رواية عشق الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم كنزة





رواية عشق الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم كنزة 





الحلقة التاسعة والعشرون من رواية #عشق
عنوان الحلقة: وكشف الستار.

‏"كل المشاعر التي أحاول تجاهلها وكأنها لم تكن وكأنني لم أعشها يوما، تخرج مني الآن في غير توقيتها المناسب على هيئة: غضب، غضب طائش يحطم قلب تائب متعفف عن خطاياه"

القسم الأول:

تحدث اخيرا ليقول:
أنت ظالمة

كانت تنظر إليه بحسرة بعد أن استوعبت ما قالت من كلمات لتضع يدها على شفتيها محاولة ارجاع تلك الكلمات التي خرجت لكن هيهات هيهات فالرصاصة قد انطلقت وأصابت ولن تخطئ لتردد:

أنا ثم سكتت
اخرج زفرة قوية من بين أضلعه ليقول بنبرة صوت حزينة:
لا تتأسفي لاذنب لك انت بل هو ذنبي ذنب يلاحقني وسيلاحقني لآخر العمر ثم تحرك ماشيا تاركا ريحان واقفة بمكانها لكنها نادته لتقول:
أمير لحظة.
توقف قليلا دون الالتفات إليها حزينا ثم مشى بدربه لكن سرعان ما استوقفته مليكة لتقول:
بني دكتور سونا النفسي بالداخل.
رد أمير باستفهام:
من اتصل به؟ أنا لم افعل لتنادية من الخلف قائلة:
انا فعلت منذ قليل.
التفت ونظر اليها لكن لم يتحدث بشيء.
تقدمت أمامه وتوجهت مباشرة للداخل ليقوم هو باللحاق بها سريعا لاستقبال الاخصائي النفسي لسونا.
وقفت عند باب الصالون ومسحت دمعها وعدلت من هيئتها قليلا تلك التي يظهر عليها التعب والحزن جلين ثم دخلت الصالون مبتسمة لتقول:
اهلا بك دكتور فرد الدكتور اوزجان مرحبا بها:
مرحبا سيدتي لياتي خلفها أمير ويقف بجانبها ويمد يده ليسلم على الدكتور ثم قام بوضع يده بيد زوجته ريحان ليقول:
تفضل دكتور.

نظرت إلى يده التي تشبثت بيدها باستغراب لكن لم تسحبها بل أبقتها بيده ليتحدث الدكتور بعدها قائلا:
آسف لتاخري لقد كان عندي مواعيد مع المرضى لم استطع تأجيلها،كيف حال الآنسة سونا؟ الآن زوجتك أخبرتني بما حدث على الهاتف امير بيك 
تحدث امير مجيبا عليه:
هي بخير دكتور انها نائمة سنوقضها لتتحدث معها فرد الدكتور قائلا:
لنتحدث معا اولا ثم اتفقدها بعدها دعها ترتاح قليلا.
نظرت ريحان لامير لتقوم بسحب يدها من يده وتضم اصابعها ببعضهما لتتحدث بعدها وتقول:
دكتور لقد فعلت كما اخبرتك على الهاتف منذ أيام لكن النتيجة كانت سيئة.
الدكتور اوزجان متحدثا ومحاولا طمئنتها:
لا بالعكس ما فعلته في محله وهي الطريقة الأمثل لتتخطى الآنسة سونا محنتها التي سجنت بها،يجب أن تتحرر من تلك القضبان بمواجهة وحشها وجها لوجه ساقول شيء:
في علم النفس توجد معالجة نفسية من القدم تسمى ماري كوفر جونز لربما تسمعان عنها لربما لا المهم أنه أصبح من المعروف الآن أن كوفر جونز تعتبر "أم العلاج السلوكي"، حيث دونت ملاحظاتها الأساسية لما سيعرف باسم العلاج بالتعرض الذي يقوم على دفع الناس قدر المستطاع على التغلب على مخاوفهم من خلال مواجهتها في بيئات خاصة خاضعة للرقابة وليس من عبث طبعا فنحن هنا ندفع شخصا لموجهة خوفه يعني كأنه يواجه شبحا، بعد مرور قرن من الزمان يمكن لعلماء الأعصاب أن يشاهدوا كيف أن مواجهة مخاوف المرء تكمن في الواقع داخل الدماغ.
اتمنى أن تكون فكرتي وصلت فقط فرد أمير وريحان بصوت واحد:
وصلت دكتور

_في وقت سابق
(قبل أيام وقبل أن تقدم ريحان على جمع كل من سونا وكنان اتصلت بدكتورها النفسي اولا لتخبره وتستفسر عن مدى نجاح فكرتها تلك فللحظة ظنت أن الدكتور سيرفض قطعا لكنه رحب بفكرتها فهو لطالما سعى لذلك مع سونا وحاول معها لكنها كانت ترفض كل مرة).

نظر أمير لريحان مذهولا دون التلفظ بحرف واحد لكنها تحاشت النظر إليه فهي لاتزال حزينة لما تلفظ به ولما تلفظت به،هو آذاها بكلماته وهي فعلت الشيء المماثل،هو كسر قلبها وهي صنعت الضعف،كل واحد منهما جالس أمام الاخصائي لكن الفكر والفؤاد يطوف بين تلك الكلمات التي أضيفت إلى كل الكلمات الموجعة التي خرجت من فيهها ومن فيهه قبلا.

