رواية ضراوة العشق الفصل الثلاثون 30 بقلم دهب عطيه



رواية ضراوة العشق الفصل الثلاثون 30 بقلم دهب عطيه






🦋 الثلاثون🦋

مد عمرو يده للمحامي بترحيب وهو يقول... 
"اهلاً وسهلاً.... شرفت ياستاذ....." 

ابتسم شوكت بسماجة وقال... 
"اهلاً بيك..... المحامي شوكت الأنصاري ...." 

قال عمرو بخشونة وهو يجلس....
"اهلاً وسهلاً... اتفضل خير....." جلس عمرو على اريكة بداخل المكتب.... وجلس شوكت على مقعد مقابل له وهو يحدق في باب المكتب المفتوح..... راقب عمرو نظراته فقال بهدوء...
"تحب نقفل الباب عشان تعرف تتكلم براحتك...." 

تنحنح شوكت بحرج مصطنع وهو يقول...
"مش بظبط انا بس كُنت عايز اشوف وعد هانم...." 

عقد عمرو حاجبيه وقال باستفسار...
"تعرف وعد منين في بينكم شغل يعني؟....." 

أومأ برأسه وهو يجيب... 
"ايوا في بينا شغل... بس اعذرني مش هقدر اتكلم في حاجه.... لان الموضوع سر بيني وبينها...." 

بدأ الغضب يتصاعد بداخل عمرو وهو يقول بهدوء مريب..... 
"سر ازاي يعني مش فاهم....." 

"انا لسه قايل لحضرتك انه سر يعني لو قولتلك عليه هيبقى سر إزاي بيني وبين المدام....." 

اندفع عمرو بكلمات كالثور الهائج ...
"ما تحترم نفسك وتكلم عدل اي السر اللي هيكون بينك وبين مراتي وانا معرفش بيه...." 

قال شوكت بريبه....
"براحه ياعمرو بيه... الموضوع كله شغل....." 

"شغل اي بظبط...." 

رد عليه بلؤم مخفي عن الأعين...
"الهانم تقولك بنفسها هي محذراني مجبش سيرة لحد وبذات حضرتك....." 

ضيق عينيه بحدة وهو ينظر لشوكت ملياً... أشاح شوكت عينيه عنه وهو يدعي ان ينتهي الأمر
بدون ان يمسه مكروه على يد هذا العمرو... 

دخلت وعد المكتب مبتسمة بترحيب وهي تضع صنية القهوة على المنضدة أمامهم..... هزت راسها وهي تقول بهدوء.... 
"اهلاً بحضرتك..... شرفتنا...." 

جلست بجوار زوجها وهي تستفسر بهدوء... 
"خير ياستاذ شوكت....." 

ابتسم شوكت بعملية وهو يراقب صمت عمرو المخيف وانتظار وعد الفاتر...... 
"خير طبعاً يامدام وعد... بصراحة انتي مش بتردي على مكالماتي بقالك فترة.... وانا كُنت عايز اطمنك اننا كسبنا القضية والراجل اللي وكلتيني عنه خرج براءة.... وانا مخدتش غير جزء بسيط من اتعابي ولسه فاضلي فلوس عند سيدتك..... وانا طبعاً عارف اسمك ومستواكي ومتأكد انك مش هتاكلي حقي بعد ما نجحت القضية....." 

   
عقدت وعد حاجبيها مع كل كلمة وعضلات وجهها المتشنجة تدل على عدم الفهم ودهشة.... وحال عمرو كان الصمت وتأمل كلاهما حتى النهاية... على الأقل ليفهم لعبة الكلمات تلك...... 

هزت راسها كعلامة على عدم الفهم.... 
"عفواً؟؟.... بس قضية إيه واتعاب اي اللي بتكلم عنها... انت شكلك غلطان انا اول مرة أشوفك... اكيد اسمع عنك انك محامي كبير وليك اسمك بس انا اول مره اقبلك.... حضرتك اكيد ملغبط بيني وبين واحده تانيه.. مع ان ده برضو يعتبر اغرب من اللي انتَ بتقوله..." 

نظر لها الرجل بدهشة وعلق بمكر... 
"ازاي بتقولي كده يامدام وعد..... انتي هتنكري مقابلتك ليه في المكتب هتنكري انك مضيتي على الشيك ده وانتي بتوكليني عن المتهم...." اخرج شوكت من حقيبته الجلدية شيك بخط يد وعد عليه مبلغ كبير يعتبر رمزياً بنسبة لم يتقاضاه في 
مهنته.... 

مسك عمرو الورقة من الرجل بحنق وهو ينظر لها وفعلاً كانت امضت وعد وهو يحفظها على ظهر قلبه... وأيضاً وعد تاكدت انها امضتها...
فغرت شفتيها بقوة وذهول وهي تقول.... 
"لا مستحيل.... انت إزاي خدت امضتي على حآجه زي دي..... ومنين وصلت لدفتر الشيكات بتاعي...."

لوى شوكت شفتيه وهو يقول بقنوط...
"لا اله إلا الله.... ياهانم انا هوصل ازاي لدفتر شيكاتك بس وازاي هجيب امضتك إلا لو كان كل ده عملتيه ليا بنفسك....." 

صاحت وعد بتشنج....
"انت بتكدب..... انت نصاب وحرامي انا هطلبلك البوليس...." 

رد شوكت بنزق....
"هتطلبيلي البوليس عشان جاي اطلب حقي... طيب اطلبيه وانا هاخد حقي منك في القسم.... انتي عارفه كويس ان القضية كانت صعبة وانا تعبت فيها والاتعاب دي من حقي.... ولولا اني اتوكلت لهشام
عبدلله في القضية بتاعته مكنش خرج منها وكان كمل الخمس سنين في سجن....." 

زادت شرارة الغضب بداخل بنيتان عمرو وهو ينقض على الرجل بهمجية.... 
"بتقول خرجت مين..... بتقول مين اللي وكلتك عنه..." مسك عنق شوكت بقوة وشياطين تقفز
امام عينيه الآن.....تحشرج صوت شوكت وهو يرد عليه بصعوبة......
" هشام عبدلله......طليقها..... هي وكلتني عنه من حوالي شهرين وانا مشيت في الاجراءات وعملت طعن بالحكم وقدمت ادله جديدة والقاضي اداله برآءة..... " 

هدر عمرو فيه بقوة....
"برآءة.... برآءة ياولاد الكلب.... لعبته في الاورق ورشيته عشان ياخد برآءة....." 

تحشرج صوت شوكت اكثر وهو يقول....
"انا مليش دعوة انا عملت شغلي والهانم كانت بتدفع 
اللي بقولها عليه........ انا عبد المأمور...... " 

اتت عليه وعد وهي تبعده عنه بخوف....
"كفاية ياعمرو....الراجل هيموت في إيدك...مضيعش نفسك عشان خاطري....."

