Ads by Google X

رواية بعد الليل الفصل الحادي عشر 11 بقلم نهال عبد الواحد



رواية بعد الليل الفصل الحادي عشر 11 بقلم نهال عبد الواحد 



 ( بعد الليل) 

الفصل الحادي عشر

بقلم نهال عبد الواحد

خرج محمد، أمه، إحدى أختيه و هذه الجارة الطيبة بقمر إلى أقرب مشفى، بالطبع لأنهم في شهر رمضان فلا يوجد أي طبيب في هذه الساعة المبكرة، بالتالي انتظروا بعض الوقت في استقبال المستشفى إلى أن يجيئ الطبيب.

حقيقةً هي لم تكن مستشفى بالمعنى المفهوم بل يمكن قول إنه مجرد مستوصف كبير قليلًا ليس به إستعدادات كافية.
وبعد فترة وصل الطبيب وكان نفس ذاك الطبيب بالصدفة وما أن رآهم و فحص الحالة فتفاجأ بما آلت إليه وأسرع بها إلى غرفة العمليات دون أي تعليق.

وبعد فترة ليست بالطويلة خرج الطبيب إلى أهل المريضة و على وجهه الأسى و الغضب في آنٍ واحد، فأسرع إليه محمد، أمه، أخته و الجارة الطيبة، فجميعهم في نفس الصوت: فين الواد، كيفه؟!
بينما تلك الجارة صاحت: كيفها جمر؟!
فنظر إليهم الطبيب يرمقهم شرزًا ثم قال لهم بحدة: مش انتو جيتوا بيها جبل ما رمضان مايهل و جولتلكم لزمن تولد قيصري ماعينفعش الطبيعي!
ما جيتوش تاني ليه نحدد ميعاد للولادة؟ إيه اللي عملتوه فيها دي!
فأجابت فوزية اللعينة: وإحنا صالحنا إيه! ده هي المخفية الداية، ماعرِفش خابت ولا ايه وما عرفتش تولدها.
فصاح الطبيب: لا إله إلا الله! يا ست باجول وضع الجنين ما كانش ينفع الولادة الطبيعي.
فقالت الجارة: لا يا دَكتور، أنا كنت واجفة معاها و الست عمالة تترجاها إن ما ينفعهاش الولادة دي و أم محِمد راسها وألف سيف لتولدها.
فصاحت فيها: يجيكِ الهم يا بَعيدة عتتبلي عليّ!
فأجابت الجارة: ربي يشهد على كلامي في الأيام المفترجة دي.
فقال محمد متلهفًا: فين الواد؟! ما خرجش ليه؟!
فنظر بينهم الطبيب ثم قال: والله و نعم بالله! الواحد ما زعلانش بس غير عل مسكينة اللي راجدة دي، لكن انتو تستاهلوا تجعوا ف شر أعمالكم و خسارة فيكم أي حاجة.
فصاح محمد: عتبرطم اتجول إيه! أنا أبو الواد و عسأل فين الواد!
فقال الطبيب: مفيش واد، روح إستلم جثته عشان تدفنها.
فصاح الثلاثة مع نواح من أمه وأخته و هو يقول: ده انا اروح فيك في ستين داهية، جتلت ابني! ده الواد كان نصه اتولد غيرش بس هي اللي تعبت، حريم آخر زمن!
فقال الطبيب: إنتو اللي جتلتوه! الجنين كان واخد وضع المقعدة و اللي حصل إنه نزل برجليه والراس اتعلجت و ما عديتش و دي الكلام اللي جولته لما جيتولي، محيط الراس ما عيعديش لجنين ينزل برجليه، وكمان الحبل السري اتلف حوالين رجبته، للأسف إهمالكم الشديد هو اللي اتسبب ف ده، الجنين ميت من جبل ما تاجو.

واستمرت الأم و الأخت في الصراخ و العويل حتى خرج السرير المتحرك من غرفة العمليات وكانت عليه قمر بين الإستيقاظ و التخدير، كانت تطرف بعينيها لكنها لم تستعيد كامل وعيها.
فهجمت عليها فوزية لتضربها و هي تصيح: الله يحرجك يا فجرية! جولتلكم دي بومة و فجر مصور من يومها ما حدش صدجني، حتى عيالها ما سلموش منيها و من نحسها البومة دي!
فصاح الطبيب بغضب: سيبي المريضة يا ست إنتِ! دي فاتحة باطنها.
فصاحت أخته: ياكش تنحرج، مش كفاية جتلت ولدنا عشان تكيدنا.
فضرب الطبيب كفًا بكف؛ فمثل هذه الكائنات لم ترد عليه من قبل، ونادى بعض العاملين ليساعدوه في إبعاد هاتين السيدتين عن المريضة.
فصاحت فوزية: طلجها البومة دي، لو جعدت أكتر من إكده عتخلِص علينا، طلجها واجوزك الأحسن منيها، عجوزك بت خالتك، أنا عارفة كانت فين عينيك جبل ما تجيب الفجر المصور دي، يلا يا محِمد يا ولدي إرمي اليمين خلينا نهجّ من إهني.
فأجاب الزوج بقمة اللامبالاة: حاضر يامّي ، يا جمر يا بت المنصوري إنتِ طالجة، وما عايزش أشوف خلجتك دي تاني.

