رواية عشق الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم كنزةالحلقة الثالثة والثلاثون من رواية #عشق عنوان الحلقة: لفرط ألمها تحررت، نبتت لها جناحان وقد ينگسـر في آلروح شـيئآ لآ يجبرهہ ألف أعتذآر💔 القسم الأول: خرجت من المطار تجر جسدها بصعوبة وكأن شيء يجذبها نحوه إلى أن وصلت إلى السيارة، ركبت بكل هدوء تحاول أن لا تبكي، انطلق سفر بها عائدا إلى القصر لكن بالطريق تحدثت هي قائلة: أخي سفر. رد سفر: تفضلي يا خانم ردت ريحان: بدون ألقاب أخي أنا ريحان فقط. رد سفر: حسنا تفضلي ريحان بحزن: خذني إلى مكان هادئ على البحر قليلا قبل أن نعود للقصر أريد أن أبقى لوحدي قليلا. رد سفر: حسنا كما تشائين، مارأيك أن نذهب إلى برج الفتاة؟ ريحان بحنق: لا أخي لن أتحمل دوار البحر. رد سفر: حسنا سنذهب إلى الساحل بجانب المسجد الأزرق المكان هناك جميل جدا. أومأت بالإيجاب ليغير سفر مسار الطريق بعد دقائق. توجهت عند الساحل وقتها ونزلت وبقيت مدة هناك جالسة بسكون مستمتعة بالبحر وتتأمل المارة من هناك وتفكر به، كانت تتذكر أشياء عاشوها من تلك الذكريات الجميلة المتفرقة، تنظر للبحر مبتسمة سعيدة، هي تعيش السعادة حقا. كانت تسمع كل شيء حولها يهمس ويخبرها أنها محظوظة به، معه فقط تضحك دون حواجز، معه فقط تحرر تلك الطفلة التي تكمن داخلها، معه فقط لا تدعي المثالية التي يدعيها الكبار وتكون العفوية بذاتها، معه فقط لا تخجل من حزنها إن حزنت ولا من غضبها إذا غضبت ومعه فقط تكون ضعيفة وقوية وتكون عاشقة وحالمة، أمه وابنته وصديقته وحبيبته وزوجته الصالحة. قطع تلك السكينة صوت هاتفها حين رن لتجده سونا وقد سألت عن سبب تأخرها في العودة لتطمئنها بأنها بخير فقط تريد البقاء لوحدها بعض الوقت أمام البحر عل قلبها يهدأ ويكف عن طلبه بجنون، ثم أضافت سونا قائلة: ريحان سأخبرك شيء لكن تمالكي أعصابك. ريحان مستفهمة: ماذا هناك سونا؟ لا تشغلي بالي حبيبتي ردت سونا: أنا سألتقي بالمسمى كنان بعد قليل، أستغفر الله العظيم حتى اسمه لا أطيقه. ردت ريحان بحماس: لا أصدق ما أسمع حبييتي أحقا ما ستفعلين؟ ثم سكتت قليلا وفكرت ثم أضافت: أنت متاكدة سونا لم لم تخبريني بأنك ستفعلين هذا؟ سكتت سونا قليلا تفكر ثم ردت قائلة: لم أشأ ازعاجك فقط حبيبتي أصلا كنت حزينة لأجل سفر أخي، لذا قلت ليسافر على خير ثم أخبرك. ردت ريحان: دعك من أمير الآن هو بالطائرة حبيب قلبي أجيبني فقط هل انت فعلا متأكدة؟ تنهدت سونا بحنق لتردف: متأكدة عشق كما اسمعك الآن. سكتت ريحان برهة لتناديها الأخرى عبر الهاتف فتحدثت حينها لتقول: لكن أريد القدوم معك. ردت سونا سريعا: لا لا أنا سأخرج الآن لكن أحببت أن أخبرك فقط لنبق، على تواصل لا أدري ما يمكن أن يحدث معي قد يغمى علي مثل المرة الماضية ولا أريد أن يسعفني. ردت ريحان: أين ستلتقيان وهل اتفقت معه؟ سونا بخفوت: بكافيه في وسط المدينة، بعثت له رسالة وسأكون هناك بعد مدة وسانتظره، أصلا هما كلمتين وستكونان الأخيرتين سأقولهما وأعود أدراجي وبعدها لن يظهر بحياتي مجددا مهما حاول. ريحان مستفهمة: متأكدة أنه سيأتي؟ ردت سونا: لقد أجاب بأنه سيأتي برسالة أيضا. تحدثت ريحان قائلة: أرسلي لي العنوان كي أكون معك. ردت سونا: لا يوجد داع لا تتعبي نفسك حبيبتي قلت ساذهب لوحدي ساداكون شجاعة ولو لمرة ساكون نفسي، لا أريد الاتكاء على أحد ، أريد الإعتماد على نفسي فقط. تنهدت ريحان بصيق لتردف متعلثمة: أنا لا لن تذهبي لوحدك لن اسمح بهذا، قد يؤذيك أو قد تتأذين من نفسك، لكن أعدك سابقى بعيدة فقط دعيني أكون بجانبك في هذه الخطوة. سونا بخفوت فرحة لأنها ألحت أن تأتي معها: حسنا سأنتظرك إذا ونخرج معا، أنا أثق بك ريحان أنت أختي التي لم تلدها أمي. أففلت ريحان الخط ثم وقفت وأخذت نفسا عميقا وكأنها تخزن هواء البحر العليل داخل جوفها ثم تحركت نحو السيارة طالبة من سفر أن يعيدها للقصر. لم يمض الكثير حتى كانت سونا داخل الكافيه بينما ريحان فقد فضلت البقاء بالسيارة وانتظارها. كانت سونا جالسة تنتظره، كيف تجرأت وفعلت ذلك لا تدري المهم أنها ستفعلها، كان باد عليها التوتر من حركة يديها المتعرقتبن وارتجافهما كيف لا وهو من دفنها بسابع أرض وهي حية ترزق، كيف لا ولا تراه إلا وحشا يريد التهامها، كانت تنظر لمن حولها وكأن الجميع ينظر إليها ويشير بأصبعه عليها بأنها خائفة، حاولت أن تداري خوفها وتستجمع شجاعتها ثم أخذت تتنفس بهدوء كي تخفض من توترها ذاك لتردد: أنت لست سونا القديمة أنت مختلفة وقوية، لن تستسلمي حتى لو لم تجدي سندا أنت قوية، يكفي أنك تجاوزت كل ذلك الألم بأمل واستطعت أن تبتسمي للحياة، انت حين تنظرين لانعكاسك بالمرآة تثقين بنفسك أكثر لا تخجلين منها، اهدئي فقط اهدئي. قاطع محاورة نفسها صوته الذي لا تنساه أبدا ليقول: مرحبا. نظرت إليه مباشرة لتجده واقفا أمامها فعلا فاتسعت عيونها للحظة حين رأته وزادت نبضات قلبها الجريح أكثر، كل جسدها أصبح يتعرق فجأة، لقد تغير كل ملامحه متغيرة، ربما كبر قليلا أو لربما نقص وزنه عن آخر مرة رأتها به أو لربما زاد، لم تفهم شيء من شيء تكاد لا تستوعب أنها فعلا تواجهه وهي التي كانت ترتعب من ذكر اسمه أمامها لكن بعد لحظات من صدمتها تلك تحدثت بشجاعة وقالت: لم عدت؟ لم يجلس هو حتى بل بقي مكانه واقفا ينظر إليها للحظات، هو من كان مهزوما وليس هي، هو من كسره الندم وخنقه الذنب وليس هي، هو من أتى طالبا الغفران وليس هي، هو أيضا كان يتألم وليس هي فقط فتنهد بضيق ثم تحدث قائلا: عدت أطلب غفرانك. سكتت برهة حائرة فلم تصدق أذناها بعد، هل فعلا ماقال أم أن شدة توترها جعلها تتوهم؟ تنفست بعمق ثم ابتسمت ابتسامة خفيفة ساخرة وأجابت: اسمعني جيدا إن كنت عدت لتنتقم وتكمل ما بدأت به فأنا لم أعد سونا الساذجة التي عرفتها قبلا والتي أحبتك كالحمقاء لا والله لم أعد كذاك ثم فتحت مقلتيها أكثر دون خوف ونظرت إليه مباشرة وأكملت بكل ثقة: صدقني تلك الفتاة ماتت لحظة اغتصبت روحها وضحكتها بقسوة والتي أمامك واحدة لا تهابك. كان ينظر إليها بحزن ويتلقى كلماتها الكلمة تلو الكلمة كالرصاص بصدره فلم يستطع النطق بحرف. أكملت وقالت بنبرة قوية وهي تنظر بعينيه رغم دمعها الذي ينزل غزيرا على وجنتيها: أما إن كنت حقا عدت لطلب الغفران كما تدعي فأنا لن أغفر ولن أسامح ولو مر على ذلك مليون سنة، ولا أنصحك بالمحاولة ثانية لأنك لن تجني شيء أنت ميت بالنسبة لي، لذا أنصحك أن تحفظ ماء وجهك وتعود من حيث أتيت، والآن عن إذنك. انصرفت من أمامه حتى دون أن تترك له مجالا للحديث بحرف واحد تجر كرسيها الذي كان خير دليل على ما صنعه بها، نعم تمكنت منه وأذاقته من نفس الكأس الذي أذاقها قبلا فأحس نفس الشعور وهو الإنكسار والخذلان. وقف ينظر إليها وهي تحرك كرسيها وتخرج من الكافيه دون الإلتفات له، تركته متسمرا مكانه كتمثال وضع للزينة، فأيقن فعلا أنها ليست سونا القديمة، متى استطاعت وكيف استطاعت أن تقف بتلك القوة الجبارة أمام شيطانها دون خوف وتوجهه؟ لقد تمكنت أخيرا من تحدي خوفها الذي تمكن منها وأكل مشاعر الفرح داخلها فأردت بنت العشرين عجوزا في الستين، لكن الآن ما عادت تخاف ولا تهاب ولا تولي الأدبار خطوتين كلما تقدمت نصف خطوة، لقد دخلت للكافيه بشخصية وخرجت بشخصية جديدة إنها الآن حرة. عادت للسيارة وفي ذلك الحين كانت ريحان تنزل الهاتف من على أذنها بعد أن تحدثت مع أمير الذي أخبرها بأنه قد نزل بأرض أنقرة بخير. نظرت ريحان إلى سونا ثم نزلت من السيارة سريعا مهرولة إليها فضمتها بقوة لتردف: أنت بخير حبيبتي؟ خفت عليك نظرت إليها سونا لحظة ثم انفجرت باكية فلم يعد بمقدورها التحمل أكثر، لكنها كانت دموع فرح لا حزن لتردد قائلة: لقد تحررت أنا تحررت من سجني وحررت نفسي بنفسي ريحان، لم أعد سونا الضعيفة التي يشار إليها بالأيدي، لم أعد تلك الفتاة الجبانة التي يستعطفها كل الناس ويجارونها ويخافون على مشاعرها وكأنها طفلة ستبكي بسببة أي شيء، لا أنا الآن مختلفة وسعيدة جدا. نظرت ريحان لسفر لتطلب منه أن يساعد سونا في ركوب السيارة، ثم نظرت إليها لتقترب وتحتضنها بقوة إلى صدرها وتركتها تبكي تخرج كل الطاقة السلبية ثم أردفت: سنتحدث داخل السيارة. مسحت سونا دمعها براحة يدها ثم تنهدت براحة أخيرا وقالت: دعينا نتحدث بمكان هادئ لوحدنا ونشم هواء نقيا أفضل من هذا فوجوده هنا يخنق المكان، ولا أريد العودة للقصر الآن سيظهر علي التوتر والحزن، لا أريد لأمي أن تحقق معي أنت تعرفينها لن تهدأ حتى تعرف ما بي ولم خرجت مسرعة. ناظرتها بفخر سعيدة بها فقد تمكنت من ضعفها وتجاوزته رغم أن العاصفة كانت هوجاء لكنها استطاعت أن تتجاوزها متسلحة بالإيمان، أيقنت أن لا سبيل للخلاص إلا بمواجهة خوفها، صحيح أخطأت مرة لكنها لم تستسلم وحين جربت الثانية أصابت. ربتت ريحان على كتفها فناظرتها سونا مبتسمة لتردف هي قائلة: حسنا حبيبتي سنذهب أين تشائين المهم أن ترتاحي ردت سونا: لن أكون أحسن من هذه اللحظة صدقيني، الآن فقط أستطيع أن أبتسم دون خجل وأستطيع أن أقول لكل الكون أنني رغم شللي لست ضعيفة، وأستطيع أن أتنفس بحرية دون أن تخنقني يد الحزن. ابتسمت ريحان وتنفست براحة فقد أحست فعلا بها فهي أكثر شخص يمكنه أن يحس بسونا ليس لأن قصتهما متسابهة فقط، كذلك لأنها أختها قطعة من روحها. تحركتا أخيرا نحو السيارة، في هذه الأثناء خرج كنان بخطى متثاقلة من الكافيه يحمل هاتفه بيده يتحدث مع سكرتيرة والده ليطلب منها أن تحجز له طائرة إلى لندن بعد يومين لا اكثر، لقد قرر السفر دون تفكير أو تردد فوجوده هناك لم يعد له أي داع، جاء بكسرته وعاد بكسرته، استسلم وأيقن أنها لن تغفر له ذنبه مهما سعى إلى ذلك، ذلك الذنب الذي لن يفارقه مهما هرب منه حتى لو دخل إلى جوف الأرض أو بلغ عنان السماء سيظل يلاحقه شغل سفر السيارة ليقع اختيار سونا على أحد الحدائق داخل المدينة. تحدث سفر قائلا: قد نتأخر قليلا بسبب زحمة المرور. تحدثت ريحان قائلة: لا بأس سفر نستمتع بالطريق ليس وراءنا شيء. كانت كلا منهما في واد غير الأخرى، فريحان اختطفتها ذكرى الماضي وجالت بها عند مراسي الأحزان، للحظة انقبض قلبها ولكن سرعان ما استعادت يقينها بأنه ماض وولي عهده ولن يعود مهما حصل، أما سونا فكانت تقارن بين حالتها في الماضي ووضعها الآن، كانت ضعيفة واضحت قوية، كانت جبانة وفجأة اكتسبت القوة لتقف بوجهه وترد له الصاع صاعين حين عزمت علي ألا تسامحه، كانتا تفكران بحياتهما ولكن المشترك بينهما الآن أن كلتاهما تذوقتا كأس الشجاعة والمواجهة فأشرقت حياتهما وتبدلت أحوالهما من الظلمة الي الضياء ومن الحزن الي الهناء ومن البكاء الي جُل الابتسام. وصلتا بعد فترة وجلسنتا هناك على أحد الكراسي، كانت كل واحدة صامتة تنظر للمكان والمارة، لم تستطع ريحان حينها أن تتلفظ بشيء فقط تركت سونا على راحتها تنتظر أن تتحدث وتخرج ما تبقى من الشوائب التي تنخر في زاوية فرحها. مرت دقائق من الصمت سكنت الحروف في الحلق فلا يسمعان إلا الجلبة التي حولهما، لكن هل ستبقى هكذا؟ تحدثت سونا أخيرا وأسمعت صوتها لنفسها وريحان وللعالم اجمع وقالت كل ما يجب أن يقال، وبكت وتألمت وغصت ثم سكتت ثم شهقت ثم عادت وتحدثت، أخرجت كل ما حملته بداخلها من وجع خلال تلك السنتين بأيامها ولياليها الطويلة التي كانت ما تكاد تنتهى حتى تنهيها، نعم تحررت سونا الرقيقة أخيرا ورمت كل شيء للبعيد إلى تلك العاصفة التي تجاوزتها أخيرا، والآن عادت منتصرة. كانت هي تتحدث وريحان تبكي دون النطق بحرف واحد حتى أنها لم تستطع الإقتراب منها أو لمسها وهكذا حتى توقفت سونا عن الكلام وعيناها منتفختين من كثرة البكاء. نظرت إليها ريحان حينها وزفرت بحنق لتردف قائلة: أنت شجاعة حقا لا تظني أبدا أنك عكس ذلك، أنا ما رأيت يوما شخصا يتحمل كل الذي تحملت. تنهدت بحنق لتردف: لا تجاملي ريحان. ابتسمت ثم مسحت على وجنتها بحب لتردف: حبيبتي أنا لا أجامل أصلا أنا أقول الحقيقة في وجه الشخص، الحياة مجرد كتاب غير أننا مجبورين على أن نعيش صفحاته بالترتيب، ولا يمكننا إختيار الصفحة التي نشاء، فارضي بكل شيء فلربما تكون الصفحه القادمة أجمل، أليس الله مع الصابرين؟ ابتسمت سونا وردت: ونعم بالله حبيبتي ريحان بخفوت: اسمعي حلوتي، لقد جعل الله لنا في القرآن أمنا وطمأنينة من كل هم وحزن، وفي القرآن الكريم أيضا هدي وشفاء لكل ما يصيب النفس من أذى من مشاق الدنيا ومتاعبها، وعلى كل صاحب هم وكرب أن يلجأ إلى كتاب الله عز وجل ويتدبر فيه، ويتصبر ويعتبر من قصصه، فقد جعل الله لنا في بلاء الأنبياء والصالحين موعظة وعبرة، وشفاء لما في الصدور، كما جاء في قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا. " عودي لخالقك وعودي لقرآنك حبيبتي، فقط هناك ستجدين السكينة. ابتسمت سونا وردت: سأفعل سأفعل أعدك حبيبتي فلا راحة للخلق إلا عند رب العزة. ريحان بخفوت: ليس هذا فقط، عديني أيضا أنك لن تهني ولن تستسلمي أبدا. ردت بحب: وهل عساي قول شيء؟ طبعا أعدك زوجتك أخي. ريحان بحب: نعم هكذا أريدك لا يهزمك شيء ولا يهزك شيء، على من سؤأمن أنا أطفالي؟ سونا ضاحكة: على عمتهم طبعا تحدثتا قليلا بعد عن أشياء مختلفة بعيدا عن كل ما هو محزن ومؤذي ثم تحركتا بعد فترة عائدتين للقصر، الفرق هنا أن سونا ستعود مختلفة وما إن وصلتا حتى ذهبت كل واحدة إلى غرفتها لترتاح قليلا. مرت عدة أيام بعدها. خلال تلك الأيام بالتحديد كان أمير وريحان يتحدثان كل يوم وكل ليلة قبل النوم مطولا، فكان يحكي لها تفاصيل يومه كيف مر يقدم تقريره لمحبوبته بكل حب رغم أنه كان روتينيا ومن اجتماع إلى اجتماع إلى موقع البناء إلى الفندق لكنها كانت تستمع إليه بحب ودون ملل، يقدم تقريره لها بكل رضا وحب فلا يترك أي تفصيلة مهما كانت صغيرة فهو يدرك أنها تسر بذلك. كانت تعيش كل الأحاديث وكأنها معه سعيدة به وتنام كل ليلة على صوته وهو يغني لها ويدندن علهما يستطيعا تجاوز الشوق ولوعته، تلك اللوعة التي توقد داخل القلب ولا سبيل لإطفائها غير وجه الحبيب ومبسمه وطيب رائحته، ومن لم يجرب لوعة الشوق فهو ليس عاشقا. جاء يوم عودة أمير من السفر وقد كان ذلك يوم هو يوم موعد ريحان مع دكتورتها أيضا. تجهزت ريحان وخرجت مع الخالة مليكة نحو عيادة الدكتورة ولكن قبل أن تركب السيارة تحدثت لمليكة وقالت: إذا اتفقنا خالتي، أنا سأذهب لموعدي مع الدكتورة وأنت تذهبين إلى البيت، أنا لا يمكنني الإتكال على أحد في هذه المهمة أنا لا أثق بغيرك، جهزيه وحضري ما يشتهي من أكل انا سانهي موعدي وأذهب إلى الشركة لافاجئه وإن استطعت سأحضره هناك مباشرة اتفقنا إذا؟ ابسمت مليكة لتردف برجاء: لو كنت ذهبت معك فقط يا ابنتي. ردت ريحان: لا خالة لا تتعبي نفسك كله موعد روتينبي ثم أنت لديك مهمة قومية لا تنسي هذا، هيا كل لعمله. ردت مليكةضاحكة: أحب أنا المهام القومية، أنا لها لا تقلقي أنت اذهبي لموعدك وطمئنيني بعد أن تخرجي من هناك. ردت ريحان: إذا سأطلب كل يوم شيء منك إن كان هكذا. مليكة بحب: أنتم فقط كونوا سعداء وأنا أقدم عيوني لكم. ابتسمت ريحان وشكرت الخالة ثم ركبت السيارة متوجهة لدكتورتها، اتفقتا بالطريق أن تترك السيارة لمليكة على أن تأخذ سيارة أجرة لاحقا وتتجه بها للشركة. توجهت للعيادة ولكن وهي بالطريق اتصل أمير بها، حملت هاتفها سريعا وردت دون تردد ليقول هو مازحا: اوه ماهذه السرعة عشق؟ يبدو أنك تنتظرين اتصالي بفارغ الصبر. ردت ريحان متذمرة: الله الله يبدو أنك اشتقت للشجار لا لعشق؟ رد أمير: وهل أستغني عن عشق أو عن مناقراتها؟ اشتقت لكل شيء كل شيء، أنا أعد الثواني لرؤيتك. ردت ريحان بدلع: و أنا أيضا أعد الثواني لرؤيتك حبيبي. سر قلبه وابتهج ليردف بعدها قائلا: هل وصلت للعيادة؟ ردت ريحان: نعم أنا عند الباب حبيبي أمير على عجل: وأنا متجه للشركة كما أخبرتك سأحضر هذا الاجتماع الذي ظهر فجأة وأركض الى ذراعيك بعدها مباشرة عل نيران الشوق التي تحرقني تنطفئ. تنهدت براحة لتردف: الحمد لله وأخيرا عدت لا أخفيك حبيبي أسابيع مرت كأنها سنين، حسنا أمير سأنهي موعدي مع الدكتورة وأنت أكمل عملك وعد إلي سىريعا لا يسعني الإنتظار أكثر. ابتسم أمير ورد: طمئنيني ماذا ستخبرك الدكتورة لا تنسي هيا نلتقي عشقي سأقفل لحظة لحظة عشق. ردت ريحان: نعم أمير أمير بخفوت: قولي لي أحبك قبل أن تقفلي أريد جرعة من الطاقة كي لا أختنق في هذا الإجتماع. ريحان بحدة: أمير أنا في الشارع الآن سأقولها لك لاحقا حين تعود. رد أمير مصمما: لا الآن سكتت قليلا ونظرت حولها وحين تأكدت أن لا أحد هناك تحدثت بهمس قائلة: أنا أحبك يانصف تفاحتي أمير بحب: وأنا أحبك يانصف تفاحتي، صاحب سيارة الأجرة مصدوم. ردت ريحان بهمس: أنت مجنون ليكن بعلمك، هيا أخبرني قبل أن أقفل كيف يسري المشروع أولا. رد أمير: ممتاز. ريحان براحة: أرحتني حبيبي، هيا لا أعطلك أكثر وإلى حين نلتقي اعتني بنفسك، ثم اقفلا الخط لتدخل للعيادة مباشرة أما هو فقد توجه للشركة بعد أن طلبه والده لاجتماع ضروري. جلست وانتظرت كعادتها تطالع المجلات أحيانا أو تتفقد هاتفها حتى جاء دورها بعد فترة، دخلت مكتب الدكتورة وسلمت ثم جلست وتحدثت عن أخبار حملها. تحدثت الدكتورة بعد حين قائلة: والآن هل أنت جاهزة ريحان؟ ردت ريحان: جاهزة دكتورة. تحركت ودلفت غرفة الفحص ثم تمدد وكشفت على بطنها لتجلس الدكتورة بجانبها وتقول: بسم الله ثم وضعت الجل على بطنها لتبدأ بإجراء الفحص لها وهي تتابع الرحم وكيس الجنين بدقة متناهية. كانت ريحان تنظر فقط تنتظر الدكتورة أن تتحدث لكن الأخرى لا تزال تتفحص الرحم والجنين وتفاصيل طبية كحجم الرأس والوزن وتضارب نبضات القلب وغيرها، التي لا تظهر إلا في ذلك الجهاز. تحدثت ريحان بعد أن انتظرت مطولا لتردف: ها دكتورة أهناك خطب ما؟ ردت الدكتورة: لا عزيزتي كل شيء جيد وعلى وضعه الطبيعي، الحمل في موضعه والمشيمة بموضعها، صحة الجنين جيدة أيضا. تنهدت ريحان براحة لتردف: الحمد لله دائما وأبدا لكن معدتي دكتورة. ابتسمت الدكتورة لتتحدث قائلة: هذا شيء طبيعي خلال فترة الحمل، لا تقلقي لن يؤثر على الجنين لأنه محمي من الله عز وجل في كيس هلامي لا تصيبه شائبة، والآن ساسمعك شيء مفاجئا لو فقط كان البابا المتحمس معك. ردت ريحان قائلة: لم يأت لأن لديه عمل مستعجل وإلا كنت وجدته هنا لربما كان قد أوجع رأسك بكثرة أسئلته. ردت الدكتورة ضاحكة: لا تهتمي فأغلب الآباء هكذا يتحمسون لكن حين يأتي الصغير يندمون ندم عمرهم لأنهم تحمسوا يوما. ردت ريحان ضاحكة: يستحقونها يظنون كل شيء يأتي بسهولة لا يعرفون أنها رحلة وهن على وهن. الدكتورة بخفوت: اسمعي ثم ضغطت على بعض الأزرار في الجهاز ليأتي على مسمعها ، صوت غريب إنه نبضات قلب الجنين. اتسعت عيونها مبتسمة بسعادة لتتحدث وتقول: هذه. الدكتورة مبتسمة: نعم انها نبضات قلب طفلك. سرت ريحان أكثر وابتهج كل شبر منها بمجرد سماع تلك النبضات إنها نبضات روح تسكن جوفها، إنه نبض قلب طفلها من عشقها، كانت لحظتها سعادتها لا توصف لربما أجمل لحظة عاشتها بحياتها كلها وأجمل صوت أتى على مسمعها هو صوت نبض طفلها داخل رحمها، إنه السعادة التي لا تصفها أي كلمات ولا تحسها إلا التي جربت ذلك الاحساس. رفعت رأسها للأعلى ورددت بإلحاح: اللهم لا تحرم أي مشتاق هذه اللحظة يارب اللهم لا تحرم أي مشتاق هذه اللحظة يارب. ردت الدكتورة: يارب يارب والآن بما أن البابا لم يحضر سنرسل نحن له هدية صغيرة تفرحه أيضا. ريحان مستفهمة: كيف؟ ردت الدكتورة قائلة: سأسجل صوت نبصات طفلك على قرص مضغوط وأعطيه له كي يسمعه، إنها النبضات الأولى لطفلكما الأول لا يجب أن تفوت. ردت ريحان بحماس: شكرا دكتورة سيسر كثيرا. ثم قامت وعدلت ثيابها لتقوم بوضع يدها على بطنها قبل أن تخرج وقالت بفرح: مرحبا بك بيننا صغيري إنها أجمل هدية نستقبل بها والدك بعد سفره هذا. توجهت للخارج وأكملت حديثها مع الدكتورة حيث أعطتها عدة تحليلات لتجريها مع بعض الأدوية التي تخص الحمل ولعية المعدة وبعض الفيتامينات. أنهت موعدها وخرجت وهي تحمل القرص بيدها سعيدة ثم أخذت سيارة أجرة من الطريق متوجهة للشركة، وهي بالطريق لمحت محلا لبيع ملابس الاطفال لتقوم بإيقاف السيارة والنزول هناك فتوجهت للمحل وقامت بشراء حذاء صغير ثم خرجت من المحل وعادت للسيارة. كانت تضع القرص والحذاء الصغير بحجرها سعيدة بهم كالطفلة تنظر إليهم كل حين وتتخيل ردة فعله فتبسم ببلاهة، ثم حملتهم لتردد فرحة داخلها: ستكون أجمل مفاجئة بعد سفره المتعب هذا سيسر كثيرا، اشتقت إليك كثيرا أمير، كنت أنفر منك لكن الآن لا أريد الى حضنك ودفئ أنفاسك، حين أراك سأركض إليك وأحتضنك بقوة جبارة. بهذا الوقت كان أمير قد وصل الشركة من المطار إلى هناك مباشرة، ليدخل الاجتماع المستعجل دون أن يرتاح حتى على أن ينصرف بعدها للقصر مباشرة ليرتاح، وقد كان كل الشركاء مجتمعين حول الطاولة الطويلة ومن بينهم كمال أيضا. بدأ الإجتماع ورغم انزعاج أمير من وجود كمال إلا أنه لم يجادله فاهتم فقط بالعمل، تناقشوا حول مشروع مركز إعادة التأهيل الضخم والذي يعد الأكبر في تركيا وقدم أمير كل التفاصيل عنه وصورا موضحة عن انطلاق عملية البناء بتفاصيلها أيضا. وصلت ربحان بعد مدة للشركة وصعدت مباشرة متجهة لمكتب أمير لكن استوقفتها السكرتيرة بالرواق قائلة:أ لحظة فقط مير بيك في اجتماع ياخانم. ردت ريحان: من أين ظهرت خانم هذه؟ نادني ريحان فقط فأنا أنزعج من كلمة خانم. ردت السكرتيرة: لكنك زوجة صاحب الشركة والناس مقامات لا أستطيع نزل الألقاب. ابتسمت ريحان لترد: أستغفر الله يا آنسة ما كنت لأفكر بهذه الطريقة يوما، لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى وليس بالمال والمقامات، والآن عن إذنك سأنتظر أمير بمكتبه. تحدثت السكرتيرة قائلة: حسنا كما تشائين، هل أضيفك شيء؟ ردت ريحان قائلة: كوب ماء لو سمحت وأيضا هل عندكم شوكولا ساخنة؟ أريد كوبا لأستعيد طاقتي. ردت السكرتيرة: يوجد طبعا سأطلب لك ما أردت. شكرتها ريحان وتمنت لها نهارا جميلا ثم انصرفت ودخلت مكتب أمير وجلست قليلا هناك على الكنبة لترتاح، لحظات فقط وأتت السكرتيرة بكوب من الشوكولا الساخنة الشهية ورائحتها تفوح ، نظرت إليها ريحان وقالت: شكرا لك لكن أخبرينب متى ينتهي الاجتماع؟ ردت السكرتيرة وهي تسلم الكوب لها: بعد ثلث ساعة بالأكثر. ردت ريحان: حسنا لا بأس ننتظر ما وراءنا لكن من فضلك لا تخبري أمير اني هنا أريد أن أفاجئه، اتفقنا؟ ردت السكرتيرة: كما تشائين طبعا ثم انصرفت إلى عملها. تناولت ريحان كوب الشوكولا ذاك بمتعة فقد اشتهته ولا تريد شربه لاسترجاع طاقتها فقط، ثم بعدها قامت وسحبت القرص المضغوط من حقيبتها ومعه الحذاء ونظرت إليهما برهة وفكرت لتتحدث قائلة: لكن أين سنخبؤك أين؟ المكتب واسع جدا ويجب أن أضعهم في مكان كي يجدهم فجأة وهكذا ستكون المفاجأة أكبر وأجمل، اهدئي عشق لم كل هذا الحماس والتوتر؟ نظرت بأرجاء المكتب هنا وهناك تفكر أين تضع ذلك القرص المضغوط والحذاء ثم وقفت أمام المكتب وقالت: أين أخبئك أين أين؟ نخبئك هنا فوق المكتل، لا لا سيراها بمجرد أن يدخل لنجد غير مكان أحسن ثم فتحت درج المكتب وقالت حينها بحماس: نعم هنا أحسن نخفي فيه الهدية. قلبت قليلا في الدرج تريد ترتيبه لكن لمحت ورقة فجأة عليها اسمها من الخلف فوضعت القرص والحذاء جانبا لتردف قائلة: ماهذه الورقة أهذه رسالة كتبها لي ونسي أن يعطيها لي؟ فاسمي عليها. لم تتمكن من كبح فضولها لتحمل الورقة بيدها تنظر إليها باستفهام ثم فتحتها وشرعت بقراءتها لكن ما إن قرأت أول الكلمات حتى قالت دهشة: لحظة إن هذا الخط مألوف لي لكن لا أتذكر من يكتب هكذا، فكري ريحان أم أن الحمل أثر على ذاكرتك أيضا. سكتت برهة ثم تذكرت فجأة لتتحدث حينها لا تزال تخاطب نفسها قائلة: هذا الخط إنه يشبه خط عمتي فهرية إنه كذلك فعلا كيف نسيته؟ لتبدأ بقراءة الرسالة تلك. (ريحان حبيبتي وابنتي التي لم ينجبها بطني إذا كنت تقرئين هذه الرسالة فمعناها اني انتقلت إلى الرفيق الأعلى) ريحان بحزن : لييرحمك الله حبيبتي الغالية، ليتك كنت معي الآن لتري كم أنا سعيدة، أعرف أنك ستفرحين بحفيدك كثيرا، ثم اكملت القراءة. كانت تقرأ كل كلمة من الرسالة وتتوقف حينا تنظر دهشة، اتسعت عيونها وارتجف قلبها لتردد بغصة بين شفتيها مرتعبة: لا لا يمكن لا أصدق هذه مزحة بالتأكيد هي كذلك، ثم أكملت قراءة الرسالة والدمع يتجمع بمقلتيها شيء فشيء. كانت بكل سطر تقرأه تنزل من مقلتها دمعة صامتة لكن محرقة لتلك الوجنة الجميلة، اكملت قراءة تلك الرسالة بمشقة فقد وقع ثقل الكلمات على جسدها كثقل الصخور التي تقع من فوق الجبال هاوية بعد كل عاصفة هوجاء تضربها فتؤذي كل ما يأتي أمامها وتكسره. كيف سيتحمل ذلك الجسد الضعيف تلك الصخور كيف؟ تسمرت بمكانها لحظات وهي تنظر للورقة لكن ابت أن تصدق ما رأته عيناها من حروف فأعادت قراءة الرسالة ثانية سطرا سطرا، كلمة كلمة وحرفا حرفا. نظرت للأمام دهشة ورددت بهمس: هل أنا أحلم؟ يبدو أنني لا أزال نائمة فعلا، لا لا هذه مزحة وليس حقيقة، لا حول ولا قوة إلا بالله والداي ليس ولالداي وعمتي ليست عمتي ياربي ما هذا؟ يجب أن أتأكد أولا لايمكن أن أكون قد عشت طوال عمري بكذبة كهذه، كل ذلك والدموع تنزل من مقلتيها شلالا دون إدراك منها. اتضح لها انها عاشت حياتها في حلم أضحي لها الآن بعيدا حينما استيقظت علي هذا الكابوس المروع، تود لو أن تنشق الأرض وتبتلعها علها تهرب من هذا المأزق وهذه الحقيقة، اكتشفت بلحظة أن كل حياتها عبارة عن كذبة وكل جميل بحياتها ماهو الا ضرب من الخيال. تحركت قليلا بغية الخروج والورقة لا تزال بيدها بينما تركت القرص والحذاء الصغير فوق المكتب حتى أنها نسيتهم تماما. مشت قليلا لكن تتجرع خيبتها لكن فجأة أحست بألم أسفل بطنها، توقفت قليلا وهي تضع يدها على أسفل بطنها لتقول متألمة: يارب سلم ثم ارتكزت على المكتب قليلا لتعيد الوقوف والإعتدال وهي تتنفس بعمق، تنفست مرة ومرتين ثم قالت: اهدئي عشق اهدئي سوء فهم لا اكثر، هناك شيء أو لغز لكن اهدئي ولا تنفعلي لأجل طفلك ثم بالتأكيد هذا ليس حقيقي، بما هو حلم ولا تزالين نائمة فقط وستستفيقين بعد حين. مرت دقائق وهي مكانها لا تزال تتنفس بعمق تحاول تخفيف توترها كعادتها تتمرد على نفسها المنكسرة وتثبت لها بأنها قوية لا تهزم، ثم استجمعت قوتها واعتدلت بوقفتها وتحركت نحو الأمام لكن قداماها خانتها وارتجفت ورغم ذلك مشت وخرجت من المكتب الى السكرتيرة مباشرة، دخلت مكتبها لتنظر الأخرى إليها دهشة وتقول سريعا وهي تهرول ناحيتها: أنت بخير سيدتي؟ نظرت إليها ريحان برهة ثم تردفت: أين قاعة الاجتماعات؟ ردت السكرتيرة: بآخر الرواق سيدتي ثم نظرت إلى وجهها المضطرب لتسألها من جديد إن كانت بخير او لا نظرت اليها ريحان بأسى لكن لم تجب بل استدارت ومشت ناحية القاعة مشت باحثة عنه، خطوة تلو خطوة تجرها تريد فقط الوصول إلى القاعة لكن ما استطاعت الإسراع حتى، صوت مدو داخل رأسها يهتز ويهتز وكلمات الرسالة تمر أمام بصرها كالشريط. بتلك الأثناء كان كل من بالقاعة أمير وكمال فقد انتهى الاجتماع وانصرف الحضور عداهم، كان أمير يهم بالوقوف للخروج لكن كمال استوقفه وهو قائلا: أمير. زفر أمير بحنق واستغفر الله عز وجل ثم نظر لكمال ليضيف الآخر قائلا: يكفي ألم تتشجع بعد وتخبرها؟ إلى متى ستضل تخفي ذلك الوحش خلف ابتسامتك؟ الوحش هذه الكلمة التي أبت أن تتركه، ذلك الوصف الذي لم يرحمه ورغم أنه تغير لا يزال يلاحقه يريد أن يتكمن منه وكم كان وقعها على مسمع أمير صعبا ومؤذيا. القسم الثاني: نظر أمير إليه باستياء ليشد على قبضته التي انغرزت بكفه بشدة تاركة أثرا واضحا ثم أردف: اسمع سنتحدث بشكل طبيعي دون شجار لأنه لن يجدي نفعا لكن هذه المرة ستسمعني جيدا. اعتدل كمال في مكانه ليردف: هذا ما أريده أيضا تفضل إذا أسمعك. تنهد أمير بحنق ليردف قائلا: فقط ضع نفسك مكاني وفكر كيف سيمكنني البوح بتلك الحقيقة؟ بالله كيف سأنظر بعيون المرأة التي أعشقها والتي تحمل طفلي ببطنها واقول بكل جرأة أنني أنا السبب بكل ما عشته قبلا، وأنني أنا من احضرك من قريتك و، لكن هنا توقف عن الحديث وما استطاع أكثر فلامس شعره يعيده للخلف متوترا يتحرك يمينا ويسارا وكمال ينظر صامتا. قليلا من الوقت فقط ليعود للحديث وكمال لا يزال يستمع إليه فأردف قائلا: كيف سأقول أنا قدمتك للكازينو وفعلت ما فعلت لتجل الإنتقام من أبيك والثأر لأختي؟ ههه والمغزي أنك يا عشق لست ابنة ذلك الرجل وقد أخطأت أي أنني عذبتك وأهنتك ظلما، ضع نفسك مكاني أنا لا أتحمل رؤية حتى تكشيرة بوجهها حتى لو كانت بسبب شيء تافه، لا أريدها إلا سعيدة فرحة فكيف سأكسرها هكذا؟ أنا لا أستطيع إن تركتني أموت وأنتهي. وقف كمال من كرسيه وتحدث بنفس الحدة ونفس النبرة قائلا : أانت تعترف إذا. رد أمير غاضبا: وما أنكرت يوما ولست خائفا منك يا هذا لكنني عدت عن خطئي وندمت، إنها كل شيء لي كل شيء اتستوعب هذه الكلمة فقط وستفهم حينها أن حبنا أقوى من أي شيء، نحن لسنا مجرد شخصين عاديين تزوجا لا والله إننا روح سكنت روح الآخر زفر كمال بضيق وأردف: لكنها شقيقتي ايضا افهم واستوعب، شقيقتي التي ضاعت مني منذ صغرها ولي الحق بأن أضمها إلي، ولها الحق بأن تعرف ا أن لها عائلة أيضا، والأهم من كل هذا أن لها الحق بأن تعرف أن من يدعي عشقها أنه سبب كل المصائب التي حلت على رأسها منذ خطت أول خطوة بهذه المدينة عاشته قبلاه. صدح صوت أمير قائلا: أين كنت؟ لكن سرعان ما انتبه أنه بمكان كل حائط منه له آذان فاخفض صوته وأكمل يشد على أسنانه غاضبا ليكمل قائلا: أين كنت طوال هذه السنين لم لم تبحث عنها؟ والآن فجأة تظهر أمامنا وتريد أن تتقبلك بكل بساطة، الم تفكر للحظة لربما سترفضك وتمقتك؟ لكن وآه من كلمة لكن، قبل أن يتلفظ كمال بحرف واحد دلفت هي من باب قاعة الاجتماعات تحمل الورقة بيدها. عيون متسعة دامعة وجسد يتألم يرتجف، كربة بالقلب تشده حتى باتت نبضاته تتسارع حينا وتكن حينا، اختلطت عليها المشاعر وهاجمها الحزن والخذلان معا، نزل البرد على جسدها فجأة لهول ما سمعت ويا ليتها ما سمعت، تلك صدمة العمر لا بل مصيبة وحلت على رأسها. لقد أمضت حياتها بالتخلي عن حقوقها واشيائها، أمضت حياتها بالتنازلات والمبادرات، أمضت حياتها لتبرير كل كلمه تقال منها وكل تصرف يبدر منها، أمضت حياتها بالصمت عند الألم والذهاب ل تجرع الخيبات واحده تلو الآخرى، لقد تعبت جدا، كل الناس تفهم عكس ما تقول وكأنه كتب عليها أن تكتم الألم وتتجرعه بصمت لكي تدوم العلاقات ولكنها تنتهي بالأخير، كتب عليها أن تتهم في شرفها لأنها عفت وصمتت، لقد أيقنت بعد الذي سمعت أن الحياة لن تنصفها يوما. نظر إليها كمال وامير بعيون متسعة وفم مكموم فآخر ما كانا يتوقعانه أن تحضر هناك فجأة، كل منها ينظر إليها وينظر للآخر. أما هي فقد أبقت نظرها صوب أمير مطولا ثم حررت كلماتها بعد أن شهقت لتردف بحنق: فقط قلي إنها كذبة قل لي إنها مزحة فقط، قل أن ما كتب هنا كذبة (وهي تحرك الورقة ويدها ترتجف)، قلي أن ما سمعته أذناي كذبة قلها هيا رجاء. سكتت عن الحديث وهو لا يزال ينظر إليها مذهولا ثم مرة أخرى شهقت وردتت بصوت يرتجف: أعدك سأصدقك أمير، أعدك سأصدقك فقط قل أن ما سمعته كذب بينما دمعها فكلمة الشلال لا تصف انهماره. أحس لحظتها بذلك الوجع الذي يدور بجسده من رأسه حتى اخمس قدميه وأصابته قشعريرة تشابه قشعريرة الموت حتما، لحظتها فقط ادرك أنها سمعت حديثه ولربما كله بالتفصيل أيضا فحلت الظلمة فجأة على سمائه وأصبح المكان معتما، صرخات هنا وهناك حوله وشيء يجذبه يريد إدخاله للقعر الأسود، أين المفر؟ لا يدري فقط ينتظر قرار الإعدام الذي سيصدر في حقه. نظرت إليه مطولا تبكي بحرقة ثم صرخت به بأعلى صوت: أجبني لم أنت صامت؟ قل أنها كذبة قلها. أومأ برأسه حينها بكل صعوبة لكنه فعلها أخيرا وأومأ بالنفي أومأت هي أيضا براسها و هي تردد باكية: لا لا انت تكذب أم أنه كابوس حتما كابوس فأنا مؤخرا أرى كوابيس كثيرة تؤرق نومي، ثم وضعت يدها على رأسها تشده وهي تردد: استفيقي هيا استفيقي افتحي عيونك عشق وإلا ستموتين بسبب هذا الحلم. وقف أمير متسمرا ينظر إليها دون أن يتلفظ بحرف واحد حتى، ماذا يقول وهو يرى مملكة سعادته تنهار أمامه فجاة، أما كمال فقد كان ينظر بأسى على شقيقته وما حل بها، تشجع واقترب وهو يمد يده ليمسكها لكن صرخت سريعا بوجهه وقالت: ابتعد عني. رفعت رأسها بعد حين ونظرت لأمير ثم اقتربت قليلا منه لم يدر رأسها لم تقع، لقد كانت كالسيف الحاد الذي يضرب رغم امتلائه بالدماء لتردد بين شفتيها بصعوبة تكاد للحظة تختنق: أصحيح ما سمعت؟ نزلت دمعة حارقة من عينيه يكاد يخفيها ليمسحها سريعا براحة يده ثم لملم بعض الحروف المتناثرة وأردف بحنق: نعم صحيح. كلمتين فقط كانت كسكين حاد بتر فجأة الحب والود والثقة والرحمة والألفة التي كانت بينهما، بتر العشق الذي كان بين عشق وأمير وهاهو هناك في زاوية غارق في دمائه. نظرت بعمق عينيه برهة ثم تنهدت لترفع بعدها يدها وتقوم بضرب صدره بأصبعها وهي تردد: أنا أكرهك. ثم رمت الورقة على وجهه واستدارت بكل هدوء وشجاعة لأجل الخروج. خرج أخيرا من بين الأمواج التي كان يتخبط بها ليقوم سريعا بإمساك يدها وهو ينظر إليها حزينا ليقول: لا تذهبي عشق انتظري. استدارت إليه وسحبت ذراعها بقوة وأردفت: عشق ماتت قتلتها ورميتها لتتعفن دون حتى أن تدفنها، لتستدير ثانية لكن لم تتحرك سريعا بل نظرت إلى كمال وكأن كل انكسارات الكون تجمعت بمقلتيها فهي لأول مرة تحس بذلك الخذلان الذي أتى مضاعفا من زوجها وأخيها ثم تحركت للخروج حينها. تحرك كمال قليلا ناحيتها لكنها نظرت إليه بغضب مشيرة بأن يتوقف لتردف: رجاء. ثم توقفت ونظرت لأمير ثانية لكن هذه المرة لشدة وجعها شهقت بقوة، شهقت لأنها أحست بالضعف بعد القوة التي منحها، شهقت لأنها كسرت بعد أن جبرها، شهقت لأنها ضاعت بعد أن وجدت نفسها، لتتحرك للخروج ثانية كالعاصفة التي تضرب أمامها كل شيء تطحنه ولا تبالي. وقف أمير مكانه كالصنم المتحجر، هو أيضا لم يستوعب ما حدث كان يظن أنه كابوس يتشاركان به فقط وهما نائمان بجانب بعض وسيستفيق بعد حين على صوتها وهي تطلب حضنه وسيحتضنها ويدندن لها كعادتهم حتى تنام مطمئنة، لكن لم يكن كابوسا بل كان واقعا مرا لا يستساغ لكنه واقع وما عاد إليه إلا حين ناداه كمال قائلا: أمير الحق بها ماذا تنتظر؟ كان دمعه ينزل من عينيه صامتا باردا وقلبه ينزف دما يوجع صدره، فنظر لكمال بانكسار ثم هب مسرعا إليها خارج المكتب ليصطدم بوالده الذي أتى حين سمع الصراخ ليقول حكمت: بني ماذا هناك؟ بقي أمير ينظر إليها وهي تتجه نحو المصعد مسرعة ليناديها بصوت عال: عشق انتظري. التفتت إليه وهي تهم بالدخول للمصعد ثم دخلت ونظرت إليه بغضب، نظر لوالده ثم إليها ليقول: لاحقا أبي، ليركض إليها مباشرة ناداه حكمت قائلا: بني انتظر. رد أمير: لاحقا أبي أنا مستعجل الآن، ثم ركض إليها نبض قلبه ونور عينيه، لكن قبل أن يصل اقفل باب المصعد وهي داخله تنظر، عيون كالصقر في حدتها، ليسرع أكث لكن لم يلحق به فيتوقف عنده وضربه برجله بقوة وردد متذمرا: اللعنة عليك ليس وقتك الآن يجب أن ألحق بها ولا أتركها تضيع من يدي، سأشرح لها كل ما حدث وستسامحني فقلبها خلق ليغفر فقط. تحرك مسرعا نحو السلالم يريد فقط اللحاق بها، بهذا الوقت خرج كمال من المكتب مسرعا ليستوقفه حكمت الذي كان لايزال يقف هناك، فنظر إليه ليقول: كمال بيك ماذا هناك لم لا تزال هنا؟ رد كمال يحاول أن يبتسم كي لا يظهر له شيء: كنت أتحدث مع أمير بيك بخصوص المشروع وكم يلزم من حديد ومواد أخرى أنت تعرف، والآن عن إذنك عندي شيء مستعجل حكمت بيك ثم مد يده وسلم وانصرف. حكمت مندهشا: إذنك معك كمال بيك. تحرك كمال مسرعا تاركا حكمت واقفا بمكانه مذبهلا ليردف بعد حين: غريب مالذي يحدث هنا؟ ثم أمسك هاتفه واتصل بأمير لكن الآخر بعالم مواز ليعود إلى مكتبه بعدها. خرجت ريحان من الشركة كالعاصفة الهوجاء تمشي بخطا طويلة مسرعة تريد فقط أن تفر قبل ان يلحق بها متناسية أنها تحمل روحا داخلها وأنها قد تؤذي نفسها وتؤذي تلك الروح البريئة بسبب حركتها القوية لكن لم تكن هي المتحكمة بحركتها تلك بل ألمها الذي يأتز ائتزازا داخلها. مشت باندفاع نحو الخارج تبكي بصمت وتضع يدها على فمها، منهارة مكسورة الأجنحة، لتقوم بايقاف سيارة أجرة مباشرة. خرج هو راكضا من الشركة ليجدها تتقدم مسرعة نحو السيارة فناداها لكن لم تتوقف بل نظرت إليه وأكملت خطواتها السريعة، ليركض إليها سريعا ويقوم باحتضانها من الخلف بقوة جعلتها تتألم ثم ردد بصوت مرتجف يغلب عليه البكاء: أعرف أنا مذنب أنا شيطان رجيم لكنك ملاكي الرحيم، انت جانبي الطيب ووحدك من عالجتني، أنت نور عتمتي ولا أحد يستطيع أن يعيش دون النور فلا اتفعلي بي هذا، أنا أذنبت أعرف هذا لكن عدت وتبت بفضلك بعد رب العالمين، أنت من يقول دائما أن خير من يخطئ هو التائب وأنا تائب، وأنت لك قلب طيب يسع ذنبي سامحيني رجاء. صرخت به: اتركني رد أمير يضمها إليه أكثر: لن افعل ريحان بغضب: قلت اتركني ألا تفهم؟ أنت تؤلمني أمير بحزن: لا أستطيع لو فعلت سأخسرك حتما وأنا لا أستطيع دونك. ريحان باكية: يكفي يكفي بحق الإله يكفي لوجه خالقك يكفي، أنا أتألم وأحتضر اتركني اذهب بسبيل حال ويكفي لحد اللحظة، ما عدت أقدر لقد ذبحتني مرتين أمير، لكن هذه المرة كانت اوجع من قابلتها، قلت اتركني ألا تفهم أنت؟ أمير بحنق: آسف سامحيني أقسم كنت سأخبرك، كنت ساعلمك بكل شيء في الوقت المناسب ولم أجد فرصة. ريحان بغضب وهي لا تزال تحاول فك نفسها: تعلمني ماذا؟ أنك عيشتني بوهم؟ نزل صاحب سيارة الأجرة من سيارته وخاطب أمير بغضب قائلا: اتركها ماذا تفعل أنت؟ أمير بغضب: ما دخلك أنت هيا انصرف. خاطبه صاحب السيارة مهددا: أتركها وإلا طلبت لك الشرطة بأي عصر أنت كيف تعنف امرأة؟ ثم قام بمد يده وإمساك ريحان من ذراعها يحاول ابعادها عنه وأمير ينظر إليه، لكن ريحان أسرعت وسحبت ذراعها وهي تنظر ناحية أمير. نظر إليه أمير غاضبا حتى أنه احمر وجهه وعقدت حواجبه وبرزت عروق رقبته المشدودة، أما هي فكانت تنظر دهشة مصدومة ليقترب هو من صاحب السيارة سريعا ويشد قبضته ويقوم بلكمة بقوة صارخا به: هل جننت كيف تجرأ على لمسها؟ إذا سأريك العنف على أصوله ليباشر ضربه لكمات متفرقة شديدةحتى أسقطه أرضا. صرخت به هي: اتركه ياربي ماذا تفعل أنت؟ لكن جن جنونه ولم يستمع إليها فأخذت تصرخ تطلب المساعدة. أتى كمال راكضا نحوهما وقام سريعا بامساك أمير من كتفيه ليردد بغضب: مالذي تفعله أنت هل جننت؟ ثم رفعه عن صاحب سيارة الأجرة الذي كان يتلفظ أنفاسه بصعوبة وقف الآخر وكل انفهه وملامح وجهه دما ،ثم اخذ يمسحها وهو يقول: همجي أقسم أنني ساسجنك. اقترب كمال منه بحاول فك النزاع ليردف: خذ ثم أعطاه بطاقة هواتفه، اتصل بي وتعال لمكتبي لكن فقط انصرف الآن رجاء ولا تزد الطين بلة. صاحب السيارة بغضب: لا هذا يجب أن يسجن مع أمثاله. رد كمال قائلا: من فضلك لأجلي فقط اذهب للمشفى الآن ليسعفوك واتصل بي وأنا سأتدبر كل شسء. رد صاحب السيارة: حسنا لكن لن اتنازل عن الشكوى وسأضعه في السجن ليكن بعلمك، أنت ستدفع ثمن تهجمك علي غاليا رد أمير: اذهب هيا انصرف. نظر كمال الذي هدأ الضع بصعوبة ليقول: أمير رجاء لم يكن هجومه على ذلك الرجل فقط غضبا لأنه لمس عشق إنما كان مع كل ضربة بوجهها له يرى نفسه هو مرميا أرضا، لقد كان يجلد نفسه بنفس يمقتها على ما افتعلت بالماضي. انصرف صاحب سيارة الأجرة بينما هي فقد كانت تنظر فقط لما يحدث أمامها مصدومة تماما كيف حدث ولم حدث؟ منذ لحظات كانت تحلق فرحا وتجهز كي تفاجئه بنبضات قلب طفله الأولى، ماذا حدث؟ لا تفسير لكل ما حدث إلا بقول أن زلزلا قد مر من خلالهما. سألت نفسها: هل هذا فعلا أمير؟ هل فعلا ذلك الرجل الذي عشقته وسلمت له قلبها وجعلته أمانها وملاذها بعد أن أذاقها الويلات؟ لم بين لحظة وأخرى عاد أمير رجل الماضي الذي ما تكاد تتذكره إلا لعنته؟ رفع بصره إليها أخيرا لتتحول سريعا نظرة الغضب إلى نظرة انكسار وحسرة وخذلان ليس منها بل من الزمن الذي باغته على غفله وأعطاه ضربة موجعة من الخلف أردته طريح الأرض مبتور القدمين. اقترب منها ثانية ببطئ لتصرخ بهما معا: اتركوني وشأني اتركوني لا أريد أن يقترب مني أحد. زاد بكائها تصرخ بهما وتردد نفس الكلمات وكأنها غير مدركة لما تقول، رغم ذلك ما كان ليستسلم فاقترب أمير منها مرة أخرى لكن هذه المرة أمسكه كمال قبل أن يلمسها وأومأ بالنفي. وقف أمير مكانه ينظر إليها وهي تبتعد تجر ذلك الجسد الذي ما عاد له القدرة على احتواء ذلك الكم من الأحزان، لكنها استطاعت جره والمشي بعيدا عنه، وكلما مشت خطوة اعتصر داخله. زفر بألم وكأنه يتجرع لهبا يحسه بكل نقطة من جسده، كانت روحه تسحب معها وهي تسير لتنتزع عروقه من مصدرها بكل ألم لكن هي لم تلتفت حتى بل أخذت ما تبقى منها ولملمت أجزاء ريحان المنكسرة وركبت سيارة الأجرة وانطلقت باتجاه القصر. ذهبت هي، انسحبت جميلته أمام عينيه وتركته هناك، أما هو فاقترب إلى كرسي هناك ببطء وبقوة ألقى بجسده عليه صامتا حتى اهتز، روحه تتألم وجسده يرتجف ينظر إلى سيارة الأجرة وهي تنسحب تديرجيا إلى أن اختفت، ولربما كره سيارات الأجرة لحظتها لأنها وقفت حاجزا بينهما. نظر إليه كمال