رواية عشق الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم كنزة





رواية عشق الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم كنزة 



الحلقة الثانية والثلاثون من رواية #عشق
عنوان الحلقة: نصفي تفاحة

ما الحب إلا الغرق في تفاصيل شخص ما يحتويك ويمدك بالقوة التي تحتاجها عند النظر إليه، شخصا يشاركك أيامك حتي تصبحا كنصفي تفاحة لا وجود لاحدكم دون الآخر.
الحب أكبر من كونه كلمات مكونة من بضعة حروف تخرج بين الشفتين إلي آذان المحبوب بدون أي جهد ولكن الحب يتجسد في التضحية والاحتواء، فقط من أجل من تحب تضحي بكل شئ فتضحيات الحب تشبه فناء البذور في سبيل نمُو أعطر الزهر.
الحب يجعل الأحاسيس تتبعثر وتتطاير على هواها وتتراقص من ميل إلى ميل ولكنه قد يصفعنا ألاف الكفوف.
أحيانا يقودنا الحب إلي العيش بغصات وبراكين تشتعل بنا، الحب قد يكون سببا لدموع تحرق أعيننا وقد يكون سببا لكسر الروح، ولكنه في الأخير يجعلك تتمرد علي ديكتاتورية الحياة وتضحي بكل شئ فقط من أجل شخص وضعته في داخلك وكأنه من ضلعك ...

القسم.الأول:
انفجرت ضاحكة على ردة فعله الغريبة لكنها ما تحدثت بل تركته يعيش فرحته كما يريد.
تأملها قليلا ثم مباشرة وبكل حب نزل أرضا ليسجد لخالقه سجدة شكر على هذه النعمة التي ما حظي بنعمة في سنين عمره أفضل منها،سجدة خشع بها كل فؤاده واستقرت بها كل مشاعره التي ثارت فرحا،سجدة أراحت نفسه وطمأنت روحه فسبحان من جعل السجود راحة وطمأنينة وسكينة،سبحانه من بحركات بسيطة وبضع كلمات يستقبلنا بين يديه ويسمعنا ويعالج جروحنا ويتقبل شكرنا وحمدنا له،يكفينا أنه أقرب ما نكون منه عز وجل ونحن ساجدين بين يده.

كانت تنظر إليه بحب وهو ساجد لخالقه ترى ثمرة ذلك الحب وذلك الرجل الذي تغير فعلا وهاهو أول ما يفكر به لحظة حزن أو فرح ربه عز وجل ليردف قائلا:
الحمد لله الحمد لله الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه كم أنت كريم يا الله.
رفع جسده عن الأرض ونظر إليها بحب ليفتح ذراعيه ويقول:
تعالي يا جميلتي.
نظرت إليه بعيون قد فاضت دمعا رقراقا ثم سريعا كما طلب ارتمت بين ذراعيه متجاوبة مع حركته متناسية رائحته التي لا تطيقها والوحام وكل شيء فقط ذراعيه في تلك اللحظة ليقوم باحتضانها بقوة وحملها وأخذ يلفها ويلفها ضاحكا مردفا:
حبيبتي من تجعلني أسعد رجال الكون ببساطة،وهكذا وهي تضحك مقهقهة تسمع كل من بالأرجاء وحصانها الأسود عشق شاهد على فرحتهما.
بعد لحظات من السعادة التي أحست فيها أنها تطير فوق السحاب ما عادت تتحمل فتحدثت قائلة:
على مهلك أمير أشعر بالدوار أنزلني
أنزلها أرضا أخيرا وهو لايزال يضمها بين ذراعيه حتى هدأت وهدأ نفسها ثم فصلها عن حضنه أخيرا ليضيف قائلا بفرح:
أجمل مافي هذا كله أنك انت أم طفلي
ثم وضع يده على بطنها ليكمل:
يعني الآن ابني ينام هنا؟
ردت ريحان:
نعم ويبدو أنه كسول لأنه يشعرني أنا أيضا بالنعاس
رد أمير فرحا:
أكاد لا أصدق.
ريحان بحب:
صدق صدق أنا حامل وأيضا كنت سؤؤجل إخبارك لوقت لاحق لكن لم أستطع أكثر،لم أستطع إلا أن أشاركك هذه الفرحة فأنت أيضا تستحق.
ابتسم وقبل يديها بقوة ثم نظر للحصان قائلا:
أنت شاهد يا عشق أنا سأصبح أبا من عشق.
ناظرت ريحان الحصان لتردف:
اشهد يا عشق أنه سيصبح لدي طفلان وليس واحدا فقط.
عاد إليها وضمها ليقول:
شعور الأبوة حقا شيء مختلف وأنت وستكونين أجمل ماما صغيرة بالكون.
أمسكت يده حينها ووضعتها على بطنها قائلة:
صغيرك سيحدثك بشيء اسمع فقط
رد أمير:
أسمعه 
ريحان بحب:
بابا سيكون بيتنا بيتًا وأنت عماده ستظل سندنا وحمايتنا طوال العمر، ستعمر بيتنا بعيونك وتحاوطنا بريف جفونك،ستحاوطنا بنظرة حنان تمحي كل قسوة العالم وتطيب قلوبنا وكأن لا مجال لكسرها أبدا.
تنهد فرحا قائلا:
وأنت ستكون فرحة عمري بني
ابتسمت لترد:
سينام طفلنا بيننا ونستيقظ ثلاثتنا كل صباح بشروق يوم جميل وبداية جميلة وقلب أجم ، ستكون حاجزا لكل الأشياء التي تؤذينا وسلاما ينتشلنا من أعمق ضيق وستلعب مع طفلنا ثمرة حبنا وتدلله وأتظاهر بأني لا أعاني من الغيرة، سأشاغب وقد أعمد إلي تقبيلك أمامه حتى أثبت أنك لي وحدي ،وستضحك مني كل مرة وتقول أني أتصرف مثل الأطفال وأن لديك الآن طفلان وسأضحك لك ولن أخفي كيف أحبك وكيف يحبك كل شيء معي،وأني مثل الزهرة ولا أزهر حتي تلمسني يدك وتعانقني بحنانك وسيزهر قلبي من عمق حبك الذي يسكنني،فأنت كفايتي من الحياة وأرغب بالكثير وكل رغباتى تتعلق بك حبيبي.
كم كانت كلماتها بهجة لروحه لتزيده من السعادة والسرورة حبة فابتسم بحب ليرد:
ياطفلتي المدللة سنري ثمرة حبنا وهو يمرر يده علي روحنا ويشعرنا بفرط الارتياح فلطالما أردت شيئا كهذا،وسيكون حضن طفلنا دافئا لهذا الحد وتذكري دائما أني أحبك عشق
ردت هي:
وهل أعيش لولا حبك أنا؟

مرت لحظات بعدها لا يزال يضمها حتى هدأ قلبه أخيرا الذي كاد يشق صدره لكثرة ما انتفظ ثم فصل الحضن ونظر إليها قائلا:
أي حين أغمي عليك كان السبب حملك فالدكتورة لم تخبرني شيء كيف حدث هذا؟ 
ردت ريحان:
نعم وأنا من طلبت من الدكتورة أن لا تخبرك أردت أن أفاجئك بالخبر بطريقة جميلة ومميزة
أمير بحماس:
مع أني لا أعرف كيف استطعت التحمل لكنها أجمل مفاجأة حقا هيا حبيبتي سنعيد عشق لمكانه ممنوع الاقتراب منه حتى تلدي ليكن بعلمك ثم نعود للقصر أريد ان أشارك الجميع فرحتي لا أعرف كيف ستكون ردة فعلهم.
أمسكت بيده وضمتها سعيدة مرتاحة فأخيرا نال حقه وأخبرته بسرها ولم يعد هناك شيء في جعبتها تخفيه عنه ثم تحدثت قائلة:
الخالة مليكة وسونا تعرفان بالموضوع لقد أخبرتهما.
توقف مكانه وطالعها متذمرا ليردف بنظرة عتاب:
اها هما أخبرتهما بكل بساطة وأنا لا انا أنتظر لا يهم.
ضمت ذراعه بحب ونظرت بعمق عينيه برجاء لتردف بصوت يغلب عليه الدلع:
لا بأس حبيبي لأجل عيون لا تجزع اصلا كله يوم واحد أخفيت فيه عنك الموضوع وها قد أخبرتك أصلا ما كنت لأطيل أكثر.
ابتسم حينها وضمها ثانية لصدره مقبلا رأسها بقوة قائلا:
لا أجزع منك مهما حدث أصلا غير مهم المهم أنني سأصبح أبا حتى لو أعلمتني يوم الولادة ما كنت لأجزع.
ضحكت مقهقهة لتقول:
جديدة هذه يوم الولادة 
ثم فكت نفسها عنه ثم تنهدت وقالت:
أمير أيد منك شيء
رد أمير:
أنت اطلبي فقط وأنا أحضر لك ما تتمنين.
ردت ريحان بتذمر:
غير نوع عطرك رجاء أنا لا أطيقه كلما اقتربت منك أشعر بالغثيان ولا تجزع بسبب الكلمة أيضا لكن ليس بيدي صدقني.
ابتسم ورد:
يعني هذا هو سبب تذمرك كلما اقتربت منك؟
الآن فهمت
ردت ريحان ضاحكة:
نعم سيدي
أمير بحب:
حسنا سأغير عطري الذي لم أغيره منذ سنين فقط لأجلك ولأجل حبة السمسم تلك التي بدأت في التشرط منذ الآن.
تحركت بجانبه سعيدة حينها لكنه تحدث قائلا من جديد:
ما رأيك لو نذهب للدكتورة لتفقد وضعك.
طالعته بعتاب ثم تحدثت قائلة:
لا أمير كلها أيام وأذهب لموعدي مع الدكتورة لا يوجد داع لذلك ثم إنني بخير البارحة كنت معها.
ابتسم راضيا ولم يعارض لأنها فعلا كانت بخير وعلامات السعادة على وجهها السمح تشرح صدره وتطمئنه كلما تطلع بها،ليتوجها للسيارة مودعين عشق ليقررا العودة للقصر لإخبار الباقين بخبر الحمل.
كان أمير يقود السيارة مبتهجا لا يستوعب الخبر الذي قلب كيانه كله فينظر أمامه لحظات ثم إليها يتفقدها،ثم يتحدث مع نفسه قائلا:
أنا سأصبح بابا عشقي حامل بطفلي.
كانت تنظر إليه تتمالك ضحكاتها بصعوبة وتردد داخلها وتقول:
مجنون والله مجنون.
نظر إليها بعد حين مقاطعا تأملها للطريق قائلا:
كم عمر فتاتي أخبريني؟
اعتدلت ريحان بجلوسها وناظرته مستغربة لترد بحنق:
فتاة!
ومن قال لك انها فتاة؟
رد أمير:
أحس أنها كذلك فأنا أريد طفلة أخرى لأني رجل يحب الإناث.
سكتت قليلا تطالع بطنها وتمسح عليه ثم ردت قائلة:
عمره شهرين فقط لايزال صغيرا حبة العدس خاصتنا لا يمكننا أن نعرف الآن.
أردف أمير:
ستكبر طفلتي وتكبر وتكبر وتأتي وتشاركني أيامي وتكبر في كنفنا وبرعاية شقيقتها أوزجي أيضا،ستكونان قرة عين أبيهما هي عين والأخرى عين.
ردت ريحان:
إن شاء الله لكن إن كانت هي عين والأخرى عين أنا ماذا؟ 
ابنة البطة السوداء؟
رد ضاحكا:
أنت مهجة القلب والفؤاد والنفس وشقيقة الروح وكل شيء لي ماذا تريدين أكثر؟
اعتدلت في جلستها فرحة وهربت من عينيه وهي تحس بالرضى والتفاخر بعد ما سمعت من كلمات،نعم تأكدت أنه لن ينافسها فيه بشر ولو كانوا أطفالها لكنها عادت وأيقنت أنها غيورة،نعم غيورة وبشدة فلن تتحمل أن يطالع غيرها بتلك اللمعة فهو خلق لها وحدها،ليس بيدها ذلك الشعور إنه الحب وما يفعل بالمرأ.

وصلا القصر بعد مدة نامت فيها ريحان أغلب الطريق كالأطفال أما هو فلم يسعه الكون فرحا وهو ينظر إليها كل حسن ويعي أن كل التغيير الذي هي به بسبب الحمل.
دخل أمير ويده بيدها ليجد الكل هناك مجتمعين لتناول الغداء رغم أنه قل ما يجتمعون على وجبة الغداء.
سر لأن الكل هناك لربما هو يوم حظه فعلا فاقترب ووقف عند الطاولة وسلم كل منهما على الجميع ليتحدث أمير بحماس وهو ينظر إليها بسعادة:ياجماعة أريد أن أخبركم شيء.
نظر الجميع إليه مستغربين فقد بدى عليه التوتر الشديد والحماس،أما هي فلم تتلفظ بحرف فقط تنظر لأمير وتنتظر.
تحدث حكمت قائلا:خير بني ماب
أخذ أمير نفسا عميقا وقال:
هل أنتم مستعدون نفسيا وجسديا؟
جوناي باستفهام:
نفسيا نعم إنما جسديا لا أشعر بالجوع اسرع اخي ألق ما عندك قبل أن تقع.
رد أمير:
اصمت أنت لا تضيع تركيزي.
حكمت بنبرة جدية:
صه يا أولاد
تحدثت سونا قائلة:
انظر بابا أنا عاقلة لست مثلهم.
تحدث حكمت:
يبدو أن أولادنا لن يكبروا أبدا ياجافيدان
ردت جافيدان:
لم أنظر إليهم ولا مرة بعمري على أنهم كبارا.
رد أمير:
لكن سيأتي شخص يساند أوزجي ويغير نظرتك يا جدة.
جوناي بحماس:
ماذا؟
اقتربت ريحان وهمست بأذنه قائلة:
أخبرهم أمير يكفي تشويقا رجاء
رد أمير:
إننه خير كل الخير يا جماعة نحن حامل 
اتسعت عيون ريحان دهشة لتتحدث على عجل قائلة:
نحن ماذا يا مجنون؟
تطلع الكل ببعضهم البعض لينفجر الكل ضاحكا مرة واحدةحتى ريحان ولم تتمالك نفسها من شدة صدمتها بأمير وكلمة نحن حامل.

حلت الأفراح والبركات على ذلك البيت وتلك الفتاة المنبوذة التي أتت يوما إلى تلك المدينة بأسوء طريقة وأسوء رحلة هاهي الآن تدخل العيد لبيت طالما زاره الحزن والعزلة،من كانت بالأمس غريبة أضحت اليوم سببا للفرح ترسل البهجة على كل فرد من ذلك القصر وتلك العائلة بالتحديد.
لقد سبقته الفرحة بخطوة ففرشت له الأرض ضحكات وهاهو من شدة حماسه يجن ويتلفظ بكلمات مجنونة مثله،نحن حامل قالها أمير لفرط حماسه فأضحكت الجميع وأضحكته لكن رد فعله ماهو إلا نتاج حب خلق بعد ألم.

انتبه أمير لكلمته التي تلفظ بها ليبتسم بخجلته مبرزا أسنانه متعرقا ثم أردف قائلا:
أعتذر يا جماعة عن الكلمة ههه كيف بدرت مني لا أعرف؟
كنت سأقول نحن سنرزق بطفل أي عشق زوجتي حامل.
نظرت إليه بحب تشتهي أن تضمه لتهدأ وتكن لكنها اكتفت بإرسال إشارات حب لعينيه،لتخبره بأنها سعيدة جدا ليس لأنها حامل فقط بل لأنها استطاعت أن تدخل السرورو لقلبه.
تحدثت سونا صارخة حتى أفزعت الجميع لتردف بحماس:
بابا كنتك حامل يا فرحتي يافرحتي سأصبح عمة ياناس سأصبح عمة للمرة الثانية.
رد حكمت فرحا:
هذا أجمل خبر سمعته منذ فترة الحمد لله على كل شيء وأخيرا سيأتي حفيد للعائلة وأخيرا.

