![]() |
رواية ضراوة العشق الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم دهب عطيه🦋 الثالث والثلاثون🦋 اتكأ عمرو على الحائط امام غرفة العمليات وكان مصوب تركيزه كله على هذا الباب المُغلق الفاصل بينه وبينها.... لا يصدق انه سبب كل مايحدث لها..... سيفقدها ويفقد ابنه لا يزال يتذكر توبيخ الطبيبه وهي تحضر بسرعة لدخول العمليات لايقاف النزيف وانقاذها وانقذ الطفل ان أراد الله هذا..... هتفت الطبيبه بحدة وتوبيخ.... "مش مصدقه بجد اهمالك فيها... واهمالها في نفسها انا لسه متكلمه معاها من يومين بس وقولتلها ان فقر الدم اللي جالك في الحمل ده ناتج عن قلة الاكل وقلة اهتمامك بنفسك وبالدوا اللي كتباه ليكي...دا غير ان قولتلها ان في احتمال كبير تولدي في السابع بسبب ضعف جسمك وبرضو مفيش فايده زي كل مره وعدتني انها هاتهتم بنفسها وبصحة ابنها وبرضو برجع معاها لنقطة الصفر....." نظرت الطبيبه لعمرو بحدة وهي ترتدي الكمامه.... "وانت كُنت فين ياستاذ عمرو وهي سيبه نفسها بشكل ده.... انا فكره ان في بداية حملها انك قولتلي انك هتهتم بيها وبصحتها....." كان صامت امام توبخها وحدتها لا يعرف كيف يرد وبما يجيب وهو سبب كل ما تتعرض له من خطر وممكن ان يفقدها ويفقد ابنه معها وينتهي به الحال أسير شبح الندم والماضي....... تنهدت الطبيبه وهي ترتدي القفاز الطبي وهي تقول باقتضاب.... "ادعلها ربنا يقومها بسلامه انا هعمل كل اللي اقدر عليه عشان أوقف النزيف وننقذ الطفل..... ان شاء الله في أمل لإنك لحقتها في الأول....." ربتت على كتفه وهي تدخل غرفة العمليات سريعاً..... اعتصر عينيه بخزي وهو يشعر ان هناك قرصت دموع تحتل حدقتيه باصرار...... رفع راسه وهو يحارب إلا يبكي الان ويظهر ضعفه على الملإ... سارت عيناه على من يجلسون بالقرب منه والديها وشقيقته الكل يجلس ويدعي ويبكي خوفاً عليها وبعض النظرات تحمله ذنب ما يحدث لها الآن....... خرجت الطبيبه في تلك الاوقات... فاتى عليها الجميع وهو اولهم..... هتف عمرو بلهفه... "وعد عامله اي دلوقتي يادكتوره...." ردت الطبيبه بجدية.... "الحمدلله قدرنا نوقف النزيف وهي كويسه والجنين بخير.. بس طبعاً هي هتفضل معانا هنا لحد معاد والادتها لاني زي مقولتلك في احتمال كبير تولد في سابع فالازم نراعيها الاسبوعين الجايين دول ونشوف حملها هيمشي إزاي....." قالت هند بقلق "يعني هي كويسه دلوقتي....." "متقلقيش هي كويسه بس محتاجه راحه وتبعد عن اي ضغط عصبي...... والفترة اللي هتقضيها هنا هنحافظ على ده وانتم كمان معانا...." نظرت الطبيبه باتجاه عمرو بتحفز قبل ان تذهب وتتركهم..... خرجت وعد على سرير متحرك من غرفة العمليات وكانت تحت تاثير البنج...... اتى عمرو عليها وساعد الممرضين في نقلها لغرفة عادية وسط بكاء نادية وهند حزناً وشفقه على ما اصابها من شحوب وضعف وهزلان نفسي وجسدي....... بعد ان وضعت في غرفة عادية ظل الجمبع حولها وبجوارها..... وكان عمرو يجلس على مقعد مجاور للفراش ممسك بيدها بحنان وخوف وعينيه تطوف بندم واعتذار على ملامحها الشاحبه والمرهقه..... نظر له ثروت بحدة وهو جالس على الكرسي المتحرك..... "كل اللي بيحصل في بنتي ده بسببك...." لم يرد عليه عمرو وتجاهل حديثه الحاد.... هتف ثروت بخزي.... "كُنت فاكر انك اكتر واحد هتقدر تصونها وتاخد بالك منها من بعدي انا وامها لكن كُنت غلطان اكيد النزيف اللي جالها ده بعد ما مديت ايدك عليها...... مش كده؟..." رفع عمرو راسه تلك المرة بصدمة.... "انت بتقول اي ياعمي...... انا عملت كده.... هضرب بنتك لحد مايجالها نزيف....." قال ثروت بصوتٍ جاف... "ايوا عملت كده بدليل صوتكم العالي قبل ماتنزل بيها وهي غرقانه دم....." نهض عمرو بقوة وقد جن جنونه من هذا الاتهام القاتل لروحه...... "انت بتقول إيه.... انا هعمل كده في وعد ليه.... ولنفترض ان انا مؤذي لدرجادي هقتل ابني ليه...." اشار ثروت بيده بغطرسة جادة.... "هي كلمه واحده ارمي اليمين على بنتي وطلقها وكل واحد فيكم يروح لحاله...." صاح عمرو بعناد.... "مش هيحصل.... وعد هتفضل مراتي ومستحيل اطلقها....." رد عليه ثروت بتحذير..... "هطلقها ورجلك فوق رقبتك ولو مطلقتهاش بذوق هخليك تطلقها بالعافية ...." رد عمرو بسخرية.... "اي هتقتلني ولا هتسلط عليا حد يعملها مكانك...." شهق الجميع بخوف وهم يرون ملامح ثروت المخيفة وهو يجيبه بصلابة.... "لو حكمت هعملها ياعمرو....... فطلقها برضاك بدل مخليها غصب عنك....." "لا غصب عني ولا برضاي وعد هتفضل مراتي.. سوى عجبك او لا هتفضل مراتي.....ومحدش هيقدر يبعدها عني.... " جلس على المقعد مرة اخرى بجوارها متجاهل نظرات الجميع له ..... بعد مدة قليلة حركت جفنيها وبدات تنادي على إسمه بخفوت .... "عـ.......