لحظات مجرد نظرة أوصل بها كل ما يمزرفه من الداخل فرق قبله للحظة على حاله التي كان بها ليضع يده على كتفه والآخر صامت مكانه، ثم شاركه مكانه وجلس صامتا بجانبه. بقيا كذلك وقتا ثم تنهد كمال وأردف: يبدو أني خسرتها قبل أن يلتم شملي بها حتى، أميير انتبه لمن حولك جيدا فلا تدري من صاحبك من عدوك. نظر إليه أمير بحزن لكن لم يتلفظ بشيء ما جعل الآخر يقوم من مكانه منسحبا دون حديث آخر فقد اكتفى بما يمع وما رأى وعاش، كل ما سعى إليه انتهى في لحظة. ركب سيارته وتناول هاتفه واتصل بالشخص الذي كان يراقب ريحان مسبقا ليطلب منه أن يتوجه إلى ناحية القصر ويراقب هناك ويدليه بأي معلومة تخصها لينطلق بعد إنهاء اتصاله تاركا أمير مكانه ينظر أمامه هادئ وكأنه ليس به شيء لكن هو يعاني من كل شيء. مر وقت طويل وهو بمكانه جالس لا يتحرك ولا حتى يصدر همسا، يضع يديه على رأسه صامتا لا يرفعه ولا ينظر حوله لأي شيء فقط صامت بائس يأكل الحزن قلبه بشراهة، نعم لقد مضى الربيع عنه لكن ليت القادم صيفا لا بل فصل شتاء غير كل الفصول، إنه الشتاء الذي يعصف بالروح قبل البدن، إنه البرودة، إنه الاسود، إنه الألم، ذهب الربيع عنه معلنا عن عودته لوحدته، لا وألف لا، لا يصلح العطار ما أفسده الدهر ولو وضعوا له كل عقاقير الأرض وأقواها. لم يبك ولم يخرج لا صوتا ولا حرفا من شفتيه لدقائق كثيرة وهو بنفس الحال جالس كتمثال صلب صلد صنع من حجر الجرانيت لكن هيهات هيهات أن يكون صلبا مثلها، بل رغم قسوة خارجه إلا أنه أصبح خاويا من الداخل، فارغ الجوف يلعب فيه الريح الحزين كيف يشاء لكن لو ضرب على ظهره أحد لسمع صوت قعقعة موجعة. وأخيرا وبعد سكون طويل خاطب نفسه لا يواسيها بل يلومها ويحملها كل الذنب ليردد قائلا بحنق: لم فعلت كل ذلك أمير؟ زفر بضيق يفكر بها حين دلفت القاعة فجأة وكيف كانت تنظر إليه، في ثوان ضاعت تلك اللمعة وبدل أن يضمها بين ذراعيه مشتاقا ضم الحزن بدلا عنها، بدل أن يسمعك اشتقت إليك سمع أنا أكرهك، بدل أن يتأمل ضحكاتها لم يلق إلا الدموع. رن هاتفه لحظتها لكن لم يحرك ساكنا ثم أقفل المتصل الخط واتصل ثانية ليقوم حينها بسحبه من جيبه والنظر إليه ليجد المتصل سونا. رد وهو يلملم كلماته ليقول بصوت حزين خافت: نعم سونا. ردت سونا على عجل: أخي اين أنت الآن تعال سريعا؟ لحظة لكن ما به صوتك؟ رد أمير بحنق: ماذا سونا ماذا تريدين الآن؟ لست في مزاج يسمح بالحديث نتحدث لاحقا حبيبتي. ردت سونا سريعا: لحظة أخي فقط ريحان فز من مكانه فزعا مرتعدا ووقف ليقول مباشرة وعلى عجل: ما بها ريحان أختي هل حدث لها شيء سيء؟ ردت سونا: لا لا اهدأ أخي لا شيء سيء فقط اتصلت لأخبرك أنها عادت منذ قليل بحالة غريبة عكس حالتها وهي الآن تففل الباب على غرفتها ولا ترد على أحد أصلا لم أرها حين عادت نيجار من أخبرتني. رد أمير بتوتر: يعني عادت للببت اوه الحمد لله ، أنا قادم حالا سونا وإن خرجت رجاء أعلميني. سونا باستفهام: ماذا يحدث أخي؟ عدت من سفرك منذ ساعة وعلى أساس ستلتقون ثم تأتي زوجتك وتحبس نفسها في الغرفة، أتصل لا ترد وحين ترد تقول أنني لست في مزاج سيء، خيرا أخي؟ رد أمير: سأقفل الآن نتحدث لاحقا، ثم اقفل الخط مباشرة. نظرت إلى الهاتف لتقول مستغربة: ما به هذا أيضا؟ لا حول ولا قوة إلا بالله. تحرك نحو سيارته مسرعا لينطلق بها على فوره متجها للقصر يأكل الأرض بعجلاتها لا ينظر إلا أمامه متجاوزا السيارات التي معه بالطريق يريد فقط الوصول إليها قبل أن تخرج وتتركه نهائيا، مزامير تصفر وأناس يصرخون به لشدة سرعته لكنه لا يرى ولا يحس شيء، فقط يحسها هي ويستشعر من مكانه وجعها وحزنها الصعب. لم يمض الكثير حتى وصل ونزل ليركض مسرعا نحو الغرفة ولربما لحسن حظه انه لم يكن هناك أحد حينها بالقصر عدى سونا والخدم. استوقفته سونا بالرواق وهو يهرول نحوها لتتحدث بحب قائلة: حمدا لله على سلامتك أخي، اشتقنا إليك لكن مابك؟ ابنسم أمير في وجهها لكن سرعان ما تحرك نحو الغرفة يردد: لاحقا سونا نتحدث لاحقا. ردت سونا بصوت مرتفع: ماذا هناك أمير؟ شغلتم بالي. لكنه استمر بمشيه مهرولا إلى غرفته دون أن يتحدث إليها بشيء، دخل وأقفل الباب ثم اقترب من الغرفة الداخلية التي هي بها فتقدم عند الباب ووقف قليلا صامتا يتالم. استجمع ما تبقى منه من شجاعة ثم أخذ نفسا عميقا وطرق الباب برفق لينادي بصوت أجش: عشق! هذا أنا جميلتي هل أنت بخير؟ انتفضت من مكانها لسماع صوته وغص قلبها لكنها لم تجب، ذلك الصوت الذي كان راحة لها أصبح خوفا، ذلك الصوت الذي كان تهويدة نومها أصبح صخبا يخرق أذناها يرعبها. ناداها ثانية لكن لا مجيب أيضا فحاول فتح الباب حينها لكنه اكتشف بأنه مقفل من الداخل. تنهد ووقف مكانه قليلا ثم اقترب أكثر وقال مترددا: أعلم نعم أعلم أنك تسمعينني عشقي، هيا افتحي فقط ولو للحظة لأطمئن عليك، لا تشغلي بالي أكثر وسأحدثك بكل شيء ستعرفين كل شيء بالتفصيل لن أخفي عنك شيء هذه المرة فقط افتحي. كانت تجلس على.حافة السرير صامتة لا دموع لا كلمات لا تنهيدات لا شيء من ذلك، فقط صمت وسكون، تنظر للأمام متحجرة. كانت حقيبتها أمامها تنظر إليها حينا وإلى الخارج حينا آخر، انتظر هو وانتظر لكن لم يأته رد منها لينزل ويجلس أرضا عند باب الغرفة ويبدأ بالتحدث أخيرا. أخرج تلك الزفرة القوية من صدره دخان آت من بركان يتأجج أجا تنبعث حممه من كل جانب، لقد أحرق كل شيء البيت وأغراضه وتلك الخمور المتنوعة لكن يبدو أنها الآن عادت لتنتقم واختارت أن تحرقه كما فعل، تحدث بصوت مرتجف قائلا: نعم أنا من فعل بك كل هذا، لن أنكر أبدا شدت على شفتيها أكثر تبتلع أكبر غصة أصابتها يوما، لقد خاب أملها في كل الكون ومن خاب أملها في الدنيا من بشر وشجر وهواء وبحار وتراب، ذهبت السعادة هذه المرة بشكل قطعي وكسر قلبها الرقيق، كسرت عشق ولن تجبر ثانية، نزلت تلك الدمعة التي تلتف حول روحها وتضغط عليها أكثر تكاد تنهيها، بالعادة الدموع تريح لكن الآن ما زادتها إلا أنينا ولو استطاعت لصرخت حتى ينقطع صوتها لكنها كعادتها كتمت. أكمل وياليته ما فعل فهي تتألم مع كل حرف وهو يموت مع كل كلمة ليتحدث بحنق مميت مرة أخرى قائلا: أو بالأحرى أمير ذاك من فعل بك ذلك ولست أنا فأنا أتنفس لأنك موجودة، هو السبب في كل شيء ظننت أنني تحررت منه لكن اكتشفت أن أفعاله الدنيئة ملتسقة بي، رغم أنه ذهب ولن يعود لكنه ترك كل مساوئة معي والآن سيشار إلي بأنني سيء وأنا لست كذلك. لقد أحضترتك لأجل أن أنتقم من ديمير فوجدتني أنتقم من نفسي لا منه، ماذا فعلت أنا أخ؟ حدث هذا منذ فترة حين علمت أن ابنته لم تمت وأنها مختفية فقررت البحث عنها فقط كي انتقم لعائلتي، قررت ان أجدها باي طريقة وأي ثمن فكرست كل رجالي لأجل أن أجدها، بحثوا في كل مدن تركيا دون كسل فقد كنت أشبعهم جيدا، ثم سكت لم يستطع أن يكمل يتخيل نفسه كيف كان وكيف أصبح. أما هي فتذكرت كل لحظة عاشتها معه قبلا بتفاصيلها وهل يقتلنا شيء ويؤذينا أكثر من التفاصيل؟ تنهد ثانية بضيق ثم أردف: كنت لا أرى غير الشر أمامي ولذة الإنتقام والثأر لأختي، كل ما يدور أمام مرآي شقيقتي سونا حين عادت يومها للبيت وارتمت بحديقة القصر مكسورة، كانت دموعها أقوى من كل الكلمات وصمتها بركان هائج تقشعر له الأبدان، نظرات الحسرة والذل بمقلتيها خلخلت توازني، لم أجد بم أسالها حتى، كانت تحترق أمامي وأنا لا أحرك ساكنا، لأول مرة اكون ضعيفا وقتها أحسست أني عاجز على كرسي بارد للحظة أصبت بشلل رباعي الأطراف، أختي أمامي تحتضر وأنا الذي عاهدت نفسي منذ صغري أن لا يؤذيها شيء ما دام في نفس. تحركت من مكانها أخيرا لم تعد تتحمل، إنه لا يرحمها، نعم تريد الحقيقة لكن لا قدرة لها على تجرعها، اقتربت من باب الغرفة ونزلت أرضا وهي تسند ظهرها على ذلك الباب المقفل كانت وكأنها تهوي للاسفل الى قعر حفرة مظلمة لا إلى الأرض القريبة. احس بحركتها ليقترب هو أكثر ويرمي بظهره المثقل على ذلك الباب. بقيا كذلك برهة ثم أكمل حديثه قائلا: يحثت عن ابنة ديمير وبحثت وبحثت مدة طويلة، في كل مرة أعود لنقطة الصفر لم أجدها لكن لم أستسلم ولا مرة، وهكذا أبحث ثانية حتى وجدتك أنت، شهقت ووضعت يدها على فمها تكتم حتى نحيبها فأكمل هو: نعم قيل لي أنك ابنته، كنت متأكدا أنك أنت، لقد تم تبنيك من قبل عائلتك بعد فترة فقط من اختفاء ابنته، فكلفت مراد بهذه المهمة فهو رجل موثوق لا يخطئ حين تكلفينه بشيء يغعله. حين ذكر اسم مراد تذكرته هي، تذكرت كل الألم وكل القهر الذي عاشته، شريط الظلم مر امامها كشريط الحياة الذي يمر امام الطفل حين يولد لكن الفرق هنا أنها ما تخذت من الشريط هفوات فقط بل أخذت لشريط كله بتفاصيله المطلقة وكل أوجاعه التي تحرق الجسد والروح معا. تذكرت وحشيته ذلك اليوم حين أتى لبيت عمتها وتلك الصفعة التي تلقت منه حتى تورمت وجنتها، الإهانة والغضب وذلك الحقير زوج عمتها الذي باعها بثمن بخس لجماعة لا تريد إلا استغلال ذلك الجسد بالحرام وهي التي كرمها الله وأعزها الإسلام تحدثت بصوت خافت وهي تشد على غصة فؤادها تعض شفتها بقوة تكاد تختنق فقط لتكتم صرخاتها التي تندفع بقوة تريد التحرر لكن لم تحررها بل شدت عليها أكثر وأعادتها إلى جوفها ورددت: يا الهي لقد كان على علم بذلك كله، لا اصدق ما أسمع إذا هو سبب كل شيء،كم ترجيته أن يتركني وكم بكيت وشهقت لكنه كان يتلذذ بإهانتي في شرفي ووصفي بالساقطة وهو يعلم أني لست كذلك كيف كيف؟ هذه الكلمة وحدها تكفي لينتقم، هذا ليس أمير. لا والله إنه ليس هو هذا ليس عشقي، ليس سكينتي، ليس سندي وضحكتي، أيمكن ان يكون هو كيف استطاع كيف؟ تذكرت كيف كانت تصرخ وكيف كانت تترجاه أن يتركها وكيف كانت تجر كالشاة التي تعلم أنها تجر للذبح، تذكرت غضبه صراخه بها، لمسه لها بعنف. حل الصمت أبلغ لغة للحديث وهدأ الإثنبن بمكانهما، لحظات فقط.من الراحة لتعود وتتذكر هي تلك الليلة الملعونة و الفستان الأحمر والدماء التي كانت تنزف من قدميها حين جرها للأعلى وهي تتألم وتصرخ به حتى أنه لم يكترث لاأثر الدماء الذي تركته قدماها، تذكرت محاولة اغتصاب الحارس لها والإهانات ونظرات الجميع لها على أنها فتاة هوى، ماذا ستترك؟ أنينها في تلك الذكريات يدوي برأسها وقلبها يتقاطر دما أمامها لتزيد شهقاتها الموجعة أكثر التي حاولت كتمها لكن ما استطاعت هذه المرة. وضع يده على الباب ومسح عليه وردد بضيق: لا تبكي يا طفلتي لاتبكي أنت تقتلينني كلما بكيت وشهقت. هي تبكي من الداخل وهو من الخارج. لم يتوقف عن الحديث بل رغم كل الأنين أكمل وقال:نعم أنا من طلبت أن يحضروك إلى الكازينو باتفاق مع زوج عمتك أحمد. رددت هي من الداخل: آه كانت كلمة آه كفيلة بأن تعبر عن كل الحزن الذي بداخلها، آه خرجت من أعماق أعماقها. تحدث أمير بحنق: كنت أعرفه جيدا لأنه صديق لمراد ويتردد على الكازينو دائما ثم أحضروك إلى الكازينو بأمر مني صفتك لكنه لم يستطع أن يتلفظها حصرت الكلمة في حلقه خنقته حتى كاد يموت، لكن أتاه صوتها المبحوح من الداخل لتصدمه وتقول الكلمة عوضا عنه حيث رددت: فتاة هوى. تحدث وقال: سامحيني. بكت أكثر حين قال سامحيني. أكمل حديثه وقال: وبهذه الطريقة حين آخذك أو بالأحرى اشتريك بحر مالي سيكون هناك شهود على ذلك وأنك تعملين بالكازينو وهكذا لن يكون هناك اختطاف ولن تتجرئي على التبليغ عني. حين سمعت تلك الكلمات ضربت الباب بيدها بقوة وهي تقول: يلعنك يلعنك يلعنك. لم يتوقف رغم أنه كان يبكي ضعفها ثم تنهد بضيق وقال: أردت أن أعذبك كما فعل هو بسونا ثم أرميك لوالدك كما رمى هو سونا، لم اظن أن السحر سينقلب علي وأعشقك من أول لحظة رأيتك بها بالأحمر. لا زالت تبكي وكلما أخرج تلك الكلمات من حلقه تذهب استقبلتها هي في قلبها مباشرة تحاصره ثم تقوم باعتصاره بعنف. أضاف أمير: كنت شيطانا لا يرى إلا بعين انتقام، حين وجدتك جريت فحصا لأتاكد أنك ابنته لكن كان مزورا من قبل مراد، ثم صببت كل وحشيتي وشيطانيتي بك لكن أنت، أنت روحي التي ظلت عني وعادت، أنت السكينة التي ما عرفتها يوما، أنت الضوء الذي أنار عتمة عالمي، تنت نفس أمير، أنت من انتزعت الأشواك من حولي وحررتني من قضبان الظلال الذي كنت به. ضربت الباب بيدها بقوة مرة أخرى وردتت بحنق: أصمت أصمت يكفي أصمت ما أحقرك، كيف استطعت كيف؟ لم عيشتني بهذه الكذبة؟ ليتك قتلتني وما مثلت هذه التمثيلية وتظاهرات بالبراءة، لقد صدقتك بسذاجتي لقد صدقتك كالبلهاء وظننت أنه فعلا عشق اسطوري، ياليتك قتلتني ولما استمريت بهذا، لقد كنت أثق بك كالعمياء ماذنبي أنا حتى تثبت لي أنني فعلا عمياء؟ أنت رأيتك أختك وما عادنت كيف هنت عليك وأذقتي من نفس الكأس، ألم تعلم بأن الشيء الذي فعلت أكثر ما يكسر الأنثى، أن نوع من البشر أنت؟ تحدث بسرعة مقاطعا لكلماتها التي تعصر قلبه فتتجمد كافة حواسه وتحترق وكأنها ترميه في النار كل حين ليقول: لا عشق أقسم لم يكن تمثيلا كله حقيقة حبنا حقيقة لسنا كذبة، أنا أتنفس بفصلك، أنا لا قدرة لي دونك، أنت كل شيء لي عشق كل شيء. ريحان بغضب من خلف الباب: اصمت رجاء، ماذنبي أنا كيف سأتحمل كل هذا الألم؟ أنا أنزف ولا مسعف ينقذني، هرمت قبل أوانب وأصيب قلبي بالشيخوهة و بسببك أنت، أكرهك، أكرهك. ليته صمت فتلك الكلمات التي كان يرددها كانت تذبحها ثم تلملم دمائها لتعيد ذبحها وتعيد الكرة كل حين وحين، ألم بقلبها وألم بجسدها حتى تلك الروح الصغيرة وتألمت معها، لكن بسبب قوة النزيف الذي أصاب فؤادها لم تهتم لشيء آخر، لربما نسيت تماما أنها حامل، جالسة أرضا تسمع ما يخرجه من سهام قاتلة يرميها بها. لفرط ألمها تحررت، نبتت لها جناحان💔 الى هنا تنتهي حلقة الليلة من #عشق قراءة ممتعة♥️ الفصل الرابع والثلاثون من هنا |
رواية عشق الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم كنزة
تعليقات