل المفاتيح كي تتعلم كيف تغلق الباب على نفسها.
الحارس:
سافعل ذلك سيدي
كانت ريحان بالداخل جاسلة بالصالون بصمت بعد أن جفت تلك العيون عن البكاء وتعبت من مراقبة الحارسين،كانت تائهة بوسط امواج البحر العاتية المتلاطمة تخرجها تارة وتقذف بها عند الشاطئ وتعيدها تارة أخرى إليه،

لكن وما أن سمعت صوت فتح قفل الباب حتى انتفضت من مكانها فزعة مرددة برعب:
لقد عاد، ياربي الوحش عاد، ياربي سيعذبني من جديد، لا اريد يا ربي ما عساي أفعل الآن، ساعدني يا الله كن معي في حربي.
 لتقوم من مكانها لحظتها وترركض سريعا وترتدي لباس الصلاة.
شرعت مباشرة بالصلاة حينها.
وقفت بين يدي ربها، هربت إليه وهل يوجد ملجأ أو منجى من غربة وجور أيامنا غيره، فوق تلة القهر واقفة ترميها رياح الغدر والظلم كل حين تحاول اقتلاعها من جذورها لكنها ما استطاعت فقد قاومتها ووقفت كجبل لا يهزه ريح، إنها بين يدي ربها تناجيه ولا قدرة لشيء على كسرها.

دلف أمير البيت بهدوء ثم نظر يمنة ويسرة يبحث عنها تلك التي ما إن رآها حتى أظهر وحشيته للعلن وأخفى إمير الإنسان.
لم تظر لمرآه فتحرك بخطا متثاقلة وقوية يسمعها دوي قدميه فقط كي يبث الخوف في قلبها قبل أن يصل، دخل إلى الصالون يريد الجلوس وما إن فعل حتى لمحها هناك واقفة تصلي.
سكن مكانه ينظر إليها بهدوء مستغربا وضعها وينتظر وينتظر، لقدأطالت صلاتها وهي تدري أنه ينتظر لكنها تعاند كما اعتادت.
تأفف غاضبا ثم رمى جسده على تلك الأريكة وهو لا يزال ينظر اليها.
أما هي فتصلي دون توقف لكنها كانت ترتجف كل جسدها يرتعش، نعم خائفة ولن تخالف الطبيعة لكنها على يقين أنها ستنجو فكذلك وعدها ربها عز وجل.
طالعها كثيرا وما تعب وحين أحس أنه سيهزم بمرآها تحدث يطرد تلك الافكار التي ستضعفه ليقول:
أت غريبة فعلا هل نزلت عليك التوبة من السماء فجأة؟ هاي انت ألن تنتهي من صلاتك هذه؟ لقد بدأ صبري ينفد، اسرعي لقد بدأت امل،
لكنها بقيت على حالها دون الاكتراث لما يقول.
انتظر كثيرا لكن هي، تلك عزيزة النفس لم تكترث لوجوده حتى، كيف وهي تقف بين يدي ربها خاشعة، لقد شعر بالملل الشديد ولم يعد يتحمل تجاهلها له ليقوم من مكانه ويقف خلفها مباشرة وقف للحظات فقط، لقد أحست بأنفاسه الساخنة وهو بقربها فتنهدت خائقة لكن لم تفصل صلاتها فتحدث حينها بنبرة غضب:
انهي حركاتك التمثيلية هذه واذهيي واحضري لي شيئا للاكل ومعه مشروب لقد ضجرت وأنا أنتظر ولا تجربي غضبي والا ستندمين.
لم تنه صلاتها ولم تكترث لتهديده فهي بعالم مواز عالم مليء بالطمأنينة كيف لا وهي بين يدي خالقها ولن تؤذيها اي نيران شر.
أعاد كلامه ثانية وهو يصرخ هذه المرة عند أذنها لكن لا رد منها فكلما صرخ كبرت هي بصوت أعلى إنها تحاربه ب " الله أكبر" وكلما على صوتها هزمته، فسكت وخرس مكانه ولم يضف حرفا بل انسحب من الصالون نحو المطبخ بكل هدوء، لقد أحس للحظة بالهزيمة النكراء لكنه لن يعترف ليتحدث عند الباب يسمعها غاضبا:
انت أردت ذلك لحظات واعود ونتفق على عنادك لكن بطريقة خاصة كالبارحة أو اكثر بقليل وما أن خرج حتى اكملت صلاتها وسلمت ثم سجدت تبكي بحرقة مريرة.
 