مـ.... عمرو....." مرر يداه على شعرها بحنو وهو يقول بحنان.... "انا جمبك ياحبيبتي.... حمدال على سلامة....." فتحت عينيها أخيراً بعد ان رمشت لعدة مرات.... ثم في لحظة اصابها الزعر وهي تتحسس بطنها بخوف... مسك كف يدها وقبلها وهو يقول بهدوء.... "متخفيش ابننا بخير.... الحمدلله مفيش حاجه حصلتله...." "بجد.... إياد كويس....." ابتسم امام وجهها بصعوبة.... "كويس ياوعد...... الحمدلله....." وجدته يميل ليقبلها من مقدمة رأسها ولكنها بمنتهى الكبرياء سحبت يدها من بين يداه واشاحت بوجهها لناحية الأخرى وهي تنادي والدتها بتعب ان تاتي وتجلس بجوارها.... وحينما فعلت والدتها تجاهلته اكثر وهي تلقي نفسها بداخل احضان أمها.... كانت تحتاج لمن يضمها الى صدره وهي كانت تشتاق إليه ولكن هناك حواجز قد خلقها هو بنفسه بينهم فلا يلومها ويلوم نفسه لعدم ثقته وحبه الكافي لها..... من بين كل الاختبارات المتوقعة بداخلنا نجد ابسط واضعف إختبار يمر علينا فيجعل عقولنا مشتته ويبعدنا ويلقي بنا ليابسة جافة لا تعرف للمشاعر طريق....... نهض من مكانه وخرج من الغرفة مُغلق الباب خلفه بهدوء.... نظرت لابتعاده بقلبٍ ينفطر وجعاً منه.. تعشقه وتتمنى قربه بجوارها ..... لكن ماذا تفعل بحبها الذي تشوه على يداه بظلمه وقسوته عليها.... الى من تلجأ ياقلبي وملجأك الوحيد بارد بلا مأوى ؟!.... _____________________________________ وقف عمرو بسيارته امام مبنى في حي شعبي نظر لساعة بتافف وقلة صبر...وبعد دقائق من الإنتظار وجد حاتم ينزل على سلالم المبنى ويصعد بجواره بسيارة..... "ها ياحاتم عملت إيه....." رد حاتم على عمرو بهدوء... "الصول محروس فوق....وانا اتكلمت معاه وهو مستنينا......." خرج عمرو سريعاً من السيارة وهو يقول.... "طب يلا.....قعد مستني إيه...." خرج حاتم هو أيضاً وهو يقول بعدم فهم.... "انا لحد دلوقتي مش عارف انت عايزه في إيه...." "هتفهم كل حاجه فوق....."اكتفى عمرو بتلك الجملة وهو يصعد سلالم المبنى الصغير..... رحب به الرجل الكبير وادخلهم غرفة الجلوس البسيطة وهو يقول بترحيب.... "دا احنا زارنا النبي ياساعت البيه...اهلاً بيك...اتفضل......" قال عمرو بهدوء وهو يجلس.... "كتر خيرك ياعم محروس..... انا كُنت طالب مساعدتك في حاجه كده تخص السجن اللي شغال فيه....." "خير يابيه....." "انت مسئول عن الزيارات اللي في زنزانه ****..." رد محروس بريبه.... "ايوا يابيه صح......خير ...." مالى عليه عمرو وهو يقول بخفوت مريب... "من شهرين بظبط كان عندكم مسجون في قلب الزنزانه دي اسمه هشام عبدلله....." ظل الرجل يفكر لبرهة بصوتٍ مسموع امام أعينهم.... "هشام عبدالله.......هشام عبدلله...ايوا صح كان فيه فى زنزانه واحد بالاسم ده بس دا خرج من فترة......" "عارف ان خرج من فترة... انا عايز اعرف الناس اللي كانت بتجيله زيارة اخر تلات شهور ليه في السجن..." نظر له الرجل لبرهة وقد برزت انياب الطمع وهو يقول..... "ايوا يابيه بس انا دماغي مش دفتر يعني....." رد عمرو بذكاء.... "عارف ان دماغك مش دفتر يامحروس.. بس أكيد مش هتغفل عن الوشوش اللي كُنت بتشوفهم في كل زيارة ليه...." رد الرجل بجدية..... "لا مش هغفل وفي ديه ممكن افيدك أصلا الناس اللي كانت بتيجي لهشام معدودين على صوابع الايد.........." هز عمرو راسه وهو يخرج هاتفه ويعبث فيه وهو يقول لرجل.... "تمام يامحروس...... وأكيد لو ساعدتني فاللي عايزه ليك الحلاوة الكبيرة...." ابتسم محروس بطمع... "وانا تحت أمرك يابيه....." رفع عمرو هاتفه امام وجه محروس وكان يحتوي على صورة لوعد...... "شوفتها في زيارة قبل كده....." دقق محروس في صورة لدقائق وهو عاقد حاجبيه ثم تكلم بحيرة..... "لا ما ظنش اني شفت الست دي قبل كده في سجن كله حتى....." انتفضت عضلات عمرو بدون ان يلاحظ احد وهو يقول بصوتٍ خشن..... "انتَ متاكد يامحروس..... بص كويس.....مجتش لهشام قبل كده في زيارات الاخيرة ليه في سجن.... " تأمل الرجل الصورة للحظات ثم صمم على حديثه مُضيف.... "متاكد يابيه.... يعني حتى لو شوفتها من بعيد ولا من قريب وناسي اكيد هبقى شاكك اني شوفت الوش ده قبل كده لكن دي أول مره اشوفها مع حضرتك..... ولعدين هشام مكنش بيزوره في سجن غير واحد صاحبه كحيان كده اسمه جبر.......بس في اخر زيارات ليه كانت بتيجي تزوره واحده ست شكلها هانم كده شعرها اصفر وهدومها الفرنجي خالص.....وكان بيجي معاها محامي كبير ده اللي اترافع عن هشام وخرجه براءة....... هو ده كل اللي اعرفه عن زيارات الاخيرة للمسجون ده.....ويعلم ربنا اني مخبتش عليك حآجه..... " تمتم عمرو بحيرة وهو يقول بشك.... "شعرها أصفر..... وكان اسمها اي الست دي في كشف الزيارات...." ظل الرجل يفكر لدقيقتين ثم قال باحباط.... "مش فاكر اسمها... هي حاجه كده الاباصيري على ما ظن يعني....." قال عمرو بتوجس.... "وعد الاباصيري....." أشار الرجل له بتاكيد.... "ايوه يابيه الله ينور عليك.....هو ده اسم الست اللي كانت بتجيله......." ربت حاتم على ركبة عمرو وهو يقول بجدية... "عمرو لازم تفهمني اي اللي بيحصل.... يمكن اقدر اساعدك......." القى عليه عمرو نظرة مبهمة قبل ان يعود بانظاره الى محروس...... ______________________________________ بعد مرور يومين قد وصل عمرو لمكتب حاتم في نيابة...... سلم عليه حاتم وهو يقول.... "كويس انك جيت الملف اللي طلبته مني جه من شويه....." مد حاتم الملف لعمرو فتح عمرو الملف وجلس على المقعد وبدأ بتفحص إياه.... قال حاتم بعملية وهو يشرح له تفاصيل الملف... "هي دي كل المعلومات اللي تخص المحامي اللي اسمه شوكت الانصاري.... وزي موصتني ملخص حياته من اول ماتولد لحد مبقى اكبر محامي في البلد... هتلاقي اسامي ناس كتير متعامل معاهم من اول ما مسك مكتب المحماه.... وفي كمان ناس كتير ساعدوه يكبر ويحقق الشهرة اللي انتَ شايفها دي.... ومن ضمنهم مراته فريدة السباعي هتلاقي صورتها عندك......" عقد عمرو حاجبيه وهو يقلب في الملف بسرعه.... "بتقول مراته إسمها إيه....." "فريدة السباعي..... دي دكتورة في جامعة الـ***اكيد تسمع عنها......" وصل عمرو لصورة المرأة الانيقة ذات الملامح الصارمة ونظره المتعالية ......