ثم انطلق الثلاثة منصرفين بقمة اللامبالاة، بينما تضرب الجارة كفًا بكف وهي تحسبن: حسبي الله ونعم الوكيل!
وكذلك الطبيب الذي لم يرى في حياته مثل هؤلاء، فقالت الجارة: ما تواخذنيش يا دَكتور أنا جارتها، بستسمحك تستنى أروح عل بيت أجيب حسابك و حساب المشتِشفى، دول ناس دُون وعارفاهم ماعيدفعوش حاجة.
فتنهد الطبيب قائلًا: لا يا ست الحساب خالص، خليكِ انتِ جارها دي غلبانة والله! تصدجي بالله ربنا نجدها منيهم.

فقالت الجارة: من جيهة نجدها فنجدها صُح، لكن يعني...
فقال الطبيب: خليكِ انتِ جارها وأنا ما عايزش حسابي و عشيِع لجماعتي ف البيت يشيِعوا ملابس حريمي، أنا عندي بتي كدها اجده ف المجاس.

فقالت الجارة: ربنا يكتِر من أمثالك يا دَكتور!
وبالفعل ذهبت قمر لغرفة المستشفى، مكثت معها جارتها، أرسل الطبيب لأهل بيته و أحضر ملابس تناسب قمر لتبدل ملابسها.
وعندما استردت قمر وعيها بالكامل وعلمت بكونها قد فقدت ابنها و قد طُلقت، ابتلعت ريقها وقالت بصوتٍ ضعيف من شدة الإعياء: ربنا جدّر ولطف، عارفة يا خالة من يوم ما عرفت إني حبلى ف الواد دي، يوما ماجيت عنديكي و كلمت أمي م المحمول، وجتها اتضايجت لكن جولت الحمد لله ربنا جدره كله خير، و عدى شهر بعد الشهر و اكتر حاجة كُت ناعية همها، إن يكون دول أهل ولدي، كُت بطلب من ربنا إن ولدي يسامحني عشان دي يُبجى أبوه، لكن حُكم الله نفد وهو أحكم الحاكمين، أما طلاجي فكُت بستمنّاها من زمن و أمي تجولي ما عينفعش الناس تاكل وشنا و كلام كَتير لا يودي ولا يجيب ، الحمد لله الحمد لله !

ثم تابعت بإمتنان: بتشكرلك كَتير والله يا خالة، و نفسي أجابل الدَكتور و اتشكرله هو التاني، لكن يعني لامخذة...
فأجبت المرأة بحنان: جولي يا بنيتي.
فأكملت قمر على استحياء: كُت عايزة حد يوصِلني لبلدنا، خلاص ماليش جاعدة إهني.
وقبل أن تجيبها الجارة طرق الباب ثم فُتح، فكان الطبيب بوجهه الباش اقترب منها وقال: حمد الله على سلامتك يا بتيّ.
فأجابت: الله يسلمك يا دَكتور، وبتشكرلك على كل اللي عملته معاي، ربنا يباركلك و يجازيك كل خير!
فأجاب بابتسامة: يارب يسمع منك، ما عيزش اللي حُصُل دي يأثر فيكِ.
فابتسمت بألم وقالت: دي كله خير وفضل من الله، أحسن حاجة حصلت والله إني اطلجت، و الله يرحم ولديّ و بتيّ اترحموا من عالم ما تعرِفش ربها، يلا كله خير.
فأجاب بهدوء: طب الحمد لله.
فقالت الجارة: دي عايزة تسَافَر بلدهم جال!
فاستنكر الطبيب: لا لا، ما ينفعش، لزمن تنتظري لحد ما الخياطة تتفك و الجرح يلم شوية عشان ما يفكش ف السفر.
و بالفعل خرجت قمر مع الجارة إلى بيتها و تولت شئونها كأمها و إن كانت قمر على استحياء من ذلك لكنها تشعر بأنها قد تنفست الصعداء و أخيرًا قد تخلصت من قيد تلك الزيجة المشؤومة و من أي علاقة تجمعها بهم فكانت هذه لها الطلقة الثالثة أي بلا رجعة و ليس هناك أبناء لكي يكون هناك أي صلة من أي نوع.
فحقًا كل ما يأتي من رب الخير خير!
لكنها انتظرت حتي فكّت الخياطة وارتاحت عدة أيام بعدها ثم أصرت على العودة؛ فالعيد على الأبواب و الأفضل أن تكون في بيت أبيها لتشهد العيد معهم والذي لم تشهده منذ عامين منذ أن تركت البيت الذي نشأت وترعرعت فيه و عاشت فيه أجمل أيام عمرها، لا تصدق أنها أخيرًا ستعود لقريتها التي لم تطأها قدماها منذ أن تزوجت.
وها هي تركب سيارة الأجرة مع جارتها و ابنها عصام، ها هي تخرج من تلك القرية المشؤومة، ربما لا ذنب للقرية ولا أهلها لكنها قد كرهت القرية! ولسان حالها مرددًا:
خرجتُ تاركة القرية
فبدأتُ أتنفس بطبيعية
كلما ابتعدتُ هاهو الهواء
يدخل رئتيّ وبمنتهى الحرية
بل و يخرج بأريحية
أشعر بنفسي هادئة و هنية
أحمد ربي بنفسٍ رضيّة
سأنسى ما مضى من أيامٍ عاتية
سأقطع صفحتها وألقي بها 
في مياه مصرفٍ جارية

وها هي قريتها تظهر على مرمى البصر، تشعر بذراعي أمها تضمها بحنانها المنتظر، ستسعد وتفرح و تمرح فالعيد ليس فقط الفطر، بل عيدها أيضاً فهو عيد التحرر المفتقر.
و ما أن وصلت لباب البيت حتى....

..............
.......................................

الفصل الثاني عشر من هنا 



بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-