رواية عشق الفصل الخامس 5 بقلم كنزة


رواية عشق الفصل الخامس 5 بقلم كنزة 





القسم الأول:

عنوان الحلقة: يشبه الزواج.

إنني لم أحتاج إلى شيء في حياتي مثلما احتجت لتجاوزك ، التجاوز لا النسيان ، التجاوز لا الصبر ، التجاوز لا التغاضي أريد أن أتخطى كل هذا فقط ، أريد أن أتحرر من لعنتك ....‏وأريدك أن تُدرك فداحة ما يجري.. وستبحث عني ولن تجدني كأنني لم أكن موجودة من الاساس.

دلفت الحديقة وتوجهت للباب لتقوم برن الجرس.
وضعت ريحان الصحون جانبا ثم توجهت لفتح الباب بعد سماعها للجرس مرددة بهمس:
من يا ترى؟ اتمنى أن تكون الخالة مليكة فقط ولا شخصا غريبا آخر.، اووه لو تكون خالتي سافرح كثيرا
فتحت الباب سريعا وابتسامتها ظاهرة حتى قاربت من الضحكة فرحة متاملة أن تكون الخالة مليكة خلف الباب، تلك التي وجدت فيها حنانا افتقدته في تلك المدينة الموحشة لكن لم يكن ما تمنته فما رأته لحظتها امرأة ممشوقة القامة تعود ادراجها نحو الخارج متوجهة ببطئ، لم تلتفت ولم تنتبه لتلك التي تقف عند الباب تنظر إليها مستغربة بينما هي منشغلة بحديثها عبر الهاتف.
نادتها ريحان قائلة:
يا سيدة.
لكن نازلي لم ترد ولم تلتفت حتى منشغلة بهاتفها والاتصال.
 علا صوتها أكثر مرددة:
ما الذي تقولينه؟ كيف اختفت؟ 
المديرة بهلع:
سنجدها سيدتي بالتأكيد لم تخرج من المدرسة
نازلي بغضب:
اف اف، سأعتمد على ظنونك إذا، جدوا ابنتي سريعا وأنا قادمة، ثم أقفلت الخط وهرولت الى سيارتها مباشرة لتنطلق بسرعة لكنها نظرت للباب نظرة خاطفة فلمحت تلك الفتاة التي لا تزال تقف تطالعها لتتوجه مباشرة إلى المدرسة.
وقفت ريحان للحظات مكانها تنظر وتنتظر علها تعود تلك الجميلو لكن حين انطلقت الاخرى بسيارتها فقدت الأمل فالتفتت تهم بالدخول لكنها انتبهت لعدم وجود الحارسين هناك ، زارت السعادة بحلتها المرصعة ببريق الامل قلبها فأصابها الفرح وابتهجت، فؤادها المثخن بقسوته والأحزان، لمجرد ان رأت المكان خاو من عبيده كما تصف، فضحكت كطفلة وهمست قائلة:
الباب ليس مقفلا والحارسان ليسا هنا، اوووه ياربي لقد هل أتاني الفرج؟ يارب لو يأتيه سبب ليخرج من البيت فقط لو يفعلها وينصرف عن وجهي، يارب يارب لماذا ارتجف؟ اهدئي عشق لاتظهري له تورتك، ثم وضعت يدها على صدرها وطالعت المكان حولها فلأول مرة منذ دلفت بتلك الطريقة تحس بالأمان فتحدثت مرو أخرى مرددة:
اهدئ يا قلبي، اووف ستتخلصين من الوحش ريحان اصبري وصابري بقي القليل فقط، ثم تحركت مسرعة لتقفل الباب وتعود للداخل وإلى مكانها.
لا بأس في بعض الأمل بين نوبات اليأس تلك فقط كي لا يموت القلب.
كان بالحمام يدندن سعيدا بنصره، اي نصر هذا الذي يفرح به؟ لقد هزم وحش أميرة رقيقة، لا إنصاف في تلك المعركة فهو مذ ان اندلعت يعلم أنه المنتصر دون قتال.
نعم فرح فالآن يمكنه أن يأخذ منها ما يريد ومتى يريد اما هي ففي اللحظة التي وصلت فيه دندنته اليها زالت فرحتها وعاد الخوف اليها فوضعت يديها على أذنيها بقوة كي لا تسمع صوته ودندنته تلك فكل شيء يخصه يشعرها بالإشمئزاز.

خرج من الحمام واتجه ناحيتها ليجدها هناك واقفة شاردة تفكر، ماذا لو فعلا ذهب، هل ستستغل فرصتها وتهرب؟ أم ستجبن مخافة أن تمسك بل مخافة العقاب؟
 قطع شرودها بصوته الشديد قائلا:
انت، سارتدي ملابسي واعود لا تتاخري.

بقيت تنظر دون أن تتلفظ ببنت كلمة لكن نظرات الاحتقار تلك وصلته ابلغ من اي كلمات، لكنه مجرد المشاعر لا يهمه، وما أن صعد الدرج وارتاحت منه حتى ضربت الصحن الذي بيدها بقوة لتسقطه أرضا فتهشم أجزاء صغيرة كما تهشم قلبها، شدت على رقبتها بحزن ولتردد بحنق:
يلعنك يلعنك اكرهك
حقول أحزانها أثمرت بشكل سخي لدرجة أنها لم تعد تستطيع تجميع غلتها ولم يعد يديها مكان واحد على الأقل نظيف وفارغ كله تعبأ.

في ذات الوقت لا تزال نازلي تأكل الطريق بعجلات سيارتها تسرع قدر الإمكان كي تصل للمدرسة وهاتفها بيدها تتصل وتعيد وتتصل وتعيد ولا رد منه كل حين الهاتف مقفل والأرضي خارج الخدمة.
رمته جانبا وضربت مقود سيارتها غاضبة لتردف:
اف اف ليس وقت اختفائك، كله بسببك كله بسببك أن حدث لطفلتي شيء سيء سانهيك أمير تارهون تسرح وتمرح بحياتك وتنس أن لك طفلة توليت حضانتها وانت ملزم برعايتها اف اف لقد مللت من كل هذا، لتزيد من سرعتها اكثر إلى مدرسة اوزجي.

ارتدى هو ثيابه ونزل إليها لتناول طعامه كانت عند الطاولة تضع له الفطور ليقف فجأة خلفها دون أن تحس عليه فقد كانت شاردة الذهن كعادتها حزينة، التفتت فجأة لتجده خلفها مباشرة فزعت وعادت للخلف سريعا لتقول:
يا الله ارعبتني
ابتسم أمير بمكر ليردف:
لا يخاف الا من صنع الشر.
تأففت لتقول بهمس:
لا حول ولا قوة الا بالله
امير:
هيا اجلسي لتناول الفطور أشعر بالجوع.
ريحان :
لا اريد
أمير بجدية:
لكن انا اريد
ريحان بتذمر:
الفطور امامك كل ما شئت انا ليس لدي رغبة بشيء ولا شأن لك بي أصلا، ثم انسحبت من أمامه متوجهة للأعلى لكنه امسكها من معصمها سريعا واحكم قبضته عليه حتى تألمت، ينقلب سريعا وتظهر وحشيته فلا يرحم فردد بحثيث أفعى:
قلت ستجلسين.
حاولت افلات يدها من قبضة يده لكنها لم تستطع فناظرته بغضب صارخة:
اتركني لقد آلمتني اترك يدي.
أمير:
اجلسي أولا ستتناولين فطورك امامي انت لديك أدوية ويجب أن تتغذي كي تتعافي.
ضحكت ريحان ساخرة:
ماشاء الله وهل يهمك امري؟
من أين اتتها تلك القوة؟ لا يهم، ما يهم أنها تحارب وتحاول حتى آخر رمق.
أمير بتأفف:
ريحان لحد الساعة انا هادئ 
ريحان:
اترك يدي انت تمسك يد انسانة وليس صخرا.
افلت يدها اخيرا وابتسم قائلا:
انظري تركتها والآن الى مكانك ياحلوتي هيا.
نظرت اليه بغضب ثم تحركت من جانبه تدلك معصم يدها فرددت داخلها(حتى زوج عمتي التي كنت أظنه اسوء خلق الله لا يشكل نقطة في بحر بطشك وقسوتك ووحشيك، فلتذهب للجحيم يا حقير).

