رواية ضراوة العشق الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دهب عطيه



رواية ضراوة العشق الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دهب عطيه 







🦋 الخامس والثلاثون🦋

بعد مرور أربعة أشهر.... كانت تداعب صغيرها المستلقي على الأريكة في غرفة الصالون ويدبدب بقدميه الصغيرتان بسعادة وحماس وهو يجد أمه
تبتسم له وتلاعبه بكل الحركات المشاكسة لشد انتباهه إليها اكثر.....

ابتسمت وهي تميل عليه لتقبله بقوة مزعجة باتت بها من يوم ان رأت هذا الصغير اصبحت مفترسة معه
في القبلات والعناق من جماله الخاطف للاعين وحجمه الصغير... وللُطف والبراءة المشعة من عيناه الرمادية.... يالله قد ورث منها الأعين الرمادي ولكنها خلابة اكثر بل انها اشبة برخامية دخانية .... 

توسعت بسمتها وهي تجد قبضته الصغيرة تنقض على شعرها..... هتفت وهي تحل شعرها بصعوبة من بين يده محدثه إياه وكانه شخصاً كبير راشد.... 
"تاني شعري يايودي.... انت اي حكايتك مع شعري بظبط ها.... ها..... اي ده... اي ده...." انقضت تدغدغه بخفه في بطنه وهي تسمع ضحكة طفيفة بريئه
تخرج منه تكاد لا تسمع ولكنها التقطت إياها
بأمومة.....

انقضت مرة اخرى على وجنتيه وهي تقبله بحب... 
"اي الجمال ده هو في كده..... في كده...." تهورت بجنون في قبلاتها فجعلت الصغير يزمجر بعدم ارتياح.... ابتعدت عنه وهي تكلمه باعتذار... 
"خلاص آسفه.... آسفه اخر بوسه....اخر واحده"
قبلته بمحبة وهي تعيده لاحضانها لياخذ قسط من الراحة وهو يُطعم من صدرها رزقه...... 

داعبته بيدها وهي ترى كم ان شعره يميل للون الاشقر قليلاً كانت تستغرب الأمر في البداية ولكن والدتها اخبرتها انها جينات والده فهو كان اشقر 
اللون قليلاً في صغره لكن مع مرور السنوات انقلب اللون للبني الفاتح... غامت عينيها بشوق وحب إليه 
وهي تطلع على قطعة منه ومنها... قد اخذ إياد من والده الكثير ومنها أيضاً.... لكن ربما فيما بعد تتأكد 
أكثر هل يحمل قساوة والده وانانيته في الحب ام 
يحمل جنونها وتسرعها في القرارات.... 

لم تفكر إلا في العيوب وتركت المميزات جانباً فالمرء يخشى من عيوبه ولا يتفاخر بمميزاته وكانها نقمة 
غير مرئيه ، ربما يتعرف عليها يوماً بعد ان يُقر بها شريكها الثاني !!...  

ترك صغيرها طعامه ونام براحه في احضانها الدفئة وكأن العالم بنسبة له حضن أمه ويكفي من بعدها.. 

دخل عمرو عليهم وجدها تضع الصغير بجوارها
بلطف ثم استقامت بجلستها قليلاً لتريح ظهرها على الاريكة وترفع قدميها على الطاولة أمامها بتعب.... 

تابعها بعينيه باشتياق وحنق من ابتعدها وعنادها معه وكانها تصر ان يظل يلتوي من لوعة الشوق...

اصبحت جميلة يافعة الانوثة اكثر من السابق... لا يعرف فقد تغير جسدها قليلاً بعد الولادة زادت
 قليلاً في الوزن مما أدى لزيادة بعض المفاتن
 الانوثية التي تهلكه بها.... لا تزال رشيقة لكن رشاقة
مُهلكة لكيان رجلاً مثله لم يقترب منها منذ اكثر
من ستة أشهر.....لم يلمسها ويستنشقها منذ فترة 

يتشاركنا الفراش ولكن كلاً منهم يولي ظهره للآخر 
وكانه مُجبر على كسب الرضا بالبعد عنها...اي هراء جعله يصمد طوال الأربعة أشهر الماضية الذين مرُ عليهم بكآبة وثقل مخنق....هل حقاً يعاقب نفسه بمعاقبتها له فهو أيضاً اصبح يتعامل بفتور معها بعيداً كامل البعد عن إثنين بينهم رٱبط زواج ورابط عاطفة 
تجعلهم هائمان ببعضهما.....

لوى شفتيه بسخرية خانقة...اي زواج هذا الذي يجعلنا نتعامل كالغرباء مع بعض.. واي هيام هذا 
الذي يجعلنا نبتعد بقلوبنا واجسادنا عن بعض.. 

هل حقاً يروق لها الفراق ألا تتأثر به ولو قليل... هو لم يحاول ان يقترب منها في تلك الأشهر حتى لا تشعر انه يستغل مشاعرها لأجل اقامة علاقة جسدية تنتهي في خضون دقائق... يريد ان يبدأ معها من جديد وتسامحه من قلبها لا بلحظة ضعف مجبوره عليها منه...... 

   

دخل اليها وجلس على مقعد مجاور لها وهو يلقي السلام بفتور كما اعتاد منها وكما اعتاد هو ردت بنفس البساطة.....وكان ليس هناك بينهم اي شيء او ان صح التعبير كانه شخصاً غريب مر بجوارها 
فالقى السلام ورحل.....

زفر بتثاقل وهو يشعر ببرود تعاملها وجمودها في تعامل معه...الم تكتفي بعد....آآه فكر ان البعد 
سيجعلها تفيق وتشتاق وممكن ان تشفق عليه وتعرف انه تعب من هذا البعد ويريد ان يستريح
للأبد بداخل احضانها.....

(كفى ياوعد.....رجاءاً كفى.....)ود لو يخبرها بانهزام انه كاره تلك الصورة الجامدة في تعبير يود ان يخبرها انها يريد حبيبته الناعمة الذائبه بين يداه 
من لمسة وهمسة منه... كاره تلك المرأة الجامدة في تعاملها معه الآن...

حل ربطة عنقه قليلاً وهو يقول بصوتٍ متسائلا مجرد فتح حديث معها.....
"إياد نام...."

