Ads by Google X

رواية بعد الليل الفصل التاسع عشر 19 بقلم نهال عبد الواحد





رواية بعد الليل الفصل التاسع عشر 19 بقلم نهال عبد الواحد 





(بعد الليل) 
الفصل التاسع عشر
بقلم نهال عبد الواحد

التفت شريف فجأة لقمر عقب قولتها مباشرةً و قال في عجالة: إنتِ إسمك جمر إيه؟
فارتبكت وأجابت بتردد: ليه يا أستاذ؟!
_ مالك خفتي ليه؟ كل الحكاية عشبه عليكِ؛ كنّي شوفتك جبل سابج!
_ وأنا كماني بشبه على حضرتك!
فابتسم قائلًا: يبجى مش معجول عن شبه على بعضنا إحنا التنين و ما نكونش شفنا بعضنا جبل سابج!
فنظرت بينهما أمه ثم تسآلت: هو إيه دي اللي شوفنا بعض و ما شوفناش بعض!
فاتسعت إبتسامته قائلًا: يُبجى إنتِ جمر المنصوري، صُح!
فوجمت قليلًا ثم تسآلت: بس يعني، حضرتك عرِفت إسمي كيف؟!
_ يُبجى إنتِ مش فاكراني!
_ فاكرة إني شوفت حضرتك جبل سابج، لكن ما فاكراش فين ولا ميتى؟!
فقهقه ضاحكًا ثم أردف: من ياجي سنتين تلاتة كُتي جاية هنا ف مركز أبو تيج عشان مسابجة أوائل الطلبة...
فقاطعته قائلة بابتسامة ساحرة و يبدو أنها قد تذكرت: أيوة أيوة، حضرتك كُت مدرس موجود تبع المدرسة التانية!
كان يتأمل تقاسيم وجهها عندما تشقه ابتسامتها من وسط المعاناة و الألم الملازمة لملامحها، ثم أخفض بصره قليلًا و أعاد رفعه إليها قائلًا: حقيقةً انبهرت بإجاباتك وأسلوب شرحك وكِيف بتشرحي مواطن الجمال بطريجة رائعة و مختلفة، مش مجرد طالبة حافظة وبس، لا دي فاهمة و ليها وجهة نظر كماني، و رغم إني اتغاظت م الطالبات اللي واجع جلبي في الشرح معاهم و كانت في الآخر إجابتهم عادية، لكن دي ما منعنيش إني أعبِرلِك عن إعجابي بيكِ، أجصد بإجاباتك ومستواكِ الدراسي.
كان يتحدث وينبعث من عينيه كل معاني الإعجاب و ربما أشياء أخرى قد التقطها الردار الخاص بأمه نرجس و قد تهللت أساريرها لذلك.
ثم تسآل شريف: لكن كيف اتخليتي عن علامك و روحتي تشتغلي بياعة ف السوج؟
_ هو الشغل عيب ولا إيه؟!
قالتها بمرارة حاولت إخفاءها خلف ثبوتها وعزة نفسها.
فأجاب متراجعًا: لا والله مااجصدش! لكن المستوى دي يتوقع له يكون مستجبله حاجة تانية خالص.
فتنهدت بحزن ثم قالت: أبوي إتوفى و أخوي إتحجج إن مصاريف العلام فوج طاجته جعدني وجوزني لأول واحد إتجدم.
فتبدلت ملامحه و تشنجت فجأة وهو يتسآل بحدة مفاجِئة لم يتمكن من السيطرة عليها: يعني إنتِ متجوزة؟!
فأومأت برأسها أن لا قائلة: كُت و اتطلجت رمضان اللي عدّى.
فانبسطت ملامحه من جديد و تنفس براحة واضحة و تسآل: و خوكي فين من كل دي؟!
فتنهدت مرة أخرى بحزنٍ شديد: مسافر عيشتِغِل ف السعودية ومرته معايّ ف البيت و سجياني المرّ كاسات.
فتسآل ببعض الغضب: وفين باجي أهلك؟ عمامك فين؟
وهمّت قمر بالإجابة... لكن قاطعت حديثها نرجس قائلة: هو المحضر دي ما عيخلصش ف سنته! ما أنا حكيالك كل حاجة من أول يوم جت فيه البنية إهني!
_ ما فاكرش حاجة والله يامّي!
_ ما فاكرش برضو! كنّك ما كُتش مديني ودنك!