كان الخبر بشارة خير للجميع فقد أدخل الفرحة على قلوبهم حتى الخدم فتلك عشق محبوبة الكل الفتاة صاحبة القلب الطيب،حتى بعد أن غدت سيدة القصر لم تتغير ولم تمارس سلطتها على العاملين هناك ولا لمرة واحدة.
تحرك الجميع وقاموا من مكانهم مسرعين نحوهما يباركان لهما بما رزقا من خير لتقترب جافيدان آخر واحدة ترسم ابتسامة خفيفة تكاد تخفيها بوجه ريحان ثم تحدثت قائلة:
مبارك لكما فرحت كثيرا أنتما تستحقان السعادة.
ابتسمت ريحان ثم أمسكت بيد حماتها وقبلتها توقيرا لها ثم تحدثت فرحة:
شكرا لك يا خانم يكفي أننا أدخلنا الفرح لقلبك.
ابتسم أمير وأمسك بيد والدته وقبلها أيضا ثم قبل رأسها ليردف:شط
شكرا يا أجمل جدة جهزي نفسك فأحفادك في تزايد ولن تهنئي بعدها بهدوء الشرفة مع فنجان من القهوة خاصتك.
ضحكت وردت:
ماذا بني هل تخفيني أم ماذا؟
رد ضاحكا:
لا أنبهك فقط كي تجهزي نفسك
رد حكمت حينها مقاطعا كلامهما:
بني ليأتي حفيدي على خير فقط وأنا ساضعه بعيوني وألاعبه ونخرج سويا ونستمتع أصلا لن تراه إلا قليلا.
ليتحدث جوناي قائلا:
هاي اتركوا لي نصيبا.
ضحك الكل لتتحدث ريحان قائلة:
لا أظن أن اوزجي ستتركه لأحد
تحدثت سونا قائلة:
في هذه أنت محقة ريحان حين يأتي لن نلمسه حتى أنا متأكدة فالأميرة اوزجي ستصدر فرمانا أن ممنوع الاقتراب منه لأنه خاصتها فقط.
علت الضحكات وصدحت في المكان وتوزعت علامات الرضا على الكل،نعم صنعا بذلك الخبر الراحة والأمل والفرح للجميع وتمكنا من لمس الجانب الرحيم لكل فرد من أفراد القصر .
اجتمع العائلة وتناولت غداءها معا والكل يريد أن يدلل ريحان ويعرف ما تشتهي كي يصنع لها بينما عيون حكمت على عائلته يطالعها فردا فردا،كيف كانت هذه العائلة وكيف أصبحت وكيف كان أمير وكيف هو الآن فتنهد حينها براحة ثم شكر خالقه على نعمة السرورو التي رزقهم وأن يحفظ له أولاده وأحفاده وتلك اللمة التي تشفي العلل.
 طال حديثهم رغم انتهاء الطعام لكنهم بقوا مكانهم جالسين يتسامرون حتى حضرت القهوة وبجانبها كأس من العصير لريحان 
ثم انهوا حديثهم وقهوتهم ليتجه كل فرد إلى وجهته بينما تحرك أمير وريحان نحو غرفتهم.
تحركت بجانبه ويدها بيده مبتسمة ومع كل نفس تخرجه تستشعر عوض رب العالمين وهنا أتت على خاطرها قوله عز وجل:"
وها هو عوض رب العالمين يحفها فاستشعرته بكل مشاعرها وجوارحها،حينها فقط عرفت معنى أن تصبر وتنتظر فحين يأتيك العوض منه عز وجل سيدهشك بالطريقة التي لم تتوقع يوما ويرضيك بالطريقة التي لم تتذوق يوما.
ضم أصابعه بين أصابعها وقبلها برفق ثم أردف قائلا:
أنت أتيت وجلبت الألوان معك حقا لا أعرف كيف أكافئك على السعادة التي رسمتها على وجه عائلتي.
دلفا غرفتهما أخيرا فسارعت ريحان نحو سريرها واستلقت هناك لتستريح فبقى مكانه يتأملها سعيدا ثم انسحب نحو الحمام ليأخذ حماما دافئا يريح به جسده.
في الغرفة الأخرى جلست جافيدان على حافة السرير تفكر بالذي سمعت فزفرت بحنق لتردد:
ما كنت أريده أن يكون من تلك القروية ما كنت أريد،كيف ستربي حفيدي؟
ربما بجهلها وقلة ثقافتها والآخر حكمت سعادته لا يعطيها لأحد.وأنا مثل الغبية مضطرة أن أصطنع الضحكة لكن لا بأس بالنهاية هو حفيدي أنا ولي حق فيه فاليأتي بخير وسأعرف كيف أربيه مثل والده ويصبح فردا راقيا في المجتمع لا أن يشبه أمه تلك.
قاطع همسها مع نفسها دخول حكمت الغرفة ليحادثها فور أن دخل:
جافيدان مع من تتحدثين؟
فزعت قليلا لكن ابتسمت سريعا لتردف قائلة:
حكمت! لم أحس لدخولك كنت أتحدث مع نفسي.
ابتسم وأمسك بيدها يضمها ليردف بحب:
بالتأكيد تتحدثين عن حفيدك هذا كله من فرحتك.
ردت هي:
صحيح أصلا من الآن وصاعدا لا حديث لنا غير الحفيد صدقني الفرحة لا تسعني،صحيح لدي أوزجي نور عيني لكن أنت تعرف هذا يفرق.
رد مبتسما:
أنت قلتها هذا يفرق لأنه من صلبنا شعور مختلف وجميل جدا خالج قلبي حين زفوا لنا الخبر،الحمد لله أن هذا اليوم أتى ورأيت عائلتي سعيدة بخبر كهذا.
جافيدان بخفوت:
الحمد لله على كل شيء.
حكمت بفرح:
سيأخذ مكانة أبيه 
ردت جافيدان:
لا عزيزي هذا أنت إنما أنا فلا أحد مهما كان يأخذ مكانة بكري في قلبي يستحيل.
رد مازحا:
سنرى حين يلد جافيدان خانم وسأذكرك بهذا اليوم.
ردت ضاحكة:
اتفقنا حكمت بيك حين يأتي ذلك اليوم ذكرني.
أكملا حديثهما وتأملهما في المستقبل الجميل الذي سيجمعهما مع أحفادهما كما كانا يخططان ويحلمان قبل سنين طوال.

مر وقت بعد ذلك وحل الليل على المدينة.
كانت الجميلة تقف عند مرآتها تمشط شعرها بعد أن غيرت ثيابها وفتحت ظفيرتها كعادتها،حلتها بسيطة لكنها فاتنة تحرك ذلك المشط تداعب به خصلات شعرها لا تمشطها فقط فتبتسم مع كل حركة وتتذكر هديتها وعشق حصانها الأصيل،ليأتيها من الخلف ويقف عند ظهرها ثم لفها إليه برفق وأمسك يديها وضمهما ليديه بحب ثم طالعها لحظات يتأمل ملامحها فأومأت برأسها مستفهمة ليردف قائلا:
حبيبتي ومحور كوني كله وأجمل نساء الكون أنت ستكونين أجمل أم في الدنيا كلها،صدقيني وأرجو أن اعذريني أيضا لحد هذه اللحظة لا أستوعب هذه الحقيقة وأنني سأصبح أبا بعد فترة 
ابتسمت ريحان وضمت ذراعيه التي تضمها لتردف بحب:
صدق أمير ستصبح كذلك وأجمل أب في الكون أيضا محظوظ ابننا ىك.
ابتسم وتحدث قائلا:
ما رأيك حبيبتي أنجعلها تنام بيننا هنا؟
لا لا فكرة غير صائبة أنا لا أستطيع أن أبعدك عن حضني ليلا اعتبربني لم أقل شيء ها.
ردت ريحان ضاحكة:
لا والله هكذا طمئنتي فعلا وأنا التي كنت أفكر أنه حين يأتي ستخرجني خارج الغرفة وتنفرد به وتناما معا أو تنفرد بها لا يهم المهم لوحدكما.
ابتسم أمير بمكر واقترب من رقبتها ليهمس:
ماذا هل تغارين؟
تهربت منه لتميل رأسها قائلة:
أنا أغار؟ اطلاقا
ابتسم أمير وهمس:
لكنها ستنافسك في عشقي لك.
ابتسمت وردت:
مهما حاولت هذا القلب ملكي فقط أمير تارهون.
ابتسم بحب ثم وضع يده على بطنها ليقول:
ماما لا تغار من أي امرأة في الكون وتغار منك بابا.
ردت ريحان تنظر لموضع يده:
حبيبي لا تستمع لوالدك قلة النوم جعلته يهذي.
رد أمير هامسا:
طفلتي قولي لماما بأن بابا مشتاق إلى حضنها.
ريحان بهمس:
ماما حبيبي قل للبابا بأن ماما تشعر بنعاس شديد وأخبره بأن ابتسامته هذه تثير عصبيتي،وأخبره كذلك بأن صوته يدوي برأسي كصوت السكسافون القوي اتفقنا ماما؟
ضحك أمير فقد أعجبه الحوار ليردف:
أخبري ماما بأنه مهما حاولت لن تهرب مني وأنني سأسهر أحادثها بصوتي الذي لا يزعجها طوال الليل اتفقنا بابا؟
حديث ليله حديث كل كلمة مما كان يقولان كان يلامسان بها السعادة بالأخص هو يود لو يدخلها بين أضلعه ليعبر لها عن مدى امتنانه لأنه سيصبح أبا.
حدثت نفسها قائلة:
فكري فكري
ثم نظرت اليه وعبست فجأة لتردف:لحظة 
رد أمير:
خيرا يارب
ريحان بتذمر:
تذكرت لم قلت عني صباحا كسولة؟
أمير مستفهما:
متى؟
ريحان بنبرة غضب:
حين كنا بالسيارة.
سكت قليلا يفكر ثم أردف:
لا أتذكر 
انفجرت به غاضبة:
تكذبني أيضا لا إلا هذه أنا لن أقبل بإهانة كهذه أبدا أمير تارهون.
أمير مذبهلا:
بسم الله الرحمن الرحيم
ريحان بتذمر:
ماذا هل ترى عفريتا امامك؟ قلها قلها انا عفريت قلها.
أمير بخفوت:
سلام قولا من رب رحيم.
ردت ريحان:
هكذا إذا،حسنا سأنام ولن أحدثك ثانية ومن دون تصبح على خير 
رد أمير:
انتظري مابك؟
ردت غاضبة:
سأنام غضبت
طالعها أمير مذبهلا ثم حادث نفسه قائلا:
يا إلهي يبدو أن تقلبات هذا الحمل ستقع فوق رأسي ويجب أن أتحمل ودون اعتراض أيضا وإلا ستطردني من الغرفة كليا
طالعته ريحان تحاول امساك ضحكتها لتردف:
ماذا تتمتم؟ اسمعك.
رد أمير سريعا:
لا شيء يا قطة تصبحين على خير يا متقلبة المزاج
نظرت اليه بغضب لتقول:
ما قصدك؟
رد أمير يلوح بيديه:
أمان يا الله أمان لا أقصد شيء لا أقصد شيء.
ابتسمت برضا وتنهدت براحة ثم اعتدلت في مكانها بهدوء وكأن شيء لم يكن ليبق هو واقفا مكانه ينظر إليها لا يزال مذبهلا كيف انقلب مزاجها في ثوان لينسحب بعد قليل ويندس بمكانه وينام بعد دقائق فقط كما فعلت هي.

مرت أيام بعدها.
توجهت ريحان إلى العيادة برفقة أمير لتفقد حالة الجنين ووضعها أيضا بعد أن جهزت كل الفحوصات اللازمة التي طلبتها منها الدكتورة بالمشفى.
أنهت الدكتورة فحصها ثم توجهت لمكتبها لتقوم ريحان باللحاق بها وأمير هناك ينتظر. 
تبين أن كل شيء يسري على مايرام وأن حملها بمكانه وبصحة جيدة على أن تبقى ملتزمة بتعليمات التغذية والحركة فقط.
كان أمير يسأل والدكتورة تجيب بينما ريحان تنظر إليه صامتة فهو لم يترك لها مجالا لتسأل عن شيء فقد سأل الدكتورة عن كل تفاصيل الحمل الكبير منها والصغير.
انهيا الموعد وهما بالخروج من العيادة وما إن وصلا الرواق حتى أتت شابة باتجاه العيادة مسرعة لتضرب كتف ريحان فجأة دون قصد حتى كادت تقع.
التفتت سريعا لتقول:
آسفة لم انتبه.
رد أمير بنبرة حادة:
على مهلك يا آنسة.
نظرت إليه ريحان برجاء ثم نظرت للشابة لتردف:
لا باس يا آنسة لم يحصل شيء ثم رفعت رأسها لتتلاقا الأعين بالأعين بينما أمير فقد اتسعت عيونه حين تأمل جيدا ملامح تلك الفتاة أمامه.
نظرت الأخرى لريحان لحظات دهشة لتتحدث أخيرا بخفوت قائلة:
تالا؟
اتسعت عيون ريحان أكثر موجهة صوب الفتاة التي تقف أمامها فأقل ما يقال عنها أنها نسخة منها،اطبقت نظرها بها مدة دون حديث فقط اكتفت بالنظر إلى ملامح الأخرى التي أخذت من تفاصيل وجهها هي الكثير والكثير.
تقدمت الشابة قليلا وهي مندهشة لتعيد ثانية:
تالا؟
نظر إليها كل من ريحان وأمير باستفهام لتجيب ريحان:
تالا من؟ أنت مخطئة يا آنسة.
اقتربت الفتاة من ريحان لتقول بحماس:
آسفة اشتبهت بك فقط.
ابتسمت ريحان وردت:
لم يحدث شيء لم تعتذرين؟
مدت الشابة يدها حينها لتردف:
تالين داوود أوغلو تشرفت بك
كانت الكلمات كالكهرباء التي ضربت أمير أصابته برعشة في كامل جسده فذلك اللقب هو لقب كمال نفسه ويستحيل أن تكون صدفة.
مدت ريحان يدها لتقول:
وأنا ريحان تارهون وهذا زوجي أمير تارهون.
ابتسمت تالين لترد:
تشرفت بك حقا.
نظرت ريحان إليها مستفهمة لترد:
الشرف لي آنسة.
مدت يدها ثانية نحو أمير ليبادلها المصافحة هو أيضا لكن علامات الصدمة متملكة ملامح وجهه.
تالين بفرح:
الدكتورة صديقتي أهي دكتورتك؟
بينما أمير فقط واقف ينظر بصمت
ردت ريحان:
نعم هي دكتورتي.
أردفت تالين قائلة:
إنها من أحسن دكاترة اسطنبول
ابتسمت ريحان وردت:
شكرا لنصيحتك.
ناظرها أمير لحظات يفكر فيما قد تكون تجمعها قرابة بكمال ثم تحدث على عجل:
عن إذنك يا آنسة هيا حبيبتي تأخرنا
ودعتها ريحان ثم تحركوا من موضعهم متجهين للخارج سريعا لتردف مستفهمة:
مابك أمير لم انفعلت فجأة؟
رد أمير:
لم أنفعل حبيبتي شيء فقط تأخرنا وعندي عمل.
ردت ريحان:
طلبت منك أن لا تاتي معي وأن تنصرف لعملك لكنك أبيت 
رد أمير:
بالتأكيد لن أفوت معاينة حمل واحدة لزوجتي وسأحضرها كلها.
ابتسمت ريحان لترد:
حسنا وليكن لكن ألم تلاحظ الشبه الذي بيننا أمير؟
سكت عن الحديث مباشرة ووبقي يطالعها بصمت لحظات يفكر بتلك التي أيقن أنها شقيقتها ثم أخرج زفرة قوية من صدره قوة الحقيقة التي تأكله وخاطب نفسه ليقول:
آه آه إلى متى أمير ألم يحن الوقت لتتشجع وتتحدث؟
 إلى متى ستتلقى الصدمات يوم رسالة ويوم شقيقها ويوم أختها؟أفكر في أن اهربك بك للبعيد وهكذا نرتاح من كل الخطر الذي حولنا،تعبت من هذه الأفكار التي تؤرقني وتخنقني.
فصلته عن شروده قائلة:
حبيبي أين شردت؟
رد أمير:
معك معك فعلا سبحان من خلق لكل انسان أربعين شبها تشبهك كثيرا لكنك أجمل طبعا.
ابتسمت بتمايل وردت:
فس عيون حبيبي لكن لم شردت؟
ابتسم أمير قائلا:
لا اعرف فجأة شردت بحملك ومراحله الجميلة أكاد لا لصدق
ريحان ضاحكة:
بالنسبة لك مراحل جميلة أما بالنسبة لي فهي رحلة وهن أعانني الله عليها فقط.
رد أمير:
إن شاء الله ولعلمك لن أفوت أي تفصيل ليكن حتى لو تذمرت.
ابتسمت وأردفت:
إذا أمامك الكثير والكثير
رد أمير:
وليكن سأعيش معك كل شيء من حملك كل لحظة وكل تفصيل ولن أمل وهكذا لكل حمل سأفعل نفس الشيء.
ريحان على عجل:
على مهلك يأتي هذا على خير أولا ونفكر إن كنا سنحمل مرة أخرى
أمير متذمرا:
لكن أنا قلت ستة
ريحان بتذمر:
لن أرد أحسن شيء سأفعله الصمت
رد أمير:
لا مجال للهرب من الرقم ستة ها
طالعته بعيون متسعة غاضبة فرفع يديه معلنا استسلامه والتزم الصمت بعدها.
أركبها السيارة وانطلق بها ليتحدث حينها قائلا:
سأوصلك للقصر ثم اتجه للشركة كنت اشتهي تناول فنجان قهوة معك بمكان لكن لدي أعمال مكثفة.
ردت ريحان:
لنؤجلها لغير يوم حبيبي لا بأس أنت اهتم بعملك فقك ثم ابتسمت بوجهه.
رد أمير:
تعوض إن شاء الله ونخرج لتناول العشاء معا اتفقنا؟
أومأت بالقبول ليطالع بعدها الطريق ويكمل القيادة يفكر في تلك التي التقوها أما ريحان فقد نسيتها بالأصل.