"اخرسي مش عايز اسمع صوتك...."دفعها بقوة فارتطم ظهرها بالحائط في لحظة توسعت عينيها بذهول وارتجفت اطرافها وهي تشعر انها البداية
الغير مبشرة منه....

قد صدق الرجل المحتال... ودبحها بسكيناً بارد ...

تحشرج صوت الرجل وهو يقول بتوسل....
"سبني......... هموت......"

اتكأ عمرو على عنق الرجل وهو يقول بغضب اعمى...
"هشام فين انطق....."

"معرفش.....معرفش عنه حآجه....."

"شكلك عايز تموت على ايدي النهاردة... انطق بقولك هشام فين..... انطق....." 

"معرفش ولله ماعرف...... سبني هموت....." 

حاولت وعد التخلي عن قوقعة الصدمة الآن
وتحاول منع كارثة قبل خروجها..... اتجهت اليه وهي تحاول ابعاده عن الرجل مرة أخرى..... 
"عمرو الراجل هيموت في إيدك عشان خاطري سيبه..... سيبه ياعمرو....." 

اصبح وجه شوكت أزرق وقارب على فقدان الحياة وقد انقطع الهواء من أمامه بل وتوسعت عينيه بشكلاً مخيف وهو ينظر لعمرو القابض على عنقه بزعر مفجع..... 

صرخت وعد بقوة بعد رؤية هذا المشهد.....
"سيبه ياعمرو....... الراجل بيموت في إيدك...... بيموت.....بيموت سيبه.... "

إدراك عمرو ما يفعله وتشبث يدي وعد الباردة به كان كفيل بان يجعله يفيق من هذا التهور ويدرك بشاعة
ان تكون قاتل في لحظة غضب.... مجرم في هفوة تسرع....

ابتعد عن شوكت بتدريج فبدأ الآخر ياخذ أنفاسه بصعوبة وهو يمرر يده على عنقه.....

مررت وعد يداها بحنان على وجه عمرو الاحمر والمتعرق بشكلاً مفرط فيه من شدة ضغطه على نفسه....
"أهدى...اهدى ياعمرو ارجوك.....عشان خاطري متعملش كده في نفسك....."

ابعد يدها عنه بمقت وهو يقول بنبرة مخيفة.....
"اطلعي على اوضتك....مش عايز اشوفك قدامي...."

توسعت عينيها بدهشة وهي تقول بذهول.....
"انت بتقول إيه.....

قبض على ذراعها وهو يقول بغضب...
" اللي سمعتيه....اي اطرشتي...."

فغرت شفتيها وارتجف جسدها وهي تنظر له بعدم تصديق....
"عمرو انتَ مصدقه....مصدق اني ممكن اعمل حاجه زي دي.....انا مش مصدقه نفسي....دانت اكتر واحد عارف انا إيه....." 

"بعد اللي شوفته وسمعته... اكتشفت اني معرفكيش.....طلعتي غريبة عني....طلعت مغفل ومعرفكيش....."

نزلت دموعها وهي تمسك ذراعه بترجي....
"متقولش كده ياعمرو...بلاش تكسرني بشكل ده....بلاش عشان خاطري....بلاش تظلمني وتوجعني....وللهِ ما عرف حاجه عن اللي بيقوله الراجل ده.....اقسم بالله ما مضيت على حاجه ولا رحتله مكتبه....دا نصاب اقسم بالله نصاب.....اكيد هشام عامل كل ده عشان يوقع بينا...."

مسك كتفيها بين يداه وهو يقول بصوتٍ عالٍ....
"هشام كمان معاه دفتر شيكاتك....هشام اللي مضى مكانك عليها.......انطقي....اثبتيلي انك مظلومة فعلاً....انتي عملتي دا كله عشان تخرجيه من السجن.....صعبان عليكي لسه بتحبيه ياوعد.....
لسه بتحبيه... "

هزت رأسها بهسترية وهي تصرخ بقوة....
"محصلش اقسم بالله ما حصل كل ده كدب...كدب......انا معملتش كده...مستحيل اعمل
كده مستحيل كل ده كدب..... كدب ياعمرو..
...متظلمنيش حرام عليك...بلاش تظلمني بلاش تكسرني......بلاش تكسرني.....كسرتك المرادي ليه هتكون بموتي .....بموتي ياعمرو... "

صرخ فيها بصوتٍ يمزق القلب.....
"بموتك.....ياريتك موتي قبل متطعنيني في ضهري...ياريتك موتي قبل ما شوف خيانتك وكدبك للمرة التانيه...بس المرادي مش شيله بس دبلة في صبعك لا راحت ولا جت......لا دانتي شيله اسمي وشيله ابني جواكي.....قتلتيني ياوعد......قتلتيني......"

صرخت وسط بكاءها الهستيري....
"معملتش حاجه وللهِ ماعملت حاجه....صدقني كل ده كدب..... كدب....."

سمعت وعد وعمرو صراخ والدتهم في بهو القصر تركته وهي تمسح دموعها وهي تتجه للخارج 
بلهفة وخوف....نظر عمرو للمكتب الفارغ فوجد 
الوضيع قد استغل الفرصة وخرج من المكتب وهم يتشاجران.....

جز عمرو على اسنانه وهو يقول بتوعد قاتم...
"هتروح مني فين هجيبك....وهجيب الكلب التاني تحت ايدي....ومصيري اعرف مين اللي عملها هي ولا حد تاني....."صدح هاتفه برقم غير مسجل....فتح الخط وهو يقول بتهكم....
"مين....."

"ولله ليك وحشه ياصاحبي...."

اتكأ على أسنانه اكثر وهو يقول بغضب...
"هشام....يابن الـ***...."

ضحك هشام ببشاعة عبر الهاتف وهو يقول بسماجة...
"الله انت هتبدأها معايا بشتايم...مفيش كفارة ياصاحبي......على العموم انا عذرك اللي وصلك
برضو مكنش سهل على اي راجل يستحمله...."

ضيق عمرو عينيه وهو يقول بشك...
"واضح انكم عصابة ومطبخنها سوا...."

ضحك هشام وهو يقول بخبث...
"ليه بتقول كدا ياصاحبي....اي مش مصدق انها ساعدتني اخرج من السجن ....اينعم كان اتفقنا يفضل الموضوع سر بينا.....بس انت عارف اني مبحبش اخبي عليك حاجه....مش صاحبي بقه....."

اندفع عمرو بحدة...
"انتَ كداب...... وعد متعملش كده....."

رد عليه هشام عبر الهاتف بمكر...
"وطالما هي متعملش كده مضايق اوي كدا ليه وكانك صدقت؟؟...."