لم ينسى تلك الملامح يوماً وحتى ان كانت زيارتها له في سابق لم تتعده الساعة وكان سلاماً عادياً بحكم انه مدير ابنتها في العمل وصديق مقرب كذلك...وكان هذا اللقاء كافي لكشف غطرسة تلك المرأة وتعاليها على جميع من حولها !.... هتف عمرو بعدم تصديق.... "انت متأكد ان دي مرات شوكت الأنصاري....." سند حاتم على المكتب بجزعه وهو ينظر له بشك... "انتَ تعرفها ياعمرو......" "اعرفها !....دي ام دارين.....كده الصورة وضحت....ومحروس مكدبش علينا.....شوكت جوز امها هو اللي ساعدها تلعب اللعبه دي عليا.....وهو اللي زور الاوراق وساعدها تدخل السجن زيارة لهشام على اساس انها وعد......." زفر عمرو وهو يرجع شعره للخلف متابع بشتات.... "بس انا هتجنن إزاي قدروا يلعبو اللعبه دي كلها من غير مينكشفو.... وازاي تدخل بأوراق مزوره السجن.... هو مش بيبقى في كشف اكتروني على البطايق دي....." رد عليه حاتم بجزع.... "بييقى فيه اجراءات قانونيه مشدده بس لناس ناس....." "يعني إيه؟؟...." رد الاخر باقتضاب..... "يعني برشوه كل حاجه بتمشي..... والاورق المزوه بتبقى سليمه في ثانيه اول ما بتخرج ورقه بميه لموظف حكومي ...وطالما بتقول ان شوكت ده قريب دارين يبقى أكيد هو اللي ساعدها وسهلها كل الحاجات دي... ودي طبعاً حطته اللي محدش هيعرف ينافسه فيها..... " جز عمرو على اسنانه وهو يقول بغضب... "ياولاد الكلب.....اقسم بالله ماهرحمهم...."نهض عمرو بعصبية وكاد ان يخرج من مكتب حاتم كالاعصار الجامح.... لكن حاتم قد منعه وهو يقول.... "اهدى ياعمرو مضيعش نفسك عشان ناس متستهلش ابنك ومراتك محتاجينك....." صاح عمرو بتشنج وخزي من نفسه.... "ابني ومراتي.....هما فين....دول دمرو حياتي وخلوني اشك في مراتي كُنت هخسر مراتي وابني بسببهم......وبتقولي مضيعش نفسك....." رد حاتم بصلابة.... "ايوا مضيعش نفسك الموضوع مبقاش يخصك لوحدك دي بقت قضية انتحال شخصية وتزوير في اوارق رسمية.......الموضوع مش سهل ولازم كل حاجه تمشي قانوني....." "تمشي قانوني؟....انت عايزني اعمل اي ياحاتم استنى لم يقربه من مراتي وابني......." رد حاتم بطريقه مبهمه.... "لا انت مش هتستنى انتَ هتديهم الفرصة يقربة من مراتك وابنك....." نظر له عمرو بحدة.... "انت بتقول إيه....انتَ اتجننت....." "اسمعني ياعمرو مفيش قدمنا حل غير اننا نصبر ونستنى..... ونفكر احنا هنعمل إيه بظبط....الورقه الكسبانه حالياً معانا الصبر عشان كل حاجه تمشي قانوني......والورقه التانية هي شوكت لو وقعنا شوكت في شر اعماله هيسلمنا رقبة دارين وهشام...." صاح عمرو بوحشية مخيفة.... "انت مفكرني هصبر على كلامك ده ...اقسم بالله لقتلهم هما التلاته وخلص منهم....." قال حاتم بهدوء محاول معه بكل الطرق .... "غلط ياعمرو غلط....هضيع نفسك عشان دول محدش يستاهل.... مراتك وابنك وعيلتك عايزينك... " أشاح عمرو وجهه لناحية الأخرى وعضلاته باكملها في حالة تشنج مفرط من كثرة الغضب والعصبية وصدمة صاعقة نزلت على رأسه بدون سابق انذار....... وجد حاتم يشير له بالجلوس وهو يقول بجدية..... "لازم تهدأ ياعمرو.....وتسمع مني كل حاجه هتمشي قانوني وحقك هيرجعلك بس انتَ ساعدني في ده......وانا اوعدك اني هعمل كل حاجه عشان اوقعهم في شر أعمالهم..... " ______________________________________ "كفايه عياط ياهند يعني انتي مش عارفه عمك وعصبيته....." قالت نادية جملتها وهي تربت على ذراع هند وعيناه تراقب ابنتها المستلقيه على الفراش غارقه في نوماً عميق...... مسحت هند دموعها وهي تقول بخوف.... "عارفه ياطنط.... بس متوقعتش ان يهدد عمرو بشكل ده..... يعني يقتله لو مطلقش وعد....." ضربتها على خدها برفق قبل ان تسحبها لاحضانها بحنان...... "ياهبله كفاية عياط... دا كلام من ورا قلبه وللهِ....مانتي عارفه روحه في عمرو وفيكي انتي كمان......كلمتين اتقاله ساعة شيطان وراحه لحالهم......هو معقول يعني عمك هيعمل كده في ابنه.....عمرو ابنه قبل ما يكون ابن أخوه ولا ناسيه انه كبير العيله......" "انا خايفه على عمرو اوي....عمرو مش هيرضى يطلق وعد وممكن تحصل مشاكل بينه وبين عمي...وممكن.....وممكن"تعالت شهقات هند ببكاء وخوف ودموع تنزل من مقلتيها بغزاره..... ربتت نادية على كتفها بحنو أكبر..... "ياحبيبتي وللهِ ما في حاجه من دي هتحصل...وللهِ كلام اتقال ساعة عصبية واللي بيتقال وقت الغضب مدققيش عليه ولا تاخديه على صدرك كده......اهدي ياهند اهدي ياحبيبتي مفيش حاجه هتحصل لاخوكي وعمك مش مؤذي لامعاكم ولا مع غيركم....." اعتدلت وعد في جلستها بعد ان استيقظت من النوم على حديثهم وبكاء هند..... "اي اللي حصل ياهند.....بابا هدد عمرو بأيه...." خرجت هند من احضان نادية وهي تسلب عينيها بضيق فعنوةً عنها هناك حنقٍ من وعد بسبب تهديد والدها لاخيها الحبيب..... (لا تلوميني ياصديقتي فهو شقيقي وحبيبي وابي وصغيري وسندي بالحياة وانا بدونه أضعف مخلوقه على الأرض وبجواره انا الأقوى.... والاقوى امام نفسي قبل الجميع لا تلوميني فهو روحي وشقيقي الحبيب !!!.....) سألتها وعد بأستغراب..... "ردي عليا ياهند....