تقدما مدة بالطريق اكتفيا وقتها بالإستماع للموسيقى وقد كان شاردا اغلب الوقت،هو يدرك أن من التقوها هي شقيقتها وللحظة احس بالسرورو ليحدث نفسه قائلا:
لديها أخت وتشبهها أيضا كم هذا جميل،أنت لست وحيدة حبيبتي لديك عائلة جميلة ولو أنه فقط رفع مستوى صوته قليلا وأخرجه للعلن لتحدث بكل ما يعرفه أمامها واراح نفسه من ذلك الألم،لكنه
كعادته ما استطاع تقبل فكرة انه يمكن أن يخسرها.
تلك الحقيقة تركته قابعا بزاوية من الظلام مكبلا بالأصفاد لا أحد ينظر إليه أو يحس به وحيدا يطلب النجدة لكن الكل هجروه وتركوه.
كانت هي منتبهة لحالة شروده وذهابه للبعيد عنها وقد أحست بأن هناك شيء قد حدث لا محالة لكنها أبت أن تسأله واكتفت بالنظر إليه حينا ومراقبة الطريق والاستمتاع بالموسيقى حينا آخر.
 بعد مدة من الزمن تحدث هو قائلا:
أقول عشق
التفتت إليه لتقول:
ماذا أمير؟
رد أمير:
أنت تهملينني ها يعني حتى نظراتك ولمعة عيونك التي كنت آخذ نفسي منها وتحرمينني منها
زفرت بحنق لترد:
لا تتدلل أمير أنا أهمل نفسي أصلا وليس انت فقط.
رد أمير متذمرا:
سبحان الله لديك الحجج دائما
ريحان بغضب:
ماذا تقصد أنا افتعل المشاكل؟ قلها قلها
رد أمير:
لا اريد ان نتشاجر ولم اقل شيء اريد عشق الهادئة أين اختفت فجاة؟
زفرت بغضب وتأففت لتردف:
أصلا كله بسببك كله بسببك لو لم ثم هربت ببصرها منه خجلة
ابتسم أمير بمكر ليردف:
 اكملي أنا ماذا؟
ردت ريحان خجلة:
لم اقل شيء ولا تنظر هكذا أمير انت مستفز 
رد أمير:
أصبحت مثل الكهرباء كل ما لامستك تصعقينني مابك لم كل هذه العصبية؟
هذا سيء على الجنين أيضا.
ردت غاضبة:
يكفي أميري وقد السيارة وأنت صامت لا أريد سماع شيء منك رجاء لا تتلفظ بحرف حتى نصل إن لم تكن مستغنيا عن روحك طبعا
رد أمير:
اللهم اني لا اسالك رد القضاء يبدو أن هرمونات الحمل وجنونها سيأتي على راسي ساعدني يالله ثم ولتقتليني بيديك يا حلوة هل يوجد أجمل من أن أموت على يديك؟
ريحان ضاحكة:
يعني اتحمل كل شيء لوحدي وانت مستمتع لا والله يجب أن أذيقك ولو قليلا
ابتسم أمير ليردف:
عشق رجاء حبيبتي دعينا نستمتع بالموسيقى فقط حتى الوصول للقصر رجاء، يعني بدون شجار وهرموناتك المتقلبة كل حين
ريحان بتذمر:
أحسن فكرة صائبة.
ولربما عاش مراحل كثيرة ومختلفة وجرب كل شيء لكن جنون حملها ووحامها لم يجربه قبلا فقد أحيا داخله شعورا مختلفا لم يتذوق حلاوته قبلا، كيف لا وهو كلما طالع عيونها فرح والآن سيرزق نسخة أخرى من تلك العيون لتتضاعف حلاوة كل شيء يعيشه بقربها.

أوصلها للقصر لتنزل هي من السيارة متوجهة إلى الداخل على عجل دون أن تعقب لكنه أوقفها مناديا إياها قائلا:
حبيبتي انتظري لحظة.
التفتت إليه لتقول بتذمر:
ماذا أيضا أمير ألم تقل إنك مستعجل؟

ابتسم بجب ثم اقترب منها قليلا وأخذ يداعب وجنتها وهي بمكانها لم تبد أي ردة فعل فقط تنظر إليه تنتظر ماذا سيفعل بعد بمساته تلك ثم اقترب ليقوم بتقبيلها بعمق.
نظرت إليه مبتسمة لكن دون حديث بينما هو فقد تأملها برهة ثم تنفس براحة مردفا:
اغضبي كما شئت وجني كما ترغبين أتعبيني وانفجري بي هذا أقل شيء يمكنني تحمله مما تعيشينه وتتحملينه أنت من تعب وارهاق أثناء فترة حملك.
ابتسمت أكثر وارتاح داخلها وهدأت لتقول بخفوت:
إذا إن صعقتك يوما بالكهرباء حقا لا تلمني ها انت قلتها ستتحمل كل شيء
ضحك مقهقها ليرد:
ليس لهذه الدرجة لا تبالغي أيضا لا تجعليها حجة فلربما قتلت على يديك
ريحان بتذمر:
انظر عدت بكلامك عدت ثم ألم تقل لي الشرف الموت على يديك أم أنك خفت؟
رد أمير:
ياصبر الصابرين عيب عشق إلا هذه لا أقبلها على نفسي لست أنا من يعود في كلمته.
أشرقت بضحكتها في وجهه قائلة:
حسنا أمير تارهون اذهب لعملك وأنا سأدخل، وفقك الله لما يجب ويرضى وسدد خطاك ورزقك من حيث لا تحتسب.
تحرك من أمامها وشعور السكينة يحتل قلبه وفؤاده فبدعائها ذاك تفتح له سبلا للخير لم يطأها بعد وتوفر له طاقة تكفيه يومه ليعود كل مساء إليها مشتاقا بلهفة كيف ولا و الحب دعاء فإن كنت تريد أن تعبر عن حبك ادع لمن تحب بالخير فيعود عليه وعليك.

عادت ريحان للقصر متباطئة الخطا تمشي على استحياء تنظر حولها فكلماته لل تزال تتكرر في رأسها تحسه وكأن عيونه لا تزال تطالعها، انتبهت بعد لحظات لنفسها وكيف لازالت تضع يدها على وجنتها المحترقة فتحكرت مهرولة نحو الغرفة ولم تعقب لتدلفها سريعا وتتحرك إلى السرير وتتمدد هناك.
طالعت السقفة قليلا وتنهدت براحة تفكر بكل ما حدث لتردف قائلة:
أيعقل أن أعيش كل هذه السعادة في الواقع لا في الأحلام؟
الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه شكرا ياربي شكرا على نعمك التي لا تعد ولا تحصى ثم أخذت هاتفها وشرعت في قراءة كتاب عن الحمل كي يمر الوقت.
مر اليوم بطوله بشكل روتيني على من بالقصر قضت ريحان أغلب وقتها تتنقل بين الحديقة تستنشق بعض الهواء النقي وأحيانا تذهب للمطبخ لتناول وجبة خفيفة، ثم تعود في نهاية المطاف للغرفة فتقرأ كتابا أو تتفحص مواقع التواصل الإجتماعي من هاتفها تراقب الأخبار التي تتحدث عن زوجها وانجازات الشركة، وأحيانا كثيرة تتحدث مع طفلها وتفتح نقاشا مهما معه عن تفاصيل المستقبل، بينما في الشركة فقد مر أغلب وقت أمير بين اجتماعات ودراسة التصاميم قبل الانطلاق الرسمي بالمشروع الجديد، ورغم وقته الممتلئ إلا أن صورة شقيقة ريحان لم تغب عن باله لحظة فكل حين يفكر بها وما إن يفعل حتى يحس بأنه يختنق فيهرول إلى نافذة مكتبه ليفتحها ويستنشق بعض الهواء ثم يعود ويطالع صورة محبوبته وأوزجي فوق مكتبه وهكذا فقط يهدأ ويتناسى بعض الشيء ويعود لمزاولة عمله من جديد.
حل المساء أخيرا بعد يوم كاد لا ينقضي بالنسبة لهما.
عاد أمير من عمله بعد يوم متعب إلى القصر وتوجه لغرفته مباشرة يركض مشتاق يريدها بعد كل ذلك التعب لا مكان يأويه ويطمئنه وينسيه تعب يومه سوى حضنها، لا هواء يهيدئ صدره التعب سوى عبيرها ولا ضحكة تؤنسه وحشته سوى ضحكة ثغرها،إنها نصيبه من الطمأنينة الذي رزقه الله عز وجل بعد ضياعه سنون طوال،وكلما أحس بضيق كانت هي الخلاص.
دلف الغرفة يبحث عنها بعيونه هنا وهناك وما أن لمحها نائمة على السرير حتى هدأ واستقر قلبه مكانه فارتسمت على وجهه علامات الرضا، تحدثت هينها بهمس قائلا:
صغيرتي التي جعلها الحمل كسولة نوم العوافي حبيبتي يبدو أنها ملت طوال اليوم لذلك نامت باكرا.
بقي بمكانه يتأملها واقفا لمدة من الزمن لم يتعب ولم يمل لربما لم يحس كيف يتحرك الزمن حتى وهو يطالع وجهها الملائكي وكيف تغمض عينيها تنام مرتاحة قريرة العين،بالأمس كانت تخشاه فتقفل باب غرفتها قبل أن تنام،واليوم صار هو الأمان بالنسبة لها وإن غاب زار الخوف عالمها ولا يمكنها مواجهته دونه.
لازال على حالته يطالعها بنهب وكأن أبصر النور لتوه ثم زفر بحنق ليردد:
كيف سأواجهك كيف؟
أنا أحترق يا عشق أتعبني التفكير ولا أجد حلا، جبنت وماعاد بمقدوري التفكير فكل الطرق تؤدي إلى نفس الألم.
فكيف السبيل إلى الراحة من ذلك الوجع في حال أني لا أبصر أية طريق، لقد أتعبني كثرة الإلتفات بحثا عن مخرج دون فائدة.
ثم اقترب قليلا منها وما إن فعل حتى أحست بحركته فاستفاقت من نومها وفتحت عيونها ببطئ تمدد ذراعيها.
ابتسم براحة وتقدم منها وجلس بجوارها فطالعته مستفهمة وانتظرته ليتحدث بشيء ولو حتى يسلم لكنه ما فعل.
أردفت حينها قائلة:
أنت هنا أمير متى أتيت؟
رد أمير حينها وأطلق صوته قائلا:
أتيت منذ مدة لكن لم أثر أي حركة كي لا أوقضك من نومك الهني.
ردت ريحان:
يبدو أن نومي أصبح ثقيلا زيادة عن اللزوم
ابتسم ورد:
أصلا كانت فرصة لي كي أتأمل قليلا وأتدبر صنع الخالق في هذا الكون فأنت حين تنامين تشبهين الأطفال. 
ابتسمت لعينيه ثم اعتدلت فرحة فقد تمكن بكلماته من إرسال السرورو لكل مشاعرها فاقترب بعد أن منحته السلام بضحكتها وجلس بجوارها ثم انحنى قليلا ناحيتها مردفا بهمس:
أصبحت كثيرة النوم عشق.
ابتسمت ريحان وأعادت شعرها للخلف لترد:
يتهيئ لك حبيبي أنا لا كثيرة النوم ولا شيء آخر قلت لاتمدد قليلا وجدت نفسي نائمة، أصلا مللت وأنا أنتظرك ولم أشأ الإتصال وإزعاجك ولم أحس على نفسي إلا وأنا نائمة.
ابتسم أمير ورد:
قلت لتتمددي إذا واضح صراحة.
عقدت حاجبيها متذمرة وأذهبت بصرها عنه لتردد:
ماذا تريد أمير إلى أين تريد أن تصل؟ 
فتح ذراعه رغم أنه يدرك أنها تنفر من رائحة عطره إلا أنه مشتاق ويريد حضنها ليردف:
تعالي فقط هنا.
هربت ببصرها عنه يمنة ويسرة تداري تذمرها فهي بمجرد سماع كلمة تعالي ينقلب كيانها وتأبى الإقتراب منه إلا مرغمة لكنها ما أزعجته ولا أبدت شيء من نفورها،وهو الذي لا يزال يفتح ذراعيه لها لتقترب منه قليلا أكثر وهي تبتسم ثم وضعت رأسها على كتفه بغنج تبتسم خجلة وهو يتأملها بنظرة لو استطاع لاحتواها داخل مقلتيه بها لا صدره فقط.
سكنت روحها بقربه رغم اللخبطة التي تعيشها بسبب هرمونات حملها لكنها اطمئنت وكنت تحت جناحه الذي ضمها ورغم التشتت الذي تعيش به ولكن الاحساس الوحيد الذي لا تتناساه هو الأمان في حضرة وجوده ولذة القرب منه، فكعادتها عشق تصول وتجول لكن لا تسكن الا بحضنه ولا يسليها سوي صوت نبضه الهادر بعشقها، ليس مجرد الشعور بالأمان بقدر ما هو سكن وأنس لروحها التي لطالما تعبت وانهكت دون أنيس يعوضها ولكن ها هو قد جاء الحبيب والسند بحضنه ليخبئها بين قلعة حدودها ذراعيه ليحميها من كل شئ ويواسيها بحملها وبكل خطوة في حياتها.

