رواية ضراوة العشق الفصل الرابع والثلاثون 34بقلم دهب عطيه



رواية ضراوة العشق الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم دهب عطيه 






🦋 الرابع والثلاثون🦋

سار بداخل ممر المشفى بتحفز وهدوء فاتر مرتدي 
كاب على الرأس لاخفاء ملامحه.... وللتنكر قد ارتدى زي عامل نظافة ودخل المشفى بعد ان دفع رشوة لأحد عاملين النظافة لاصطحابه لداخل المشفى بطريقة بسيطة لا تدعو للشك به...... 

خطوات متماهله ثابته وهو يبتسم بخبث فقد حانت اللحظة الحاسمة بنسبة له.... سياخذ ثأره منها ويحرق قلب 'عمرو' عليها وبعد كل هذا التشفي سينال مبلغ كبير من خلف الغبية 'دارين' التي تظن ان بعد موت'وعد' ستجد عمرو لها.... لم تعرف ان بعدها لن يتبقى منه إلا اسمٍ فقط على ورق يثبت
انه على قيد الحياة....... 

يعلم جيداً مكانة 'وعد' عند ' عمرو' كما يعلم حب عمرو لها..... و دوماً هو وبكل وضاعة يلعب على
نقطة ضعفه بطريقة مدروسة ..... 

سيبلغ عمرو بكل شيءٍ بعد ان ياخذ الدفعة الأخيرة من المبلغ المشروط عليها منه.... ويسافر هو من بعد
ان يسرد لها بمنتهى الغدر ان دارين هي من ساعدته في ارتكاب جريمة قتل زوجتك الحبيبة.....

سيقلب الطاولة عليها ولن يجعلها تطول شيءٍ منه 
وحتماً بعدها سيلقيها عمرو في سجن... وهو سيخدعهم جميعاً ويعيش بهذا المال خارج البلاد ويبدل شقاء السنين والحرمان بحياة مرفهة
مفعمة بالمال والحرية !!! ... 

برزت اسنانه بمكر الذئاب وهو يقول بداخله بمراوغة..... 
"لعبتها صح ياهشام فاضل تكه..... وهتخلص
 من الكل......" 

وقف امام الغرفة المنشودة والتي اخبرته عنها دارين 

نظر حوله بحذر وتريث.... المشفى فارغة تقريباً الساعة السادسة صباحاً وهذا الوقت الانسب 
لارتكاب تلك الجريمة بدون ان يشعر أحد 
تنهي وترحل..... سهله اليست كذالك ؟.....  

متأكد هو ان لا احد يمكث مع وعد فقد اخبرته دارين ان عمرو ابلغها ان الطبيبة ترفض مبيت احد معها وهذا جعل الخطه اسهل عليه وعلى دارين كذلك 
وهناك بصيص راحه ينبع بداخله أكثر.... فقط الأمر
 يحتاج لسرعة ومهارة منه...... 

وضع يده على مقبض الباب وفتحه ببطء وحذر ومقلتيه تدور يميناً ويساراً بحذر أكبر.... 

أغلق الباب خلفه وتفقد الغرفة الانيقة من حوله ثم 
فراش المشفى الراقده عليه وعد موليه ظهرها لناحية الاخرة...... اقترب منها فلم يرى وجهها 
بصوره اوضح فكان شعرها الأسود يخفي معظمه وكان الغطاء يخفي كامل جسدها..... 

نظر باتجاه كيس المحلول المُعلق لها.... اسلب عينيه وهو يمد يده بجيبه لاخراج تلك الحقنة الناهيه حياة أحدهم اذا دخلت في عروقة خلسة ..... 

حضرها ببسطة وغرزها في كيس المحلول الصافي الذي تعكر صفوه حين دخلت عليه تلك المادة السامة... 

أبتسم هشام بتشفي وهو ينظر لظهرها... اقترب منها وهو يقول بطريقة بذيئة..... 
"معلشي ياوعدي بس موتك وراه مصلحه كبيرة... وانتي اكيد مش هتكرهي ليا المصلحة يعني....." 

شعر هشام بشيءً مُبتل تحت يداه نظر إليه فوجد 
المحلول الطبي يتسرب على الفراش بفعل الأنبوب 
الوريدي الذي لا يتعلق في يد وعد من الأساس.... 

شعر هشام بالقلق فشد ذراع وعد ليرى وجهها ويقتل الخوف بداخله ولكن كانت الصدمة أكبر والمرأة التي كانت نأئمه على الفراش تنهض ليرى وجهها وتأكد
شكه ويخرج بعدها حاتم ورجال الشرطة من خلف الستار ......

نظر حاتم له وهو يقول بتشفي...
"وأخيراً وقعت ياهشام....."

ارتبك هشام وهو يقول بقلق.... 
"انا معملتش حاجه انا كُنت داخل انضف الاوضه...." 

"بجد.... وانتَ اشتغلت امته عامل نضافه... آآه... اكيد بعد خروجك من السجن....." 

قال هشام بكذب واصرار...  
"انا لسه هنا جديد....." 

ضحك حاتم بسخرية... 
"بجد.... طيب ماتيجي نشوف الفيديو ده سوا..." 

رفع حاتم هاتفه لهشام وكان الفيديو عبارة عن مشهد حدث منذ دقائق بسيطة... وهو محاولة قتل وعد بأحد الادوية المميتة..... قال حاتم وهو ينزل الهاتف.... 
"دا غير التسجيل اللي وقع تحت ادينا... ولولا دارين ادته لين بعد ما سجلتلك....." 

قاطعه هشام وهو يهتف بصدمة.....
"دارين سجلتلي.... يعني دارين هي اللي بلغت عني...." 

قال حاتم بجدية.....
"امال انتَ مفكر إيه..... دارين اعترفت عليك وكانت شاهد ملك في القضية دي.... كتر خيرها..... "

صاح الآخر بعصبية وهتف بتسرع يدينه اكثر....
"كتر خيرها.... دي كدابة دا هي اللي اتفقت معايا نخلص على وعد عشان الجو يروقلها مع عمرو...." 

قال حاتم بعملية خبيثة....
"تقدر توجها باقوالك دي في نيابه....." 

هدر هشام بغل وانتقام....
"اقدر انا مش هلبسها لوحدي...وكمان جوز امها شريك معانا في الجريمة.......و واخد فلوس منها بعد ما زور ليها كذا ورقه كده من ضمنهم بطاقة مضروبة باسم وعد الاباصيري......."

ابتسم حاتم وقد نال مراده من هذا البذيئ فعقب 
ببرود....
"كده كدا شوكت مشرفنا هناك عشان قضية تزوير جديدة ولم نروح هيبقو قضيتين بس انتَ اثبت على كلامك عشان متشلش الليله لوحدك....."  

قال هشام بحقد.....
"انا معترف على نفسي وعليهم....."

هز حاتم رأسه وهو يشير لرجال الشرطة ان تضع
في يد هشام الاسوار الحديدية.....وبالفعل أحاط به الحديد وخرج معهم مطأطأ الرأس بندم ليس 
على أفعاله بل ندم انه لم يركض خلف حريته 
بل انصاع لشيطانه من جديدة فكافئه بالسجن والظلام مرة اخرى ........