بعد لحظات تفقد الدكتور سونا وتحدث معها قليلا،سألها بعد حديث مطول بينهما قائلا:

والآن اجيبيني على أهم شيء أو بالأحرى لن نجعله سؤالا هو اعتراف صديقة لصديقها فردت سونا بصوت خافت:
تفضل دكتور
تحدث دكتور اوزجان قائلا:
لكن اتفقنا دون ألقاب أنا صديقك وأنت صديقتي والأصدقاء لا يستعملون الألقاب في حديثهم سونا
ردت هنا سونا بتودد وابتسامة تشقها من بين أحزانها أخيرا:
حسنا اوزجان أسمعك
تحدث الدكتور قائلا:
هكذا نعم والآن اخبريني لو وقف فجأة أمامك الآن ماذا ستكون ردة فعلك؟ ففكرت سونا قليلا وبعدها أجابت:
لا أعرف لكن صدقا اظن انني لن اخاف أو قد اخاف لكن ليس لتلك الدرجة،قد اصرخ بوجهه أو قد اصمت لكن لن يغمى علي قد اهرب أو قد اطرده بدل ذلك من يدري
الدكتور مبتسما سعيدا لما وصلت اليه من تطور في حالتها:
جميل هذا ما كنت أريده منك، خطوة أمام خوفك،وهكذا لن يسحبك للخلف لأنك سبقته خطوة وبالتدريج ستضعين خطوة أخرى وأخرى ثم تهرولين ثم تركضين لتتركيه وراءك كما أنك لن تعودي تلمحيه حتى سيبقى في نقطة الانطلاق وحيدا ذليلا واطأنت في نهاية الطريق أو بالأحرى في نهاية السباق منتصرة تحتفلين بانجازك فردت سونا بامتنان له فرحة مستبشرة بأن هناك خيرا قادما:
شكرا صديقي
الدكتور قائلا بلطف:
ساخبرك سرا هذه اول مرة تكون لي جلسة خارج العيادة لكن انا لن اعتبرها جلسة لنقل زيارة قصيرة.
أنهى الدكتور زيارته الاضطرارية ليخرج بعدها من القصر بعد أن قام كل من ريحان وامير بتوديعه عند باب القصر ليقول قبل خروجه:
أحسنت سيدة ريحان بفضلك قطعنا شوطا في علاج سونا كان يجب أن يتشجع أحدكم ويفعلها وأنت باصرارك فعلت ذلك.
ريحان بفرح من تحسن حالة سونا فأجابت:

استغفر الله دكتور الفضل لله وحده.

كان أمير واقفا ينظر دون التلفظ بحرف لكن ملامحه قد ظهر عليها التغير فهو لا يحب أن يمدح رجل زوجته أمامه لكنه لم يظهر ذلك علنا.
انصرف الدكتور لتلتفت هي سريعا وتتجه لغرفتها دون النطق بحرف واحد.
كان ينظر إليها وهي تسير حتى اختفت عن نظره.

توجهت بعدها إلى غرفة سونا مباشرة بغية الاطمئنان على حالها ليلحق بها أمير سريعا فهو يدرك أن سونا سترفض مقابلتها وقد صدق ظنه فقد طرقت ريحان الباب برفق ودخلت مباشرة،اقترب أمير حينها من الباب ليسمع ريحان وهي تنادي سونا بهدوء وتقول:
ايمكنني الدخول؟ فنظرت اليها سونا بحسرة قائلتا:
لقد دخلت أصلا.
تقدمت ريحان قليلا اكثر لتقول:
يمكنني التحدث؟
التفتت سونا بوجهها الناحية الأخرى لتقول:
 لا أريد من فضلك انصرفي فتحدثت ريحان محاولة الاعتذار منها:
سونا حبيبتي أنا حقا آسفة.
التفتت سونا إليها وقد فاضت مقلتيها دمعا لم تستطع التحمل إنها صديقتها الأقرب بل أختها التي رزقت بها فجأة لتقول بحزن:

أنت لقد خنت ثقتي بك لقد جعلتك اختي التي لم تنجبها امي، ريحان هيا انصرفي لطفا لا اريد ان اؤذيك بكلماتي أكثر دعيني وشأني أريد البقاء لوحدي فقط فتحدثت ريحان:
 كما تشائين ثم خرجت بكسرتها من الغرفة وما إن فعلت حتى وجدته هناك واقفا وقد نظر إليها نظرة ملؤها العتاب والحسرة وأظهرت ما يوجد من كسور بقلبه اتجاهها بعد ما تلفظت به في الحديقة.

تركته هناك واقفا وتوجهت للغرفة لأخذ حمام دافئ،لم تطل البقاء بالحمام لتخرج منه سريعا ببرنس الحمام ثم حملت ثيابها التي بالسرير وعادت الى الحمام لترتديها هناك مكسورة الخاطر مخافة أن يأتي فجأة، ثم وقفت بالمرآة تنظر لانعكاسها هناك تحاول تدار المها لكنها ما استطاعت وجبنت أمام دمعها الذي خانها وغلبها ونزل أما هو فقد كان جالسا بالمكتب يفكر.
بقيت هنا قليلا ثم قررت الخروج اما هو فقد عاد للغرفة يبحث عنها ليتوجه للحمام مباشرة.

خرجت ريحان من الحمام لتتفاجأ به أمامها،رمقها بنظراته المشحونة كسرة مع الغضب لكنه لم يتحدث أما هي فدمعة مقلتيها كافية بأن توصل له كل ما يجوب خلجات قلبها الموجوع.
لكن استدارت سريعا متجهة للخارج ليكسر صومها عن الحديث معه ويقول:

إلى أين؟ فالتفتت اليه قائلة:
إلى اوزجي
تحدث محاولا أن يتحكم بأعصابه قائلا:
لم ننه حديثنا بعد.
نظرت اليه مطولا ثم اقتربت قليلا لتقول بكلمات متقطعة:

أي حديث اتريد أن تضيف شيء على كلماتك تلك؟ وقد تحدثت وقلبها يعتصر بسبب نظراته تلك.
رد هو بنبرته الحادة ليقول:
لم لم تخبريني بانك اتصلت بالدكتور اوزجان؟ أجيبي انظري حتى هذه فعلتها ولم يأت على خاطرك اخبار زوجك الأحمق
ردت ريحان بسخرية:
اهذا ما يهمك أنني اتصلت بالدكتور اوزجان من خلف ظهرك؟ كله لأجل اختك افهم.