نظر إليها برهة ثم تنهد براحة وتنفس عطرها ذلك العبير الذي يدمنه كما يدمن المتعاطي مخدره، ذاك العبير الذي نافس الأقحوان والبنفسج،فتحدث بخفوت قائلا: 
انظري إلي هكذا دائما بحب فكلما نظرت يعني هكذا ادأجد ملاذي ومهما كنت قد عشت خارج هذه الغرفة من ألم وعانيت من تعب ولربما خوف أيضا، بمجرد أن ألمح هذه اللمعة يذهب كل شيء من عقلي وكأنه لم يحدث وأجد نفسي مطمئنا مرتاحا.
ابتسمت فرحة بكلماته الجميلة معادتها رغم أنه يطرب مسمعها كل ما سمحت له الفرصة إلا أنها تسعد كلما غازلها ليقترب فجأة أكثر ويخطف قبلة صغيرة وسريعة من شفتيها.
لم تجد أي كلمة لترد أبقت على شفتيها مطبقتين على بعضهما مبتسمة فقط فرحة بقبلته المسروقة تلك تنظر إليه بعيونها الواسعة فابتلعت ريقها وتنفست بهدوء.
ابتسم وقال:
 أنا فعلا محظوظ بك عشق 
نظرت إليه واشتعلت وجنتاها حمرة خجلة لتهرب من نظراته تلك مرة أخرى لكن أين المفر فعيونه تحدق بها من كل جانب تكاد تأكلها.
لامس وجنتها الملتهبة برفق ليردف قائلا بخفوت:
اف التهبت كيف سأتحمل أنا الآن كل هذا الجمال؟ 
ارحميني عشقي واشفعي لمغلوب يهيم بك حبا.
لكنها لم تجبه فما عساها تقول وقد أخذ منها كل الكلمات الرقيقة التي تلين القلوب وجمعها في عقد صنعه بكل الحب ووضعه تاجا على رأسها زادها زينة فوق زينتها.
نظرت إليه مطولا ثم ابتسمت لتقول:
غزلك فاق الوصف حبيبي
أمير بحب:
لأنك فوق الغزل والوصف
ابتسمت وما ردت فتركت نظراتها إليه تتحدث لكنها حادثت نفسها قائلة:
توت!
سكتت قليلا تفكر ثم قالت:
أمير 
رد أمير:
نعم حبيبتي
ابتسمت لتضيف:
أتشعر بالجوع؟
رد أمير بحنق:
جدا لأجل انشغالي واجتماع خلف اجتماع لم أجد وقتا حتى للأكل
قامت من مكانها سريعا لتقول:
أنت تهمل نفسك وأنا لن أرضى بهذا ليكن بعلمك، حسنا سأحضر لك شيء بنفسي تتناوله طبعا اشتقت لطبخ يدي.
ابتسم أمير ثم قبل يداها بعمق ليردف:
هذا أفضل شيء تتكرمين به على زوجك جميلتي أن تصنعي لي شيء لآكله بعد تعب اليوم.
ردت ريحان:
من عيوني سأحضر لك أطيب أكل ولن أتاخر أيضا أنت فقط غير ملابسك وارتح قليلا وسأعود سريعا.
تحركت من أمامه لكن استادرت سريعا لتسأله:
أمير أتحب الفتوش(أكلة تركية)؟
رد أمير يطالعها باستفهام :
فتوش؟
لكنها أكلة خفيفة حبيبتي تنفع أصحاب الحمية لا شخصا يتضور جوعا.
ابتسمت ريحان وتحدثت بغنج:
نعم أكلة خفيفة لكنها شهية صحيح وأنت تشتهيها أليس كذلك؟
فهم أنها تشتهيها وتتحجج به كي تصنعها وتأكلها وكم سر حين لاحظ ذلك فهي تتوحم وهذا وحده كفيل بأن يسعده.

تحركت ثانية لكنها عادت إليه قائلة:
أمير ماذا لو حضرنا أيضا صدر دجاج بكريمة مع أرز متبل وتكون قطع صدر الدجاج صغيرة فتافيت صغيرة اوه ستكون شهية جدا،لا أستطيع منع عقلي من تخيلها إني أستطعمها في فمي منذ الآن تحبها صحيح؟
ابتسم أمير ورد:
غاليتي أنت يبدو أنك أنت من تشتهين هذه الأكلات ولست أنا فأنا مستعد أن آكل حتى خبزا جافا.
أدلت شفتها السفلية وعقدت حاحبيها حزينة لتردف وهي تنظر إليه:
وأنا التي تفكر بك وتريد أن تطبخ لك انتهى لم أعد أريد شكرا لك على إحباطي.





القسم الثاني:

رد أمير:
رجاء عشق بدون نظرة القطة هاته احبها أحبها أطبخي الذي ترغبين به حتى لو سما آكله من هاتين اليدين الناعمتين.
ريحان بحزن:
لم اعد أريد لم أعد اشتهي شيء
أمير بحب:
لكن أنا أشتهي.
ريحان بحماس:
تشتهي ماذا؟
رد أمير:
ماذكرته منذ قليل.
تحركت ريحان مسرعة لتردف:
حسنا لن أتاخر ولن أسممك حبيبي لازلت أحتاجك.
انفجر ضاحكا للحظات بينما هي تنظر إليه سعيدة ليردف بعد أن هدأ:
قد تتعبين
ريحان مبتسمة:
أريد أن أحرك جسمي يا ابني مللت السرير طوال اليوم ممددة به وكأنني مريضة 
رد أمير:
حسنا يا ماما لا تتذمري الطريق في أوله وينتظرك الكثير هيا اذهبي وأنا سأذهب وأتحدث مع أوزجي وأخبرها بحملك.
ردت ريحان:
جرب التحدث بطريقة غير مباشرة لأنها ستغار حتما وقد تنزعج.
ابتسم أمير ورد بنبرة تفاخر:
لا تقلقي حيال ذلك أنا رجل المهمات الصعبة لا تنسي.
ريحان ضاحكة:
حسنا يا رجل المهمات الصعبة حين تنتهون من الحديث أعلمني كي أشارككم بعدها هكذا أب وابنته لوحدهم أفضل.
رد أمير:
وليكن.
تحدثت ريحان وهي تخرج من الغرفة:
تركتها بالحديقة منذ قليل ربما لا تزال تلعب اذهب إليها حبيبي
ثم تحركت نحو المطبخ وبدأت في وضع الأغراض أمامها بحماس لكي تحضر الأكل.
غير أمير ثيابه وصلى فرضه ثم توجه بعدها إلى الحديقة ليجد الصغيرة لا تزال هناك تلعب بعرائسها مستمتعة فرحة بعد أن قضت يومين عند والدتها بالكاد تحملتهم.
اقترب وجلس بجوارها وهي تلعب وقد كانت تضع عرائسها بجانب بعضها البعض فبقي يناظرها قليلا لكنها لم تتحدث بشيء ليتحدث 
هو قائلا:
أنت هنا اميرتي؟
ردت اوزجي:
لا بالغرفة بابا أفندي
أمير بتذمر:
سبحان الله إجابتك حاضرة دائما.
أوزجي ضاحكة:
وأسئلتك غير منطقية بابا،دعك من هذا الآن هيا أتشاركنا جمعتنا أنا وعرائسي بابا؟
رد أمير بحماس:
أشارك طبعا عرفيني على عرائسك هيا.
بدأت أوزجي في تسميتهم العروس تلو الأخرى وهو يستمع وقد كانت تلقي على كل عروس اسما مميزا.
ابتسم أمير بعد حين وقال:
إذا هم إخوة
ردت أوزجي:
صدق لم أفكر بها لكن يمكن ذلك سأجعلهم إخوة جميعا
أمير بخفوت:
جميل أن يكون لدينا إخوة ألا تحبين ذلك؟
ردت أوزجي:
أتمنى ذلك وأيضا أخت أفضل الصبية مملين جدا 
سكت أمير قليلا ولامس شعرها بحب لحظات ثم أردف:
عندي فكرة صغيرتي
ردت اوزجي:
ماهي بابا؟
أمير بفرح:
ما رأيك أن نخرج للبحر قليلا ثم اكتبي أمنيتك ونضعها في قنينة وارمها للبحر كي تتحقق.
ردت أوزجي بحماس:
فكرة رائعة أحببتها يعيش بابا يعيش حسنا سأعود سريعا لن أتاخر لا تتحرك من مكانك حتى أعود،ثم قامت راكضة إلى الداخل.
ناداها أمير:
إلى أين حبيبتي؟
أوزجي بحماس:
لإحضار قلم وورقة أعجبتني الفكرة عندي أمنيات كثيرة سأكتبها وأنت أحضر قنينات كثيرة بابا.
رد أمير:
حسنا بأمرك أنا بانتظارك حبيبتي.
بقي لحظات مع ألعاب أوزجي ثم شعر بالملل فتحرك عائدا للداخل ليتوجه للمطبخ مباشرة بغية إحضار القنينات الفارغة كما طلبت أوزجي وما إن دخل حتى سألته ريحان:
اها حبيبي هل أخبرتها؟
توجه أمير للأدراج يبحث ليردف قائلا:
ليس بعد حبيبتي
ريحان باستفهام:
عن ماذا تبحث أمير؟
رد أمير:
سنذهب أنا وأوزجي إلى مشوار قصير هنا عند الساحل تعالي أيضا
ريحان بحب:
لا حبيبي اذهب انت مع طفلتك فقط استفرد بها قليلا بالكاد تراك أصلا،اقضيا وقتا ممتعا مع بعض.
ابتسم برضا ثم تحرك للأدراج مرة أخرى وجمع عدة قنينات ووضعها جانبا ثم نظر إليها ليجدها منشغلة بتحضير شوربة جانبية مع العشاء بشغف فاقترب منها ببطئ قائلا:
ماذا تصنعين؟
التفتت إليه لتقول:
شوربة الفطر 
ابتسم أمير وتحدث قائلا:
يعني انك تحضرينها لاجلي
ريحان بحب:
نعم لاجلك
تحدث أمير قائلا:
أريد التذوق
ريحان صارخة:
لا لا لم تنضج بعد انتظر ستحترق
لكنه أبى إلا أن يتذوق منها فتناولت ملعقة وغرفتها بقدر الشوربة ثم قامت بالنفخ عليها قليلا وأطعمتها له.
تذوقها بمتعة ثم تحدث قائلا:
شهية جدا عشق 
ريحان بسعادة:
أحقا أعجبتك لا تجاملني صحيح؟
رد أمير:
أعجبتني لكن أنا معجب بالتي صنعتها أكثر.
نظرت إليه خجلة ليقوم هو برفع يدها وتقبيلها بينما هي فقد أغمضت عيونها سعيدة بحركته ثم أضاف:
أنا اأحبك أحبك جدا عشق تارهون.
اكتفت فقط بالابتسام سعيدة بكلماته وهو ينظر إليها يتأملها بحب ليردف:
أريد تصبيرة حتى العشاء.
ريحان بحماس:
أصنع لك شطيرة إن شئت ثم مشت باتجاه الثلاجة.
استوقفها يمسك يدها ليقول:
لا لا ليس هذه أريد تصبيرة بنكهة خاصة.
ريحان بتذمر:
أيها الماكر.

ابتسم قليلا ثم اقترب ببطئ، لحظات فقط واستوعبت أنها لا تزال بالمطبخ فنظرت جانبا ثم قالت:
ماذا تفعل نحن بالمطبخ؟
رد أمير:
وليكن ثم قام باحتضانها من خصرها وتقريبها إليه أكثر.
ريحان وهي تحاول التهرب:ستحترق الشوربة
رد أمير يطالع شفتيها:
المهم أن لا أحترق أنا.
حاولت إفلات نفسها لكن ما استطاعت ليقترب أكثر لكن أتاه صوت الصغيرة تناديه:
بابا اين انت؟
فصل قبلته عنها سريعا ليقول متذمرا:
لاحظ لي.
تداركت ضحكتها وتحدثت قائلة:
اوزجي تنادي حبيبي
رفع يديه متذمرا ثم تحدث قائلا:
سيبقى عليك دين.
نظرت إليه بغضب فتحرك منصرفا نحو أوزجي يلعن نفسه وحضه العثر ليلتقي بها عند باب المطبخ تهم بالدخول ليقوم بحملها سريعا وتحدث قائلا:
أنت جاهزة بابا؟
ردت أوزجي:
جاهزة لنذهب أمير بيك.
تحركا حينها نحو الخارج مودعين ريحان التي واصلت إعداد وجبة العشاء لأمير بينما هو فقد أخذ أوزجي الى الشاطئ للاستتمتاع بنسيمه قليلا والإنفراد بها كي يستطيع إخبارها بحمل ريحان وأنه سيكون لها أخت بعد فترة.
وصلا البحر بعد فترة قصيرة وما إن فعلا حتى باشرا اللعب معا،الصغيرة تركض وأمير خلفها وأحيانا ترشه ببعض الماء ويفعل هو ذات الشيء، أحيانا يحملها ويلفها في الهواء وكأنها تطير وهي تقهقه تسمع البحر والسماء والرمال وكل شيء حولها وهكذا،ثم قررا بعد مدة كتابة الأمنيات ووضعها في قنينات ورميها للبحر.
أخرجت أوزجي دفترها وقلما من محفظتها الصغيرة ثم تحدثت لوالدها قائلة:
بابا عندي فكرة سأكتب أنا أمنية وأنت أمنية ونرميها للبحر ما رأيك؟
رد أمير بسعادة:
أحببت الفكرة حسنا هيا بنا.
أوزجي بحماس :
حسنا ابدأ أنا إذا.
أومأ راضيا لتبدأ هي بكتابة أمنيتها العفوية البريئة وقد كانت أول أمنية أن يكون لديها بيت عرزال خاص بها.
تقدم ونظر إلى كلماتها لتقوم بإخفاء الورقة سريعا وتقول متذمرة:بابا لا يجوز أن ترى أمنيتي.
أمير مستفهما:
لماذا؟
أوزجي بتذمر:
لأنها لن تتحقق بابا
ابتسم أمير واردف:
بل على العكس تماما دعيني أراها فمن يدري قد يمكنني تحقيقها لك هيا أرني.
ردت اوزجي:
أهذا رأيك؟
لست مقتنعة بابا
أمير مبتسما:
انظري حبيبتي سأشاهد أمنياتك وتشاهدين أمنياتي وهكذا نكون قد تعادلنا.
أومأت برأسها موافقة ثم أرته أمنيتها الأولى ليتحدث قائلا:
جميل تريدين عرزالا إذا
ثم الثانية وهي أن تكون لها طائرة خاصة مستقبلا تسافر بها أين شاءت ومتى شاءت.
نظر إليها لحظات مذبهلا فابتسمت ببلاهة ليردف قائلا:
يا الهي أنت تصعبينها علي طائرة خاصة؟
ردت اوزجي:
بابا هذه أمنياتي لا تتدخل ثم إنه لست أنت من سيحققها ربما أنا بنفسي.
لحظات جميلة مرت بين البنت وأبيها ولربما كان هو في حاجة إلى ذلك المشوار أكثر منها هي.
تحدث أمير بعد تذمرها قائلا:
حسنا لن أتدخل أكملي
أكملت قائلة:
أمنيتي الثالثة أن تصبح لدي اخت صغيرة.
نظر إليها مطولا وهي تكتب تلك الكلمات وحين أنهت الكتابة نظرت إليه وقالت:
حسنا انا أتممت أمنياتي لنضعها في قنينة ونرمها للبحر ثم يأتي دورك.
ابتسم يطالعها بحب وفرح لربما ليست من صلبه لكنها الحسنة التي ظفر بها من هذه الدنيا، لقد أحسن إليها وهي ضعيفة فأحسن الله إليه ورده إليه ردا جميلا فبعد أن كان ذلك العاصي الذي لا يتذكر أن عليه فروضا وعبادات أصبح أمير العابد الذي لا يفوت أي فرض أو عبادة أو فعل خير وترك منكر،ليس هذا فقط بل رزق أجمل هبة قد ينالها الرجل وهي الزوجة الصالحة حسنته من الدنيا مع أوزجي ليصبح للأمير مصدري للسعادة يهنئ بها كلما تطلع في عينيهما.
سكتت قليلا تنظر مستفهمة فقط طال شروده بها فلوحت بيدها قائلة بعفوية:
بابا حبيبي ماذا هل تفكر أي أمنية تبدأ بها؟
عاد عن شروده ليرد قائلا:
معك يا حلوة أيضا لنتفق منذ البداية يجب أن تكوني صبورة قد لا تتحقق أمنياتك سريعا فهي ليست بالهينة بالأخص حكاية الطائرة الخاصة هذه.
ردت أوزجي بحماس:
أكيد بابا سأكون صبورة أصلا أنا صبورة جدا نعم أشبه ريحان في هذه،ثم ننتظر ما وراءنا لمهم أن تتحقق قبل أن أصبح عجوزا.
أمير ضاحكا:
إنشاء الله حبيبتي لا تقلقي ستتحقق لربما قبل أن تصبحي شابة أيضا إلا موضوع الطائرة أشك.
ردت متذمرة:
اوه بابا لم علقت على موضوع الطائرة هذا قلت لك لست ملزما بهذه الأمنية هذه تخصني أنت اهتم بالباقي فقط.
امير بفرح:
الباقي علي وحتى الطائرة سأسعى جهدي منذ هذه اللحظة لأحققها لك.
ابتسمت بحب لتردف بخفوت:
أحبك يا أجمل أب يا حظي بك فقط هيا لنرمها.
تحركت واضعة يدها الصغيرة بيد أبيها ليضمها هو يناظرها بحب ثم أخذا يقتربان شيء فشيء نحو البحر،رمت القنينة في البحر بكل قوة قائلة بصوت مرتفع:
أيها البحر خذ أمنياني وبعون الله عز وجل ستتحقق
نظر إليها قائلا:
أحسنت ابنتي نعم رب العالمين من يحقق الأمنيات البحر ليس سوى سببا يسخره الله لنا ونحن بعزمنا إما أن نتكل عليه عز وجل وننطلق فتتحقق تلك الأمنيات،وإما أن نتقاعس ونتكاسل وبذلك لا نحقق ولو جزء من أحلامنا ثم نرمي فشلنا على البحر والسماء والشهب وغير ذلك مما يخيل للبشر أنها تحقق الأمنيات،أتمنى أن تكوني قد فهمت كلامي.
أومأت برأسها بالإيجاب ثم طالعا معا البحر الذي بدأ في جرف تلك القنينات إليه شيء فشيء حتى ابتعدت عن الأنظار،ثم أتى دوره هو لتقوم بإعطائه ورقة وقلم ثم ابتسمت مردفة:
هيا دورك بابا اكتب أمنياتك هنا وارمها للبحر وادع الله عز وجل أن يحققها لك مع قليل من التعب من عندك.
أمسك القلم من يدها الصغيرة وعيونه سعيدة ثم شرع فؤ كتابة أمنياته وهي تقف على رؤوس أصابعها تحاول رفع جسدها عن الأرض كي تقرأ ما كتب كما فعل هو،وبالفعل استطاعت رؤية ما كتب لكنها لم تفهم شيء فزفرت متأففة لتردف بتذمر:
بابا ماهذا الخط الكارثي أيوجد مهندس يكتب هكذا؟لم استطع قراءة أي كلمة.
ضحك أمير مقهقها ثم تحدث قائلا:
صه يا فتاة عيب أنا والدك ثم إني خطاط بامتياز.
ردت أوزجي بحدية:
فهمنا بابا أعرف أنك خطاط ومهندس معماري مشهور أيضا لكن اقرا لي لطفا أنا لا أزال صغيرة على فهم خط الكبار،أصلا أفك الخط بشق الأنفس.
ضحك أمير ليرد بنبرة حادة مازحا معها:
يعني أنت متى تشائين تكبرين ومتى تشائين تصغرين ومتى تشائين تفهمين الخط ومتى تشائين لا،حسب مزاجك يعني أيتها الآنسة الصغيرة.
ردت اوزجي قائلة بكل ثقة:
يعني هكذا شيء حسب الظروف والمزاج الذي أكون فيه،يعني لو مزاج معكر لا أجيد شيء أما إن كان مزاجي جيدا فأصبح مثالية.
ناظرها أمير ورفع حاجبا وأنزل الآخر ليردف:
لحظة أيتها الدعسوقة هذه ليست جملتك إنها جملة أحدهم
ردت أوزجي مبتسمة ببلاهة:
يعني إحداهن بابا وليس أحدهم صحح معلوماتك.
رد رافعا يديه:
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما قلت شيء.
أوزجي بتذمر:
بابا اقرأ أمنياتك هيا كما فعلت أنا إنك تتهرب مني قصدا وتستغل ضعفي في قراءة الخط الغريب الذي تكتب به.
رد أمير:
حسنا حسنا قرأت،بداية أتمنى أن يكون لاوزجي صغيرتي عرزال جميل خاص بها كما تتمناه تماما وثانيا يا شقية أتمنى أن يكون لأوزجي صغيرتي طائرة خاصة تسافر بها أين شاءت ومتى شاءت وتأخذني معها أيضا.
ردت أوزجي ضاحكة:
إذا تريد رحلة بطائرتي الخاصة؟ سأفكر
أمير بتذمر:
تفكرين إذا حسنا فكري من الآن حتى ذلك الوقت،لأكمل أمنياتي إذا وآخر أمنية لي هي أن يكون لأوزجي أخت جميلة مثلها بشقاوتها وذكائها وضحكتها.
ردت أوزجي ضاحكة:
ألا تلاحظ أن هذه أمنياني التي كتبت؟
تقرفص جالسا وقربها منه ثم لامس وجنتها براحة يده وهي تنظر مستفهمة ليطبع قبلة عميقة على جبينها يحاكيها بها حبا وسكينة،قبلة أغمضت بها عينيها وشعرت بها بالأمان والراحة فاشجتاحتها مشاعر مختلطة مشاعر تخبرها أنها أميرة ذلك الرجل مهما كبرت ثم فصل قبلته وتنهد براحة مردفا:
وأنا أمنيتي أن تتحقق كل امنياتك.
ردت أوزجي براحة:يا رب يارب تتحقق ثم رفعت رأسها إلى السماء ويديها لتجمعهما معا داعية.
نظر إليها مطولا بحب سعيدا بطفلته ثم لامس خصلات شعرها قائلا:
اسمعيني جيدا حبيبتي واستوعبي كلامي،ما خاب من دعى ربه أبدا وما حزن،قوليها دائما وستتحقق كل أمنياتك ولا تقولي هذه صعبة وهذه مستحيلة فرب البرية إذا قال للشيء كن سيكون لا مجال للنقاش أو الشك.
همست هي:
يارب.
سكتا بعدها عن الحديث فعاد لشروده يفكر بها ليعود لنفس النقطة وتلك الحقيقة فما كان منه إلا أن نظر للسماء وزفر بحنق ليردد بهمس من أعماق أعماقه:
يارب ساعدني فا البحر بكبره وعمقه يمكنه أن يعالج الألم الذي بداخلي ولا السماء وشهبها،فقط أنت يا الله.