لو كُنت راضي ولا تتمرد على رزقك لكُنت أغنى الناس امام آلله بصبرك وحمدك.....

لو حاولت فقط رفع الغمه عن عينيك لكُنت
وجدت قول الله تعالى يقول لك..... 

(۞ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) 
______________________________________
جلست دارين هلى المقعد بتوتر وهي تختلس النظر لوكيل النيابة بريبه واضحة.... حاولت تنظيف حلقها وهي تقول له بطريقة جادة... 
"اقدر اساعد حضرتك ازاي....." 

رمقها حاتم بخبث خفي وهو يقول بعملية.... 
"بصراحة في بلاغ متقدم فيكي من واحد اسمه هشام عبدلله....." 

"بلاغ؟؟؟..... بلاغ إيه....." 

قال حاتم بخشونة...
"احنا قبضنا على هشام وهو بيحاول يقتل وعد الاباصيري اكيد تعرفيها دي مرات مديرك في شركة  
اللي شغاله فيها.... عمرو الاباصيري مش المدير بتاعك برضو ولا معلومتي غلط؟...." 

ردت بصوتٍ متحشرج من كثرت الخوف ولوهلة حاولت ان تكون طبيعيه في الرد ....
"معلوماتك مظبوطة.... بس انا اي دخلي بالموضوع........." 

مالى حاتم على المكتب وهو يقول بجدية...
"دخلك ان هشام لم أعترف بجرمته اعترف عليكي انتي كمان..... انك شريكه معاه في كل حاجه...." 

قالت دارين بسرعة ونفي....
"محصلش دا كداب.... انا أصلا معرفوش عشان اتفق معاه على حآجه زي دي... وبعدين انا هستفاد إيه من موتها...." 

رمقها حاتم بإزداء وهو يقول....
"دا نفس السؤال اللي بيدور في دماغي هتستفادي إيه من قتل مرات مديرك....... اي ده دي الاجابة واضحه في سؤال....." 

نظرت له دارين بتعالي وهي تقول بصرامة....
"انا مسمحلكش تتهمني اتهام زي ده..... ولازم يكون معاك دليل قوي توجهني بيه مش اعتراف من واحد مجرم عايز يوسخ سمعت الناس كلها معاه...." 

"عندك حق...انتي صح....استني...."اخرج حاتم هاتفه 
وعبث فيه ثم رفعه امام عينيها.... صدح الهاتف صوت تسجبلي بصوتها وهي تتفق مع هشام 
لقتل وعد من خلال مكالمة هاتفيه بغرفتها 
ومن خلال جهاز التصنت الذي زرعه عمرو لها
 وها قد وقع دليل اخر يدينها اكثر في تلك الجريمة
 التي كانت على وشك الحدوث....... 

قال حاتم بإزدراء.....
" ها... اي رايك في دليل ده..... دا غير التسجيلات اللي لقناها في تلفون شوكت الانصاري جوز امك....
وانتو بتتفقه على تزوير الاورق...وعلى شيك اللي سرقتيه من وعد وخلتيها تمضي عليه وسط اوراق الشركة...... لعبتوها صح..... بس متظبطتش معاكم 
اوي... " 

هتفت دارين بصدمة....
"انكل شوكت هنا.... انتوا قبضته عليه..." 

ابتسم حاتم بسخرية.... 
"آآه مشرفنا بقاله كام يوم..... اصله اتمسك في قضية تزوير واتشطب من نقابة المحامين كمان وقريب اوي هيتحكم عليه وانتي معاه....... ها لسه برضو مش ناوية تعترفي......." 

اسلبت دارين عينيها ومررت اظافرها على المكتب بقوة وهي تقول بانكسار.... 
                     "عايز تعرف إيه......" 

قال حاتم بصوت حاسم......
"كل حاجه من اول انتحال شخصية وعد لحد ما خططه لقتلها بحقنة ×××......بتفاصيل تحكي كل حاجه بتفاصيل....... "  
.........................
سار بخطوات متجهمة في الممر الطويل ثم وقف امام مكتب حاتم سلامة ونظر للعسكري الواقف
 أمامه وهو يقول بخشونة...
"اديله الكارت ده...وعرفه اني مستنيه ....."

أومأ له العسكري وهو يدلف لحاتم الذي أنتبه لوجوده وقد انتهى من اخذ أقوال دارين التي تجلس على المقد مطأطأة الرأس ودموع تغرق وجهها وهي لا تصدق ان نهايتها ستكون خلف قضبان السجن.... 

"اتفضل ياساعت البيه....... الجدع ده عايز يدخل لحضرتك دلوقت...." 

نظر حاتم لكارت ثم لدارين وهو يلفظ اسم المنتظر بالخارج.... 
"عمرو الاباصيري..... دخله...." 

رفعت دارين راسها بخوف وهي تذرف الدموع بتوتر اكبر..... وجدت عمرو يدخل إليهم بشكلاً مهيب يخيف الناظر اليه..... انفاسة غاضبة متسرعة يكاد صدرة يمزق ازرار قميصة من شدة التهكم ......وجهه احمر وملامحه حادة ميته.....عيناه قاتمة قاسية ترسل رجفة الخوف لجسد دارين التي وقفت مرتعدة امام هيئته المخيفة..... 

أقترب منها بعدت خطوات ثم اصبح أمامها مباشرةً.... اسلبت عينيها واحمر وجهها خوفاً.... وظل حاتم يتابع ما يحدث وهو جالساً خلف مكتبه...... 

ظل الصمت المريب لثوانٍ وهو يجردها بعينيه بإزدارء وخزي منها ومن نفسه فهو من سمح لحية مثلها التسلل بكل بساطة له ولزوجته... لم يهتم 
بمشاعر وعد التي رفضت وجودها في حياتهم 
وظن انها مجرد غيرة نساء وانه يفعل الثواب مع دارين ولن يتخلى عنها ويطلع دنيء معها.. ولكن انظر الآن من هو الدنيء... من نهش في اليد التي امتدت إليه بالخير من كان سينهي حياة اغلى مخلوقه بحياته بدمٍ بارد...... ويقتلهُ من بعدها حي ....... 

رفعت دارين عينيها وهي تحاول التكلم وتبرير فعلتها .....
"عمرو انا كُـ....."

كان ينتظر على احر من الجمار ان ترفع عينيها به وتبدأ تمثيل ومكر من جديد......صفعها بقوة على وجنتها لا بل لم يكتفي بصفعة واحده بل صفعها 
عدة مرات بقوة وهو يصرخ بها بوحشية....
"عملتلك إيه عشان تعملي في كده....ملقتيش غير مراتي وابني عايز تقتليهم ليه........ليه......ليه.....انطقي.. "

صفعاته كانت قوية اخرستها لم تعرف ان ترد او لم يعطي لها مساحة لرد فكانت يداه تسبق لسانه ومع كل كلمة صفعة تهبط على وجنتيها لدرجة ان من كثرت الآلام فقدت الإحساس بوجهها......