جلست أمامه لكن لم تنظر اليه حتى بطرف عين بل لم تكن معه حتى، تفر هي وقلبها وبقاياها بعيدا وتسافر فتترك له فقط الجسد يشاطره المكان.
وضع شوكته جانبا ليقول:
هاي انت تناولي فطورك كم سأردد هذه العبارة من مرة؟
نظرت اليه باحتقار ثم رفعت شوكتها وبدأت بتناولها فطورها،
طالعها قليلا وواصل أكله بكل هدوء يراقبها ويأكل ثم تحدث يكسر ذلك الصمت قائلا:
 لاعترف لقد اجدت بشيء وهو الاكل، هيا خذي تناولي هذه القطعة اشتهيتها لك ثم أراد أن يطعمها قطعة الجبن تلك ليقوم فقرب شوكته منها قليلا لكن بحركة سريعة منها دفعت يده رافضة.
ابتسم ببرود ثم قال:
مكان كهذا وطعام كهذا ولباس كهذا وزوج غني ووسيم مثلي أمور لم تعيشيها حتى باحلامك والآن تتكبرين على النعمة، فعلا جاحدة.
ريحان بغضب:
بل اكبر نقمة حلت علي، افضل الموت جوعا ولا العيش هكذا.
أمير:
لاباس تحدثي كما تشائين لكن سيأتي اليوم الذي اقص به لسانك السليط تذكري هذا جيدا.
لعنته للمرة المليون داخلها وناظرته باحتقار كعادتها لكنها لم تجبه بل وضعت الشوكة جانبا و انسحبت دون فصعدت للأعلى وبقيت هناك واقفة عند نافذة الغرفة تتامل الخارج في صمت.
إنها تبحث بين السحب وبين الشجر وتحت الحجر عن ملاذ، عن مكان تفر إليه، تبحث عن جرعات جديدة من الصبر كي تتحمله.

أنهى فطوره سريعا ولحق بها ليجدها واقفة عند نافذة الغرفة وقد رسمت خيوط الشمس الذهبية على وجهها لوحة مكتملة، لا يمكن حتى للموناليزا ان تنافس ذلك الإبداع.

سحرت عينه وفتن قلبه بها لحظتها، تلك البهكنة الرقراقة في حسنها غار الزهر ،نسيت عينه بريق الشمس ما إن ناظرها الذي لا تلينه المليحات ضعف، لقد تغيرت نبضات قلبه وزادت وتيرتها، لكنه لا يحكم الا ما يمليه عليه عقله.

اقترب اكثر ليقف خلفها وهي لا تزال بمكانها غير مكترثة له، لم يعد يعمها اقترب أم ابتعد.

لفها إليه ونظر بعينيها المتسعتين والى بريقهما، كانت نظرته نظرة رغبة مشبعة يريدها قلبه لكن عقله يبتعد بدل أن يقترب كان يتاملها وهو يقول داخله:
إنها جميلة رغم كل شيء إنها جميلة ناعمة لا افهم ما أحسه لم اريدها ولا اريدها صديني ريحان ارفضي واصرخي لا تجعليني اقترب اكثر فلحظتها لا رجعة.

هنا زار الخوف قلبها لقد طال تحديقه بها أي أنه ينوي شيء سيء، لكن بقيت ادئة صامتة حتى أنفاسها تكاد تختفي كانت نبضات قلبها تتزايد بكل نفس منه يضرب وجهها وكانها بماراثون رغم الشفاه الساكنة المنطبقة الا أنها كانت تتحدث داخلها بلا توقف كانت في حيرة من أمرها تسأل نفسها( ما الحل ليذهب عني هذا الباس صديه ريحان صديه لا تدعيه يقترب اكثر هذا ليس زوجك هذا شيطانك يالهي انا ضائعة هل اصرخ ام ابق على سكوني هذا لقد اتعبني الصراخ لكن الصمت اتعبني أضعافا ساعدني ياربي فقد فوضت امري اليك)
قال داخله
(انت لي انت ملكي لن اتراجع سافعلها)
ردت في داخلها:
(لقد تعبت من لعنة جسدي هذا حتى أن فعلها لا يهم لم يعد هناك أي طاقة للأقاوم، تعبت )

اقترب منها واحتضنها إليه بقوة كان يحس بنبض قلبها وانين صدرها، أما هي رغم رفض كل نقطة من جسدها له الاانها بقيت بين ذراعيه ساكنة وكأنه يحتضن دمية باردة لا مشاعر ولا همس.

اعادها للخلف وهو يسير بها بخطوات بطيئة للسرير حتى وصل بها اليه، لقد حان وقت الإستمتاع بمن اعتبرها ملكه واشتراها بماله، أما هي تجرب نيران جهنم فتحترق وتموت ببطئ، أدركت ان لحظة الحسم أتت وأنها ستذبح بعد.لحظات لا محالة فإما أن تستمتع بآخر دقائق لديها وهي حرة في هذه الحياة وإما أن تصرخ وتنوح تحاول الهرب.
لا هذا ولا ذاك فعلت بل له وللمساته وحركاته بكل حزن ووجع وقهر وضيق استسلمت، لم تعاند ولم تصرخ ولم ولم تغضب ولم تلعنه ولم ولم كل حواسها توقفت وهي بين يده، وهاهو يستمتع بها بينما هي لا تحس إلا بالتراب وهو يرمى على وجهها وجسدها شيء فشيء فيحجب الضوء ويقلل الهواء عنهاببطئ، فعلها الوحش ووأد الفتاة الجميلة.
كان في جعبتها الكثير من الأفراح، كله كان ومضى،
نزلت منها دمعة حادة كالسكين ادمت عيونها ووجنتيها لتكسر صمتها وتقول بصوت خافت يرتجف من الخوف والحزن والبرد والقهر:
أترجاك لا تفعلها
لكنه اكمل ما اراده وفعلها، أتم ما سعى إليه ونفض يديه، وراحت عذريتها تنوح على زمن أصبحت فيه رخيصة.

قام من مكانه لكن لم يكن نفس ذلك الشخص قبل لحظات، ما بك يا أمير تحتنق؟ لم لست مسرورا؟ لم لم تقم الأفراح؟ 
لم يحدث شيء من هذا فوقتها اسودت كل دنياه حين تاكد انها كانت طوال الوقت صادقة احس بغصة بقلبه موجعة،نظر إليها وإلى تلك الدمعة التي خانتها رغم قوتها حينها ثم انصرف من الغرفة مباشرة.
بكت فبكى بعضها على كلها، هزمت فسقطت قلعتها المحترقة رمادا ذهب مع الريح، ختم على جبينها بالخط العريض" شبه زواج".

بعد مدة وقفت بمكانها حيث وجدها عندما دخل الغرفة تتامل الخارج لكنها كانت تبكي وتبكي وفؤادها يصدر شهقات تهز الجبال أما هو فكان جالسا بالاسفل حيث وضع قنينة مشروب كاملة أمامه وكاسا وسكب له لكنه ما أن حمل الكأس بيده حتى اتى على ذهنه حين رددت بتلك النبرة المليئة بالقهر"اترجاك لا"كانت الكلمة تتردد على مسمعه ليقول:ماذا فعلت ياأمير لم لم تتوقف لم استسلمت لرغبتك وفعلتها ليقوم من مكانه ويتوجه للمطبخ وهو يحمل تلك القنينة ليفرغها كلها ويفرغ ما بالكاس ويرميهم بالقمامة ثم توجه إليها ليجدها واقفة كما كانت حينما اقترب لتلتفت إليه فزعة ظنا أنه عاد ليأخذ منها أكثر، لكنه بقي ينظر فقط إليها وإلى دمعها الذي كانت تمسحه ليخرج من بين اضلعه زفرة قوية ومن بين شفتيه كلمات ليقول بغضب فقط كي يهزم ضميرة الذي يقتله ببطئ كما تموت هي:
 انت لست زوجتي ولن تكوني اصلا ولن المسك مرة ثانية وليكن بعلمك انا احضرتك من كازينو للقمار على اساس انك بائعو هوى ولن اراك الا كذلك مهما كنت ومهما وجدتك، عذريتك لا تهم، كل الذي يهم من أين أحضرتك.
ضربت تلك الكلمات الجارحة قلبها كالسهم الذي يحمل سما يشل الحركة دون موت لم تستطع حتى أن ترد عليه بعد ما قال اكتفت بالبكاء فقط.
الآن عليها أن تبحث في المتاجر القديمة عن النسيان وتبتاعه كي تتمكن من العيش والمضي فالصبر لم يعد مجديا.