كانت تعبث في هاتفها بانشغال او تطصنع هذا 
لتخفي عينيها عنه فبهما ومض مشع بشوق والحنين إليه يفوق العالم بأسره وهي تخشى ان تضعف بعد كل هذا معه...

رفعت عينيها على ابنها لتهرب من نظراته الثاقبة
ثم حاولت ان ترد بفتورها المستفز لروحه....
"آآه نام من شوية.....بلاش تصحيه عشان منمش طول الليل...."عادت عيناها للهاتف بهدوء.... 

" هو لسه مش بينام بليل..... انا مش بسمعه وانا
نايم "

ردت بصوتها الرقيق..
"ااه لسه.....هو طبيعي انك متسمعهوش لأني باخده وبروح اوضة تانية...."

عقد حاجبيه بتسائلاً...
"ولي مبتفضليش في اوضتك...."

"عشان تنام براحتك...انتَ بتقوم بدري لشغلك...."

قال ببساطة...
"واي المشكلة لم اساعدك شوية.....النهاردة هقعد
بيه..... وانتي نامي...."

ابتسمت بمجاملة وهي ترفع عينيها عليه أخيراً وحين 
تلاقت الأعين.. تأوه عمرو بكبت ولكن ظلام عينيه امامها اخبرها أنه اصبح على حافة الانهيار معها......وان طالت النظرات بينهم سياخذها باحضانه ويحرقها باشواقه التي اشعلتها بداخله....

اسلبت عينيها للهاتف مجدداً وقالت...
"مش هينفع اياد بيرضع طبيعي...."

قال ببساطة ويبدو انهُ مصر....
"مش مهم حضريلو الببرونة النهاردة...."

قالت بنفي وهي تحجب عينيها عنه...
"اياد مش بيرضع غير طبيعي وماما قالت غلط ياخد الببرونه دلوقتي عشان ميتعوضش....يعني على
الأقل أول شهور مهمين للرضاعة الطبيعي....."

عقد حاجبيه متشدقاً...
"انتي بتقفليها ليه..... انا عايز اساعدك...." 

ردت باجابة نموذجية...
"عارفه... بس خلاص انا اتعودت...." 

قال بمداعبة... 
"بقيتي مامي يعني....." 

رفعت عينيها إليه مجدداً
"عندك شك في كده...." 

"لا طبعاً معنديش شك.... انك اجمد مامي شوفتها..."
نظر الى سحابة سترتها المفتوحة قليلاً والذي يبرز منها جمال عنقها و وشمتها الحمراء وما بعدها بقليل....اغلقت السحابة لاخرها وهي تبتلع ريقها وقد شعرت ان جسدها بأكمله ساخناً كأتون مُشتعل تاثراً
بكلماته المداعبة ونظراته الدافئة والوقحة على جسدها.... 

اللعنة هل تشتاق له بكل هذا الجموح..... 

حاولت ان تخف من حدة تلك المشاعر فقالت بهدوء.... 
"انتَ اتغديت ولا لسه...." 

رد وعيناه تجول بمكان آخر بعيداً عنها...
"لسه... هما الجماعة اتغده ولا إيه...." 

اجابته... 
"آآه من ساعه كده....." 

نظر لها وقال باستفسار... 
"وانتي اتغديتي معاهم..." 

هزت راسها بنفي قال بصوتٍ به لمحة من اللهقة برغم وقاره وتريثه.... 
"إيه مستنياني؟..."

هزت راسها مجدداً وهي تتابع... 
"لا بس انا فطرت متأخر فمكانش ليا نفس وقتها..." 

ابتسم بسخرية من نفسه فقد ود ان يسمع كلمات
اخرى غير تلك... ماذا دهاه هل اصبح مراهقاً مع زوجته لدرجة جعلت كلمة عاطفية تروقه بدلاً من لمسات حميمية بينهم..... 

(اين الشيء الحميمي بينهم والمهلكة الفاتنة 
تجلس بمنتهى الجمود امامه وتحدثه بهدوء بارد وكانها تعلن عن طقس اليوم بمنتهى العملية... آآه برودها يضاعف الغيظ بداخلي .... الصبر وللهِ لا أحتاج إلا الصبر... معكِ ياوعد ...) 

"ينفع تكلي معايا.... انتي عارفة اني مبحبش اكل لوحدي....." 

كانت سترفض ولكن نظرات عيناه المترجية بشجن الا تمتنع عن هذا الطلب جعلها ترد بجمودها المغيظ.
"تمام بس هقعد معاك..... لاني بجد مش جعانه..." 

همس بسطوته التي لم يتركها مهم حدث... 
"لم تجيبي الأكل نشوف الموضوع ده..." نهض
من مكانه وهو يقول بخفوت.... 
"خلينا ناكل في اوضتنا.... انا هطلع اغير على ماتقولي لروحية تحضر الغدا..."  

أومأت له على مضض وبداخلها ثورة مشاعر متناقضة بالا تصعد معه الآن وانذار الخطر يصدح
بقوة في اذنيها..... نظراته اليوم اكثر قتامة ورغبة
بها كيف لا تعرف المرأة عن مدى رغبة زوجها بها وعلى اي مدى يشتاق إليها.... كانت تلمسها طوال الاشهر الماضية لكن اليوم تشعر ان الصمت
والصمود انفجر امامها بطلبه ان تشاركة الطعام 
في غرفة نومهم .... 
______________________________________
وضعت صنية الطعام على طاولة وهي تنظر لباب الحمام الذي خرج منه عمرو للتو ولا يرتدي إلا 
بنطال قطني مريح وصدره عاري وشعره مُبتل يبدو انه اخذ حماماً... فالماء ينساب قطرةً قطرة من شعره 
البني لذراعه القوية ...... لي عضلات صدره المشدودة أأ.....

اسلبت عينيها وهزت رأسها وهي تبتلع ريقها وعقلها يصرخ بقوة...
(لا... لا للتركيز انسي قطرات الماء......رجاءاً....)

اغمضت عينيها وهي تبتلع ريقها بصعوبة..ماذا يحدث لها اليوم....ماذا بها تحديداً اهذا يوم ثورة المشاعر ورغبات نحوه.....هل نسيت ما فعله بها.....