نهض حاتم وحاول منعه وهو يقول بقوة.....
"كفاية كده ياعمرو....... كفاية هتموت في إيدك...."

صاح بوحشية وعيناه تقتلها بشرسة.....
"سبني ياحاتم....... سبني بقولك......"

كرر حاتم جملته مرة اخر بقوة اكبر...
"اهدى ياعمرو....كفاية كده.....هتموت في إيدك...."

صاح عمرو بشراسة.....
"وانا مش هسبها غير لم تموت في إيدي....سبني بقولك.....وسع ياحاتم....."حاول الافلات من حاتم بقوة ولكن حاتم حاول بكل قوته ان يمنعه وهو يصيح منادي على الشرطي لاخذ دارين الى
الحبس.......

خرجت دارين مع الشرطي وهي لا ترى امامها فقد تورم وجهها واغلقت عينيها من شدة الاحمرار 
والوجع اسفلهم........كانت حالتها مزرية
وتلك اول البدايات التي ستواجهها في رحلة 
سد الدين !!.......

اجلسه حاتم على الاريكة وهو يحاول تهدئة إياه... 
" ممكن تهدى عصبيتك دي هتعمل إيه... خلاص اتقبض عليهم وهيتحكمه.... وكل قانوني... اي لازمة انك توسخ ايدك بسببهم.... "

لم يهتم عمرو بكلامه بل قال بصلابة.... 
"هشام في الحجز تحت مش كده....." 

"ااه في الحجز........ بتسأل ليه....." 

"عايز انزل الحجز......" 

نهض حاتم بضيق لاول مرة وهو يصيح بحنق.... 
"انتَ بتقول اي ياعمرو..... انت مفكر القسم هنا بأسمي فوق ياعمرو...... واعقل كلامك....." 

اصر عمرو بحزم....
"بقولك إيه انا هنزل برضاك او غصب عنك....
هنزل يعني هنزل..... هو مش اللي بينزله الزفت
 ده لازم يعمله نصيبه..." 

"آآه لازم يعمله نصيبه..... انتَ بقه جرمتك إيه...." 

نهض عمرو بعصبية وهو يقول امام وجهه... 
"انتَ عايزني ارتكب جريمة ياحاتم....." 

رد حاتم بضجر...
"اقل واجب عشان ادخلك الحبس وتمشي قانوني.. ماهو انا مش هخالف القانون عشان غمازات
اختك..." 

نظر له عمرو بدهشة برغم من ملامحة التهكمة... 
"غمازات اختي.... وانتَ شوفت غمازات اختي فين...." 

رد حاتم بنفس الدهشة من سؤاله....
"الله مش خطبها وببص في وشها...." 

رد الاخر بغيرة على شقيقته....
"وانتَ لازم تركز وانتَ بتبص في وش اختي....." 

هتف حاتم بمزاح ليغير الحوار السابق....
"امال هركز في إيه يعني يابو نسب....." 

صاح عمرو وهو يقترب منه أكثر....
"متركزش... الخطوبة دي ملغية.... ودا بقه عشان تبقى تركز تاني في وشها حلو....." صكه بقوة في جبهته فجعل الآخر يترنح وهو يضع يده على راسه التي نزفت نقاط بسيطة من الدماء..... نظر له حاتم بصدمة وهو يقول بذهول
"انتَ بتضربني يابو نسب انتَ عارف عقوبتها اي دي...." 

قال عمرو ببرود....
"عارف عشان كده عملتها ولو عايز تاخد حقك مشيها قانوني ونزلني الحجز....." 

هتف حاتم بصدمة.... 
"حجز إيه..... انت عايز اختك تغضب عليا.." 

قال عمرو بصلابة....
"قولنا الخطوبة ملغيه.... نزلني الحجز...." 

طرح حاتم السؤال مرة اخرى بتأكيد....
"ملغيه.... ملغيه.....ملغيه؟؟؟؟ " 

أجابه عمرو بجدية صارمة....
"ملغيه ياحاتم..... مش بلعب معاك انا....." 

قال حاتم بحنق زائف.... 
"لا يبقى نمشيه قانوني بقه...... تعالى معايا يابو نسب هنزلك الحجز بنفسي...." نظر له عمرو بغضب وهو يسير معه تابع حاتم حديثه بجدية... 
"بس يكون في علمك..... انت مش هتخرج من الحجز غير لم تلغي الملغي ده سمعني....." 

ذهب عمرو مع الشرطي للحجز...دخل حاتم الى مكتبه ورفع سماعة الهاتف وانتظر حتى ردت عليه 
الحبيبة الرقيقة..... حين اتى صوتها الرقيق بعثر كيانه فهتف بغلاظة.... 
"انا نزلت اخوكي الحجز ياهند ومش هيخرج منه غير لم اكتب عليكي.... " 

صاحت عبر الهاتف بصدمة...
"انتَ بتقول اي ياحاتم اي التهريج ده انتَ بتهزر...." 

قال حاتم بجزع واضح....
"انا برضو اللي بهزر ولا انتي واخوكي اللي بتهزره معايا واحد يستغل مكانتي ويخليني اساعده في مصايبه وأول ما يخلص يقل مني ويرفض يجوزني اخته... واخته مشاء الله تبارك الرحمن مفيش حوار بنتكلم فيه غير وسي عمرو يلزق فيه... اخويا عمل اخويا بيحب.... مليش في دنيا غير اخويا... مبحبش زي اخويا...... اي مفيش اخوات في دنيا غيركم زهقتوني....... تعالي اضمني اخوكي وانا اخرجه بس 
برضو هكتب عليكي وخدك من حباب عنيه ويبقى يوريني ابو نسب هيمنعني ابص على الغمازات إزاي...." 

صاحت هند بعدم فهم وهي تبكي.....
"غمازات اي ياحاتم انتَ بتقول إيه.....هتجنني معاك...انا مش عارفه انتَ بتكلم جد ولا بتهزر ولا اي حكايتك بظبط... "

قال حاتم بجدية وامتلاك....
"لم تيجي ياهند لم تيجي بس يكون في علمك انا مش هفركش الخطوبة.... هتجوزك يعني هتجوزك....."

ردت هند برقتها التي تُذيب قلبه....
"وانا مش هتجوز غيرك...بس اهدى مسافة السكة وجايه....."

ابتسم برغم ضيقه وهو يقول بمداعبة....
"مستنيكي على نار يابشمهندسة....."
____________________________________
اغلق الشرطي الباب الحديدي بعد ان دخل عمرو الحجز هو عبارة عن غرفة واسعة حوائط رمادية قاتمة قديمة.... بصيص نور فقط يضيء الغرفة من خلال نافذة عالية صغيرة مغطاة بقضبان حديدية....
رائحة الغرفة عفنة مقرفة بطريقة تضيق صدر من يدخلها لاول مرة.... بها عدد ليس قليل من المجرمين 
والسارقين والكل يجلس بجوار الاخر منهم من ينام 
وهو جالس ومنهم من يسامر الجالس بجواره ومنهم من يشرد في همه ونصيبته الكبره وكان هشام واحداً منهم....... كان شارداً جالساً متكأ على الحائط بضيق 
وعيناه متعلقة بنافذة العالية يود لو يخرج للنور مرة اخرى.... لن يعيد فعلته مرة اخرى لو فقط يتبدل الحال ويخرج من هنا لو......