هدر عمرو بعصبية...
"اسمع.....انا هجيبك تحت رجلي وهرجعك تاني لسجن اللي جاي منه...."

"قد القول ياصاحبي...إيدك طايله وانا مش قدك...بس انا واثق انها مش هتتخلى عني حتى لو دخلتني السجن للمرة التانيه.....بتحبني ياجدع....والحب الاول عمره ما يتنسي ......ولا إيه.....مانت برضو اكتر واحد عارف اي هو الحب الأول..."ضحك هشام بقوة اغاظة عمرو والهبت عضبها أكثر وهو يصيح....
"مش هرحمك ياهشام........ مش هرحمك....."

رد الاخر بشر وانتقام...
"ولا انا.....انتَ ناسي اني في بينا حساب قديم...اينعم المدام ساعدتني ووقفت جمبي كتير بس برضو دا ميمنعش ان اتفقها معاك ساعة الطلاق... وجوزها منك بعد العدة ليه حساب عندي....واوله اني اعرفك انها سببب خروجي من السجن....واخره سبني افكر فيه على روقان.....وآآه لو عايز تتأكد اكتر تقدر تروح تبص على كشف زيارات السجن هتلقي اسمها فيه جتلي كذا مرة من وراك عشان تطمن عليا...اهوه أوراق حكومية مش مزورها من عندي....."اغلق هشام الخط 
بعدها.....

نظر عمرو للا شيء باعين قاتمة مخيفة وذهنه يدور
في تفكير عن كل ما يحدث حوله.... الشك يزيد بداخله برغم من ان قلبه متيقن انها صادقه إلا ان عقله والماضي لا يشفع لها.....تشتت وحيرة.... وضعف وخوف من الحقيقة ان كانت صائبة وهي فعلاً خائنة للمرة الثانية او للمرة الاخيرة ؟!.....

دخلت وعد عليه وهي تبكي بقوة وتصيح بخوف....
"الحقني ياعمرو...بابا.....بابا عمل حادثة...."

نظر لها بصدمة واقترب منها وهو يسالها بقوة...
"حادثة....... حادثت إيه....."

قالت بصوتٍ مرعوب..... 
"حادثة بالعربية....في حد لسه مكلم ماما في تلفون من مستشفت الـ****....بسرعة الله يخليك لازم نلحقه.....لازم نلحقه... "
_____________________________________
ابتسمت دارين بخبث وهي تنظر لهشام باعجاب... 
"برافو عليك ياهشام طلعت مش سهل.... تصدق اني صدقتك....." ضحكت بقوة وهي تقول.... 
"لا ممثل وانا اقول برضو ازاي ضحكت على وعد زمان وخدتها منه... مش سهل ويتخاف منك...." 

ضحك هشام باستخفاف وقال....
"الموضوع مش بس تمثيل وشطارة لا ..... عشرتي مع عمرو وصحبيتنا خلتني عارف كويس نقطة ضعفه فين.... خلتني العب على الحاجه اللي تأذيه وتكسره... ومفيش زي وعد اللي هتكسره وتجيب مناخيره الأرض...." 

لعبت دارين في شعره بخبث... 
"براحه على نفسك يا اتش .... انت نسيت اتفقنا ولا إيه...." 

ابتسم بعبث وهو يتذكر... 
"ازاي انسى اول مرة شوفتك فيها..... كل ما فتكر وقفتك قدامي على اساس انك وعد...." ضحك بقوة 
وهو يتذكر زيارتها الاولى له في سجن.... 

وقف هشام عند السور الحديدي ذو الفوارق الصغيرة 
وكانت دارين تقف امامه من الناحية الآخرى وتنظر له بخبث..... 

قال هشام بمكر.... 
"بيقوله انك وعد....... هي عمليات التجميل بتغير اوي كده....." 

ضحكت دارين بقوة وهي تقول بغرور.... 
"تفتكر لو وعد عملت عملية تجميل ممكن توصل لجمالي....." 

"بصراحه لا .... بس انا عايز افهم انتي مين.....ولي بيقوله انك وعد الاباصيري...." 

"براحه عليا.... خليني اجوبك على اول سؤال... انا دارين اكمل.... سكرتيرة عمرو الاباصيري..... ازاي بيقوله اني وعد الاباصيري....." اشارت إليه بيدها ببطء مخيف... اقترب منها هشام بتوجس لكي يسمعها تقول بخفوت.... 
"تزوير بسيط في الاورق...... وانتحال شخصية طلقتك ... " 

إبتسمت دارين بمكر وهي تراه يعود بعينيه إليه بتوجس أكبر.... 
"بلاش البصه دي.... أوعى تكون مقلق مني انا جايه اساعدك......." 

"تساعديني إزاي.... انا مش فاهم حآجه.... "

قالت بخبث كالحية...
"تحب تطلع من السجن وتشفي غليلك من اللي رمتك فيه....." 

رد هشام بخشونة وتوعد...
"انا كده كدا طالع ان طالت الايام ولا قصرت طالع وهاخد حقي منهم هما الاتنين..." 

برمت دارين شفتيها بحسرة زائفه...
"معقول لسه هتستنا خمس سنين..... انتَ شكلك عجبتك قعدت السجن...... وشكلي جيت للمكان الغلط...." 

نظر هشام لها بشك وهو يقول باستفهام... 
"انتي عايزه إيه مني بظبط....." 

"عايزه اساعدك وطلبه مساعدتك بعد ما تخرج...." 

"اساعدك إزاي؟....." 

قالت دارين بمكر...
"هخرجك من هنا في اقرب فرصة..... وبعدها هتخرجلي وعد من حياة عمرو بنفس الطريقة اللي
بعدتها عنه زمان....." 

هز راسه وهو يقول باحباط...
"لا انسي... انا بقيت كارت محروق... وعد مستحيل تساعدني....." 

قالت بتشفي...
"إزاي وهي وقفه قدامك وبتساعدك اهيه...." 

عالى صوت هشام بغباء...
"انتي بتقولي إيه.... انتي مزوره في الاورق.... ومنتحله شخصيتها ولو حد شم خبر هتروحي في داهيه....." 

نظرت دارين حولها بتحفز ثم نظرت له بضيق وهي تجز على اسنانها... 
"صوتك ده هو اللي هيوديني في داهيه وطي صوتك وسمعني كويس........ كل الاورق سليمه ومحدش هيلاحظ حاجه متقلقش.... ولي قصدته ان احنا هنعمل كده عشان نشكك عمرو فيها ساعتها لم يتاكد انها ساعدتك تاخد براءة... هيطلقها ويسبها.... وساعتها انت بقه زي الشاطر كده تبعدها عنه اكتر بطرقتك.....يعني ترجع ترسم عليها الحب وتقرب منها وتجوزها وده مش جديد عليك معاها......." 