زفرت باختناق وهي تستمد أحداث الأشهر الماضي اي قبل الاربع أشهر كانت هي من تتلوى بعذاب امامه مطالبة ان يسمعها ويشفق على قلبها وألا يبتعد ويتركها خلفه...لكنه اصابها في مقتلها وليست المرة الأولى التي يخذلها بها....

تبا لها ولقلبها ولرغباتها الغبية....هل بعد كل هذا تتمنى قربه(افيقِ ياوعد....لكل فعلاً رد فعل مصاحب له....لا تجعلي نفسك اضحوكة امامه...اصمدي للنهاية لا يزال مشوار تأديبة طويل معكِ.....)

كانت المنشفة مُعلقه بعنقه بعد ان جفف وجهه
من الماء....
"وقفه كدا لي ياوعد.....اقعدي...."

جلست بدون ان تتفوه بحرف ولم يستغرب الأمر فمن يوم ان ابتعدت وهي تقلل الكلام معه جداً على غير عادتها حينما كأنو الأقرب لبعضهم.....

لا بأس.....هو يستحق وهو من بدأ....

ردد الجملة في سره مرةً أخرى....
"اصبر ياعمرو.....اصبر حقها...."

جلس بجوارها بتلك الهيئة التي كانت تربكها منذ دقائق ولكن مع ذكرياتها السوداوية باتت هيئته عادية لا شيء وكأن الامر طبيعي.....

"هو فين اياد مجبتهوش ليه....."

قالت بنبرةً جوفاء....
"هند خدته وهي طالعه وقالت ان هينام جمبها لحد ما يصحى....."

هز رأسه وهو يرمقها بشجن ثم مسك المعلقة بعد مدة من فقداً الأمل في ان ترفع عينيها عليه...

تنهد وهو يقول....
"مش هتاكلي...."

"لا مش عايزه....."

كان على حافة الانهيار وهو يكبت بصعوبة حنقه وغضبه قائلاً بلطف....
"معلش اتغصبي على نفسك وكُلي معايا....."

ردت بكبرياء اغاظه...
"إزاي اتغصب على نفسي يعني....مش مجبورة.. "

اندفع كالثور الهائج على جملة لا تأدي الى تلك
 الثورة المتأججة... ولكن لكلاً منا طاقته في
 صبر وحتى ان كان الطرف التاني على حق فيما يفعله.....

"واشمعنا انا مجبور اني اقبل بالوضع ده بينا 
لازم اقبل بيه بقالي اكتر من اربع شهور قابل وراضي ومديكي الحق تعملي اللي انتي عيزاه وكل ملاقي نفسي خلاص كيلي طفح ارجع اصبر نفسي... بان حقك واني غلط واستاهل .....بس انا خلاص صبري نفذ ياوعد... وتعبت من اسلوبك ده... مفيش راجل يقبل اللي انا قبلته منك.... انا مضربتكيش بنار.... "

نهضت بقوة وكادت ان توقع صنية الطعام ولكنه مسكها في الوقت المناسب لم تهتم وهي تصيح 
بقوة امام وجهه بعد اخر جمله أشعلت صدرها 
بهيجان واضح.... 
"مضربتنيش بنار...... بجد ياريتك عملت كده.... انتَ عملت الاسوء شكيت فيه.... شكيت في اخلاقي واني ساعدت راجل تاني يخرج من السجن وانا
على ذمتك.... ومستكفتش من ظلمك لا دخلت واحده انت عارف كويس هي عايزه اي منك بظبط 
واستغليت ده عشان تجرحني وتقل مني قدام 
نفسي قبل اي حد.......ويوم ما مديت ايدك عليه كسرتني وكسرت نفسي قدام الحرباية اللي دخلتها حياتنا وقدام صاحبتي..... انت فعلاً مضربتنيش
بنار....انتَ حرقتني وقعدت تتفرج عليه وانا
بموت حيه قدامك......" 

صمتت قليلاً بحزن ثم تابعت بجمود أمام عينيه القاتمة... 
"فوقت امته من الغيبوبه دي ياعمرو ها فوقت 
أمته..... لم كُنت هموت بين إيدك مش كده... دورت وعرفت الحقيقة مع انك دورت متأخر بعد ما أذتني وكسرتني.... وبعد ماتأكدت جاي تطلب السماح مني...... طب هتقولي سمحيني على إيه ولا إيه.... على اني كُنت سبب في كل اللي حصلك ولا على قلة ثقتي اللي كان ممكن بسببها دارين تنفذ خططها مع هشام ويقتلوني.... يمكن 
انتَ شايف نفسك فوقت في الوقت المناسب ويمكن بتبرر لنفسك انها كانت لحظة شيطان وغصبك عنك 
بس انا بقه شايفه انك فوقت متأخر وان الموضوع مش غصب وشيطان الموضوع ان الحب اللي جوانا نقصه حاجات كتير اوي واولهم الثقة...... ولو دي معدومة جوانا يبقى اعذرني حبنا عبارة عن ورقه
خفيفة لو جه عليها شوية ماية اسلم حل تترمي
في زبالة وكانه محصلش...." 

نظر لها بدهشة بل و وقف بمكانه وهو يقول بصدمة من كل ما تخفيه داخل قلبها نحوه... هل كرهته
فعلاً وهل التراكمات بداخلها أدت الى كرهه والملل 
منه ومن زيجتهم.... 
"للدرجادي كرهتيني.... مكنتش اعرف ان اللي سببته ليك صعب يتنسي بسهوله....." 

بعض الندوب لا تمحى بل وتترك آثر يذكرك دوماً 
بجرح قديم غائرٍ قد الأمك كثيراً في الماضي وكلما تلامست ندوبه تتذكر وجعه فتشعر انه لا يزال ينبض 
بالألم....... 

"لو كرهتك عمري ما هرفع عيني في وشك... ولا هبات معاك في اوضة واحده على سرير واحد...." 

ابتسم بمرارة وقنوط متسائلاً...
"دا معنى اني في أمل......" 

ردت بغباء....
"دا معناه ان حياتنا هتفضل كده....."  

"ودي تتسمى حياة......." 

نظرت له برماديتين باردتين شفافتين في حزنهم.... 
"دي الحيآة اللي ينفع نعشها سوا..... وكله عشان خاطر اياد ميكبرش يلاقي امه وابوه منفصلين او بينهم خلاف....." 

قال باستنكار...
"وتفتكري إياد لم يكبر مش هيحس باللي بينا..." 

