رواية عشق الفصل الثلاثون 30 بقلم كنزة





رواية عشق الفصل الثلاثون 30بقلم كنزة 




الحلقة الثلاثون من رواية #عشق
عنوان الحلقة: شبح فقدانها.

نظرت الجميلة في مرآتها وتحدثت كانت ستقول:
مرآتي يا مرآتي في العادة الجميلات تسألنك هل هن جميلات أم لا لكن أنا مختلفة عنهن لا أريد أن أعرف لا يعنيني الجمال فقط أريد أن أعرف منك هل أستحق هذا؟
لكنها جبنت وما سألت بل خاطبت انعكاسها الحزين وأردفت:
إياك يا عشق إياك أن تحصي وجهك كما يحصي البخيل دنانيره ودراهمه كي لا تصابي بالإحباط عند اكتشاف إفلاس قلبك من ذلك الوجه وحـاولي أن ترسمي وجهك في دفترك كالحكايات الجميلة واسرديها على قلبك قبل النوم.
أنت غريبة وستعودين غريبة.

القسم الأول:
ارتعش جسد أمير كله خوفا مرة واحدة وغص قلبه حين رآها بذلك المنظر ضعيفة وكأنه هو من وقع أرضا متألما وليس هي وقد تكون سمعت ماقاله كمال أيضا من تلك الحقيقة الصعبة التي لا تستساغ البتة فوقع بين شقي رحى خائف عليها لأنها وقعت وخائف منها لأنها قد تكون سمعت كل شيء وستذهب من حياته لا محالة دون عودة لينادي بصوت أجش بالكاد يخرجه من بين شفتيه قائلا:
عشق حبيبتي بسم الله
لكنه لم يتحمل أكثر فأطلق العنان لصوته الذي يصارع داخل حلقه يريد التحرر ليناديها بصوت أعلى دوى داخل المكتب وخارجه وهو يركض ناحيتها ناحية نبض قلبه والتي تربطه بالحياة:
عشق ما بك؟
لم يدرك على حاله حتى وجد نفسه عندها جالسا أرضا بجانبها لربما تلك المسافة بين المكان الذي كان واقفا به وباب المكتب قد جمعها بالأصل في خطوة واحدة دون أن يحس يسابق أجزاء الثانية كي يصل إليها ليقوم بوضع رأسها بحجره سريعا يحاول إيقاضها بضرب وجهها برفق بيديه المرتعشتين المتعرقتين صوته يرتجف قائلا:
عشق حبيبتي استفيقي عشق مابك؟ افتحي عينيك ماذا حدث؟
يارب لم تسمعي صحيح؟ لم تفعلي.
اقتربت اوزجي منه مرتعبة ووضعت يدها الصغيرة على كتفه تربت عليه وقالت بخوف:
بابا هي بخير صحيح؟ 
التفت أمير إلى الصغيرة وحين رآها بتلك الحال تنظر لريحان المغشي عليها بهلع فأدرك أنه زاد من خوفها بحالته تلك ليبتسم محاولا تهدئتها:
ستكون بخير حبيبتي لا تقلقي هي تعبة فقط وستفتح عيونها أنت لا ترتعب حلوتي اتفقنا؟
ردت اوزجي وهي لا تزال تنظر لريحان:
لكنها كادت تقع صباحا أيضا إنها تعبة بابا ولا تأكل أيضا.
ثم التفت اليها ثانية محاولا إيقاظها لكنها لم تفتح عيونها بعد ثم عاد ونظر للصغيرة ليقول:
ستكون بخير بابا أعدك.
اقترب كمال منها ولم يكن اقل خوفا من امير لينزل أرضا أيضا ويجلس بمحاذاتها ينظر بصمت لتلك التي هي أخته شطر من قلبه لكن لا يحق له بها، بل حتى لا يحق له مناداتها باسمها الذي ألف لا عشق ثم نظر لأمير بعتاب ممزوج بالحزن ليقول:
أنت أخبرني ماذا صنعت بها ماذا؟ كيف أوصلتها إلى هذا الحال؟
انظر لوجهها الشاحب والزرقة تحت عيونها بالتأكيد لن تتحمل وستقع مغشيا عليها.
نظر أمير إليه غاضبا فلم يتحمل تلك الكلمات التي رغم التي ترقد أمامه لايزال يرميه بها ويلومه ليجيب بنبرة حادة:
ليس وقتك الآن يا هذا ابتعد من امامي
اجتمع في تلك اللحظات كل من بالشركة حوله ليأتي والده ناحيته مهرولا من مكتبه بعد أن سمع الجلبة التي بالخارج وحين رآها مغمى عليها بحجر أمير تحدث قائلا:
بني خير ريحان مابها ماذا حدث؟
حملها أمير بين ذراعيه سريعا ووقف ليجيب والده وهو يتحرك نحو المصعد بأنه قد أغمي عليها ثم انطلق بها مسرعا موصيا والده رعاية أوزجي والعودة بها للبيت و يطمئنهم عن ريحان لاحقا.
نظر حكمت لاوزجي التي كانت مرتعبة تنظر لوالدها الذي يحمل ريحان بين يديه راكضا بها إلى الخارج بعيون حزينة فلم يتحمل حزن حفيدته الرقيقة، يدرك أنها خائفة فريحان تعني لها الكثير لينزل الى مستواها ويقبل رأسها بحب ويقول:
لا تقلقي حلوتي ستكون بخير لم كل هذا الخوف؟ ارى انه لحظات وتبكين وريحان بخير أصلا لا تقلقي هذا يحدث مع الكبار عادة لذا اطمئني ساعة ويتصل والدك ويخبرنا أنها بخير.
راقبت اوزجي والدها حتى اختفى عن نظرها ثم ناظرت جدها قائلة:
جدي لقد دار رأسها صباحا أيضا حتى أنها كادت تقع لا أدري ما بها أنا خائفة عليها بشدة.
رد حكمت يمسح على شعرها يهدئها:
هي بخير لا تقلقي بعض التعب لا أكثر ستكون بخير حبيبة قلبك ثم ثم جدك هنا وأنت تخافين يا قطة؟ 
سأحزن لعلمك(ممسكا بأنفها الصغير بين أصابعه)
ابتسمت أخيرا له قائلة:
اووه جدي كبرت على هذه الحركة.
رد حكمت:
ليس على جدك تكبرين على كل العالم إلا أنا هيا تعالي سنذهب في نزهة أنا وأنت فقط نستمتع ونتحدث قليلا ونلعب قبل العودة للبيت ما رأيك
اوزجي بتردد:
فكرة جميلة جدي لكن أنا سأذهب لحفل صديقتي عيد ميلادها الليلة أيضا ريحان
رد حكمت مهدئا إياها:
سنتصل ب بابا بعد قليل يطمئننا على ريحان ثم سأوصلك أنا بنفسي لعيد ميلاد صديقتك وحين ينتهي الحفل سآتي أنا لارجاعك للبيت ها رضيتي يا أميرة؟
ابتسمت وعلامات الرضا والراحة جلية على وجها لتضع يدها بيد جدها وتتحرك نحو الخارج.
وصل أمير وخلفه كمال للمصعد لكنه كان مشغولا،نظر أمير إليه ليقول متذمرا:
اوووه اللعنة وهل هذا وقتك كي تنشغل؟ثم ركض ناحية الدرج يحملها بين يديه وكمال لايزال خلفه لكنه لم يكترث لوجوده فكل همه كان هي وهي لاتزال مغما عليها بين يديه.
نزل الدرج مسرعا درجين بخطوة واحدة يأكل الأرض بقدميه ليخرج راكضا من الشركة نحو السيارة هناك وهو ينادي:
سفر افتح باب السيارة بسرعة.
فتح سفر باب السيارة ومليكة بداخلها ليقوم بوضعها من الخلف سريعا وتعديلها.
نظرت مليكة لريحان مرتعبة لتقول:
ياربي ابنتي ماذا حدث؟
رد أمير:
أغمي عليها فجأة اركبي بجانب سفر.
نزلت مليكة سريعا وركبت بجانب سفر وأخبرت أمير عما حدث مع ريحان صباحا وأنها قليلا ما كانت تأكل في تلك الأيام وتنام.
ركب أمير من الخلف ووضع بصدره يضمها وقلبه يكاد ينفطر الما وحزنا لحالها وحاله جانب منه خوفه على عليهل وجانب منه خوفه مما قد تكون سمعت وهذا سبب اغمائها إذ لم تتحمل الصدمة ضمها بقوة لصدره يترجاها فقط ان تفتح عيونها او تهمس له حتى كي يتأكد أنها بخير ويطمئن قلبه لكنها لا تزال غائبة عن وعيها.

ناظرها لحظات بحزن ثم أخذ يمسح على وجهها التعب برفق ويعيد على ذاكرته حديث كمال لحظتها ومنظرها حين وجدها عند الباب وهي تحدق به فأخرج حينا زفرة يخرج بها تلك المشاعر التي تكاد قاب قوسين وأدنى من أن تقت*له ثم خاطبها هامسا:
افتحي عيونك حبيبتي تحدث وسأخبرك بكل شيء لن اخفي عنك شيء هذه المرة أعدك بحبنا الذي هو أغلى شيء بقلبي، وسارضى بعقابك اصلا اي عقاب لن يكون شيء أمام ما فعلت بك، يكفي أنني سكنت قلبك يوما ويكفيني أنك أصبحت لي بالحلال فقط افتحي مقلتيك وانظري في عيني،أنا لا استحقك انا شخص حقير شيطان حقيقي لا أستحق الا الرجم حيا حتى الموت وحتى هذه لن تشفع لي لما صنعت ببراءتك لكن لا تتركيني أنا لا شيء دونك لا اتنفس دونك.

