![]() |
رواية رحيل العاصي الفصل الرابع عشر 14 والخامس عشر 15 بقلم ميار خالدرواية رحيل العاصي الكاتبة ميار خالد الفصل الرابع عشر استقلت رحيل السيارة ومعها بدر وتحرك بالسيارة، وأثناء الطريق قالت له : - كانت مفاجأة بنسبالي إنك تعرف ماما عاصي ضحك بدر وقال: - سيبك من المفاجأة دي دلوقتي .. أنتِ إيه حكايتك قالت بعدم فهم: - حكاية إيه نظر لها بدر وقال: - ده على أساس إني مش واخد بالك .. إيه حكايتك مع عاصي ؟ نظرت له بعدم فهم وبعد ثواني استوعبت ما يقوله فقالت بدهشه كبيرة : - أنا وعاصي؟! إزاي جه في دماغك كده يا بابا مستحيل - مستحيل ليه يعني غير كده أنتِ فاكره إني مش واخد بالي من قربكم الزيادة وخصوصاً النهاردة قالت رحيل بصوت خفيض: - اقولك إزاي أن ورانا مصيبة مش حب - بتقولي إيه ؟ - بقولك إن لو عاصي ده أخر راجل في الدنيا مستحيل نكون سوا نظر لها بدر بدهشه وقال: - ليه يا بنتي ده أنا اتمنالك واحد زيه قالت رحيل بسرعه: - لالا أرجوك اتمنالي واحد تاني .. خلي بالك ده عشانه مش عشاني هو عصبي أوي وبيزعق من أقل حاجه تخيل بقى لو اتجوزنا أنا ممكن اجبله جلطه بسبب مصيبة من بتوعي يرضيك الراجل يموت ناقص عمر ! ضحك بدر بصوتٍ عالي من كلماتها تلك وقال: - طيب يا ستي أنا قولت اطمن بس ضحكت رحيل وقالت: - أنا وعاصي مش ممكن نكون سوا .. أنا وهو مختلفين عن بعض تماماً زي الأبيض والأسود والسما والأرض كده ابتسم بدر ثم صمت الاثنان حتى قالت رحيل: - بقولك إيه هي مش داليا هتخلص كلية النهاردة متأخر؟ - تقريباً اه - طب لو كده نعدي عليها نجيبها في طريقنا إيه رأيك - طيب اتصلي بيها بس الأول أمسكت رحيل هاتفها واتصلت بداليا لتجدها مازالت في جامعتها فقالت لها أن تنتظرهم عند باب الجامعة حتى تعود معهم إلى البيت.. *** الكاتبة ميار خالد دلف عاصي إلى غرفة ليلى وهي بين يديه ووضعها على سريرها ووضع عليها غطائها جيداً ثم خرج من الغرفة، اتجه إلى حنان وقال بدون مقدمات: - أنتِ تعرفي أبو رحيل منين؟ - ما قولتلك معرفة قديمة يا عاصي غير كده هو عمها مش أبوها - أيوة معرفه قديمة ازاي وازاي يعرف مريم؟ - مش أختك طبيعي يعرفها - أيوة يعني كنتم على اتصال لحد ما خلفتينا بقى صمتت حنان بتوتر فنظر لها عاصي للحظات وكأنه يفكر بشيء ما ثم اتسعت عيونه بدهشه وهو يقول: - كان صاحب محمد؟! - مش هيجرالك حاجه لو قولت عليه بابا بدل محمد - ردي عليا .. أستاذ بدر كان صاحبه؟! - هما الاتنين كانوا في نفس المدرسة وكانوا صحاب لحد ما كل واحد فيهم اتجوز وراح في طريقة - ويا ترا هو كمان بني آدم مستغل زيه ولا لا ؟ نظرت له حنان بحدة وقالت: - أنا مقدره مشاعرك اتجاه باباك بس ده مش مبرر تتكلم عنه كده يا عاصي - وأنتِ عارفه إني مش بحب الإنسان ده وبكره نفسي ألف مره كل ما افتكر إني أبنه وإن دمه بيجري في عروقي - بس هو آذاني أنا مش أنتم الكاتبة ميار خالد ضحك عاصي باستهزاء وقال: - والله؟ أنتِ بتقنعي نفسك بالكلام ده أنه آذاكِ أنتِ؟! أنتِ متخيله كان ممكن يحصل فينا إيه لو أنتِ مكنتيش سايبه فلوس بعيد عن ايديه محدش يعرف عنها حاجه .. متخيلة كان ممكن يحصلنا إيه بعد ما أهلك رفضوا أنهم يساعدوكي وأبسط حاجه قالوها وقتها .. ده اختيارك اتحملي بقى - أنت هتفضل تحاسبني طول العمر .. صدقني باباك كان كويس أنا متأكدة أن كان في حاجه ضاغطه عليه خليته يعمل كل ده قبل ما يموت - حاجه ضاغطه عليه؟! والحاجه دي برضو اللي أجبرته أنه يبقى مدمن؟ الحاجه دي أجبرته أنه يضيع فلوسك في الزفت ده؟ الحاجه دي أجبرته أنه ينسانا وميجيش البيت ده غير وهو عايز فلوس بس مسحت حنان دموعها التي تناثرت على وجهها وقالت: - أيوة .. الشخص اللي أنا اتحديت الدنيا عشانه مش هو الشخص اللي كسرني بحبي ليه - بطلي تكدبي على نفسك هو مش بس كسرك هو كمان كسر عيالك .. كله بسبب اختيارك اللي دفعتينا تمنه ألف قلم على وشنا - بلاش تضايق نفسك وتوجع قلبي بكلامك ده - أنا مش مضايق نفسي أنا جوايا فاضي فقدت القدرة على الإحساس بأي حاجه .. مش فارق معايا كام قلم الدنيا هتديهولي كده كده مبقتش أحس .. قال تلك الجملة ثم اتجه إلى غرفته لينفرد بقسوته وعصيانه اتجاه كل شيء بحياته.. *** الكاتبة ميار خالد خرجت داليا من جامعتها وانتظرت رحيل ووالدها على الباب الخارجي بعد أن ودعت زميلاتها، أمسكت هاتفها وقبل أن تتصل برحيل اقترب منها أحد زملائها في الكلية ولكنه قد تخرج من عام ويأتي في بعض الأوقات حتى يرى اصدقائه، ومنهم داليا التي تمتلك معزه خاصة داخل قلبه.. قال فارس: - عاش من شافك يا ستي - فارس!! أخبارك إيه أنا اللي المفروض أقولك عاش من شافك خلي بالك ضحك الاخر وقال: - الدنيا بقى أنتِ عارفة حياة الناس الخريجين صعبه اوي ضحكت داليا وقالت: - ربنا يكتبها عليا قريب - هانت خلاص كلها شوية وتخلصي من كل ده ولا أنتِ ناوية تكملي دراسات عليا؟ - لا عايزه أركز للشغل بقى أنت عارف أنه بابا عنده بيزنس خاص بيه عايزه أمسك معاه الشغل ابتسم وقال: - ربنا معاكي وعايز أقولك إني انبسطت جداً أني شوفتك ابتسمت داليا هي الأخرى وقبل أن ترد عليه وصلت سيارة والدها فقالت داليا: - بابا جه ياخدني عن إذنك بقى - حيث كده لازم أتعرف على بابا وأسلم عليه بقى ضحكت داليا بتعجب ودهشه وترجل بدر من السيارة عندما وجد الاثنان في طريقهم إلى سيارته وكذلك رحيل، اتجه فارس إلى بدر وقال: - حضرتك عامل إيه قال بدر بابتسامه وتساؤل في نفس الوقت: - أنا الحمدلله - أنا فارس كنت زميل داليا لكن دلوقتي خريج - أهلاً بيك يا أبني اتشرفت بيك - الشرف ليا والله أنا أصلاً كنت بدور على حضرتك قال بدر بتعجب: - عليا أنا ليه خير تنحنح فارس بحرج ثم قال: - طيب ممكن أخد رقم حضرتك وأبقى أكلمك وقت تاني عشان معطلكش ابتسم بدر ثم أعطى له رقم هاتفه، وعلى الجانب الآخر قالت رحيل بتساؤل إلى داليا: - هما بيتكلموا في إيه؟ - مش عارفه - هو مين ده أصلاً - ده فارس كان زميلي في الكلية بس اتخرج السنه اللي فاتت ابتسمت رحيل بخبث وقالت: - بس شكله لذيذ أوي مش كده - مش فاهمه تقصدي إيه - مش ملاحظه إنه عينيه بتطلع قلوب عليكِ تقريباً ولا مش شايفه قالت داليا بسرعه: - إيه كلامك ده يا رحيل أكيد لا يعني إحنا زمايل بس .. غير كده أنتِ عارفه إني بحب حازم حتى لو بعدنا عن بعض - أنا بقول تبطلي هبل وركزي في مصلحتك حازم إيه بس .. ده بني آدم عينه كلها شر هيبهدلك معاه - مصلحتي إيه اللي بتقولي أفكر فيها هو الشاب قال حاجه ما هو محترم أهو - طيب سيبي كل حاجه بظروفها صمتت داليا بتفكير واستقلوا جميعاً السيارة وتحرك بها بدر، وعندما تقدموا بها ظهر حازم من زاوية معينه عند بوابة الكلية وعيونه تشع بنار الغيرة، فهو يعرف أن داليا تتأخر في هذا اليوم لذلك قرر أن يأتي ليراها لأنها لا ترد على مكالماته وقبل أن يذهب لها ظهر فارس أمامها ثم بعدها والدها وتابع كل ما حدث عن بعض، وتمنى أن ما يفكر به ليس صحيحاً.. *** الكاتبة ميار خالد في اليوم التالي .. استيقظت رحيل من نومها جهزت نفسها وحضرت علبة طعامها وأخذت دوائها وقبل أن تخرج أمسكت بها داليا، قالت: - أنتِ رايحه فين؟ - رايحه الشركة - شركة مين؟ - شركة عاصي ابتسمت داليا بخبث وقالت: - اه قولتيلي طيب هو مش تقريباً العقد أتمضى خلاص يعني مبقاش فيه داعي إنك تروحي قالت رحيل بتوتر: - أيوة ما هو اا ما هو - ما هو إيه بس - هكون رايحه في إيه يعني يا داليا ما أكيد في شغل يعني أصل عاصي عجبه أفكاري أوي وبقى مبهور بيها فقرر أنه ياخد رأيي في كذا حاجه في المول - والله؟ وإيه حكاية عاصي اللي ظهر فجأة ده - أنتِ هتعمليلي زي ابوكي امبارح برضو سألني إيه حكاية عاصي يا جماعة والله ما فيه حاجه إحنا بينا شغل بس ما كله في مصلحتنا في الأخر - هو حلو يعني؟ - هو مين ده - أستاذ عاصي بتاعك ده .. إيه ده استني كده هو عاصي القاضي! هو حلو فعلاً طب يا مسهل الحال ياريت والله نظرت لها رحيل بعيون متسعه وحاجبين مشدودان لأعلي ثم قالت: - جماعه أنتم بتتكلموا في إيه بجد بطلوا هزار - والله دلوقتي بطلوا هزار ده أنتِ رفعتي ضغطي بهزارك يا شيخه استحملي بقى - أيوة بس مش لدرجة عاصي .. إيه الجنان ده!! عاصي ثم خرجت من البيت بسرعه واتجهت إلى الشركة، ضحكت داليا وقالت: - والله شكلك هتقعي وقعه وحشه لما نشوف *** لم ينم ليلاً بسبب تفكيره، من ناحية ذكرياته القاسية ومن ناحية أخرى هذا الشخص الذي يهدده بتلك الصور، ومن ناحية أخرى رحيل.. لا يعرف لماذا يقلق عليها كثيراً، أو بمعني أصح يقلق بسبب تصرفاتها العفوية التي قد تصل بها إلى الهلاك في بعض الأحيان.. اسكت عقله بصعوبة ونام لساعات قليلة ثم استيقظ في الصباح وذهب إلى عمله، وعندما دلف إلى مكتبه وجد رحيل تجلس في الداخل وبيدها علبة الطعام تأكل، ضرب رأسه بقلة حيلة ثم زفر بضيق ودلف إلى الداخل وعندما لاحظته رحيل نهضت من مكانها وقالت بابتسامه واسعه: - صباح الخير جلس على مكتبه وقال: الكاتبة ميار خالد - صباح النور .. خير في إيه على الصبح؟ اتسعت عيونها وهي تقول: - أنت مش قولتلي بكره هتقولي هنعمل إيه مع الراجل اللي بيهدد ده - هنعمل إيه؟؟ اسمها هعمل إيه - ما علينا يعني اعتبرني إيدك اليمين في الموضوع ده - هو أنتِ ليه مش بتسمعي الكلام أنا مش قولتلك خليكي بعيده - ما علينا تاني شكلك مفطرتش صح تعالى كل معايا عامله حسابك - شكراً مش عايز - والله ما يحصل المرة دي مش هتهرب مني هتاكل معايا يعني هتاكل معايا وبص حتى عاملة أكل صحي أهو عشان متعترضش نظر لها عاصي قليلاً ولوهله قد شرد مع تلك الفتاه، أنها وبحركاتها الغير مدروسة والعفوية تلك تجعل قلبه يلتفت إليها أكثر فأكثر، في البداية كان يظن أن كل ما تفعله هذا هو مجرد تمثيل حتى تلفت النظر إليها، ولكنه عندما بدأ يعرفها جيداً أدرك أنها أغبى من كل ظنونه تلك ! نهضت رحيل من مكانها وازاحت كل الأوراق من على مكتبه ووضعت علبة الطعام أمامه وامامها ثم قالت: - بص دول شوية فاكهه وخضار أهو فطار صحي