سكته ليه... انتي زعلاني مني..." هزت هند راسها بنفي ولم ترفع عينيها عليها.... قالت وعد بحزن.... "انا اسفه لو زعلتك..... بس انا معرفش أصلا بابا قال اي لعمرو....." رفعت هند عينيها بحرج من اعتذار وعد وطيبة قلبها معها.... قالت أخيراً بحزن..... "انا مش زعلانه منك بس يعني غصب عني.... عمرو هو الحاجه اللي فضله ليه من عيلتي وانا خايفه عليه لايحصله حاجه بسبب موضوع طلقك.... اصل عمرو مش هيطلق وعمي ممكن ينفذ تهديده ويأذيه...." قالت وعد بصرامة حادة معقبة على تهديد والدها المتسرع.... "يأذيه إزاي؟؟..... بابا مستحيل يعمل كده..... أصلا موضوع الطلاق ده خلاص اتقفل.... ولو في اي حاجه انا وعمرو هنحلها سوا...... ممكن تبطلي عياط.... عشان خاطري......" نهضت هند واتجهت نحو وعد والقت نفسها بداخل احضان وعد...... وهي تقول بحرج.... "انا آسفه ياوعد بس انتي عارفه عمرو بنسبالي...." قاطعتها وعد بتفهم.... "عارفه كويس هو بنسبالك إيه.... عشان كده في اوقات بغير منكم بس بحاول امسك الخشب عشان محسدكمش..... بجد لو كُنت هتمنى في دنيا اخوات اكيد هيكونه نسخه منكم في حبكم وخوفكم على بعض........" خرجت من احضان هند وهي تمسح دموعها وقالت بصوتٍ متحشرج.... "زي مابتحبيه وخايفه عليه... انا كمان روحي فيه وبخاف عليه يمكن اكتر منك كمان..... عمرو جوزي وابو ابني وكل حاجه حلوه ليه..... ومستحيل أأذيه او اكون سبب في اذيته......متقلقيش بابا عمره ما كان كده ولا هيكون... وزي ما ماما قالت ساعة شيطان وراحت لحالها.... " حاولت ناديه تلطيف الجو وهي تقول ... "وللهِ بتموته في نكد....خلتوني اعيط......كفايه نكد منك ليه... وبطله تفوله على الجدع ربنا يحفظه ويحميه...... ويخليه لينا زينة شباب الاباصيري الحليوه ده....... " ضحكت وعد وحاولت مع امها ابعاد غيمة الكأبة والحزن عن هند وهي تقول..... "انتي بتعكسي جوزي ولا إيه ياماما....." ضحكت نادية بخجل وهي تتابع بمزاح... "وماله لم اعكسه مش حماته انا ولا مش حماته...." لكزت وعد هند وهي تقول بمشاكسة.... "أوبأ....في عصفورة هنا هتروح تفتن عليكي للحاج...." سالتها نادية بشك.... "مين؟....... هند !...." اشارت وعد على نفسها وهي تقول ببساطة.... "لا ياماما عيب عليكي...دي انا....." قالت نادية بغيظ مصطنع..... "طب يافتانه بكره ابنك يفتن عليكي لابوه......" نظرت وعد وهند لبعضهم ثم اطلقو ضحكة قوية في نفساً واحد وشاركتهم نادية الضحكة بخفوت وهي تدعي ان يحمي تلك العائلة وتظل تطوف حولها السعادة والبسمة مهما اصابها الله من اختبارات..... طُرق الباب في تلك الاوقات ودلفت الممرضة وبيداها صنية الغداء الموصى بها من الطبيبه المسئولة عن حالة وعد في تلك الأيام ما قبل الولادة ..... كان طعام شهي صحي مُنتقي بعناية يليق برقي وفخامة المشفى المقيمة فيها وعد....... "اتفضلي يامدام وعد الغدا بتاعك...."اخذت نادية من الممرضة الصنية وهي تشكره بلطف.... "كتر خيرك يانعمات....خدي....."مدت نادية لها ورقة مالية.....قالت الممرضة بحرج..... "مالوش لزوم ده شغلي ياهانم....." مسمست نادية بشفتيها بطريقة شعبيه اصيلة.... "هانم إيه...صلي على النبي في قلبك....خدي فرحي عيالك وجبلهم حاجه حلوة.....انتي بتتعبي معانا أوي...." حاولت الممرضة ان توضح لها اكثر.... "بس دا شغلي والمستشفى هنا...." هتفت نادية باصرار مقاطعه إياها.... "ياختي خدي متقطعيش برزقك....." اشاحت وعد رأسها بحرج وهي تكتم ضحكاتها وكذلك فعلت هند.....بعد خروج الممرضة هتفت نادية لهم بضيق..... "بتضحكه على إيه وبتبصه لبعض كدا ليه...." هزت وعد راسها بإستياء وهي تقول.... "ياماما مفيش الكلام ده في المستشفيات اللي من نوع ده......احنا مش في مستشفى حكومي مانتي شايفه....." تفقدت نادية الغرفة الانيقة التي لا تشبه قط غرف المستشفيات البسيطه التي دخلتهم طوال عمرها اي قبل الزواج من والد وعد.... قالت نادية بطريقة بسيطة لابنتها.... "مستشفى حكومية ولا خاصة كله بيجري على اكل عيشه وكله بيفرح بقرش زيادة جيله من باب الله.... أسأليني انا..... انا اكتر واحده تقدر وتحس بفرحة الناس دي...... مانا يامه فرحت زيهم......" اسلبت وعد عينيها بحزن فهي مهم شعرت بكلمات والدتها لم تصل لمرحلة احساسها.. هي لم تحرم يوماً من شيء كانت حياتها مرفهة بل اكبر من الترفيه لم تذق الحرمان يوماً..... ولم تعاني من جوع او الفقر قط..... فمهما وصل نقاء قلبها ستظل تغفل عن شعور والدتها بمن هم اقل منهم في المستوى المادي..... ابتسمت هند لها وهي تقول بلطف.... "عندك حق ياطنط ودي اكتر حاجه بحبها فيكي انك برغم من جوازك من عمي وحياتك اللي اتغيرت... الا إنك لسه زي مانتي انسانه بسيطة بتحب الخير للكل وبتحس باللي حوليه......" ابتسمت نادية وهي تقول بحنو..... "مش انا لوحدي اللي بحس باللي حوليه ياهند حتى ابوكي وأمك كانو كُرمه اوي وبيحبه الخير للناس كلها وناس كمان كلها كانت بتحبهم اوي....." تنهدت وهي تتابع بحزن....."ربنا يرحمهم....