أما هو فقد كان يجابه نفسه ويثبت لها بعد ما فعل أنه غير مبال وأنها ملكه وما فعله شيء عادي وان لا شيء يمكن أن يندم عليه أمير تارهون لكن ما يحويه الفؤاد غير ما تضهره الجوارح تماما.
لم ترد عليه ولا بكلمة لينسحب بعدها ويعود لمكانه بالاسفل ثم جلس محتارا حتى هو لم يفهم حالة ضياعه تلك ثم تناول هاتفه وفتحه وما ان فعل حتى اتته عدة رسائل صوتيه من نازلي ووالدته ومدرسة اوزجي تفادى رسائل نازلي ووالدته ليفتح رسالة المدرسة سريعا حيث كان مفادها(سيد امير ارجو أن تعيد الاتصال بالمدرسة بعد تلقي الرسالة فورا ابنتك اوزجي مختفية)
قام من مكانه فزعا ليعيد الاتصال بالمدرسة فورا ليقول بعد أن تم الرد عليه:
هل وجدتموها..
...لا نزال نبحث سيدي
أمير:
إن لم تكن بالمدرسة قبل وصولي اقسم ساقفل المدرسة وتطردون بشكل نهائي.
سمعت صراخه عبر الهاتف فخرجت من الغرفة مهرولة لكنها توقفت عند.الباب ولم تنزل لقد خافت من أن يفرغ غضبه بها كعادته فبقيت مكانها في حيرة تسترق السمع أما هو فقد اقفل الخط واتجه سريعا الى سيارته لا يفكر بشيء عدى صغيرته، ركبها وانطلق بسرعة هائلة يردد بين شفتيه يصبر نفسه قائلا:
حبيبتي طفلتي اين اختفيت يا الهي أين ذهبت اوزجي اين انت؟ ساجدك ثم احاسب المسؤول عن هذا الاهمال لا بأس.
بقيت برهة تراقب من فوق ثم عادت الغرفة واقفلت على نفسها كالعادة فتقوعت على ذلك الجسد الذي أصبحت تمقته وكنت مكانها وحيدة منكسرة منطفئة.
رجمت طيور السلام المرتحلة لمدينتها فامتلئ المكان بالدماء، أي مطر سينظفها؟ وأي ربيع سيحي وينعش هذه المدينة؟ 
شاخت وهي وشابة تلك المسماة عشق.