كان بالمطبخ واقفا يسحب من الثلاجة بعضا من الاكل ثم جهز قنينة كاملة من مشروبه الخاص ليجهز كل شيء بصينية ثم حملها ونظر إليها ليتحدث بغضب:
نفد صبري معك سترضخين لاوامري تستحقين كل الأذى الذي سيلحق بك، إن لم تكفي عن عنادك هذا لن أرحمك أبدا.
توجه ناحيتها ودخل بتلك الصينية ليجدها جالسة بمكانها كانت قد أنهت صلاتها حينها ووضعت مصحف القرآن الكريم بين يديها.
وضع الصينية على الطاولة ثم أخذ كأسه وملأه ليضع ظهره على الأريكة وقدميه فوق تلك الطاولة ويبدأ بتناول مشروبه وهو ينظر إليها بنهم.
فارق السماء والأرض، هي تصلي لربها تناجيه وهو يسقي نفسه مسكرا يتلذذ بمعصية من تتعبد له.

لم تلتفت إليه حتى بطرف عينها فقط كانت تصلها رائحة ذلك المشروب القذر الذي يحتسيه بتلذذ.
تنهدت بضيق مخاطبة نفسها السوية مستنكرة فعلته:
كيف يمكنه فعل ذلك؟ كيف يتلذذ بالقذارة؟
انتظرها أن تقوم من مكانها لكنها لم تفعل ليضع كأسه جانبا ويقوم من مكانه وما إن أحست به قادما إليها حتى فتحت مصحفها سريعا شرعت في القراءة باعلى صوت:
بسم الله الرحمن الرحيم «وَلا تَحسَبَنَّ اللَّـهَ غافِلًا عَمّا يَعمَلُ الظّالِمونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ* مُهطِعينَ مُقنِعي رُءوسِهِم لا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَأَفئِدَتُهُم هَواءٌ».
وقف عند حافة سجادتها مذهولا مما يسمع، لقد أصابت تلك الكلمات قلبه فاجتحاه دون استئذان شعور غريب، للحظة أحس بضيق وكره نفسه الحقيرة، بينما هي أخذت تعيد:
 «وَلا تَحسَبَنَّ اللَّـهَ غافِلًا عَمّا يَعمَلُ الظّالِمونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ* مُهطِعينَ مُقنِعي رُءوسِهِم لا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَأَفئِدَتُهُم هَواءٌ».
ومرة أخرى خالف شعوره وتحدث غاضبا:
هل تعاندينني يا هذه؟هل تتطاولين على سيدك؟ من اين لك كل هذه الجرأة؟
لكنها لم تكترث لحديثه لتكمل قراءتها للقرآن بصوت شجي جميل دون توقف وكأنما هو غير موجود او كأنما هي بعالم آخر بعيدا عن صراخه.
رغم صراخه وغضبه إلا أنه لم يلمسها ولم يفصلها عن ما هي به وكانما شيئا وقف بينه وبينها منعه عنها.
التفت لتلك الطاولة لحظتها وهو غضب ليصرخ بقوة وهو يقول:
يا غبية ثم احكم قبضته وقام بضربها بقوة فكسرها حتى تطايرت قطع الزجاج منها بكل أرجاء تلك الصالة بينما هي تجمدت مكانها دون حراك بعد تلك الضربة المدوية.
حمل جاكيته وخرج غاضبا مسرعا ياكل الأرض بخطاه يردد:
نظفي كل شيء اريد ان يعود كل شيء لموضعه حين عودتي ليخرج بعدها من المنزل وتركها هناك بمكانها.
ماان سمعت اغلاق الباب حتى وضعت المصحف جانبا ورمت نفسها على سجادها باكية لتنكمش به وهي على حالها تلك تئن وتصرخ لكن لا ملبي لتلك الصرخات وذلك الأنين الموجع.
بعد مدة هدأت وسكن انينها لتقوم كالمنومة من مكانها كانت تمشي فوق قطع الزجاج حتى نزفت قدمها لكنها لا تحس، مخدرة من كل جانب، لقد سقي فؤادها الحزن اوعية فما عادت تحس.
أخذ هو سيارته ليجد نفسه بعد مدة عند الساحل وحيدا.
أخذ يسير عند حافة البحر مهموما تائها ضائعا فهو بمتاهة لا يجد مخرجها لا القلب يدرك ما هو به ولا العقل يعي ذلك أيضا.
أخذ يستنشق نسمات الهواء الباردة ويضمها لصدره الملتهب بنيران الحيرة وبدأ بمخاطبة نفسه :هل ما أفعله صحيح؟ماذنبها هي؟
اف اف اشعر بالضياع.
ثم عاد أدراجه وتوجه للقصر مباشرة.
وصل القصر ودخل ليتجه لغرفة سونا حيث فتحها بهدوء ودخل ليجدها نائمة اقترب وقبلها برفق ثم تأملها قليلا ليقول:
حتى انت لا ذنب لك بشيء حبيبتي.
ثم غادر الغرفة وتوجه لغرفة طفلته ثم قام بقبيلها وغادر ليذهب لغرفته ثم قام بتغيير ملابسه ونام مباشرة.
نظفت هي كل ما خلفه وراءه من فوضى ولملمت قطع الزجاج المتناثر أرضا بكل أرجاء تلك الغرفة ورمته كانت تنظف وهي تبكي وتردد:
من يلملم قلبي المنكسر وروحي المتناثرة آه مما انا به.
رمت كل الزجاج ثم مسحت دموعها من على وجنتيها لتقول:
الحمد لله على كل حال الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه.