هل يصلح العطار ما أفسد الدهر يوما؟ لربما نعم لربما لا لكن الأكيد أن الحب يمكنه أن يصنع بل يصنع المعجزات.
وصلوا بعد حين للمشفى لينزل بها ويحملها بين ذراعيه ويدخل المشفى راكضا وهو ينادي على الممرضين:
ساعدوني زوجتي أغمي عليها فجأة.
ركض الممرضون ناحيتهم وقاموا بإدخالها للغرفة لبيق هو ومليكة وسفر خارجا فأخذ هو يجوب أرض الرواق ينظر بها حينا ثم يرفع بصره للسماء ويناجي ربه حينا صحيح أنه مجرد إغماء لكن خوفه من سبب إغمائها هو ما جعله بتلك الحال فهو حائر ماذا لو سمعت كل شيء كيف سينظر في عينيها حين تستفيق.
كلها لحظات وأتى كمال ايضا مسرعا ناحيتهم ليتقدم نحو أمير مباشرة ويقول بنبرته الحادة:
ماذا حدث ما الذي أصاب ريحان؟
تنهد أمير ورمقه ببصره لحظات أراد أن يخرج كل غضبه به لكنه تمالك اعصابه وتحدث:
ما دخلك انت ماذا تفعل هنا؟
هيا انصرف ولا ترني وجهك ثانية كله بسببك هي هنا بسببك، لو لم تتلفظ بتلك الترهات لما حدث ما حدث اسمع أقسم بشرفي التي هي عشق لو يحدث لها أي شيء لن ارحمك حينها.
اقترب كمال من امير اكثر ليتحدث بصوت يكاد لا يسمع ويقول:
تذكر من السبب وحينها لم وهدد انا سابقى حتى اطمئن على حالها ثم انصرف من تلقاء نفسي أنا لست بمشفى ابيك والتي ترقد هناك تخصني أكثر منك، فاهدئولا تفضح نفسك فالكرة ليست بملعبك أمير.
نظرت مليكة لسفر مستفهمة مالذي يحدث امير ورجل غريب يتجادلان وواضح أنهما غاضبين بشدة وعند باب غرفة ريحان ايضا ثم اقتربت من أمير لتقول:
ماذا هناك بني من يكون السيد؟
رد أمير:
لا شيء خالة لا تهتمي.
عادت مليكة للخلف مستغربة حديثهم وشرارات الغضب التي تعتلي ملامحهم لكنها فضلت عدم التدخل بالاخص بمكان كهذا.
نظر كمال لأمير ليقول:
حسنا سنؤجل حديثنا بوقت لاحق فلا الزمان ولا المكان مناسب لذلك ثم انسحب جانبا وامير يرمقه بنظره.
كان أمير أمام باب الغرفة يروح ويجيء وينظر كل دقيقة لساعته وكأن الوقت أصبح متباطئا يمر من خلاله وهو ينظر الى فوق ويدعو خالقه كل حين مرتعبا ويضع يده على صدره فقد كاد يختنق للحظة داعيا ربه أن يحفظها له ويرعاها وأن لا يريه فيها بأسا قط.
في الغرفة كانت ريحان لاتزال نائمة والممرضة تقوم بقياس ضغطها وتحليل كمية السكر بدمها من خلال دم اصبعها وما أن رأت النتائج حتى أمرت زميلتها باحضار الدكتورة بشكل فوري.
خرجت الممرضة ناحية مكتب الدكتورة والكل في الخارج واقفا.
دخلت الدكتورة للغرفة لفحصها بينما أمير واقف يترقب لحظتها لايريد شيء من دنياه على أن يسمع كلمة هي بخير.
زاد خوفه وزادت وحيرته وشروده وشكه والمه بسبب تفكيره الذي ارهق رأسه ليزيد من حركته ذهابا وايابا وهو يضرب قبضة يده بكف يده الاخرى مرددا بين شفتيه:
لا لا يمكن انا لا شيء دونها، لكن فجأة دار رأسه ليعود للخلف ويستند على الحائط كي لا يقع.
أسرعت مليكة ناحيته مرتعبة لتطمئن عليه.
نظر أمير إليها منكسرا ليقول بصوت خافت:
أنا ضائع.
ربتت مليكة على كتفه قليلا ثم ابتسمت بحب تحاول ان تبعث شيء من الطمأنينة داخله لتقول:
بني هي بخير كله إغماء اصلا لا داعي لكل هذا الخوف، هي تعبة منذ أيام فقد كانت لا تأكل الا نادرا ولا تتحدث إلا رمزا.
رد ليقول:
أنت لا تفهمين شيء، كيف اهملتها كيف لم انتبه؟
ردت مليكة:
لا تبالغ بني لا تلم نفسك فانت ايضا أرهقت نفسك بالعمل ولم تنل الراحة.
أمير:لكنها نبضي لو يحدث لها شيء أنا ما عساي اقول ليته كما تظنين ليته كما تظنين
ثم عاد لحالته الأولى يتحرك ذهابا وإيابا في الرواق متوترا اكثر واكثر.
مضى وقت كثير على ذلك والدكتورة تتفحصها لتخرج بعدها من غرفة ريحان.
اقترب أمير سريعا لو تحدث على عجل قائلا:
هي بخير صحيح أجيبي لم يحدث شيء سيء صحيح؟
تحدثت الدكتورة وهو يراقب بتمعن ينتظر ما ستقول لتطمئنه أخيرا على حالتها وأنها بخير فتنفس الصعداء أخيرا وتنهد بعمق.
اقترب كمال منها ليمد يده ويسلم ويقول:
مرحبا دكتورة نفس.
نظرت الدكتورة إليه وابتسمت قائلتا:
كمال مرحبا سررت برؤيتك انا اعمل هنا هل المريضة تقربك؟
نظر كمال لاأمير قليلا ثم رد:
نعم تقربني كيف حالها الآن؟
قاطعه أمير ليقول:
ماذا حدث لزوجتي دكتورة؟ لا ترعبيني اكثر لطفا.
ردت الدكتورة:
بنية زوجتك ضعيفة نوعا ما بسبب اهمالها لنومها واكلها ما جعل ضغطها ينخفض بشدة وكذا نسبة السكر بالدم، لكن هي الآن بخير يلزمنا فقط بعض التحاليل سنجريها لها للتأكد من عدم وجود أي خطر على صحتها لكن أنصحك أن تهتم بصحتها فإن أهملتها أكثر سيكون هناك خطر على صحتها بالتأكيد.
رفع أمير حينها رأسه إلى السماء واخذ نفسا آخر عميقا وشكر ربه وحمده على أنه حفظها له سليمة معافاة ثم نظر للدكتورة مبتهجا ووعدها بأنه سيهتم بها جيدا وباكلها ونومها كي لا يتكرر ما حدث ثم طلب منها رؤيتها إذا أمكن لترد الدكتورة:
يمكنك طبعا وقبل أن تكمل جملتها ركض أمير ناحية الغرفة لرؤية محبوبته.
دخل ببطئ شديد وكأنه يجر للخلف الى جهنم جرا وكل الخوف الذي خلق بالأرض يلف جسده البارد المرتعش رغم دفئ المكان ليشل حركته ويمنعه من التقدم ناحيتها لكن رغم ذلك قاوم وتقدم ولم يبالي لم ستقول لم يرد شيء غير للاطمئنان عليها وأنها سليمة معافاة.
اقترب منها وحرر ابتسامة من عمق خوفه أخيرا وارتاح هو لم يظن يوما أن فكرة أن تتأذى عشق أو تبتعد عنه ستفعل به هذا وفكرة أن تعرف تلك الحقيقة يمكن أن ترعبه بهذا الشكل، لكن حدث وعاش الموقف قبل أن يحدث وما إن رأته حتى بادلته ابتسامتها الرقيقة الناعمة التي لطالما سحرته رغم حزنها ما جعل كل ذلك الخوف يذهب عنه ويزول دفعة واحدة فجأة وكأن يدا أتت انتشلته من فؤاده بجذوعه ولم تترك له أثرا ثم اقترب اكثر ونزل وقبل جبينها وشفتاه ترتجف باردة ليقول:
خفت خفت كثيرا
إنه شبح الفقد الذي لا يخاف شيء بقدره هاهو الآن يحوم حوله من جديد مبتسما له بخبث يريه أنه يمكنه أن ينتصر عليه في كل مرة ومهما حاول الهروب منه سيتمكن منه ويسحبه إليه ليذيقه المر أوعية ويذكره بذنبه الذي لا ينسى.
 أطال تقبيل جبينها وأطبق شفتيه هناك وهي صامتة ولم تفصله عن قبلته حتى أحست بدمعة مقلتيه تسقط على وجنتها فجأة.
ويظل الخوف من فقدان عزيز كابوسا لا سلطان للطمأنينة عليه وحش ينهش القلب والروح فيضحي شبحا مسودا بالخوف من الفقد ويقضي أيامه هربا منه ولكن الأصعب ان هروبه هذا لا يسجل سوى إلى المجهول.
نعم بكى واستسلمت عيناه رغم عناده فقد تراكم الخوف الذي سكن قلبه فوق بعض والتفت حوله الهموم وحين أحس أنها ذاهبة لا محالة انهارت مدينة سكينته وبدأ الخراب يأكل منها شيء فشيء فركض ناحيتها يناديها أن لا تفعليها وتذهبي عشق، وفعلا لم تذهب حبيبته فهاهي أمامه تنظر إليه تحس به وتعي أن قلبه يكاد يشق صدره لشدة خوفه عليها.
انتظرت قليلا حتى يهدأ فهي تدرك أنه خاف لكن لتلك الدرجة لم تعرف لم ثم تحدثت مستغربة بعد أن تأكدت أنه هدأ لتقول:
ماذا حدث؟
رفع رأسه قليلا لتجده لا يزال يبكي لكنه حاول الهرب من عينيها فهي لم تتعود عليه بتلك الحال البتة فنظرت باستفهام لتقول:
لم يحدث شيء انظر أنا بخير.
ابتسم و أومأ بالإيجاب ثم جلس عند طرف السرير دون حديث فقط يطالعها بعيونه يشتهي أن يرتمي في حظنها ويخبرها كل شيء دفعة واحدة كي يريح فؤاده التعب لكنه ككل مرة جبن ولم يفعل ثم أمسك يدها ووضعها على وجنته وهو يبكي وكأنها استفاقت من غيبوبة سنين لا من إغماء دقائق، ليتنهد بعدها يخرج كتلة اللهيب الذي بداخله لا مجرد نفس فقط وهي لا تزال تحدق به مستغربة ثم تحدث أخيرا قائلا:
أنا أعتذر حقا أنا أعتذر بشدة سامحيني عشق جرحتك وأذيتك وذهبت وجعلت كل وقتي للعمل كي أبتعد عن جدالك وأهرب من عيونك بقدر ما استطعت وأنسى قليلا ما حدث بيننا حتى أنني اهملتك كيف لم ألاحظ انك تعبة ولا تهتمين بغذائك؟
 حتى أنني أعرف أنك كنت لا تنامين أغلب الليالي التي كنا بها متخاصمين 
نظرت اليه وابتسمت رأفة بحاله ثم لامست لحيته بأناملها الرقيقة فابتهج قلبه أخيرا لترد:
لم يحدث شيء أنا بخير صدقني.
اعتدل وتنفس بعمق مرة أخرى ليقول:
سامحتني إذا
ردت ريحان:
سامحتك طبعا حتى انني لن اعاتبك على شيء ونسيت كل شيء وانا ايضا اعتذر لأنني جرحتك بحديثي ذاك صدقني لم أكن أفكر حين تلفظت بتلك الكلمات اسمع انت لا تشبه
وضع أصابعه على شفتيها قبل أن تكمل حديثها ليقول:
هشش قلنا لا عتاب أي ننسى كل شيء وكأنه لم يكن ثم انت بخير وهذا يكفيني.
ابتسمت هي وردت:
الحمد لله على كل حال انظر إلى الجانب المشرق أتينا لنفاجئك أنا وأوزجي ونريك فساتينها الجديدة التي اشترت ففاجأناك بما هو أقوى بكثير لدرجة أثرنا كل مشاعرك حتى بكيت
ضحك أمير مقهقها ثم اقترب منها هامسا:
حبيبتي خفت بشدة كنت سأجن للحظة حين سقطت أمامي مغشيا عليك أنت بخير صحيح؟ لا تخفين شيء عني يعني لا سوء بك ثم بدأ بملامسة جسدها بيديه يتأكد من سلامتها.
أمسكت يديه حينها وضمتها بقوة لتقول:
أنا بخير أقسم لك أنني بخير حبيبي لا تخف لاشيء يستحق الخوف لهذه الدرجة أنت سمعت تعب لقلة الأكل والنوم لا أكثر
نظر إليها نظرة رجاء ليقول:
هذه سنحلها لا بأس لكن أنا كنت قاسيا كنت فظا أعتذر حقا.
ردت ريحان:
أمير، اعتذرت مليون مرة على شيء لا يستحق لا بأس هذه هي الحياة ليست كلها وردية يوم لنا ويوم علينا وكما يقال الخصومات هي ملح العلاقة ودونها نحس بالملل
أمير مبتسما:
صحيح والمهم أننا مع بعض سيأتي الكثير والكثير أمامنا منها منها الصعب ومنها الأصعب لكن لايهم كله لايهم مادمت معي ثم أمسك يدها وهي مبتسمة ليكمل:
ويدك بيدي تضمها ثم وضع يده على قلبها وهي تنظر لوضع يديه ليكمل:
أنا أسكن هنا ثم وضع يدها على قلبه ليقول:
وأنت استوطنت هذا وتملكته وهكذا سنتجاوز كل شيء أي محنة تواجهنا سنجتازها معا.
أحست بنبض قلبه المتسارع حين وضع يدها على قلبه لتدرك أنه خائف حقا ويتظاهر بالهدوء أمامها فنظرت إليه صامتة مدة ثم قالت:
اهدأ لأجلي اهدأ.
ابتسم ليقول:
الحمد لله الحمد لله.
في الخارج قام كمال باللحاق بالدكتورة سريعا الى مكتبها فقد كانت من معارفة قصد سؤالها عن حالة ريحان فأخبرته الدكتورة صديقته أن ريحان حامل ولأنها لم تكن تأكل جيدا ولا تنام تعب جسدها ونزل ضغطها فجأة وأغمي عليها لكن ريحان لم تشأ اخبار أحد مؤقتا لأنها تريد أن تحضر مفاجأة لزوجها ومن خلالها تخبره بموضوع حملها.
خرج كمال من مكتب الدكتورة يمشي بخطى متثاقلة لا يدري ايسر بما سمع ام يحزن هو يريد أن يأخذ شقيقته من أمير لكنها حامل.
وقف في وسط رواق المشفى صامتا لايحس لشيء يمر أو يتحرك حوله فحين قرر الاعتراف بكل شيء لاخته واخبارها بحقيقته ظهر حملها المفاجئ الذي كبل يده ليجعله في حيرة من أمره أيذهب ويتحدث ام ينصرف وكان شيء لم يكن ويتركها تعيش كما ترغب مع زوجها وطفلها الذي سيأتي بعد مدة؟
بعد مدة من استيقاظ ريحان وبقاء أمير معها بالغرفة والحديث مطولا طرق كل من كمال ومليكة باب الغرفة و دلفا إليها على التوالي.
عدلت من نفسها ثم نظرت لكمال ثم لأمير مستفهمة سبب وجوده هناك فتحدث أمير مفسرا لها وجوده هناك ليقول:
كان بمكتبي حين وقعت ألم تريه؟
وضعت يدها على رأسها لتقول:
يا ربي يبدو أنني فقدت ذاكرتي للحظات حين وصلت للمكتب كنت تقريبا فاقدة للوعي أسير بصعوبة أريد فقط أن أصل للمكتب وأجلس، لم أكن ادرك ما يدور حولي ومن حولي لكن لحظي نمت عند الباب ولم اجلس فقط.
نظر كمال لأمير الذي كان يرمقه بنظراته ثم نظر إليها ليبتسم بحب ويقول:
الحمد لله أنك بخير أرعبتنا.
ردت ريحان:
شكرا لاهتمامك أخي بعض التعب سيزول إن شاء الله.
كانت كلمة اخي كبلسم شاف لجروح فقدها كل تلك السنين وابتهج قلبه لسماعها فهو لأول مرة يسمعها منها فأمعن النظر بها مطولا مذبهلا دون حديث وكم تمنى أن تقولها ثانية كي يسر قلبه بها مرة أخرى لكنها ما فعلت.
فصل تمعنه بها صوت أمير حين قال:
شكرا لاهتمامك كمال بيك زوجتي بخير، عدت الحمد لله.
ابتسم كمال ليقول:
حمدا لله على سلامتك ثانية أختي ريحان والآن عن إذنك ثم استدارت متوجها للخارج.
تحدثت ريحان قبل أن يخرج:
إذنك معك أخي.
استدار إليها وابتسم ليقول في داخله:
ستأتي اللحظة وأحضنك فيها صغيرتي، لا بأس لنأجل قليلا فقط بسبب حملك لا أريد أن تتأذي أو تتوتري صبرت سنين سأصبر أياما معدودة أخرى.
خرج مع أمير عند الغرفة ليقول سريعا بغضب:
لنا حديث آخر سيد أمير أنت اهتم بزوجتك وسنلتقي ثانية لا محالة وأتمنى أن يأتي ذلك اليوم وتكون قد تشجعت وأخبرتها أنت بكل الحقيقة قبل أن يفعل غيرك.
في الداخل ما إن خرج كمال وأمير حتى نظرت ريحان لملكية مبتهجة بل أظهرت حماسها فرحة كالأطفال ما جعل الأخرى تنظر مستفهمة لتقول:
ابنتي ريحان حمدا لله على سلامتك، لكن ما بك لم تتحركين متحمسة مثل أوزجي؟
ريحان بحماس:
اقتربي خالة.
اقتربت مليكة لتقوم ريحان بإمساك يدها وتضعها على بطنها وتقول فرحة:
أنا حامل.
اتسعت عيون مليكة وهي تنظر إليها تستوعب الذي سمعت لتومئ ريحان إليها تؤكد لها ما سمعت فابتهجت وظهرت ابتسامة فرحها لما سمعت لتقول بصوت مرتجف ممتزج مع صوت بكائها:
حبيبتي ثم وضعت يدها على بطن ريحان والأخرى دمعها ينزل من مقلتيها فرحا لتكمل:
الحمد لله مبارك يا جميلتي الحمد لله، والله فرحتي لايسعها الكون لا أصدق لا أصدق ابني سيصبح أبا وابنتي ستصبح أما هذا كرم ما بعده كرم.
أمسكت ريحان يد مليكة بقوة لتردد:
اخفضي صوتك خالة واهدئي إنه لا يعرف شيء بعد لم أخبره
مليكة باستفهام:
لماذا لم تخبريه؟
لو عرف سيسمع تركيا كلها وما جاورها من فرحه.
ريحان ضاحكة:
أعلم أنه مجنون ويفعلها دون تفكير، لكن أريد أن أصنع له مفاجأة جميلة تعويضا على الأيام الفارطة التي عشناها والعزلة التي كان بها وكيف حبس نفسه بالشركة سأخبره بطريقة جميلة هكذا يعني.
مليكة بحماس:
 كيف ستتحملين فقط؟
ردت ريحان قائلة:
سأحاول
مليكة بخفوت:
كما تشائين لكن كيف سيمكنني النظر بعينيه دون أن أقول أنت ستصبح أجمل أب بالكون أنت تصعبينها علي.
ريحان برجاء:
رجاء خالة مؤقتا فقط.
هنا دخل أمير عليهما لتقوم مليكة بالإعتدال سريعا تداري فرحتها عن أمير وتنظر لريحان التي بدلت كالبلهاء وهي تهرب بعينيها يمنة ويسرة متجنبة النظر إليه كي لا تفضح.
نظر أمير إليهما لحظات مستغربا لكنه أحس بوجود.شيء ما ليقول:
ماذا هناك أحدث شيء سيء لا سمح الله؟
ردت ريحان على عجل:
لا لا ماذا سيحدث يعني؟ لا شيء أكيد 
رد أمير:
ولم تهربين ببصرك هنا وهناك؟
ريحان ضاحكة:
لا انا أنظر إليك حتى أنظر ها عيوني لا ترى سواك لتصوب نظرها به مبتسمة لينظر إليها مذبهلا لكنه لم يضف شيء.
انسحبت مليكة خارجا لتترك أمير معها لتغادر المشفى أيضا مع سفر بعد دقائق تحمل في جعبتها أجمل خبر يمكنه أن تسمعه عائلة حكمت تارهون.
مرت ساعتين كاملة أخذت فيها ريحان القسط الذي تحتاج من الراحة وأكملت المصل الذي علق لها واستقر ضغطها ثم تناولت بعض الأكل وأمير واقف عند رأسها يطعمها بيده رغم تذمرها لتستعيد نشاطها وتصبح بحال جيدة.
 أتت الدكتورة بعد مدة وقامت بإجراء كل الفحوصات اللازمة قبل إخراجها من المشفى ثم قامت بتوصيتها على كل ما يلزم للحفاظ على صحتها أولا ثم حملها بداية بتغذيتها إلى أسلوب تحركها خلال الأشهر الأولى وما الممنوع وما المسموح به كما وصفت لها عدة أدوية مقوية لبنيتها ثم أعطتها موعدا لزيارتها بالعيادة لتجري الفحص اللازم لها.
أنهت الدكتورة حديثها مع ريحان لتقول:
وهكذا يمكنك الخروج الآن زوجك ينتظر
ردت ريحان:
شكرا دكتورة
أعادت الدكتورة سؤالها قبل أن تخرج:
أ متأكدة أنك لن تخبريه؟
لترد ريحان:
مؤقتا فقط أريد مفاجأته
لتكون الدكتورة عند رغبتها ولم تعترض
هنا دخل أمير من الخارج ليقول:
أكل شيء تمام دكتورة؟
ردت الدكتورة:
تمام يمكنك إخراج زوجتك حمدا لله على سلامتها لكن سأوصيك ثانية الراحة ثم الراحة ليطمئنها هو أنه سيتولى رعايتها بنفسه.
خرجت الدكتورة من الغرفة متوجهة لمكتبها وما إن فعلت وأقفلت الباب حتى أسرع أمير لمحبوبته وحملها بين ذراعيه كعادته لتصرخ به ريحان متفاجئة:
ماذا تفعل يا مجنون؟
رد أمير:
سمعت الدكتورة:الراحة ثم الراحة ثم الراحة.
أمسكت بياقة قميصه لتقول:
لكنها قالت اثنين فقط ياغشاش
رد أمير مازحا:
الثالثة خاصتي إنها لعشقي فقط لا أحد ينالها سواها.
مشى بها على طول رواق المشفى وهما يتحدثان هو يدللها وهي تحادثه بدلع فيعشقها ويجن بها وبتفاصيلها أكثر لتخبره أنها ستتعود على الدلال وحينها سيتورط لكنه يعيد ويكرر كل مرة أنها خلقت ليدللها.
كانت سعيدة بكلماته الجميلة مبتسمة لكن فجأة عبست وتبدل مزاجها وتغيرت ملامحها لتقول باشمئزاز:
ما هذه الرائحة البشعة التي أشم ثم نظرت إليه باستفهام لتقول متذمرة:
أمير لم غيرتك نوع عطرك؟ هذا الجديد مقرف.
رد أمير مستغربا:
أنا لم أغير نوع عطري منذ سنوات
ريحان:
حقا لكن ما مصدر هذه الرائحة القوية؟
انزلها عند باب السيارة برفق يؤكد لها أن مصدر تلك الرائحة القوية التي تشم ماهي إلا رائحة المشفى التي أغلب الناس لا تتحملها
اقترب وفتح لها الباب لتعبس ثانية منه.
تحدث حينها أمير قائلا:
يبدو أن هرموناتك بدأت تتغير وأنا لست صحبة أنا والهرمونات.
أحست على نفسها والذي فعلت فابتسمت بوجهه تبدي أنها بخير رغم أنها بالكاد تتحمل تلك الرائحة لكن لو بالغت سيحس أن هناك شيء ليبادلها ابتسامة حب ثم انسحب من أمامها ليركب بالسيارة فتنفست سريعا وبعمق بعد أن كادت تختنق بسبب رائحته ثم انطلقا بالسيارة عائدين للقصر.
مر وقت على ذلك.
غيرت ريحان ملابسها وتمددت بفراشها بأوامر أمير ثم قام بتغطيتها جيدا لكنها كانت متذمرة تتأفف كل حين فقد أحست بالحر لكنه أبى إلا أن يغطيها كي تحس بالدفء جيدا وتنام مرتاحة
فاشتد الجدال بينهما هو يأمر وهي تعاند وترفض أي شيء وهكذا حتى فصلهما قرع الباب لتدخل بعد لحظات مليكة بصينية بها صحن شوربة وكأس عصير ووضعته جانبا لتقول:
والآن يا حلوة يجب أن تتغذي جيدا دون أي اعتراض
نظرت ريحان للطبق لتغير شكلها وتعبس وتغمض عينيها بقوة ثم قالت:
ماهذا؟ ثم سكتت
تحدث أمير على عجل:
مابك حبيبتي أعاد الدوار؟
ردت ريحان سريعا:
لا لا انا بخير
ناظرها بسعادة لتبادله ابتسامة حب أيضا تحاول فقط أن تكبت مشاعر الفرحة التي تعيش تريد أن تخبره أن كل هذا التغير الذي حل بها بسبب قطعة منه هو وهو رغم صعوبته إلا أنه أجمل تغير يمكن أن يحدث لأي امرأة في الكون