وصل أمير إلى المدرسة سريعا ليدخل مباشرة لمكتب المديرة اين وجدها هناك ومعها المستشارة التوجيهية ومعلمتها ونازلي لكن ما ان دخل حتى تحدثت نازلي بغضب:
واخيرا شرفتنا بحضورك حضرة الاب.
لم يرد على كلامها واكتفي فقط برمقها بنظرة غضب ليقول للمديرة:
اين ابنتي ماذا حدث؟ وانت ايتها المدربة الم تكن تحت نظرك؟ كيف تقولون اختفت كيف اختفت؟
المديرة بتوتر:
اهدئ سيد امير سنجدها أن شاء الله نحن نبحث عنها بكل مكان
امير:
منذ متى؟
المديرة:
منذ حوالي الساعة.
أمير بقلق:
اين اختفت وكيف ما هذا الاستهتار؟
تحدثت المدربة قائلة حينها:
 لقد كنا بحصة الرياضة البدنية وكانوا يلعبون كالعادة وحين انتهت الحصة وتفقدتهم لم اجدها.
امير:
والمعنى؟
المدربة:
لربما اختبأت في مكان هنا بالمدرسة فقط.
نازلي:
ولماذا ستفعل هذا؟
المدربة:
حين سالت صديقتها قالت إن زملاءها تنمروا عليها بعد...
أمير مستفهما:
بعد ماذا اكملي؟
أشارت المديرة للمدربة بأن تكف عن الحديث لكن الأخرى ما فعلت بل واصلت حديثها قائلة:
بعد شجاركم في يوم عرض المسرحية وحدث ما حدث دون أن تكترثوا لمشاعر الفتاة، العفو منكم لكن المذنب الأول هو أنتم وليس نحن.
شد أمير على رأسه متأففا ليردف:
يا صبر.ط، هل هذا وقتها؟ الفتاة ضائعة، ضاااا ئ ع ة وأنتم السبب جدوا ابنتي وإلا سأندمكم.
المديرة:
اهدئ سيد امير سنجدها سنعيد البحث بكل شبر من المدرسة.
أمير:
اسمعيني جيدا هذه المدرسة مفتوحة باموال آل تارهون وتعتبر من افضل مدارس الخاصه بالمدينة بفضلي اقسم إن حدث اي شيء لطفلتي حتى لو خدشت ساقفل هذه المدرسة وتطردين أنت وكل من يعمل هنا.
المدربة:
إذا سنتصل بالشرطة سيد امير لم نشئ فعل شيئ حتى قدومك
أمير بغضب لا لا تفعلوا شيئا انا ساتصرف فقط ابحثوا عنها داخل المدرسة الكل سيبحث، ثم خرج وبدأ يركض في رواق المدرسة كالمجنون يبحث عنها بكل النواحي كان مرتعبا ينادي بصوته المرتجف، إنه الآن يذوق شيء من الخوف أيضا:
اوزجي صغيرتي اوزجي أين انت؟ أجيبي هذا أنا والدك.
 ونازلي خلفه تركض وتنادي عليها لكن لا مجيب.
توقف بعد حين في وسط ساحة المدرسة ونظر حوله يمنة ويسرة وأمامه وخلفه، لقد أحس بالعجز لحظتها فركع مستندا على ركبتيه يتنفس بعمق فردد بهمس حينها:
أين انت حبيبتي؟
نعم بالكاد استطاع الركض، جسده يرتجف والف فكرة سيئة تروح وتجيء على عقله، لقد تذكر حزنها والرسمة وذلك اليوم فأحس بالاختناق، لكنه واصل البحث يذم نفسه قائلا:
سببي بسبب اهمالي انا السبب فقط لاجدك وساعوضك محبوبة فؤادي.
توجهت حينها المديرة للأمن لرؤية كاميرات المراقبة بعد أن استسلمت من ايجادها داخل المدرسة.
مرت مدة من الوقت وأمير لا يزال يبحث عنها، اتصلت به المديرة ففتح هاتفه بسرعة ليقول:
ها هل وجدتموها؟
المديرة:
سيد امير توجه لغرفة الأمن آخر غرفة في الرواق الاول.
نظر لنازلي نظرة أمل ثم تنفس بعمق لتومئ له مستفهمة فابتسم قائلا :
يبدو أنهم وجدوها.
ابتسمت نازلي بعين دامعة وقالت:
بسرعة هيا.
توجهوا لغرفة الأمن حيث كاميرات المراقبة ليجدوا مسؤولي الأمن والمديرة لتريهم المديرة فيديو ظهرت فيه اوزجي وهي تصعد الدرج متجهة للأعلى متختلة كي لا ينتبه لها أحد.
أمير بغضب:
يعني منذ الصباح لم تفكري بالكاميرات؟
المديرة:
لخوفي على اوزجي نسيت أمر الكاميرات، المهم أن نجدها
نظر أمير بكل خوف لنازلي ليقول:
انها بالاعلى
نازلي:
حبيبتي طفلتي لنسرع
تجمد الدم بعروق الاثنين، الفكرة الوحيدة التي أتت على خاطرهم الآن أن الصغيرة من الممكن أن تسقط.
 انطلقا مسرعين لى الاعلى، يأكل الأرض بخطاه كي يصل سريعا لطفلته صعد الدرج ولم ينتبه حتى أنه يصعده كالبرق ووالدتها خلفه، وصل للأعلى ليحاول فتح الباب لكنه لم يفتح فقد اقفل فجأة بإحكام.
كانت اوزجي لحظتها تجلس عند حافة السطح منكمشة على نفسها خائفة و تبكي بكاء شديدا، حاول فتح الباب مرات ومرات لكنه لم يتمكن من ذلك ليبدأ بمناداتها باعلى صوت:
اوزجي طفلتي انا هنا
ما أن سمعت صوت والدها حتى ركضت للباب الحديدي لتبدأ بضربه بقوتها الصغيرة مرددة :
بابا بابا ساعدني انا هنا بابا لن اعيدها أن اهرب واختفي ثانية فقط اخرجني بابا، اقفل الباب وصرخت كثيرا كي يساعدوني لكن لم يسمعني أحد.
حاول مرة أخرى لكن قفل الباب كان محكما بشدة، قلبه ينفطر كلما نادته بصوتها المرتجف، لم يدري كيف لكن صوت رجائها شابه صوت التي آذاها، ضميره من هنا وخوفه على طفلته من هنا، فأين المفر يا أمير؟.
وصل حينها رجال الأمن ونازلي وكل مسؤولي المدرسة ليبدأ رجال الأمن في مساعدة أمير بينما نازلي كانت تحاول تهدئة طفلتها التي التي كانت تبكي.
اقترب اكثر وحادثها قائلا:
اوزجي اياك الاقتراب من الحافة ابقي هنا اتفقنا.
اوزجي:
لن اقترب ابي فقط اخرجني من هنا منذ مدة وانا اصرخ ولم يسمعني.
بعد محاولات عديدة استطاع رجال الأمن فتح ذلك الباب الحديدي ليخرج أمير لطفلته مندفعا، أما الصغيرة فواقفة على مقربة خائفة ترتجف، جثا سريعا على ركبتيه وسحبها لحضنه بكل قوة كان يقبل كل شبر من رأسها فما عاشه لحظتها لم يكن بالهين، كانت بين يديه تبكي بخفوت وتشد عليه، لها سند ولها عزوة، لها كتف تبكي عنده وتستند عليه وتضمه حين تخاف، أما تلك، "وحيدة"
 هدأت أخيرا في حضن أبيها فرددت بهمس قائلة :
آسفة بابا لن اعيدها.
أمير مقبلا رأسها:
يا صغيرتي، كدت اجن للحظة لم فعلت ذلك لم اختفيت هنا؟
أتت والدتها واحتضنتها هي الأخرى وهي تبكي لتقول:
أفزعتني حبيبتي لم هربت ها لم؟
تحدثت المديرة لحظتها لتقول:
الحمد لله اننا وجدناها 
قام أمير من مكانها ليصرخ بوجه الجميع حتى رجال الأمن ويقول بنبرة تهديد:
ستندمون على اهمالكم كيف لطفلة بسنها أن تختفي هنا كيف كيف؟ماذا لو...
لكن اوزجي لم تتحمل صراخه لتنفصل عن والدتها وتقوم باحتضان ساقه بقوة قائلة:
توقف بابا لطفا توقف انا من هربت لم اتحمل تنمر من بصفي كنت ساعود لكن اقفل الباب بابا سامحني.
استطاعت اوزجي امتصاص غضبه فنظر إليها وهدأ، ليقوم بحملها ويقول:
لا احد يتنمر على ابنة أمير تارهون انت اقوى من كل شيء وانا من يجب أن يتاسف لك.
نازلي:
وانا ايضا طفلتي سامحينا.
ابتسمت اوزجي فرحة ورددت:
سامحتكما.
بعد ذلك عاد أمير واوزجي ووالدتها الى القصر ليخبروا الجميع بما حدث، كانت اوزجي جالسة بين ابيها وامها وهما يلاعبانها علها تنسى ما مرت به والخوف الذي عاشته قبل ساعات.
اخذته سونا على انفراد لتحدثه محاولة إقناعه عرض اوزجي على معالج نفسي فاقتنع أمير بذلك اخيرا بالاخص بعد محاولة اختفاء اوزجي تلك ثم عاد لمكانه لملاعبة طفلته، وما أن جلس مكانه حتى تذكر أنه لم يتصل بالحارسين ليعودا لحراسة البيت في الجبل.
 انسحب من بينهم وخرج لحديقة القصر واتصل بأحد الحارسين، يلوم نفسه كيف نسي.
ردد بتوتر:
كيف نسيت أمير؟ بالتأكيد هربت، هي مع الحراسة وهربت كيف دونها.
رد الحارس:
مرحبا سيدي
أمير على عجل:
أنت تترك ما بيدك انت وصديقك وتتوجه فورا للبيت فورا.
الرجل:
حسنا سيدي ساتحرك حالا.
أمير:
جيد، اتصل بي حين تصل، ثم أقفل.
بقي مكانه لحظات يفكر بها، خطرت على باله فحزن، وقبل ان يعاند نفسه وضميره وشعوره اتته مليكة قائلة:
أمير بني يجب أن نتحدث
التفت أمير إليها قائلا:
بشأن ماذا خالة؟ اجلي كل شيء اريد ان ابقى مع طفلتي بهدوء هي الأهم الآن.
مليكة:
بخصوصها اتيت أصلا، فقط اسمعني
أمير بجدية:
أسمعك ماذا هناك خالة؟
مليكة:
قبل أن أتحدث، أخبرني عن ريحان اولا كيف تركتها؟
أمير:
هي بخير لا تقلقي
مليكة:
هل تعافت؟
رد أمير:
أحسن مني ومنك ايضا لا تقلقي لأمرها.
سكتت مليكة مستنكرة كلماته ثم تنهدت بضيق مردفة:
هل آذيتها مرة أخرى؟ قل الصدق انا استطيع كشفك حين تكذب.
أمير ضاحكا:
اهدئي لم افعل خالة لا تقلقي ما لا أفهمه كيف استطاعت التأثير على عقلك هكذا خلال يومين؟ هل هذا سحر؟ 
مليكة بتذمر:
لا تهذي، انها فتاة طيبة خلوقة انت لم ترها على حقيقتها بالطبع ستأثر بيه، القلوب جبلت على حب الطيبة والأخلاق وريحان طيبة خلوقة عفيفة.
أمير:
حسنا حسنا يكفي اطراء لهذا الحد انا ساعود لاوزجي وانت زوريها إن شئت ومتى شئت أيضا البيت مفتوح لك.
مليكة:
انتظر بني لم أنه حديثي بعد....
أمير:
للمرة الثانية أسمعك، لكن رجاء لا تتحدثي عنها.
.....
في بيت الجبل...
  انهت الجميلة فرضها ثم تحركت وتمددت على السرير وأخذت تعيد على ذاكرتها ما مرت به صباحا.
قيل لها أن الذكريات عابر سبيل ستمر وتذهب لكن ذكرياتها أقامت عندها وشيت حصونا وقلاعا، غدر بها كل شيء حولها وغدت للأذى أنسا.
 لتباشر البكاء :
ليت لعلنة تنزل على جسدي كي ارتاح لقد فعلها وحرق روحي حتى رجائي لم يكترث له، أكرهك اكرهك وانت لست زوجي ولن تكون بحياتك.
بقيت مدة هكذا ثم سكنت قليلا لتقوم بعدها وتمسح دمعها ثم نزلت للاسفل لاكل شيء فهي لم تتناول شيئا منذ ذهاب مليكة.
صنعت لنفسها شطيرة وكأسا من الشاي وجلست بالمطبخ تتناولها لكنها كانت تدفع اللقيمات الى بطنها بصعوبة فقد ذهبت شهيتها ولم تعد ترغب باي شيء ليس الاكل فقط.
أنهت الاكل ثم نظفت المطبخ وخلافه ،وهي كذلك انتبهت لعدم وجود حركة الحارسين حول البيت كالمعتاد.
أنهت تنظيف المطبخ ثم توجهت للصالون وبقيت تراقب الحديقة للحظات لكنها لم تشاهد أو تسمع اي جلبة.
لحظتها وكانما شيئا اعاد إليها بهجتها ابتسمت بامل لتقول:
يبدو أنهما لن يعودا، منذ الصباح لم مختفيان ولم أسمع حركتهما، تذكرت لقد خرج الشيطان مسرعا بعد أن أتاه ذلك الاتصال،الباب الباب ثم ركضت إليه سريعا وفتحته وحدث ما توقعت، وجدته مفتوحا (لم يقفل بالمفتاح من الخارج)، فتحته مباشرة وخرجت للنور، تحررت صدور الحكم عليها بالمؤبد خلف قضبان من نار، الآن أطلق سراحها ونالت حريتها لكن تذكرت بطاقتها التي سلمها لها يوم زواجهم لتركض سريعا للأعلى وتأخذها ثم خرجت مباشرة تركض كالمجنونة تاركة الباب خلفها مفتوحا.
ركضت سريعا لكن وما أن ابتعدت قليلا حتى توقفت محتارة اي اتجاه تسلك، نظرت للسماء وأخذت نفسا عميقا ثم رددت قائلة:
توكلت على الحي الذي لا يموت.
توكلت على رب الناس واعتمد عليه، وإن كانت وحيدة لا أخ لا أب لا سند لا مؤنس لا يهمها البتة فهي تحتمي برب كل أولئك وتعتمد عليه، ومن اعتمد على الله فلا ذلّ ولا قلّ ولا ضلّ ولا ملّ.
لتاخذ بعدها طريقا عشوائيا من بين الطرق.
لحظتها وصل الحارسان للبيت ليجدا الباب مفتوحا، دلفا سريعا كما طلب أمير وبحثا عنها في الغرفة ثم بكل زوايا البيت لكن لا أثر لها فما كان منهم إلا أن اتصلوا باامير الذي كان في ذلك الوقت مع نازلي بغرفة اوزجي يحاولان إرقادها كي ترتاح قليلا من تعب ما عشاته.
حمل أمير هاتفه وخرج سريعا ليرد خارجا لكن نازلي أحست أن هناك شيئا مريبا من تعابير وجهه لتقترب من الباب وتسترق السمع.
أجاب أمير سريعا ليقول:
هل وجدتموها؟
الحارس:
ليس بعد سيدي، سنجدها بالتأكيد لم تبتعد.
أمير بغضب:
ابحثوا عنها يجب أن تجدوها بأي وسيلة قبل أن تبتعد اكثر، ثك اقفل الخط ونظر برهة لهاتفه فزفر بحنق مرددا:
ماهذا اليوم المشؤوم؟ هل هو يوم الهروب العالمي؟ ستعاقبين على فعلتك هذه أشد عقاب يا ريحان، اخخخ ما اغباني كيف لم انتبه للباب وتركته مفتوحا، وهل بقي في عقل؟

عاد لغرفة أوزجي ليودعها ويخرج مسرعا لكن نازلي لحقت به لتقوم بامساكه من ذراعه قائلة:
الى اين امير؟
أمير:
ابقي معها نازلي لدي عمل مستعجل لا تقلقي ساعود سريعا.
نازلي بغضب:
هل هذا وقت أعمالك أمير ما هذه اللامبالاة التي انت بها أنها ابنتك ابنتك.
أمير بتأفف:
نازلي عودي إلى الغرفة قلت لدي عمل وسأعود
نازلي:
كله بسببك كل شيء انت سببه.
رمقها بطرف عينيه ثم قال مهددا:
نازلي اياك ان تتجاوزي حدودك مرة ثانية عودي للصغيرة ليس من شأنك ما سأفعل.
سحبت يدها من ذراعه وقالت:
عديم المسؤولية، ثم عادت لغرفة طفلتها أما هو فلم يهتم لكلامها فقد كان كل همه ايجاد ريحان ليخرج من القصر ويركب سيارته وينطلق سريعا باتجاه بيت الجبل.
اتصل بالحارس ليسال أن كانا وجداها لكنه اجابه بأنه لا أثر لها بعد.
كان يقود وهو ينظر بكل اتجاه أما هي فلم تعرف اي اتجاه تسلك لتسلك بعدها طريقا مباشرا وبدأت بالسير به منكسرة وحيدة حزينة.