ظل يرددها وهو متكبر على ان يعترف بذنبه ولم ينتابة ذرة ندم واحدة على الاذى الذي سببه لغيره....

ظل يحدج فيه عمرو للحظات بغضب واعين متوحشة تحكي ان الصياد وصل للفريسة وسيفتك بها ولن يحررها من براثنه إلا بعد ان يقضي عليها ويمزقها باسنانه حتى يلقيها للذئاب العفنة تخلص ما تبقى منها دا ان تبقى شيءٍ ؟!!......

شعر هشام بمن يجلس بجواره وهو يقول بشراسة...
"هون على نفسك....... ان شاء الله إعدام....."

رفع هشام عينيه بقوة على من يجلس بجواره فتأكد من شكه.....ليهتف بصدمة...
"عمرو انت بتعمل اي هنا.......انت قتلت مين...."

"لسه مقتلتش...... بس ناوي اقتل....."عجله بلكمة قوية تحت عينه ونهض بقوة ثم طل عليه بهيئته المهيبة ليسدد له الكمات والضربات بمنتهى
 الوحشية والقوة الضارية.....

انتبه المساجين لهم فنهض كلاً منهم متابعين مايحدث بعدم فهم......

دافع هشام عن نفسه فسدد لعمرو لكمة قوية اوقعته ارضاً..... ابتسم هشام بتشفي وهو يهجم عليه
قائلاً....
"فحرت قبرك بأيدك ومش هسيبك غير وانتَ ميت في ايدي......"

صرخ عمرو بوحشية وهو يلكمة بوجهه ليوقعه أرضا
لينزل من عليه.....
"انتَ اللي ميت ياهشام انتَ اللي هتموت على ايدي....."ضربه عمرو بقوة وستنزف كل طاقته وغضبة على جسد هذا الوضيع الضخم.....صاح عمرو وهو يلكمة بقوة حتى سالت الدماء من فم وانف هشام.......
"هقتلك..... هقتلك وخلص منك ومن قرفك........هقتلك عشان انا وهي نعيش مرتاحين.......هقتلك يابن الـ****........"

صاح احد من المساجين وهو يخبط على الباب 
بقوة.....
"الحقنا ياشويش.....في اتنين هنا هيموته بعض....الحقوهم......ياشويش..... ياعالم هيموته بعض....."

قبض عمرو على عنق هشام الذي استسلم له بعد ان 
خارت قواه وهزمت عظيمته في ان يتخلص من عمرو ومن المؤكد انه هو من سيتخلص منه فانفاسة 
تختنق ووجهه قد شُحب وقارب على مواجهة اخر خطوة في حياته....توسعت اعين هشام وهو يجد قبضة عمرو تتزايد على عنقه ويبدو انه سيموت على يداه فعلاً وليس تهديداً كما ظن......

حاول ان يقاومة ويبعده عنه وهو يحاول سحب الهواء لرئتيه لكن عمرو كان كالمغايب وهو يزيد من مسك عنقه بل ويتكأ وهو يصيح بشراسة مُغيباً عن تلك المُصيبة التي ستحدث بعد قليل.....
"هقتلك وخلص منك....ومش مهم اللي يحصل بعدها المهم تموت.......تموت....."

اغمض هشام عينيه باستسلام وترك يداه تنزلق 
على الأرض....

أتسعت اعين المساجين بصدمة وعدم تصديق وهم يرون هذا المشهد.......مات قد قتله........صاح عقله بتلك الكلمات وهو يجد الشرطي يسحبه للخارج حيثُ مكتب وكيل النيابة..... 

......................................
نزلت دموع هند وهي تضع الكوب بعصبية....
"مش عايزه للمون ولا عايزه حاجه....انا عايزه اشوف اخويه ياحاتم وديت اخويا فين....."

"مانا قولتلك مرمي في الحجز....."

قالت بحدة موبخه إياه....
"وترمي اخويه لي في الحجز انتَ اتجننت... عمرو يترمي مع قتلين القتلة والمجرمين....." 

ابتسم حاتم بذهول وهو يقو بمزاح....
"وانا مالي يالمبي.....ماهو اللي عايز يتحبس....." 

"انت بتهزر ياحاتم........ بتهزر......" 

اجابها حاتم بقنوط....
"ايوا بهزر مانتو الجوز مينفعش معاكم إلا الهزار...."

قالت بقوة واصرار....
"لا.....الكلام معاك ملوش اي لازمه....نزلني اشوف اخويه...."

عقد حاجبيه معقباً...
"انزلك فين ياهند انتي اتجننتي....."

قالت ببساطة...
"نزلني الحجز اشوف اخويه....."

رفع حاتم شفتيه وهو يقول باستنكار...
"حجز؟....حجز إيه هو دريم بارك ولا إيه اعقلي كده وستهدي بالله وشربي اللمون ودقايق وخوكي يكون عندك......"

عضت هند على شفتيها بغيظ وهي ترمقه بمقت...

قال حاتم بتبرير...
"مبلاش البصه دي ياهند اقسم بالله هو اللي عايز ينزل الحجز........وكمان عورني....شيفه اللي حصلي على إيده مفيش الف سلامه ياحاتم......"أشار على الخدش البسيط في جبهته وهو ينظر لها بترجي عاطفي....صاحت بفظاظة متوقعه منها.....
"لا مفيش سلامات....لم اطمن على اخويه الأول....."

جز على اسنانه بغضب
"ينعل ا...." 

توسعت عينيها البنية وهي تنظر له بتحديز.....

تابع بنفس الحنق.....
"ينعل ابو اللي يزعلك انتي واخوكي ياهند....اشربي 
اللمون عشان تطمني على اخوكي.....اشربي... اشربي... "

نظرت امامها بامتعاض وهي تنتظر شقيقها بخوف
ولهفة عليه.....

دخل عمرو عليهم بحاله يرث لها.... ملابسة مكرمشة متربة من أرضية الحبس تحت فمه دائرة حمراء آثار 
لكمة هذا الوغد.... وانفه متسخ بدماء جاف..... 

نهضت هند بخوف وهلع وهي تلقي نفسها بحضن شقيقها وهي تبكي..... 
"عمرو مين اللي عمل فيك كده.... اي اللي حصلك..." 

كانت دهشة حاتم متوقعة وهو يقترب أيضاً منه بغضب...... 
"عملت اللي في دماغك يارب تكون ارتحت... خلصت عليه ولا لسه....." 

أقترب الشرطي من حاتم وهو يقول بصوت مسموع.... 
"في واحد من المساجين مضروب ومرمي في لارض يافندم والمتهم ده هو اللي ضربه....." 

صاحت هند بشراسة لشرطي.... 
"متقولش عليه متهم... اخويه مش متهم بحاجه..." مسك عمرو ذراع هند وهو يقول بخفوت غاضب... 
"انتي اي اللي جابك هنا ياهند جايه هنا ليه.... من امته وانتي بتدخلي الأماكن دي......" 