سالها بحيرة...
"وانتي هتستفادي إيه من كل ده....." 

ردت دارين باعين تلمع بطمع...
"هستفاد إيه.... اكيد عمرو... هكون انا الصدر الحنين اللي مش هيلاقي غيره بعد خيانة مراته ليه....." 

تشدق هشام ببرود...
"طب وانا هستفاد إيه؟..." 

"وعد....." 

رد بطمع....
"مش كفاية...." 

"وعد ولي في بطنها هي حامل من عمرو....." 

تجهمت ملامحه بحقد وهو يتشدق...
"وتفتكري ان دي الاستفادة بتاعتي. .." 

كانت العن من الشياطين وهي تقول...
"طبعاً لم تبقى مراتك وابن عمرو في حضنك هتبقى الاستفاده اللي بحق وبذات وانت بتسحب منه فلوس عشان تصرفها على ابنه......اكيد يعني هينوبك من الحب جانب..... " 

رد هشام بسخط...
"مش كفاية.... يا دارين.... انا بيني وبينهم طار ومش هتنازل عنه....." 

قالت دارين بعقلانية إليه...
"متخليش غضبك يعميك... طارك هتاخده وهي بين ايدك..... وابن عمرو في حضنك.... افهم انت مش هتكسره مره انت هتكسره الف مره وبذات لم تتجوزها ويبقى ابنه معاك انت مش هو....." 

صمت هشام بحيرة وهو يفكر بكلامها ملياً....ابتسمت دارين بثقه وهي ترى التردد بادي عليه.....
"خد وقتك في تفكير بس فكر كويس.....انت مش بس هتكسب عمرك بعد متخرج من هنا انت كمان هتكسب طلقتك وابن عدوك....وفلوسه فيما بعد...
انت الكسبان مضيعش الفرصة....."وضعت نظارتها على عينيها وهي تقول......
"هجيلك الزيارة الجايه بنفس الإسم......عشان تمشي الخطه زي مانا عايزه لحد ما عرف رايك إيه...واول متديني الاوكية هوكل اكبر محامي في البلد عشان 
يمسك قضيتك...ومتقلقش هتخرج براءة من اول جلسه طالما اللي هيتوكل عنك يبقى شوكت الانصاري بذات نفسه......"
اشارت له بيدها وهي تقول بنعومة....
"باي ياهشام...اشوفك قريب برا السجن ده...."

عادت دارين من تلك الذكرى وهي تسمع هشام يسألها باستفهام.... 
"مقولتليش هنعمل إيه المرحلة الجاي....." 

"هنوثق كلامنا اكتر....." 

"إزاي....." 

ارجعت شعرها الأصفر للخلف وهي تنهض من مكانها بدلال.... 
"لازم تقابل وعد في اقرب وقت وتكلم معاها...." 

سالها هشام بغباء... 
"اقبلها؟.... طب هتكلم معاها في إيه...." 

هتفت دراين بجزع....
"جرالك اي ياهشام.... انا برضو اللي هقولك تقولها إيه......" 

فهم هشام سريعاً ما ترمي إليه.... 
"تمام اعتبريه حصل.... أمته هقبلها....." 

نظرت له بعبث شيطاني....
"لم ارجع انا العمرو الأول.....هقولك تقبلها امتى...."
____________________________________
نظر في مرآة السيارة في المقعد الخلفي فوجد زوجة عمه منهارة من البكاء وتتمتم بالدعاء وهي تعانق ابنتها التي تبكي بصمت وعينيها شاردة بشجن رهيب... 

يعلم جيداً قصة نادية وثروت يحفظها على ظهر قلبه فقد سمعها كثيرا من والدته رحمة آلله عليها.... كانت 
قصة حب اسطورية يحكى عنها الجميع.. العاملة الفقيرة والشاب الغني.... قصة حب تجسدت في الواقع لا على ورق في روايات خرافية يراها من خلال شاشة التلفاز..... ويعلم أيضا ان تلك القصة الاسطورية قد تركت آثر على وعد بسابق وجعلتها ترتبط بهشام ظناً منها انها ستحيا نفس القصة معه؟!...كالمراهقة كانت تفكر في سابق بكل جوارحها كانت متسرعة الخطى في حياتها لكن الان ما تبرير المناسب لها اصبحت زوجة وقريباً ستكون ام اي عذر يشفع لها جريمتها في حقه خصوصاً بعد لفظ كلمات الحب له.... بعد كل ماعاشت به معه.... بعد كل هذا العشق يستيقظ على وهم... 

الوهم وخيبة الأمل أبشع أوجاع البشر خصوصاً ان تجرعها رجلاً على يد اقرب مخلوقه إليه..... 

اتت عينيها بعينيه عبر المرآة فلم تجد منه إلا نظره غاضبة مفعمه بنفور وقد المها هذا بقوة فلم تتوقع 
ان تراها يوماً في عينيه الحبيبتان إليها ....... 

قد تنقلب حياتك فجأه رأساً على عقب... قد تكون السعادة المفاجئة احد محطات الراحة من العناء.. وقد يكون الحزن المفاجئ إلهامٍ بصبر أو اظهر حقائق
عن من احبك بصدق....... ومن كان يخدع نفسه قبل ان يخدعك بحبه ..... 

اوقف عمرو السيارة واتجه الى المشفى وقد لحقت به بسرعة كلاً من نادية ووعد.....

سأل في الاستعلامات بلهفة....
"لو سمحت في مريض دخل طوارئ عندكم هنا من ساعة تقريباً...........اسمه ثروت الاباصيري...."

اومات له المرآة وهي تبحث في دفتر...
"ايوا هو دخل العمليات......."

"عمليات....ليه هو حصله إيه...."
اتت عليهم أحد الممرضات بعد ان سمعت سوأل عمرو....
"هو انتوا قريب الراجل اللي العربية اتقلبت بيه..."

شهقت نادية بدهشة...
"العريبة اتقلبت بيه....اقوليلي يابنتي الله يرضا عليكي حصله إيه...."

ردت الممرضة بهدوء....
"متخفيش يأمي هو بخير....بس دخل العمليات من ربع ساعة عشان يركبه ليه شرايح في رجليه الاتنين....الله يكون عونه....الحادثة كانت جامده اوي عليه.......ربنا يشفهولكم يارب....."

تكلم عمرو بخشونة ونفاذ صبر...
"ممكن توصلينا لاوضة العمليات....."

اومات له الممرضة بحرج وهي تشير إليه...
"ااه اتفضل يابيه......من هنا...."