"مش هيحس بحاجه وانا هسعى في ده...." 

لوى شفتيه هازئاً وعقب....
"بتكلمي ببساطة وكان عادي نضيع عمرنا في البعد....." 

قالت بجمود زائفاً....
"الموضوع هيبقى صعب في الأول بس عادي... انتَ كمان ممكن تتجوز وانا مش هزعل...." اولته ظهرها وهي تلفظ تلك الكلمات بقسوة..... 

ابتسم بسخرية من كل ما تهذي إليه ومن قرارها الغبي في ان تظل تلك الحياة قائمة بينهم على
البُعد وتعامل كالغرباء......بعد كل هذا الحب 
وكل ما عاشوا به سوياً..... هل تمزح معي؟......
حاول ان يسايرها في موضوع الزواج فقال باستفسار...... 
"يعني مش هتزعلي لم اروح اتجوز...."

اعتصرت عينيها وهي تحاول منع الدموع وهتفت بصوتٍ جامد.....
"لا مش هزعل حقك....انا مش هقدر اديك حقوقك الشرعية....."

نظر لظهرها المنتفض برعشة تكاد تكون مخفية ثم انزل عينيه على جسدها الغض بقاومة الجاذب 
رفع عينيه مجدداً على شعرها وكانه يتحاور مع عينيها المخفية عنه.....
"يعني مفيش مشكلة لو اديت واحده تانيه اسمي...عادي بنسبالك لم احب غيرك ونام في حضن غيرك....سهل اكون فيما بعد أب لطفل تاني انتي مش أمه......"

انسابت دمعتان حزينتان على وجنتيها فمسحت كلاهما بظهر يدها بسرعه وهي ترد عليه بجمود...
"سهل بنسبالي....طالما مش هتقدر تستحمل الوضع ده بينا....."

قال بجدية لعلها تفيق من اعاقتها المزمنة...
"مفيش راجل يقبل بالوضع ده ياوعد.......وبذات لو الوضع ده مدى الحياة تكفير عن ذنب حصل لحظة غضب وطيش...ومش تبرير...بس انتي لو مكاني هتحسي بيا...."

قالت بمرارة وحسرة...
"كويس اني مش في مكانك عشان اكيد مش هعمل اللي انتَ عملته....لأن كلمتك عندي بألف كلمه من اللي بتتقال عنك.....انا كُنت صريحة معاك للنهاية بس انتَ لا......لاكُنت صادق معايا ولا كُنت واثق فيه..."

تخللت اصابعه شعره بقوة وهو يقول بحنق....
"مفيش فايدة شكلنا هنلف في دايره دي كتير ومهم قولتلك اني غلط ومعترف اني ظلمتك ومهم
اعتذرت ليكي... وانا عمري ماكنت انسان لحوح في اعتذاري لحد وكلمة غلط واسف كانت ممكن تطلع 
بصعوبة من على لساني...... والنهاردة ولحد وقتنا هذا وانا بقالي شهور بقولها وانتي في كل مره بتثبتيلي ان الكلمة رخيصة اوي عندك.... لا وكمان بتقولي هنفضل كده ولو عايز تجوز اجوز.... مش عارف اي لازمة تمثيل الجبروت قدامي ياوعد....وانا وانتي اتعرينا قدام بعض من زمان وكل واحد فينا عارف 
التاني بيحبه ومتعلق بيه إزاي....."  

لم تكن شجاعه بما فيه الكفاية لتواجه عيناه بل ردت عليه بنفس الوقفه المستفزة له....
"دا كان زمان لكن دلوقت....."

قاطعها عمرو بجزع حانق....
"كفايه كدب انا بحبك وانتي بتحبيني...لو هتفضلي 
حطه الكبرياء دا كتير مابينا يبقى علاقتنا هتقع اكتر ماهي وقعه......حبنا مش ضعيف ولا مقامة الزبالة زي ما وقولتهالي ببساطة من شوية.. وكانك بتكلمي عن حاجه رخيصة ربطانه.....اللي كان نقصنا بجد ان حد فينا يعدي ان واحد فينا يزق المركب ويقوم التاني يقوله ساعدني شوف انا بعمل إيه عشان نكمل وانت وقف مكانك....لو التاني عايز المركب تمشي هيساعد ويبعد الغمامه عن عينه ويساعده ويقرب 
المسافات والحياة هتمشي.....احنا معملناش كده 
كل واحد فينا كان بيثبت لتاني ان يقدر يبعد 
ويقسى ويقدر يكمل بعيد عنه لحد مالمركب
غرقت واحنا عليها.....احنا بدأنا غلط بس يمكن اللي كان مابينا في الأول خلانا ضايعين من اننا نفهم بعض ونبدأ صح زي اي اتنين متجوزين......"صمت قليلاً وهو يتنهد بصعوبة...
"بس لو اديتيني فرصة تانيه وحاولتي تنجدي المركب معايا هحاول اصلح كل اللي بينا...... يمكن كل الوعود اللي كانت مبينا كلام في الهوا بس إلا الوعد ده.....لان جه بعد قلم قاسي اوي اتعلمت منه يعني ايه حب ويعني اي عيلة ويعني إيه تكون مسئول قدام عيلتك ويعني إيه ست تحبك وتعلق امانيها عليك وانتَ تصدمها فيكي......القلم كان قاسي ياوعد فوقني وعلمني.....بس وجعني وانتي بتزيد من الوجع بعميلك دي....."

تقدم منها ووقف امامها فوجده تبكي بصمت 
وعينيها حمراء بفعل كبت البكاء والحزن حتى لا يسمعها لكنها لا تعرف ان اهتزاز جسدها فضحها بوضوح وهذا ما جعله يتقدم منها ..... 

زفر باختناق وهو يمسح دموعها بحنان.... 
"كفاية عياط ياوعد...... عشان خاطري مش بحب اشوفك كده......" 

حاول ان يجذبها لاحضانه ولكنها امتنعت عنه وهي تحاول الهروب من الغرفة فهي تود اخراج شحنات البكاء في مكان اخر بعيداً عن عيناه....

مسك ذارعها وسحبها بقوة فوقعت على صدره
هدر بصرير محتد....
"كفاية عناد بتقوحي ليه معايا....عايز توصلي لايه....مش هطلقك لو كان دا هدفك انك تزهقيني لحد ما سيبك وطلقك يبقى بتحلمي......."