زادت حدة صوته ليجيبها:
لكنه من وراء ظهري يا زوجتي من وراء ظهري.
للحظة وقف أمامها أمير الوحش بنبرة الصوت المرتفعة المشحونة غضبا تلك، كانت فقط تنظر إليه وإلى انفعاله وثورانه بوجهها لترد بعد حين وتقول بنبرة صوت مرتفعة أيضا:
وهل تركت لي مجالا لقول شيء أصلا؟ أنت بلحظة اتهمتني أنني أسعى لعذابها لا لشفائها.
أمير بنبرة قاسية معاتبة:
أنت هكذا دائما تتصرفين من راسك دون الإكتراث بي إن كان الأمر سيزعجني أم، لا لا يهمك طبعا فأمير الساذج يعشقك وهو ضعيف عند هذه النقطة بالتأكيد إن حدث عكس ما تسعين إليه سيتقبل الأمر بصدر رحب لأنه يحبك حد الجنون ثم شد قبضته ليقترب منها أكثر ويخرج غضبه كله دفعة واحدة بوجهها ويقول: 

كيف لك أن تنسي بأنها أختي وأعز ما أملك، كيف نسيت ماعاشته أكثر من مرة؟ وأنت كنت شاهدة على انهيارها كيف كيف؟ ما عدت أعرفك هل انت فعلا عشق؟
سكتت هنا ريحان ما عساها ترد إنه جرحها بكلماته تلك التي لا ترحم مرة أخرى وهاهي نبرة صوته تتغير وتعلو شيء فشيء وسيصدر من تلك الشفاه ما لا يحمد عقباه لاحقا.
تنظر بعيونها المتسعة له فهو لا يزال يريد أن يجادلها في ذات الموضوع الذي تهرب منه لكن بالأخير لن تبقى صامتة وهنا تحدثت رغم عيونها التي أظهرت حزنها وصدمتها لتقول:
ما الذي تهذي به انت تقسو علي بشدة أنا لم افكر بك يوما بهذه الطريقة
رد أمير غاضبا :
ليس بقدرك أنت أنا حقا مصدوم بك وبما قلته فرغم خطئك تأتين و بكل برود وتقارنينني بذلك الشخص عديم الاخلاق وأنت تنظرين بعيني فقط أجيبيني كيف أمكنك ذلك؟
أنت ما فعلته شيء بالكاد أستوعبه وتدركين جيدا أنك مذنبة لكن بدل أن تعتذري تأتين و
ردت ريحان:
و ماذا أمير ها؟ و ماذا لم سكت؟
 ليرد أمير:
يكفي رجاء انتهينا
وضعت يدها على جبينها لتنزل بها تمسح على وججهها تحاول التماسك أمامه كي لا تنفجر بوجهه تكتم غضبها ما استطاعت ثم تحدثت قائلة:
من الأحسن أن تتحدث أمير
 عاد للخلف قليلا وتحرك يمينا وشمالا وهو يشد على لحيته غاضبا ولم ينطق ببنت كلمة أخرى بينما هي لا تزال تنظر فقط وتتحدث لكن بداخلها فقط لكن فاض بها الكأس ولم يعد بمقدورها كبت دمعها أمامه والمقاومة أكثر لتطلقه من مقلتيها جاريا ينهمر كالمطر في سيلانه فحاولت أن تلتفت للخلف تهرب منه كي لا ينتبه لكنه انتبه فكيف لا ينتبه وهي تجري مجرى الدم ثم إنه يحسها ولو لم تنطق بكلمة لكنه لا يزال غاضبا.
نظر إليها قليلا ثم عاود الاقتراب منها قليلا ليتحدث بصوت يغلب عليه الحزن:
يبدو أن هناك ندبة بقلبك لن تمحوها سنين العمر كلها مهما حاولنا أو بالأحرى مهما حاولت أنا لأنك على ما يبدو لا تحاولين نهائيا والدليل هاهو مع الأسف قارنتني به ثم خرج منسحبا الى الخارج تاركا إيها هناك واقفة تبكي بصمت.
وسالت دموعها الصامتة والتي جرت علي وجنتيها تشقهم بعنفوان يضاد حزنها الهادئ ووجعها المدفون ذلك الوجع الذي أبى أن يحررها يوما ويذهب عنها ليتركها تعيش مع حبيب روحها بهناء.
مرت مدة على خروج أمير من الغرفة،استجمعت فيها ريحان نفسها المكسورة وتوجهت لغرفة اوزجي كعادتها لكن قبل دخولها تصادفت بجافيدان قادمة في الرواق،نظرت إليها ريحان بطرف عينها لكن لم تتلفظ بشيء بل أكملت دربها لكن الأخرى أمسكتها من ذراعها وهي تنظر إليها بغضب.
نظرت ريحان لموضع يدها لتسحب ذراعها بقوة قائلة بحدة:
يكفي لحد هذه النقطة ما عدت أستطيع أن أتحملك أكثر لقد تجاوزت حدودك معي. 
اقتربت جافيدان منها لتتحدث بكل ثقة وقوة كعادتها دائما لا تأبى الإنكسار ولا تظهر ضعفها أو استسلامها لبشر مهما كانت شدة قربه منها لتقول:
انظري نتيجة افعالك يا من تتفاخرين بأنك كنة العائلة، أهكذا حقا يكون رد الجميل؟ وأنك أصبحت واحدة من العائلة أهكذا تثبتين أنك الكنة التي تستحق لقب تارهون؟ ههههه أنت على العكس تماما وهذا أول درس لك وقد فشلت به،لا بأس سيأتي يوم وتكشفين للكل على حقيقتك وحينها ستخرجين من هنا بثيابك العفنة كما دخلت إلى هنا أول مرة منزلة رأسك للأرض لأن أمثالك في أحلامهم أن يندمجوا في هذا المجتمع الراقي.
نظرت إليها ريحان مطولا نظرات ملؤها الغضب تود أن تصرخ في وجهها وتطردها من الغرفة فهي تدرك أن لها كل الحق في ذلك ولها الحق في رد كرامتها ثم اقتربت منها وانحنت عند أذنها قليلا لتقول بهدوء و بصوت خافت:
هنا بيتي وسأبني عشي هنا وأنجب أطفالا لامير هنا، وسيركضون حولنا بجنون ومرح، وايضا سيكونون نسخة من والدهم الذي هو ابنك، وستنمو عائلتنا وتكبر وتكبر انا زوجة أمير الذي هو ابنك ايضا وعشقه وسكينته، أنا ريحان تارهون شئت أم أبيت حماتي، ثم رفعت راسها وابتسمت لتبدأ بالانسحاب إلى غرفة الصغيرة بينما الأخرى تنظر صعقة بفيه مفتوح.
دخلت ريحان الغرفة ثم وقفت وأخذت نفسا عميقا كي تتدارك توترها أمام اوزجي لتقترب منها بعدها مبتسمة بحب وتقول:
صغيرتي تأخرت عليك 
ردت اوزجي:
لقد أنجزت امتحاني وأتممت الحفظ فسرت ريحان لسماع ذلك لتقول ببهجة:
اها يعني ستسمعينني؟
أجابت الصغيرة بحماس:
أجل أنا جاهزة ومتحمسة جدا جدا جدا.
قبلت ريحان رأسها بقوة وأخذت تستنشق من رائحة شعرها الذكية فاطالما أراحتها تلك الرائحة وهدأت شيء من النيران التي تحترق داخلها ثم جلستا مقابلتين لبعضهما البعض لتشرع اوزجي بترديد سور من القرآن كانت قد طلبت منها ريحان حفظها كامتحان.
كانت اوزجي تردد وريحان تسمعها وكلما أخطأت صححت لها وهكذا حتى مر وقت طويل وهما كذلك لتقرر بعدها ريحان التوقف فقد حان موعد نوم الصغيرة.
وضعتها بفراشها وجلست بجانبها تمسح على شعرها شاردة.
نظرت اليها اوزجي قليلا لتفصلها عن شرودها:
لم أنت حزينة؟
ابتسمت ريحان وردت:
أنا؟ لا لست حزينة حبيبتي 
اعتدلت اوزجي قائلة:
لا انت كذلك هل بابا اغضبك؟
ردت ريحان:
لا حبيبتي لم يفعل حلوتي لكن كيف خطر على بالك؟ لتقول الأخرى:
مممم ها تذكرت شيء اوه كيف نسيت أنا؟ 
قاطعتها ريحان قائلة:
ماذا تذكرت لا تتحججي بشيء ستنامين يعني ستنامين.
وقفت اوزجي من مكانها سريعا واتجهت لمكتبها لتفتح درجها والأخرى تنظر باستفهام.
سحبت اوزجي ورقة مرسومة وذهبت لريحان لتقول:
هذه لك لقد رسمتك.
ابتسمت إليها ريحان بحب ثم أخذت الورقة وتأملتها لتقوم باحتضان الصغيرة سريعا وبقوة وهي تقول:
حبيبتي انها جميلة جدا شكرا لك
ردت اوزجي:
أي اعجبتك؟
اوومأت ريحان برأسها والسعادة تغمرها قائلة:
كثيرا حبيبتي شكرا 
اوزجي بحب:
سأرسم بابا أيضا لانريد أن يغير.
ردت ريحان ضاحكة:
صح كله إلا غيرة السيد الوالد والآن تعالي للنوم لقد تأخر الوقت فتذمرت أوزجي قائلة:
حسنا تتينا استغفر الله العظيم وأتوب إليه
مر وقت بعدها نامت خلاله الصغيرة بحضن ريحان بينما هي فقط تمسح شعرها وهي بمكان بعيييد تفكر فقط به و بنقاشهم لا بل شجارهم وتلك الكلمات التي تلفظت بها هي وتلفظ بها هو لكن لحظتها لم تكن تحمل أي غل بقلبها له بل على عكس ذلك فكلماتها التي قالتها له جعلتها تجلد نفسها بسوط الندم فهي سامحته لكن ماقالته قد جعله لا يصدق انها فعلت ذلك فعلا.
قامت وعدلت الصغيرة لتتوجه الى شرفة الغرفة وأخذت تراقب الخارج عله قد عاد إلى القصر فقد تاخر الوقت حينها لكن هو لم يفعل فقد كان وقتها بسيارته عند شاطئ البحر جالسا،تلك الحسرة التي بقلبه على ما حدث عزلته عن من حوله كليا لم يكن هناك غيره هو والبحر وتلك الكلمات.
فكر وفكر وشرد وعاد ثم تنفس بعمق يخرح حرقة فؤاده في تلك الزفرة قائلا:
فعلا هناك أخطاء مهما سعيت فلن تغتفر امير،فعين الشمس لا تغطى بغربال انت أخذت أثمن ما تمتلكه أي فتاة بالكون وبالأخص من مثلها فلا تنتظر منها أن تمحوا تلك الذكرى لانها لن تستطيع فلو استطعت انت محوها ووضعها في ذكريات النسيان لفعلت هي ثم رفع رأسه للسماء ليردد بألم داعيا ربه:
ساعدني يالله
بقيت هي واقفة مدة تراقب عودته لكنه ما فعل وقد تاخر الوقت إلى ما بعد منتصف الليل لتتاكد أنه لن يعود.
انسحبت من غرفة اوزجي حزينة وهي تردد:
بأول خلاف لنا نام بالخارج اي مسؤولية هذه أمير تارهون؟ ألن تفهم أن الحياة هكذا يوم لك ويوم عليك؟ماذا تركت لخلافاتنا المقبلة إذا؟ والله وا أسفاه حقا.
توجهت لغرفتها ووضعت هاتفها جانبا ثم توضأت وقررت الصلاة لترتاح فلا نوم زارها حينها.
مر وقت على ذلك.
أنهت ريحان صلاتها وقرأت شيء من القرآن ثم وضعت مصحفها جانبا لتتحرك وتجلس عند سرير الغرفة،كانت تنظر لموضع نومه وهي تبكي بصمت.
مسكت حينها هاتفها ونظرت به حزينة مرددة:
حتى أنه لم يكلف خاطره ويتصل وهو الذي كان يتصل في الساعة 10مرات نعم صحيح قسوت عليه لكن لم يكن قصدي كما فهم هو من الحديث وكلماته ايضا كانت موجعة جدا فهو يعتبرني دخيلة بينهم لقد قالها واقر بها فهو لا يعتبر سونا اختي،اف اف أكاد أختنق ثم انحنت إلى وسادته وشرعت بالبكاء بصمت.
كان أمير لا يزال بمكانه جالسا بصمت فحمل بعدها هاتفه وأظهر قمها أمامه يفكر أيتصل بها أم لا لكنه تراجع ولم يفعل ثم قام بتشغيل القرآن من هاتفه ووضعه جانبا وأخذ يستمع بتدبر إلى القرآن ويشاهد البحر بنفس الوقت ليرتاح ويخف عنه التوتر.
اقترب وقت الفجر ولم يعد هو بعد.
كانت لاتزال تنتظر عودته دون نوم لكنه لم يفعل ما جعلها تحزن اكثر لغيابه وهو الذي وعدها قبلا بأن لا يفترقا عن السرير مهما كان الخلاف لكنه باول مطب خالف وعده.
قامت من موضعها ذاك وذهبت الى سونا تتفقدها لتجدها نائمة بهدوء ثم عادت لغرفة الصغيرة لتنام بعد أن صلت فرضها وهي تحتضن اوزجي.
عاد أمير اخيرا إلى القصر مع نسمات الصباح التي بدأت تنبعث في أرجاء المدينة وتوجه لغرفتهم مباشرة وحين دخل للداخل لم يجدها هناك فقط هاتفها الذي كان مرميا فوق السرير فاقترب قليلا لينتبه بأن وسادته مبللة فانحنى وحملها بين يديه وقد أدرك انها بكت وكثيرا ليضم الوسادة ثم قبل موضع دمعها ليخرج زفرة قوية ويقول:
ماكنت أريد أن أبكيك ما كنت أريد




