![]() |
رواية عشق الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم كنزةالحلقة الواحدة والثلاثون من رواية #عشق عنوان الحلقة: عشق هكذا هي الحياة حين نؤمن لها ونظن أنها ما عادت تحزننا وكل شيء أصبح ذا لون وردي زاهي تعود وتنقلب من حال لحال فتشمر على ساعديها وتشرع في هزنا بعنف فتردينا شبه خاوين من القدرة على التحمل والإستيعاب فتستنزف الفرح منا حتى الرمق الأخير لكننا لا نستسلم بل لآخر لحظة سنقاوم ونقف. القسم الأول: بقيت مكانها متسمرة لقد نزلت عليها لعنة فراعنة قديمة لحظة سماعها كلمات بل بعض من كلمات "هي ليست من صلبه" تلك كانت تميمة اللعنة فجمدتها مكانها كالصنم. نظرت إليها نازلي إلى دهشتها وتحديقها بأوزجي بفم مفتوح فابتسمت ثم استادرت بكل هدوء وكأنها لم تفعل شيء ووضعت نظارتها الماركة الغالية لتتحدث قائلة: عودي إلى قصرك هيا أسرعي قبل أن يهرب منك ولا تنسي لمس كب ركن به كي تصدقي بأنك تعيشين بمكان راق و نظيف مثله وتنسي قريتك العفنة التي أتيت منها ثم ركبت سيارتها وشغلتها وانطلقت مسرعة لا تزال تبتسم فرحة بانتصارها وهز سعادة ريحان واقتلاع طمأنينتها من الجذور نظرت إليها اوزجي قليلا ثم قالت: ماما ماذا حدث لم ريحان مندهشة بتلك الطريقة؟ طالعتها نازلي قليلا من خلال المرآة وابتسمت مرغمة قائلة: لا شيء حلوتي أنت فقط استمتعي بالنظر للطريق حتى نصل وسأشتري لك أشياء تحبينها ثم تحدثت بهمس، كله بسببك غبية اوزجي مستفهمة: قلت شيء ماما؟ نازلي مبتسمة: لا لم أقل شيء ثم واصلت السير هي والصغيرة بعد أن فجرت تلك القنبلة في وجه ريحان دون رحمة. عادت ريحان للقصر تتحرك بخطا عشوائية متثاقلة عشوائية الأفكار التي تضرب رأسها ترهقها ومشاعرها التي اختلطت ببعضها أتحزن أ تغضب أو تنتظر بهدوء، تبحث عن إجابة أو تفسيرا لما سمعت لكنها لن تجد إلا إذا حدثته وفهمت منه ماذا تقصد نازلي بكلماتها تلك أو لربما هذا فعلا كابوس وستستفيق منه مهما طال نومها فمن أعراض الوحام رؤية كوابيس بشعة لتجر جسدها نحو غرفتها جرا ثم دلفت هناك وما إن فعلت حتى أخذت نفسا عميقا وأعا شعرها للخلف وكل جسدها يرتجف و بدأت تتحرك سريعا ذهابا وإيابا دون توقف وتردد: لطفك وعفوك يا رب أجرنا يستحيل هذا كيف هذا أصلا ولم لم يخبرني قبلا أو حتى يلمح كيف فجأة ليست ابنته وإن كانت كذلك ابنة من إذا؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أخذت نفسا عميقا ثم رمت نفسها على الكنبة وأسندت رأسها للخلف ووضعت يديها على رقبتها تمسح عليها متوترة متذمرة لكن سرعان ما فاضت عيناها ترسل دموعا لوجنتيها دون إرادة منها فهي لم تتحمل الذي سمعت، تذرف تلك الدموع التي تتساقط أرضا حزينة و ملامح الصغيرة أمامها وضحكتها التي ترسل الربيع كلما أشرقت تلفها من كل جانب وقهقهة ضحكاتها تبعث الفرحة في قلبها لتزفر بحنق قائلة: حبيبتي المسكينة ومهجة قلبي أتراه يكون عندها علم بذلك؟ لا يمكن تناديه بابا ثم إن سنها صغيرة فلو كانت على علم بذلك كانت تأثرت الصغار يتأثرون من أي شيء كيف إذا موضوع الأبوة هذا، سأجن كيف حدث هذا هل صحيح ما قالت أم كذبت فقط كي تغيضني لأنها رأت الخاتم بيدي؟ لا اصدق لا اصدق تلك الغبية تكذب بالتأكيد لكن لا يمكن أن تكذب إنها لن تقول هي ليست ابنتي وهي ابنتها من صلبها ليست غبية لهذه الدرجة وأوزجي هي ورقتها الوحيدة الرابحة. سكتت قليلا وقامت ثانية من مكانها توجهت للغرفة الداخلية وجلست على حافة السرير تضم وسادته إليها لتضيف: لكن أمير كيف يخفي عني شيء كهذا كيف؟ ياربي سينفجر رأسي من كثرة الأسئلة أنا لا يمكنني لن أبقى هكذا لا يمكن يجب أن أجد تفسيرا لكل ما يحدث. كانت اشبه بمن يقف بين نارين تأكلها نار الحيرة من ناحية ونار الخوف علي كلا من اوزجي وامير، لا تدري ماذا عليها أن تفعل او كيف تتصرف، تتخبطها الحيرة من هنا لهناك دون سبيل تصل اليه فيدلها. زفرت للمرة التي لا تدري كم ثم وقفت مباشرة وبسرعة لكنها أحست بدوار برأسها بسبب حركتها السريعة ما جعلها تعود لموضعها وتجلس مباشرة تمسك باللحاف بقوة وتغمض عينيها وتتنفس بعمق ثم أسندت ظهرها على حافة السرير وأخذت تردد شيء من القرآن كعادتها فهي كلما توترت أو حزنت أو أحست بخوف أوضيق تهرول إلى ربها عز وجل وما خاب من قال يا الله لتبق مدة طويلة على حالها تنظر للسقف صامتة تفكر بما سمعت وبالصغيرة تكاد لا تستوعب كلمة من تلك الكلمات تنتظر أن يوقضها أحد لكنها اقتنعت بالأخير أن الذي هي به ليس حلما بل حقيقة يجب أن تتقبلها وتجد لها تفسيرا. هدأت قليلا وواصلت التنفس بعمق وهكذا حتى أحست بأن الدوار قد زال عنها لتقوم ثانية من موضعها وتتجه إلى خارج الغرفة باحثة عن مليكة. توجهت للمطبخ ودخلت لكنها لم تجد غير نيجار هناك لتسألها على عجل: نيجار أين خالتي مليكة؟ ردت نيجار: خرجت ياخانم قالت لديها مشوار وستعود لكن مابك هل أنت بخير؟ وجهك شاحب ولونه مخطوف ردت ريحان: أنا بخير لا تقلقي ليس وقت خروجها اطلاقا الآن من فضلك كأس ماء فقط تحركت نيجار نحو الثلاجة وأحضرت الماء لها لتشرب ريحان كل الكأس دفعة واحدة وكأنها ركضت ماراثونا أصابها بالعطش الشديد. نيجار مستفهمة: تريدين شيء آخر خانم ردت ريحان: لا لا شئ لا تهتمي شكرا لك ثم تحركت للخارج وتوجهت لغرفة سونا التي كانت تتجهز للخروج تاركة نيجار تنظر مستغربة لرد فعلها ذاك. دلفت ريحان غرفة سونا وسلمت لتجدها تجهز نفسها وتضع بعضا من عطرها كلمسة أخيرة وكم بدت أنيقة ومبتهجة لحظتها وكأنها غير سونا التي تعود الكل عليها لا تهتم بظهرها إلا نادرا مذ أن حدث ما حدث. ابتسمت ريحان رغم التيه التي كانت ضائعة به ثم اقتربت منها قائلة: ماشاء الله تبدين جميلة حبيبتي لكن إلى أين؟ ردت سونا مبتسمة: وهل يصح الجمال بعدك زوجة أخي؟ عندي جلسة معالجة فيزيائية أتأتين معي. ردت ريحان: أستغفر الله الجمال جمال الروح أيضا لا يمكنني الذهاب معك حبيبتي مرة أخرى وعد، أشعر ببعض التعب أنت فقط لا تجزعي مني. تحركت سونا بكرسييها واقتربت منها لتسألها: مابك ريحان لست على بعضك أنت بخير أكنت تبكين؟ وجهك شاحب وعيونك متورمة أم أن حبة السمسم تلك تنكد عليك؟ أمسكت ريحان بيد سونا وضمتها لتتحدث بخفوت: لا حلوتي لا شيء يدعو للقلق أنت تعرفين حمل ووحام منذ الصباح وإرهاق هكذا يعني هذه الأمور التي تقلب المزاج من لحظة للحظة فلا يمكنني السيطرة عليها لا تهتمي ستزول أنت فقط اذهبي جلستك العلاجية ولا تتأخري عن أوزجان. ضحكت سونا لتردف: أوه ابن أخي وماذا فعل بأمه وهو لا يزال نتفة صغيرة نعم من شابه أباه ما ظلم ابتسمت ريحان ونظرت لبطنها لتكمل سونا قائلة: حسنا أيتها الأم الصغيرة وأنت اهتمي بصحتك ولا ترهقي نفسك تسطحي بفراشك ولا تتحركي هنا وهناك كي لا تتعبي أكثر وإياك أن تقومي بأي عمل أو تطبخي وإلا أخبرت أخي ها لدي عيون هنا لا تقولي خرجت أذهب وأطبخ أو افعل شيء أراقبك ها. ريحان ضاحكة: علم سيدي سأطبق الأوامر بالحرف وأنت اتصلي بي إن حدث شيء أو احتجت لمساعدة سونا بحب: تمام حلوتي هيا لأذهب كي لا أتاخر خرجت سونا بجانب ريحان وهما تتحدثان عن جلسة سونا وأين وصلت بعلاجها النفسي لتقوم بإيصالها إلى باب القصر ثم ودعتها وعادت لغرفتها مباشرة. وصلت أوزجي و ولادتها للبيت أخيرا وما إن نزلتا حتى توجهت نازلي لمكتبها تجري اتصالا مهما بخصوص العمل بينما أوزجي فقد استقبلتها مربيتها وأخذت بيدها مباشرة إلى غرفتها لترتاح قليلا لكن عيون الصغيرة كانت تتبع والدتها بحزن إنها تريدها هي لا المربية مشتاقة إليها إلى حديثها واللعب معها والضحك والقهقهات لكن هيهات هيهات فقد ختم على قلبها أن لا تحب غير نفسها. في القصر كانت ريحان لا تزال بغرفتها تأكل الأسئلة عقلها وينخر كلام نازلي بفؤادها ضائعة لا تدري ما تفعل أو لمن تلجأ ثم نظرت لهاتفها قليلا وفكرت لحظات وحملت هاتفها لتقرر الإتصال بأمير الذي لم يظهر بعد ولم يتصل و الذي حدث أنساها حتى الإتصال به لكن حتى أمير لم يرد رغم أنه رأى اتصالها. أقفلت الخط ورمت هاتفها جانبا قائلة بتذمر: أين أنت الآن؟ ليس وقت اختفائك حتى أنه لم يترك رسالة وكأنه لم يترك خلفه شخصا مريضا لا بأس سنعرف أرضك بعد حين. لحظات فقط وعادت لحالة الضياع تلك لتعود الأسئلة تروح وتجيء على فكرها فتحدثت بحنق قائلة: لكن هل يعقل أنه لا يعرف أيضا م أن نازلي انجبتها من رجل؟ أستغفر الله العظيم من كل ذنب أثيم ماذا أهذي أنا؟ ياربي إن لم أجد إجابة لسؤالي سأجن بالتأكيد وأحمل نفسي ذنوبا بسبب شكي. جلست ثانية على حافة السرير وأغمضت عيونها بقوة تحاول الهدوء ليدخل حينها أمير من باب الغرفة فجأة يرسم ابتسامة عريضة على شفتيه ليطالعها بحب وهي كذلك. أحست على حركته ففتحت عيونها سريعا ونظرت إليه ليقول: صباح الخير جميلتي. رفعت رأسها ببطئ ثم أطبقت نظرها به دون أن ترمش حتى. كانت تنظر بعتب أما هو فلم يفهم شيء من نظراتها تلك فقط اكتفى بالابتسام. بقي واقفا بمكانه لحظات ينظر باستفهام أما هي فلم تتحدث بشيء بعد ليكسر صمتها قائلا: بم تردي حتى التحية أنت بخير حبيبتي؟ ردت مباشرة: لم أخفيت عني ذلك؟ زادت دهشته أكثر وابتلع ريقه مرتعبا واتسعت عيناه وانتفظ قلبه فجأة ثم تحدث بحنق: أخفيت ماذا عشق؟ امتلأت مقلتيها دمعا رغم أنها حاولت تمالك نفسها كي لا تبكي لكنها لم تستطع لتضيف لتتركهما يأخذان مجراهما المعتاد ثم تحدثت قائلة: كيف استطعت إخفاء ذلك كل هذه المدة فقط أخبرني كيف استطعت؟ زلزلت الارض أسفله لحظتها واهتز وارتعد، فأغمض عيونه بقوة ليشرع جسده بالإرتجاف والتوتر و أخذت الحالة تزداد وهو واقف متسمر مكانه فما كان يخفيه ظهر للعلن و ما كان يوجعه زاد وما كان يخشاه انتشر وما كان يهرب منه أمسك به وسحبه إليه نعم إنه شبحه الذي لطالما حاول معه لكنه كان يهزمه في كل مرة فهل يا تراه سيتمكن منه هذه المرة أيضا؟ حدث نفسه قائلا: لقد جاءت اللحظة حقا يبدو أنها عرفت كل شيء، إنها الحقيقة التي مهما أخفيتها ستظهر يوما إنه الواقع أمير كانت ستعرف إن شئت ذلك أم لم تشأ كانت ستعرف يوما وتتأكد أن وصفها لك بالشيطان لم يكن عبثا لكن كان سريعا لم أهنأ بها بعد،ربي ألهمني القوة لأواجهها وأنظر بعيونها وأنا أتحدث لم أحتسب يوما كهذا ولا لحظة كهذه لم أفعل. كانت تنظر إليه صامتة تنتظره أن يتحدث ويفسر لهت ليخرج هو زفرة قوية من أعماق أعماقه ثم اقترب وجلس بجانبها بكل هدوء وهي لا تزال بحالة الذهول والصمت ليتحدث أخيرا ويقول بحزن: أنت كيف عرفت؟ أجابت قائلة: لا يهم كيف عرفت ومن من عرفت المهم هو لماذا أخفيت عني ذلك لماذا؟ رد أمير بحنق: لأنني أحبك لا قدرة لي دونك حاولت لكن ما استطعت صدقيني ردت ريحان: لكن ليس بالشيء الذي تخفيه عني أمير موضوع كهذا من المفترض أن أعلم به منذ زمن. نظر إليها وإلى ردة فعلها فهي رغم حزنها إلا أنها تبدو هادئة لكنه فلم يجد تفسيرا لحالتها ثم وضع يديه على رأسه وأبعد نظره عنها ليتحدث بعد لحظات قائلا: سامحيني نظرت اليه برهة ثم تحدثت قائلة: ما الذي منعك؟ رد أمير: أنت كيف تتوقعين أن أنظر بعينيك وأقولها هكذا بسهولة كيف سأقول بأنني ثم صمت. نظرت إليه مطولا فحتى ردة فعله استغربتها لكن كل الذي كان يهمها أن تجد تفسيرا لتلك الحقيقة لتردف قائلة:ل كنها مثل طفلتي أيضا أمير لا تنس هذا نظر باستفهام ليقول: كيف طفلة ماذا؟ تنهدت بقسوة لتردف: كيف تتوقع ردة فعلي حين اعرف أن الفتاة التي أعتبرها ومتأكدة وكل العالم أجمع يعرف أنها ابنة أمير تارهوم زوجي زوجي تظهر فجأة بأنها ليست كذلك ومن الغريب أيضا. اعتدل أمير لينظر إليها مستفهما ثم أردف: لحظة لحظة كيف؟ ريحان بحزن: ألهذه الدرجة لا تثق بي كي تسلمني سرا كهذا أمير؟ أم أنني لست بقدر المقام أو علك تخاف أن أكشف السر؟ أمير دهشا: ماذا؟ ردت ريحان: فعلا الموضوع لا يصدق لا عقل يصدقه يعني فجاة ابنتك ليست ابنتك أهذه حقيقة أم كذبة أمير هل ماسمعته حقيقي فعلا؟ أجبني رجاء فمنذ الصباح وأنا في حيرة من أمري وألف سؤال ينخر برأسي. شيء من الفرح خالطه رغم أن الذي عرفته ليس هينا لكن فكرة أنها لم تعرف تلك الحقيقة القاسية أراحته حقا فكل الذي سيأتي بعد ذلك هين ليتنهد ويردف: لا حقيقة حبيبتي أوزجي أبنتي بالتبني وليست من صلبي. قالها واعترف لم يخفي شيء ولم يتهرب لتنزل كلماته عليها بارده فتأكدت أخيرا أن كلام نازلي ليس كذبا وأنها عرفت سرا بالكاد يصدق. نظرت اليه بانكسار ثم تحدثت باكية لتقول: لقد حزنت بشدة لأجلها صغيرتي إنها تعيش بكذبة كبيرة. نعم كذبة لكن لسنا نحن من نختار ظروفنا ولسنا نحن من نسطر قدرنا إنه كله مكتوب في لوح محفوظ قبل أن نولد وكل تدبير من رب العالمين فيه خير سواء خيرا كان أو شرا. أكملت حديثها قائلة: لكن أكثر شيء أحزني فعلا ثم سكتت فأومأ مستفهما لتكمل: كيف استطعت أن تخفي عني شيء كهذا وأنا التي تثق بك ولا تخفي عنك أي شيء. لم يتحدث هو بشي بعدها فقط اكتفى بالصمت ينظر إليها بحزن فقد فتحت كل مواجعه المدفونة. قاطعت صمته قائلة بخفوت: انتظر منك تفسيرا أمير ولي الحق في ذلك. تنهد بقوة ثم سكت قليلا ليتحدث بعد حين ويحرر حروفه أخيرا تلك الحروف التي تكاد تخنقه منذ أن دلف الغرفة و واجهته بينما هي لاتزال تنظر إليه ليقول: إنها بالأصل ابنة صديقي سكتت ريحان عن الكلام وكم كان سكوتها صعبا لكن لا تستطيع أن تعاتب وكيف يكون العتاب وكل حرف يخرج من شفتيه يعارك غصة عند حلقه ليتحرر وكل تنهيدة تأتي من صدره تعلن أنه يتألم ويكابر كي لا يظهر ضعفه لبشر حتى لو كانت هي وكل نظرة منه إليها تستصرخ مكتومة تطلب منها المساعدة فلا طاقة له دون تلك العيون التي ما اتسعت إلا لتحتويه. همست بين شفتيها ذاكرة الله عز وجل ثم ناظرته بلمعة وكم وفرت له تلك اللمعة من راحة فكانت نقطة قوة ليكمل حديثه دون ترد ليستجمع مرة أخرى تلك الكلمات على وهن وجهز نفسه ليردف بتوجس: أمها البيولوجية ألمانية الجنسية ووالدها تركي كان صديقي الصدوق بالأصل وسندي أو بالأحرى أخ لم تلده أمي، سهر ورحلات وأنس وضحك لقد كنا لا نفترق إلا قليلا لكن حكمة رب العالمين أكبر من كل الأماني ففرقتنا فجأة دون عودة. اعتدلت بجلوسها وعيونها لا تزال عليه ثم تنهدت بضيق مردفة: أنا حين عرفت كل تفكيري ذهب إلى أنك تبنيتها أنت ونازلي من دار أيتام. سكت أمير وعاد لحقيبة ذكرياته المخبأة في زاوية من قطار الزمن يطالع أمامه ذكريات جميلة منها وموجعة ليذهب سريعا إلى ذلك الحادث فغص قلبه أكثر حين تذكر بكاء أوزجي وهي رضيعة وحيدة لا أب لا أم لا مؤنس فزفر بحنق ووضع يده على رقبته فقد يختنق ليردف: رحمة الله عليهما هو كذلك أصلا لقد تم تسليمها لأحد دور الأيتام بعد وفاة والديها فطبعا لم يسمحوا لي المسؤولون الاحتفاظ بها ورعايتها فلجأت للقانون وتقدمت أنا ونازلي بطلب لتبنيها. ريحان بحنق: طبعا لديكما كل المؤهلات لتبنيها رد أمير: استخدمت أنا ونازلي كل معارفنا وفعلنا كل شيء لكي لا يتبناها غيرنا وفعلا أخذنا الصغيرة وصارت منذ تلك اللحظة أوزجي تارهون حفيدة عائلة حكمت. زفرت ريحان بغصة متناسية صدمتها من معرفتها تلك الحقيقة لتردف: لكن أهلها أين وأقاربها أليس لديها أقارب أعمام أخوال ألم يسأل عنها أحد؟ بالتأكيد وصل الخبر لأهالي والديها رحمة الله عليهما. سكت أمير لبرهة ينظر أمامه ثم التفت إليها ليكمل حديثه بخفوت: توفيت والدتها أثناء ولادتها بسبب مرض صعب في الرحم أصلا ضحت بنفسها لأجل أن تعيش اوزجي ثم توفي والدها اوجست ريحان في نفسها خيفة ووضعت يدها على بطنها تتحسيه في حركة لا إرادية منها حين أحست بالخطر والخوف ثم ناظرته بحزن شديد لكن التيه الذي كان يرتحل فيه منه من الإنتباه فأردف قائلا: ومنذ ذلك الحين لم يسأل عنها أحد على الإطلاق ربما لا احد يعلم حتى ردت ريحان: ألم تبحث عن أهلها؟ رد.أمير بحزن: كنت سأفعل ذلك ولربما لو فعلت كنت سأجدهم لكن بالأخير فكرت جيدا و تراجعت لأن الصغيرة كانت وصيتي لقد أوصاني أن أرعاها مثل لو كانت من صلبي ولم يكن بمقدوري أن أسلمها لأحد كي يرعاها مهما كانت صلة القرابة بينهما لم أستطع ريحان لم أستطع أوزجي قطعة من روحي صدقيني أنسى دائما أنها متبناة حين أضمها لصدري ولم أفعل ذلك يوما إلا وارتحت. تذكرت الجميلة حينها أنها يتيمة أيضا وعادت تتجرع الألم من بين ثنايا قلبها فأنزلت رأسها لا تهرب منه فقط بل من تلك الذكرى أيضا وتلك الصورة والكل يشير إليك بأصبعه يناديك باليتيم،ألم يتعلموا أن اليتيم مكرم من عند رب العالمين؟ ألم يتعلموا أن اليتيم لا يقهر؟ لكنه أصبح ماض وكل ماض لن يعود فلا يجب أن ندفن أنفسنا هناك وننسى أن الحاضر أيضا جميل والمستقبل سيأتي جميلا فقط نحسن الظن برب العالمين المدبر لكل شيء. نظر إليها بانكسار وألم يريد أن يضمها بكل قوة لينسيها وينسى أيضا ليتحدث في نفسه قائلا(ليتني كنت أستطيع أن أخبرك أنك لست يتيمة بل لديك عائلة جميلة وإخوة لكن كيف سأخبرك بهذا كله وكيف سأواجه تلك العينين البريئتين؟ إن فعلت ذلك معناه أنني وقعت على شهادة وفاتي بيدي سامحيني عشق أنا أتخبط بين شقي رحى ومشاعري تطحن كل يوم رغم أنني أحاول لكن) كانت تنظر حزينة لا دمع ينزل من مقلتيها التي جفت و حجبت تلك الدموع فتطلقت غصات القلب وجروحه التي فتحت للعلن فمن يا تراه يتحمل شعور اليتم ويتقبله بصدر رحب؟ لا أحد مهما كان صغيرا كان أم كبيرا فأول سند وكل السند هما الوالدان وإذا ذهبا رحل عن عالمنا الأمان. تحدثت بصوت متقطع بعد حين وأخرجت من حلقها تلك الحروف المتتالية لتقول:ووالدها كيف مات؟ رد أمير بخفوت: مرت بضع شهور على وفاة زوجته وقد كان يعشقها بجنون لدرجة لا تصدق لقد عانى الكثير بسبب مرضها وحمل زاد الوضع سوء، اصلا في بداية حملها حين ظهرت تلك المشكلة رفض ذلك الطفل وحاول معها بكل الطرق أن تجري عملية وتنزل الجنين لكنها أبت إلا أن تنجبه وبالنهاية وافق وأتت أوزجي ورحلت هي. أصعب شعور علي الاطلاق فليس مجرد خسارة شخص عزيز ولكنها الأم، خسارتها تعني خسارة السند والأمان والاستقرار فيصبح الشخص بعدها مزعزعا منهارا وقد فقد تلك الهالة التي تحميه من كل أذي قد يصيبه، فقد الدعوات اللامحدودة التي يسمعها الله فيرد عنه بها فواجع الأقدار. ريحان بحنق: أيعقل أن تموت بسبب الولادة رغم تطور الطب؟ رد أمير: نعم قامت بوالدتها بخير إذ فضلت إنجابها للحياة والمخاطرة بحياتها لكن تركتها وذهبت ليتولى والدها رعايتها من بعدها لقد كان يحبها بشكل كبير كانت الصغيرة نفسه، كان مستعدا أن يفني عمره كله لرعايتها وفعلا فعل ذلك لكن وضعت يدها على شفتيها حزينة لتقول: حتى هو نظر إليها بحزن ليقول: تعرض لحادث بشع ومميت ووقتها أوزجي لم تبلغ السنة بعد كم كانت تلك الكلمات التي تنزل عليها باردة وقاسية فتبتلع ريقها وتضم يداها بقوة تحاول أن تتماسك أمامه وهي ترى كمية الحزن التي داخل عينيه وكم كانت تذكره لتلك ألأيام أقسى وأصعب. تنهدت لتردف: أنت تتالم؟ رد بخفوت: أكثر مما تتوقعين لو رأيت فقط تلك الصغيرة في ذلك الوقت حين كانت تنظر لتلك الوجوه لا تعي شيء. اقتربت منه حينها وأمسكت يده بقوة وربتت بيدها الأخرى على كتفه وابتسمت وأومأت بأن يكمل فتتنهد حينها بقوة وأكمل: توفي طارق بسبب الحادث ذاك وحين كان بلحظاته الأخيرة كنت أنا معه لقد كان الحادث بسبب الموتور كنا نتسابق للتسلية كعادتنا أنا وهو ردت ريحان مقاطعة كلامه: لا يمكن. أمير بحنق: إصابته كانت قوية لم يتمكن من النجاة وحين اأحس بأنه هالك لا محالة ثم سكت وأخذ يتذكر ذلك الحادث بتفاصيله القاسية تفصيلة تفصيلة. كانت تنظر إليه حزينة لا تدري ما تقول او ماذا تصنع كي تواسيه وتخفف من ألمه فحزنه باد وألمه زاد لكن لا حل بيدها غير أن تكون بقربه ولا تفارق يدها يده لتكتفي بالصمت حزينة. اكمل قائلا: طلبني حينها وطلب مني ثم سكت... بكت ريحان بقوة لحظتها لم تحمل أكثر فحررت شهقاتها وانفجرت نظر إليها ودمعه ينزل من مقلتيه حارقا لكنه لم يسكتها ليكمل قائلا: أوصاني بها ما دمت حيا وأمنني عليها كي أرعاها وأتبرها طفلتي وإن لم تكن من صلبي وأن لا أفرط بها ولا أسلمها لأحد قد يظهر من عائلتها لا من ناحيته ولا من ناحية أمها مهما كان السبب ولو اضطررت لأسفرها وأخفيها عن كل البشر تخيلي ذلك عشق أن يقول لك شخص عزيز أنا سأموت وأنا مطمئن لأن طفلتي ستكون برعايتك واأدرك أنك ستكون لها أبا أحسن مني حتى أنا لست حزينا هي صغيرة ولن تحس لغيابنا ما دمت أنت بجانبها صديقي وأعرف أنك ستحميها بروحك. أي حديث سيواسيه الآن؟ لم تعرف بم تتحدث قط. أضاف هو: سكت قليلا فقط بعد أن أوصاني بها ثم أضاف وأنا أموت كلما تأخرت سيارة الإسعاف أكثر ليقول أتتذكر أمير حين أخبرتك بأن زوجتي حامل بفتاة وانني سأصبح ابا لاجمل فتاة بالكون ماذا قلت؟؟ أجبته انا وقلت: توقف طارق لطفا توقف لن يكون هناك أب لابنتك غيرك توقف لكنه اكمل حديثه وقال قلت أنك ستكون والدها أيضا فهي ابنة صديقك يعني ابنتك وقلت بجبروت كعادتك"لعلمك طارق نهاية الأسبوع ستقضيه الصغيرة معي لنتفق منذ الآن ها" وها قد جاءتك الفرصة تحدثت ريحان باكية: كيف تحملت النظر إليه وهو يقول تلك الكلمات؟ أمير بصوت أجهش: كنت أحتضر مكانه كان قلبي يعتصر وينزف أمامي وجعا. تنهدت ريحان لتضيف: وماذا صنعت بعدها اسمعك حبيبي قل كل شيء لا تترك شيء يحرقك. ردت أمير: حاولت إقناعه بغير ذلك لكن بالأخير وافقت ووعدته وعد شرف ثم أقسمت برب العالمين أن الصغيرة بعيوني ولن يمسها بأس ما دمت حيا وسأكرس عمري لها وبعدها بيومين فقط مات صديقي ريحان بحزن: وماذا فعلت مع أوزجي؟ رد أمير: أحضرتها الى هنا للقصر وبقيت معنا في رعايتنا أياما لكن أتت جماعة من أفراد شؤون الأسرة وحماية الطفولة وأوخذوها سلموها للميتم لأن هذا مرفوض طبعا، ولا يؤمنون بوصية أو أمانة وما غير ذلك. ريحان بحزن وهي تمسح على خصلات شعره: وكيف تحملت؟ أمير ممسكا بيدها: جهزت أنا ونازلي كل الأوراق في ظرف أسبوع ليتم سريعا التبني ثم توجهنا للميتم وقمنا بتبنيها قبل أن يتبناها غيرنا سكتت ونظرت بعمق عينيه ثم لامست لحيته المخضبة بدمعه ومسحت عنها البلل ثم عادت واعتدلت بعد أن رأت ابتسامته لتردف: أكاد لا اصدق ما أسمع والله أكاد لا أصدق أن كل هذا حدث وأنا لا علم لي، ونازلي هل أحبتها؟ أمير بابتسامة ساخرة: نازلي لا تحب إلا نفسها زواجنا بالاصل كان خطأ كان إصرارا من أمي وأنا وافقت، وايضا لولا الصغيرة لكنا افترقنا منذ زمن بعيد لكن لأجلها فقط تحملتها وتحملت غرورها وعصبيتها كي لا تحس أوزجي بالحزن وتعيش في كنف أسرة من أب وأم أصلا زواجنا باوزجي أو دونها كان بلا روح زواج ميت. ريحان مبتسمة: والصغيرة أكمل ماذا حدث بعدها؟ رد أمير: منذ تلك اللحظة زرع حبها بقلبي وكبر ونمى كشجر الصنوبر المعمر لم أحس يوما انها ابنة غيري إنها ملاكي الذي يزين بلمسته الصغيرة كل كوني ويلون حياتي. ريحان بخفوت: ولم لم تخبرني أمير؟ ابتسم ولامس وجنتها برفق قائلا: لأنني أخذت عهدا أمام نفسي وأمام كل الكون لن يعرف أحدبالموضوع حتى تبلغ سن العاشرة. ريحان مستفهمة: ولم سن العاشرة؟ رد أمير: يجب أن نخبرها الحقيقة حين تبلغ 10سنوات من عمرها هذه تعاليم المرشدة لا يمكن أن نخفي عنها الحقيقة. لا ادري كيف ساقولها يومها وكيف سأواجهها ربما سيخبرها أحد عوضا عني لكن يجب ذلك يجب ذلك، من حقها أن تعرف كل شيء من حقها أن تعرف انني احبها وأنها طفلتي رغم كل هذا وأنني جربت إحساس الأبوة معها لاول مرة وأنها أميرتي المدللة حتى أن الكل يحبها ولم يحس أحد يوما انها متبناة، ثم لم يتمالك نفسه ووجعه ما جعله يضع يديه على رأسه بصمت ليهرب من تلك الرياح القوية التي عصفت بوجهه فجاة التي لطالما هرب فارا للبعيد بعد لحظات التفت اليها يحدق بملامحها الهادئة متألما وهي لا تزال تنظر إليه تريد أن تقتلع ذلك الألم الذي يدفنه داخله ولا سبيل لذلك إلا بالبوح. اقتربت منه أكثر واعتدلت ثم أمسكت يديه وأبعدتهما عن رأسه ثم نظرت إليه بحب وابتسمت تلك الابتسامة الناعمة التي تظهر بها قليلا من غمازتها الساحرة والتي لطالما أسعدت روحه بها واستطاعت من خلال رقتها أن تنتشله من بين أمواج الحزن المتلاطمة والظلام وتخرج به إلى النور والسلام معافا وكأن لم يتأذ قط. بادلها ابتسامة خفيفة من بين أحزانه التي أثقلتها تلك الحقيقة لتضم يده بقوة ثم انحنت قليلا ووضعت رأسها بصدره لتتحدث حينها بخفوت: لا تحزن رجاء أنا أتألم كلما رأيتك هكذا وينفطر قلبي ولا تنس أني واوزجي نستمد منك قوتنا. لا تحزن فعيونك ما خلقت لتحزن، ثم انظر أنا حين أعانقك وأسك بيدك أستمد منك قوة جبارة أستطيع بها مقاومة أي عاصفة. نظر إليها بحب لكنه لم ينطق ببنت كلمة لتكمل هي: حين تأتي تلك اللحظة سنكون معا أنا وأنت وسنحدثها بالحقيقة معا وسنتجاوزها معا وسنكون عائلة جميلة لأننا محاطون بحبك ويحمينا قلب أجمل وأعظم بابا بالكون. تنهد أمير ليردف: هي حين نادتني بابا لأول مرة صدقيني شعور غريب تملكني وقتها أحسست بكل ما تعنيه الكلمة من عمق وجمال ومشاعر لا بديل لها إنها ابنتي أنا ولن تكون غير ذلك. ردت ريحان تهدئ من روعه: هي كذلك فعلا أصلا الكل يحبها ووالداك يعتبرانها حفيدتهم ويحبانها أنا لم أحس يوما أنها غير مرغوبة بالعكس إنها حفيدة آل تارهون الجميلة الشقية الذكية لذا كانت صدمتي كبيرة حين عرفت اليوم بأنها متبناة. أمير بحنق: حتى أمي التي تتذمر من الكل ولا تطيق أحدا عند حفيدتها تتحول لشخص يمتلك كل حنية الكون. ريحان مبتسمة: في هذه أنا أوافقك وبشدة أيضا لأن أوزجي سبحان من وضع بوجهها براءة تجعلك تحبها دون أن تدرك يعني هكذا مثل أبيها. طالعها مستفهما وأردف: هذا إطراء أم استهزاء ريحان تاروهون؟ ريحان ضاحكة: لله الله منذ متى أمدحك أنا؟ ابتسم اخيرا وتحررت روحه من الألم ليضع يده على تلك الحفرة التي تجذبه كلما ظهرت للعلن ليردد: أنت فقط كوني بجانبي هكذا دائما يدك بيدي ورأسك بصدري وابتسامتك الجميلة تحاوط عالمي ولن تهزني أي عواصف ولن تغلبني أي قوة كانت. ردت بحب: أنا معك حبيبي سأكون بجانبك مادام في نفس وسأدعمك وأحتويك دائما فأنت كل شيء لي لكن لطفا يكفي أسرار لا تخف عني أي شيء كن دائما واضحا ولا تترك غيرك يستغل أي ثغرة لإثارة المشاكل بيننا أو هز ثقتك بي أو العكس. ابتسم ورد: أولست غاضبة؟ ردت ريحان: لا لست غاضبة بل على العكس تماما أنا فخورة بك جدا ثم وضعت يدها على قلبه لتكمل: لو لم تكن ذا معدن طيب وأصيل لما أمنك صديقك رحمه الله على ابنته وهو يتلفظ أنفاسه الأخيرة و لم لم تكن ذا قلب طيب أيضا لما أحببتها وجعلتها طفلتك ولو لم تكن شخصا باطنه نظيف لما استطعت أن ترعاها وتمدها بحبك وتعوضها عن فقدها لوالديها ولم لم تكن نقي الجوهر لما عشقتك حد الجنون وأصبحت لي الأمان والسكينة والطمأنية وكل شيء جميل في حياتي لقد زدت رفعة بعيني أمير أنا أحبك جدا. كان ينظر إليها وهي تتحدث بتلك الكلمات والسعادة تفر من لمعة مقلتيه وتلف حوله من كل جانب، لقد كانت كلماتها تلك بمثابة بلسم شفاء لروح أتعبها الحزن وأنهكتها الأسرار. اقترب أكثر ووضع جبينه على جبينها يطالعها بحب لتكمل هي قائلة: هكذا حين نرزق بأطفال إن شاء الله لن أخاف من شيء أبدا فأنا أعرف حق المعرفة أن في ضهرهم أبا سيقف بوجه أي شيء كان ليحميهم. تحدث بهمس حينها قائلا: انت كوني امهم فقط وسأكون أسعد رجل بالكون ابنتي قوية وستتجاوزها أنا متاكد وما دمت بجانبي أنا قوي أيضا وأنا أيضا أحبك كثيرا وسيكون لدينا الكثير من الأيام الجميلة. ردت قائلة: الكثير الكثير القسم الثاني: احتضنها بقوة أكبر ليبقيا على ذلك الحال مدة يأخذ من عبيرها لفؤاده ويتنفس بعمق. وأخيرا كشف ذلك السر وتحدث وأخرج ألما كان يخبؤه بين خلجات قلبه سنينا وكم قبع ذلك الحزن في تلك الزاوية المعزولة دون أن يقترب منه لكن بفضلها هي فقط استطاع أن يقترب ويخطفه من تلك الزاوية المظلمة ويرميه بعيدا عنه. هدأت ريحان أخيرا وكفت عن التوتر والشك حين عرفت كل شيء فتذكرت حديث نازلي صباحا وابتسمت فرحة فهي التي انتصرت بالأخير وهي التي تأكدت أن أمير لا يمكن أن يخفي عنها شيء مهما عظم وها قد عرفت السر الذي استخدمته نازلي لتهز ثقتها بأمير لكن ما زادتها إلا حبا له وثقة واحتراما. بقيت قليلا تلامسوقميصه بأناملها ثم تفتح عيونها وتنظر إليه سعيدة لنجده مغمض العينين مبتسم الشفتين لكن لحظات وتذكرت الرائحة لتقوم من حضنه بسرعة. قطعت سكونه الهادئ ففتح عيونه ونظر إليها مستغربا ليقول: ماذا هناك عشق لم قمت من مكانك؟ ردت ريحان وهي تعيد شعرها للخلف: لا شيء قمت فقط حبيبي ابتسم ورد: لا بأس حلوتي أصلا ارتحت كثيرا حين ضممتك لصدري وشممت عبيرك والآن أخبريني من أين عرفت موضوع التبني هذا؟ ذلك الشعور الذي يذهب فجأة ويأتي فجأة لم تجد له أي تفسير، فكيف كانت تضمه بكل ما أوتيت من قوة تريد المزيد والمزيد من السكينة التي لا تتوفر إلا في حضنه، وكيف بلحظة يتغير كل شعورها فتهرب منه مرغمة حتى هي لا تدري ما هذا الشعور الغريب،هل يعقل أن ينفر المرأ من شخص يعشقه بجنون؟ جابت ببصرها يمنة ويسرة تهرب منه كعادتها في حركتها الطفولية تلك التي أصبحت إدمانه كغيرها من حركاتها الطفولية العفوية ثم وضعت أصابعها على شفتيها مرددة: أنت قلتها منذ قليل أم أنك نسيت؟ رد أمير مستفهما: قلت ماذا لم أفهم؟ ردت ريحان مازحة: مابك زوجي العزيز هل شربت شيء أم ماذا؟ قلت حين تبلغ العشر سنوات سنخبرها بكل شيء معا ابتسم ماسحا على شعرها ليردف: كوني معي دائما حبيبتي سنتجاوز معا أوزجي تثق بك ووقتها ستساعدينني وتساعدينها في تقبل الحقيقة. ردت ريحان: بالتأكيد حين تبلغ الثامن عشر ستقرر إن كانت ستبقى معنا أو لا؟ رد أمير: نعم هذا ما سيحدث ومع أني لا أقدر على فراقها لكن سأحترم أي قرار ستتخذه حينها. ابتسمت حينها ضامة يده لتردف؛ إذا دعنا نقفل على هذا الموضوع ولا نتحدث به ثانية، أنا عرفت متأخرا لكن لست غاضبة بالتأكيد فا بالنهاية أنا لم أكن موجودة بتلك الفترة من حياتك ولن ألومك على ماض ذهب و ولى، ما يهمني هو حاضرنا الذي نعيش كل تفصيلة منه معا هذا فقط المهم ومنذ هذه اللحظة لن يكون بيننا أي أسرار البتة ستخبرني بأي شيء يحدث معك وسأفعل أنا كذلك، يجب أن نكون كتابا مفتوحا لبعضنا البعض ولا نخفي عن بعضنا شيء. تغيرت ملامحه بعد حديثها فجأة وانقلبت فكلما ذكرت كلمة أسرار يهتز قلبه ويعتصر وتنزاح فرحته نحو زاوية وتنعزل تنتظره أن يبوح، لكنه ما استطاع إلى ذلك سبيلا فكلما نظر بعينيها يضعف ويخاف ويهاب ويتردد لأنه قد يخسرها وللأبد. ناظرها صامتا بحزن يقرئ من عينيه ليخاطب نفسه قائلا: إنها فرصتي الآن نعم أمير هذا هو أنسب وقت لتقر لها بكل الذي في جعبتك، لم لا أخبرها بكل شيء هي أيضا من حقها أن تعرف كل شيء مني لا من الغريب فقد يأتي يوم وتسمع الحقيقة فجأة كما سمعت حقيقة أوزجي وأنها متبناة فجأة،هيا أمير تشجع وقلها فقط تلفظ بأول كلمة وسيرتسل الباقي بسهولة. هيهات هيهات أن يعترف الأمير أنه كان سبب كل الأذى الذي حل بالأميرة وأنه هو بالذات شبحها الذي تلعنه وتمقته. شرد عنها وذهب بظنونه للبعيد تلك الظنون التي رمته بين الآه والتيه ورحلت عنه وتركته يتقلب بها وحيدا، يمد يده يريد منقذا فلا يرى غيرها كنقطة ضوء تشع في عتمة ليلة شتوية لكنها حتى هي بدلا من أن تقترب تبعد. انتظرت عودته للواقع والكف عن الشرود لكن انتظارها طال فلوحت بيدها بعد حين قائلة بصوت مرتفع: يا سيد أمير أين ذهبت؟ عاد من شروده على صوتها العذب الذي يحيي روحه فابتسم قائلا: معك معك حبيبتي شردت قليلا فقط. ابتسمت تعدل شعرها للخلف ثم ردت: واضح واضح أيضا هناك موضوع آخر سيفتح حبيبي نظر مستفهما ليقول: خيرا فقط ردت ريحان: خيرا يصيبك قرة عيني أين كنت مختفيا منذ الصباح أجبني دون لف ودوران وإلا أريتك الوحش الذي بداخلي. رد ضاحكا: سلاما قولا من رب رحيم لا نؤذيكم ولا تؤذوننا سلم يارب. ضحكت مقهقهة فخطفته مرة أخرى وأنسته بتلك القهقهة حزنه وسره الذي كشف وشروده وتوتره وضياعه وكل كل شيء به شائبة وحزن،فهدأ داخله أخيرا لتتحدث بعد حين قائلة: نازلي أتت صباحا وأخذت الصغيرة ولم تحدد موعدا لإرجاعها وأيضا أنت لم تودعها، اشتقت إليها منذ الآن. رد أمير: أعرف أنها ستأتي منذ الصباح لذا لم أعد ،لم أكن أود رؤيتها كي لا تناقش أمام الصغيرة ونزعجها ككل مرة، اما اوزجي فهي تعلم أين ساذهب منذ البارحة لذا لن تنزعج لأنني لم أودعها لا تقلقي لكن لحظة فقط أ نازلي من؟ ردت ريحان سريعا تتهرب منه: لا ليست هي من أخبرني بالتأكيد. طالعهع أمير بطرف عينه ليردف بنبرة شك قائلا: عشق أنت تكذبين صحيح؟ سكتت ريحان وهربت من نظراته ليضيف: أنظري إلي ولا تتهربي نظرت إليه لتردف قائلة: لطفا أمير لنقفل على هذا الموضوع ولا نعكر صفوتنا منذ الصباح به عرفت بموضوع التبني واتفقنا أننا سنخبرها معا حين يأتي ذلك اليوم،اوزجي ابنتنا وستبقى كذلك حتى تشيخ. سكت أمير قليلا يعقد حاجبيه متذمرا لتطالعه هي برجاء فنظر إليها برهة ثم تنفس بضيق مردفا: حسنا لأجلك فقط لكن حسابي ستناله يعني ستناله ثم توقفي عن نظرات القطة هذه تعرفين أنها نقطة ضعفي. ابتسمت ريحان بمكر لترد: أها يعني تعترف أنها نقطة ضعفك إذا هذا سلاحي دائما المهم دعك من هذا الآن وأخبرني أين اختفيت؟ حتى أنني لم أحس حين ذهبت. رد أمير بحب: كنت نائمة كالأطفال وكم بدوت جميلة جدا لم أسخ بك لذا لم أثر حركة كثيرة كي لا اوقظك من نومك الهني. ابتسمت بحب بعد كلماته تلك ثم حدثت نفسها هامسة(حتى لو أقمت الحرب فوق رأسي لن أستفيق أصبح نومي ثقيلا جدا). خاطبها أمير ليفصلها عن مهامسة نفسها قائلا: اين شردت أنت أيضا؟ هيا معي تجهزي سريعا هيا ردت ريحان: إلى أين؟ أمير مبتسما: مفاجأة انت فقط سلميني نفسك ولا تسألي عن شي بالتأكيد سيعجبك ما أحضر لك وإن اعترضت حملتك خطفتك ليكن بعلمك. تذكرت رائحته لتنظر إليه بعيون متسعة وتقول: لا لا رجاء إلا أن تحمليني سأمشي على قدمي لا اريدك أن تحملي شكرا شكرا ثم من قال لا أسلم لك؟ أنت فقط أمسك يدي وخذ بي إلى حيث شئت. بضحكتها الرقيقة ولمعة عيونها أكدت له ان السعادة لا تشترى ولا تدرس ولا تشترى إنما تمنح من خلال ذلك البريق الذي كلما تطلع عليه ابتهج،وبدفء يديه أكد لها أن الأمان موجود وأنها لن تحس يوما بغربة أو ضيق أو خوف فذراعيه هي حصنها المنيع من كل سهام الألم التي تقذفها بها الحياة. خرجا من القصر يدا بيد لتركب بجانبه بكل هدوء تنتظر أن يخبرها أين وجهتهما لكن لم يفعل لينطلقا بسرعة من حديقة القصر إلى مكان المفاجأة التي حضر. كانت مستلقية على مقعد السيارة تمدد رأسها للخلف وتنظر للطريق تراقب الناس والشجر والسماء أحيانا حتى مضى وقت لتنتبه بأن وجهتهم مختلفة وأن الطريق الذي يسلكونه جديد عليها. نظرت إليه وعلامات الإستفهام تعتلي وجهها لتقول: أمير هذه طريق جديدة صح؟ رد أمير: نعم مكان غير مألوف لك لم نسلكها قبلا. تحدثت ريحان. مازحة: طريق جديد إذا هل ستقتلني دون أن تترك دليلا خلفك؟ أجبني أمير اريد أن اعرف حالا بالا. رد أمير: أجيبك على ماذا لم تصرخين؟ ريحان بحنق: س*تقتلني صحيح؟ رد أمير ضاحكا: ماهذا التفكير الإج*رامي؟ يبدو أنك تتابعين أفلام الرعب في الآونة الأخيرة بزيادة فكوابيسك في الليل زادت والآن تفكرين كمج*رمة، قلت مفاجئة يا فهيمة أي أنه شيء سيفرحك. ريحان بنبرة غضب كالأطفال: إذا عرفني ماهي. رد أمير: على حد علمي لديك صبرا يوزع على كل أهل المدينة ولا ينفد ماذا حل به فجأة ما الذي تغير؟ ردت ريحان: أريد أن أعرف المفاجئة لم أعد صبورة كالسابق أصلا أنا تغيرت أمير تارهون. ابتسم والتفت ينظر للطريق ولم يرد عليها وعلى إلحاحها بل كان مستمتعا بتذمرها وحيرتها تلك. اعتدلت هي حين يئست منه ورمت ضهرها على كرسييها لتردف: غضبت رد أمير ضاحكا: يا عيني يا قلبي على طفلتي الصغيرة وغضبها الذي يقتلني في الصميم، و ليكن حتى غضبك جميل خصوصا مع عقدة حاجبيك تلك لكن لعلمك حين تغضبين يحمر أنفك كالأطفال تماما. رمقته بعينها ثم وضعت يدها على أنفها تلامسه تتحسس حرارته لكنها سرعان ما أنزلتها كي لا ينتبه لها وأكملت تظاهرها بالغضب. كان ينظر إلى شكلها الذي يشبه شكل الأطفال حين تتظاهر بالغضب فيسر ويبتسم لكنه يلتفت للناحية الأخرى كي لا تنتبه إليه أيضا ليتركها على حالتها مستمتعا بها وهي ترمقه بنظرها كل حين. مر وقت بعد ذلك. تحدثت بعد حين لتسأله: أمير كدنا نصل؟ أحس أن الطريق تمدد رد أمير: ليس بعد حبيبتي اصبري مر وقت أيضا لتعيد هي نفس السؤال: كدنا نصل؟ رد أمير متذمرا: عشق انزلك هنا ها قلت ليس بعد سألتني ألف مرة هذا السؤال. ردت ريحان غاضبة: افعلها هيا افعلها اصلا انت لا تحبني ويمكنك فعلها بسهولة والتفريط بي. سكت قليلا يطالعها باستفهام ثم حوقل لأكثر من مرة كي يهدئ ولا يثور بوجهها ثم سألها قائلا: لست على طبيعتك ماذا أكلت منذ الصباح؟ اعتدلت قليلا في جلوسها وردت: أكلت ثم تذكرت كمية الأكلات التي تناولتها لتسكت مباشرة أمير مستفهما: مابك؟ ريحان بحنق: انس أخبرني فقط كدنا نصل أم لا؟ أمير مبتسما: ليس بعد يا جميلة الجميلات ليس بعد ليس بعد زفرت بحنق وسكتت ولم تنطق ببنت كلمة بعدها وهكذا نامت دون أن تحس ليتركها ترتاح ويكمل قيادته على مهل حتى وصلا إلى وجهتهم المقصودة بعد مدة قصيرة. كان المكان عبارة عن منطقة جبلية تنزل منها بعض السهول و بها مزارع صغيرة متفرقة هنا وهناك ليقوم هو بالنزول أمام بيت به حديقة كبيرة هناك. ذهب ناحيتها وهي لا تزال نائمة قريرة العين فاقترب منها وهمس: حتى أنك أصبحت تنامين كثيرا حقا بك شيء عشق. أيقظها بهدوء قائلا: أيها الكسول استيقظ. فتحت عيونها بتثاقل تحكهما لتقول: ماذا؟ أريد النوم أمير ردأمير: وصلنا يا كسولة انزلي نزلت من السيارة ووقفت أمام الباب ليقترب منها ويضع يدها بيده وهي لاتزال تنظر إليه وللبيت الذي أمامها صامتة مذبهلة لا تفهم شيء . ابتسم وتأملها بهدوء ما جعلها تخجل وتهرب ببصرها عنه وهي تردد: ياربي أسرع أمير سيغمى علي بعد ثانية من رائحة عطرك القوية ليس ذلك فقط ابتسامته مستفزة جدا منذ خرجنا وهو يبتسم ثم رفعت صوتها وخاطبته: لم تبتسم هكذا؟ نظر إليها ليقول: لأنني معك طبعا انظري أمامك حبيبتي نظرت مرة أخرى لذلك البيت،إنه بيت بيتا صغير وجميل يشبعه بيوت قريتها فلفت بصرها على كامل البيت الذي دخل قلبها مباشرة فأحست أنه مألوف لديها، فالتفتت إليه ونظرت مبتسمة لتقول: ماذا هناك؟ رد أمير: قتربي أكثر وستفهمين سبب تأخري كل يوم الأسبوع الماضي وسبب اختفائي صباحا. نظرت إليه باستفهام لتقول: الم تكن بالشركة أيامها؟ رد أمير: كنت هنا وهناك هيا تقدمي وادخلي وستفهمين. تقدمت قليلا ليقوم هو بفتح الباب الخارجي للبيت ويقول: اذكري اسم الله وادخلي. نظرت إليه ثم رددت: بسم الله الرحمن الرحيم ودخلت كان منزلا خشبيا جميلا وشرحا على الطراز القديم يبهج النفس فور الدخول إليه، يحوي صالة صغيرة بها مدفئة ومجهز من كل شيء ومضاء أيضا تصله أشعة الشمس من كل صوب. نظرت لكل ركن به بسعادة وعيون متلئلئة ثم طالعت أمير باستفهام ليجيب عن تلك النظرات قائلا: أهلا بك في مزرعتك الصغيرة عشق تارهون. ردت دهشة: كيف؟ ابتسم و رفع يده وقدم لها مفتاح البيت ليضعه بيدها قائلا: تفضلي مفتاح بيتك كانت مندهشة لا تفهم شيء من شيء فقط تنظر إليه مذهولة ليقول: مابك؟ هذا بيتك باسمك ريحان تارهون ملكك إنه هدية مني لك. لمعت عيونها فجأة واغرورقت عيونها دمعا لتقول: لا لا يمكنني هذا كثير هدية كهذه لا يمكنني قبولها أمير. رد أمير: لكنه أصبح باسمك يعني ستقبلين في كل الأحوال أصلا ماذا يساوي أمام ما أعطيته لي أنت من سعادة،انظري جعلته مشابها لبيوت القرية لأنني أعرف أنك تحبين قريتك وتشتاقين إليها. أومأت سعيدة ثم أردفت: هل هذا يعني أننا سنترك القصر؟ أمير ضاحكا: لا طبعا انتظري ليس لهذه الدرجة لكن هنا السكينة المخفية التي سنهرب إليها كلما ضاقت بنا جدران القصر أنا وانت فقط لوحدنا لا أحد سونا وبالأخص أيام الشتاء. طالعته مستفهمة قائلة: لم الشتاء؟ اقترب منها واحتضنها من الخلف وهمس باذنها : لأنه الشتاء و مدفأة ومطر وكستناء و حبيبك و دفء، حضني. تحدثت ريحان لتوقفه قائلة: دعنا نرى البيت أولا ونتحدث عن هذه التفاصيل لاحقا. تحركا أكثر لتتفقد البيت الجميل. كانت تنظر إليه سعيدة دهشة فقد زين جدرانه بلوحات مرسومة بيدي أوزجي وهذا مازاد البيت بهجة. اقتربت ولامست إحدى اللوحات لتقول: إذا هي شريكتك رد أمير: لا ج*ريمة تكتمل دون شريك. ريحان بحب: جميل كل شيء جميل كل تفصيل جميل. نظرت هنا وهنا بتآن تتأمل كل التفاصيل سعيدة بكل ركن تنظر إليه لتقول بعد مدة: أنت لم تنس أي تفصيل من التفاصيل التي أحبها. أمير بحب: كيف انسى ما تحب زوجتي يستحيل. ريحان مستفهة: لكن متى ذكرت أنا كل هذا وأنني أحب كل هذه الأشياء؟ رد أمير: ربما أنت لا تتذكرين لكن أنا كل حديث تذكرينه يبقى بعقلي وقلبي. اقتربت منه وأمسكت يده لتقول سعيدة: شكرا شكرا كثيرا شكرا لوجودك. كل شيء به جميل المطبخ وغرفة النوم وصالونه السحري و حديقته، كل شيء دون استثناء أحببته كثيرا إنه بيت أحلام. أمير مبتسما: سررت لأنه أعجبك لكن لم تنته مفاجأتنا بعد. نظرت له باستفهام ليضيف: تعالي لدينا مشوار آخر قصير سنذهب لمكان آخر. ريحان على عجل: دعنا نستمتع بالمنزل قليلا. رد أمير: تعالي لن تكون المسافة طويلة أصلا سنعود وتستمتعين به كما تشائين. ركبا بالسيارة وهي تنظر للمنزل بحب وحين انتبه إليها وإلى اعجابها بالبيت أردف قائلا: حبيبتي سنعود سنعود ربع ساعة فقط ونعود. نظرت اليه سعيدة حينها وركبت بجانبه حقا أحست أنها في حلم لحظتها،حملها والبيت وهو وحبه الذي يغمرها والكثير الكثير من السعادة التي تعيش فرفعت رأسها لفوق وحمدت الله كثيرا ودعت أن يحفظ الله عليها هذه النعم. بعد مدة قصيرة وصلا بالسيارة لمزرعة لتربية الخيول. نزلا هناك لتنظر هي للمكان مستفهمة لتقول: ماذا يحدث أمير لم أحضرتنا إلى هنا؟ رد أمير: الهدية غير مكتملة حبيبتي وستتكتمل الآن تعالي. أمسك يدها ودخلا المزرعة معا وهي لا تزال تنظر إليه وإلى المكان مذبهلة لكنها لم تقل شيء فقط اكتفت بالمشي بجانبه، فقام بمناداة أحد العمال هناك وهي تنظر مستغربة. تقدم الرجل من أمير مسرعا ليقول: تفضل أمير بيك إنه جاهز. نظر إليها أمير ليقول: تعالي. تقدما ناحية اسطبل الخيول ليتقدم الرجل العامل وهو يجر حصانا أسود اللون جميلا وضخما له شعر ملفت وفاتن ينسدل من الخلف،حصان يتمنى ولو لمسه كل من رآه يشبه لحد ما خصلات شعرها الأسود الجميل الذي ينسدل على كتفيها مثل شعر الأميرات. نظرت إلى الحصان الذي فتنت به فهي تعشق الخيل ثم إلى أمير مستفهمة ليتقدم أمير من الحصان ويلامسه برفق ثم ناظرها بحب برهة فأومأت برأسها مستفهمة ليردف حينها مفصحا عن مفاجئته قائلا: عشق تفضلي حصانك واسمحي لي أن اسميه عشق أيضا. ابقت نظرها على ذلك الجواد الاسود لا تفهم شيء بعد فاقترب وأمسك يدها وضمها ثم وضعها على رأس الحصان ولامسه بيدها هي بينما العامل قد انصرف لعمله ليتركهما على راحتهما. اقترب منها قليلا لكنه ما نطق بشيء تركها على حالتها وحماسها تعيش الفرح لا والله بل تعيش السرور فالفرح لحظي قد يأتي من لا شيء هكذا في النفس،لكن السرور يطول ويأتي من شيء ملموس يحفظ في الذاكرة إلى مدى طويل وكلما تذكرنا ذلك الحدث عاد إلينا نفس الشعور بالسعادة. وما أجمله من شعور حينما يشعر المرء بأن زهور السرور تفتحت بقلبه، وكأنه يملك الأرض وما عليها ببهجته، فلا تسعه الأرض ويرغب في الصراخ تعبيرا عن فرحته ليخبر بها القاصي والداني مرت لحظات مبهجة ثم تحدث أمير قائلا: إنه يشبهك كثيرا فطالعته مستفهمة ليضيف: نعم لا تستغربي حبيبتي هو يشبه في جماله وعنفوانه وصلابته وشجاعته إنه يأخذ من تفاصيلك،مذ أن رأيته قلت هذا نعم هذا الذي يليق بسيدة الحسن خاصتي. طالعته هي بحب لا يسعها الكون من شدة فرحها بمفاجآته الكثيرة التي كل واحدة منها أجمل من الأخرى فتنهدت براحة مردفة: إنه جميل جدا أنا أصلا أعشق الخيول وامتطائها فكيف إذا كان جواد بهذا المنظر الذي يخطف البصر والقلب معا؟ أنت حقا تعرف كيف تجعلني سعيدة لا بل أوزع السعادة أيضا. ابتسم أمير ورد: ومن لا يحب الخيل ويحب امتطائها؟ أصلا كيف لا تحب وقد أقسم بها الله عز وجل في القرآن الكريم حين قال:"والعاديات ضبحا"،الخيل من أفضل الحيوانات التي يمكن أن يكسبها البشر فكلها منفعة،الآن اكتملت مفاجأتي وهذه هي هديتي والآن ها قد عرفت سبب اختفائي. طالعته بحب لتردف قائلة: أنت وسكتت فطالعها باستفهام ثم لتقترب منه أكثر على استحياء ثم ارتمت في حضنه فجأة وضمته بكل قوة فرحة إنه نصيبها من الفرح الذي ضفرت به في هذه الدنيا لتردف براحة: صدقني هذا أجمل حصان رأيته بكل حياتي رد أمير: ليس اجمل منك أنت لا ينافسك شيء في الكون. رفعت رأسها عن حضنه قليلا لكنها بقيت تضمه بذراعيها لتعاود النظر للحصان ثم قالت: ولم سميته عشق بالتحديد؟ ابتسم أمي ورد: غير أنني أحب هذا الإسم أيضا لأنه لديه قصة خاصة. تحدثت قائلة: قصة خاصة إذا وكيف هذا؟ ابتسم أمير ورد: أولا انظري شعره يشابه في لسوداده وجماله وكثافته وكيف ينسدل من الخلف شعرك الجميل الذي يتوزع على ضهرك والذي أعشق كل خصلة منه وأموت كلما لامسته أصابعك. نظرت إليه مذبهلة ثم نظرت يمينا وشمالا مخافة أن يكون قد سمعه أحد فضحك قائلا: أمزح أمزح أعرف ليس هنا في غرفتنا،الحقيقة اسم الحصان عشق معروف منذ القدم عند العثمانيين بالتحديد. ردت ريحان: كيف؟ أمير براحة: في الماضي وبالتحديد في عهد الدولة العثمانية خلال فترة حكم السلطان سليمان القانوني أعظم سلاطين الدولة العثمانية كانت له زوجة يعشقها بجنون إنها السلطانة هرم سلطانة عصرها بامتياز ردت ريحان: من منا لا يعرفها إنها عشقه الذي تغنى به للأدباء وكم كتب فيها شعرا وكم كانت هداياه لها خاصة وهي أم الأمير سليم الذي تولى الحكم بعد والده. رد أمير: صحيح كل ما قلته لكن لا يهمنا ما المهم من ذكري لهذا هو أنه في تلك الأيام وتعبيرا للسلطان سليمان عن حبه للسلطانة خرم قام بإهدائها هدية جميلة أسعدت قلبها بشكل لا يصدق كما حدث معك لتوك. نظرت ريحان لحصانها بسعادة وتأملته برهة وهو واقف بشموخ بجانبها لا يصدر صهيلا فلامس وجهه بيدها الناعمة لتردف بخفوت:أهداها حصانا. أمير بتقرير: نعم وأسود أيضا. ردت ريحان: فعلا محظوظة أنا كما كانت السلطانة خرم محظوظة بسلطانها سليمان القانوني وحبه الذي دونه التاريخ وحصانها الجديد. لامس أمير الحصان برفق ثم نظر إليها قائلا: لقد أطلقوا عليه يومها اسم عشق ابتسمت الجميلة وبصوت خفوت ناعم ردت: أحببت الإسم كثيرا بليق بحصان مثله لكن رغم إطلاعي بالتاريخ إلا أنني لم أصادف هذه القصة أمامي لربما لم تكن بتلك الأهمية حتى تدون في كل الكتب، المهم ماذا حدث بعدها للحصان أمير؟أكمل تنهد أمير وأردف بحنق: عشق قتل على يد أحد الجواري إنها مؤامرات السلطانات وغيرتهن، فحزنت السلطانة خرم حزنا كبيرا لكن السلطان سليمان استطاع أن يزيح عنها الغم واسعادها مرة أخرى. سكتت حزينة وأحست بغصة في قلبها فكيف استطاعوا قتل حصان دون رحمة ثم نظرت لحصانها عشق قليلا وابتسمت وحمدت الله أن جبيبها أمير وليس سلطانا ولا تشاركها فيه امرأة. تحدث أمير: صحيح قتل عشق الحصان ثم قام بمحاوطة خصرها وضمها بذراعيه وهو يسحبها إليه برفق ليكمل جملته قائلا: لكن عشق سليمان لخرم لم يمت ولم ينقص ولا ثانية واحدة بل كبر أكثر وأكثر مع تداول السنين،كما سيكبر حبنا وينمو مثل النبات لأننا نسقيه كل لحظة من ماء عينيك جميلتي فسبحان من جعل حبك رزقا في قلبي. ابتسمت بوجهه سعيدة بكلماته لتلامس صدره وتحرك أزرار قميصه بحركة عفوية خجلة فتزينت وجنتاها باللون القرمزي،لقد أزهر فؤاده لحظتها وهو يراها سعيدة خجلة فتنهدت براحة ككل مرة وأردفت: نحن أيضا قصة حبنا مختلفة لقد خلقت من رحم ألم وصراخ،نعم حبنا الذي غيرك للأحسن والذي أزهر حياتي وجعلها ذات معنى ،أنا وأنت سنشيخ معا وعلى كرسيين بحديقة بيتنا سنلم أحفادنا حولنا ونسرد لهم قصتنا. كم كان كلامها مفرحا لقلبه فردد بكل رضا: إن شاء الله حبيبتي والآن هيا لنجرب ركوب عشق إني متحمس جدا ثم سحبها من يدها لكنها أمسكته بقوة وأوقفته قائلة على عجل: لحظة أمير لا يمكنني أن أركب الحصان. نظر إليها مستغربا ليقول: لماذا أتخافين ركوب الخيل؟ ردت ريحان: لا طبعا أنا أحبها جدا ومتعودة أن أركبه في قريتي أيضا أمير باستفهام: ماذا إذا لست تعبة صحيح؟ اوه حبيبتي يبدو أن طول الطريق أتعبك لا تحسين باي دوار صحيح؟ لامست لحيته بحب واقتربت منه لتردف: إهدأ حبيبي اهدأ ليس بي أي سوء أنا بخير صدقني لقد أصبحت تخاف بشكل مبالغ أمير. رد أمير بحزم: بالطبع سأخاف لأنك لا تهتمين بصحتك جيدا والدكتورة حذرتك من ذلك لكنك عنيدة ومؤكد لم تفطري لأنني كنت غائبا عنك هيا اعترفي،أصلا وجهك شاحب منذ الصباح لذا اعترفي ولا تكذبي. ابتسمت ريحان قائلة: نعم أشعر ببعض التعب ووجهي شاحب قليلا أصلا كل مزاجي منقلب لطن ليس للسبب الذي ذكرت. أمير بنبرة قلق: ماذا إذا؟ تحدثي حبيبتي لم تبتسمين هكذا؟ ريحان بخفوت: أنا فعلت شيء. ناظرها مستفهما ولم يتحدث لكنه خاف للحظة من أن يكون شيء سيء قد افتعلته وجمعت كنان وسونا لكن سرعان ما قطعت استفهامه قائلة: لا تعبس بوجهك هكذا لطفا من غير شيء لا أتحمل لا تخف كل خير أصلا. أمير بخفوت: والمعنى: ريحان بحماس: اسمع هو شيء لم أفعله لوحدي يعني هكذا مشترك أن وأنت أمير بتذمر: يعني أنني أمام أحجية من أحاجي ألف ليلة وليلة انطقي عشق،ثم فكر قليلا بكلملتها فأتاه الجواب الشافي دون أن تنطق لتتسع عيونه وتجحظ فتحدث بصوت أجش قائلا: أو أنه أومأت برأسها أن نعم أجاب بلهفة: أي أنك يعني لست مخطئا صحيح؟ ريحان ضاحكة: لا لست مخطئا حبيبي تخمينك صحيح لقد حللت الأحجية،ثم نظرت لبطنها ووضعت يديها هناك لتكمل: ستصبح بابا أمير أنا حامل كان شعورا لا يمكن وصفه بالكلمات فأين للأحرف من قدرة لوصف فرحته التي مداها لا تسعه الدنيا، يشعر وكأنما الفراشات تحمل قلبه فتصول وتجول ناشرة عبق الفرحة في كل مكان، كان سعيدا مبتهجا وكأنها اول مرة يشعر بها بالفرحة طوال حياته نظر إليها دهشا ليقول: بابا أنا بابا أنا سأصبح بابا ريحان بحماس يفوق بكثير حماسه نعم أنت ستصبح بابا أمير بلهفة: انت حامل بطفلي لم تستطع التحمل فتركت دمعها ينزل على وجنتيها معبرا عن فرحها بلهفته تلك لتردف قائلة: نعم نعم وقف حينها متسمرا بمكانه لا يستوعب أهو داخل حلم جميل أم هو فعلا واقع أجمل فالأحلام مهما طالت ستنتهي ولا بد للواقع أن يعود وذاك الذي نعيش. لم يهمس بل حتى أن الرمش توقف عن الحركة للحظات وكل الذي برأسه صوت يناديه "بابا"،لقد سمع هذه الكلمة كثيرا لكن هذه المرة وقعها مختلف لأن التي حامل هي عشق عشقه. نظرت إليه مطولا عله يستوعب لكن ما حدث لتلوح له ضاحكة: يا أمير البحار نحن هنا مابك؟ دعني أخمن يبدو أنك تعاني رهبة الحمل حقا كما قالت سونا؟ استمر بالنظر إليها متسمرا ثم قال بعد حين: أنا سأصبح أبا ليزيد من صراخه،سأصبح أبا ياربي ياربي سأصبح أبا. كان لضحكتها أثر التوت وقلبه قميص أبيض🤍 إلى هنا تنتهي حلقة اليوم من #عشق قراءة ممتعة♥️ الفصل الثاني والثلاثون من هنا |
رواية عشق الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم كنزة
تعليقات