ردت ببساطة....
"انا قلقت عليك وحاتم هو اللي اتصل بيه...." 

"حاتم...." نظر الى حاتم بقتامة اعين شرسة.... 

زفر حاتم بضيق منهم وهو يقول بقنوط...
"يادي النيله على حاتم..... كان يوم اسود يوم ما فكرت اتجوز أختك..... جبتها عشان تلحقك قبل ما تعمل مصيبة.... بس شكلك عملتها وقتلته..... قتلته
ولا لسه فيه الروح....."  

قال عمرو بقتامة صوت فاقد للحياة... 
"قتلته خد الاجراءات القانونيه وانا جاهز لاي محاكمة...." 

حك حاتم في ذقنه وهو يرمق عمرو بعدم
تصديق.....
"صلاة النبي احسن......... يعني مات....." 

نزلت دموع هند وهي تقول بخوف.... 
"هو مين دا اللي مات ياحاتم فهمني في إيه...." 

"هشام عبدلله......" 

قالت هند بصدمة ومقت...
"هشام عبدلله تاني هشام عبدلله..... هو احنا مش هنخلص منه بقه....."امرها عمرو بخشونة....
"روحي ياهند...... ومتجيش هنا تاني....." 

قالت هند بتأثر وحزن...
"مش هسيبك ياعمرو.....خليهم يخدوني مكانك ويسبوك... " 

هتف عمرو بنفاذ صبر.....
"روحي ياهند وسمعي الكلام....." هزت راسها بنفي
لفظ اسمها بتحذير.....
"هند... " 

مالى الشرطي على حاتم التي بعد دقائق لفظ كلمات الحمد وهو يقول بهدوء....
"الحمدلله..... هشام لسه عايش......."

نظر لهم عمرو بعدم فهم....
"يعني اي لسه عايش....."

رد حاتم عليه بعملية وتحذير.....
"يعني لسه عايش.....جاله حالة اغمى وبيعملوله الاسعافات الاوليه....."

ضرب عمرو الحائط بجواره بتهكم وهو يرمق الفراغ بغضب حتى القدر يعطي له فرصة ثانية وهو يمقتها 
بشدة.......لماذا يريد ان يلقي نفسه بتهلكه لمجرد ان يهرب من نظرات عتابها وذنب ظلمه لها......

كان يريد بضراوة ان ينهي حياة هشام ويتخلص منه ومن جانب آخر يبتعد عنها ويعاقب نفسه بظلمه لها.... 

اي هراء هذا الذي يهذي به ؟.... 

لا يعرف ولكن في بعض الأوقات ينتاب المرء الغباء والتسرع فيصبح في اشد حالات التشتت وعدم ادارك الثواب واي تفكير ياتي بعد تلك الكلمات
لا يسمى تفكيراً بل غباءاً فاحذر من التسرع ولا تيأس من التخطيط قبل كل خطوة في حياتك !!..

تنهد حاتم بحمد وهو ينظر الى هند قائلاً بجدية...
"هند خدي عمرو وروحي دلوقتي.....اكيد محتاج يستريح النهاردة كان يوم مُتعب بنسباله......."

اومات له هند وهي تقول لاخيها....
"حاضر.....يلا ياعمرو نطلع على اي مستشفى عشان الجروح دي......"

سار معها وهو صامت وشارد..... وجد حاتم يقول
 له بحرج..... 
"هو مش وقته بس انا عايز اطمن هو انت لغيت الملغي يابو نسب ولا لسه......" 

لو كان وقع سؤاله في وقتاً غير هذا لراوغ إياه وجعله يستشيط غضباً مثل كل مرة...
لكنه قال ببساطة.....
"مش هلاقي لأختي راجل احسن منك ياحاتم....."

صاح حاتم كالمجنون....
"الله واكبر.... الله واكبر..... أخيراً نولنا الرضا...."

نظرت له هند بتحذير وهي تنظر لوجه اخيها الجامد بتعبير وشارد بتفكير بعيداً عنهم.....

بلع حاتم باقي الكلمات وهو يشير لها بالوداع وبحركة معروفة بيده اخبرها انه سيتحدث معها في الهاتف ليلاً مثل كل يوم........

ابتسمت له بنعومة ولطف وهي تخرج مع اخيها...
____________________________________
بعد عدت أيام كانت تسير بخطوات متمهله بجوار 
والدتها في رواق المشفى الطويل تقدم وعودة ويدها على بطنها التي زادت حجماً عن السابق..... 

قالت والدتها بحذر...
"على مهلك ياوعد.... الدكتورة قالت بس مشي رجلك شويه......" 

زفرت وعد بحنق وهي تقول.... 
"بصراحة ياماما انا زهقت من القعدة هنا.... انا عايزه أروح....." 

قالت نادية بدهشة...
"تروحي إيه مفيش مرواح غير لم تولدي...." 

ردت وعد بقنوط....
"افرضي هولد في التاسع هقعد شهرين هنا...." 

هزت نادية راسها وهي تقول بفتور....
"لا بس على الاقل تظبط موضوع الانيميا اكتر من كده... وضغط اللي بيعلى عندك دا كل شويه....." 

قالت بملل واضح.....
"بصراحة انا زهقت... انا هكلمها تروحني وتبعت اي ممرضه معايا تتابع وخلاص... يعني كده كدا عدى كام يوم من الشهر السابع ولو كان في ولادة هيبان...." 

ضحكت امها بخفوت وهي تقول .... 
"هيبان إزاي بس ياوعد.... الطلق بيجي مرة واحده يابنتي ملوش معاد....." 

برمت شفتيها بسأم...
"مش عارفه بقه المهم أروح....."

استرسلت والدتها بحنان....
"اصبري بس ام نشوف الدكتورة النهاردة هتقولنا اي......"

نظرت والدتها امامها فوجدت عمرو يتقدم منهم...  
"هو مش دا عمرو اي اللي عمل في وشه كده....."

رفعت وعد عينيها عليه فوجدته يتقدم منها بهدوء وهالة الجاذبية التي تدغدغ انوثتها دوماً تطوف من حوله.....
كان كما يبدو الحبيب الوسيم دوماً لكن هناك كدمات عند فكه واسفل عينيه احمرار بسيط وخدش يخفيه بملصق طبي فوق جبهته.....عقدت حاجبيها وهي ترمقه بدهشة تقدم منها والقى السلام على والدتها 
وعليها.... هي لم ترد فكانت شاردة بما أصابه.....

مسك يدها وهو يقول بلباقة....
"قعدي انتي يامرات عمي انا هتمشى مع وعد شويه...."

اومات له نادية بهدوء وهي تعطي له مساحة.....

مسك يدها وسار معها في الممر ببطئ.....
"عامله إي دلوقتي ياوعد......"

لا تزال عينيها مُتعلقه به تجاهلت سؤاله عن 
احوالها وسألته عنه هو.....
"مين اللي عمل في وشك كده......"

رد بسخرية...
"مهتمه اوي....."