سارت وعد بجسد بارد من شدة الخوف الذي زاد اضعافة بعد ان علمت باصابة والدها بقدميه الإثنين......تعلم ان تركيب الشرائح الطبية او المسامير في العظام احد ادوات علاج كسور
العظام التي تنقصم لنصفين او لاكثر من هذا 
و تلك الكسور تاخذ وقت في الشفاء ويظل اثارها على المريض حتى بعد النهوض على قديمه بعد مدة من الشفاء الذي يترنح مابين ست شهور واكثر على حسب الكسور الموجودة لدى المريض.....

ووالدها مصاب في الإثنين........ يالهي......

وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها وهي تستند على احد الحوائط بجوار غرفة العمليات.... 

ظل عمرو يتأملها بصمت مؤلم... يشعر بها بقوة يود لو لم يعرف شيء عنها منذ دقائق فقط لكان الآن يدسها بداخل احضانه ويطمئنها انه بجوارها ولم يتركها وسيظل يداعمها حتى يخرجان من تلك المحنة..... 

أقترب منها عنوة عنه حين وجدها تبكي بهسترية وقد فقدت السيطرة على نفسها..... 

"وعد..... كفاية عياط..... عمي هيقوم بسلامه ويبقا كويس بإذن آلله...." 

"بجد هيقوم بسلامة..." مسحت دموعها بظهر يدها وهي تنظر له كالطفلة المشتته الضائعة في احزانها... 

"ان شاء آلله..... ادعيله....." 

قالت وعد له بضعف...
"ممكن متزعلش من اللي هعمله دلوقتي..." قبل ان يترجم جملتها وجدها تلقي نفسها داخل احضانه بل 
وتشدد عليه بكلتا يداها خوفاً من ان يهجرها ويبتعد.... 
"عشان خاطري متسبنيش.... عشان خاطري 
انا مليش حد غيرك.... بلاش تحرمني منك....
بلاش تنتقم مني بشكل ده......" 

ترقرقت الدموع بعينيه للحظات قبل ان يسيطر عليهم بصلابة وهو يبعدها عنه وقال بحزم.... 
"سبيني اتاكد الأول ولو طلعت فعلاً ظلمك... انا اللي هاجي عندك وطلب السماح....." 

ابتسمت بحسرة باردة وهي تحدج به بخذلان ولم تتفوه بحرف كل ما فعلته انها ابتعدت عنه بقلب 
خائن يخفق إليه برغم من قساوته عليه.... 

جلست بجوار امها التي تفتح المصحف وتقرأ به بصوت متحشرج من كثرة البكاء... تار تقرأ وتارة
تدعي لرفيق عمرها بالنجاه من ما ابتلاه الله به... 

ركضت هند نحوهم بلهفة وكان برفقتها حاتم.... 
"عمرو.... عمي اي اللي حصله هو فين...." 

رد عمرو بهدوء وهو يحدج بهم.... 
"في اوضة العمليات.... انتي عارفتي منين...." 

"لم روحت البيت.... روحية قالتلي كلمت حاتم وجيت....قولي بس عمي حصل إيه... "

"العربية اتقلب بيه وهو راجع من الشغل...ودخل العمليات يسعفوة ويركبو شرايح في رجليه الاتنين..." 

"في رجليه الاتنين...... عمي...." نزلت دموعها وهي تضع يداها على فمها بصدمة.... 

ربت حاتم على كتفها وبدء يواسيها ببعض الكلمات... 
"ان شاء الله خير ياهند......متقلقيش انا عندي والدي كان عامل نفس العملية والحمدلله خف ومشي على رجله من تاني......ان شاء الله خير.... " 

نظرت له هند وهي تدعي لعمها بشفاء اتجهت نحو وعد ونادية وبدأت تواسيهم ببعض الكلمات وظلت طوال ساعات العملية تعانق وعد التي لم يجف وجهها من ماء الدموع لا هي ولا والدتها كان حالهم
يشفق عليه القلوب.... إلا قلبه كان صلب كالفولاذ يسيطر بضراوة عليه حتى لا يذهب وياخذها بين أحضانه....... 

نُقل والدها لغرفة عادية بعد اتمم العملية بنجاح... نقل بمساعدة الممرضين ..... 

عدلت الممرضة الوسادة من تحت راسه وهي تسأل ببسمة صافية على محياها... 
"مين فيكم بقه اللي اسمها وعد....." 

اشارت وعد على نفسها وهي تحدج بوالدها بشفقة فقد زاد وجهه تجاعيد من التعب والكبر لمجرد ارتخاء ملامحه الصلبة في لحظة مرضه....

قالت الممرضة وهي تغطي ثروت وتساعدها نادية التي تبكي بصمت.... 
"طول العملية...... مش بيقول غير سامحيني 
ياوعد... تصدقي اني حفظت الجملة اكتر من اسمي من كتر ما كان بيكررها......هو والدك صح....."

اومات لها وهي تبكي بحزن وشوق لوالدها....

قالت الممرضة بالطف....
"ربنا يخلهولك.... ويقومه ليكم بسلامة....شكله بيحبك اوي....... وروحه فيكي........الكلام اللي المريض بيقوله وهو تحت تاثير البنج بيبقا طالع من القلب وصادق اوي....فلازم تعرفي ان بابكي بيحبك وانتي اقرب حد عنده..... "خرجت الممرضة من الغرفة واغلقت الباب...

مررت نادية يداها على شعر ثروت بحنان وهي تقول لوعد بشجن.....
"سامحي ابوكي ياوعد وبلاش تقسي عليه...العمر مفهوش حاجه عشان نضيعه في زعل والخصام..
اديكي شايفه ممكن حالنا يتغير في ثانية مابين 
كويس لوحش.....الحمدلله....الحمدلله انك بخير ياثروت......"قبلته ناديه من جبهته وعينيها تذرف الدموع بدون توقف....

مسحت وعد دموعها وهي ترفع عينيها على عمرو الذي كان يتابعها بعينيه بصمت.. وحين تلاقت الأعين
أبتعد بابصاره عنها بل انه استأذن بهدوء وهو يقول...
"بعد اذنك يامرات عمي....هروح اشوف الدكتور اللي مسئول عن حالة عمي....."

مسحت نادية دموعها وهي تقول...
"كتر خيرك ياعمرو....... كتر خيرك يابني...."

رد عمرو عليها وهو يحاول إلا ينظر لجوز الرمادي الحزين.....
"كتر خيري على إيه انتي لسه قايله اني ابنك...ولي نايم على السرير ده ابويه مش عمي.....ان شاء الله يقوم بسلامة ادعوله انتوا بس.... "

خرج من الغرفة بعدها فوجد هند تقف في الخارج بجوار حاتم الذي حين راى عمرو قال بهدوء... 
"حمدال على سلامة عمي ربنا يكمل شفاه على خير...." 

ربت عمرو على كتفه وهو يقول.... 
"كتر خيرك ياحاتم تعبناك معانا...." 