القسم الثالث:
عادت للاريكة لتستلقي ملقية بتعبها الذي أعجزها، تتمني أن تغفل وتنام بهدوء بعيدا عن هذا الصراع البغيض ولو للحظات، اغمضت عينيها لتأتيها ذكري عمتها حينما كانت تقاسيها الأيام، تنتظرها في الليل لتواسيها وتحنو عليها حينما تنيمها بحضنها وتمسح على شعرها الاسود الطويل حتى تنام، وعلي اثر الذكري نامت ولكن ليس نتاج ونسها بعمتها بل نامت محترقة بنيران الماضي والحاضر، فغفت وعيناها غارقتان بالدموع. 

ومرت الليلة بهدوء نسبي حتي حل الصباح، وجاء بقدومه اليوم المنتظر، تجهز أمير لأجل المناقصة التي راهن علي الظفر بها. 
ابتدأ صباحه بتناول الافطار مع عائلته وبعدها توجه نحو الجامعة ليجدد اجازته. 

وبعد ساعة كان بمقر الشركة الطارحة للمشروع سعيدا فقد ضمن نيله بعد المبلغ الذي دفعه رشوة حتي يظفر بهدفه. 

دخل الشركة وحوله بعضا من موظفينه ومساعديه معهم نسخة من تصاميمه التي أخذ شهورا في تصميمها بشغف، دخل الجميع القاعة مجتمعين حول الطاولة الكبيرة وبعد لحظات كان جميع المعنيين حاضرين.

بينما ديمير فلقد كان جالسا مقابلا لامير ينظر إليه كل حين نظرة استهزاء بينما الآخر لم يكترث له، فقد كان كل همه ان ترسو الصفقة عليه وتظفر تصاميمه ويحوز بدوره لتطبيقها. 

اتى دور شركة آل تارهون للانشاءات.
وقف أمير بكبريائه وبدأ في طرح أفكاره وشرح تصاميمه كان يتحدث باللغة الإنجليزية فالشركة التي طرحت المشروع شراكة بين المملكة المتحدة وتركيا.
كان الكل منبهرا بأفكاره الجديدة والتصاميم الخاصة التي لم يسبق لها أن شوهدت بمحيطهم. 
 بعد مدة أنهى أمير شرحه للتصاميم وعرض أفكاره والمجسم الذي يجسد تصاميمه الموضوع على الطاولة وما أن انتهى حتى صفق له الجميع واشادوا ببراعته وبجمال تصاميمه.

ليأتي دور ديمير الذي كلف أحد مهندسي شركته ان ينوبه في طرح التصاميم وللمجسم وشرحها للحضور بينما هو ظل مكانه جالسا بكبرياء يستمع فقط بثقة زائدة رغم ان تصاميم شركته لم تكن بقدر شركة تارهون. 

شرح المهندسون أفكارهم أمام المعنيين ليتم بعدها أخذ استراحة قصيرة على أن يعودوا بعدها ويعلنوا عن الفائز بالمناقصة.

