Ads by Google X

رواية بعد الليل الفصل العشرون 20 بقلم نهال عبد الواحد



رواية بعد الليل الفصل العشرون 20 بقلم نهال عبد الواحد 




 ( بعد الليل) 
الفصل العشرون
بقلم نهال عبد الواحد

في نفس الليلة في مكان آخر ليس ببعيدٍ عنا زمانًا ولا مكانًا، أجل كما ظننتم إنه في بيت آل عبد الحفيظ، أهل الزوج الأول والليلة ليلة عرسه على ابنة خالته أمال وهي بالطبع اختيار فوزية أمه.
كانت أصغر من قمر بعامين أي لازالت في الثامنة عشر من عمرها لكنها تبدو أكبر من ذلك بسبب منحنيات جسدها الأنثوية الصارخة و إن لم تكن بجمال قمر إطلاقًا؛ لكن بالطبع مثل ذلك الجسد ما يجذب أمثال محمد.
لم تختلف مراسم الإحتفال نهائيًا وما أشبه الليلة بالبارحة!
ومثلما فعل بقمر فعل بعروسه هذه، ربما لم تكن صدمتها في شدة صدمة قمر؛ فقد كانت مثلها مثل غيرها من الفتيات الفضوليات اللاتي تتطلعن لمعلوماتٍ أكبر من أعمارهن و إن كان الواقع الذي لاقته أمرّ ما يكون!
لكن لم تطول فترة صدمتها، فسرعان ما قررت أن تكون ذكية فقد التصقت بهذه الزيجة بلا عودة، إذن عليها ألا تكون خاسرة في كل شيء حتى لو اضطرت لمجاراة هذا الكائن الحيواني الهمجي المتمثل في هيئة بشرية.
وبعد عدة أيام وكانت قمر لا تزال تذهب وتعمل كبائعة في السوق، فوجدت أمامها فجأة شريف يناديها: كيفك يا جمر؟
فرفعت عينيها و لم يصعب عليه قراءة سعادتها البالغة من عينيها حتى وإن كانت ملثمة الوجه.
فأجابت بصوتٍ نقي: نحمد الله يا أستاذ! كيفك وكيف الحاجة؟
فابتسم قائلًا: الحاجة طايبة وزينة نحمد الله، وبعتاني تجهَزي لها شوية حاجات، وكماني حاجة تانية..
فضيقت عينيها متسآلة بدهشة: حاجة إيه!
_ واه يا جمر! كنّك نسيتي! مش كُت متِفج وِياكِ إني عسألك عل إجراءات إعادة القيد، لكن عتذاكري بنظام المنازل يعني عتروحي الإمتحان بس، جهزي صور ليكِ وصوري بطاجتك.
_ كل شيء جاهز يا أستاذ، عنروح ميتي؟
_ الصبح الساعة سابعة بالدجيجة استنيني عند الموجف، تمام!
فأومأت برأسها أن نعم، وأجابت: تمام، بتشكرلك كَتير والله!
وأعدت له ما طلب وأعطته له فألقى السلام وانصرف، لا يستطيع وصف شعوره؛ كونه قد رآها و تحدّث معها، استطاع إسعادها و مساعدتها، أشياء كثيرة متخبطة داخله يؤيد بعضها ويعارض البعض الآخر.

أما هي فعقب إنتهاء يومها وطوال طريق عودتها إلى البيت وهي تفكر في ذلك العرض وبداية تحقيق حلمها الحقيقي في استكمال تعليمها، لكن استوقفها كونها ستخرج معه! كيف يمكن ذلك؟ وماذا لو رآها أي من أبناء عمومتها أو أي شخص آخر يعرفها؟!
مثل هؤلاء البشر لا فائدة منهم لكنهم فقط متصيدي الأخطاء!
فأخذتها قدماها لبيت الشيخ مجاهد، فطرقت و سألت عنه ثم جلست تنتظره في مندرة البيت وبعد قليل جاءها.
_ مُرحب يا جمر، إيه الشجة الغريبة دي! طمنيني يا بنيتي في حاجة حُصلت؟ حد ضايَجك أمال الواد منصور واجف جارك زي جلته!
فابتسمت قائلة: حيلك يا عمي، منصور الله يبارك فيه ما مجصرش واصل، مفيش ولا حاجة من دي حُصلت، اللي حُصل حاجة تانية خالص.
_ جولي يا بنيتي، طمني جلبي.
_ كل الحكاية إني اتجابلت مع مدرس كان زمان وطلع لساته فاكرني وفكّرني بحاله، و عرض عليّ إني أكمل علامي وجالي إني أروح ف الصبح المنطجة التعليمية عشان أعمل إعادة قيد و شوية إجراءات.
فابتسم الرجل وقال: ما شاء الله! ربنا يوجفلك ولاد الحلال يا بنيتي! الحمد لله أديكِ عتكملي علامك وتحججي حلمك وحلم أبوكِ الله يرحمه!
_ بس يعني... يعني... كُت عستسمحك إنك... إن حضرتك يعني تاجي معاي؛ ماهو مش معجول عمشي مع الراجل لحالنا!
بصراحة الراجل كتر خيره اتطوع و عياجي معاي يخلِّص الإجراءات، لكن يعني ما يصُحش أروح معاه إكده، ولا إيه يا عمي!
فابتسم الرجل قائلًا: الله يرضى عنِّيكِ يا غالية يا بت الغاليين!
ولا تنعِي أي هم ط، أنا عاجي معاكِ طبعًا، شوفي عايزاني ميتي؟
فأجابت بسعادة: هو الأستاذ جال إنه عيستناني عند الوجف سبعة بالدجيجة؛ نروح بدري أحسن.
_ منين ما تجهزي عدي عليّ عتلاجيني مستنيكي.
_ يا رب ماانحرم منيك يا عمي و يبارك ف عمرك.
_ و يبارك فيكِ يا بنيتي ويوجفلك ولاد الحلال ويكتبلك الخير في كل بكان!