القسم الثاني:
نعم تلك التي تجرعت المر حتى ارتوت هاهي الآن تقبل على مرحلة جديدة من عمرها بل من أجملها فالنجلاء ستصبح أما والأمير أبا.

ابتسم أمير قائلا:
تناولي عشاءك وأنا سأتفقد اوزجي و نتحدث بعدها قليلا قليلا 
ريحان بخفوت:
حبيبتي حتى أننا لم نتحدث عن الحفلة
رد أمير:
تتحدثين لاحقا المهم أن ترتاحي كي لا يعود الدوار حسنا لن أتأخر حلوتي ثم خرج من الغرفة متوجها عند الصغيرة.
نظرت ريحان للطبق ثم حملت الملعقة وحركته هي لم تعب طعاما قبل لكن هذه المرة كانت تنظر إليه وتحس بشعور غريب وكأنها ستفتعل شيء لا يحتمل لتقول:
حساء ماذا يا خالة؟
الخالة مبتسمة:
خضراوات ولعلمك ستتناولينه إنه مفيد لك وللجنين وشهي تناوليه
حملت الملعقة وقلبت الحساء في الوعاء ثم أخذت منه القليل وتذوقته ثم وضعت الملعقة جانبا وسكتت تنظر للخالة.
طالعتها مليكة دون حديث مشيرة أن تتناول الحساء ولا تعاند 
ابتسمت ريحان وأخذت ملعقة أخرى ثم تحدثت قائلة:
هو لذيذ لا أنكر لكن أنا اريده بالكفتة هذا رائحته...لكن لم تكمل الكلمة لتقوم من مكانها سريعا مهرولة للحمام بغية الاستفراغ.
لحقت بها مليكة سريعا ووقفت عند الباب تنتظرها كي تطمئن عليها لكنها رغم تعب ريحان كانت سعيدة بالتغييرات التي بدأت تظهر عليها لتخرج بعد حين من الحمام شاحبة الوجه تمسحه بالمنشفة وتتنفس بعمق.
نظرت اليها مليكة مبتسمة لتقول:
أعراض الحمل بدأت تظهر يا صغيرتي أنا سعيدة جدا.
ردت ريحان تفتح عيونها بتثاقل:
أنا أعاني من هذه الحالة منذ أيام لكن لم اعرها اهتماما.
مليكة:
والآن ستهتمين أكثر.
ريحان:
يا الهي إن كانت هذه البداية فماذا بعد؟
مليكة مستغربة:
لكن يا ابنتي لعية المعدة عادة تكون في الصباح وأنت أصبت بها مساء يبدو أن حملك استثنائي مثلك
ردت ريحان ضاحكة:
واضح واضح أنه استثنائي كله من عطر أمير كله منه، البارحة أيضا حدث معي هكذا لكن ظننت أنه من طعام العشاء فقد أرغمت نفسي على الأكل.
ردت مليكة:
لا والله بل هو كله أنا متأكدة وليس عطره فقط أعانك الله يا ابني لمدة ثلاثة أشهر أو ربما تسعة ستصيبينه بالجنون.
ريحان:باستفهام:
ما قصدك؟
مليكة ضاحكة وهي تحمل صينية الحساء:
قصدي سأذهب وأحضر لك حساء بالكفتة يا أمي الصغيرة وإن سأل قولي له أكلته كله ولم أشبع بعد هكذا سيفرح حتما لا أدري إلى متى سأطاوعك وأخفي عنه.
ردت ريحان:
مؤقتا فقط ساخبره بطريقة جميلة تفرحه.
انسحبت مليكة بعدها لتعود ريحان لمكانها وتتمدد به وهي تتنفس بقوة وتحاول تهدئة نفسها ثم تذكرت كلمة أمي الصغيرة التي تلفظت بها مليكة منذ لحظات وكيف كان وقعها على مسمعها فسر قلبها حقا لتضع يدها أسفل بطنها مرددة بهمس:أي أنني بعد شهور سأصبح ماما كم هذا جميل ومختلف شعور غريب لكنه حقا لا يشبه أي شعور آخر.

إن الأمومة لغز بسيط في ظاهره عميق جدا في بواطنه مجرد كلمة ربما يظنها الكثيرون عابرة ولكن لايفهم معناها سوي هؤلاء اللائي عانين آلام الحمل والمخاض وعناء التربية علي حد سواء. 
ربما يظن البعض أن الأمهات خلقن بنفس الكيفية التي خلقنا نحن بها ولكنني اعتقد ان ثمة شئ اشبه بالزهرة ولكنها ليست كباقي الزهور فهي ليست فواحة وحسب بل جمعت من طيب الرائحة والضياء في آن واحد، قد غرسها الله بقلوبهن واحاط بها روحهن لتضئن لنا الدنيا وتحيطنا بجنانهن فنتسلح بهن ضد كل خوف أو قلق. 
فنعم خلق الله أما تضحي بعمرها وروحها وصحتها لأجل فلذات كبدها

بقيت كذلك تمسح على بطنها وتقرأ شيء من القرآن مدة من الزمن حتى ارتاحت وذهب عنها البأس واستقرت حالتها ولم تعد تحس بلعية النفس تلك ثم حملت هاتفها وأخذت تتفحص بعض المواقع الطبية تقرأ عن الحمل وأعراض الوحام وما يجب أن تعمل.
لم يمض الكثير بعدها حتى عاد أمير للغرفة ليجدها جالسة تتفقد هاتفها فجلس بجانبها ليتحدث قائلا:
ماذا تفعلين حبيبتي؟
ابتسمت بوجهه وقالت:
لا شيء حبيبي أتفقد مواقع التواصل فقط أصلا مملة لا جديد بها غير الإشاعات دعنا منه ثم وضعت هاتفها جانبا.
أمير مستفهما:
لا تعانين من اي بأس صحيح؟
أمسكت يده وضمتها بقوة ثم تحدثت بخفوت قائلة:
أنا لا يصيبني أي بأس ما دمت بجانبي، لا طبعا لا أحس بشيء سيء أنا بخير.
ابتسم بحب ثم اقترب أكثر مبتسما ليوجه نظره صوب شفتيها ويتأملهما قليلا ثم قام بلمسهما بإبهامه ليقول:
اشتقت كثيرا ليبدأ بالاقتراب تدريجيا ويده الأخرى ترتفع أكثر على ظهرها يضمها برفق ويسحبها إليها ببطء.
لم تكن تتحمل رائحة عطره لكنها لم تكسره ولم تظهر أي نفور منه بل استسلمت لقربه منها وتركت له نفسها فقط كي لا يحس لشيء لكن هنا أتت اوزجي مسرعة فجأة ودلفت الغرفة قبل أن يقبلها حتى لتفصلهم عن وضعهم ذاك.
اعتدلا سريعا لينظر أمير للصغيرة ويقول:
حبيبتي المفروض إنك نمت ماذا تفعلين هنا ثم لماذا لم تطرقي الباب؟
ردت اوزجي:
وجدته مفتوحا بابا وناديتك لكنك لم تسمعني على ما يبدو ثم كيف أنام وأنا لم أقل لريحان تصبحين على خير وأطمئن عليها انشغل بالي عليك حبيبتي
مسحت ريحان على شعر الصغيرة وقبلتها بنهم لتردف:
حبيبتي أنت أعذريني لم آت إليك.
اوزجي مبتسمة:
لا بأس ها قد أتيت أنا.
تحدث أمير قائلا:
بما أنك أتيت أيتها الأميرة لم لا تعطينها لمسة من لمساتك السحرية كي تشفى.
اوزجي بحب:
حسنا تستحق إنها حبيبتي وأريد أن تشفى سريعا ثم اقتربت وجلست بحجرها ووضعت يدها الصغيرة على جبين ريحان مرددة:
الأميرة السحرية ستشفي الملكة ريحان الجميلة بإذن الله تعالى.
ريحان بسعادة:
يا الهي لا أحس بأي الم ثم أمسكت يدها وقبلتها بعمق لتكمل:
اللمسة السحرية شفتني.
ليمسكها أمير ايضا ويقبلها ويقول:
لمسة أميرتي تشفي كل العلل.
بقيت معهم قليلا يلاعبونها وحكت لريحان تفاصيل عيد الميلاد وكيف سرت به وبارتدائها للفستان ذا اللون الفيروزي كذلك أخبرتها أن الهدية قد أهجبت صديقتها كثيرا وهكذا حتى مر بعض الوقت.
قام أمير من مكانه قائلا:
الآن إلى النوم حلوتي تعرفين والدتك ستأتي غدا.
تحركت اوزجي من موضعها دون اعتراض هذه المرة بعد أن قبلت وجنة ريحان وأبيها وتمنت لهما ليلة سعيدة.
تحدثت ريحان قائلة:
هل عادت من سفرها؟
أمير بحنق:
عادت واتصلت تريد أخذها ليومين 
ردت ريحان تحاول تهدئته:
لا بأس هي أمها بالنهاية.
حمل أمير أوزجي بين ذراعيه وتوجه إلى غرفتها لكنه التقى في الرواق بسونا التي كانت قادمة للإطمئنان على ريحان.
توقفت أمام أمير لتقول:
هل نامت ريحان؟
ردأمير:
ليس بعد
تحركت سونا نحو الغرفة تريد أن تتحدث معها لكنها توقفت مترددة لينتبه أمير إليها لكنه أخبرها أن تتقدم فريحان ليست غاضبة منها البتة فتشجعت وتقدمت أكثر و طرقت الباب برفق لتقول:
ريحان أيمكنني الدخول؟
سكتت ريحان برهة ثم تحدثت:
تعالي سونا ادخلي هيا
دلفت الغىفو تقدمت بكرسيها المتحرك لتقوم ريحان بالاعتدال بمكانها تنظر إليها مبتسمة فاقتربت سونا منها وابتسمت قائلة:
الحمد لله على سلامتك ريحان
ردت ريحان:شكرا 
عم الصمت للحظات سونا تنظر إليها بحزن وهي تنظر لسونا نظرة عتاب حزينة فكيف كانتا الصديقتان وكيف أصبحتا كالغرباء لا تجدن حتى الكلمات لتتحدثن وهما اللتان كانتا إن التقيتا لا تسكتان دقيقة.
دقائق مرت وهما كذلك لتكسر سونا صمتهما اخيرا وتقول:
سنبقى هكذا كثيرا؟
ردت ريحان:
كيف؟
زفرت سونا بحنق وأردفت:
جرحتك بالكلام أعلم بل كنت قاسية جدا.
قاطعتها ريحان لتكمل عنها الحديث قائلة:
أنا وضعتك أمام الأمر الواقع وآذيتك واوجعتك دون أن أقصد صدقيني
سونا مبتسمة:
أنا أعتذر
ردت ريحان:
أنا أعتذر أيضا سامحيني
سونا بحب:
إذا احضنيني
لتقوم ريحان باحتضانها بقوة إليها سعيدتين متصافيتي القلوب لا ضغينة لا غضب لا حزن لا عتاب فهذه هي الصداقة الحقيقية حين يؤلف الله بين قلوب تحابت فيه وأخلصت فإن الود الذي ينشأ بينهما لا يمكنه أن تصيبه شائبة،قد تمر منه بعض الرياح لكنه لا ينكسر بل كل مرة يعود أقوى وأقوى.