القسم الثاني:
الله الله وما سبب اتصاله بهذا الوقت ولم يتصل بزوجتي؟
بقي كذلك حتى انقطع الخط ثم رن الهاتف ثانية ليقوم هو من موضعه متجها إلى غرفة أوزجي كي يسلمها الهاتف لكن ما إن قام من موضعه حتى تفاجأ بها تدخل الغرفة.
نظرا لبعضهما لحظات باستفهام ثم انتبهت لهاتفها الذي يرن بيده فمد يده ليسلمها الهاتف قائلا:
الدكتور اوزجان يتصل ردي 
أمسكت ريحان الهاتف تنظر لأمير مستفهمة ثم ردت ليقول دكتور اوزجان:
صباح الخير سيدة ريحان آسف لاتصالي بهذا الوقت المبكر آمل فقط أن لا أكون قد أزعجتك 
ردت هي:
صباح الخير دكتور لا لا مشكلة اصلا كنت مستيقظة تفضل اسمعك بينما كان أمير ينظر إليها باستفهام ويفكر ليخاطب نفسه قائلا:
لقد تمادى هذا الرجل وكثيرا أيضا ليس بهذا الوقت ألا يفكر أنها نائمة بحضن زوجها؟
تحدث الدكتور عبر الهاتف قائلا:
لقد اتصلت سونا منذ قليل وأخبرتني أنها تريد مقابلة كنان ولن تهرب هذه المرة 
ردت ريحان فرحة:
بهذه السرعة دكتور؟
ابتسم دكتور اوزجان وتحدث قائلا:
حتى أنا استغربت لكن ردة فعلها طبيعية ومن حماسها لم تتمكن من الإنتظار لموعد الجلسة 
ردت ريحان بسعادة:
الحمد لله المهم أن تتجاوز محنتها بينما أمير ينظر من هناك يعقد حاجبيه ليقول:
ماذا هناك عشق فردت ريحان عليه سريعا قائلة:
لحظة فقط أمير ثم أكملت التحدث مع الدكتور:
ما رأيك انت دكتور؟
أجابها الدكتور أوزجان قائلا:
سنزيد من ساعات الجلسات اكثر خلال هذا الأسبوع أولا ثم نقدم على الخطوة الأهم لكن يجب أن تتابعي معي حالتها من عندك. أجابته سريعا قائلة:
أنا في خدمتك دكتور.
بينما كان أمير يردد في نفسه:
لا حول ولا قوه الا بالله وكأنني شفاف لا أرى.
تحدث الدكتور:
حسنا سيكون لنا لقاء اليوم إن شاء الله وارجو أن تحضري معها إلى العيادة أيضا.
نظرت ريحان لأمير بحزن ثم تحدثت قائلة:
آسفة دكتور بهذه النقطة سيأتي أمير عوضا عني فهو شقيقها ولست أنا أنا بالنهاية كنة فقط يعني دخيلة.
كان أمير ينظر مندهشا لما تلفظت به ثم فجأة سلمته هاتفها لتقول:
يريد التحدث إليك.
تحدث أمير مع الدكتور قليلا واتفقا على موعد الجلسات ليقفل الخط بعدها ويسلم الهاتف لريحان متذمرا.
نظرت إليه قليلا ثم أردفت قائلة:
متى عدت؟
رد أميربحنق:
ماسبب قول تلك الكلمات للدكتور؟
فهمت قصده مباشرة لترد:
أليست تلك هي الحقيقة ألست الدخيلة وسطكم؟
نظر إليها مندهشا مرددا بين شفتيه:
أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم تريد فقط سببا للشجار يبدو أن النقاش معك أصبح عقيما سأنصرف قبل أن ثم سكت.
 هنا لم تتحمل ريحان أكثر ولم تقوى على الصمت بعد بل صرخت به لتقول:
قبل أن ماذا؟
أكمل لا تخف فهو مهما كان فلن يكون بقدر ما قلته أمس وبقدر اختفائك طوال الليل.
ناظرها هو بعتب ثمردف قائلا:
هناك شيء اسمه هاتف كنت تستطيعين الإتصال للاطمئنان على من يسمى زوجك لكنك طبعا لن تفعليها فهذا بالنسبة لك إهانة لكرامتك.
 ردت سريعا:
لا تتهمني من جديد لكنه لم يجبها بل انسحب مباشرة ولم يعقب وخرج من القصر وركب سيارته وانطلق مسرعا غاضبا دون وجهة مححدة فقط يريد أن يهرب من ذلك النقاش الذي لا حل له.
مر اليوم ذاك على تلك الحال لا يزالان متخاصمان كل واحد يحمل شيء من الحسرة والعتاب في قلبه للآخر فكيف يعقل أن ينفجر أميرالذي لا يتحمل أن تصيبها نسمة صيف حارقة بها بتلك الطريقة وكيف استطاعت هي أن تجرحه بما تلفظت من كلمات،هو بمكتبه وهي بالقصر أغلب وقتها تقضيه بغرفتها تتجنب الكل ثم مر اليوم الثاني والثالث والرابع على تلك الحال لم يتغير شيء الجفاء سيد الموقف وكم كان صعبا عليهما تجرع مرارة القرب والبعد في ذات اللحظة لكن كبريائه وكبريائها لم يسمح ولم يتنازل ،لا حديث دار ولا نقاش بينهم يعود كل ليلة بعد تعب يوم طويل يرهق نفسه قصدا في العمل كي ينام مباشرة حين يعود فيضع رأسه على وسادته ويكتفي بقول (تصبحين على خير) فقط بينما هي فقد حاولت أن تحادثه أكثر من مرة لكنها تتراجع وتتركه في كل مرة خائفة أن يتكرر ما حدث أو يجرحها بالكلام أو لربما تجرحه هي بشيء قد لا ينسى وأحيانا كانت تتظاهر بأنها نائمة لكنه يعرف جيدا أنها ليست كذلك وأنها لا تهنأ إلا بقربه فلا تسمع له في تلك الليلة همسا وهكذا حتى انقضى قرابة أسبوع بحاله العشيقان معا في نفس الغرفة وكل منهما في مكان بعيد عن الآخر.