فضحك وضحكت نرجس بينما نظرت قمر للأسفل في استحياء و هي تفرك يديها بعضهما ببعض، فتابعت: عجوم أجهّزلكم الغدا جبل ماامشي.
فصاحت نرجس: ويمين الله ماانتِ ماشية غير لما تاكلي ويانا.
فقالت: ليه الحلفان بس يا ست الحاجة؟! ما عايزاش أتأخِّر عشان ألحِج العربيات المعاودة البلد عندينا.
فأجابت: عخلي شَريف يوصِّلِك للموجف، وبلاش ست الحاجة دي.
فأومأت برأسها أن نعم و همّت لتنهض فتأوهت قليلًا فلاحظها شريف فابتسم متسآلًا: نفسي أعرِف سر حبكم دي!
فضحكت نرجس وابتسمت قمر بخجل بصورة يصعب عليه أن يرفع عينه من عليها فظلّ محملقًا فيها، ثم أخفض بصره قليلًا ثم رفعه مرة أخرى وتسآل بمزاح: طب أمي و إنتِ دخلتي جلبها... 
قالها بنبرة صوت قد حادت منه ربما بدت تفضح عن مكنون داخلي.
و أكمل: طب إنتِ كيف إتحملتي أمي وطلباتها و أوامرها اللي ما عتنتهيش؟!
فصاحت فيه أمه: بجِي إكده! ماشي يا شَريف!
فاقترب مقبلًا رأسها قائلًا: والله عهزِّر يامّي! كله إلا زعلك يا ست الكل.
فابتسمت قمر قائلة: والله أمي الحاجة طيبة وأميرة ووالله طلباتها على جلبي أحسن م العسل!
ثم قالت بأسف وحسرة: أصلكم ما عاشرتوش فوزية، حماتي الله يصلح حالها!
فتابع شريف قائلًا بتأكيد: جصدك اللي كانَت حماتك.
فأومأت برأسها أن نعم، ثم قالت وقد نهضت واقفة: عجهز الغدا عشان ماعوّجش أكتر من إكده.
واتجهت نحو المطبخ و تابعها شريف بعينيه وتابعت الموقف كله نرجس وقد اتسعت ابتسامتها.
أعدت قمر الغداء وتناولت معهما بضع لقيمات بعد إلحاحٍ من نرجس، وساد الصمت بين الجميع، فقمر تشعر بثمة عيون تراقبها، أما شريف فيشعر أن صوت ضربات قلبه عالية لدرجة تشق هذا الصمت.
انتهوا من الغداء و رتبت قمر المطبخ مسرعة لتعاود أدراجها لقريتها قبل المغيب.
سلمت على نرجس قائلة: خلي بالك من نفسك و إن شاء الله منين مااخلِّص بيعتي آجي و أشوف طلباتك لحد يوم الحد إن شاء الله.
فربتت عليها قائلة: تعيشي يا بتي .
فتدخل شريف: ما فاهمش برضو ليه ما كملتيش علامك مادام اطلجتي وجاعدة، أجليه تشتغلي شغلانة أحسن من إكده.
فأجابت بخجل: وانا ععمل إيه يا أستاذ؟! أنا سايبة المدرسة بجالي سنتين؛ أنا ما كملتش سنتين جواز!
حاول شريف ضبط انفعاله قائلًا: بغض النظر، تجدري ترجعي و تمتحني السنة دي كماني.
فاتسعت ابتسامتها: بجد يا أستاذ!
أعجبه ردة فعلها العفوية هذه، و تابع بأسلوب أكثر هدوءًا: عتاجي معايا المنطجة التعليمية ونعملك إعادة قيد و تجهّزي صور وتكتبي شوية بيانات، عسأل عل إجراءات بالضبط وأبلِّغِك ععدي عليكِ ف السوج واتفج معاكِ نروح سوا، إتفجنا!
فأومأت برأسها أن نعم بسعادة شديدة: إتفجنا يا أستاذ، الله يبارك فيك و يوسِّع عليك يا جادر يا كريم.
و سحبت طرف حجابها لتغطي وجهها، ثم غادرت بصحبة شريف، كانا يسيران متجاوران تفصلهما مسافة ليست قصيرة، لكن كلًا منهما يطرف بعينه نحو الآخر، لا يعرفان سر هذا التجاذب الفجائي، لكن المؤكد أن كلًا منهما متأكدًا أن هذا انطباعه وحده وليس انطباعًا متبادلًا.