بقيتا على تلك الحال مدة من الزمن تضمان بعضهما البعض وهكذا ارتاحت سونا وهدأت ثم تحدثت لتقول:
حبيبتي سأخبرك شيء إنه مفاجأة لا أحد يعلم بها
ردت ريحان بحماس:
أنا أيضا أريد أن أخبرك شيء لكن بيني وبينك فقط لا يجب لأبو الدباديب شقيقك أن يعرف نهائيا.
سونا ضاحكة:
شوقتني هيا قولي.
ريحان ضاحكة:
خذي نفسا عميقا أولا 
تنفست سونا بعمق كما طلبت منها وهي تنظر إليها مذبهلة تنتظر أن تتحدث
ريحان بحماس:
اغلقي فمك اولا فابتسامتك توترني
ردت سونا متذمرة:
مللت ريحان للحظة أحسست أنني سألد مابك اخبريني
ريحان بحماس:
هو هكذا فعلا يعني أحدهم سيلد بعد سبعة أشهر من الآن
سونا دهشة:
من اخي؟
انفجرت ريحان ضاحكة حتى كادت تقع أرضا لتشاركها سونا الضحك أيضا حتى هدأت بعد لحظات لتردف قائلة:
الا يوجد احد عاقل في هذه العائلة ياربي؟
سكتت سونا قليلا ثم ناظرت ريحان سعيدة مبتهجة لتردد بحماس:
لا تقوليها يعني أنت نعم أنت كذلك صحيح أنت كذلك وأنا سأصبح كذلك أقصد سأصبح عمة
اغرورقت عيون ريحان دمعا فرحة نعم إنها دموع الفرح لا الحزن إنها قشعريرة السعادة لا البرد وإنه توتر الفرح لا الخوف لكنها تجنبت أن لا تبكي كي لا يحس أمير لشيء ثم أمسكت بيد سونا ووضعتها أسفل بطنها مبتهجة لتبدأ سونا بالصراخ مرددة:
نعم حامل حامل حامل
أسرعت ريحان ووضعت يدها على فم سوتا لتضغط عليه بقوة مرددة:
توقفي يامجنونة فضحتنا 
هدأت سونا وكفت عن الصراخ لتنزع عنها يد ريحان وتقول:
لماذا تسكتينني ايعاني اخي من رهبة الحمل أم ماذا؟
ردت ريحان ضاحكة:
أي رهبة هذه ياغبية؟
ثم أن الحامل وليس هو فقط أنا لم أخبره بعد لأنني أريد أن افاجئه بطريقة جميلة أعرف كم سيسر لذلك ولربما لن يسعه الكون لفرحته لذا أجلتها قليلا فقط ايضا أنا متوترة جدا ومتحمسة جدا أنظري كيف تتعرق يداي لا أعرف كيف ستكون ردة فعله هو.
ردت سونا:
ولو انني لا أحبذ ذلك فهو سيقيم الافراح ليالي وأيام بحالها لكن كما تشائين وإن احتجت لشيء أخبريني العمة دائما وأبدا في الخدمة.
كانت عيونها تلمع تحاكي السعادة التي بقلبها وحتى سونا رغم الحزن الذي عاشت إلا أن خبر حمل ريحان كان فعلا مثل البلسم الذي يشفي الآلام فاستفبلته بفرح متناسية كل شيء سيء فقط تعيش تلك اللحظة وفرحة ذلك الخبر.

سكتتا برهة ثم تحدثت ريحان قائلة:
وأنت بم ستخبرينني؟
أخذت سونا نفسا عميقا ثم شدت على يد ريحان تضمها لتردف:
جهزي نفسك فمفاجأتي أيضا ستفرحك انظري لتشير إلى قدميها.
نظرت ريحان أين أشارت سونا بيدها لتتفاجأ بها تحرك رجليها فعلا.
نظرت ريحان إلى حركة رجليها الخفيفة بتمعن تظن أنها تحلم وليس بحقيقة ثم نظرت لسونا مبتهجة وقد غلب دمعها ابتسامتها لتعيد النظر إلى رجليها التي كانت تحركهما تريد فقط أن تتأكد وإن وقع هذه المفاجأة على قلبها أجمل بكثير من وقع خبر حملها فقد ضاعت منها الكلمات للحظة فأخذت نفسا عميقا وتحدثت تبتلع ريقها:
لا أصدق أنت حقا
فاضت عيون سونا دمعا فرحة ثم أومأت برأسها لريحان لتردف:
نعم أحركهما منذ فترة ولم أخبر أحدا بعد أنت أول واحدة.
لم تتحمل ريحان أكثر فسكتت عن الحديث وأطلقت العنان لدمعها معلنة بذلك الفرح ثم ضمت سونا إليها بكل قوة وأخذت تقبل رأسها قبلات متفرقة شاكرة الله عز وجل أنها عاشت هذا اليوم ورأت فيه حبيبة قلبها تحرك رجليها.
حركة أصابع بسيطة تشبه حركة الأطفال حين يبدؤون في خطو أولى خطواتهم فيتعثرون ويقعون ثم يقومون ويحاولون من جديد لكنها بالنسبة لها ولادة جديدة في عالم ستلونه هي بريشة الأمل وستأخذ من كل ألوان السعادة والحب دون أن يشاطرها بها أحد المهم أنها تشجعت ووضعت أول خطوة.

تنفست سونا بعمق مرددة:
ترددت كثيرا وخفت أن أتأمل ويخيب رجائي كما خاب قبلا بدل المرة ألفا و أنكسر وأعود لنقطة الصفر.
ردت ريحان:
ما خاب من قال يا الله أنت ثقي بالله وسلميه أمرك حينها فقط ستنالين ما تتمنين.
ردت سونا برضا:
ونعم بالله

نعم ذلك اليقين بالله عز وجل أنه هو مدبر الشأن حافظ النفس من يحيط بكل شيء علما وسبحانه من يدبره أحسن تدبير فقد يظهر لنا أن القدر قاس والدنيا ظالمة أحيانا بل كثيرا أيضا ونستنجد حينها بالله عز وجل مستعجلين أن يحقق عدالته الإلهية لكنه سبحانه كما ابتلانا في أنفسنا أمرنا بالصبر لأنه أعلم بما سيأتي وأن كل ما سطر لنا في شريط الحياة هو خير فإما سعادة نعيشها فنهنأ وإما شقاء نبتلى به ونمتحن فيرزقنا الله به الجنة ويرفعنا بها درجا وحينها فقط نتأكد أن أمر المؤمن كله خير سواء كان خيرا أو شرا.

بقيات ريحان مدة تنظر إليها يتشاركان فرحتهما فقد أصبح هناك سببان للسعادة وليس واحدا فقط ثم أخذت تمسح على قدميها بيدها وتردد بعض الأذكار ثم نظرت إليها مرددة:
والله هذا أحلى شيء حصل لي منذ فترة بالكاد أصدق فعلا أنك تمكنت من تحريك رجليك فلا أخفيك كنت قد فقدت الأمل من ذلك لكن كرم رب العالمين أكبر من كل شيء حبيبتي هذه البداية وسأيتي يوم وتقفين فيه على قدميك وربما تركضين أيضا لذلك لا تستسلمي أبدا ها.
ضمت سونا يد ريحان التي تمسح على قدمها قائلة:
إن شاء الله حبيبتي وأعدك أيضا لن أستسلم مهما حدث وسأواضب على علاجي الفيزيائي أيضا أنا متفائلة جدا.
ردت ريحان:
نعم واصلي علاجك ولا تستسلمي ولا تتكاسلي أو تنهزمي أو تتراجعي لحظة و أنا معك دائما بكل خطوة تخطيها أنا معك وأسندك
ضمت سونا يدي ريحان وشدت عليهما بكل ما أوتيت بقوة وابتسمت بحب لها لتعدها بأنها ستكون عند حسن ظنها بها وبنفسها أولا ولن تخيب رجاءها فقط تحتاج لدعمها وأن تكون معها حين تفشل كي تشجعها على الوقوف ثانية و تكون رفيقة درب الألف ميل كي لا تنهزم وتولي الأدبار مستسلمة فطريق وعر كهذا يحتاج صديقا نتكئ عليه حين يصيبنا اليأس ليبث في أنفسنا بدفئ يده وصلابة كتفه الذي لا يهتز الأمل من جديد.