وخفيف يلا كل معايا بقى ظلت عيون عاصي معلقه بها ولم يتحرك، خجلت هي من نظراته تلك وتوترت بشدة ومن كثرة توترها أمسكت قطعة من التفاح ووضعتها في فمه بعنف فآفاق الآخر من شروده هذا وانتفض من مكانه ثم قال: - أنتِ اتجننتي حد يعمل كده!! أنتِ مش طبيعية بجد ابتسمت رحيل عندما أدركت ما فعلته، وما زاد ابتسامتها أن رد فعل عاصي لم يكن عنيفاً جداً، وبعد فتره انتهت رحيل من طعامها ولم يأكل عاصي أيضًا واكتفي بالنظر إليها، وعندما انتهت قالت: - ها هنعمل إيه نظر لها عاصي بعيون متسعه فقالت مصححه كلماتها: - أقصد هتعمل إيه .. حلو كده - هوافق نهضت رحيل من مكانها وقالت : - توافق على إيه؟ إنك تهرب السلا.ح - ممكن تقعدي الأول وتفهمي جلست رحيل مكانها مرة أخرى بوجه عابس، زفر عاصي بضيق ثم قال: - الأمور مش هتمشي زي ما أنتِ متخيله - إزاي ؟ - يعني أنا هوافق فعلاً و كل حاجه هتمشي لحد ما أخد الصور دي - والصفقة؟ - ده شغل البوليس بقى - يعني إيه - أنا عندي صاحبي عقيد في الشرطة .. كل حاجه هتبقى بعلمه حتى يوم ما اروح لهم هو هيكون متابعني ومعايا خطوة بخطوة ولو حصل أي حاجه هيكون معاه قوات احتياطي وبمجرد ما أعرف تفاصيل الصفقة دي هبلغه وهو هيتصرف وموضوع الصور هيتصرف فيه برضو - ومين صاحبك ده؟ - العقيد عز الدين كامل الاسيوطي - ده جوز ملك الشريف صح ؟ - أنتِ تعرفيها؟؟ الكاتبة ميار خالد - معرفهاش شخصياً بس سمعت عن الشركة بتاعتها غير كده فيه حد ميعرفش قصة ملك وعز دي زي القصص الخيالية .. المهم طيب وهتقوله كل ده أمتى - دلوقتي .. حالياً هتحرك وهروحله المديرية لو عايزاني اوصلك للبيت في طريقي معنديش مشكله - عايزه اجي معاك - مستحيل .. أعتقد كده أنتِ اطمنتي وعرفتي هتصرف إزاي أكتر من كده مفيش داعي - أنا مش هتدخل في أي حاجه لكن اسمحلي أفضل معاك في كل ده ما يمكن أقدر أساعدك بحاجه - معتقدش في حاجه .. عن إذنك ثم نهض من مكانه وقبل أن يخرج من المكتب صدع هاتفه رنيناً برقم إحد رجاله، رد على الهاتف وقال: - في أخبار عنها؟ - رجعت مصر !! - نعم؟! - واحد من اللي مراقبها هناك عرفني أنها حجزت طيارة لمصر وزمانها وصلت دلوقتي - ومقولتليش من بدري ليه؟! - لما عرفت بلغت حضرتك - تمام ثم أنهى معه المكالمة ونظر أمامه بغضب كبير كاد أن يهدم المكان فوق رأسهم، قال بتوعد: - أنا هوريكي تكسري كلامي وتتصرفي من دماغك ازاي!! رواية رحيل العاصي الكاتبة ميار خالد الفصل الخامس عشر ثم أنهى معه المكالمة ونظر أمامه بغضب كبير كاد أن يهدم المكان فوق رأسهم، قال بتوعد: - أنا هوريكي تكسري كلامي وتتصرفي من دماغك إزاي!! وقبل أن يخرج أمسكت به رحيل وقالت: - أنت رايح فين؟ استدار لها كالإعصار وصرخ بها: - ممكن تختفي من وشي !! أنتِ من ساعة ما ظهرتي والمصايب عمالة تجيلي واحده ورا التانية من أول يوم دخلتي فيه الشركة دي وكل حاجه بتبوظ وأخرهم موضوع الصور ده كان بسببك أنا مكنتش بخلي حد يمسك عليا غلطه لكن بسبب تصرفاتك كل حاجه بتبوظ .. لو بقصد أو بدون قصد أنتِ السبب في كل حاجه فياريت كفاية أوي لحد كده وتختفي من كل حاجه زي ما ظهرتي الكاتبة ميار خالد نظرت له رحيل بعيون مجمده والدموع بداخلها تمتلئ شيئاً فشيئاً، كانت كلماته قاسية جداً على قلبها الضعيف، بضع كلمات تمكنت من حرق روحها.. أفاق عاصي