رد حاتم بتهذيب....
"متقولش كده ياعمرو... احنا بقينا أهل...." 

"طبعا ياحاتم انت بقيت واحد من العيلة...."نظر باتجاه اخته وهو يقول....
"هند ادخلي شوفي وعد ومرات عمي يشربو ايه من تحت لحد ما عمك يفوق من البنج......وبذات وعد عشان حملها......"اومات له هند وهي تدخل الغرفة...

نظر عمرو الى حاتم وهو يقول....
"كُنت عايز اطلب منك طلب بسيط كده لو تعرف تعملهولي....."

"رقبتي ياعمرو قول....."

"تعرف حد في سجن الـ****...."

"آآه حبايبي هناك كتير....."

قال عمرو بنبرة مهبمة....
"كويس.... انا كُنت عايز صورة من كشف زيارات بتاع اربع شهور فاته ...."

عقد حاتم حاجبيه بأستغراب وهو يقول....
"مفيش مشكله سهله.....بس اي الطلب الغريب ده...."

"مش غريب بنسبالي....."رد عمرو كان كفيل باسكات 
حاتم....فهو شيء يخصه واحده وهو لن يفصح عن ما يخصه لأحد حتى من سيساعده بهذا.....
______________________________________
"مش عايزه حاجه ياهند...جيبي انتي بس لماما...انا مليش نفس....."

"ازاي بس ياوعد لازم تشربي اي حاجه عشان متقعيش من طولك انتي ناسيه إنك حامل....متقوللها حاجه ياطنط......."نظرت هند لنادية التي هتفت بتأكيد على كلامها....
"هند عندها حق ياوعد اشربي اي حاجه يابنتي عشان حملك ...."

اقتربت من والدها وجلست بجواره على الفراش وهي تقول.....
"مش عايز ياماما.....مش عايزه....."

مطت هند شفتيها بجزع ثم قالت بعدها بحسم...
"بصي بقه انا هنزل الكفتريا وهجبلك عصير معايا واي حاجه خفيفه تكليها.....وانتي كمان ياطنط...."خرجت هند وتركتهم وحدهم بالغرفة.....

ظلت وعد تتأمل والدها لبرهة ولم تشعر الى بدموعها التي انسابت على وجنتيها الشاحبة....

"و.......وعـ.......وعد......وعد......"لفظ ثروت اسمها بصعوبة وهو على فراش المرض...

اقتربت منه وعد بلهفة وهي تقول بسعادة واعين دامعه....
"انا جنبك يابابا....حمدال على سلامتك....الحمدلله..."

فتح ثروت عينيه ببطء فوجدها بجواره تبتسم له برقة وعينيها حمراء بسبب الدموع التي لم تجف بعد في مقلتيها.....كانت نادية بجواره من الناحية الأخرى
تمسك كف يده وتقبلها بحب وهي تقول بحمد....
"الف سلامة عليك ياثروت....كُنت هموت عشانك...."

تحركت شفتيه بصعوبة...
"بعد شر عليك يانادية...."

قالت نادية بحزن...
"الحمدلله انك بقيت كويس.... الحمدلله على قد كده...."

التفت برأسه لوعد وهو يقول بتعب....
"قربي ياوعد.....قربي مني...."

جثت وعد على ركبتيها بجوار فراشه..مد ثروت يده 
وقربها منه جعل راسها ترتاح على صدره بفعل يداه...

توسعت اعين وعد بصدمة وهي ترى والدها لاول مره يعانقها بل ويتعامل معها بحنان وكانت الصدمة الاكبر حين قال وهو يبكي وهي بداخل احضانه......
"سامحيني ياوعد....سامحيني يابنتي......انا معرفتش قيمتك غير لم شوفت الموت بعنيه....لم العربية اتقلبت بيه مشفتش غير وشك وانتي بتعيطي وانتي بتنادي عليا... صوتك مكانش طالع ومكنتش قادر أسمعه بس كنت شايف دموعك ومش قادر امسحها ولا اخدك في حضني .... كُنتي بتعتبيني بعنيكي ياوعد وانا مش قادر اقولك حآجه .....سامحيني سامحيني اني مكنتش الأب اللي تتمنيه....سامحني
اني ممثلتش دوري في حياتك سند وحنان ليكي زي اي أب.......سامحيني على قسوتي وبعدي عنك....اغفريلي ذنبي ياوعد.... وسامحيني.....عشان اقدر اسامح نفسي... "

وضعت نادية يدها على فمها وهي تبكي بصمت مكتوم الاهات ..... 

رفعت وعد عينيها على والدها وهي تبكي محاولة اخرج جملة تناسب هذا الوضع البأس..... 
"متقولش كده يابابا.... انا مش زعلانه منك.... ولا انت كمان كنت وحش معايا لدرجادي..... انت فضلت جمبي ومعايا محرمتنيش من اي حاجه نفذت كل رغباتي زي مانا عايزه..... كان في بينا اختلاف في وجهات النظر ومكناش بنتفق.. بس انا كُنت واثقه ان هيجي اليوم اللي نتفق فيه على حاجه وهتجمعنا حآجه........." مسحت دموعها وهي تكمل بصوت نشج.... 
"ولحاجه الوحيدة اللي لازم نتفق عليها ان مفيش اب بيطلب السماح من بنته..... مفيش اب بيغلط مع ولاده الأب بيعلم... بيقسى وبيحن....... وانت لو قسيت عليا في يوم فأكيد كان عندك حق وانا مليش حق اني اعاتب أبويه..... الراجل اللي اول موقعت كان وقف جمبي وبيسندني ..... كلنا بنغلط يابابا وبنتعلم..... بس اكبر غلط لم نغلط ونكرر نفس الغلط !!!!!!....." 

نزلت دموع ثروت وهو يقول بحرج معترف..
"انا بعدت عنك وقسيت عليكي كل ده عشان مكنتيش..............مكنتيش ولد......"

مسحت وعد دموعها وهي تقول بشجن....
"عارفه...........واكيد دا من حقك....."

هز راسه بقوة....
"لا يابنتي مش من حقي مش من حقي ادخل في أرادت ربنا.........انا معملتش بكلام ربنا....ربنا
قال( وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) كُنت كاره فكرت اني اكون اب لبنت مش لولد...كنت شايف خلفت البنات عار....وشايف خلفت الولاد ضهر وسند......اثارت معاكي واذيتك وبعدت عنك....وحملتك ذنب مش ذبنك......."

نزلت دموع وعد اكثر ونهضت من مكانها وهي توليه ظهرها.... تعلم كل شيء تعلم كرهه وبعده هي ليست عمياء عن رؤية تفاصيل بُعد والدها عنها... لكن ما باليد حيله.... يظل والدها يظل من تعب لأجلها
من شقى وعمل وسهر لأجل توفير طلباتها... من 
تعليم عالي..... لحياة مرفهة بكل مافيها.....