قالت بحدة من اسلوبة المستفز....
"لا مش متهمه بس من حقي اعرف بعد الغيبه الطويلة دي كلها مين عمل فيك كده....."

نظر له ملياً ثم عقب باستفهام....
"غيبه طويلة.....هو مش انتي اللي عايزه تبعدي......اديني بريحك مني وببعد على قد ماقدر...."

سحبت يدها من بين يداه بقوة وهي تقول من تحت اسنانها.... 
"على قد ماتقدر..... طب ورجعت توريني وشك تاني ليه....." 

كور كف يده وهو يحذرها بصعوبة...
"اتكلمي معايا عدل ياوعد ...ولا ناسيه انك بتكلمي جوزك ....." 

عقبت باستنكار....
"جوزي؟؟؟..... هو فين جوزي ده اللي من ساعات مادخلت المستشفى مشفتوش تلات مرات على بعض....." 

ضرب كف على الآخر وهو يقول بقنوط...
"لا اله إلا الله... يعني لو انتي كُنتي مرحبه بوجودي من الأول مكنتش هسيبك وبعد عنك لحظه واحدة....."  

اشاحت بوجهها وهي تقول بشجن...
"انت عارف السبب كويس....." 

"عارف عشان كده بعدت...." 

نظرت له بحدة.....
"وللهِ ولي راجع النهاردة طالما انتَ بعدت....." 

مسك يدها عنوة عنها وهو يقول بحنو... 
"وحشتيني وجيت اطمن عليكي..." 

حاولت سحب يدها من بين يده بقوة ولكنه لم
يسنح لها بذلك..... وعلق بصلابة...
"بطلي معافره ياوعد..... مش هسيبك....." 

رفعت عينيها بضيق إليه وهي تسأله بحنق.... 
"ممكن اعرف مين اللي عمل فيك كده....." 

قال بنبرة مداعبة قليلاً لها...
"لم ترضي عني هبقى اعرفك كل حآجه...." 

قالت بفظاظة...
"يبقا عمري ماهعرف......" 

طأطأ عمرو براسه بأسى وهو يسير معها بصمت قاتل لروحها..... 

عضت على شفتيها بغيظ من صمته واستسلامه لنيل رضاها.... تود ان يسعى اكثر في الاعتذار اليها.. لم تكن القاسيه المتغطرسة المتعالية يوماً عليه لكن 
كبريائها يحارب اي ذرة تعاطف نحوه... ليتها تسامحه وتغفر له وتبدأ من جديد لكن هو من حكم على نفسه في سابق وقد ظلمها وجرحها بابشع الطرق المهينة لها...... بل انه ادخل دارين بينهم مرة اخرى حتى ينال منها ومن كرامتها من جديد..... 

شعرت بيده تطوق خصرها من الخلف بصمت وعيناه تنظر للأمام بفتور.... 

"شيل ايدك ياعمرو......" 

بلع ريقه وهو ينظر لها بشوق... 
"مالها أيدي خليها كده ....اسندك... " 

اسلبت عينيها وهي تقول بتوتر....
"مش عايزاك تسندني....." 

سحبها إليه برفق وهو يقول بمداعبة.. 
"طب ما ترفعي عينك وانتي بتكلميني......" 

بلعت ريقها وهي ترفع عينيها إليه بجمود مصطنع.. 
"اديني رفعت عيني.... عايز إيه...." 

قال عمرو بتنهيدة ثقيلة على صدره وهو
يخبرها بضعف امام قساوة رمادي عينيها.......
"عايز اقولك اني بحبك وانك وحشتيني واني مقدرش استغنى عنك......... انا آسف ياوعد.... 
انا غلط في حقك وظلمتك بس اعذريني 
مفيش راجل يتحمل اللي انا شوفته وسمعته 
غصب عني انا لغيت عقلي وسبت شيطاني يتحكم فيه صدقيني كان غصب عني .......الغضب عماني عن حبي ليكي وثقتي فيكي..... " 

ابتسمت بمرارة وهي تعقب على اخر جمله...
"انت مش بتثق فيا ياعمرو....." 

"بالعكس انتي اكتر حد انا بثق فيه بس الموضوع..."صمت وهو يزفر بجزع ثم تابع 
بارهاق فكري...
"مش عارف اجبهالك ازاي....بس لو حطيتي نفسك مكاني هتفهمي احساسي صح....هتعرفي ان غصب عني واني بثق فيكي بس اللي اتعرضت ليه كان بعيد عن الثقه اللي ادتهالك....."

مسك ذراعها الاثنين بين يداه وهو يقول برجاء...
"اديني فرصة ياوعد وانا اعوضك....انا غلط ومعترف بده ومش عايز منك غير فرصة واحده وانا وللهِ هعوضك عن كل اللي حصل مني في شهرين اللي فاتو دول....."

اسلبت عينيها بضعف تشعر ان الكلمات ضاعت من على لسانها وهي ترى محاولاته وتوسله لها يزيد 
لم يستسلم كما كانت تظن لكنه يرتب كلماته ويعافر في اعتذاره بطريقة عاطفية حميمية بنظراته ولمساته حتى تكن تعويذة السماح نابعه من قلبها.... 

"قولتي إيه....." سالها ببنيتان تبحث بضراوة عن معشوقته المستسلمة دوماً إليه....اين هي حتماً تختبئ خلف هذا الوجه الجميل الجامد بتعبيره....
"وعد انا بكلمك ردي عليا قولي اي حاجه...."

وجدها تتشبث بيداه اكثر وهي تقاوم المًا فظيع يفتك بمعدتها.....امتقع وجه عمرو بالخوف وهو
ينظر لها بهلع..... 
"مالك ياوعد في إيه....."

رفعت مقتليها الحمراء بفعل الوجع المفاجئ وهي تقول بتألم.....
"الحقني ياعمرو..........شكلي بولد....."صرخت بقوة بعد تلك الجملة لينظر عمرو بذهول الى ساقيها
التي يسيل من عليهم الماء.......
_____________________________________
وقعت في ظلام الكاحل لوقتٍ غير محدد.... كانت في تلك اللحظات تسمع أصوات متداخلة في احلامها أصوات مألوفه وأخرى غير معروفه....... 

حركت راسها يميناً ويساراً بتعب وهي تحاول بقوة فتح جفنها الثقيل والاستيقاظ من تلك البقعة السوداء ألم رهيب يداهم امعائها ولا تعرف سببه... حاولت تحسس بطنها بيدها ولكن وجدت والدتها تمنعها 
وهي تقول بلطف..... 
"وعد..... حمدال على سلامة ياحبيبتي.... حاولي تفتحي عينك......" 

اتكأت على جفنيها بقوة وهي تحاول إلا تستجيب لصوت والدتها سمعت والدها يقول من على مسافة قريبة منها.... 
"سبيها يانادية...... البنج الكُلي دا بياخد وقت....." 

قالت نادية بحنق.... 
"انا مش عارفه ماله الطبيعي الدكاترة بقت بتستسهل
وفتح البطن اقرب حاجه ليهم....." 

قال ثروت بقنوط...
"كلها بقت ماشي كده ادعلها بس تقوم بسلامة..."  