مضت دقائق معدودة بعدها.
هدأت الاثنتان وكفتا عن الحماس المبالغ فيه أخيرا وفرط الإبتسامة التي لم تفارق شفتيهما لحظة ثم غيرت ريحان الحديث قائلة:
أخبريني حلوتي كيف يسير علاجك؟
ابتسمت سونا ببلاهة ثم هربت ببصرها تنظر يمنة ويسرة وحمحمت لتردف:
جيد يسير بشكل جيد 
طالعتها ريحان قليلا مستغربة ثم قالت:
جيد جيد لكن أنت لم ابتهجت فجأة ثم لم تهربين من عيني؟
انظري إلي
لكن سونا لم تستطع النظر في عيونها مباشرة فالتفتت نحو الشرفة تنظر للسماء متحججة بأن الجو تلك الليلة جميل وهادئ لكن ريحان تدرك أنها تريد أن تخبرها شيء لكنها تتهرب فأمسكت وجنتها ولفت وجهها إليها قائلة:
انظري إلي وأخبربني هيا ماذا بشأن
ردت سونا مباشرة هذه المرة:
بشأن من المدعو كنان؟
ريحان بخفوت:
ما كنت أريد ذكر اسمه صدقيني لانني أعرف أنه لا يجلب لك إلا الألم والحزن لكن كان يجب أن أسأل وأعرف بما أنك استطعت التجاوز و هو أول و أكبر عقبة.
ردت سونا قائلة:
بالعكس لم يعد بذلك القدر أنت قلتها عزيزتي إلى متى سأهرب من مخاوفي وأتركها تكبلني بأشواكها وتجرح كل نقطة من جسمي فتجعلني أنزف وأتألم أستغيث فأحزن ويحزن من حولي لعدم قدرتهم على علاجي.
إلى متى سأسمح لها أن تجرني إلى داخلها وانا اتخبط بدمائي تلك دون مقاومة مني وكأنني عبدة لها استسلمت للسواد؟
لقد ضخمت الوضع بما يكفي لسنوات و أعطيته قيمة أكبر من حجمه بكثير بالنهاية هذا قضاء وقدر لا مفر منه وأنا مؤمنة ورضيت بقضاء الله وقدره ولربما الخير آت تلك ثقتي برب العالمين لا بل يقينا مطلقا أنه ما اختار لي هذه المحنة ووضعني في هذا الإختبار إلا لأنه يدرك أنه يمكنني أن أجتازه وأنجح به رغم صعوبته ثم أنت قلت كل هذا قبلا واقتنعت به
ريحان مازحة:
أنا قلت هذا متى لا أتذكر؟ 
ثم تعالي هنا ماشاء الله فتاتنا الصغيرة أصبحت حكيمة 
ردت سونا:
لا اذكر بالتحديد متى قلتها أو ربما أوزجان من قال وليس أنت
ردت ريحان دهشة:
أوزجان ‌ إذا هكذا حاف دون ألقاب يا ماشاء الله تطورنا على ما أظن ويبدو أننا تطورنا من كل جانب سعيدة بذلك هذا التغيير يدهشني وفي نفس الوقت يبهجني
عادت سونا:ط للنظر في زوايا الغرفة تهرب من عيون ريحان لتردف:
أقصد دكتور أوزجان يعني هو صديقي أكثر من كونه دكتوري النفسي لذا تعودت على قول اسمه هكذا دون تكلف ثم هو أيضا لا يحب قول كلمة دكتور يبدو أنها تسبب له حساسية أو ما شابه.
نظرت ريحان إليها لحظات ثم انفجرت ضاحكة لتشاركها سونا القهقهات تسمعان الغرف المجاورة وفي تلك اللحظة كان أمير لا يزال مع أوزجي فسمع صوت ضحكاتهما العالي فسر قلبه وابتسم وخالج فؤاده شعور بالرضا واطمأن قلبه على زوجته من جهة وشقيقته من جهة أخرى بعد أن انفطر قلبه نصفين لتخاصمهما تلك الأيام كل شق ذهب مع واحدة ليحمد الله عز وجل على نعمة المودة والحب الذي جمعهما.
استمرت ريحان في سؤال سونا عن علاجها لكن مقصدها كان معرفة ما يحدث بين الدكتور أوزجان وسونا فنادرا ما تؤمن سونا لشخص هكذا ونادرا ما تجمع علاقة صداقة قوية بين دكتور نفسي ومريضه الذي يعرف عنه كل خباياه النفسية وعقده.

تحدثت سونا وأقرت بالكثير حتى تعبت لتتحدث في الأخير بتذمر قائلة:
زوجة أخي رجاء كفي عن التحقيق معي لقد أتعبتني وأنت سؤال وراء الثاني أخبرتك مجرد صديق لا أكثر لا تؤولي شيء إياك وإلا ذهبت وأخبرت زوجك بكل شيء وقد أعذر من أنذر.
ردت ريحان ضاحكة:
الله الله وتهددين أيضا سونا تارهون؟
هنا دخل أمير عليهما الغرفة ليقاطع جدالهما قائلا:
تخبرين زوجها ماذا سونا تارهون؟
سكتت الإثنتان في نفس اللحظة واهتزتا فزعتين ثم نظرت كل واحدة منهما للأخرى بذهول لترمقها ريحان بنظرة قوية كي لا تتلفظ بشيء ثم التفتت لأمير وابتسمت ببلاهة لكنه أحس من ضحكتها أنها تحاول اخفاء شيء.
نظرت سونا إليها بعيون متسعة وأومأت برأسها ثم نظرت لأمير ليرف هو مرة أخرى:
 لم تجيبي تخبرينني ماذا سونا؟
ضحكت سونا وحكت حاجبها ثم تحدثت وهي تنظر لريحان التي اتسعت عيونها:
صراحة صراحة سأخبرك لن أخفي عنك أكثر بالنهاية أنت أخي حبيبي حتى لو كنت أحب زوجتك.
ناظرتها ريحان بعيون متسعة وعقدت حاجبيها غاضبة لكن سونا لم تكترث لها بل أكملت حديثها قائلة:
زوجتك يوم الخطوبة لقد وضعت لك سائل غسيل الأواني بقهوتك.
رد أمير دهشا:
تمزحين
ابتسمت سونا ابتسامة عريضة ثم انسحبت تقود كرسيها ببطئ لتنظر لريحان بمكر وتردف:
لا أمزح أخي فعلتها حقا والآن ها هي أمامك خذ بثأرك منها أخي تصبحون على خير أعزائي أنا سأخرج للحديقة قليلا الجو جميل مع خالص حبي لك ولها.
نظرت ريحان لها دهشة وهي تنسحب من أمامها بكل هدوء وكأنها لم تفتعل أي شيء إلى أن اختفت عن نظرها ثم انتبهت لأمير الذي لا يزال واقفا بمكانه ينظر إليها ويبتسم بمكر يفكر كيف سيثأر لنفسه وما إن انتبهت لضحكته تلك التي تدركها جيدا كما تدرك ما يدور برأسه إذا ابتسم بتلك الطريقة فاعتدلت قليلا بمكانها وهربت من نظراته ليقترب منها ويجلس بجوارها وهو لا يزال مبتسما.
طالعته مستفهمة لتردف:
ما سبب الابتسام؟
رد أمير:
يعني كنت ستسممينني يومها يا شريرة هكذا بكل بساطة تفرطين بي؟
ردت ريحان:
قلت لك وقتها بنكهة خاصة ثم أخبرتك من قبل نحن نختلف عن الآخرون حبي
لامس خصلات شعرها ممررا أطراف أصابعه على رقبتها قائلا بهمس:
لنؤجل حاسبك حتى تشفي وحينها سيكون عقابك صعبا وأنت تعرفين عقابي إن نسيتي أذكرك بعقاب شهر العسل ضريبة الفراولة والشوكولا يومها وماذا صنعت بي.
رمقته بعينها قليلا ثم ضربت كتفه تبعده عنها قالة:
وقح أنت أصلا سأنام أشعر ببعض التعب
رد أمير:
بما أنك تعبة ومريضة لك ذلك الليلة انظري أنا طيب القلب ليس مثلك تضعين لي سائل غسيل الأواني في القهوة بدم بارد ولا تكترثين لربما تسممت ومت وترملت في عز شبابك.
نظرت إليه لحظات وانفجرت ضاحكة فقد تذكرت كلمة أرملة ليتأملها وهي تقهقه وتتحرك بتلك الطريقة فشغفته حبا أكثر وزرعت الطمأنينة داخله وأصابه من الفرح ما أصابه كله لأنها ضحكت.
في الحديقة كانت سونا جالسة على كرسيها المتحرك تراقب السماء وتفكر بحديثها هي وريحان منذ قليل لتأخذ نفسا عميقا ثم أخذت تدعو خالقها أن يساعدها على تخطي الصعاب ثم نظرت لرجليها وحركت أصابعها وابتسمت لتشكر الله وتحمده عاقدة العزم أن تواصل علاجها حتى تستطيع الوقوف من جديد على قدميها.

تمددت ريحان بفراشها أخيرا ليقوم أمير بتغطيتها و يتمدد هو أيضا بجانبها لكن كلما تحرك أو اقترب منها أغمضت عيونها بسبب رائحته القوبة التي تأتيها لانفها أو بالأحرى كما يخيل لها فرائحته كانت عاديةض تحاول تمالك نفسها كي لا ينتبه أنها تشمئز منه وتنفر كلما اقترب.
رغم أنها لم تبد شيء لكنه انتبه أنها متوترة لينظر إليها قائلا:
عشق أحس أنك لست بخير
فتحت مقلتيها المغمضتين بقوة لتجيب:
بخير أمير كف عن سؤالك هذا فقد أصبح مزعجا أخبرتك أني بخير منذ الصباح وأنت تسألني وأنا أجيبك بخير بخير ألا تمل.
نظر أمير إليها مستغربا من رد فعلها ليردف:
اهدئي مابك؟ هذا جزاء من يقلق عليك لم زادت عصبيتك فجأة دون سبب؟
اعتدلت سريعا وجلست مكانها لتردف:
ماذا تقصد بعصبية؟
 قلها قلها لن اغضب قلها بصريح العبارة أنت امرأة عصبية
لم ينطق ببنت كلمة ليكتفي بالنظر إليها دهشا يرفع حاجبا وينزل الآخر فأضافت هي قائلة بحزن:
أنت لا تحبني 
رد أمير ضاحكا:
أنت تريدين سببا لتغضبي وتحزني و تبحثين بين حروف الكلمات عن ذلك أنا لم أقصد أي شيء حلوتي
انفجرت به بعد كلماته تلك قائلة:
ماذا تقصد أي أني نكدية؟ قلها قلها أنت عصبية ونكدية أيضا هيا قلها لا تخف
ضرب كفيه ببعضهما مكتفيا بقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم أخذ يرددها ويرددها دون أن يضيف أي كلام
سكتت قليلا ثم عادت للحديث بنبرة حادة:
لم تردد الحوقلة فقط ولا تتحدث معي ما قصدك بفعلتك هذه؟
طبعا أنا لا أنفع للحديث فعلا صدمتني سيد أمير ما كنت اتوقع منك ذلك لكنه لم يتحدث أيضا بل أكمل ترديد الحوقلة فقط لا يزال ينظر إليها دهشا يحاول استيعاب رد فعلها وتقلبها فهي منذ دقائق كانت تقهقه والآن على وشك البكاء.
ريحان بغضب:
هكذا إذا لن تقول شيء إذا سأنام ثم عدلت وسادتها بقوة لتضيف:
ومن غير تصبح على خير

تركته مكانه وكأنه تجمد كالتمثال ينظر إليها مندهشا دون حديث لايفهم شيء من ردة فعلها تلك أما هي فقد غضبت حقيقة أو أنها تريد فقط سببا لتغضب منه وتبتعد عن قدر المستطاع لكن تلك كلها هرمونات لعينة قلبت مزاج عشق الهادئة إلى عشق تفتعل المشاكل لتنفر منه.