كان أمير واقفا بالزاوية وبيده عصير لياتيه السيد ديمير كعادته اقترب منه ليقول بنبرة ساخرة:اين والدك سيد أمير لم لم يات؟
أمير:وما شأنك سيد ديمير؟
ديمير:يبدو انه خاف واختبأ وبعثك بدلا عنه لتواجه الخسارة.
أمير:سيد ديمير من فضلك لحد اللحظة انا احترم سنك.
ديمير:وهل تعرفون معنى الاحترام ال تارهون؟
أمير:لا تدعني افعل شيئا تندم عليه تذكر من بدأ هذه الحرب اولا.
ديمير:هذا السؤال اسأله لوالدك؟
أمير:ما دخل ابي بهذا؟ الم تكن أنت السبب وبعدها هربت ابنك واخفيته.
ديمير:هذا اقل شيء تستحقونه.

شد أمير على يده بقوة وهو يضغط عليها ليقول بهدوء مصطنع:لن اناقشك اكثر سنتواجه بالداخل سيد ديمير ثم وضع كاس العصير على الطاولة وانصرف غاضبا.
نظر إليه ديمير ليقول:إن لم امح اسم عائلتكم لن اهنأ سيد امير.

بعد لحظات انتهت الاستراحة ليتوجه الجميع الى الداخل.
أشاد الناطق الرسمي باسم الشركة الطارحة للمشروع بتصاميم المشاريع المطروحة وبالأخص تصاميم شركة آل تارهون وشكر الجميع على تعبهم ومشاركتهم ليحين وقت التعرف على الفائز.
كان أمير مبتسما لأنه متاكد تماما وواثق بأنه هو الفائز ليتحدث الناطق الرسمي للشركة:سادتي الحضور الفائز بالمشروع هي شركة ديمير صبانحي للانشاءات العمرانية.
علا التصفيق للسيد ديمير بينما صعق أمير من الاسم الذي سمعه اتسعت عيناه لدهشته والثاني ينظر له نظرة النصر محتقرا إياه لينهض من موضعه قائلا بضيق واصرار:انا لن اخسر ابدا سيد ديمير سنتواجه لا محالة ثم خرج من القاعة بل من الشركة كلها حاملا ضيقه وغضبه 
وصل سيارته ليقوم بضرب عجلتها الأمامية بقوة محاولا افراغ شيئا من غضبه ومقته ما حدث صارخا: اللعنة عليك الن نتخلص منك ابدا. 

ثم ركب سيارته لينطلق كالبرق مباشرة إلى الشركة.
وصل الخبر لمسع والده حيث كان ينتظر نصر ابنه الذي استلم إدارة مجلس الإدارة عوضا عنه حديثا لكن خابت كل آماله، وضرب بها ادراج الرياح. 
 اتصل حكمت بامير الذي يقود سيارته بسرعة جنونية،نظر للهاتف ليقول بصوت خافت: أدري ما ستقول ابي لقد مللت منك مللت من الجميع، اعاد والده الاتصال بدل المرة مرتين وثلاث ليستلم أمير اخيرا ويرد على والده قائلا بضيق: ابي انا في الطريق.
حكمت:تعال الى الشركة حالا أمير ستجدني هناك بانتظارك.
أمير:ابي لطفا
حكمت:أمير قلت حالا.
أمير:حسنا سآتي.
ليقفل والده الخط بعدها مباشرة.
وصل بعد مدة أمير إلى الشركة وصعد لمكتبه لتعترض طريقه السكرتيرة يونجا وتقول:سيد امير والدك بمكتبك ينتظرك.
أمير:اعرف
يونجا:ماذا حدث بالمناقصة سيدي؟
أمير:ليس وقتك يونجا
يونجا:العفو سيد امير ثم انصرفت لمكتبها.
دخل أمير لمكتبه ليجد والده هناك يجلس مكانه.
جلس أمير بكرسي مقابل هاتفا بضيق:
 لقد فعلها ابي فعلها وأخذها.
حكمت:لقد سلمتك هذا الكرسي بثقة هذا الكرسي الذي لا يجلس عليه إلا المهندس الناجح
أمير:ابي انه مجرد مشروع.
حكمت:لكن من فاز به هو عدوي
أمير:
لقد فعلت كل شيء لنيلها وكنت متأكدا من ذلك لكن لا علم لي بما فعله لينالها، الكل أشاد بتصاميمنا.
حكمت:لقد خيبت ظني أمير خيبت ظن من باشركة انت لا تستحق هذه الثقة ولست جديرا برئاسة مجلس الإدارة.
نهض أمير من مكانه بمجرد ان اخترقت تلك الكلمات مسامعه، فحطم احلامه وطحن اهدافه التي يسعي اليها، فناظر والده قائلا:شكرا ابي حقا شكرا لأنها جائت منك، اعفني من هذه الرئاسة وارح عقلك فلقد مللت وتعبت. 