القسم الثاني:

زاد من سرعته اتجاه بيته يتوعد لها بعقاب أضعاف ما نالت قائلا:
كنت اظن انك عاقلة لكن عنادك هذا سيقودك للهلاك يبدو أنه لا يؤتمن لك ريحان لا بأس لاجدك اولا ثم ساحاسبك.
أكمل طريقه يقود ويجوب ببصره فس كل النواحي، أنه يعرف أنها لن تبتعد، يحفظ ذلك المكان لا يمكنها الهرب دون أن تتوه في شوارعه، وهاهو يحدث ما خافته، لمحها عند طرف الطريق مهرولة تنظر هنا وهناك تائهة تفكر أين ستذهب.
أوقف سيارته جانبا لكنها لم تنتبه له ليترجل سريعا ويتوجه نحوها، نظرت جانبا على حين غفلة فلمحته قادما نحوها، كان عيدها قصيرا لم تلحق أن تفرح به وبحريتها فأعادوها للسجن والحزن، خافت وارتعبت وطالعته بعيون متسعة وفم مفتوح لكن عادت تركض نحو اللاشيء المهم أن تفر تردد بصوت مرتجف:
لا أريد، لا أريد.أن أعود.
 لكنه استطاع اللحاق بها فأمسك ذراعها بقوة قائلا:
الا تتعلمين من اخطائك أبدا؟ ألا تخافين؟
ردت في وجهه صارخة وبكل شجاعة:
أفلت يدك القذرة عني، أنا لا أخاف إلا من الله، هي روح واحدة وموت واحد
هزها غاضبا ثم ردد مهددا إياها:
وانا من ظننت قد عقلت هيا الى السيارة ولا تغضبيني ما دمت اخترت عقابك ستنالينه مع حبة مسك.
ريحان بغضب:
 فلتغضب انت لا تخيفني ولا تهمني واترك ذراعي هذا، لتسحب ذراعها من قبضته بكل قوة حتى افلتته وانطلقت مسرعة مرة أخرى تأبى العنيدة أن تستسلم، ضحك ساخرا وتركها تهرول نحو الأمام ثم تحرك خلفها ببطئ لا يزال يضحك يستفزها، مضت هي لكنها تعثرت فجأة وسقطت ارضا متألمة، أسرع ناحيتها وانحنى إليها سريعا واقترب منها قائلا بنبرة فيها شيء من الخوف:
هل تأذيت؟
نظرت اليه بعيون دامعة لتقول:
أكثر من اذيتك لي لا يوجد فقط اتركني بسبيل حالي وسأكون بالف خير ثم وقفت لطن بصعوبة ورغم الألم واصلت المشي تعاند فقط فالتواء كاحلها كان مؤلما وبالكاد تضغط على قدمها.

بقي في مكانه ينظر إليها ليأخذ نفسا عميقا ثم ردد:
ألهمني الصبر الهي، لم أقابل فتاة بهذا العناد قبلا، لا تستلم أبدا، ثم لحق بها يسير بوتيرة سيرها.
اقترب منها قليلا وهس عند اذنها قائلا:
هيا الى السيارة لا تعاندي كل العيون تفتحت علينا لا تجعليني اتصرف معك بعنف ليخاطب نفسه بعدها (تمالك غضبك أمير حتى تركب معك فقط) ،ثم امسكها ثانية لكن برفق هذه المرة فنظرت اليه بغضب لتتحدث قائلة:
ابتعد عني واتركني والا صرخت وقلت انه يخطفني
ضحك على كلماتها ساخرا ثم قال:
لا تنسي انت زوجتي ويمكنني حملك وادخالك السيارة حتى وإن رفضت.
ريحان:
أنا لست زوجتك، شبه الزواج هذا لا يمكن أن أعترف به، لقد قلتها صباحا انت لست زوجتي ولن تكوني بحياتي انا لا اخافك فقط انا اقرف منك والآن دعني اذهب بسبيل حالي.
اشتعل بعد تلك الكلمات غضبا ليجرها بعدها بقوة إلى السيارة قائلا:
حاولت أن أكون لطيفا معك لكن يبدو انني اعطيتك اكبر من حجمك هيا الى السيارة لقد تماديت بما فيه الكفايةسوف يكون لكي عقاب لتربية لسانك هذا وتأديبه فعلى ما يبدو ما نلته من عقاب لم يكن كافيا فحاولت أن تقاومه وتقف مكانها لكنه تمكن منها و قبل أن يركبها السيارة استوقفته امرأة عجوز قائلة:
أمير ماذا تفعل بني؟ (كانت الخالة تسكن بمقربة من بيت أمير وقد تعرف إليها مرة حين طلبت أن يوصلها بطريقه لقضاء بعض حاجياتها)
نظر اليها بخجلته بعد أن سمع صوتها ليقوم بافلات يد ريحان ويقول مبتسما بحب:
اووه مرحبا يا خالة.
الخالة بيرين:كيف حالك بني؟
أمير:
بخير وانت يا جارتي الجميلة؟
الخالة بيرين:
الحمد لله بالف خير لكن من هذه الجميلة التي تسحبها هكذا بني؟ عيب عليك، ألا تعرف التعامل مع النساء؟
ضحكت ريحان ساخرة لكن لم تتحدث بعد.
أمير مبتسما:
آ هذه؟ انها قريبتي انها عنيدة بعض الشيء، تجادلنا وتأبى العودة معي، إنها غاضبة قليلا لا بأس سأراضيها، هيا ريحان للسيارة، عن اذنك خالة لقد تأخرنا.
الخالة بيرين:
أمير بني لحظة لكنه فقط لكنه اركب ريحان بالسيارة وانطلق مباشرة ولم ينتظرها لتكمل حديثها.
نظرت الخالة للسيارة متعجبة ثم مضت لدربها مرددة:
غريب، من تكون حتى يعاملها بهذه القسوة؟
ضربت زجاج السيارة وحاولت فتح الباب رغم أنها تدرك أن هذا لن يجدي نفعا، ثم صرخت بوجهه أن يتركها وينزلها لكنه أصيب بالصم فقط يبتسم باستفزاز غي مبالي لها، يزيد من ألمها أكثر.
وصلا البيت لينزل هو من السيارة وما أن فعل حتى نزلت هي من الجانب الآخر لتحاول الهرب لكنه لحقها و امسكها ليقول:
اوووه ألا تملين انت؟ على رسلك يا زوجتي المصون الى اين هذا بيتك ااضعت طريقه؟
ريحان:
اف اف لست زوجتك الا تفهم؟ كف عن قول هذه الكلمة
أمير:
لا
سحبها ودخل بها البيت فكشر عن انيابه وجهز نفسه لالتهام فريسته، ليقوم برميها بقوة فوق كنبة الصالون حتى أنها تألمت ثم نزل إليها واقترب من اذنها ليقول:
أقطع كلتا رجليك دون رحمة ان فعلتها مرة أخرى يا غبية ثم وقف واعتدل مضيفا:
عقابك هذه المرة سيكون عسيرا لكن ليس الآن ساعود اليك لاحقا يا زوجتي الجميلة، انعمي ببعض الراحة قبل عودتي.
طالعته باحتقار وقالت:
جبان.
أخذ نفسا عميقا وتحامل على نفسه ولم يغضب بل تحرك وخرج من البيت كله وركب سيارته عائدا أدراجه للقصر، فالآن ضمن عدم هروبها ثانية وبعد أن اوصى الحارسين أن يراقبوها جيدا.
بقيت على الاريكة ممدة، غريب امرها فما بكيت ولا ناحت ولا شهقت، بل أخذت انفاسا عميقة حتى هدأت ثم رددت:
لن أستسلم وسأهرب من سجنك القذر هذا.

عاد هو الى القصر ليجد نازلي قد غادرت، لكنه وجد والده هناك بانتظاره ليحدثه، فمنذ خسارة المناقصة لم تطأ رجل أمير الشركة.
عاد لغرفته ليرتاح قليلا من الركض هنا وهناك وما إن تمدد على سريره ومدد ذراعيه حتى طرقت نيجار الباب قائلة:
أمير بيك والدك يريدك.
امير بتذمر:
يبدو أن هذا اليوم لن يمر على خير أبدا، حسنا آت.