"سبني ياعمرو..... سيب ايدي..... "حاولت الافلات من بين قبضته ولكنها وجدته يكبل خصرها بقوة اكبر... 
" دماغك نشفه ولو زودتي في عمايلك دي هكسرهالك وخلص..... "

حاولت ان تفلت منه بقسوة وهي تقول بغضب... 
"ابعد عني ياعمرو.... سبني....." 

"اسيبك وروح اتجوز زي ماقولتي.... انتي عارفه لو واحد تاني في مكاني كان ما صدق وجري جبلك واحده تانيه هنا...." 

احتدت عينيها وهي تنظر له بشرارة غضب متطاير من مقلتيها.... 
"روح جبها ماهو مش جديد عليك....." 

انعش روحه لمحة الغيرة في نبرتها وعيناها فقال مداعباً إياها...
"وانتي زعلانه ليه مش قولتي روح أتجوز... اي غيرانه....." 

قالت بفظاظة وكانها غرزت السكين بصدرة....
"لا..... هغير من اي........ وعشان إيه....." 

تركها بهدوء ولم تتصور ان يفعلها للتفاجئ به يلفظ بصوتٍ خالي من التعبير....
"عندك حق على إيه..... براحتك اعمالي اللي شيفاه صح.... بس اعرفي اني تعبت من الكلام والعتاب 
في كل المواضيع القديمة.....يتسامحي وتنسي.. يتكملي في اللي انتي بتعمليه لو ده اللي
هيريحك.... " 

اكمل ارتدى ملابسه بعجلة وخرج من الغرفة مُغلق الباب خلفه بقوة....  

اغمضت عينيها وانسابت دموعها بقوة وهوى قلبها ألمًا خلفه وكانه يترجاه إلا يبتعد لكن شيطانها 
يصمم على موقفها وخراب حياتها.... 

في البداية كان حقها لكن الان ماذا ياوعد... الم تسمعي مقولة تقول.... ان زاد الشيء عن حده انقلب ضدة..... هل حقاً تريدين ان تظل حياتكم على هذا النحو ام أنه مجرد تهديد لتأديبه على ما فعله.... 

وعد انتي تعاقبي من تحبي وهذا في قاموس الحب عذاب لكِ قبل ان يكون له..... 

ماذا بكِ ألا يكفي اعتذاره وترجيه طوال تلك الأشهر 
هل تريدين ان يتذلل ويبوس قدميكِ لترضي وتصفحي عنه.... متى كُنتِ قاسية المشاعر لتلك الدرجة...... 

لا تعرف برغم من انها تريد ان ترفع الرايا البيضاء له إلا ان هناك شيء بداخلها يأبى التنازل.... 
______________________________________
تمر الأيام وتطوف حولهم وقلوبهم تزيد تلف وهجور ونبضات تتصاعد بالقرب ولكن هدراً فالعند يزيد بينهم البعد.... وهو قد تجاهل اي حديث بعد تلك المناقشة القاسية.... أنهكه التفكير والعتاب وطلب السماح منها... لكلاً منا طاقته مع من يحب ولكل شيءً حدود إلا انفصالها عنه لن يسمح به وان كانت تود البعد بقربه فهو لم يمانع طالما انها امام عينيه دوماً... 

كان الجميع يجلس بغرفة الصالون مع ضيوفهم وعائلتهم الجديدة التي ستأخذ قطعة ماسية من هذا القصر(هند) اليوم يتم تحديد موعد الزواج ها هي الصغيرة ستترك اخيها وابيها وعائلتها الوحيدة وتذهب لبيت زوجها وعائلة اخرى... كم ان الأمر 
صعباً عليه والاصعب ان يفكر بانانية بان يحتفظ
بها دوماً وتظل الأخت الصغيرة ولام الحنونه عليه.... 

ابتسم عمرو ببشاشة وهو يقول لجميع.... 
"خلاص يبقا متفقين.... بعد شهرين...... ولا انتَ اي رايك ياعمي....." نظر باتجاه عمه الجالس بجواره والذي أيد الفكرة بسعادة أب..... 
"لا كويس اوي كفاية عليهم كده..... خلينا نفرح واشوف هند عروسة قبل ما ..."قاطعته هند التي
كانت تجلس بجوار (إسراء) شقيقة حاتم...

" متكملش ياعمي...... ربنا يديك الصحة ويطول لنا في عمرك.... "

رد ثروت عليها بحنو...
"ربنا يفرحك يابنت الغالي ويسعدك في حياتك..." نظر باتجاه حاتم وهو يقول... 
"خد بالك منها ياحاتم حطها في عينك... انتَ بتاخد مننا حاجه متتقدرش بمال الدنيا كله....." 

قاطعه عمرو وهو ينظر لحاتم ببرود محتد....
"متقلقش ياعمي انا مفهم حاتم...... هند بنسبالنا اي وبذات انا..... فاكر طبعاً ياحاتم كلامي.."

نظر له حاتم بغيظ وهو يسرد نبذة عن الحديث...
"آآه فاكر.... اني هيتقري عليه الفاتحة لو برقتله بس...." 

وضع عمرو قدم على الأخرى وهو يقول بمزاح 
ثقيل...
"برافو عليك طلعت حافظ وفاهم كمان لا... وكيل نيابه بجد....." 

قال حاتم بمزاح به لمحة سخرية...
"وكيل نيابه؟.... يابو نسب خلي البساط احمدي.. متعملش تكليف بينا....." 

ضحك الجميع عليهم ومن ضمنهم وعد التي إبتسمت بأستياء وهي تهز رأسها وحين تلاقت عينيها ببنيتاه في هفوة غباء منها وجدته يفترسها بنظراته بقوة وغضب لا يخلو من الشوق إليها.... 

نهض ثروت بعكازيه وبدأ يحاول السير بهم لحين اكمال شفاه على خير.... قال ثروت وهو ينظر لوالد 
حاتم..... 
"تعالى ياستاذ سلامه نشرب القهوة في مكتبي وسيب الشباب ياخده راحتهم...." 

هز الرجل رأسه له باستحسان للفكرة وكان رجلاً وقوراً في هيبته وبشوشاً كذلك في هيئتة....اصطحبة ثروت للمكتب وهم يتسامرون
في احاديث عامة......