الفاتحة على روحهم يابنات.... " دخل عمرو في تلك الأوقات وهو يراهم يقومون بقراءة الفاتحة بصوتٍ يكاد لا يسمع..... "بتقرا الفاتحة على روح مين....." أنتبه له الجميع واولهم وعد التي خفق قلبها بنبضات متسرعة فمن يوم خروجه من الغرفة بعد ان عانقت أمها لم تراه وكلما سألت هند عليه بطريقة غير مباشرة تبلغها انه يجلس امام الغرفة ويبيت أيضاً هناك وكل هذا بدون ان تراه او يراها..... "ازيك ياعمرو....."سلمت عليه هند فجذبها اخيها إليه وعانقها بلطف وهو يقول بارهاق..... "عايز اتكلم مع وعد شوية.....اخرجي وخدي مرات عمك معاكي....." إبتسمت هند بتفهم وهي تخرج من احضانه وهزت رأسها بهدوء وهي تقول لنادية..... "طنط تعالي معايا عايزه اقولك على حآجه مهمه....."سحبتها هند بشقاوة وهي تخرج من الغرفة مغلقه الباب خلفهم...... ظل عمرو يتأمل شرود وعد وحنقها الواضح للحظات وهي تجلس على الفراش تكاد تموت خوفاً وخجلاً وغضباً ان ضعفت الان أمامه..... حرك عمرو مقلتيه نحو صنية الطعام وهو يعلق بهدوء..... "انتي لسه مكلتيش....." لم ترد عليه بل اكتفت باخرج زفرت سأم وهي تشيح بوجهها للنافذة المفتوحة...... أبتسم عنوة عنها وهو يراها تتصنع الثقل ولا مبالاة بوجوده..... حمل صنية الطعام ووضعها امامها على خشبه مسطحه متعلقة بفراش المشفى..... "يلا عشان تاكلي....." ابتسمت بسخرية وهي تتشجع وتحرك راسها نحوه وتحدج به برماديتين عينيها ..... تنهد عمرو بجزع وهو يفترسها بعيناه.... "أخيراً رفعتي عينك عليه... بقالك قد إيه مبصتيش البصه دي...." اصابها تيار كهربائي بكامل جسدها وخفقات قلبها الابله تتسارع وكانها بسباق فلم تجد إلا الضعف ملجأ مُقرف في علاقتهم فحاولت الصمود وابعدت عينيها مرة اخرى عنه..... "جاي ليه ياعمرو.....انتَ عارف ان كل اللي بينا انتهى..." قال بجدية صلبة.... "بلاش الكلام ده...وكفاية دراما ياوعد....انتي عارفة و واثقه ان مفيش حاجه بينا هتنتهي....." نظرت له بعينين غاضبة وهي تقول بتشنج.... "لا هتنتهي وبمزاجك .......يأما....." ابتسم بسخرية وهو يقاطعها ببرود.. "يأما إيه.....هتخلي ابوكي يقتلني مثلاً زي ماقال...." نظرت له بعينان يذرفان الحسرة والوجع منه... هل وصل به الشك لدرجة تجعله يتوقع بل ويتاكد انها ستأذيه ان لم ينفذ رغبتها بطلاق منه..... أحمق...... "شايفنا عصابة هنقتلك لمجرد انك مش عايز تطلق...." قال بهدوء زعزع كيانها... "مفيش احلى من اني اموت بين ايدك... مش قولتلك ان لو موتي بين إيدك هختار موتي....." اخرجت انفاسها بصعوبة مع تلك الكلمات الملتهبة بالحب الناتج عن ضعفها ان طال بهم الكلام... حاولت إغلاق الأبواب بينهم وهي تقول.... "انا تعبت... ومحتاجه أبعد....." "ليكي كل الصلاحيات انك تبعدي بس من غير طلاق....." هتفت بضيق امام عينيه الهادئة... "لازم نطلق متفكرش اني ممكن أنسى وارجعلك بعد كل اللي حصل منك....." "مع الوقت هتنسي......" هتفت بشجن قوي.... "والوجع............ وكسرت قلبي...." قال بستهزء بارد.... "هيخف ويتنسي اساليني انا....مانا مجربها قبل كده...... " لاح التواء مزعج على شفتيها وهي تعقب بخزي... "آآه واضح انك بتفكرني بي اللي فات عشان اسامح في اللي عملته....." قال بهدوء اغاظها اكثر... "انا مش بفكرك انا بس عايزك تسامحي وتنسي... زي مانا عملت في الأول معاكي...." صاحت بغضب واندفاع امام وجهه.... "انتَ اناني وبتكلم بكل بساطة ولا كانك عملت اي حاجه... ولا كانك شكيت فيه ودبحتني بقسوتك واتهامك..... ولا كانك مديت ايدك عليه واهملت وجودي في حياتك ونسيت اني في امس الحاجه ليك.... نسيت حتى ان شيله ابنك جوايا....." برغم شراستها معه إلا انه تكلم بثبات مصطنع.... "غلط ياوعد.... بس اللي شوفته وعرفته مكنش قليل... اعذريني...." تجمعت الدموع بمقلتيها وهي تقول بجزع.... "وانا مين يعذرني وانا مين يديني العذر اللي عايز تاخده..... انا كمان مبقاش فيه حيل اسامح او اصبر عليك... بقولك تعبت.... عارف يعني اي واحده بتحب واحد و روحها متعلقه فيه وبتقوله انها تعبت وعايزه تبعد....... يعني بقى اليأس اللي جواها اكبر واصعب من حبها وتمسكها بيه...... انتَ مش فاهم انت عملت اي فيه وعمرك ما هتفهم...." رد بتفهم لا يخلو من التملك والانانية في حبه لها.... "فاهم ياوعد عشان انتي قدره تعبري عن اللي جواكي ...... بس انا لا... لا هعرف اعبر ولا احكي ولا اتكلم........ مش هعرف اقولك غير اني مقدرش اعيش من غيرك...... واني بحبك واني ندل واناني عشان بعد كل ده مش هطلقك ولا هبعد عنك....." نظرت له بضياع وضعف وقد جف حلقها وهربت الكلمات من على لسانها... ارجعت شعرها للخلف بتشتت وهي تذرف الدموع بغضب وحنق من سيطرة حبه وتملكه بها.... تكره... وتعشق ما يحدث لها الان معه وهذا هو الشتات مابين قلب يرفرف بسعادة لتمسك حبيبه به وعقل يصرخ بخزي إلا يستسلم للعذاب مرة أخرى ولا يعتمد على رجلاً يهذي بكلمات الحب .... ظن انها ستستجيب له فمد يده وتشجع ورفع وجهها إليه وهو يلفظ تلك الكلمة التي كانت بنسبة لها أحد نجوم الليل في زهو شعاعها الساحر..... "انا بحبك........" أبتسمت هازئه وهي تقول بنفس خفوت صوته.... "فين....." عقد حاجبيه وهو يتفقدها بحيرة.... فتابعت وعد بوجع..... "فين حبك ياعمرو..... فين ثقتك فيه.... فين وعدك انك عمرك ما هتظلمني ولا هتجرحني..... انت فين؟ وفين حبك ده؟..... الحب مش كلام الحب مواقف وافعال...... ودايما ربنا بيحط قدمنا شوية اختبارات بسيطة كده بتبين لينا اذا كان فعلاً اللي في حياتنا ده حب ولا وهم...... وهو طلع وهم...." "وهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟......" قالها وهو ينظر لها بصدمة وعتاب.... ضربت الفراش بقبضتها بقوة وهي تهدر بحدة وبكاء... "ايوا وهم.....وكفاية كلام بقه في الموضوع ده....كل حاجه هتنتهي بينا مسافة مترمي عليا اليمين...." نهض بقوة افزعتها وظنت انه سيمد يده عليها ولكنها تفاجئت به يجذب وجهها بيد واحده وهو يقول بعصبية مكتومة امام عينيها الخائفة من تحوله المفاجئ معها......فكان هادئ ولان كسرت قوقعت الطصنع حوله بحديثها عن الانفصال فأصبح أمامها عمرو كما تعرفه وتحفظه على ظهر قلبها... "مفيش حاجه هتنتهي بينا لا هطلقك ولا هسيبك...وقولي حبي ليكي وهم....وقولي اني ظالم واناني وقولي اللي نفسك فيه....انا مش هلومك عشان ان استاهل كل كلمه بتقوليها واستاهل العقاب اللي يريحك......بس مش هطلقك برضو ياوعد...هبعد عنك بس هتفضلي مراتي وام ابني....."قرب أنفاسه اكثر منها فعذب قلبها والتوى هو على نيران عشقها وشوق لها يزيد أضعاف داخله...... شعرت بشفتيه تكاد تلامس خاصتها بعذاب حاولت بحدة الافلات منه وهي تقول بضيق.... "ابعد عني متلمسنيش......" "فتحي عينك وقوليها قدام عنيه يمكن ساعتها اصدقك......"رفع وجهها للأعلى أكثر مجبر إياها ان تنظر إليه.....نظرت له بعينان غارقة بدموع وشعاع الشوق والضعف بهم يلمع بوضوح...... هتف امام وجهها القريب منه بشدة.... "الموضوع موضوع كرامه صح.... بس لو هتفكري فيها هتعرفي ان انا الوحيد اللي اتهانت كرامته معاكي...... " اسلبت عينيها بضعف.....قرب شفتيه منها وهو يقول بعصبية مكتومة.... "ردي وقوليلي مين داس على التاني الاول...و مين جرح التاني الاول....... ومين حب التاني الأول...." صرخت امام وجهه باصرار... "انتَ.....انتَ....انتَ....بس دي مش الشماعه اللي هتعلق عليها غلطاتك......." ساد الصمت بينهم لبرهة وكلاً منهم يشعر بنفس الإحساس (الضعف)قربهم .... انفاسهم المختلطه ببعضها...... حديثهم الحاد الذي لن يغفل كلاهما عن لمح نبرة الشوق به......كل شيءٍ كان كفيل بان ينهار حصن الجليد من حولهم بعد ان ابتعدو عن بعضهم لشهور وأيام والجفاء والبعد محور حياتهم الماضية..... قرب عمرو شفتيه من شفتيها المكتنزة وهو يقول بعذاب ضائع.... "يمكن اللي هعمله هيضيقك بس انا محتاج أقولك إنك........انك وحشتيني....." وقبل ان ترفض بضعف وجدته يجذب شفتيها بقوة لمكانهم الملائم.... اغمضت عينيها وهي تشعر انها بحاجه لتلك اللحظة....تريد ان تشبع حبها وشوقها منه بأي طريقه وان كان هو البادي فهي ستنهي تلك القبلة وكل شيءٍ من بعضها...... تعمق وتعمق بشفتيها ولم يرحم وجهها من قبلات متفرقة تحثي الشوق والاعتذار لها... وهي في غاية الضعف والصمت لا تعرف متى سيتوقف ومتى هي ستوقفه بقسوة وتبعده عنها..... لم تشبع منه ولم يكتفي هو منها الى متى ستظل بين تلك الموجه الحميميه.... سيتوقف قلبها من كثرة الخفقات..... هتفت من بين قبلاته بضعف.... "عـ..... عمرو....." طاف بشفتيه على وجهها وعنقها وهو يقول بترجي عاشق..... "أوعي تقولي عن حبي ليكي وهم.... انا محبتش حد غيرك..... متبعديش عني ياوعد.... انا غلط في حقك... اختاري اي حاجه تصلح اللي بينا إلا الطلاق انا مقدرش اعيش من غيرك......" نزلت دموعها وهي تشعر بضياع ولا تفقه اي شيءٍ في هذا الوقت الا شفتيه ولمساته على جسدها.... وضع قبله سطحية على شفتيها وداهم عينيها بنظراته وهو يقول... "بحبك ياوعد..... قولي اي حاجه متفضليش سكته..." اسلبت عينيها ولم ترد عليه..... ابتعد عنها بهدوء وليته لم يبتعد فجسدها شعر بالبرودة بعد ان لمس دفئه..... ارجع شعره للخلف وهو يقول بهدوء مبهماً... "مش هضغط عليكي...... بس دا مش معناه اني هوفقك على طلبك....." خرج من الغرفة في غمضة عين كما دخل وزعزع كيانها وهدم حصون غضبها في لحظه بل وجعلها تئن بشوق إليه...... ابتعد وتركها بعد كل هذا وللسخرية الكئيبه بينهم انه قال (لن اضغط عليكِ).... حقاً الم يفعلها من يوم ان رأته........ وكم من عشق مر علينا وكنا نرى انهُ الأول والأخير ولا نعرف ان أصعب درجات العشق هي ضراوة العشق ؟!..... ____________________________________ استلقى هشام على الاريكه وهو يضع بفمه بعض المكسرات ناظراً الى دارين برغبة جامحه وهي تتالق أمامه باحد ثيابها العارية نوعاً ما..... "يعني مفيش حس ولا خبر عن حبيب القلب..." مشطت شعرها الاشقر امام المرآة وهي تقول ببرود... "لا مفيش... اخر حاجه سمعتها عنه ان زفته اللي متجوزها في المستشفى...قدامها ايام وتولد...." صاح هشام هازاً.... "الله... دا احنا مش بنبعدهم عن بعض دا احنا بنقربهم اكتر...." تركت الفرشاة بحنق وهي تتجه للفراش جالسه عليه بانزعاج..... "فعلاً احنا بنقربهم اكتر انا مبقتش عارفه المفروض اعمل إيه عشان ابعده عنها....." نظر لها هشام بعبث... "ولا حآجه خليكي معايا وفكك منه...." ابتسمت بسخرية وهي تقول... "اخليني معاك..... انتَ مصدقت ولا إيه انسى اللي حصل مابينا احنا بنتسلى مش أكتر..... انت عارف كويس انا بحب مين وعايزه مين....." ضحك هشام بقوة وهو يعقب بمكر.... "ما بلاش بحب دي..... دا احنا دفنينه سوا....." ضحكت بستهزء وهي تنظر لناحية الأخرى بملل... "عندك حل يخلصني من طلقتك دي......" "هو حل واحد مفيش غيره...." عادت بعينيها اليه مجدداً بقوة وريبه وهي تقول... "حل إيه......" قال هشام بشر شيطاني.... "نخلص عليها قبل ما تولد....." نهضت دارين بقلق وهي تقول بخوف.... "لا احنا متفقناش على القتل....