اقتصر حديثهم البسيط بتلك الأيام ليكون جله في كلمة صباح الخير أو كيف حالك فقط أو لربما تعدى الحديث ليطلب منها شيء أو يشكرها على قهوة أحضرتها له أو لباس جهزته له كعادتها لم تغير من الأشياء التي تفعل له لكنها صامتة من تثرثر فوق رأسه وتشيى إلى كل تفصيلة حتى ربطة العنق وتسريحة الشعر تتدخل بها لكن الآن فقط يراقب أنفاسها ولو اقتربت لربما سمع دقات قلبها لكثرة الهدوء بتلك الغرفة وهكذا خيمت غيوم سوداء فوق سماء العاشقين تقوم بعزلهم عن بعضهما البعض وقلب كل واحد منهما عند الآخر وروحه داخل جسده.
اختارت ريحان خلال تلك الأيام العزلة،لم تكن تخاطب أحدا إلا قليلا واكتفت برعايتها لأوزجي فقط وتكملة تحفيظها القرآن الكريم كما وعدتها محاولة أن لا تحسسها بشيء وحتى سونا لم تشأ إزعاجها بعد أن أصبحت تتجنبها في كل مرة تحاول الحديث معها فلم التدخل بأي شيء بعدها قد يزيد من غضبها أو حزنها كما فعلت مسبقا.

كانت أياما صعبة على كليهما،لم ينل منها أمير أي يوم راحة لا لجسده ولا لفؤاده التعب أما عشقه فقد بدأت تتعب شيء فشيء فقد أصبحت أغلب الوقت شاردة وشاحبة الوجه لقلة غذائها واختلائها بنفسها بل أحيانا يفاجئها الدوار فجأة وهي تسير فيختل توازنها وتكاد تقع ثم تعود وتأخذ نفسا عميقا وتكمل وجهتها لكنها كعادتها لم تكن لتستسلم قط فهي عاشت ما هو أكبر وأوجع قبلا وتلك الرياح الهوجاء التي هبت فجأة على حياتها الهادئة وعلاقتها الطيبة هي وأمير لا تساوي شيء أمام الأعاصير التي واجهتها قبلا وحيدة دون سند أو كتف أو ذراعين تمسك بها ما إن رماها الإعصار بعيدا،لقد اكتسبت مناعة تمكنها من الابتسام وقلبها يحترق وتمكنها من الوقوف ورجلاها مكسورتان.

جاء اليوم الذي قبل نهاية الأسبوع وقد كان في ذلك اليوم عيد ميلاد صديقة أوزجي بالمدرسة.
كانت ريحان بغرفتها تتجهز للخروج يومها فقد قررت الذهاب مع أوزجي ومليكة للتسوق لشراء فستان جديد وهدية لصديقة اوزجي بعد أن ألحت عليها الصغيرة أن ترافقها لتختار لها ما يناسب صديقتها.
ارتدت فستانا باللون الأزرق الملكي بسيط وتركت شعرها منسدلا على كتفيها بالأصل لم يكن لها مزاج لتتزين فقط تريد إن تقضي هذا المشوار سريعا وتعود للقصر لتنطوي على نفسها فنظرت لانعكاسها بالمرآة وزفرت بحنق قائلة:
إلى متى سنبقى هكذا أمير؟ الله المستعان.
جهزت نفسها سريعا وأمسكت بحقيبتها لتأتي اوزجي إليها من غرفتها راكضة فرحة تردد في الرواق بحماس وبصوت عال:
انا جاهزة أنا جاهزة هيا هيا لنذهب سريعا ليس لدينا وقت.

ابتسمت ريحان حين سمعت صوتها وحمساها فتلك الأميرة فقط من جعلها تبتسم وأحيانا تضحك مقهقهة في تلك الأيام ثم انحنت إليها سريعا حين دخلت كي تحملها فرحة بها لكنها فجأة أحست بدوار في رأسها وإشارة ألم مثل الكهرباء ضربته جانبا فأنزلت أوزجي سريعا وعادت للخلف مباشرة لترمي جسدها على السرير جالسة وهي تشد على رأسها بكلتا يديها متألمة.