نظر حاتم لهند بشوق بادلته هي أيضاً بنعومة وحب تهور كعادته وبعث لها قبلة في الهوء بدون ان يلاحظ أحد من حولهم..... 

ابتسمت بخجل وهي تسلب عينيها عنه وقد عضت على شفتيها بتوتر وحرج من جنونه.... عادت إليه 
بنظراتها مجدداً فوجدته على وشك اعادة تلك الحركة لكن حين مد شفتيه قليلاً سمع صوت عمرو
يصدر ببرود.....
"انتَ بتعمل اي ياحاتم......"

توسعت اعين حاتم وهو ينظر لعمرو ولم يجد امامه إلا السعال وهو يقول بتعب....
"دخان السجاير كتم على نفسي......"سعل بقوة فعقد عمرو حاجبيه قائلاً....
"فين السجاير دي محدش مولع حآجه....."

نهض حاتم وهو يضع يده على صدره...
"لا لا مش قادر... وللهِ استحمل....."سعل بقوة وهو ينظر الى هند بتعب مصطنع.....
"تعالي وديني الجنينة ياهند اشم نَفسي برا لحسان خلاص بموت....."سعل بقوة فجعل هند تنهض وهي تكتم ضحكاته وجارته في تمثليته الفاقدة للحبكة والمواهبة كذلك ......
"الف سلامه عليك تعالى...... تعالى من هنا....."

سارت معه وهو بجوارها حتى خرج امام إبصار الجميع.......

علقت اسراء امامهم بمزاح لأول مرة...
"طبعا كلنا عرفين انه تمثيل...بس عمرنا ما هنروح نقولهم....."

ضحك الجميع على جملتها وظل عمرو في عالمه شارداً في من لا ترى عينيها تلمع و ابتسامتها
تشرق إلا نادراً....والنادر يجب ان تقف امامه 
وتتأمله فهو لن يعود ثانيةٍ.....

سمع زوجة عمه تقول بمحبة لضيفة الجالسة بجوارها......
"عقبالك ياسراء......ياحبيبتي...."
  

قالت إسراء بتهذيب...
"ربنا يخليكي ياطنط..... بس خلاص انا خدت نصيبي والحمدلله..." 

قالت نادية بأستغراب....
"اي ده انتي متجوزه...." 

ردت والدت إسراء بحزن....
"كانت يامدام نادية بس انفصلت بعد سنه جواز الحمدلله على كل شيء......" 

قالت نادية بحرج ومحبة...
"ياحبيبتي لسه صغيرة....ربنا يعوضك خير.. " 

قالت الفتاة ببساطة وكانه منحنى وادي وقد مرت بسلام من عليه.....
"الحمدلله انا راضية بقضاء ربنا... الحياة مش وقفه على الجواز وطلاق انا حالياً بكمل درستي في كلية الطب.....وقريب اوي ها تخرج وبقى دكتورة في الجامعة اللي بدرس فيها.... "

لمعة اعين نادية بود وهي تنظر لها معقبة...
"ماشاء الله تبارك الله.... ربنا يزيدك من فضله ويبعتلك ابن الحلال اللي يعرف امتك...." 

عند تلك الكلمة نظر عمرو باتجاه وعد نظرة ذات معنى تصحبها غمزة مشاكسة لها قبل ان يشير بحاجبيه نحو إسراء وعيناه تفترس وجه وعد.. 

احتدت اعين وعد وهي تفهم معنى تلك النظرة جيداً فلم تجد الا إلقاء نظرة غاضبة مفعمة بالغيرة قبل ان تستأذن بلباقة....... 

"عن اذنكم..... هروح اشوف إياد...." 

تابعها عمرو بعينيه وهي تبتعد صاعدة السلالم بعصبية ودبدبات قوية من قدميها كفيلة بأن
  تخبره بغضبها وغيرتها عليه......

ابتسم بتسلية وهو ينهض بعدها ويستأذن من الجميع بدون ذكر السبب.......

صعد على السلالم بوقار وهو يفكر ان أخيراً ذاب الجليد قليلاً من عليها.. يالله كم اعشقها وهي شعلة 
موقدة فقط لتحرقني شوقاً وعشقاً وهوساً بغيرتها
علي......يعشق غيرتها ويعشق ان يكون في عينيها 
الرجل الوحيد المتبقي من هذا العالم والذي يجب
ان تخاف عليه وفي اعماقها تود ان تخفيه
عن اعين الجميع.......
_____________________________________
تفقدت اياد الذي غارق في نومه منذ ساعتين وأكثر 
يبدو انه بدأ يغير نومه كما اخبرتها والدتها.... قبلته 
بلطف ودثرته جيداً بالغطاء في سريره الصغير.... 

رمشت بعينيها بحزن وهي تفتح باب الشرفة لتدلف بها واغلقت الباب خلفها حتى لا يتأثر صغيرها من تلك النسمات الباردة..... 

نظرت للمكان الخاوي بشرود حزين... قد تبدل الجو وبدأ فصل الشتاء بظهور بعد غيبة أشهر طويلة... 

كم تعشق هذا الجو ببرودة الرياح وجمال سحره الرمادي وقطرات امطاره.... من امتع الأشياء بنسبة لها الوقوف تحت الأمطار و رذاذها القاسي قسوة 
حانية تنعش القلب وتغسل الروح من المًا وجروح 

يقال ان الشتاء فصل كئيب وحزين ولكن يقال من طرف آخر تلوّى بجمار العشق انه رمزاً للحب والمشاعر الجياشة لكل العاشقين.... 

ابتسمت بنعومة وهي تتذكر بداية حملها كانت في شتاء وكان بجوارها عمرو وقتها كان يغرقها في حبه وحنانه........ توسعت البسمة وهي تتذكر يوماً ما في احد تلك الأيام الباردة..... 

كانت ترتدي بيجامة شتوية ثقيلة وانيقة ارجوانية اللون..... 

بدأت تحك كفيها ببعضهم وهي تنظر له فكان يعمل بحاسوبة بتركيز على الفراش وصوت الرعد ورذاذ المطر القوي نغمة باتت تزعجه.... 

عقد حاجبيه وهو يتأفف بملل ويركز اكثر على ما بي يده..... 