من حالة الغضب التي كان عليها عندما وجد دموعها تتساقط من عيونها مثل اللؤلؤ، قال رحيل: - كان ممكن تقولي كل ده بطريقة تانيه .. كان في مليون طريقة هفهم بيها كلامك غير إنك تكلمني بقسوة كده بس أوعدك مش هتشوف وشي تاني ثم أخذت حقيبتها وخرجت من المكان بسرعه وهي تبكي بصمت، زفر عاصي بضيق وأمسك رأسه بندم بسبب كلماته تلك، في لحظة انفجر ولم يقدر على التحكم في كلماته، أخذ نفساً عميقاً ثم خرج هو أيضًا من الشركة واتجه إلى المديرية ليقابل العقيد عز الدين كامل الاسيوطي.. خرجت رحيل من الشركة وهي تبكي وتحركت بسرعه من أمامها واستقلت أول سيارة أجرة رأتها أمامها، وعندما صعدت إليها شعرت بضيق نفس كبير لذلك حاولت أن تنظم أنفاسها حتى لا تفقد وعيها، و ذهبت إلى أحد الأماكن المطلة على النيل وجلست بها بمفردها.. *** الكاتبة ميار خالد وصل عاصي إلى المديرية ودلف إليها وسار بها للحظات حتى وصل إلى مكتب عز الدين، فأخبر العسكري الواقف على الباب أنه يريد أن يراه ودلف العسكري إلى الداخل وبعد لحظات خرج إلى عاصي وسمح له بالدخول، وهُنا طل علينا بطلنا القديم من رواية منقذي ولكن عز الدين ونهض من مكانه وعلى وجهه ابتسامه واسعه وقال: - إيه المفاجأة الجميلة دي عاش من شافك ابتسم له عاصي بحزن وجلس أمامه، عاد عز إلى مكانه وطالع عاصي بتفحص ثم قال: - في إيه مال وشك - واقع في مصيبة ومحدش غيرك هيقدر يساعدني فيها نهض عز من على كرسيه وتحرك حتى جلس أمام عاصي، قال: - في إيه قلقتني حكى له عاصي ما حدث معه وموضوع تلك الصور والتهديد الذي جاء إليه بخصوص صفقة التهريب وكان عز يسمعه بعيون متسعه، وفي النهاية قال عاصي: - أنت عارف إن شغلي نضيف وأكيد مش هحط نفسي في مصيبه كده غير كده أنا متأكد أنه في حد ورا الموضوع ده في حد عايز يوقعني بأي طريقه - أنت قدمتلي خدمه كبيرة دلوقتي - يعني إيه - يعني أنا عارف إن فيه صفقة سلا.ح هيتم تهريبها بس مش عارف أي تفاصيل عنها وده اللي كنت شغال عليه الفترة دي .. أنت سهلت قضيتي جداً - يعني هتساعدني ؟ - عيب عليك حتى لو مكنتش قضيتي أكيد مش هسيبك لوحدك في الازمه دي أنا دلوقتي عايزك تركز معايا ضروري - قول قال عز الدين بصوت خفيض: - أنت دلوقتي هتتصل بيهم وهتعرفهم إنك موافق وهتحدد معاهم ميعاد عشان تعرف التفاصيل وطبعاً بمجرد ما تعرف كل حاجه هتبلغني وده هيبقى شغلي - تمام أمسك عاصي هاتفه واتصل بالرقم الذي تركه له جمال قبل أن يرحل، وبعد لحظات فُتِح الخط، قال الطرف الآخر: - كنت متوقع مكالمتك دي بدري شوية - موافق الكاتبة ميار خالد - معندكش اختيار تاني للأسف صمت عاصي فقال الطرف الآخر: - بكره في عربية هتقف قدام شركتك الساعة ٤ العصر أركب فيها وسيب كل حاجه تمشي - تمام ثم أنهى معه المكالمة ونظر إلى عز، فقال عز: - جميل جداً بكره هكون متابعك ودلوقتي هعرفك كام حاجه مهمين جداً *** كانت تجلس في إحدى الكافيهات المطلة على النيل وقد شردت لساعات فلم تشعر بالوقت، كلمات هذا العاصي تدور برأسها وقلبها فتُسبب ألم كبير، ألم جعل قلبها ثقيل على صدرها حتى شعرت بثقله في أنفاسها، ترقرقت الدموع في عينيها فأمسكت منديل ومسحت عيونها قبل أن تتساقط دموعها، أمسكت هاتفها وفتحت إحدى الألعاب حتى تلهو بها قليلاً، وفي تلك الأثناء صدع هاتفها رنيناً برقم غريب وكان عاصي الذي وبمجرد أن خرج من المديرية أتصل بها حتى يطمئن عليها لأنه أحس بمدى قسوة كلماته، لم ترد عليه في الإتصال الأول لان ليس من عادتها أن ترد على أرقام غريبة ولكنه عندما أتصل بها مجدداً ردت عليه وقالت: - الو؟ - أنتِ فين وقد تعرفت هي على صوته فوراً فقالت بجمود: - وأنت مالك؟ - نعم؟! إيه الأسلوب ده قالت رحيل بغضب: - والله وهو أنت الوحيد اللي مسموحلك تتكلم بطريقة مستفزه معايا لكن أنا أكلمك بمنتهي الذوق - اتصدقي أنا غلطان - أنت غلطان فعلاً ثم أنهت المكالمة في وجهه، نظر عاصي إلى الهاتف بدهشه ثم قال: - أنا استاهل عشان أتصلت بيها أصلاً ثم تحرك من مكانه بغضب عارم وعاد إلى بيته، ظلت رحيل مكانها للحظات حتى نهضت من مكانها بعد أن حاسبت في المكان وخرجت، وقفت على الرصيف في إنتظار سيارة الأجرة التي قد طلبتها قبل أن تخرج وفي ثواني وقفت سيارة أمامها وخرج منها رجلين ضخمين للغاية بالنسبة لها، نظرت لهم بخوف وطالعها إحدى الرجال للحظات وكأنه يتأكد أنها هي المطلوبة، قالت رحيل بتوتر: - خير في حاجه نظر لها الرجل بحده ثم أزاح سترته ليظهر المسد.س الموجود معه، نظرت له رحيل برعب وقالت: - أنت عايز إيه مني أقسم بالله هصوت والم الناس عليك أمسك هذا الرجل ذراعها بعنف فتأوهت رحيل بألم واقترب هذا الشخص منها ثم قال: - اركبي العربية بهدوء وبلاش شوشرة نظرت له رحيل بخوف ثم تحركت معهم بصمت واستقلت السيارة وعندما جلست على المقعد وضع هذا الشخص قطعه من القماش الأسود على عيونها ثم شعرت بنخزة إبرة تغرز في كتفها لتغيب عن الوعي تماماً بعدها .. *** الكاتبة ميار خالد ذهب كعادته ليطمئن عليها في الصباح، دلفت سهام إلى الغرفة قبله ولكنها لم تجدها، خرجت إلى شادي وقالت: - مش جوه ؟! - مش جوه إزاي يعني وسعي ثم دلف إلى الغرفة بسرعه وبحث عنها كثيراً ولكنه لم يجدها أيضاً وقبل أن يتكلم تذكر كلماتها عندما قالت أن فاطمه قد وعدتها أنها سوف تهربها من هذا المكان! خرج من الغرفة بغضب واتجه إلى مكتب فاطمه ودلف إليه ليجدها على مكتبها، ابتسمت له وقالت: - صباح الخير كنت لسه هجيلك - سلمي فين؟ تغيرت نظراتها وطالعته بانكسار ثم قالت: - والله! هي دي صباح النور بتاعتك - سلمى مش في الاوضة بتاعتها ومحدش غيرك معاه المفتاح بتاع الاوضة بعدي أنا وسهام والله لو عملتي اللي في دماغي بجد هتكون نهاية علاقتنا نهضت فاطمه من مكانها وقالت: - والله؟! وإيه اللي في دماغك بقى - سلمى قالتلي إنك وعدتيها أنك تخرجيها من هنا - وحتى لو حصل أنت خايف ليه؟ - أنتِ عارفه أن لو سلمى خرجت من هنا في الوقت ده هترجع لنقطة الصفر تاني أنتِ إزاي قادرة تكوني كده ؟!! - وأنت إزاي قادر تكون كده !! أنت مش مستوعب إنك بتتخانق معايا دلوقتي بالطريقة دي عشان مين !! عشان مريضة - أنتِ عارفه أن شغلي كل حياتي - وحياتنا إحنا فين !! نظر لها شادي للحظات ثم اشاح بنظره عنها، تحركت هي من مكانها وعيونها مليئة بالدموع ثم قالت: - لو الجملة صعبه اوي عليك خليني أنا اقولها لأني مبقتش قادرة استحمل الطريقة دي نظر لها شادي فقالت هي بدموع وهي تخلع دبلتها: - أنا شايفه أن كل واحد يروح لحاله أحسن ليا وليك ويا خسارة سنين عمري اللي ضيعتها معاك - استني بس.. - أنا قولت اللي عندي ولو سمحت اتفضل مش عايزه