بقيت مدة على حالها دون أن تتحدث بشيء بينما هو فقد مدد جسده على السرير وأخذ نفسا عميقا وبقي صامتا ينظر إليها ويتاملها حينا لكنه لم يغضب ولم ينزعج حتى يدرك أنها تعبت وتقلب مزاجها ما هو إلا رد فعل طبيعي لقلة بعض الفيتامينات بجسدها ثم يشرد حينا يطالع السماء خارجا يتذكر تفاصيل تلك الحقيقة التي كان يخفيها عن نفسه حتى و كيف وصلت لمن أضحى بالنسبة له عدوا يهدد كل عالمه الآمن بأخذ النفس منه عشق عشقه.
أخذ نفسا عميقا وقويا قوة تلك الحقيقة الصعبة التي لو ظهرت للعلن ستعصف بكل شيء جميل حوله وتنهيه بثوان دون رحمة يحاول بذلك النفس أن يخفف توتره لكن هيهات هيهات فتلك النيران التي أوقدت في فؤاده لن تخمد إلا إذا علمت بكل شيء وسامحته.
إنه ذنبه الذي تشكل على هيئة رجل غليظ حاد الملامح شديد الطباع يلاحقه أينما ذهب والتفت يراه ينظر إليه بتلك النظرات التي تؤذيه في قلبه مباشرة وتذكره أن تلك الحقيقة لو انكشفت ستذهب السعادة وتهجره ويكتسي عالمه اللون الرمادي.
كانت هي تسمع تنهيداته القوية التي يخرجها بأنين مكبوت وتتالم مع كل مرة ينقلب بها على جانب معين بقوة فأدركت أن هناك شيء وأنه مهموم لكنه لا يظهر لها فقط.
التفتت بعدها إليه لتجده جالسا يدني ظهره على السرير ينظر للعتمة أمامه لكنه يتخبط داخلها يكاد يغرق ولا منجي له.
نظرت اليه بحب فقد رق قلبها لحاله فقد أدركت أنها آذته بانفعلاها المبالغ دون سبب فنظرت إليه قليلا لكنه لم ينتبه إليها حتى لتتحدث حينها قائلة:
أمير أنت بخير؟
فصله صوتها عن شروده فالتفتت ناحيها ونظر إليها مطولا حتى أنه زادها حيرة ثم أردف:
ظننتك نمت حبيبتي
ردت ريحان:
ليس بعد هجرني النوم رغم أنني كنت تعبة وأخذت الدواء لكن أنت ما بك؟لا تبدو بخير ثم إنك كل حين تتنهد بألم أيضا.
ابتسم أمير ابسامته الخبيثة تلك وهي تنظر إليه كالبلهاء ثم لامس أطراف شعرها السفلية قائلا:
اعرف جيدا لم هجرك النوم
ريحان ببلاهة:
كيف؟
رد أمير:
اقتربي
ردت ريحان:هكذا؟
واقتربت قليلا
أمير مبتسما:
قليلا بعد
قالت في نفسها لحظتها:
يارب ساعدني كي لا أنفر منه وينتبه الرائحة لا تطاق ثم ابتسمت بخجل ثم رفعت ذراعه وهي تقترب لتضع رأسها بصدره وتقول:
هكذا؟
أمير بحب:
نعم هكذا جيد جدا
اعتدلت جيدا وممدت رجليها براحة ليسحب الغطاء ويقوم بتغطيتها ثم دست وجهها بحضنه تحاول الهدوء لتأخذ بعدها نفسا و تغمض عيونها تحاول أن تنسى وتتعود ولا تظهر اشمئزازها فذاك مكانها أين تجد طمأنينتها و تلك الطريقة التي تعطيه بها الحنان وتأكد له أنها ملكه هو وحده كما أنه ليس ذنبه فهي عودته أن تنام بتلك الطريقة كل ليلة بين ذراعيه.




القسم الثالث:

كان يسند رأسها على رأسه ويمسح على خصلات شعرها المنسدل على كتفيها وأحيانا يداعبها بأصابعه كعادته وكأنه يعزف على آلة الكمان مع كل خصلة يطرب مسمعه بنغماتها مستمتعا بحركتها الخفيفة العفوية كحركات الأطفال بصدره كل حين فيبتهج بها يريد لفؤاده أن يطمىئن ولا سبيل لذلك غيرها ولا ملجأ من شبح خوفه إلا عيونها الواسعة تحتويه هو وأفراحه وأحزانه ليتنهد بعد حين ويكسر ذلك الصمت الغريب قائلا:
اشتقت إليك
رفعت حينها رأسها قليلا ونظرت إليه لتأتي عيونها بعمق عينيه فتأملت تلك اللمعة التي تحاكيها حبا إن وزع على الأرض كفاها ذلك البريق الذي ما لمحته يوما يطالعها وإلا وكان يملء مقلتيه فهو العاشق الذي شغفته حبا فابتسمت بحب تظهر له غمازتها الجميلة قائلة:
وأنا أيضا اشتقت إليك كثيرا
مجرد رد منها جعله ينسى ما حل به ويخرج من تلك الحيرة التي كان بها وينتقل من مشاعر التيه إلى مشاعر كلها أمان وحب وسكينة، فلامس وجنتها بأصابعه وأخذ يقترب ناحيتها برفق وهي مستسلمة تماما تغمض عينيها خجلة راغبة به وبقربه مشتاقة إليه ليشرع في تقبيلها يرد الحياة لأرضه الجرداء ويأخذ من عبيرها ما استطاع إلى ذلك سبيلا...