نظرت إليها أوزجي بخوف لتقترب منها وتمسك يدها وضمتها بقوة قائلة:
مابك حبيبتي ماذا حدث معك؟
نظرت ريحان إليها وابتسمت تدرك أنها خائفة ثم مسحت على وجنتها الناعمة وتحدثت بصوت متثاقل محاولة أن تظهر أنها بخير لتقول:
بخير حبيبتي بخير لا تقلقي مجرد دوار بسيط فقط لا ترتعبي اتفقنا؟ لترد أوزجي:
لكنك تألمت فجأة وأنزلتني

هنا دخلت مليكة عليهما مستعجلة لتردد:
أنا أصبحت جاهزة أرجو أن لا أكون قد تأخرت عليكما هيا صغيرتي لنذهب فمشوارنا طويل لكن انتبهت لريحان ولون وجهها الشاحب وكيف كانت تضع يدها على رأسها وتضغط على جبينها متألمة لتسرع ناحيتها وتقول بتوتر:
ريحان ابنتي أنت بخير؟
ردت ريحان مبتسمة:
بخير خالة بخير لا تقلقي أنت أيضا أنا فقط لتقاطعها اوزجي عن الحديث وتخاطب مليكة قائلة:
ليست بخير أنا أعرف هي فقط تتظاهر بأنها كذلك لقد دار رأسها فجأة حين حملتني ثم أنزلتني سريعا وجلست على السرير حتى كادت تقع
نظرت ريحان للصغيرة لتبتسم لها قائلة:
لا تبالغي أوزجي ليس لهذه الدرجة
اقتربت مليكة من ريحان أكثر ووضعت يدها على جبينها تجس حرارتها ثم مسحت على شعرها قليلا وخاطبتها:
ريحان أنت على هذه الحالة منذ أيام أصلا لا تظني أنني لم ألاحظ أنت مريضة وتكابرين قلت لأترك على راحتك لكن يبدو أنني أخطأت يجب أن ناخذك للمشفى هيا.
ردت ريحان على عجل تمسك بيدها:
لا لا لايوجد داع خالتي أنا بخير أوزجي تبالغ أصلا كله بسبب قلة الأكل والنوم تراه فقط ضغط الدم انخفض سآخذ شيء مالحا وأكون ونخرج اتفقنا؟ لترد مليكة قائلة:
ريحان جسمك له عليك حق وما تفعلينه بنفسك لا يجوز انظري كم أصبحت هزيلة ولونك مائل للصفرة كأنك حبة ليمون اهتمي بصحتك حبيبتي ليس هكذا انظري لقد أصبح رأسك يدور كل حين دون سبب وقد تقعين أو يحصل معط شيء أسوء وتتأذين أكثر لا سمح الله.

سكتت ريحان ونظرت إلى الصغيرة التي بادلتها نظرة حزن ورجاء فرق قلبها لحالها ثم نظرت لمليكة قليلا وأخذت نفسا عميقا لتقول حينها:
حسنا سأفعل خالة أعدك سأهتم بصحتي وأكلي الذي أهملته جيدا والآن دعينا نخرج كي لا نتأخر هيا هناك فساتين أميرات في انتظارنا(وغمزت للصغيرة بعينها ما جعلها تضحك) لكن مليكة لم تكن لتوافق بسهولة لتخالفها قائلة:
لا دعينا نذهب للمشفى أولا رجاء ابنتي حالك لا يعجبني لكن ريحان أمسكت بيدها وضمتها لتبتسم قائلة:
أنا بخير صدقيني لا يوجد شيء مجرد دوار لنذهب مشوارنا فقط يكفي خوفا يا صاحبة القلب الحنون أنت.
ضحكت مليكة وردت:
هكذا إذا أصبحت صاحبة القلب الحنون لا بأس أكلت عقلي بكلماتك لكن لعلمك حين نعود سأجلسك أمامي وأطعمك بيدي غصبا يكفي دلالا أليس كذلك أوزجي؟ فردت أوزجي قائلة:
أصلا سنأكل شيء في المول أنا منذ الآن أشعر بالجوع لتومأ ريحان بالموافقة مبتسمة
تحركن نحو الحديقة لكن قبل أن يخرجن نظرت اليهما اوزجي وأمسكت يد ريحان توقفها لتقول:
لحظة ريحان أتتني فكرة
نظرت كل من ريحان ومليكة لبعضهما باستفهام لتكمل أوزجي قائلة:
لم لانذهب لزيارة بابا؟انا اصلا لااراه منذ أيام وأريد أن أريه فستاني الذي ساشتريه يعني نكمل مشوارنا ومن هناك للشركة نجعلها مفاجأة بالتأكيد سيفرح.

نظرت ريحان لمليكة لتبادلها الأخرى نظرة رجاء سكتت ريحان قليلا ثم نظرت لأوزجي لتقول مبتسمة:
ليكن كذلك صغيرتي ننهي تسوقنا ومن هناك إلى بابا ثم أعادت النظر لمليكة التي لم تنطق بشيء لتقول:
لاجلها فقط سأفعل.

توجهن بعدها للمول للتسوق محل يليه محل وفساتين مختلفة التصاميم والألوان الزاهية فاختارت أوزجي بمساعدة ريحان فستانين بدل الواحد واحد باللون الأحمر وواحد آخر باللون الفيروزي كل واحد أحلى من الثاني ثم اشترت هدية لصديقتها لتأخذن طريقهم إلى الشركة بعدها ورغم تعب ريحان إلا أنها ذهبت مع أوزجي ولم تشأ أن تكسر بخاطرها.

في الشركة كان أمير جالسا يعمل بمكتبه كعادته لكنه وجد خللا في بعض الأوراق ما جعله يقوم من مكانه متجها لمكتب والده ليريه ذلك.
خرج من مكتبه لكنه توقف مكانه دون حركة حين رأى كمال يودع والده وهو يخرج من مكتبه.
وقف هناك متسمرا ينظر ولم يقترب خطوة أكثر حتى.
التفت كمال الناحية الأخرى متوجها للخارج لكن أمير اقترب منه سريعا بعد أن اقفل والده باب مكتبه ليقف بمحاذاته قائلا:
أنت ما سبب وجودك هنا بالشركة؟
توقف كمال والتفت لأمير وعدل من هندامه ثم تحدث بابتسامة ساخرة ليقول:
عمل 
فرد أمير بنفس الضحكة الساخرة:
هههه عمل قلت لي إذا وأي عمل هذا الذي ظهر من العدم فجأة؟ لا ولن يجمعنا أي عمل معك
ليرد كمال:
والدك من دعاني وانا لبيت دعوته واتفقنا هكذا فقط

نظر أمير إليه بغضب وهو يشد على قبضته بينما الموظفين ينظرون هناك فانتبه لمن حوله ولنظراتهم وتعجبهم ثم قال:
لنتحدث في مكتبي.
 رد كمال بكل برود:
تفضل سيد أمير لا مانع لدي أصلا يوجد لدي وقت للحديث معك.