سمعت صوت هند يتدخل بالحوار بسعادة.... 
"يارب ياعمي..... بقولكم اي انا هقوم ابص على إياد بصه كده لحد ما الدكتورة تجيبه....." 

ضحك ثروت بخفوت وهو يراها تخرج من الغرفة بحماس طفولي ..... 

حاولت وعد فتح جفنيها بصعوبة وهي تلفظ اسم والدتها بتعب..... 

اقتربت منها نادية وهي تقول بشجن وسعادة... 
"انا جمبك ياوعد..... حمدال على سلامتك ياحبيبتي....."قبلتها والدتها بحنان وهي تمسد 
على شعرها بحنو.....

اقترب والدها منها بكرسية المتحرك وهو يقول بعاطفة الابوة..... 
"حمدال على سلامتك ياوعد.... خضتينا عليكي...." 

ابتسمت له بصعوبة وهي تقول....
"الله يسلمك يابابا....."

حركت عينيها على الغرفة من حولها وهي تسأل 
عليه بلهفة وتعب....
"هو عمرو فين....."

رجع والدها بالكرسي وهو يقول بضيق....
"بيجيب العلاج من تحت....."

قالت والدتها وهي تربت على كتفها بحنان...
"مسبكيش لحظه واحده .....كان خايف عليكي اوي ياوعد... آآه لو تشوفيه مش هتصدقي ان هو ده عمرو.......ويعيني نازل طالع علينا علاج ليكي وعلاج
وطلبات تانيه لاياد ..... "  

سالتها وعد بهدوء...
"واياد كويس ياماما...."

اجابتها والدتها....
"ااه كويس ياحبيبتي متقلقيش.. وطالع زي القمر.. "

"انتي شوفتيه...."

اجابتها نادية بمحبة....
"آآه شوفناه انا وعمرو وهند...بس الدكتورة خدته عشان تكشف عليه وشويه وهتجيبه عشان تشوفيه وترضعيه كمان......."

بلعت ريقها بصعوبة وهي تهز رأسها ثم نظرت لسقف الغرفة امامها.... دخل عمرو في تلك الأوقات وهو يحمل كيس العلاج والعصائر..... 

اول شيء اتت بنيتاه عليه هو فراش وعد..... ابتسم براحه حين وجدها مستيقظه وتنظر له بحزن وعتاب..... 

اقترب منها وطبع قبلها حانيه على جبهتها وهو
 يقول بحنان.... 
"حمدال على سلامتك ياحبيبي....." 

إبتسمت بصعوبة وهي تقول بحزن وخفوت .... 
"كُنت فكره اني اول ما فتح عيني هلقيك جمبي..." 

جلس بجوار الفراش ومسك يداها وقبلهم وهو يقول باعتذار.... 
"غصب عني انا كُنت جمبك طول الوقت بس نزلت عشان اجبلك العلاج والعصاير دي..... عامله اي دلوقتي....." 

"بطني وجعاني اوي..." 

قبلها مره اخرى من جبهتها.... 
"معلشي ياحبيبي.......تعب العملية.... وحده وحده هتخف.....وترجع احسن من الأول... " 

"اياد كويس ياعمرو ..." 

زفر بضيق وهو يقول....
"إياد..... ركزي بس انتي في نفسك وسيبي إياد ده على جمب....... أصلاً اياد دا هيتعلق عشان هو اللي عامل فيكي دا كله....." 

قالت بدافع الأمومه...
"متقولش كده على ابني....." 

قال عمرو بذهول...
"انتي بداتي؟...." 

اجابته بهمهمات بسيطة وهي تحول كتم ضحكاتها
مالى عليها وقال بعبث.... 
"ماشي دفعي عنه حلو... بس اوعدك بعد ما تفوقي من اللي انتي فيه هعلقك انتي كمان...بس في سرير ومش هحلك ابداً.... " 

اشاحت بوجهها وهي تقول بحنق منه.... 
"على فكرة احنا لسه زي ماحنا !...." 

همس في اذنها بوقاحه وثقة زائدة...
"هنرجع.... وهنعمل صُلح بس لم تفوقي...." 

دخلت هند عليهم وهي تحمل الصغير بين يداها.... 

نهض عمرو من مكانه وهي يمد يداه لاخته... ابعدته هند عنه وهي تقول بتملك طفولي... 
"لا سيبه معايا شوية..... انا ملحقتش اشيله....." 

قال عمرو بقنوط...
"يابنتي هو لعبة..... هاتيه بس هكبر في ودنه ودهولك......" 

اعطته اياه على مضض وهي تقول...
"ماشي بس بسرعة عشان بيوحشني....."

عقد عمرو حاجبيه وهو يقول بغيرة مصطنعة...
"بيوحشك اازاي يعني.....هو إياد نازل عشان يستولى عليكم ولا إيه....."

كتم الجميع ضحكاته معاد ثروت الذي تطلع عليه بعدم رضا...... 

رفعه عمرو على ذراعيه وقبله بلطف فكان صغيراً جداً رقيقاً خفيفاً ناعماً تكاد تذوب من فرط جماله
وحجمه الخاطف للقلب....

ابتسم عمرو وهو يداعبه بأنفه ويهمس له بحنان... 
"نورت دنيتنا ياعم اياد...... حمدال على سلامتك يأول فرحتنا........" قبله بلطف مرة اخرة من جبهته الصغيرة ..... 

اقترب عمرو من عمه الجالس على الكرسي المتحرك..... مد يداه له بصغير وهو يقول بهدوء.... 
"خد كبر في ودنه ياعمي.... وقرأله المعوذتين....." 

اسلب ثروت عينيه بضيق ولم يرد عليه فوجد عمرو يجثي على ركبتيه ويضع الصغير بين يداه بل 
ويميل ليقبل كف يدهُ وينهض ليقبله من قمة رأسه وهو يقول امام الجميع باعتذار أبن يراضي والده الغاضب منه.... 
"حقك علي ياعمي.... متزعليش مني... انت عارف اني بحبك وبقدرك قد إيه....." 

نظر ثروت لصغير بحنان ثم نظر الى عمرو وقال...
"لو بتحبني وبتقدرني بجد خد بالك من مراتك وابنك......وحافظ على بيتك وحياتك..... انتو مبقتوش صغيرين انتَ بقيت مسئول وهي كمان واي إهمال او خلاف بينكم اللي هيتأذي ويتاثر بسببه ابنكم....وحطها حلقه في ودنك.....سهل تهد بس صعب تبني......."بدء ثروت بالتكبير في أذان
الصغير بلطف وحنان.....

رفع عمرو عيناه على وعد التي هربت من نظراته وتجاهلتها وصوبت تركيزها كله على والدها وابنها...
____________________________________
بعد مرور اربعة أيام قد خرجت وعد من المشفى 
ومكثت في بيتها مع الفرد الجديد المُضاف لعائلة
الاباصيري....(إياد عمرو الاباصيري...) الذي ملىء 
البيت بصراخه المستمر طوال اليوم باستثناء الليل وطوله معه ......