انتَ ممكن تخطفها وتبعدها عن عمرو لحد ميطلقها بعد ما يفكر انها هربت معاك.....قولت إيه... " "هقول إيه.... دا فيلم ابيض واسود قديم ميدخلش عليه....." "يعني إيه.......ناوي تقتلها....." قال ببساطة اجرامية..... "القتل اسلم حل اسمعي مني....حقنة بسيطة في المحلول اللي بتاخده هتخلص عليها في دقايق....... ولم نخلص منها الجو هيفضالك انتي.... تقربي بقه تبعدي دي حاجه بتاعتك انتي...... وحبيب القلب بقه هيبقى معاكي على طول....." ضيقت دارين عينيها وهي تقول بشك.... "دا انت مخطط لكل حاجه بقه....." قال بخبث.... "كل حاجه ومستني اشارة منك....." "اشمعنا....." ابتسم هشام بمكر وهو يرفع يديه امام وجهه قائلا... "عشان اخد حسنتي ولا انتي مفكره إني هقتلهالك كده ببلاش....." قالت دارين بنزق ساخر.... "لا انت مش هتقتلها ببلاش انت هتقتلها عشان تنتقم منها ومن اللي دخلك السجن....." حاول اخراج انياب شيطانه عليها وهو يقول بخفوت مُريب...... "صح ياحلوة....بس انا كمان باستطاعتي اقتل حبيب القلب اللي عايزه تلهفي ثروته بعد متبقي مراته ولا انتي شيفاني مصدق البؤقين بتوع بحبه وبغير عليه من مراته......" زفرت باستياء وهي تقول بقنوط.... "اخلص ياهشام...... عايز كام....." فرك يداه ببعضهم وهو يقول بمكر..... "حلو بدأتي تفهميني........انا هاخد منك....."أملى عليها المبلغ بطمع وكان كبيراً ليس هيناً ولكن المقابل أكبر.......قالت دارين بتردد بعد برهة من الصمت.... "موفقه....بس بشرط.....اسمي ميجيش لو اتمسكت...." صاح هشام باقتضاب... "فال الله ولا فالك ....عرفيني بس انتي اسم المستشفى ولاوضه اللي قعده فيها وعد..." "لا معرفش ....." عقد حاجبيه بأستغراب وهو يقول.... "ازاي متعرفيش انتي مش لسه قايله انها هتولد قريب....." "الكلام ده سمعته في شركة من الموظفين.....بس انا مزورتهاش في المستشفى......ومحدش يعرف أصلا اسم المستشفى غير عمرو عشان محدش من الصحافة يزعجهم... حتى الموظفين كانو حبين يعملولها زيارة بس عمرو رفض واعتذرلهم برضو وكلنا فهمنا يعني ان مش حابب حد يعرف عشان الصحافة......" لوح هشام بيده بنفاذ صبر.... "انا مليش دعوه بالهري ده كله...... اعرفيلي العنوان وساعتها هنفذ على طول.... بس بسرعة قبل ما تولد...." تنهدت بحنق وهي تقول بسأم.... "هحاول اعرف منه العنوان....." أومأ له هشام على مضض وهو يضع حبات المكسرات في فمه..... زفرت دارين بحنق وهي تقول.... "انتَ مش ناوي تمشي ولا إيه...." "ليه مستنيه حد ولا إيه...."نظر له بخبث... قال دارين ببرود... "هكون مستنيه مين يعني.... بس الوقت اتأخر وميصحش نفضل مع بعض كل ده....." "ميصحش......" ضحك بقوة واستهزء عليها فما حدث بينهم تلك الأشهر كفيل بان يوقفها عن رسم الشرف والعفة أمامه .... نهضت بغضب ووضعت يداها بخصرها وهي تقول بمقت.... "انتَ بتضحك على إيه...." هتف بصعوبة من بين ضحكاته الساخرة.... "ولا حاجه اصلي افتكرت نكته بايخه....." اكمل ضحك وظلت هي ترمقه بنظرات مقت وكره وغباء لكونها دخلت في جحر الثعابين واصبحت واحده منهم وكل هذا لأجل الفوز برجل احلامها..... صدح جرس باب شقتها فتوقف هشام عن الضحك وهو يقول هازئاً.... "هو دا اللي كُنتي بطرايني عشانه....." زفرت بضيق أكبر..... "اوف عليك.... قولتلك مش مستنيه حد خليك هنا اما اشوف مين....." خرجت من الغرفة واتجهت لباب الشقة نظرت من العين السحرية فوجدت عمرو بالخارج..... شهقت بخوف وهي تتجه لغرفتها مرة أخرى بسرعة...... "هشام قوم معايا....." نظر لها بعدم فهم... "على فين...." "تعالى اخبيك.... عمرو وقف برا على باب....." "عمرو.... واي اللي جابه ده..... هو متعود يجيلك بليل كده....."سألها وهو ينهض.... قالت بتوتر ناتج عن ما يدور حولها.... "لا دي اول مره يعملها.... ادخل استخبى انتَ بس خليني اشوفه جاي ليه..... " هتف هشام باستنكار.... "استخبى في اوضة النوم....هو اي اللي هيدخله هنا يادارين....." قالت بارتياع.... "معرفش بس ناخد احتياطاتنا برضو....." زفر هشام بحنق وهو يزارر قميصة ويتجه باستهجان خلف احد ستائر غرفة النوم...... تنفست دارين بصعوبة وهي تعدل شعرها وتتجه لباب الشقة.....وعندما فتحت لعمرو الباب ابتسمت له بطصنع..... "عمرو اي المفاجأة الحلوة دي...." "عامله إيه يادارين...." رمقها بنظرة مبهمه جامدة... "الحمدلله ادخل وقف ليه....." فتحت الباب أكثر فدخل عمرو بهدوء وهو ويتفقد بعينيه البهو وقد لاحظ وجود حذاء رجالي بجوار الباب...رفع حاجبيه وهو يسألها بتحفز.... "انتي عندك حد ولا إيه....." توترت ملامحها وهي تغلق الباب.... "حد....حد مين.....مفيش حد معايا" أشار على الحذاء بعينيه.... "امال الجزمه دي بتاعت مين....." قالت بغباء منقطع النظير.... "آآه دي...دي بتاعت......بتاعت......