خرج من غرفته نحو المكتب فدلف وسلم وجلس، تحدثا لبعض الوقت كن ما حدث بكل هدوء، قررا بعدها أنن يعود أمير إلى العمل في الشركة ويتولي رئاسة مجلس الإدارة مجددا على ان يترك موضوع ديمير والإنتقام منه لوالده ويركز فقط على العمل كي يعوضوا الخسارة.

توجه بعدها لغرفة طفلته ليطمئن على حالها ليجدها مستيقضة بفراشها، اقترب وقبل جبينها قائلا:
لم اميرتي بالغرفة لوحدها هادئة وصامتة؟
اوزجي:
ومع من ساتحدث بابا؟ 
أمير:
مممممم معي انا هنا تحدثي معي إن شئت، اشتقت لقصصك الجميلة مثلك.
ابتسمت وقبلت جبينه لتردف:
ليس لدي مانع أن احكي لك قصة لكن صبرا بابا فقرائتي ليست جيدة كقرائتك.
أمير:
مع ان الوقت مبكر على قصة ما قبل النوم لكن أحب أن أسمع هيا.
تحركت نحو مجموعة قصصها فرحة قائلة:
هيا..

بقي بعض الوقت معها حتى نامت ثم عاد لغرفته ليستريح فجلس على الاريكة وطلب فنجان شاي.

هل يهنئ بعد ان أصابته؟
لن يحدث ولن يجد راحته، طيفها، طيبها، اسمها، في كل ركن يجدها.
 تذكر وهل غير الذاكرة تؤذي؟ تذكر حين اختفت وشعوره بالعجز لمجرد أنه لم يتمكن من ايجادها، ثم وجد نفسه أمامها يتأملها مرة أخرى حين كانت تقف بالقرب من النافذة وكيف رسمت خيوط الشمس الذهبية على وجنتيها لوحة زاهية رغم مقلتيها الحزينة، كان في وعيه يرفضها ويستهوي تعذيبها وفي لا وعيه يفكر بها وبحسنها وبرائتها، ثم عاد وتذكر ما فعله وحقيقة انهاصادقه في كلامها وانها تخاف الحرام لذلك ارادت الزواج، وأنه طمس عذريتها تحت وطئة تهديده، هنا انقلب مزاجه الهادى وعبس، فاعتدل وضم يديه ليردد بغضب:
عد لوعيك، لا تضعف، لا تنس ما تسعى إليه كل هذا لا يهم فأنت أمير تارهون.
 غير ثيابه وتحرك نحو لوحة التصاميم عله يشغل نفيه قليلا ويتوقف عن التفكير لكن هيهات هيهات فقد استحوذ الجميلة على أفكاره، يتجنبها بفعل شيء ثم يعود و يجد نفسه بعد يغرق بتفاصيلها.
 اخرج زفرة قوية من صدره وتحدث قائلا:
اسوء شعور هو شعور الضياع هذا لم أعد أدرك هل ما أفعله صواب ام خطأ.

ثم استسلم النوم بعد أن أنهكه تعب يوم من الهلع ومن الركض هنا وهناك لكنه لم يطل نومه ليستيقظ فزعا فجاة، قام بعدها من مكانه وتوجه لغرفة اوزجي مباشرة ليجدها نائمة بهدوء في مكانها، اقترب وعدل غطاءها ثم قبل رأسها ليقول بصوت خافت:
يبدو أن الخالة مليكة محقة في كل كلنة قالتها، أحست الصغيرة على حركته فاستيقظت فجأة لتجد والدها هناك،نظرت إليه لتقول:
بابا اهناك شيء؟
أمير:
لا حلوتي جئت لتفقدك فقط
اوزجي:
اذا ابق معي
أمير:
اوزجي عودي لنومك وارتاحي
اوزجي:
بابا حبيبي نم بجانبي لا احب الوحدة
نظر إليها قليلا ثم جلس وشاركها سريرها وقام باحتضانها ليقول:
بأمر صغيرتي انا وبقي كذلك حتى نامت ليقوم بتعديلها بمكانها والعودة لغرفته بعدها.

في بيته...
بقيت ريحان بمكانها بتلك الحال ساكنة فقد استسلمت لتلك القضبان الفولاذية التي سجنت بها ظلما ولم يعد بمقدورها فعل شيء أو الافلات من قبضته كانت حزينة لكن لادموع تنزل وكانما مقلتيها قرر أن لا تنجب المزيد فهي بعد أن رأت بصيص نور اعادها الى السجن وكتم على انفاسها اكثر واكثر وطوق رقبتها بشوك الورد اكثر.
كم كانت بائسة تلك الفرحة وتلك الأبتسامات حين هربت وتلك الخطوات، هزمتها وانكسرت كما حدث آلاف المرات.

حل الصباح...
استيقظت ريحان وفتحت عيونها بثقال،استيقظت لتعيش يوما بسجنها كباقي الايام، اعتدلت بمكانها قليلا ثم وقفت وتوجهت للحمام وما ان فعلت حتى تألمت بشده لتنتبه أخيرا إلى كاحل قدمها الذي انتفخ فعاودت الجلوس واخذت تدلكه قائلة:
يلعنك الله كل هذا بسببك، ويتظاهر بخوفه علي ويقول " هل تأذيتي" حقير حقير لكن لا بأس أمير إن كان عمر ينام فرب عمر لا ينام وسيأتي يوم واقتص حقي منك حين يحين موعد.استرداد.الحقوق.

مر وقت على ذلك....
كانت حينها بالمطبخ جالسة وقد حضرت لنفسها كوبا من القهوة وحيدة كعادتها، لكن ترضى بان تعيش على قمة جبل طوال عمرها وحيدة على أن يشاركها هو المكان ولو يوما واحدا.

سمعت فجأة جلبة في الحديقة فوضعت الكوب جانبا وقامت من مكانها باتجاه الغرفة فزعة ترتكز على رجلها بصعوبة، دخلت واقفلت الباب مباشرة فقد ظنت انه هو من عاد، كن لم يكن هو بل المرأة العجوز التي التقوها بالامس الخالة بيرين قد جاءت لزيارتها.
تقدمت الخالة قليلا وبيدها ذلك الصحن الكبير المغطى. 
تحرك الحارس نحوها سريعا ليقول:
خالة بيرين إلى اين؟
الخالة:
أحضرت شيء للفتاة قريبة امير ابتعد من امامي.
الحارس:
لكن يا خالة لا يمكنك الدخول امير بيك لن يسمح.
صرخت بوجهه قائلة:
من تكون انت وأميرك هذا، ابتعد والا ضربتك.
الحارس:
ياخالة من فضلك عودي لبيتك لا يمكنك الدخول سيغضب السيد أمير وقد اطرد من عملي هل تريدين أن تكوني سببا في قطع رزقي هذه طلباته، حين يعود تعالي
الخالة بيرين:
حسنا حسنا لا تكثر من الشكوى وتندب حضك، لن ادخل فقط سلم هذه للفتاة الموجودة بالبيت واخبرها أن الخالة بيرين التي التقت بهم البارحة بعثتها.
الحارس:
شكرا ياخالة.
الخالة بيرين بتذمر:
ها غبي
الحارس:
استغفرك ربي مقبولة منك
الخالة بيرين:
هاي قبل ان أذهب ما اسم الفتاة.
الحارس:
لا أدري خالة.
تحركت للخارج تهمس بين شفتيها:
غبي وأحمق، من يوضف حراسا مثلهم ثم عادت ادراجها سريعا لتقول:
انت مع انك لا تستحق خذ قطعتين من الفطائر، ثم اكملت طريقها عائدة للبيت.
استلم منها الحارس الصحن لتذهب بعدها بسبيل حالها منزعجة.
قام برن الجرس الباب فلم يعد بمقدوره فتح الباب والدخول مثل السابق حسب تعليمات أمير.
سمعت ريحان الجرس لكنها استغربت السبب فهو لا يرن الجرس يدخل كالثور الهائج مباشرة.
فتحت باب الغرفة تتنصت علها تسمع شيئا لياتي على مسمعها صوت الحرس من الاسفل وهو يناديها:
سيدتي، أصبحت السيدةلكنها لم تلبي نداءه ليعيد النداء:
سيدتي هل تسمعينني هل انت بخي
نزلت ببطئ على الدرج لترد بصوت عال:
 انا اسمعك ماذا تريد؟
الحارس:
لقد أحضرت جارة السيد أمير الخالة بيرين شيئا لك سافتحه لاسلمه لك لكن من فضلك لا تحاولي الهروب كي لاتوقعي نفسك وتوقعينا بالمتاعب.
ريحان:
حسنا انا قادمة (غبي احمق مثلك مثل سيدك)
تقدمت من الباب ليقوم الحارس بفتحه من الخارج وتسليمه لها ثم اقفل الباب مباشرة دون انتظار.
حملت الصحن وازالت عنه الغطاء لتجد به فطائر بالحبن واللحم،
ابتهجت حين رأتها حقا، ها قد أتت كعكة عيد الميلاد التي وعدتها بها أمها، لربما ليست أمها لكن ما عاشته من أذى قادها لنفس الشعور لمجرد ان رأت الصحن، تحاول بشتى الطرق أن تسرق من أيامها الشتوية الممطرة شيء من الفرح، لقد تحب هذا النوع من الفطائر لكن لا تجيد صنعها بقدر عمتها لتقول قرحة:
ممممم رائحتها ذكية جدا ومشهية وساخنة ايضا حسنا ساتناولها بعد أن تبرد قليلا بجانب كوب كبير من الشاي المخمر سانسى به همومي.