جلست على حافة الفراش وهي تسأله ببساطة... 
"اي مالك مش بتحب الشتا....." 

"في حد بيحب الشتا برضو......" 

لوت شفتيها وهي تقول بتقزز...
"اي ده انتَ من الناس اللي بتحب الحر وتلزيق..." 

خبطها على رأسها بلطف وهو يقول.... 
"تلزيق اي وقرف إيه...... هو طالما مبحبش الشتا يبقى بحب الصيف....." 

إبتسمت بنعومة وهي ترمقه بمكر انثوي... 
"امال بتحب إيه بظبط...." 

رد بنبرة رخيمة دغدغت انوثتها...
"بحبك انتي مش محتاجه كلام...." 

ضحكت برقه وهي على يقين انه سيلفظ تلك الكلمات بعد سؤالها..... حاولت ان تتحدث بجدية
اكثر خصوصاً انه ترك حاسوبة وانتبه لها أكثر 
والانتباه لا يعني إلا شيءٍ واحد.... 
"لا بجد بتحب إيه...." 

رد ببساطة وهو يعانق يدها بين يده... 
"يعني الربيع الخريف الفصول اللي بتبقى بين البنين دي...... يعني مش بميل لحاجه معينة.....للحر اوي ولا للسقعه اوي... " 

ضحكت بخفوت وهي تقول.. 
                 "أجابه نموذجية..." 

عانق كفيها اكثر وهو يغير الحديث بهدوء... 
"إيدك متلجه انتي سقعانه اوي كده....." 

تنهدت بعمق وهي تهز راسها وقد احمر انفها نتيجة برودة الجو..... 
"سقعانه شوية... مع اني يعتبر لبسه كيلو هدوم البجامه تقيله جداً حتى شوف...." مسكت طرف الكم ليتحسس مدى سمكها فعل هذا وهو ينظر لها بخبث..... 
"انت مش عايز بيجامة تقيله ياحبيبي.... انتَ عايز حضن يدفيك في الجو التلج ده...." 

"حضن بس...." نظرت له بعبث انثوي.... 

ابتسم بمراوغة وهو يقول.... 
"وحاجات تانيه لزوم الدفى... بس اهم حاجه تخلعي كيلو الهدوم دا حالاً......" 

قالت بنفي وهي تضحك...
"لا...... لا مينفعش ياعمرو هبرد...." 

"تبردي وانتي في حضني دا يبقى عيب في حقي حتى...." غمز لها بعبث وهو يسحبها لاحضانه 
ليعمل على ادفئ جسدها بتعويذة أخرى جيد 
هو بها..... 

طل عليها بجسده الرجولي ونظر لها بوقاحة وهو يداعبها بأنفه بمشاكسة تحسست وعد لحيته 
وهي تقول بنعومة..... 
"تعرف ان ده احلى شتا يمر عليه....." 

تطلع على وجهها بعشق...
"وتعرفي ان انتي احلى حآجه حصلتلي...." 

قالت بشقاوة.....
"لا........... بجد.....قول غير كده... " 

ضحك على جملتها وهو يأكد جملته بابتسامة جذابة...
"ااه.... وللهِ...." 

همست بمشاكسة...
"مش مصدقه..... "داعب عمرو وجنتيها باسنانه 
وهو يقول بمشاكسة.... 
" خلاص تعالي اثبتلك..... "

اطلقت ضحكة انثوية قوية وهي ترى أسنانه تحفر باللطف في بشرته ولا تعرف من اين ياتي اللطف بعد كل هذا القضم .... لكن معه شيءٍ آخر.....

فاقت من ذكرياتها على نسيم الهواء البارد الذي رفرف شعرها الأسود للخلف فجعل من هيئتها الفاتنة
اكثر جاذبية وجمال..... عانقت نفسها بتلقائية
وكانت ترتدي ملابس شتوية انيقة عبارة عن كنزة ثقيلة من اللون النبيتي وبنطال جينز من اللون الاسود....... 

عدلت عنق الكنزة قليلاً على رقبتها لتشعر ببعض الدفئ برغم من البرودة التي لا يتحملها جسدها إلا 
انها من عشاق هذا الجو ومهم احل بها لن تتنازل وتترك هذا الجو المتألق بالشتاء بمفرده دون ان 
تذوب بتأمله أكثر....   

شعرت به يدخل إليها ثم اغلق باب الشرفة وهو يسألها بهدوء مُقترب منها....
"وقفه كدا ليه.....الجو برد ادخلي جوا....."

هزت رأسها بحنق وقد تجمع غضبها منه من جديد...
"مش عايزه أدخل......."

اعتدلت في وقفتها تنظر له واصبح ظهرها مُستند على حاجز الشرفة وهي تسأله بغضب به لمحة
 الغيرة المجنونة....
"معناها اي النظرة والغمزة اللي عملتهم ليا تحت دي....."

رد ببرود واضح....
"معناهم اي......عادي يعني حبيت اقولك انك زي القمر النهاردة......"

اشتعلت عينيها بالغيظ وهي تقول....
"لا مش دا قصدك....انتَ بصتلي كده بعد ما اخت حاتم حكت انها منفصلة...."

استند على حاجز الشرفة بجوارها لكنه يقف يتأمل المكان أمامه ثم رد عليها بفتور متجاهل النظر لها..
 
"مش فاهم...."

عدلت وقفتها وهي تنظر لها بضيق...
"لا فاهم.....انتَ اي مصدقت اني قولتلك روح اتجوز.....بدور على عروسة خالص....."

قال بصلف بارد...
"وانتي شيفاني قعد ادلل....مع اني مش محتاج
ادلل......وبعدين انا شامم ريحة غيرة.....يكونش غيرتي رأيك وقررتي تشيلي تاج النكد من على
راسك وتركزي معايا شوية..... "

تشدقت بانزعاج....
"تاج النكد؟....لا مش هشيله ومش هركز معاك..
واعمل اللي تعمله...."كانت ستخرج من الشرفة
بتافف وغيظ وظنت انه سيلحق بها ككل مره 
ولكنها تفاجئت به يرد ببرود وهو ينظر للمكان الخاوي أمامه.....
"مأنا كده كدا هعمل اللي هعمله مش مستني الأذن..."