أتكلم تاني نظر لها شادي للحظات وقبل أن يتحرك قالت: - وبخصوص سلمى أنا مهربتش حد .. أتعب لحد ما تلاقيها خرج شادي من الغرفة وبيده دبلتها فوضعها في جيبه، يشعر براحه غريبة في قلبه وكأنه قد تخلص من ثِقل كبير على قلبه، شعر بالذنب بسبب هذا الإحساس، أنه يعترف أن علاقته بفاطمة كانت مملة ولم يشعر في يوم أن قلبه مولع بحبها ولكنها كانت خطيبته في النهاية وفي لحظة ظهرت سلمى في أفكاره ليشعر بالضيق حينها والغضب عندما اختفت من أمامه فجأة وهُنا تأكد بالفعل أن قلبه مولع .. بها هي فقط *** الكاتبة ميار خالد حل المساء ولم تعود رحيل إلى بيتها، تسرب القلق داخل بدر واتصل بها كثيراً ولكنها لم ترد عليه وبعدها تم إغلاق الهاتف تماماً، وأثناء قلقه هذا صدع هاتفه برقم غريب فرد عليه بقلق، أردف: - السلام عليكم ؟ - وعليكم السلام .. أخبارك إيه يا عمي - الحمدلله مين معايا ؟ - أنا فارس زميل داليا - أيوة فارس افتكرتك .. خير وفي تلك اللحظة كانت داليا على باب الغرفة وقبل أن تطرق الباب توقفت حين سمعت اسم فارس، ووقفت مكانها لتتابع الحوار الذي سوف يقوله والدها بصمت.. قال فارس: - كل خير يا عمي .. أنا بس كنت عايز أخد ميعاد من حضرتك عشان حابب اجي أتقدم لداليا - تتقدم لداليا؟! اتسعت عيون داليا ونظرت أمامها بصدمه، والمشكلة أن فارس على علم بوجود حازم في حياتها فهو كان يراه عندما يأتي إلى داليا الكلية، إذا كيف يتقدم لخطبتها هكذا، توقفت عن التفكير وتابعت الحوار مجدداً .. قال فارس بتوتر: - أيوة أنا يشرفني طبعاً .. حضرتك عندك اعتراض ؟ - لا طبعاً يشرفني والله بس.. - بس إيه - والله يا أبني أنا معايا مشكله قالبه دماغي دلوقتي ومكالمتك دي أنا آسف والله مش في وقتها خالص ومش قصدي أكون قليل الذوق معاك خالص بس فعلاً أنا معايا مشكله كبيرة افوق منها بس وأنا هتصل بيك ونشوف الأمور هتمشي إزاي وعموماً اللي فيه الخير يقدمه ربنا - مشكلة إيه طيب حضرتك محتاج حاجه اجيلك؟! - لا ربنا يخليك والله أنت اعذرني بس - لا يا عمي ولا يهمك وعموماً لو احتاجت أي حاجه كلمني على طول رقمي أهو مع حضرتك - بأذن الله الكاتبة ميار خالد ثم أنهى معه المكالمة وباله مع رحيل، تحركت داليا من مكانها بصدمه ودلفت إلى غرفتها، كيف يفكر فارس بتلك الطريقة بدون أن يرجع لها أولاً، ولكنه لم يتصرف بطريقة غير صحيحة بل تصرف بأصح طريقة، وقبل أن يتحدث معها تكلم مع والدها ليكون كل شيء في العلن، ولوهله ورغماً عنها قارنت بينه وبين حازم، نعم كان حازم مصمم أن يتقدم لخطبتها ولكنه كان يرجع لها أولاً مع علمه أنها سوف ترفض بسبب خوفها من أهلها، كان من الممكن أن يتصرف بطريقة صحيحه ويحل كل تلك الأمور كالرجال، ولكنه أختار الطريق السهل مثلها أيضاً وعلّق كل أخطائه على رحيل وقال إنها السبب بكل شيء .. لم يتوقف عقلها عن التفكير وقطع حبل أفكارها هذا والدها الذي نادى عليها بصوت مسموع، كانت تظن أنه سوف يخبرها بموضوع فارس ولكنها عندما وصلت إليه قال بقلق: - رحيل متصلتش بيكي من ساعة ما خرجت ؟ - لا خالص .. هي لسه مرجعتش؟! - لسه وقلقان عليها الوقت بدأ يتأخر أصلاً هتكون راحت فين - طيب حاولت تتصل بيها - موبايلها مش بيجمع معايا .. هي خرجت فين أصلاً أنا لما صحيت مشوفتهاش - راحت الشركة لعاصي تقريباً قالتلي فيه شغل بينهم لسه مخلصش - أيوة كانت قيلالي افتكرت قالت داليا بقلق: - استنى هجبلك رقم عاصي أتصل بيه اسأله لو يعرف عنها حاجه ثم تحركت من مكانها وعادت إليه بعد لحظات وأعطته رقم عاصي، كان الآخر في بيته لم يقدر على النوم فظل جالس على سريره يفكر لساعات حتى صدع هاتفه رنيناً برقم غريب، رد عليه ليتعرف على صوت بدر فوراً وعندما تذكر أنه كان صديق والده تحدث ببرود نوعاً ما: - خير في إيه بليل كده قال بدر بقلق: - أنا آسف على الأزعاج بس رحيل مرجعتش لحد دلوقتي هي جاتلك الشركة صح ؟ اعتدل عاصي في جلسته وقال بانتباه: - مرجعتش إزاي لحد دلوقتي ؟! - معرفش اومال أنا بكلمك ليه دلوقتي .. أنت أخر مره شوفتها أمتى - هي خرجت من الشركة الصبح وكلمتها في التليفون كمان وردت عليا بس بعدها متكلمناش تاني فافتكرت أنها روحت قال بدر بقلق بالغ: - يا الله هتكون راحت فين تسرب القلق إلى قلب عاصي فقال : - طيب هي عندها قرايب هنا مثلاً أو صحاب ممكن كانت مخنوقة شوية فراحت لحد فيهم ؟ - رحيل متعرفش أي حد هنا غيرنا متعرفش أي حاجه وحتى لو مخنوقة عمرها ما فكرت تتأخر بره البيت كده .. أنا بنتي فيها حاجه متأكد - طيب أهدى أنا هتصرف وهعرفلك هي فين دلوقتي - ربنا يخليك أنا آسف ازعجتك بس رحيل لو جرالها حاجه أنا ممكن أموت فيها بالله عليك رجعها لي صمت عاصي للحظات ثم قال: - أوعدك هترجعلك بألف سلامه ثم أنهى معه المكالمة، و نهض من مكانه بسرعه، ظل يجول الغرفة بقلق وتوتر، ندم بشده على كلماته التي قالها لها، وشعر بالخوف عندما جال في باله أنها من الممكن أن تكون قد تصرفت بغباء مرة أخرى لتقع في مصيبة جديدة، أمسك هاتفه وقبل أن يتصل بعز الدين ترك هاتفه مره أخرى وذهب إلى جاكيت البدلة التي كان يرتديها وأخرج منها هاتف قد أعطاه له عز الدين اليوم قبل أن يخرج وقال.. فلاش باك.. قال عز: - الموبايل ده تخليه معاك ومتتصلش بيا منه غير لو حصل حاجه - طيب ليه؟ - هتعرف بعدين بس خليك منتبه لكل حركه بتخرج منك ومن رحيل - أنا مش واثق في رحيل ممكن تعمل أي تصرف يبوظ كل حاجه - لازم تتحكم وتسيطر عليها بأي طريقة .. هي فين دلوقتي؟ - معرفش بعد ما تخانقت معاها خرجت - طيب لما تخرج من عندي أتصل بيها من الموبايل ده - اشمعنا ؟ - عشان نرصد مكانها لو لقدر الله حصل أي حاجه - يعني هي ممكن تتأذي؟ - قولتلك لازم نبقى مستعدين لكل حاجه - تمام الكاتبة ميار خالد باك.. أمسك عاصي الهاتف الذي أعطاه له عز الدين واتصل به فوراً.. كان عز الدين نائم بهدوء وبجانبه ملك وفي المنتصف ابنهم مالك ذو الثلاثة أعوام، وعندما صدع هاتفه رنيناً نهض من مكانه فوراً و رد عليه، قال: - خير يا عاصي - رحيل مختفيه اعتدل الآخر في جلسته واشعل الضوء من جانبه وقال: - مختفيه إزاي يعني؟ قال عاصي بقلق واضح في صوته: - معرفش بدر أبوها دلوقتي أتصل بيا وقالي أنها مختفيه من الصبح - يبقى اللي خايف منه حصل قال عاصي بقلق: - حصل إيه؟ - احتمال كبير إنك كنت متراقب وأنت جاي عندي المديرية ولما وصلهم خبر اتصرفوا و خطفوها عشان يبتزوك توافق ومتعرفش البوليس حاجه!! صرخ عاصي بصدمه: - نعم!! عيني عليكي يا رحيل يا بنتي 😂😂😂💔 الفصل السادس عشر والسابع عشر من هنا |
رواية رحيل العاصي الفصل الرابع عشر 14 والخامس عشر 15 بقلم ميار خالد
تعليقات