بتاعت الشغاله أصلها كانت لبساها وهي بتنضف وكده.... ولم بتخلص بتسبها هنا عشان لم تيجي المره الجاية...." "بس دي رجالي....." هتفت بتوتر اكبر.... "آآه مانا بقولك بتلبسها لم بتيجي تنضف... عادي يعني بنسبالهم....." هز رأسه بتفهم وهو ينظر لشقه بتحفز يصيب الريبه... "صحيح وعد عامله إيه...." نظر لها بقوة تكاد تجردها من قناع البراءة التي تمثله عليه..... "كويسه.... الحمدلله...." "بجد....انا كُنت عايزه اعرف منك هي في مستشفى إيه عشان يعني اجي ازورها...." "مش لازم يادارين....." "لا...... لازم....."قالت بسرعة غريبة.. "وليه....... لازم....."هز راسه باستفهام لها.... قالت دارين بلطف مصطنع... "يعني....... على الاقل ابعتلها بوكية ورد....." رد ببساطة سريعه عليها.... "هبقى ابعتلك في مسچ العنوان....." هتفت بنفس السرعة المريبة.... "واسم الاوضه....عشان البوكية...." لاحت منه بسمة ساخرة..... "واسم الأوضة عشان تبعتي البوكية....." ابتسمت بنعومة وهي تشير على الأريكة "طب انت هتفضل وقف كده....قعد...." هز راسه بمكر وهو يقول بخبث.... "لا....انا تعبان ومحتاج اريح جسمي شويه....اوضتك فاضيه....." "اوضتي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟....." رد عمرو على استغرابها ببساطة.... "معلش هي بجاحه مني بس شقتك قريبه من الشركة وانا حبيت اريح ساعة قبل ما روح المستشفى لوعد....." "بس ياعمرو.... "قاطعها عمرو وهو يقول بتحفز.... " هي فين اوضتك صحيح..... " اشارت على باب غرفة قريب منهم وهي تقول... "دي اوضتي بس ....." قاطعها بتحفز..... "بس إيه في حد معاكي في الاوضه...." هزت راسها بنفي.... "لا طبعاً.... ازاي يعني انا هنا لوحدي...." "طمنتيني اصل باين عليكي انك متوتره جامد...." اتجه الى غرفتها وهو يصفر ببرود..... مررت يداها على وجهها وهي تسير خلفه.... عند دخوله الغرفة وجدها كما توقع من بداية دخوله هناك كوبين من الخمر وأيضاً اطباق مكسرات ستره رجالي ملقيه باهمال على الاريكة الوحيدة بالغرفة... لم يلوح في ذهنه ان يسألها مره ثانية لكنها كانت الاسرع وهو تقول..... "دي كانت واحده من صحابي هنا ولسه ماشيه من شوية...." هز رأسه بتفهم بارد وهو يقول بهدوء.... "ممكن تجبيلي كوبية مايه....." هزت راسها بقلق وهي تخرج من الغرفة ملقيه نظرة خاطفه على ستارة التي خلف عمرو.... فهم عمرو تلك النظرة وفسرها جيداً.....اذاً لينتهي الان من ما اتى لأجله.....كور كف يده بقوة وهو يتجه لمرآة الزينة.....مد يده بجيبه بطريقة خاطفة ووضع اسفل سطح الزينة جهاز تصنت..... نظر لستار الواضح من خلاله ان هناك شخصاً خلفها شرد للحظات في حديث حاتم.... (انتي عايزني اشتغل مرشد للحكومه ياحاتم....) هتف حاتم بجدية.... (انت الواحيد اللي تقدر تدخل شقة دارين....وبعدين انا وانت عارفين ان في إحتمال كبير يكونوا بيخططه لحاجه جديدة ليك او لمراتك...الجهاز ده مهم وكده كدا احنا قربنا نوقع شوكت في شر أعماله... وزي ما ساعدتك نلبس شوكت قضية تزوير أوراق رسمية...هتساعدني امسك هشام ودارين سوا.....قولت إيه.....) صاح عمرو بتشنج.... (عايزني اروحلها البيت دا انا لو شوفتها قدامي هقتلها.....) قال حاتم بعقلانية.... (لا انا عايزك تهدى وتتعامل معاها عادي عشان متشكش في حاجه وتبوظ كل اللي بنعمله.....) عاد من شروده على اهتزاز ستارة الشرفة.....جز على أسنانه وهو يرمق الستارة بغضب ولم يتوقع ان يحترق فتيل الصبر عنده ويقترب من الشرفة ليقتل من كان سبب في كل نصائب حياته من يوم ان دخل حياته برتبة صديق وفي !!...... ابتسم باستهزء وهو يمد يده لفتح الستار لكن قبل ان تصل يداه نادت عليه دارين بقوة غريبة وهي تقول.... "المايه ياعمرو....." استدار لها ببرود ونظر لها وللكوب الذي بين يداها وتمتم بداخله بغضب بعد ان شتم إياها بافزاع الكلمات.... "مصير الحي يتلقه يابن الـ*****....." تقدمت منه دارين وهي تقول..... "ساكت ليه ياعمرو......المايه....." نظر لها بغضب مكتوم وهو يقول بجفاء.... "اشربيها انتي....انا ماشي....." خرج من الغرفة بل ومن باب الشقه باكملها وهو يلعن الجميع وبما فيهم حاتم فهو و ارشاداته القانونية السخيفة تمنعه من اخذ ثاره من تلك الشياطين المحيطة بهم... لماذا خُلق القانون ؟ ليجعلنا ضعفاء اغبياء !..اللعنة.... ارجع شعره للخلف بغضب وضرب عجلة القيادة بقوة وهو ينظر بغضب قاتم لدور الماكثة به تلك الحية.... "اقسم بالله ما هرحمكم انتوا الاتنين بس تيجو تحت ايدي الأول......" اخرجت السيارة صوتٍ مزعج وهو ينطلق بها بسرعة رهيبه..... في غرفة دارين خرج هشام وهو يقول بشك.... "هو خرج ليه بسرعه كده...." نظرت دارين لباب الغرفة المفتوح وهي تقول.... "تفتكر شافك...." اجابها هشام بمقت..... "مظنش....يعني لو شفني هيسمي عليا.....ويسبني كده ويمشي..... المهم سيبك منه.... عرفتي عنوان المستشفى..... " قالت ببرود وحنق.... "هيبعتها في رسالة......هتروح تخلصني منها أمته.... " "اول ما يبعتلك الرسالة.....هتسمعي خبر وفاتها................. بس الفلوس.... " قالت بجمود.... "هحاولك نصهم النهاردة والباقي بعد ما تخلصني منها....." ......يتبع الفصل الرابع والثلاثون من هنا . |
رواية ضراوة العشق الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم دهب عطيه
تعليقات