انهي حديثه مع والده وخرج من الشركة بينما جوناي كان عند الباب يهم بالدخول فقد أتى بنية المباركة لشقيقه ليصطدم بامير الذي كان كالبركان الثائر ليحاول ان يستوقفه:على رسلك أمير ما بك؟
أمير:ابتعد عن وجهي جوناي والا أفرغت غضبي بك
جوناي:ماذا هناك؟لقد جئت لابارك وآخذ حلاوة نصرك
أمير:انت احمق جوناي فابعد عني لا ينقصني الا دلالك، ثم انصرف بسيارته سريعا.

وقف جوناي بمكانه مندهشا من أخيه ليهتف بخفوت متعجبا:الله الله وماذا فعلت انا؟غبي من يظن نفسه وانا الذي اتيت لتهنئته حقا انك مغرور ليعود بعدها أدراجه من حيث أتى.

كانت ريحان وقتها بالمطبخ تقف بصعوبة بسبب جروح قدميها تحضر شيئا لتتناوله بعد أن انهكها التعب والجوع وهي علي حالها دلف أمير عليها كالرعد المدوي.
فزعت وانتفضت بمكانها متمتمة:بسم الله افزعتني.
دخل واغلق الباب بقوة ليبدأ بتحطيم كل شيء أمامه مباشرة دون إنذار وهو يصرخ: اقسم انني سامحوك من الوجود ياديمير الحقير اقسم سارد اليك الصاع صاعين حتي أذلك كما الكلاب، كان يحطم زينة المنزل الفاخرة بيديه وقدميه مما أحال المنزل لفوضى عارمة وكأنما زلزالا هدمه وجعل عاليه سافله. 

لم تتحرك من مكانها وهي ترى بأم عينها البركان الذي ثار فجأة والذي بدأ بقذف حممه الملتهبة لابعد نقطة.

حينما افرغ غضبه هدأ بعض الشيء ليردف: اين انت؟
لينتبه بعد حين أنها واقفة بالمطبخ ترتعد خوفا منه. 

توجه ناحيتها مباشرة ليقوم بحشرها بزاوية المطبخ بقوة غيظه لتحاول بكل قوتها الضعيفة تخليص نفسها من بين يديه.

كاد أن يكتم أنفاسها لشدة ضغطه عليها بكل ما أوتي من قوة لينظر بعينيها مزمجرا:لا توجد قوة على الأرض تستطيع تخليصك من بين يدي الآن لقد نفد صبري عليك ومللت من تمثيلك لدور المسكينة المؤمنة لاتنسي اصلك.
كانت تدفعه عنها بقوة لكن هذه المرة اكتفت بدفعه دون حديث كي لا تزيد الطين بلة ليشرع مباشرة بتقبيلها بينما هي تهرب منه يمينا وشمالا.
نظرت جانبا لتجد سكينا كانت تقطع به بعض الخضر بينما الآخر يزيد من ضغطه واحتضانها بينما هي أرخت جسدها قليلا وبدأت بمد ذراعها الى السكين بصعوبة.
كان غضبه مسيطرا عليه تماما ولم ينتبه بأنها تمد ذراعها ناحية السكين،حاولت وحاولت حتى استطاعت بالاخير امساك السكين الحاد بيدها بينما هو لايزال يحاول تقبيلها وسط مقاوماتها التي بلغت أقصاها بالنسبة لها ضعيفة بالنسبة له، ورغم شعوره بضعفها لكنه لم يشفق علي حالها او يرق، بل ظلت روح الوحش داخله يزداد تطاحنها مع برائتها وروحها الضعيفة. 


الفصل الرابع من هنا 

 

تعليقات



×