وصّلها شريف حتى موقف السيارات، ركبت وقام بدفع أجرتها للسائق رغم رفضها المتكرر؛ لكنها عاداتهم لا فصال فيها، لكن قد شكرته في النهاية.
لكن شريف لم يتمهل و ركب السيارة التي خلفها وظلّ خلفها ليطمئن عليها، هو لا يفهم نفسه اليوم ولا سر تصرفاته ولا هذا التحول ولا تلك المشاعر التي تجتاحه دون استئذان ولا مقدمات، حولته فجأة من شخص راشد عاقل لشخص مراهق تحرّكه انفعالاته ومشاعره!
أما قمر فبمجرد انصرافه عنها شعرت أنها قد تمكنت أخيرًا من التنفس بصورة طبيعية؛ فقد كانت تشعر أن أنفاسها متلاحقة بلا ركض، لكن قلبها لم يتوقف عن ذلك النبض السريع، بمجرد انصرافه تمنت عودته و كأنما اشتاقت له في نفس اللحظة، كانت تغمض عينيها، تتذكر ملامح وجهه الرجولي وكل تقاسيمها و هيئته كلما غضب، احتد، ابتسم أو تسآل، كانت تود لو لم تنزل عينيها من عليه لكن ذلك الخجل الذي يقتحمها فيجعلها تسارع بإبعاد ناظريها، فتخفض رأسها و تبتسم.
وصلت السيارة إلى قريتها، هبطت منها، سارت نحو بيتها ولازالت على حالها، لا تدري لماذا كانت تتلفت من حينٍ لآخر!
لا تدري لماذا ترى وجهه في كل الوجوه!
يبدو أن فرحة عودتها للدراسة قد أذهبت عقلها!
هكذا تقنع نفسها.
أما هو فقد كان بالفعل يتبعها وقد إندهش من كثرة التفاتاتها وخشى أن تراه يتبعها لكنها بالفعل لم تراه، أو ربما رأته لكن كذّبت نفسها.
تأكد من عودتها ودخولها لبيتها ثم عاد بأدراجه لقريته من جديد لكن يشعر وكأن هناك ما ضاع منه، أحاسيس كثيرة تهاجمه لم يعهدها ولم يجد لها تفسير بل إنه حتى لم يعرف معناها.
عاد و سلّم على أمه، اطمأن على صحتها واتجه مسرعًا لغرفته في حالة قرأتها أمه بسهولة وابتسمت متمنية في نفسها شيئًا، رفعت بصرها للسماء تدعو به بصمت.
أما هو فبدّل ملابسه و جلس على مكتبه يكتب كلماتٍ منمقة....
خاطرة جديدة...
( مَنْ هِيَ؟!)
لَا تَسْأَلَنِــي مَنْ هِـيَ
ذَاتَ العُيُونِ اللَّوْزِيَّة
والبَشَــرَةُ الخَمْرِيَّــة
ووَجْنَتَيْهَـــا وَرْدِيَّــة
تَصْدِرُ أَنْغَامَاً شِعْرِيَّة
تَعْزِفُ أَلْحَانَاً شَرْقِيَّة
شَامِخَةٌ بِرَأْسِهَا دَوْمًا
تَنْأَى بِرَوْحِهَـا بَعِيــدًا 
ولَا تَسْتَسْلِـمُ لِلْغَالِبِيَّة
قَالُوا عَنْهَا الحَسْنَاءُ المَغْرُورَة
قَالَتْ لَا يَهِمُّ فَأَنَا فَتَاةٌ شَرْقِيَّة 
الغُـرُورُ و الشُّمُـوخٌ يَلِيـقُ بِـي
لَـنْ تَهْزِمَنِي كَلِمَاتُ مَنْ حَولِي
و مَهْمَـا عَـوُوا سَأَظَـلُّ قَوِيَّــة
أَمْضِـي و أَبْتَسِـمُ بِسُخْـرِيَّـــة
وأَظَـلُّ أَعْزِفُ وأُغَنِي بِحُرِيَّـة 
لَنْ تَحْجُرُوا عَلَيّ فَلِحَيَاتِي رَاضِيَة
ولَنْ تَحْبِطُونِي فَمَنَاعَتِي ضِدَكُم عَفِيَّة

ثم وقع بإسمه (شريف فوّاز)
..................................


الفصل العشرون من هنا 

 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-