رجعت إليه وهي تقف خلفه بحنق... 
"يعني اي هتعمل اللي انتَ عايزه.... انتَ هتجوز فعلاً..." 

"الله هو مين اللي شار عليا غيرك يابنت الناس... 
هو الواحد مش لازم يكون قد كلمته ولا إيه...." 

"ومين العروسة...... إسراء....." 

قال باستفزاز لها...
"اي عروسة.... انتي اي رأيك...... اتجوز ولا افضل عزابي كده دايماً....." 

لفظت بانزعاج خلف ظهره.... 
"انت مستفز...." 

استدار لها والتقط عينيها بقوة وهو يقول بجزع...
"وانتي مجنونه.... ومش عارفه تحددي انتي عايزه اي بظبط.... عيزاني ابعد ولا أقرب...." تقدم منها 
ووقف امامها ينظر له بقتامة اعين بها من الحنين 
نهر يرويها ومن العتاب والشجن بحر يمحيها ... 

اسلبت عينيها وهي تقول بشجاعه زائفة... 
"عيزاك تبعد....." 

مسك ذقنها ورفع وجهها إليه بلطف وهو يقول... 
"قوليها قدام عيني عشان اصدقك...." 

"مش لازم...." 

قال ببساطة.... 
"خايفه اشوف كدبك...." 

دققت النظر به اكثر وظلت تتأملة للحظات... قد آثر عليه البُعد وظهر بوضوح على ملامحه وجسده... خسر بعضاً من الوزن اصبح اكثر صلابة... وجهه
بهت لونه وفقد ذرة الحياة.... عينيه قاتمة 
غاضبة دوماً ، لا تعرف منها هي ام من نفسه...لحيته البنية زادت عن السابق وثقلة اكثر من الازم لم تراها هكذا يوماً.......تغير شكله بها قليلاً لكنه جذاب جاذبية 
تهلكها وتلقيها على شاطئ مهجور ، يحكى ان النجاه
منه عناق وقبلة عميقة ممن تحب....

بلعت ريقها وهي تبعد عينيها عنه بصعوبة....

سألها بهدوء "سكته ليه...." هل حقاً لا يعرف انها على حافة الانهيار ولولا المنطق وما بينهم لطلبت منه بمنتهى الوقاحة ان يقبلها ويضمها بقوة كما كان يفعل.....

هزت رأسها وهي تقول.....
"عايزني اقول إيه...."

تعمق بعينيها بامتلاك...
"قولي اللي بتفكري فيه....."

قالت باستنكار.....
"مش لم تقول الأول انتَ بتفكر في إيه....."

مشطت عينيه جسدها في لحظة قياسية وهو يعود مجدداً لرماديتان عيناها مُجيباً ببساطة لا تناسب كلماته...
"اللي بفكر فيه مينفعش يتقال ينفع يتعمل بس..."

اضطربت خفقات قلبها وهي تحاول طصنع الغباء معه برغم من انها فهمت ما يشير إليه..... 
"انا مش فاهمه حآجه....."

لاحت على محياه ابتسامة غريبة التعبير وهو يرد عليها بمكر....
"تحبي افهمك من غير كلام اي اللي بفكر فيه من ست شهور فاته....."

ارتفعت حرارة جسدها وتوردت وجنتيها غضباً وهي تقول بضيق.....
"مش عايزه افهم لا بكلام ولا من غيره..."كادت ان تفر هاربة لكنه قبض على ضهرها من فوق وسحبها إليه بقوة...قوة وشدة اربكتها فجعلتها تنظر له بزعر وريبه من القادم الغير متوقع منه.....

تلاقت الأعين بقوة وظل الصمت بينهم للحظات والانفاس الساخنة المضطربة تخبط ببعضها بقوة 
سمعت صوته الخشن والحانق منها يلفظ ببطء...
"عينك فضحاكي ياوعد....ومهم قولتي وعملتي عينك بتقول غير كده....انتي عيزاني زي مانا عايزك... انتي عيزانا نرجع زي الأول بس بتقوحي.... "

ترددت وهي تحاول الفرار منه....
"مش صحيح..... بيتهيالك....." 

وضع يده فجأه على جانبها الأيسر عند موضع قلبها وهو يقول بجزع..... 
"ودا كمان بيكدب...... دقات قلبك دي إيه... خوف مثلاً مني؟؟...." 

"ابعد ياعمرو....." 

وجدته يميل عليها وهو يقول بغضب أعمى... 
"مش هبعد غير لم اثبتلك كلامي.. مش هبعد غير لم اكسر كبريائك وعرفك ان انا وانتي كيان واحد ومينفعش يكون في بينا كل المسافات دي..." 

وجدت انفاسه تقترب منها اكثر من الازم وشفتيه على بعد شعره من شفتيها... همست بعذاب.... 
"عمرو عشان خاطـ....." قاطعها وهو يقول بنفاذ
صبر..... 
"عشان خاطري انتي كفاية..... كفاية ياوعد...." 

قبل ان يلتقط تلك الشفاة لناعمة بين فمه بشوق وجد الصغير يبكي بقوة ويبدو انه استيقظ للتو
من كابوس مريع مثل الذي يعشان به والديه
دوماً..... 

ابتعدت عنه بقوة وقد وجدت سبب قوي لمهاجرته 
ومهاجرة مشاعرها الخائنة..... 

حملت ابنها بين ذراعيها بحنان وبدات تهدهد
به برفق حتى يحاول النوم مرة اخرى... واثناء وقوفها وتركيزها مع صغيرها سمعت باب الغرفة يغلق بقوة بعد ان خرج منه عمرو غاضباً..... 

يبدو انه قد أصابه الملل من دلالها المتزايد عليه 
ويبدو انها اصبحت مترددة في رجوع إليه خوفاً 
من جرح وظلم اخر على يديه... لكن لم يكن الفراق بينهم الحل فهي جربت وفشلت في البعد وكبت مشاعرها نحوه.... وهو أيضاً حاول ان يجاريها كل تلك الأشهر وأيضاً بل جدوى يريدها ان تعود إليه وترجع الحياة والحب بينهم لعهدهما السابق ....... هل يطلب المستحيل؟؟؟؟؟؟؟..... 

جلست على حافة الفراش وبدات باطعام
طفلها............. يتبع

                  الفصل السادس والثلاثون من هنا          ... 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1