وضعت الصحن فوق الطاولة وتوجهت للمطبخ لتحضير الشاي.
كان أمير حينها على مقربة من البيت حتى أنه لمح خروج الخالة بيرين من بعيد ليتوقف بسيارته حتى غابت عن نظره قائلا:
الله الله يبدو انك تتعلقين بقشة لكي تفري مني ريحان؟ ترى ما سبب وجود الخالة بيرين بالبيت؟ وكيف تجرأت وأدخلتها بوجود الحارسين لا بأس ساريك قدرك، ليكمل بعدها ما تبقى من طريقه حتى وصل البيت.
صف سيارته ونزل مسرعا للداخل لكن الحرس استوقفه يريد اخباره عن قدوم الخالة بيرين قائلا:
أمير بيك
أشار بيده أن يتوقف ثم ردد قائلا:
ليس الآن، ثم دخل مباشرة إليها شمر غضبه على ساعديه وأسرع ناحيتها يريد ان يستمتع بممارسة طقوسه عليها، كانت لا تزال بالمطبخ واقفة مبتسمة، توجه نحوها ليصرخ بها:
بماذا أخبرت الخالة بيرين؟
شهقت خوفا وتوقف نفسها للحظة فوضعت يدها على صدرها مرددة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
أخذت نفسا عميقا والتفتت اليه قائلة:
 مابك؟ ست*ق*تل*ني يا هذا.
رفع أمير يده مهددا ليتحدث ضاغطا على أسنانه:
 من سمح لك باستقبالها هنا؟ ألا تخافين انت؟ ماذا تحملين بين كتفيك؟ رأس أم ماذا؟
ريحان دهشة:
مابك تصرخ؟
امير:
لا تظني أنه بذلك الزواج التافه الذي لا يعترف به أصلا ستصبحين سيدة هذا البيت انت مجرد وسيلة لإشباع رغباتي فقط.

إهانة جديدة في سلسلة إهاناته ووحشيته معها، كل كلماته وتصرفاته ماهي إلا خناجر مسمومة تطعنها فى روحها التي باتت تنزف حزنا تحت الحطام، بفضل وحشيته تلك أصبحت تتنفس ضيقة ووجع وحزن والم فقدان النفس شيئا يخنقنها، لقد جعلها تفنى ببطئ من أوجاعها داخل سجنه اللعين، وما أقساه من وجع نابع من هذا الصمت الخفي الذي يسكن في أعماقها، وجع لعين لا يستطيع العقل إستيعابه ولايستطيع القلب تجآهله ، فيظل ينهش في آعماقها حتى يمزق روحها، وكلما حآولت ترميمها إلا أنها تمزقت أكثر.

اغرورقت عيونها دمعا وانكسرت، أمطر البرد على كل جسدها فهشمها إلى حطام ونثرها، كل الذي أرادته شطر صغيرا من السعادة لكنه شاء أن يحرمها إياها، فرددت باختناق ودمعها يسبق الحروف:
من قال لك انني اريد ذلك أو اعترف بهذا الزواج أو اريد ان اكون سيدة هذا السجن انا اكرهك اكرهك ولعلمك لم استقبل أحدا هنا ولم أر أحدا غير وجهك القبيح؟
زادت كلماتها تلك من غضبه فتأفف وتحرك يمينا ويسارا يحاول تجاوز غضبه دون أن يؤذيها فانتبه للصحن الموضوع على الطاولة، ناظره باستغراب ليقول:
إن كان كذلك فما هذا اذا؟ وسريعا تحرك نحوه وضربه بيده بقوة ليوقعه أرضا، حطم قلبها معه، ليكمل قائلا:
لم يخلصك أحد مني مهما حاولت ومهما شوهتي صورتي أمام الناس ادخلي هذا براسك السميك.
وقفت متسمرة أمامه ثم نظرت بحزن للصحن المنكسر والفطائر التي وقعت أرضا وتناثرت واختلطت بعضها بالزجاج مثلما اختلط بعضها هي باليأس، ابتسمت والمقلتين تفيض دمعا ثم نزلت أرضا تحاول جمع ذلك الزجاج، فزفرت بضيق واردفت باكية:
لقد صنعتها الخالة بيرين واعطتها للحارس وهو سلمها لي حتى اني لم المحها، إنها من النوع الذي أحبه وقد اشتهيتها حقا كانت تبدو شهية ورائحتها ذكية، حتى أنني لم اتذوقها ،ثم نظرت اليه بتلك العيون الدامعة لتكمل:
لقد كانت عمتي تصنعها لي دائما لاني احبها، وأخذت الطريقة من أمي، لكن أمي ماتت وعمتي ماتت وأنت رميت الفطائر.

كان واقفا أمامها ينظر إليها وإلى ما خلفه بسبب أمر اقل ما يقال عنه أنه تافه ولحالها ليدرك أنه تصرف بغباء حينها، ههه يا لسخرية القدر؟ الآن فقط أحس أنه تصرف بغضب وغباء.
إنه رجل اسود هناك ينتظره، يجهز نفسه ينوي كتابته قصيدة برد على جدران الألم، يدرك انه مهما فر وابتعد آتيه لا محالة.

فما كان منه إلا أن انسحب وخرج من البيت مباشرة متوجها إلى الحارس ليسأله عن ما حدث ليجيبه بأن الخالة بيرين قد اتت لرؤية ريحان لكنه رفض ما جعلها تعود ادراجها.

خرج بعدها من الحديقة واخذ سيارته واتجه للجامعة لتقديم دروسه ثم الى الشركة التي غاب عنها لايام ليمر اليوم هكذا حتى عاد للبيت مساء.

حل صباح يوم جديد...

استيقظت ريحان من نومها لكنها لم تغادر فراشها، بقيت مستلقية به تخاطب جدران تلك الغرفة التي أصبحت صديقتها والوحيدة في ذلك المكان الضيق التي تسمعها.
 رددت بحنق قائلة:
ياربي الى متى ستبقى هكذا؟ الى متى ساكون حبيسة هذا البيت الضخم والله لو كان اصغر من هذا كان اهون وارحم رغم اتساعه الا أنه يخنقني ويكتم على صدري كأنه أفرغ من الهواء كل يوم يمر كالذي قبله مللت وتعبت، إلى متى سينزف قلبي؟

قامت من مكانها اخيرا واتجهت للحمام للاغتسال كانت تنظر للهالات السوداء التي ارتسمت اسفل عيونها والى تلك العلامات التي لايزال منها اثر برقبتها فرددت بحزن تلامسها باشمئزاز:
حتى وإن ذهبت هذه العلامات عن جسدي لكن علامة الجرح الذي بقلبي لن تزول سيكون لنا لقاء عند الله أمير تارهون وساخبره بكل شيء لا تستحق الا نار جهنم ياشيطان لا بل ينحني لك الشيطان اجلالا على افعالك.
غيرت ثيابها ثم تناولت فطورها لتقوم بعدها بترتيب البيت وتنظيفه كعادتها كل يوم حتى أصبح كعيادة طبيب الأسنان من شدة النظافة علها تملأ وقتها بعض الشيء.