لا يرد القدر السئ سوي الدعاء ولكن بشرط اليقين برب العزة أنه سيستجيب، سبحانه الذي رزقنا الدعاء ليسلينا في ابتلائنا ويخفف الحزن من الوقوع بقلوبنا فمهما اشتد الكرب يأتي الدعاء والتوسل لله لكي يواسينا فنطمئن ونهنأ لأن هناك رب يسمعنا ويشعر بنا حتي لو جحد الناس أجمعهم ولكن يكفي ان الله يفهم أوجاعنا.

عادا بعد فترة إلى لقصر ليقوما بنتاول العشاء الذي حضرت ريحان مع إضافة طبق آخر من تحضير مليكة وبعض السلطة مع الباقين ثم قررت ريحان أن تأخذ الصغيرة للنوم بدل والدها وتخبرها حينها بحملها بعد أن مهد لها والدها الطريق لذلك.
تحركتا نحو الغرفة والصغيرة تقفز عبر الرواق سعيدة وريحان تحاول تهدئتها لكن حماسها غلب ريحان.
دلفتا الغرفة وما إن فعلتا حتى تحدثت أوزجي بحماس قائلة:
ريحان تعالي أخبرك ماذا حدث اليوم لقد كتبت أمنيات أنا وبابا ورميناها في البحر كي تتحقق،بكن بابا أخبرني بأن البحر لا يمكنه أن يحققها بل هو الله عز وجل فالبحر سبب من الأسباب فقط،وقال أشياء أخرى لم أفهمها.
ردت ريحان قائلة:
صحيح حبيبتي فقط الدعاء لرب الكون والعمل الجاد لاجل ذلك من يحققها.
أوزجي براحة:
إن شاء الله،أيضا كان لنا أمنيات مشتركة أنا وبابا.
عدلتها بفراشها ثم قالت:
جميل وهل كنت ضمن أمنياتكم؟
ضمتها الصغيرة بحب لتردف:
أنت ضمن كل شيء.
ضمتها ريحان بدورها لتقبل رأسها بشغف وتردف:
اوزجي أريد أن أخبرك شيء.
طالعتها أوزجي مستفهمة ثم اعتدلت مكانها قليلا ثم نظرت يمنة ويسرة لتردف بصوت خافت:
أسمعك لكن أهو سر ريحان؟
ريحان بصوت خافت:
لا ليس سرا لماذا تسألين؟
ردت أوزجي بخفوت:
إذا لم نتحدث هكذا بهمس؟
ريحان ضاحكة:
لم انتبه،حسنا اسمعي
أوزجي متذمرة:
هل ستخبرينني أم لا ريحان؟ أريد أن أنام تعبت من الركض على الشاطئ.
أخذت ريحان نفسا عميقا والصغيرة لا تزال تطالعها بحيرة ثم تحدثت أخيرا قائلة:
سأخبرك ساخبرك لا تتذمري،حسنا أنت سيصبح لديك اخ او أخت بعد بضع شهور.
اتسعت عيونها فجأة فأوجست ريحان في نفسها خيفة تنتظر ردة فعلها وما ستقول أو تفعل ثم وقفت من مكانها سريعا كان صاعقة أصابتها،اقتربت ووضعت يدها على بطن ريحان والأخرى تنظر مذبهلة لتقول مبتهجة:
أي انك ستنجبين لي أختا ريحان؟
أومأت ريحان بالإيجاب وقد اغرورقت عيونها الكحلية دمعا.
لحظات فقط وبدأت أوزجي بالقفز فوق السرير فرحة وهي تردد:
يعيش يعيش سيكون لدي أخت يعيش تحققت واحدة من أمنياتي،شكرا يا ربي لقد أجاب دعائي سريعا ثم توقفت عن القفز وسكتت ونظرت لريحان دهشة فبادلتها الأخرى نفس النظرة لتردف قائلة:
لحظة الطائرة سأخبر بابا ثم قفزت وركضت متجهة لغرفة والدها وهي تنادي بالرواق على والدها
لحقت بها ريحان راكضة وهي تقول:
انتظري حبيبتي أية طائرة عن ماذا تتحدثين؟انتبهي ستقعين.

دلفت إلى الغرفة مباشرة دون أن تطرق الباب لتجد والدها خارجا من الحمام،ركضت إليه وهي تصرخ:
بابا تحققت أمنية تحققت أمنية من الأماني أنا سعيدة جدا.
امسكها أمير ليردف قائلا:
أي أمنية اهدئي يا ابنتي لم تصرخين؟
ردت أوزجي بحماس وريحان واقفة خلفها تضحك:
سيكون لدي أخت نعم تحققت أمنية وسريعا ريحان حامل بابا.
نظر أمير الى ريحان حينها وابتسم ليقول:
لم أتوقع ردة فعلها صراحة.
ردت ريحان:
ولا انا صدقا فاجأتني كنت أظن ستجزع.
سحبت حينها أوزجي والدها من يده لتردف قائلة:
تعال معي بابا للحديقة هيا ربما نجد الطائرة هناك.
رد أمير ضاحكا:
طائرة في الحديقة؟ اهدئي صغيرتي على مهلك واصبري كما أخبرنك هناك أمنيات سهلة التحقيق وهناك أمنيات صعبة.
ردت أوزجي:
والمعنى بابا؟
أمير بنظرة مكر لريحان:
يعني أمنية أن يصبح ليدك ااخ سهلة التحقيق وبيت الشجرة أيضا لكن
ضربته ريحان لكتفه بقوة وهي ترمقه بنظراتها حتى تألم ليمسك كتفه متألما ثم تحدث مبتسما:
لكن الطائرة صعبة يجب أن تنتظريني مدة واعدك سأسعى لتحقيق حلمك ويكون لديك طائرتك الخاصة ابنتي.
اوزجي محركة كتفيها:
 لا بأس رضيت لننتظر قدر ما تشاء لن أتذمر،ثم أنا سعيدة جدا بابا شكرا ريحانتي شكرا لا شيء يمكنه تعكير مزاجي الآن ولا حتى مربية ماما وماما.
رمقها أمير لتبتسم مشيرة له بأنها ستسكت.
تحدثت ريحان حينها قائلة:
تعالي حلوتي ستنامين بجانبنا الليلة هيا.
أوزجي:
أريد أريد ثم ركضت نحو السرير.
نظر إليها أمير بتذمر وتأفف لكنه لم ينطق ببنت كلمة بينما ريحان مستمتعة بغضبه.
بعد مدة نامت الصغيرة بين ريحان ووالدها ليذهب بها أمير لغرفتها وهو يحملها بين ذراعيه ثم قام بتغطيتها بعد أن قبل رأسها وقرأ عليها شيء من القرآن والعودة ليتحرك عائدا لغرفته.
دخل وتحرك نحوها ليجدها نائمة بمكانها قريرة العين،اقترب قليلا ليقول مستغربا:
هل نامت بهذه السرعة؟كل الذي غبته دقائق
تمدد بجانبها واقترب اكثر وهي تتظاهر بالنوم ليبدأ بسحب الغطاء عنها شيء فشيء بعد أن أدرك أنها تمثل.
أصدرت صوتا لتقول:
ها
أمير بهمس:
اأي أنك لست نائمة.
ردت ريحان:
لا نائمة أمير
أمير بخفوت أيضا:
واضح جدا أنك تغطين في نوم عميق بالدليل حتى همسي سمعته لكنك لم توفي بدينك يا صغيرة،ولا يمكنك النوم حتى تقضيه كاملا ليكن بعلمك
ردت ريحان متذمرة:
الله الله أي دين هذا؟ هيا أمير استلق ونم ليس وقت الإيفاء بالديون أريد النوم وطفلتك كذلك.
رد أمير بجدية:
لا وألف لا يا حلوة قبل أن توفي ما عليك لن تنامي.
اعتدلت وجلست بمكانها تهز نفسها تتظاهر بالغضب لكن بداخلها فقط تجاكره كي تغيضه وتستمتع بجزعه،ثم زفرت بحنق والتفتت إليه قائلة:
أنت تضع الديون من رأسك لوحدك ومتى شئت أيضا وتأتي لتطالبني بها ما شأني أنا؟
ابتسم أمير ثم اقترب منها ليهمس عند أذنها قائلا:
أفهم من هذا أنك تعودين بكلمتك ريحان تارهون ولا توفين بدينك؟
تأففت ريحان متذمرة لترد بنبرة جادة:
وهل قلت شيء أصلا أنت من قلت وفعلت حبيبي أنت من تخطط وتنفذ أنا فقط أريد النوم.
سحب الغطاء الذي عليها أكثر ونزعه تماما وهي لا تزال تنظر متذمرة تريد حقا النوم ليتحدث قائلا:
تعالي هكذا فقط قليلا بعد لست جميلة وانت هناك بعيدة لوحدك
رمقته بنظراتها لتردد:
صبرا يا الله أمير مابك الليلة هل أثر فيك نسيم البحر أم ماذا؟ 
أمير مبتسما:أثرت بي عيونك الواسعة.
ابتسمت فقد أوقعها بشباكه كيف لا وهو متفنن في ذلك ثم اعتدلت ووضعت رأسها بصدره صامتة، كان يحرك أصابعه مع كل خصلة من شعرها بحب يأخذ ما استطاع من عطره بينما هي فقد كانت تتحمل لأجله فقط.
بعد مدة من الزمن مرت وهم كذلك تحدث ليقول:
جميل أن يكون للمرء إخوة صحيح؟ أوزجي سرت كثيرا بالخبر لم أتوقع ردة فعلها هذه لكنني سررت.
ريحان بخفوت:
وهل يوجد مثل الأخ؟ربما أنا لم أجرب شعور أن يكون لدي إخوة لكن أدرك أن الأخ وسند الإخوة لا يعوض فهم عزوتك وقت ضعفك 
من يشاركونك الفرح والحزن بصدر رحب.
أمير بخفوت ملامسا شعرها:
صحيح حبيبتي.
تنهدت براحة لتردف:
قال تعالى:"سنشد عضدك باخيك" أي سنقويك بأخيك هنا الله عز وجل لم يذكر الصديق أو شخصا آخر بل الأخ لان الأخ هو الضهر هو الذراع هو من تتكئ عليه إن أتعبتك الأيام وقست عليك.
رد أمير:
صدق رب العزة وما الأخ إلا أب ثاني بعد الأب بمثابه العمود الفقري،وجيش أخته الوحيد هو السند والكفاية وقت الحاجة والطمأنينة وقت الخوف، صحيح أن الأخ لا يختار أخيه ولكنه يختار ألّا يضعه موضع حيرة ويضع النقاط على الحروف دائما ويكون البيت الآمن لا السبب في ضياعه وألمه، الأخ هو الحب هو السند وهو مَن يحنو مودة و يدنو برفق، هو ساتر العيوب بما يحمل أخاه من ميزات، وهو الأمان الذي لا يعقبه خوف، وهو الدفء الذي لا يتبعه برد.
ريحان بحب:
كم هو جميل لو كان لدي أخ أو أخت كلما تشاجرنا أهرب لحضنه أشتكيك.
سكت حل الصمت لحظات وهو لا يزال يلاعب شعرها ثم تحدث وقال:
فعلا الأخ نعمة حبه فطري في القلب قد تبدو مشاعرك اتجاهه عادية لكن ما إن أحسست أنه بخطر أو أنه يتألم تهبين للتضحية بنفسك لأجله دون تفكير،أو ربما قد تتألمين لألمه ضعفا صحيح حلوتي؟ عشق، ثم نظر إليها ليجدها قد نامت في حضنه.