مددت ساقيها بصعوبة وهي تحمل الصغير على ذراعيها محاولة اطعامه من صدرها كما تفعل في كل ساعة معه اوقات يستجيب لها واوقات يعافر ببكاء إلا يتناول منه.... قد سألت والدتها عن إمتناعه عن 
الرضاعه الطبيعية فاخبرتها انه امراً عادياً في
 البداية وانها كانت مثله في صغرها.... 

إبتسمت بحنان وهي تراه يسحب الحليب بجوع وعيناه مغمضة ويده الصغيرة تستند على 
صدرها بلطف.....ذادت الإبتسامة على محياها
 وهي تميل لتقبل يده وتداعب خصلات شعره الصغيرة بحب... 
"طلعت عيني عشان تاخده..... واديك جعان اهوه... 
مُتعب زي أبوك مش كده....." 

فتح الصغير عينيه للحظه ثم اغلقهم مرة أخرى.....قبلته مرة أخرى وهي تقول...
"ماشي كُل وشبع عشان تنام....وعشان انام جمبك شويه.......ولا انتَ اي رأيك يا يودي... "

دخل عمرو في تلك الاوقات ليطمئن عليهم مثل كل يوم يأتي ليجلس معها قليلاً ثم يذهب ليمكث في غرفة اخرى مُعطي لها ولصغير مساحة اكبر لهم... 

احمرت وجنتيها بخجل من رؤيته لها هكذا 
لايزال الصغير ياكل بين ذراعيها.... 

شعر عمرو بخجلها ولكن تجاهل الأمر وهو يقترب منهم.. مالى على رأسها وقال بلطف... 
"عامل اي النهاردة ياحبيبي...." هزت راسها وهي تقول بفتور..... 
"الحمدلله....لسه راجع من الشغل.. " 

"آآه لسه دلوقتي....حبيب بابا عامل إيه... "مالى على صغيرة وقبله قبلة طويلة بشوق اهلكها هي واربكها اكثر بقربه وانفاسه التي تكاد تحرق بشرتها القريبه منه....

رفع عينيه عليه وهو يجلس على حافة الفراش بجوارها.....
              "شكلك تعبانه......"

"معرفتش انام إمبارح منه....."

اقترح بلطف...
"تحبي نجيب داده....."

هزت راسها بسرعة...
"لا طبعاً.....انا معاه مش هسيبه....وماما و روحية كمان موجودين معايا لو احتجت حآجه.... "

قال بهدوء...
"عارف ياحبيبتي بس الدادة هتساعدك اكتر....."

قالت بتفهم وهي تخبره....
"سيب الموضوع ده فيما بعد.....الفترة دي هو محتاجلي اكتر من اي حد....."

مرر يداه على وجهها وهو يقول بحب...
"ربنا يكملك بعقلك ياحبيبي.....ويخليك لينا...."

بلعت ريقها وهي تذوب من كلماته...تشعر انها جائعه بضراوة لمشاعره وكلماته تتمنى لمساته اجتياح عاطفي يفترس جسدها ومشاعرها كلما نظرت لتلك العيون البنيه والشفاه الحانية....

اسلبت عينيها وهي تنظر لصغيرها الذي غف على ذراعيها وترك طعامه ببساطة....ذاد اختناق حلقها 
وهي تخفي صدرها داخل الملابس...ومن بعدها حاولت بصعوبة ان تميل لتضع الصغير بجوارها...

"استني ياوعد هتعملي إيه....هاتيه عنك...."حمله ووضعه في سريره الصغير المجاور للفراش...
"خلي جمبي ياعمرو...."

"خليه هنا ياوعد عشان انا هريح جمبك شوية...."

حاولت النهوض بوجه محتقن بالالم...
"بس انا مش هنام دلوقت.....انا دخله الحمام...."

مسك ذراعها لتنهض معه بتعب....
"تحبي اساعدك...."

هزت راسها بحرج....
"لا بس لو ينفع تناديلي ماما...."

"انادي عليها ليه....."

قالت بحرج....
"عايزاها تساعدني...."

سألها باستفسار...
"تساعدك في إيه...."

زفرت وعد بحرج....
"ممكن تندهالي عليها وخلاص ..."

"انا هدخل معاكي...."قال بهدوء وهو يسير معها للحمام....

وقفت وعد مكانها وقالت...
"مش هينفع ياعمرو....."

نظر لها بصدمة وعقب...
"انتي محروجه مني...."

اسلبت عينيها وهي تقول بصوت متحشرج....
"الموضوع مش كده بس انا هدخل أغير هدومي و..."

قال ببساطة.....
"انا هغيرلك وهطلعلك غيار كمان قوليلي اي اللي محتجاه من الدولاب وانا اجبهولك...."تقدم من خزانة
الملابس وهو ينظر لها 

"عمرو....."

رد عليها باصرار....
"اسمعي الكلام انا اللي هدخل معاكي مش أمك...."

قالت بصعوبة وعجز من عدم قدرتها على الحركة والانحناء بسبب جرح بطنها..... 

"هتقرف؟....."

عقد حاجبيه بدهشة وهو ينظر لها معقباً ....
"هقرف؟؟؟؟ يبقى لسه متعرفيش انا بحبك قد إيه.....على العموم انا لو قرفت من الدنيا كلها مش هقرف منك انتي.... بطلي رغي وقوليلي بقه هتاخدي اي من الدولاب...."

نادته مرة اخرى بعدم ارتياح....
"ياعمرو....."

رد بحنانه المعهود....
"ياحبيب عمرو....محدش هيدخل معاك غيري.... يلا انجزي بقه وتعالي اقوليلي اطلع إيه....."
  
اسلبت عينيها وهي تتقدم برفق بسبب جرح بطنها 
اصطحبها للحمام وساعدها حتى بدلت ملابسها واخذت حمام دافئ مع اخذ الحذر إلا يبلل الجرح المغطى بالقطن والشاش الطبي.....

لم يتركها إلا بعد ان جعلها تبدل ملابسها كلها
 باخرى نظيفة رقيقه ثم جعلها تستلقي بظهرها 
على الفراش ودثرها جيداً بالغطاء وهو بجوارها 
وجعل بينهم مسافة حتى لا يؤذيها باية 
حركة مفاجئة وهو نائم......مسك كف يدها 
وقبله وهو يقول لها بحنان.... 
"نامي ياحبيبي وارتاح شوية......"  

اغمضت عينيها بضعف وهي تجد اصابع يده تمر بشوق على ملامحها وشفتيها في ظلام ثم سمعته يهمس لها بعاطفة جياشة.....
"بحبك أوي ياوعد....."

لم ترد عليه بل استسلمت للنوم وهي تشعر بأخر
شيءٍ منه قبلة رقيقه طُبعت على شفتيها وظن
هو انها غفت قبل ان تشعر بشفتيه الحانية... 

استلقى عمرو على ظهره وعيناه تتفقد السقف المُظلم بتعب...... صبر نفسه بجملة بات يرددها 
من حيناً لأخر....
"اصبر ياعمرو........ اصبر شويه حقها ....." 

                           ..... يتبع

 
الفصل الخامس والثلاثون من هنا 


 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1