دخلوا المكتب وبدؤا نقاشهم الحاد مباشرة.

في هذه الأثناء وصلت ريحان واوزجي الشركة لتقررا النزول دون مليكة التي بقيت تنتظرهم بالسيارة.

توجهتا لمصعد الشركة لكن ما ان دخلتا حتى تمسكت اوزجي بساق ريحان وضمتها بقوة خائفة مرددة:
 هل سنركب المصعد في كل مرة ألا يكفينا المول؟
نزلت ريحان الى مستواها لتقول:
لا تخافين وانا بجانبك؟ أخبرتك أن لا شيء سيحدث لا تقلقي مجرد دقيقة نكون عند بابا،تعالي ساحملك ليزول الخوف ثم قامت بحملها والضغط على زر الصعود للطابق الذي يوجد به مكتب أمير فأوزجي تعرف رقمه.
في مكتب أمير كان كمال يخاطبه وكل حين تعلو أصواتهم أكثر ونقاشهم يزداد حدة ليتحدث كمال ويقول:
تظن أني مثلك إذا نعم هي أختي وسيأتي يوم وأخبرها بكل شيء دون أن أكسرها أو أحزنها سيأتي الوقت المناسب واأعيدها لعائلتها سيأتي اليوم وآخذها منك وأحررها من سجنك واحتضنها لأحميها بكل نفس تأخذه، وصدقني حين يأتي ذلك اليوم ساخبرها حقيقتك وحينها فقط ستكرهك حد الموت أمير تارهون.
اقترب أمير من كمال وشد ياقة قميصه بشدة يعقد حاجبيه وعروق رقبته بارزة ليقول بغضب:
اسمع هي كلمة واحدة لن تأخذ مني عشق ولو على جث*تي فهمت؟ ستواجهني وتق*تلني قبل أن تفعلها وأكاذيبك هذه وفرها لنفسك ما بيننا أكبر من أن يؤثر عليه أو ينهيه أمثالك لن يصدقك أحد مهما تلفظت من تفاهات.
رد كمال غاضبا يحاول فك نفسه:
اترك قميصي ثم دفع أمير عنه ليكمل:
اسمع أنت ياهذا كل الأدلة التي تثبت ذلك معي وأيضا هههه موضوع قت-لك هذا صدقني أفعلها بسهولة وأنهيك لا تقلق بهذا الشأن ما أوقحك وما أجبنك ماذا تريد منها أكثر ماذا؟إن كنت حقا تحبها كما تدعي لما لا تتجرأ وتخبرها حقيقتك أنك وراء كل ما حدث لها لما لا تتشجع وتواجهها وتقول أنك أنت من أحضرها الكازينو وانك السبب في كل الألم الذي عاشته؟ وأنت من تسبب لها بكل ذلك الأذى فقط بحجة أن تنتقم لاختك؟وياليتك تأكدت أنها ليست ابنة ديمير، أنت احرقت روح فتاة بريئة طيبة بدم بارد، إنك شي*طان اقسم إنك ش*يطان يستحيل أن تكون بشرا،بفعلتك ظلمتها مرتين وطعن*تها مرتين بدل الواحدة وأحرق*ت روحها مرتين بدل الواحدة، لكن لا بأس سآخذها منك وستعود نكرة كما كنت
لقد ظهرت الحقيقة للعلن وكشف الستار وشبح الخوف الذي كان يهرب منه أمير هاهو الآن يقف أمامه لكن هذه المرة كبر وأصبح أضخم وأبشع،ذلك الذنب الذي يلاحقه أينما ذهب يبدو أنه لن يتركه يهنئ بحبه يوما.
اتسعت عيون أمير لما سمع من كمال وتجمد الدم بعروقه ودب الخوف كل أنحاء جسده وأتى أمامه كل ما صنع بها تلك الأيام من قسوة وجور وكيف كان يهينها وكيف كان يسحبها إلى تلك الغرفة المشؤومة ويحاول لمسها أو تقبيلها قصرا وكيف كانت تصرخ وتقاوم وتحاول أن لا تستسلم رغم ضعفها ليبدأ قلبه بالإعتصار ألما حتى أوجعه فهو لم ينس يوما ما صنع بتلك البريئة لكنه ندم وتاب وعاد لخالقه وكفر عن أخطائه وخير الخطائين هم التوابون كما أخبرنا قرآننا الكريم كما أنه عشقها حد الجنون وأصبحت نفسه الذي يأخذه ونبضه الذي يحييه ودمه الذي ينتقل في شرايينه وابتسامته وهناءه وطمأنينته وإن غابت يختنق لا محالة لكن فجأة فتحت اوزجي باب المكتب على والدها وهي تناديه:
بابا أتينا
التفت أمير وكمال ناحيتها مباشرة لينصدم أمير بريحان واقفة عند باب المكتب فتسمر مكانه منصدم لا يستوعب أنها فعلا هي فشعر بقشعريرة أصابت جسده واتسعت عيناه على مصرعيهما لكن قبل أن يتلفظ وينطق اسمها من شفتيه سقطت ريحان مغشيا عليها أرضا.

لم لم تضربْ رأسها بذاك الحائط الّذي شهدَ دومًا صراعها البائس، كانت في كل مرة على مقربة من فعل ذلك، ،ولم أَترم نفسها للموتِ من الشّبّاك الّذي أسندت كتفها عليهِ مرارًا من العجزِ والوهنِ؟....

إلى هنا تنتهي حلقة الليلة من #عشق
قراءة ممتعة♥️
توجه بعدها لغرفة الصغيرة وفتح الباب برفق ونظر بالداخل ليجدها هناك بجانب الصغيرة نائمة ثم قام باغلاق الباب والعودة للغرفة لينام بعد مدة لكن لفترة قصيرة فقط فقد حل الصباح حينها وبدأت حركة المدينة تزداد أكثر وأكثر.
استفاق أمير فجأة على صوت هاتفها الذي وضعه هناك ثم قام بحمله ورؤية المتصل بذلك الوقت وللحظة ظن أنه كنان لكن تفاجأ بأن المتصل هو الدكتور اوزجان نظر للهاتف مطولا ليقول متذمرا:

الفصل الثلاثون من هنا 

تعليقات



×