ابتعد بقلبه وحنانه ولكنه ظل يمثل دور الأب في جوانب اخرى كثيرة ولن تنكرها الآن وتقسى
عليه......
لكلاً منا فرصة ثانية لبدأ الحياة بسلام...القوة
هي فقط ان يعرف المرء ان الغفران والرحمة 
عطاء من قلب مسالم حتى في حربه معك ؟!....

مسحت نادية دموعها وهي تحاول تلطيف الجو بينهم...صاحت بطريقة مرحه....
"خلاص ياثروت....انتوا هتقلبوها نكد ولا إيه.....تعالي 
ياوعد هنا بوسي راس ابوكي.......وانتَ صالحها من غير نكد....."

اقتربت منها نادية وجذبتها لعند والدها الذي عانقها بيداه الإثنين وظل يقبلها من راسها ويدها باعتذار 
على آثاره بكت بقوة والقت نفسها داخل احضانه وهي تقول بقلب ينفطر وجعاً..... 
"وحشتني يابابا..... وحشتني اوي.... كُنت خايفه اموت من قبل ماعرف طريق حضنك ..."

قبلها ثروت وهو يبكي بشجن طاغي على ملامحه...
"بعد الشر عليكي ياوعد.........ربنا يحميكي ويحفظك لجوزك ولابنك....حفيدي......"ابتسم ثروت بسعادة وهو يقف عند تلك النقطة فمن المؤكد سيقترب من ابنته اكثر وستتحسن علاقته بها بعد انجاب هذا
الصغير....ومع الايام سيطيب الجرح وتختفي
 ندوبه...

بعد مدة خرجت من الغرفة لتستنشق القليل من الهواء البارد تعبت اليوم كثيراً احداث مريعه تاتي 
خلف بعضها وكانهم يتسابقان....هلكت نفسياً 
وجسدياً ولا زالت تعافر حتى لا تستسلم لبئر 
الأحزان مرة أخرى......هناك بعد الأمل ، فعلاقتها بوالدها ستكون طبيعية قريباً كابنة ووالدها ولن تشعر باليتم بعد الان اليس كذلك؟....والدها و والدتها معها وهند بجوارها.... وعمرو....آهات من عمرو هو الذي يبتعد بعد ان عاد لها الجميع واكتملت فرحتها ياخذها هو منها ويرحل بمنتهى القسوة...

لعلى الأمور تتحسن بينهم ويعلم انها مظلومة وان كل مايحدث حولهم تراهات... ويدرك ان كلام الراجل المحتال هذا ليس إلا هذيان وافترى عليها....ليته يثق بها ولا يقتلها بمثل تلك الطريقة فهي لن تصمد امام جلده كثيراً....

وضعت يدها على بطنها وهي تكلم صغيرة بحنان... 
" شايف بابي بيعمل إيه.... شايف قسوته عليا...انا عايزاك لم تيجي ان شاء الله تطلع كل ده عليه... هتطلع حبيب مامه سندها والراجل بتاعها اللي هياخد حقها من اي حد......حتى لو كان بابي 
ماشي......يا......يا إياد اي رايك في الاسم ده...لو طلعت ولد زي مانا حسى هسميك إياد......عارف معانى إيه اسمك....معنى القوة وسند...وانتَ هتكون سبب قوتي وسندي ياحبيب مامي... "مررت يدها على بطنها وهي تقول بحزن.... 
" مش ناوي تتحرك يا يودي..... طب حتى اعمل اي حركه حسسني انك سامعني..... "شعرت بدبة خفيفة على يدها الموضوعه على بطنها..... إبتسمت 
بسعادة برغم الاحزان المحاصرة اياها بضراوة ابتسمت بفرحه وهي تقول...... 
" حبيب ماما...... انت حاسس بيه سامعني بجد.... "
نزلت دموعها بفرح وهي تتذكر ان العلاقة الوحيدة المقدسة بين البشر علاقة الأم باولادها.... 

شعرت بدوار من كثرة وقوفها هكذا... نظرت امامها فوجدت احد المقاعد على بعد خمس خطوات منها... اتجهت اليهم وهي تضع يدها على راسها بتعب 
ودوران يزيد عليها..... 

اغمضت عينيها بتعب وهي تحاول الصمود وحين خارت قوتها وكادت ان تسقط وجدت يدين قويتين 
يحيطون بخصرها بقوة..... سمعت صوته وهو يقول بلهفة وخوف.... 
"وعد.... حسبي....." اجلسها على احد المقاعد وهو يقول بقلق.... 
"قعدي ارتاحي.... حسى بايه...." ارجع شعرها للخلف وهو يحدج بعينيها بعد ان جث بركبتيه امامها على الأرض.... 
"وعد سكته ليه ردي عليا....." 

رفعت عينيها بتعب وهي تقول.... 
"انا كويسه ياعمرو.... متقلقش....." 

"مقلقش إزاي..... لو مقلقتش عليكي هقلق على ميـ..." 
بتر جملته وهو يجدها تبتسم له برقه وعينيها تقول 
له بصراحة( لازلت تعشقني وتخشى علي يالهي كم انت رجل عديم الكرامة....) فسر نظرات حبها على حسب تصوير شيطانه له فنهض بقوة من مكانه وهو يقول بقساوة.... 
"انا مش خايف عليكي...انا خايف على اللي في بطنك.....ابني...... حفظي عليه اكتر من كده....انا 
عارف ان ميفرقش معاكي زي ابوه بظبط...."

"ميفرقش معايا......عمرو انت بتقول إيه...."

رد ببرود...
"اللي سمعتيه....بقول الحقيقه حققتك...."

"حققتي....انتَ جرا لمخك حاجه...."انقض على يدها وهو يقول بضراوة حادة....
"لسانك ياوعد.........احترمي نفسك وصوني لسانك...عشان اصونك من الكلام اللي نفسي اقولهولك.....اتقي شري وبلاش تطلعي شياطيني 
عليكي... "

عقدت حاجبيها بصدمة ووجع من انقلابة معها لتلك الدرجة....
"لدرجادي ياعمرو..... لدرجادي....."

"واكتر....متجيش على جرح قديم وتغرزي فيها السكينة وترجعي تقوليلي معلش اصلي مشفتوش 
مع انك انتي اللي فتحاه بايدك زمان...."قبض على كف يده وضرب به صدره وهو يقول بغضب...
"دا مجرد مثال بسيط على اللي عملتيه فيه ياحبيبتي.....يامراتي....يام ابني...."نظر لها بحزن وعتاب وكانه يقول لها بوجع
( لم اتوقع منكِ هذا يوماً....) 