ابتسم ليردف:
ل الذي تعيشنه بسبب الحمل ممتع حتى تقلب مزاجك عصبيتك الطفولية، جنونك حتى عدم رغبتك بقربي الغريب والمزعج هذا جميل، رغم أنني أنزعج احيانا حين تعبسين كلما اقتربت منك لكن لمجرد أن أفكر بأن طفلي هو السبب يبتهج قلبي،طفلي كيف يمكنك إسعادي لهذه الدرجة كيف أنا ماذا كنت دونك؟
حتى أنت لك الحق بإخوتك ولك الحق في حبهم ولك الحق أن تعرفي بأن لك عائلة وأخوة وأنك لست وحيدة.
زفر بحنق لأنه تذكر ثم أردف:
يجب أن ارمي هذه الأحمال من على كتفي ما عدت أستطيع أن أنظر بعينيك وأنا أخفي عنك هذا الكم من الحقائق،ماعدت أستطيع، سأعود من سفري ونتحدث وليكن ما يكن.
عدلها بمكانها ووضع رأسها على وسادتها ثم قبل جبينها بعمق تأملها لحظات ثم تمنى لها ليلة سعيدة ليستلقي بعدها بمكانه وينام بعد مدة قصيرة.
مر الوقت ومضى منتصف الليل.
استفاقت ريحان من نومها فجأة فزعة لتضع يدها على رقبتا تردد البسملة فقد استفاقت من كابوس ثم نظرت ناحيته مباشرة وقد كان نائما قرير العين.
اعتدلت وأخذت تردد آية الكرسي مرة ومرتين ثم أخذت الماء من جانبها وشربت كاسا وكل جسدها يرتجف،اعتدلت ثانية بموضعها علها تعود للنوم لكن ما استطاعت،تقلبت وتقلبت وكل حين تنظر إليه وهو نائم لا يحس لشيء لتعتدل ثانية بمكانها ثم مسحت على شعرها واقتربت منه أكثر ونادته بهدوء:
بابا أمير لكنه بدل أن يرد تقلب للجانب الآخر ليكمل نومته.
نظرت إليه قليلا بتذمر لتقول:
بارد الأعصاب وينام بعمق أيضا وأنا أتحمل السهر والكوابيس المزعجة لوحدي.
فكرت قايلا ثم اقتربت عند أذنه وصرخت فجأة:
أميييير

استفاق مباشرة ليبدأ بفتح عيونه بتثاقل ثم نظر إليها ليردف:
سلاما قولا من رب رحيم ماذا حدث لم تصرخين؟أليس الوقت باكرا على الصباح؟ ثم نظر للخارج ليجد الظلمة ليضيف:
لا لا نزال بالليل،أنت بخير حبيبتي؟
سكتت ريحان قليلا وطالعته بنظرات القطة التي لا يستطيع مقاومتها فنظر مذبهلا لتردف هي:
أمير أتحبني؟
أمير بتذمر:
أيقضتني لأجل هذا السؤال؟
ريحان بغضب:
أجب على قدر السؤال
تقلب أمير الجانب الآخر قائلا:
تصبحين على خير يا مجنونة.
أمسكته من كتفه وأخذت تهزه بقوة لتردف بغضب:
لم أكمل حديثي بعد استفق هيا أمير لا تكن غليظا،يعني طوال الأيام تسهر واليوم تريد النوم.
التفت ناحيتها قائلا:
حبيبتي الصغيرة الوقت يوشك على الساعة الثانية، منذ متى أسهر لهذا الوقت؟
ريحان بحزن:
معناها لا تحبني.
اعتدل وجلس بمكانه ونظر إليها مستفهما ليقول:
مابك حبيبتي؟
ريحان مبتسمة:
أتتذكر الشعر الذي قلته لي حين عدت من العمل مساء؟
أمير:شعر! نعم ما به؟
ريحان ضاحكة:
لا يشكو من شيء فقط تين وتوت ورمان يعني أريد توتا أسودا حالا بالا.
أمير دهشا:
توت!
ريحان بدلع:
نعم حبيبي وقرة عيني توت أسود توت شامي يعني.
طالعها مذبهلا لحظات ثم أردف:
أعرف أنه الوحام جبيبتي لكن على حسب معلوماتي فإن هذا ليس وقت جنيه يعني قد لا أجده بالسوق أصلا.
ردت بحنق:
لكن طفلي يشتهيه لا يهمني أريد توتا أحضره لي من أي مكان.
تنهد مردفا:
لا حول ولا قوة إلا بالله عشقي مابك؟
ريحان بحزن:
يعني لا تستطيع أن تحضر توتا وأنا التي ظنت أنها لو طلبت منك لبن عصفور سنحضره؟ ثم لا تنس أنت المهندس المشهور أمير تارهون لو أذيع أن زوجتك اشتهت توتا شاميا وما أحضرت لها ستشوه سمعتك كمهندس.
رد مستفهما:
ما دخل هذا بذاك؟
ريحان بغضب:
انس أمر التوت لم أعد أريد وجزعت أيضا.

سكت يفكر ما عساه يفعل هو يدرك أنها لولا الوحام ما اشتهت كما يدرك جيدا أنها تستمتع بمجاكرته وإغضابه كل حين،لكنه يعشقها ولا يستطيع أن يخالفها ذلك ما يصنع الحب بالرجل،مهما بلغ من العنفوان وقوة الشخصية يبقى ضعيفا أمام عيون التي يحب فلا سلطة تعلو فوق سلطة النساء.




القسم الثالث:

تمر الأيام علينا لتليها الأشهر ثم السنون نعيشها بحلوها ومرها، لكن هناك من يتمرس سرقة اللحظات السعيدة من كل يوم يمر فيعيش تلك التفاصيل ويجيد استغلال كل ثانية منها بفرح، تثور عليه وتعاند كل حين متحججة بهرمونات الحمل فيستجيب ويسايرها دون ملل فكل ما تفعله لذيذ، أصبحت فوضوية ولكن لذيذة لطيفة تشبه الأطفال في عندهم وقد سلبت منهم برائتهم ودلعهم، تتدلل عليه وتزيد دلعها ثم تقول إنه الوحم فيضحك ويبتهج لأنها كله وكل ما تطلبه فهو لقطعة منه سكنت احشائها فيركض ملبيا ما ترغب ثم يعود هامسا: 
وكأن كل الكون قليل عليك فلقد فاض بي وأنا ابحث عما تستحقينه يا عشقي، ولكنني أدركت أن ما تستحقينه سرمديا كعشقي لك.

هل تراه يتركها هكذا؟ بالتأكيد لن يفعل سيراضي العاشق محبوبته الغاضبة ولو كلفه ذلك كل شيء فتحدث محاولا أن يراضيها:
حسنا لا تعبسي جميلتي لا شيء يستحق أن تختفي تلك الحفرة سأحضره لك صباحا وأي شيء تريدين أيضا فقط لنعد للنوم هيا يلزمك الراحة.
جحظت عيونها به فأفزعته ليبقى نظره عليها صامتا ينتظر أي نوع من القنابل ستضربها به ثم تحدثت بحزن قائلة:
لايمكن أن أصدق ما سمعت أي صباح هذا أتريد لطفلي أن ينتظر حتى الصباح؟
أمير بتذمر:
أتعلمين شيء حبيبتي؟ لن اقول شعرا مرة ثانية ولأي سبب كان حتى لا أتورط الساعة الثانية صباحا، رجاء كان يومي مرهقا وغدا أيضا أريد النوم حلوتي.
ريحان بتذمر:
والمعنى؟ لا يهمني أنا أريد توت يعني أريد توت.
أمير برجاء:
عشق يا روحي يا عشقي يا نفسي يا مهجة قلبي ماذا تريدين أيضا؟ رجاء أريد النوم عندي عمل مكثف في الصباح.
سحبت وسادته بقوة وأبعدتها عنه لتردف بجدية:
لا تحلم بأن أتركك تنام وطفلك يشتهي التوت هيا صحصح معي جيدا ولا تناقشني يا حبيب قلبي.
تنفس بتأفف وطالعها متذمرا ثم حمل هاتفه وتفقد الساعة ليريها إياها قائلا:
انظري إلى الساعة إنها تشير إلى الثانية والنصف الآن أي محل سيفتح الآن؟
ردت ريحان:
أنت بالمدينة التي لا تنام لا تنس هذا الناس يأتونها من كل حدب وصوب فقط ليسهروا حتى الصباح ويستمتعوا وأنت تقول أي محل يفتح الآن؟ لا تتحجج بشيء كما يجب أن تذهب انت لا أن تبعث غيرك لا أريد لسفر أن يذهب أنت يعني أنت.
زفر بحنق ليرد:
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم على ما يبدو لن تتركيني أنام صحيح
اومأت برأسها بالنفي فأردف قائلا:
وحتى أنت لن تفعلي صحيح؟
أومأت بالنفي وهي تضحك ليضيف قائلا:
حسنا بأمر أطفالي ما عساي أقول يريدون توت في منتصف الليل، نحضر توت في منتصف الليل، أنت سأذهب وأعود سريعا سنحرم من النوم قبل أن يأتي هذا الصغير.
تحرك من مكانه نحو الخزانة لتغيير ثيابه يتأفف يلعن نفسه ويرمقها ببصره بينما هي تضع يدها على فمها تكتم ضحكتها.
غير ثيابه سريعا والتفت إليها ليردف:
حسنا فوضت أمري لرب العالمين.
رد ريحان:
ضريبة الأبوة بابا حبيبي.
ابتسم مجاملة ورد:
اها صحيح سيدفعني ضرائب كثيرة لحين يأتي ثم تحرك نحو الباب لكنه توقف فجأة والتفت إليها قائلا:
حبيبتي ما رأيك أن نخرج سويا؟
ردت ريحان تلوح بيديها معا:
لا لا طفلك يريد النوم ليس جيدا له السهر لا أريد بابا حبيبي أخرج أنت فقط ونحن سنبقى في انتظارك.
أمير بتأفف:
يعني بحجم حبة العدس ويمكنه أن يحس بكل شيء ماشاء الله لا ويتحكم بأبيه أيضا،صبرا جميلا
ريحان بخفوت:
والله المستعان
رمقها بتذمر ليردف:
واحد يطلب توتا بمنتصف الليل والأخرى تريد طائرة خاصة ونم أنت يا أمير واستقف باكرا لأجل مشروعك
ريحان ضاحكة:
لكل شيء ثمن بابا 
ابتسم برضا ليرد:
لأجل كلمة بابا سأتحمل كل شيء وليكن لا نوم حسنا سأخرج الآن
لن أتاخر لا تنامي.
أشارت له بالإقتراب منها قليلا ففعل ثم دنى منها لتطبع قبلة ناعمة نعومتها على وجنته جعلته ينسى النوم والتوت والطائرة وكل شيء حوله ويهيم بها حد الصبابة لا يرى غيها لتردف بعد أن فصلت قبلتها قائلة:
 حسنا سانتظرك أنا وصغيري لن ننام حتى تعود إلينا بالتوت.
ابتسم برضا وكف عن التذمر وتغيرت نظرته بتلك القبلة فهي إكثر من يعرف نقطة ضعفه، وأكثر من يريح قلقه فتحرك بعدها نحو الخارج وما إن فعل حتى اعتدلت بمكانها مرددة:
سأنام في الفترة التي يغيب فيها واستمتع قليلا بالسرير وحدي ثم خرج متجها لوسط المدينة ليحضر لها ما أرادت لكن توقف عند غرفة المكتب حين لمح ضوء قادما من هناك.
اقترب إكثر بغية الدخول للمكتب ليعرف من هناك بتلك الساعة لكنه توقف فجأة حين سمع صوت والده وهو يتحدث عبر الهاتف بنبرة غضب بل يكاد يسمع كل من في القصر.
كن وهدأ ولم يصدر أي صوت ولو بسيطا عله يفهم شيء من ذلك الإتصال لكن ما حدث ليتحدث مستغربا:
أبي! ماذا يفعل بهذا الوقت بمكتبه ياترى؟
اقترب أكثر ووضع أذنه على الباب لكن سرعان ما استوعب ما يقوم به فابتعد قليلا يفكر ما بأبيه ولم يتحدث بوقت متأخر كهذا عبر الهاتف في جوف الليل لا أحد يدري عنه شيء، لكن رغم ابتعاده أتاه صوت أبيه الذي قال بحدة:
أريد الأوراق التي تدينه بأسرع وقت، أدفع لك نصف ثروتي فقط أحضر الأوراق والباقي عندي المسمى ديمير كان يجب أن يسجن منذ سنين مضت أو يقتل لترتاح البشرية من دنائته.
هنا اتسعت عيون أمير وبهت مما سمع، إن والده يتوعد لديمير وبالدليل أيضا وهذا ليس بالأمر الهين.
أكمل حديثه مع ذلك الرجل عبر الهاتف ثم أقفل الخط وما أن فعل حتى دخل أمير عليه فجأة دون أن يطرق الباب حتى فنظر حكمت لامير مندهشا من طريقة دخوله المفاجئة تلك ليقول بنبرة شديدة:
أمير ماذا تفعل هنا في هذه الساعة وكيف تدخل هكذا؟
رد أمير بنفس الحدة:
بل انت ماذا تفعل هنا بساعة كهذة أبي؟ الساعة الآن تشير إلى الثالثة صباحا ومن المفروض أن تكون نائما لا بمكتبك تتحدث عب الهاتف.
سكت حكمت قليلا يطالع أمير بذهول ثم تحدث بتعلثم قائلا:
كان لدي أقصد بني كان لدي اتصال مهم 
أمير مستفهما:اتصال بهذا الوقت أبي ممن ولم؟
رد حكمت بنبرة حادة:
ماذا هل تحقق معي امير؟ قلت عملا بني.
سكت أمير قليلا واستغفر ربه في سره ثم أردف قائلا:
حشا لله أبي لا أحقق معك طبعا وما كنت لأفعل لكن أنا حين رأيت الضوء قادما من المكتب انشغل بالي أن يكون مكروها قد أصابك وقد سمعت حديثك صدفة، على ماذا تنوي أخبرني؟
رد حكمت:
أمير قلت لا شيء مهم انصرف لوجهتك ولا تشغل بالك بمثل هكذا أمور ثم أين تذهب أنت بوقت كهذا؟
رد أمير:
مشوار لا تهتم لكن أبي هناك شيء أنا متأكد، أي أوراق وأي إدانة تتحدث عنها؟ لن ابرح حتى تخبرني عن ما تنوي له.
تأفف حكمت ليرد:
أمير لا تعاند قلت لا شيء.
رد أمير:
أبي لطفا نحن لم نصدق كيف تخلصنا من حقارة ذلك الشخص ولم يعد يتطاول على اسم تارهون لم تفتح علينا أبواب الانتقام من جديد؟
حكمت بحنق:
ديمير لم ينس شيء بني يخيل لك فقط، هو لحد اللحظة يحملني ذنب فقدان ابنته وتراجع الشركة وتراجع المشاريع ونقص السيولة الذي نعاني منه كله بسببه، إنه يضارب بنسبة أرباحه وينزلها إلى أدنى مستوى فقط ليأخذها هو ولا ننال نحن منها وهكذا يضرب الشركة بالصميم، لا تنس بني نحن شركة إنشاءات يعني نعتمد اعتمادا كليا على المشاريع التي تطرح للتصميم والبناء.
يالها من كلمه ذكرها والده لقد دكت برأسه دكا (يحملي ذنب فقدان ابنته) جعلته يتذكر وكلما تذكر تألم وكلما تألم غضب من نفسه واحتقر أمير أمير ةكثر وأكثر. 
شد قبضته بقوة ولمعت الحسرة والندم من مقلتيه كيف به وهو يواجه نفسه بحقيقته الصعبة، كلما تذكر همه أو كلما ذكر على غفلة به، إنه ذلك الذنب الذي يلاحقه أينما ذهب، إنه أمير الظال الذي يجده بكل زاوية يلتفت إليها.
ذلك الذنب الذي يشتبه في وجعه بذنب وحشي حين قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه بطريقته البشعة الوحشية وحشية اسمه ذاك.، وحين أقر أن يسلم وجاء للنبي صلى الله عليه وسلم ووقف أمامه سأله النبي صلى الله عليه وسلم:"أنت وحشي"
قال:نعم
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"أنت قتلت حمزة"
فقال:
قد كان من الأمر ما بلغك، وقد جئت أشهد أن لا إله إلا الله، وأنكَ رسول الله.
قال صلى الله عليه وسلم:
"فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني"
إنها النفس البشرية سيدنا نبي رحيم حليم لكن هو بشر والقلب مضغة لا كتلة صخر وهناك ضربات قوية تحدث بالقلب وبالذاكرة ندوبا بشعة لا تمحى ولو حاولنا النسيان لكن ذاكرتنا تأبى ذلك وتتمرد على النسيان وترفض قطعا وإقرارا لا رجعة في ذلك.
فذلك أمير وذنبه الذي لا تمحوه توالي السنين الطوال
تحدث حكمت بعد أن انتظره مطولا ليعود عن شروده لكن ما فعل ليردف قائلا:
بني أين شردت؟
استفاق من غفلته تلك ثم نظر لوالده برهة ليتحدث بجدية قائلا:
أبي نحن الآن نملك مشروعا تهافتت عليه أكثر من شركة لظفر به ومن بينهم شركته وأخذناه بجدارة، سننجح ونؤسسه وتعود الشركة أفضل مما كانت عليه أيضا وإن كان هناك شيء يدينه حقا قدمه للعدالة ولا تتصرف من رأسك أبي، لا أريد أن تتورط بشيء لا يحمد عقباه.
رد حكمت:
لكن انا لن أتخلى عن ثأري أمير إلا هذه لا أفعلها لن يقال عني جبنت.
ناظره أمير نظرة حادة لثوان صامتا ثم تحدث مشيرا بأصبع السبابة قائلا:
وأنا لن أفرط بعائلتي لأجل ثأرك أبي، يكفي ما عانيناه لحد اللحظة من حزن بسببه يكفي أبي، ثأرك هذا لم يفدنا بشيء ولم يجلب لنا غير الأذى.
طالعه والده بذهول ولم ينطق ببنت كلمة ليتحرك أمير من أمامه ثم انصرف غاضبا تاركا والده واقفا مكانه متسمرا مندهشا من ردة فعل أمير القوية والمفاجئة تلك.
ركب أمير سيارته وبقي فيها لحظات يفكر، ثم بدأ أخذ نفسا عميقا ليشرع في ضرب مقود السيارة بيديه بقوة وهو يردد صارخا:
يكفي يكفي ليتها أصابتني لعنة فراعنة قديمة ولا أصابتني لعنة ذنبي، اللعنة عليك أمير أنت تستحق كل هذا.
هدأ بعد لحظات وكف عن ضرب المقود ثم رمى بظهره للخلف وأخذ يتنفس بعمق عله ينسى لكن هيهات هيهات فكلما طالع عيونها تذكر ولا مفر له من ذنبه حقا.
مر بعض الوقت وهو على حاله ليقوم بعدها بتشغيل سيارته والإنطلاق إلى وجهته المقصودة.
أخذ يطوف بين محلات اسطنبول وأسواق بيع الخضار يبحث عن توت شامي كما طلبت كن لم يجد فقد كانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحا وأغلب المحلات مقفلة، ومن وجده مفتوحا منها لم يجد به ما طلبت، فيخرج حينها ويقف عند باب المحل متذمرا ثم يستغفر ربه ويحاول أن يهدأ ليتحرك بها إلى سيارته وينطلق.
مر وقت وأمير لا يزال وسط المدينة.