في القصر...
خرج أمير من غرفته لغرفة أخته سونا لياخذها بطريقه الى طاولة الافطار لكنه حين اقترب من الغرفة وجدها تتحدث بالهاتف وما ان دخل حتى أقفلت ورمت هاتفها أرضا.
اسرع إليها هلعا ليقول:
ماذا هناك سونا؟
ردت ترتجف خائفة:
أنه هو لقد عاد أمير 
أمير بتوتر:
ا يمكن ليس لديه جرأة أنه اجبن من أن يفعلها
سونا بهلع:
صدقني اخي أنه صوته أنا متأكدة
مسح على شعرها بحنية قائلا:
ولم الخو؟ ليظهر فقط أمامك وسامحوه من الدنيا، أنا هنا لن يؤذيك شيؤ لا تقلقي، ثم حمل هاتفها واعاد الاتصال بذلك الرقم لكن كان مغلقا، وضع الهاتف جانبا وعاد لأخته لتهدئتها فضمها بحب وربت على كتفها كثيرا وكثيرا ليردف بخفوت يبعث الأمان لقلبها:
لم تعودي سونا القديمة أنت الآن سونا القوية التي تجابه كل العواصف انت ابنة حكمة تارهون وشقيقة أمير تارهون، ما عاد هناك شيء يهزمك تذكري أنك تجاوزت كل شيء مؤلم وصعب، و ان كان هو سينال جزاءه اخيرا.
ضمها لوقت حتى هدأت وزال خوفها ثم نظرت اليه قليلا فأومأ مستفهما لتتحدث بحزن قائلة:
أريد ان اكون قوية اخي لكن لا استطيع، حاولت وفي كل مرة أعود واضعف.
أمير:
ستكونين ستكونين فقط استمري ولا تنظري للخلف ابدا والآن هيا الى الافطار ولا اريد اعتراضا.
سونا مبتسمة:
حسنا اخي ساكون كما ترغب مادمت تمنحني هذه القوة.
احتضنها ليقول:
حبيبتي افعلي هذا لأجلك وليس لأجل أي احد، ها لقد نسيت أن اقول صباح الخير
سونا ضاحكة:
صباح النور أخي، افزعتك منذ الصباح
أمير ضاحكا:
متعود، لا يمكن أن يمر علي يوم طبيعي، ههه أمزح حبببتي لا تهتمي المهم أن لا تخافي ثانية والآن هيا يا لنفطر وساوصل بعدها اوزجي لمدرستها.
سونا مبتسمة:
حسنا أخي، اسبقني انت وسألحق بك.
تحرك خارج الغرفة وتوجه للإفطار ليتركها مكانها تفكر، نظرت لهاتفها برهة ثم ضمت يداها قليلا متوترة ثم زفرت بقوة واردفت:
لن أخاف، لن أخاف، نعم أنا قوية ولو كان هو سأسجنه الحقير.
خرجت بعدها من غرفتها وتوجهت لطاولة الإفطار.
أنهوا فطورهم ثم اوصل أمير طفلته الى مدرستها ليتجه بعدها الى تلك السجينة التي تنتظر منه الفرج.

كان في الطريق يستمع إلى الموسيقى ويستمتع بها كان مبتهجا سعيدا فقد حان وقت العقاب، كل تفكريه كيف يؤذيها بأقلل ضرر جسدي واكبر ضرر نفسي، لكن تعود نفسه اللوامة وتغلبه فيزفر بحنق ويخالجه شعور الأسى عليها والإحتقار لنفسه.

أنهت هي ترتيب البيت لتقوم بعدها بارتداء لباس الصلاة ثم فتحت مصحفها وبدات بقراءة ما تيسر من القرآن فاجمل ما تشغل به نفسها قراءة كلام الله عز وجل.
وصل للبيت فصف سيارته ونزل بهدوء ليدلف الحديقة ويسلم على الحارسان ويطمئن لانه لم يأت أحد مرة أخرى ثم ظلف البيت ووقف عند الباب قليلا ليبتسم بمكر مرددا:
ترى قطتي الشرسة اين؟
تحرك للأعلى لكنه لمحها في الصالون فعاد أدراجه وتوجه نحوها فوجدها جالسة مطمئنة متحجبة ومصحفها مفتوح أمامها وهي تقرأ بصوت خافت بالكاد يسمع، لكنه وصله، بل بشكل مياشر إلى قلبه.
جلس بجانبها وطالعها كثيرا، أما هي كعادتها لم تنظر له حتى، ابتسم واخذ نفسا عميقا ثم اقترب منها قليلا ليردف:
تتعمدين تجاهلي لكن لا بأس، لأظهر لك نفسي هاي مرحبا( ملوحا بيده).
لم ترد عليه بل اكملت قرائتها بكل هدوء، لم يقاطعها بل بقي ينتظرها علها تنهي قراءتها وتهتم لأمره لكنها واصلت القراءة فهي حين تضع المصحف بين يديها أو حين تكون واقفة بين يدي خالها تمتلك كل طاقات الكون التي لاتقهر.
انتظر وانتظر حتى مل فتأفف بتذمر ثم اعتدل قليلا بجلوسه وتحدث بجدية:
أنهي قراءتك سريعا.
رمقته بعينها ثم أقفلت مصحفها ووضعته فوق الطاولة ثم التفتت إليه وطالعته بغضب مردفة:
ماذا تريد؟ الاكل بالثلاجة ومشروبك بمكانه ماذا تريد مني؟
ابتسم أمير بمكر ثم تحدث بخفوت قائلا:
اقتربي 
ريحان بغضب:
لا اريد ماذا تريد انت؟
أمير:
قلت اقتربي
لكنها لم فاقترب هو منها اكثر ووضع يده على خصرها وسحبها إليه فانقبض قلبها وأصابتها قشعريرة غريبة، لم تعد تخافه لذلك الحد لكنها كرهته لأكبر حد، لقد أطفأها ولم يترك لها في الذاكرة غير الذي تريد أن تنساه.
 ليتحدث عند أذنها قائلا:
لأعترف لك بشيء انت جميلة لكن ليس هذا ما يعجبني بك
ناظرته باشمئوار واردفت:
أنت مريض نفسي
ابتسم باستفزاز ثم لامس كتفها باطراف أصابعه وتحدث برود قائلا:
وجهة نظر، لكن حقا ما يعجبني بك انك مسلية، فطالعته دهشة ليكمل هو:
 أجل أجل انت تسلينني يعني حين امل تأتين على خاطري، يعني بشكل أدق انت لعبتي هكذا، عنادك دموعك التي مللت منها غضبك كله مسلي.
لكنها نظرت اليه باشمئزاز لتقول:
أتا أرثى لحالك حقا، أنت مثير للشفقة.
ابتسم، غير عادته فالغضب لم يهزمها ثم اقترب اكثر وضمها بكلتا ذراعيه ليسرق منها قبلة خاطفة أثارت حزنها مرة اخرى فحاولت الابتعاد لكن لم تستطع.
تحدث سعيدا بتلك القبلة قائلا:
احب رؤيتك عن قرب هكذا افضل، ثم لم أحسك تشعرين بالقرف، هههه أنا زوجك يا حلوة استمتعي، أليست هذه رغبتك منذ البداية؟

التفتت يسارا وتجنبت النظر اليه لتردف:
ابتعد عني.
لامس رقبها قليلا ثم قال:
لقد حان وقت العقاب حلوتي لا تظني انني نسيت هروبك والخالة بيرين.
صرخت بوجهه قائلة:
 للمرة الألف انا لا اخافك صحيح انك تملكت جسدي لكن قلبي يمقتك يحتقرك افعل ما شئت، لم يعد هناك شيء أخسره بعد أن ذبحت عذريتي وشرفي بكل قسوة.
سكت قليلا وابتعد عنها اخيرا، نعم لقد أصابته في الصميم وتمكنت منه وهزمته، لكنه لا يعترف بالهزيمة مهما حدث فوقف يتفاخر ثم قال:
هيا قومي 
ريحان:
لا.اريد
أمير بضحكة مكر:
لكن انا اريد، ليمسك يدها ويوقفها بالقوة ثم بدأ بسحبها يريد إخراجها للخارج وهي تقاوم تحاول سحب يدها فصرخت بع قائلة:
اين ستاخذني؟ اتركني
أمير:
قلت أنه حان وقت عقابك فانا لا اسامح ابدا.
سحبت يدها منه ثم أمسكت بالباب بقوة لتقول:
اتركني يا مجنون لن اذهب معك لأي مكان 
امير:
انت زوجتي لا تنسي
ريحان:
لست كذلك ولن اكون واتركني اليس ليدك كرامة؟ انا اك*ره*ك
أمير:
ساتركك حين تنالين ما تستحقين من عقاب لا تقلقي.

حاول معها لكنها تشبثت بالباب بقوة فلم يتمكن من سحبها، وقف مكانه برهة يفكر وسريعا انحتى و حملها على كتفه وتوجه بها لسيارته فضربته لظهره بقوة وصرخت قائلة:
انزلني أين تأخذني؟ سأصرخ وألم الناس حولك واقول خطفني.
رد بثقة:
لا زوح يخطف زوجته لذا توقفي عن الصراخ.
ثم أركبها السيارة رغم ضربها له لكنه تمكن منها، ثم احكم الحزام عليها ليركب سريعا وينطلق بها...
كعادتها لا تستلم فحاولت فتح الباب لكن دون جدوى فقد اقفل أبواب السيارة بالقفل جميعا فطولا مفر لها.
مضت معه في طريق القدر متجاهلة خذلانها ونسيت الحياة خلفها.

الى هنا انتهت حلقة الليلة من رواية #عشق

ليست العذرية فقط عذرية جسد فهناك عذرية مشاعر وأحاسيس فلا تفسدوها حتى لا تهنوا....♥️

الفصل السادس من هنا 

 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1