وجد شقيقته تاتي من بعيد وفي يداها كيس ملئ بعلب العصائر....أشار لها ان تتقدم اتت عليهم وهي تبتسم بفتور....

"هاتي علبة لوعد ودخلي لمرات عمك...."اخرجت هند علبة عصير لوعد وشطيرة مغلفة وهي تقول بهدوء..
"خد كمان سندوتش المولتو دا....انا جيبهالها..."

اخذهم منها وجلس بجوار وعد التي اشاحت بوجهها بحزن وحنق من كل ما يهذي إليه....يالمها القاسي ولا يبالي بقلبها المتيم بعشقه.....

فتح عمرو غلاف الشطيرة ومدها لها وكذلك وضع الشاليمو بالعصير وقدمه لها....قال باقتضاب....
"خدي....كُلي واشربي العصير ده عشان متقعيش من طولك تاني...."

ردت بصوت حاد غاضب...
"كُل واشرب انتَ...."كادت ان تنهض من مكانها ولكن يده منعتها بقوة وهو يقول بحدة....
"كُلي عشان اللي في بطنك.....إيه مش فارق معاكي لدرجادي...."

هتفت من تحت اسنانها بغيظ...
"ملكش دعوه بالي في بطني لو كُنت حطه في الحسابات بتاعتك مكنتش هتفكر ولا هتكلم 
بطريقه دي....."

تشدق عمرو امام عينيها ببرود...
"آآه يعني اسامح وعدي زي الأول...لمجرد انك شايله ابني في بطنك.....مش كده...."

نفضت يدها من بين يده بقوة قائلة.... 
"بلاش تسامح ولا تعدي...بكره تعرف اني مظلومة وساعتها انا اللي مش هسامح في حقي....."

رد بعدم اقتناع...
"تمام......كُلي يلا...."

هتفت بغيظ اكبر...
"قولتلك مش عايزه.....هو بالعافية....."

هدر بنبرة خطيرة...
"ااه بالعافية واي حاجه هطلبها ومتتنفذش
هتعمليها غصب عنك وبالعافية......زمن الدلع والهبل دا تنسيه..."وضعهم بين يداها وهو يقول بقوة....
"كُلي ياوعد.....كُلي لوحدك بذوق بدل ملجأ للعافية معاكي....اللي اكيد مش هتعجبك... "

اسلبت عينيها بانهزام وهي تنظر لطعام بين يداها...
ثم لم تجد حل امام نظراته الحادة المتواعده إلا تنفيذ اوامره وأكل مابيداها بشهية مفقودة......
_____________________________________
اوقف عمرو سيارته في مرأب القصر ونظر لها في مرآة السيارة فكانت تجلس بجوار شقيقته في المقعد الخلفي.....

سألت هند وعد بهدوء....
"هتروحي امتى بكرة ياوعد..."

"الصبح بدري ان شاء الله..."

"طب تمام انا هحصلك بعد الشغل......بس بلاش تنسي وانتي خارجه تجيبي هدوم لطنط نادية وعمي...."

"ماما أكدت عليا قبل ما خرج من المستشفى....."تنهدت وعد بانزعاج وتابعت....
"مش عارفه فيها إيه لو كانت سبتني أبات مع بابا وتروح هي....."

"يابنتي ازاي مينفعش برضو....مش بس عشان حملك 
وانها خايفه عليكي لتتعبي بس كمان مينفعش هي تسيبه وانتي اللي تفضلي معاه... فهمتيني ولا إيه...."
لكزتها هند بمشاكسة فخرجت بسمة بسيطة على شفتيها اليابسة وهي تفتح باب السيارة لتخرج منه...

قالت هند لشقيقها الذي يطوف بعينيه على زوجته 
مع كل حركة تصدر منها.... 
"قعد كدا ليه ياعمرو مش ناوي تطلع...." 

"لا طالع...." خرج هو أيضاً معاهم..... 

نظرت له وعد بطرف عينيها وهي تجده لا يزال يتابعها بابصاره......

"انا طلعه على اوضتي جايه ياهند...."

قالت باختصار...
"لا انا هعمل مكالمة كده مع حاتم وبعدين اطلع...."

اومات لها وعد بتفهم وهي تنظر لعمرو الواقف خلفها والذي يزيد تحديق بها بشكلاً مبهماً......

نظرت له بحنقٍ وهي توليه ظهرها وتبتعد .....

اتت رسالة لعمرو من حاتم عبارة عن عدت صور لاحد 
كشف اسامي الزائرين لسجن في خلال الاربع أشهر الماضيه....... وكان من ضمن تلك الأسماء اسمها يلمع 
بقوة بين عينيه الغاضبة بالهيب هائج لن يخمد أبداً بعد الآن...... لم تزره مره او اثنتين بلا اربع مرات
على توالي ؟!......

لِمَ لم لا تعترف له وتريح اياه من كل هذا العذاب... لماذا لا تقف أمامه كما فعلت في سابق وتقر بشجاعة انها خانته للمرة الثانية وباعت قلبها لنفس الشخص!؟...لماذا هو مشتت وضائع في كل تلك الاحداث وتفاصيل...... لماذا كل شيء يجعلها تحت الشبهات لماذا لا يصدقها هل فعلاً لا يثق بها ؟؟؟.... 

لكن الادله؟....... الاثباتات القوية عليها؟...كلام
المحامي؟ وامضتها على احد الشيكات الخاصه
بها؟....

ارجع شعره للخلف بضياع وشتات مرعب وعقله يدور في كل الاتجاهات....احساسه بانها مجرد مكيدة وقعت بها وعد بسذاجة ! ......لكن كيف تصبح بكل هذه السذاجة بعد كل ما مرت به وراته مع هذا الوضيع .....كيف.....كيف لوعد ان تخطأ بتلك الطريقة
كيف تطعنه بهذا الشكل؟؟؟؟؟؟......

لا يعرف الى اي اتجاه يذهب....

هل يصدقها وينسى كل تلك الحقائق... وهل ستنجح علاقتهم بعد دخول الشك حياتهم....هل هو على استعداد لمحاربة كبريائه مرة اخرى ودعس كرامته 
لأجل النسيان والعيش معاها في سلام بل ويعود إليها كعهده السابق.....هل صنع من فولاذ غير قابل للاحساس ليتقبل كل هذا منها ؟!...

ولله لن يفلح شيء وتلك المرة أشد قسوة من
الأولى عليه......

خبط عجلة السيارة بقدمه بعصبية وهو يصيح بعذاب كأسد مجروح.....
"آآه ياوعد......آآه من عذابك......آآآآآآآآآآآه...."

                              ...... يتبع 

                           
الفصل الواحد والثلاثون من هنا 








 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1