حل الصباح على المدينة وأشرقت الشمس معلنة قدوم يوم جديد

بدأت ريحان في الاستيقاظ بتثاقل شديد ففتحت عيونها قليلا تحكهما بأصابعها كالأطفال ونظرت ناحيته مبتسمة تتذكر ما حدث ليلتها وكيف أنها رغم نفورها منه إلا أن قلبها ورغبته بقربه سبقت هرموناتها لكنها لم تجده مكانه فنظرت ناحية الباب قائلة:
لم أحس لحركته أين ذهب ياترى؟
مددت ذراعيها قليلا لتتثاءب بقوة ثم نظرت لوسادتها ثانية لتنزل عليها مقررة العودة للنوم فأكثر شيء كانت ترغب به في تلك اللحظة هو النوم بعمق دون أن يزعجها أحد ولأي سبب كان.
 نظرت قليلا لوسادته لتردف بحنق:
يجب أن أغير كل شيء بالغرفة اللحاف وغطاء الوسائد بل كل الوسائد فكل شيء هنا أصبحت رائحته بشعة ولا يطاق يا الهي الراحة تكاد تخنقني لحظة ريحان منذ متى أصبحت هكذا؟
عيب والله عيب أنا أتصرف مثل الأطفال تماما أنا لم أتذمر في حياتي قط دائما ما كنت قنوعة وراضية ولم أكن عصبية هكذا قبلا ولم ولم الكثير من التغييرات تحدث معي كيف سأتأقلم لا أدري.
وضعت يدها على بطنها وابتسمت لتحدث جنينها قائلة:
يبدو أنك ستكون نسخة من بابا لذلك بدأت بارسال إشارات جنونك كوالدك، منذ الآن سيصبح لي نسختين نسخة كبرى ونسخة صغرى يجب أن أجهز نفسي منذ الآن وأحجز بمشفى المجانين احتياطا فقط فقد لا يتوفر لدي سرير وقتها من ناحية جيد ومن ناحية اللهم الهمني الصبر فقط ثم أغمضت عيونها وأخذت نفسا عميقا لتأخذها أحلامها إلى ذلك الوقت حين ستصبح أما وتمنحه شعور الأبوة من جديد فابتسمت ووضعت على بطنها ضاحكة تتخيله وهو يبكي ثم وهو يحبو لتليها أحلام جميلة تتشارك فيها هي والصغير وأوزجي وأبيهم مثل لوحة ذات ألوان كثيرة تبدع فيها كيف تشاء وهل يوجد لوحة أجمل من هذه؟
أخذت نفسا عميقا وحمدت الله كثيرا على نعمه التي أغرقها بها حتى أضحت سعيدة لتلك الدرجة لكن ما إن أغمضت عيونها من جديد تريد النوم حتى تذكرت الصغيرة وأن والدتها قادمة بعد حين لأخذها لبضعة أيام عندها لتتحرك سريعا من مكانها لكنها فجأة أحست بدوار فتوقفت وجلست على طرف السرير تضع يدها على رأسها قائلة:
طبيعي وقفت سريعا عاودك الدوار اوه عشق أصبحت كسولة وغبية وحمقاء أيضا كيف نسيتي تجهيز الصغيرة كيف؟
بالتاكيد هي الآن تنتظر وحق عليها أن تغضب منك لأنك ببساطة أهملتها دون سبب والثاني لا أثر له منذ الصباح اختفى طبعا هو هكذا يختفي وقت يشاء ويظهر وقت شاء رغم أنه يعلم أنني مريضة وأحتاجه و أوزجي ستسافر إلى بيت أمها لكن إن كان لديه شيء يذهب دون الإكتراث لأحد لا بأس أمير تارهون لأباس أمامنا أيام وليال وأسابيع سأصيبك فيها بالجنون حتما وأنتقم لكل العالم منك لكن رغم ذلك أحبك أصلا لا أدري كيف سأتحملك كل هذه المدة ياربي أحس أنني لا أطيقه كلما اقترب مني ولا أريد أن أغضبه ماهذه الحالة التي أنا بها؟
لكنني لا أستطيع العيش دونه في نفس الوقت واضح أنني أعاني من الإنفصام ويلزمني جلسة عند دكتور سونا هو كذبك نعم.
قامت من مكانها أخيرا و توجهت للحمام لغسل وجهها مع إحساسها الذي لا يذهب بالغثيان وحرقة المعدة والإنتفاخ منذ الصباح مع أنها لم تأكل شي ولا تشعر حتى بالجوع لتقوم بعدها بتغيير ملابسها لتتوجه سريعا إلى غرفة الصغيرة.
دلفت هناك بعد أن طرقت الباب لتجد ملكية هناك بجانبها تضع لها آخر لمسة في شعرها والأخرى جالسة بكل هدوء وأناقة كعادتها.
تحدثت ريحان مبتسمة:
صباح الخير خالة صباح الخير قطنتي الصغيرة اوه ماهذا الجمال ياحلوة ماشاء الله دائما أنيقة.
ردت كل من أوزجي ومليكة التحية على ريحان لتنظر هي حول الغرفة ثم تحدثت قائلة:
ظننت أن أمير هنا
ردت مليكة:
لا ابنتي لم أره منذ البارحة ظننته نائما وأنت كيف حالك الآن هل تحسنت قليلا؟
ريحان مبتسمة:
الحمد لله أنا بخير لا تقلقي هي تلك الحالة التي تصيب منذ الصباح لكن شيء فشيء سنتعود طبعا لكن أنير حين استيقظت لم يكن بجانبي أيضا ثم لم لم توقظيني لأجهز أوزجي خالة؟
ابتسمت مليكة قائلة:
لم أشأ إزعاجكما حبيبتي قلت لتناما جيدا بالأخص أنت تحتاجين الكثير من الراحة والنوم لا بأس بالاصل اوزجي جهزت نفسها لوحدها الأميرة كبرت الآن وأصبحت تستحم لوحدها وترتدي ثيابها بنفسها ومن اختيارها أيضا حتى انظري إلى الذوق الرفيع.
ريحان ضاحكة:
نعم لاتنسي أنها ابنة نازلي الذوق الراقي والماركات.
ردت اوزجي مازحة:
وابنة أمير تارهون أيضا لا تنسي 
اقتربت ريحان منها حينها وقبلت وجنتيها بنهم حتى آلمتها لتردف:
قطعة السكر أنت أشتهي أكلك على الفطور بدل أن أفطر.
حاولت أوزجي فك نفسها منها بصعوبة تنظر لريحان بغرابة طالبة المساعدة من مليكة بينما هي تناظرهما ضاحكة.
تركت وجنتيها الصغيرتين أخيرا وكفت عن تقبيلها بجنون لتتنفس اوزجي بعمق قائلة:
يا الهي ظننت لوهلة أنك ستأكلنني حقا
ردت ريحان ضاحكة:
من يدري أنت لا تقاومين وقد أفعلها يوما المهم حبيبتي بما أنك جاهزة لنخرج لتتناولي إفطارك وننتظر والدتك ستصل بعد لحظات بالتأكيد 
سكتت أوزجي عن الحديث ففهمت ريحان أنها لا ترغب في الذهاب لكنها ستفعل ذلك فقط كي لا تغضب والدها فاقتربت منها ريحان وضمتها لتتحدث أوزجي حينها قائلة:
حسنا لكن لن أبق لأكثر من يومين ليكن بعلمك
انحنت إليها ريحان لتقول:
حبيبتي لا يوجد داع لاحزن ثم إن أمك مشتاقة إليك وإلى حديثك واللهو معك و ضحكاتك الجميلة لا تحرميها منك رجاء أولست مشتاقة لها أيضا.
ردت أوزجي بتذمر:
أصلا حين أذهب إلى زيارتها لا تقعد معي إلا القليل لا يهمها إلا عملها وأنا أشعر بالملل الشديد هناك وأنتم تجبروني على الذهاب كل مرة ثم ركضت مسرعة خارج الغرفة.
سكتت ريحان عن الحديث فقط تنظر إليها إلى أن غابت عن نظرها لتلتفت إلى مليكة وتومئ برأسها فناظرتها مليكة بحزن وزفرت بحنق داعية الله عز وجل أن يريح بال تلك الصغيرة ويعوض قلبها الذي حرم حنان الأم وعطفها فلا شيء يمكن أن يعوض مكانة الأم ولو اجتمع أهل الأرض كلهم وتوودوا لنا وأحبونا تبقى الأم هي الأم منبع العطاء الأول في العالم ومدرسة الود والحب التي نتعلم منها كل شيء لأول مرة.
تحدثت مليكة قائلة:
 الأطفال ينظرون لما في القلوب مباشرة ونازلي لم تحسسها يوما أنها والدتها بل على العكس تماما دائما تثبت لها...ثم نظرت لريحان وسكتت مباشرة.
نظرت ريحان مستفهمة لتردف:
ماذا لم سكت فجاة خالة أكملي حديثك
ردت ملكية على عجل:
لم سكت قلت؟
لا لا شيء طفلتي هيا أنت أيضا يلزمك أفطار مغذ لقد حضرت لك أفطارا خاصا بالحوامل فيه كل ما تحتاجين ليومك من بروتين وفيتامين وألياف كفاندق الخمس نجوم بالضبط هيا هيا إنه مفاجأة
ردت ريحان مبتسمة:
شكرا شكرا شوقتني حقا أصلا اشعر بجوع شديد لكن حقا أين ذهب أمير منذ الصباح لم أحس عليه حتى
مليكة ضاحكة:
تحريات أم ماذا اتركي الرجل وشأنه لربما جاءه عمل مفاجئ ولم يشأ إزعاجك، هيا دعك من كل هذا وتعالي لنطعم حفيدي ووالدته.
ابتسمت ريحان لسماع كلمة حفيدي وابتهجت بل حتى كادت تظهر نواذجها نعم إن مجرد تذكرها أنها حامل يبهجها ويفرح قلبها لتتحرك بجانب مليكة نحو المطبخ.
جلست ريحان على طاولة الإفطار بعد حين لتجد صحنا كبيرا به كل ما تشتهي من أجبان وبعض الطماطم والخيار وبجانبه مربى فراولة وعسل وعصير وغيرها من المأكولات الخفيفة الشهية فسرت بذلك وشرعت في الأكل دون النظر لأحد وما إن رأتها أوزجي تأكل بتلك الشراهة حتى قلدتها لتشاركها افطارها بمتعة.

تناولتا إفطارهما معا وما كادت تنهيانه حتى أتى سفر وأخبرهم بأن السيدة نازلي تنتظر في الحديقة لأخذ أوزجي فهي منذ حادثة المحكمة ماعادت تدخل القصر بتاتا.

تحركت ريحان تمسك بيد الصغيرة والأخرى تنظر إليها بعين حزن لا تريد فراقها ونفس الشيء كانت ريحان لكنها لم تظهر لها ذلك كي لا تعاند وتأبى الذهاب لتتوجه بها للحديقة لمقابلة نازلي هناك.
اقتربت منها والأخرى تنظر إليها من رأسها إلى قدميها بتعال لتلقي ريحان التحية عليها قائلة:
مرحبا مدام نازلي سررت برؤيتك وحمدا لله على سلامتك أيضا.
رمقتها الأخرى بعينها ثم أركبت الصغيرة بالسيارة لتشكرها دون النظر إليها حتى فانزعجت ريحان لكنها كتمت غيضها بقلبها كعادتها ثم نظرت ريحان لاوزجي مبتسمة لتقوم بتوديعها ملوحة لها بيدها قائلة:
سأفتقدك صغيرتي اتصلي بي لا تنسي
ردت اوزجي فرحة:
سأفعل ريحانتي
ضربت تلك الكلمات قلب نازلي مباشرة قبل أذنيها فزفرت بحنق وتراجعت للخلف لتقوم فجأة بضرب باب السيارة بقوة ما جعل كلا من ريحان واوزجي تنتفضان متفاجئتين برد فعلها الغريب ثم عادت ناحية ريحان مشحونة بالغضب واقتربت منها حتى كادت تلتسق بها وكأنها تريد الفرصة لتهينها وتنتقم وها قد أتتها.
عادت ريحان للخلف قليلا لتترك لها مجالا أكبر وهي تنظر مصدومة من حالتها تلك ورد فعلها الغربب لكن نازلي عادت واقتربت منها ودنت إليها هامسة بالقرب من أذنها:
من تظنين نفسك؟
أنت لست أمها أنا أمها هذه هي الحقيقة شئت أم أبيت افهميها وكفي عنك التظاهر بالود لأنك أصبحت مملة.
نظرت اليها ريحان مندهشة ثم استجمعت شجاعتها لترد بنبرة حادة:
أنا لا أتظاهر بشيء ولا أسعى لأكون أمها لأنك أنت هي والدتها ولا أحد ينكر، ورغم ذلك أنا أحبها أكثر من لو كانت طفلتي من صلبي.
ردت نازلي بضحكة ساخرة:
آ صحيح تحبينها افهمي كلماتي جيدا وضعيها برأسك الفارغ هذا أنت لن تكوني لا أمها ولا كنة هذه العائلة مهما تصنعت من براءة هذا مكاني أنا مجرد وقت وسأعود إلى هنا أمثالك سقف أحلامهم هو أن يخدموا هذا القصر وليس تملكه افهمي 
نظرت اليها ريحان بعيون متسعة فهي لم تستوعب بعد ماذا حدث فجأة ولم تهاجمها بهذه الطريقة.
انتبهت نازلي فجأة للخاتم الذي بيد ريحان والذي وضعه لها حكمت يوم خطوبتهما لتمسك بيد ريحان على غفلة و تضغط على إصبعها بقوة مردفة:
حتى هذا ليس ملكك إنه لي لي فقط كان لي وسيعود بيدي أنا.
سحبت ريحان يدها عنها بقوة لتصرخ بها:
اتركي يدي يا مجنونة ماذا تفعلين هل جننت ماهذه الجرأة؟
شدت يدها قليلا وفركت أصبعها فقد آلمتها نازلي بشدة ثم استجمعت أخذت نفسا عميقا و اقتربت منها هذه المرة مهددة لتردف:
أقسم لولا الصغيرة التي تنظر هناك لكنت أريتك كيف يكون الرد يا سخيفة ألا تستحين من كونك تتصرفين كالاطفال وأنت أم؟
متى تسوعبين أن زمن ملكك ول واندثر شئت أم أبيت أنت من افهميها وليس أنا فمنظرك أصبح مضحكا وأنت تتصرفين هكذا ولا أحد يعطيك قيمة هنا حتى الخدم أضف إلى ذلك إن تقبلت
أو لا أنا كنة حكمة تارهون وزوجة أمير وعشقه وأنا من يشاركها غرفة نومها كل ليلة وأنا من يتنفسها ولا قدرة له دونها وأنت أم طفلته لا اكثر ولا أقل حتى أنه غير مرغوب بك داخل القصر وتاتين لتأخذي ابنتك كالغرباء من الخارج أيضا لتحمدي خالقك أننا سمحنا لك بالدخول إلى الحديقة.

اتسعت عيون نازلي واشتدت غضبا لتقول:
بل أنت من لا تستحي من كونها لا أحد يتقبلها كزوجة لأمير وهي تظن نفسها كل شيء حسنا يا قطة وهل يخفى عن كنة العائلة أسرار مهمة؟
ريحان باستفهام:
ماقصدك بأسرار ماذا تهذين الآن؟ تحدثي دون لف ودوران.
اقتربت نازلي منها اكثر وهمست تصدر صوتا كحثيث أفعى:
مثلا مثلا فقط ألم يخبرك حبيب القلب بأن اوزجي ليست من صلبه؟
يا الهي ما الذي أقول أنا؟

أصابت تلك الكلمات قلب ريحان مباشرة كرصاصة أتت من قناصة لا تخطئ لتصيبها بالنزيف.
كانت صدمة لا تظاهيها صدمة بالكون سر كهذا و حقيقة كهذه. كيف ومتى ولم أيعقل أن لا تكون ابنته الحقيقة؟
الف سؤال أتى على فكرها في تلك الثوان.
  



الفصل الواحد والثلاثون من هنا 

تعليقات



×