نامت ريحان كل ذلك الوقت الذي غابه قريرة العين.
بحث وبحث حتى استسلم ليصف سيارته توقف عند قارعة الطريق ثم نزل منها ووقف يستند عليها ليأخذ هاتفه ويتصل بمحبوبته، رن هاتفها ففتحت عيونها فزعة ثم أمسكته لتجد المتصل أمير، فتحته لترد قائلة بحماس:
ها أمير وجدته صحيح؟
رد أمير متذمرا:
قولي السلام عليكم أولا
ريحان بسرعة
:السلام عليكم ورحمة وبركاته أولا هل وجدته؟ أخبرني.
رد أمير قائلا:
لا مع الأسف حبيبتي ليس موسم قطفه وأغلب المحلات مقفلة أصلا والمفتوح منها لم أجد به، سأعود وصباحا وأحضره لك وبالكمية التي ترغبين أيضا، الآن سأعود للقصر.
ردت ريحان صارخة:
ستجعل طفلك ينتظر حتى الصباح لأجل حبات توت؟ أنت المهندس أمير تارهون إن نسيت أذكرك.
أمير بحنق وهو بيعد الهاتف عن أذنه:
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يبدو أنه لن أنام الليلة.
ريحان بصوت مرتفع:
الووو أين ذهبت أميري؟
رد أمير:
معك معك حبيبتي حسنا فوضت أمري للواحد الأحد الصمد، سابحث بين الأزقة علي أجد محلا للخضراوات يبيع توتا بالعادة تلك المحلات تجدين عندها فواكه غريبة.
ذكرته قائلة:
لا تنس أيضا طفلك يريده أسودا ولست أنا.
زفر أمير بحنق ثم أبعد الهاتف عنه ليهمس:
آمنت بالله على هذه الليلة التي لن تنتهي
ريحان عبر السماعة:
ماذا قلت حبيبي؟
رد أمير:
أسود مثل سواد هذه الليلة التي لن تنتهي حسنا.

ودعها وأقفل الخط ثم نظر لهاتفه وابتسم بعد أن كان يتأفف في لحظة انقلب مزاجه، بمجرد سماع صوتها يرتاح وما عساه يصنع غير نيل رضاها ليتحدث قائلا:
مجنونة وابتليت بعشقها ولا دواء لي، حسنا لنعد للبحث عنك يا توت، ثم تحرك نحو السيارة وركبها وهو يردد:
أنت السبب أمير يجب أن تنتبه لكلماتك حين تسمعها شعرا أو لا تقل شعرا بالمرة حتى تلد.
أما هي فقد كانت سعيدة بالعبث بأعصابه متحججة بحملها، ابتسمت ووضعت الهاتف جانبا لتقول:
لأنم سريعا وأستغل غيابه قبل أن يعود وسريعا أغمضت عيونها وغطت في نوم عميق.

مر زمن بعدها وحلت نسمات الفجر الأولى حاملة معها يقين جديد بيوم أجمل وبداية جديدة لعشقهما، ولد الفجر من رحم ظلمة الليل ليشهدهما كما عهدت الأيام الماضية وتعاهدا ليكملا الأيام القادمة بنفس الشغف والعشق.
استفاقت ريحان حينها وبدأت بفتح عيونها بتثاقل كعادتها ثم نظرت لهاتفها لتجد بأنه وقت الصلاة فهمت بالوقوف كي تتوضأ وتصلي، لكن ما إن فعلت حتى أحست بألم شديد برأسها بسبب نومها المتقطع ليلتها، فوضعت يدها على رأسها لتردد:
اوه ما كل هذا الألم أيضا لم تأخر أمير كل هذا الوقت؟ لو ذهب للهند وأحضره لكان عاد ومعه توت ومانجا ايضا، هو هكذا دائما يماطل حتى ينسي الشخص ما كان يريد.
سكنت قليلا ونظرت بجانبها وابتسمت ثم أخذت نفسا عميقا وقامت من مكانها وتوجهت للتوضأ لتأدية صلاة الفجر.
أنهت فرضها ورفعت يديها ودعت خالقها أن يصون جنينها ويهون حملها ويحفظ زوجها وعائلتها الصغيرة ثم إلى مصحفها لا تغير عاداتها مهما حل بها، قرأت شيء من وردها اليومي فارتاحت بطريقة عجيبة ثم عادت لموضعها علها تتمكن من العودة للنوم لكنها لم تستطع، نظرت جانبا إلى مكانه ثم أردفت قائلة:
يا الهي لقد تأخر كثيرا ماكان يجب أن ألح عليه وأرسله في منتصف الليل وهو تعب، منذ متى أصبحت شريرة أنا؟
أمسكت هاتفها واتصلت به لكن لم يرد فقد كان بحديقة القصر وقتها يهم بالدخول للقصر.

أقفلت الخط بعدها وقالت:
ربما يقود السيارة لذا لم يستطع الرد، مالذي يحدث معي أنا لقد غيرني الوحام كليا وقلب كياني رأسا على عقب، لم أكن لحوحة يوما، انت ايها الصغير أنت السبب لقد باشرت في تقلباتك المزاجية أنت وهرموناتي وجعلت من ماما شريرة وهي التي كانت طيبة، حتى أنها أرسلت والدك ليلا للبحث عن التوت رغم أنه قد لا يجده دون أن تحس بتعبه طيلة النهار، أميري أنه اميري انا فقط أنا محظوظة أنه زوجي وعشقي، أرأيت صغيري والدك ليس له مثيل البتة ودائما مستعد أن يفني عمره بأكمله لأجلنا، اسمع سأخبرك سرا أنت محظوظ جدا لأنه هو البابا الخاص بك.
ليأتيها صوته صدخا من هناك:
أليس الوقت باكرا على الأسرار أنت وطفلنا أيتها السيدة الصغيرة؟
تأملته بعين حالمة مبتسمة له بحب كالبلهاء تميل رأسها إلى الجانب، لكن سرعان ما استوعبت وجوده أمامها وأنها تبتسم كالغبية لتهرب ببصرها عنه يمينا و شمالا تنظر في أرجاء الغرفة خجلة وتردد بداخلها:
أسمعني يا ترى؟ يبدو أنه كذلك واضح من ابتسامته تلك أنه سمعني وسمع حديثي مع بطني كالمجنونة، سيظن أني ساذجة وغبية أخاطب حبة سمسم فجرا والناس نيام.
اقترب قليلا ثم جلس بجانبها وهي لاتزال على هيئتها تلك تهرب منه خجلة لكنه اوقف هروبها عنه وهو يضع علبة صغيرة بحجرها ثم أمسك بيدها وقبلها ليردف:
لا أخفيك حبيبتي هذه أصعب عملية بحث مرت علي في حياتي كلها، بحوث الهندسة ولم تكن بهذه الصعوبة وكأنني أبحث عن ابرة في كومة قش، تفضلي يا ماما الصغيرة التوت الذي اشتهيت.
أمسكت بالعلبة تلك مبتهجة وعيونها تتراقص فرحا ثم نظرت إليه بحب وعيون لامعة لتردف قائلة:
حبيبي أنت بطلي يعيش يعيش توت توت ولأجله أموت.
نظر إليها ببلاهة ثم رد وهو يقهقه:
توت توت لأجله تموت فعلا لا طفلة غيرك هنا.
ابتسمت ونظرت لبطنها لتقول بهمس:
صغيري أخبر بابا أن ماما تحبه وتقول له شكرا لأنها أتعبته طوال الليل.
رد أمير ضاحكا:
يا سلام ولم لا تخبرينني أنت وجها لوجه لم يخبرني هو أو هي؟
ريحان بدلع:
هكذا فقط ليس لشيء ثم تخيلها فقط معي وهو يقولها بصوته الناعم.
أمير بتذمر:
تقولها وليس يقولها.
.ردت ريحان:
لا يهم يقولها أو تقولها المهم أحد يقولها، ثم رققت صوتها وجعلته كصوت الأطفال لتنحدث بنعومة أصابته في صميم قلبه لتردف قائلة:
بابا ماما تقول لك أنها تحبك أو مثلا ماما تقول لك أنا اكرهك، لتفجر ضاحكة دون سبب.
طالعها أمير دهشا ثم حادث نفسه قائلا:
ما بها؟ يبدو أنها شربت شيء ذو جرعة عالية أصابها بالهلوسة أو أنه تأثير الهرمونات.
نظرت إليه وإلى عقدة حاجبيه لتتوقف حينها عن الضحك كالبلهاء تضع يدها على فمها لتردد:
احم احم حسنا كنت أمزح فقط كي أنسيك تعب البحث عن التوت، على العموم سلمت حبيبي ربي لا يحرمني منك ومن طيبتك يارب.
ابتسم ونظر إليها مطولا ولكن في نظرته لمحت حزنا لا سعادة حتى أنها أحست بأن تلك الابتسامة قد تحررت من بين دموع سوداء، دموع حبيسة مقلتيه يريد أن يطلقها لكن لا يستطيع، تراكمات فوق تراكمات حتى أضحى طيرا مكسورة الجناح وهي فقط من يمكن أن تجبر كسره لكنه خائف، خائف من يديها أن تؤلمه وخائف من أن لا يطير مجددا.
أحيانا تكون بعض الآلام التي تسكن داخلنا أقوى من شجاعتنا وتحملنا، ومهما حاول المرء إخفائها والمكابرة وإدعاء السعادة إلا أن ما يخفيه القلب والعين يظهر على الوجه.