ثم استأذنت وانصرفت و هي في قمة سعادتها، تنتظر ذلك الصباح بفارغ الصبر، أما ذلك الشيخ فلم يخفى عليه أمرٌ ما قد استجد في روح هذه الفتاة.
استيقظت قمر باكرًا أو بالأحرى يمكن قول إنها لم تنم ليلة أمس؛ فالسعادة قد أضاعت النوم من عينيها.
بدلت ملابسها وارتدت فستانًا من اللون البترولي المائل للزُرقة طويل، فضفاض و حجاب من اللون البيج الفاتح والذي أعطى لوجهها إشراقًا.

ذهبت أولًا لبيت الشيخ مجاهد ثم غادرا معًا، وصلا في موعدهما بالضبط وكان شريف منتظرًا مرتديًا بنطال جينز، قميص من اللون اللبني السماوي، كم كانت طلته ساحرة هو الآخر! خاصةً عندما اقتربت منه اشتمت رائحته الرجولية الشرقية وكأنه خليط من العود و المسك المحلى، إنها حقًا رائحة تثمل بلا خمرٍ!
انتبه شريف لقمر بسحرها الرائع وهي مترتدية ملابس منمّقة غير تلك الملابس القديمة التي تجلس بها في السوق، و لم يخفي إعجابه و لا انبهاره بها، حتى إنه لم ينتبه لذلك الشيخ المصاحب!
والذي كان متابعًا هذه النظرات المتبادلة والتي ليس من الصعب عليه استنتاج ماهيتها، لكنه صاح فجأة: كيفك يا ولدي؟

فانتبه إليه شريف، وضيق عينيه وأطال النظر له ثم تهللت أساريره و صاح بسعادة: عم الشيخ مجاهد، كيفك يا عمي؟ أنا شريف فوّاز، مش عارفني!
فتهللت أسارير الرجل وتعانقا بحرارة ثم قال الشيخ: والله دخلت جلبي وجولت الوجه السِمح دي مش غريب عني ابدًا، كيفك يا ولدي؟ أخبارك إيه؟ إتجوزت ولا لسه؟
فأجاب بوجهه الباش: نحمد الله، أنا مدرس لغة عربية و بكتب قصائد و خواطر على كدي إكده وبرسلها لكام جريدة، و ناقشت الماجستير و بحضِّر في الدكتوراه، يا مسهل الحال...
ثم نظر ناحية قمر والتي تنظر أرضًا على إستحياء وتفرك أصابعها بعضها ببعض، ثم أكمل: ومااتجوزتش من ساعة ما جينا باجور، مكرّس وجتي بين الشغل و الدراسة.
فابتسم الشيخ و هو يلمح نظراته الخاطفة تلك بل ويقرأ ما لم يستطيع شريف نفسه إدراكه بعد، ثم قال: ربنا يزيدك من فضله! وعلى فكرة جمر ماهيش بَعيدة عنيك، تفتكر الحاج حسّان المنصوري الراجل الطيب اللي ما كانش يفارجني واصل ومنين ما تعدي انت وابوك ولا أجيلكم كان ياجي معايّ...
فصاح شريف: بت عمي حسّان!
فأومأ الشيخ برأسه أن نعم، فإبتسم شريف قائلًا: كن الدنيا دي صغيرة صُح، يلا بينا نكمل حديتنا ف الطريج..
_ يلا يا ولدي.....
.......................

الفصل الواحد والعشرون من هنا 







بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-