تحدثت بعد حين قائلة بخفوت:
 أنت بخير أمير؟
نظر برهة ليردف:
بخير حبيبتي لا تقلقي
ربتت ريحان على كتفه تنظر إليه بحب فاستشعر من خلال نظراتها دفء حاوط قلبه المتثلج فتسلل بعض من الدفء إليه لينقشع عنه ذلك الجليد الذي أصابه بشلل المشاعر فتحدث براحة لتقاطع هي تأمله بها قائلة:
لم أحس عكس ذلك حبيبي؟ منذ فترة وانت هكذا شارد أغلب الوقت وحزين أحس أنك تفكر بشيء مهم،شيء لربما مصيري ولعلمك ليس لأنني حامل فقط إحساس عشق لا يخطئ أبدا، كما يقال لدي عين بصيرة.
ابتسم أمير ليلامس كعادته أطراف شعرها السفلية مردفا بخفوت:
ليحفظ لي الله عز وجل البصيرة خاصتي، لا تشغلي بالك مجرد تعب حبيبتي، انظري بعينك عمل مكثف بالكاد أتنفس.
ريحان بحزن:
وأنا بدل أن أحس بك أزيح عنك همك زودت الجرعة وحرمتك النوم.
رد مبتسما:
لكنني سعيد بهذا وعلى العكس لو اشتهيته ولم تقولي كنت سأحزن.
ابتسمت فرحة حينها وزال عنها الإحساس بالذنب ثم أردفت قائلة:
حين تأخرت ولم تجب على هاتفك قلقت عليك هل كل هذه المدة تبحث عن التوت؟
رد أمير:
لا طبعا هل هو في الهند؟ وسط المدينة بيعد عشر دقائق، لكن حين اقترب الفجر انتظرت حتى الآذان ودخلت وصليت جماعة بالمسجد، كم ارتحت حين اجتمعت مع المصلين فعلا صلاة الفجر تفرق مع الشخص إنها مثل مصل للطاقة والعزيمة والبركة والنشاط والتحصن من الشيطان كل صباح وأشياء اخرى كلها خير، ثم عدت على مهل مستمتعا بنسمات الفجر الأولى مع أشعة شروق الشمس فارتحت من تعب العمل قليلا.
ريحان بخفوت:
معك حق أمير إنها صلاة الفجر، تذهب أثر المعاصي من القلب كما يذهب نور الفجر ظلمة الليل الحالكة وتهديك سكينة تبعث في قلبك الرضا واليقين بأن الله معك يسمعك ويراك وسيستجيب لدعائك ويسعدك، أما نفحات الفجر الأولى فهي ترد روحك الضائعة حقا أتعلم لماذا؟
اومأ برأسه مستفهما لتكمل:
لأنها نقية، العصاة يعصون الله طيلة الليل وحين يقترب الفجر ينامون مع تهويدات الشياطين عند آذانهم ولا يبق غير أنفاس الطيبين التائبين تفوح بأرجاء الكون معلنة تفضيلهم للوقوف أمام رب الكون على النوم الممتع والذي يكون عادة أفضله عند الفجر، لذا تجد نفسك مرتاحا مبتهجا بمجرد أن تلامس تلك النفحات وجهك فترسل وميضا لقبك يبعث فيه الراحة وأي راحة، إنها مرسلة من رب العالمين لفؤادك.
ظهرت حلاوة الحديث حين اعتدلا في جلوسهما متاقبلين ليضيف أمير قائلا:
كذلك أشعة الصباح الأولى التي تخطف من الشمس ضياها، مثل الأمل الذي يمحو ألم القلب ومعاناته، وكأنها تخاطبك لتصبحك بالخير والتفاؤل.
ابتسمت قليلا وقالت:
صحيح وصفك دقيق وجميل والحديث معك لا يشبع منه، يجب أن نخرج يوما عند البحر قليلا اشتقت لأحاديثك.
أمير بحب:
بأمر جميلتي أنا فقط انتظري حتى أنهي ما علي من عمل.
أومأت بالإيجاب ثم فتحت العلبة وأخذت تأكل من حبات التوت مباشرة دون فاصل وبنهم أيصا وهو ينظر إليها سعيدا، لكن توقفت فجأة ووضعت يدها على فمها لتقول ضاحكة:
ييه نسيت أن أغسله يا ويل حالي أنا ماذا أصابني؟
رد أمير:
وهل أنسى أنا شيء كهذا؟ كنت أعلم أنك ستأكلينه دون التفكير في غسله حتى فغسلته وجففته وأحضرته لك جاهزا كم عشق نملك نحن؟
ريحان بابتسامة رضا عريضة:
شكرا بابا يا من تدللني بزيادة ثم تناولت حبتين مع بعض لتصدر صوتا مستمتعة بطعمه ثم أردفت:
 شهي حقا لكن ليس حامضا كما أريد.
اقترب ليقول:
أطعميني أنا أيضا.
أطعمته حبة كبيرة من بين الحبات ليقشعر وجهه مباشرة وأخذ يسعل بقوة ثم ابتلع تلك الحبة بغصة ليردف قائلا:
يا الهي ما هذا وتقولين ليست حامضة أيضا؟ نها أكثر حموضة من الليمون يا مجنونة، يعني حرمتني النوم من أجل توت لا يؤكل.
ابتسمت لترد:
بالنسبة لك أقوى من الليمون أما بالنسبة لي فليست حامضة يعني اريد شيء أقوى، ثم ما هذه حرمتك النوم؟ لا تمن علينا سيد أمير.
رد أمير:
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ريحان ضاحكة: 
نعم هذه فوائد الزوجة النكدية تجعلك تذكر الله عز وجل كل حين.
ابتسم بحب وكف عن الحديث ليتركها تأكل على راحتها، تناولت ما استطاعت من التوت الذي بين يديها، كانت هي تستمتع بكل حبة تتذوقها بينما هو يقشعر مكانها وكأنه هو من يتذوق تلك الحموضة وليس هي وهكذا حتى أكلت نصف العلبة ثم نظرت إليه وتنهدت براحة فطالعها مستفهما لتردف هي:
تعال لنخرج للخارح قليلا أريد أن أستنشق بعض الهواء النقي.
أمير بتذمر:
نقي؟ على أساس هواء الغرفة يخنق.
ردت ريحان وابتسامة خفيفة مرتسمة على شفتيها:
لم أقصد شيء بكلامي لم فهتها بشكل خاطئ؟ ثم أنت قلتها منذ لحظات نسمات الفجر العليلة ترد الروح.
تحدث أمير:
حسنا حسنا طبعا كعادتك تجدين الأعذار لكل شيء.
سكتت تنظر إليه مذبهلة ولم ترد.
خرجا وتوجها للجهة الأخرى من الحديقة ليجلسا مقابلين المسبح، لكنها بدل أن تشاركه كرسيه جلست على بعد منه قليلا فنظر إليها لحظات ثم قال:
اقتربي.
نظرت إليه قليلا لكنها لم تتحدث بشيء ليقول مبتسما بحب:
حسنا حبيبتي المهم أن تكوني مرتاحة ابقي هناك إن شئت.
نظرت إليه مبتسمة ثم جلس على المقعد هناك وهي كذلك ليعم الصمت للحظات بعدها.
كان ينظر للأفق بينما هي تنظر إليه فحدثت في نفسها وقالت:
هو حزين أنا متأكدة من أن هناك شيء يشغله، إنه أميري أنا أحفظ تعابير وجهه حين يحزن وحين يسر وحين يغضب، حتى لو لم يظهر هذا ولم يعترف بذلك لكن انا أحسه إنهه نصف روحي الثاني الذي لا يكتمل نصفي الأول إلا به، قط لو أعرف ما يزعجك وما هو الشيء الذي يأخذك مني هكذا كل حين ويفصلك عن واقعنا الجميل الذي نتشارك معا، ما الهم الذي تحمله أمير؟ دعني أحمل عنك شيء منه، ما نفع زوجتك إن لم اشارك الضراء قبل السراء؟
تنهدت بحنق ولا تزال تنظر إليه عله ينتبه أنها بجانبه لكنه شارد هناك ضائع بين الآه والتيه.
لم تستطع تمالك نفسها أكثر لتقوم من موضعها وتذهب إليه وتجلس بجواره صامتة فقط تنظر إليه وتبتسم ابتسامتها المشرقة التي تنافس أشعة الصباح المتوهجة من السماء، لا بل انتصرت ابتسامتها على الشروق ليوجه نظره إلى مبسمها متناسيا الشروق الذي أمامه فلا سحر قد يأسره أكثر من ضحكتها الفاتنة التي كانت سبب عشقه لها.
تنهد براحة حين ناظرها فهي سكينته وتحدث داخله وهو ينظر إلى عمق عينيها ليقول:
سأخبرك يكفي أسرارا أنت صنعت لي السعادة ويجب أن تناليها أيضا، فقط انتظريني حتى أتشجع وأجد وقتا مناسبا لذلك وأخبرك بكل شيء أعدك حبيبتي.
أومأت برأسها مستفهمة لكن دون أن تتلفظ بحرف ليميء هو الآخر برأسه ويرد بالنفي دون حديث ايضا.
اكتفت بتلك الإشارة منه ولم تتلفظ بحرف منها ثم أخذت نفسا عميقا واقتربت أكثر منه ووضعت رأسها على كتفه، يالها من راحة للفؤاد وجدها بمجرد أن لامست وجنتها كتفه المتشنج، وعلى كتفه تمردت كل الألوان وسكن الأبيض ليزهر سلاما داخلها انتشر داخلها بمجرد لمس وجهها لكتفه.
هكذا بقيا على حالهما هو يراقب الشروق النابع من وجهها لا من شمس الكون وهي الجميلة التي نامت بهدوء على كتف زوجها قريرة العين فقد وجدت الأمان والسكينة، ذلك الشعور الذي ما إن لامس القلب الثمل بالأسى التعب من الأحزان حتى يلاقي الراحة والهدوء.

مرت عدة أيام بعدها زادت تقلبات ريحان المزاجية بسبب الحمل وأصبح تأثير الوحام واضحا عليها أكثر وأكثر، أحيانا تشتهي شيء غريبا وأحيانا أكلة فتحضر لها من يدي مليكة سريعا، وأحيانا تأتيها نوبات بكاء وأحيانا تكون على طبيعتها، لكن الشيء الذي كان يزعجها أكثر هو غثيان الصباح حين تستفيق فبالكاد تطيق نفسها ومن حولها، وهكذا مرت عليها الأيام.
أما أمير فلم يتفانى لحظة في إحضار ما تشتهي أو صنع مارغبت به، وتقبلها كما هي وأنها تنفر من رائحته لكنه ورغم ذلك لم ينزعج ولم يزعجها بل تركها لتقلباتها، وتابع تغيرها ووحامها بتفاصيله بل كان سعيدا بكل شيء يأتي منها، يلعب على أعصابها حينا ويحتويها حينا وهكذا.

أتى اليوم الذي قرر فيه أمير السفر لأنقرة لعدة أيام ومتابعة المشروع هناك فقد كان موقع المشروع هناك.
استفاق صباحا واستحم ثم ارتدى ملابسه ووقف يعدل من مظهره أمام المرآة بينما هي فقد كانت واقفة بصمت تنظر إليه وتراقب كل حركة يقوم بها بعيون دامعة.
تحركت قليلا نحو الدرج وسحبت ربطة عنق أنيقة من هناك وتقدمت منه لتقوم بوضعها على ياقة قميصة لتساعده على ربطها، 
أما هو فقد كان يتحاشى النظر بمقلتيها كي لا يحزن ويحزنها أكثر فهو يدرك أنها لا تريد فراقه ولو أياما معدودة.
تحدثت وهي تعدل ربطة العنق تنزل عيونها للأسفل تهرب من عينيه لتردف بحنق:
ستجد كل شيء تحتاجه بالحقيبة، أيضا وضعت لك لباسا دارجا بزيادة أعرف أنك تمل من البدل وقد تحتاجه لذا قلت يا فتاة ضعي زيادة لن تذهب هباء، أيضا إياك أن تهمل أكلك أعرف أنك تحب طبخي لكن لابأس حتى الفنادق الذي ترتاد فخمة يعني طعامهم راق، أيضا لا تنس اتصل متى وجدت الوقت، لن أكثر أنا الإتصال بك سأتركك على راحتك حتى تتصل إلا إذا حدث شيء لا سمح الله، أيضا نم جيدا وسق على مهلك كي لا ينشغل بالي.
وضع يده على خصرها ثم لامس ذقنها بيده الأخرى ورفع رأسها إليه ونظر بعمق مقلتيها وقال:
انظري إلي دائما لا تبعد بصرك عني، تعلمين أن سر حياتي في عينيك.
حاولت الصمود لكن لم تستطع فاغرورقت عيونها دمعا ليردف:
لا أريد دموعا أريد فقط ضحكات تعينني على مشقة السفر، هيا جميلتي أرني تلك الحفرة التي تظهر هنا كي أرتاح.
نظرت إليه قليلا بعد ثم تنهدت وابتسمت لكن سرعان ما تحولت تلك الضحكة لدمع جار ينزل على مقلتيها مجرى الماء على التلال.
أمير بخفوت:
عشق رجاء ليس الآن لم تبكين؟
ردت ريحان:
لم برأيك؟ لأنك ستسافر وتتركني
رد أمير:
كلها ايام حلوتي وأعود إليك، أيضا سأذهب إلى أنقرة ليس لخارج المجرة ولو لم يكن السفر يشكل خطرا على حملك لذهبنا سويا لا بأس نعوضها حين تلدين على خير.
ردت ريحان بعيون دامعة:
حسنا سأكف عن البكاء.
ابتسم أمير ولامس وجنتها بحنية ليردف:
انظري إلى الجانب المشرق من الموضوع، سترتاحين من رائحتي اياما وتنامين لوحدك بالسرير وتمدين رجليك كما تشائين دون أن تتذمري وتقولي أمير انت تأخذ المساحة الأكبر وتحشرني في الجانب هيا ابتعد قليلا.
عقدت حاجبيها وضربته على كتفه وضحكت ثم قالت:
أنت احمق لم تستهزئ بأحزاني؟
أمير ضاحكا:
أنا؟ لا طبعا أنا أصرف نظرك للجانب الممتلئ من الكاس.
ريحان بابتسامة مصطنعة:
شكرا.
أمير بخفوت:
لا ليس هكذا يا قطنتي أريد رؤية أسنانك
ابتسمت حينها حتى ظهرت كل أسنانها ثم أردفت:
هكذا؟
رد أمير:
تعالي.
اقتربت ووضعت رأسها بصدره وتنهدت بقوة وقالت:
اعتن بنفسك.
رد أمير:أنت أيضا لاتهملي غذائك بغيابي عديني بذلك
ردت سريعا:
أعدك
كان يمسح على شعرها بحنان وهي بصدره ثم تنهد وقال بعد حين:
حلوتي أبقى هكذا طوال عمري لكن سأتاخر على طائرتي.
رفعت راسها عن حضنه لتقوم بمسح دموعها بينما هو اكتفى بالنظر إليها مبتسما.
تحدثت بحنق لتقول:
 لا تلمني فآخر مرة سافرت بها أصبت لا أعلم لست متفائلة.
رد أمير مازحا:
عشق ليست متفائلة منذ متى؟
ردت ريحان:
لا أدري ربما بسبب الوحام لا أكثر.
رد أمير:
كلها أيام تأكدي ستمر بسرعة وسنتحدث بكل وقت اتفقنا؟
سكتت حينا قليلا ثم تحدثت قائلة:
حبيبي وبخصوص ما تحدثنا به البارحة؟ لم تقل شيء
رد أمير بجدية حينها:
حين أعود من السفر سنتناقش ونسأل دكتورتك إن كان هذا لا يشكل أي مشكلة على حملك يمكنك العمل لكن بشرط
ريحان:ماذاحبيبي؟
ابتسم ورد:
ستعملين في الشركة.
ردت ريحان قائلة:
حسنا دعنا لا نتحدث بهذا الموضوع حتى تعود على خير ان شاء الله.
رد أمير يلامس وجنتها بحب:
إن شاء الله حلوتي، هيا لنخرج لا أريد أن نتأخر.
توجها مباشرة للإفطار ليقوم بعدها أمير بتوديع عائلته والصغيرة ثم توجه للمطار بسيارة المنزل لترافقه ريحان أيضا بعد أن أصرت أن توصله للمطار.
لم تتركه لحظة حتى حان نداء طائرته ليقوم من مكانه وهي بجانبه تمشي ويدها تشبك يده
توقف أخيرا عند البوابة التي تقود للطائرة ثم اقترب وقبل جبينها بحب ثم نظر بعينيها لتبادله نفس نظرة الحب ثم أردفت قائلة:
اعتن بنفسك جيدا ولا تفكر بشيء عدر عملك، سنكون أنا وطفلنا بخير لا تقلق.
رد أمير بحفوت:
أعرف ومتأكد أيضا فأنت عشق القوية.
ابتسمت وما بكت قط لقد تحملت لأجله تطالع عيونه بحب، ثم فتحت حقيبتها قبل أن ينصرف وأخرجت سلسلتين من فضة كل سلسلة بها نصف تفاحة، نظر إليها مستفهما لتقول:
هذه كانت لأمي وابي كل منها يشكل نصف تففاحة وحين يندمج النصفين تصبح تفاحة مكتملة والآن نصف لي ونصف سيبقى معك نحن نصفي تفاحة نكمل بعضنا البعض.
ابتسم ببهجة ليردف:
أنت يعني أنها لوالديك لكن إن كانت كذلك كيف سآخذها؟
ردت ريحان:
أنت أصبحت كل شيء لي أنت نصف التفاحة الذي يكملني ومن دونك أضيع لذا احتفظ بنصفك وسأحتفظ أنا بنصفي.
ابتسم ثم فتح ذراعيه ليقوم باحتضانها بقوة مقبلا رأسها ثم فصل الحضن وقبل يديها وودعها للمرة المليون، تقدم نحو الممر قليلا لتناديه:
أمير.
التفت إليها ونظر ناحيتها بحب لتقول:
لا اله الا الله.
رد قائلا:
سيدنا محمد رسول الله، ثم مشى دربه نحو الطائرة وهو يمسك بسلسلة نصف التفاحة بقوة إلى حين غابت عن بصره.
توقف قليلا ينظر للخلف ثم عاد وتحرك للأمام ليقبل السلسلة ويردف قائلا:
أنت نصفي الجميل.

إلى هنا تنتهي حلقة الليلة من #عشق
قراءة ممتعة♥️



الفصل الثالث والثلاثون من هنا 


 

تعليقات



×