Ads by Google X

رواية بعد الليل الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم نهال عبد الواحد



رواية بعد الليل الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم نهال عبد الواحد 






ج(
ذهب الثلاثة الشيخ مجاهد، قمر و شريف، ركبوا جميعًا سيارة تذهب بهم إلى المدينة ثم ركبوا بأخرى ليذهبوا إلى مقصدهم.
وصلوا إلى المنطقة التعليمية المقصودة، انتظروا بعض الوقت ثم دخل شريف أولًا وبعد قليل دعا قمر إلى الدخول وعرّفها بأحد الأشخاص ثم تركها لتملأ بعض البيانات والإستمارات، انتظر بالخارج مع الشيخ مجاهد والذي بدا ممتنًا له قائلًا: والله يا ولدي ما عارف أجولك إيه!
_ ما تجولش حاجة يا عمي، أنا عملت إكده من جبل مااعرف هي تُبجى مين اشحال دلجيتي!
ثم تابع قائلًا: لكن كيف يا عمي تجبل إن بت عم حسّان تتلطّم ف الشارع وتجعد تبيع ف سوج الخضار و تخدّم ف البيوت.
_ عتجول إيه يا ولدي! تخدّم ف البيوت! 
ربي يشهد على كلامي إتحايلت عليها كد إيه عشان تجعد لكن هي اللي صَمَمت إنها تخرج وتشتغل، ووالله جلبي واجعني عليها وأنا شايفها شجيانة إكده! لكن تخدّم ف البيوت دي موضوع مااعرِفش عنيه حاجة واصل!
_ أمي جابلتها ف السوج و بجيت تاجيلها يوم كل سَبوع تروِج و تنضِّف.
_ لا والله ما عندي خبر بالموضوع دي!
_ عمومًا زين إنها جت ف أمي لأنها حبيتها ودخلت جلبها كيف ما بتجول والفكرة إنها عايزاها جارها وبس، لكن أنا ما يرضنيش كل النظام دي.
_ طب و العمل يا ولدي! جمر نفسها عزيزة جوي وماعتجبلش مساعدة من حد ابدًا.
_ فين عمامها و رجّالة العيلة أمال؟! ولا العيلة دي ما فيهاش راجل؟!
_ كنّك جولت الحج، الحريم هي المتسلطة ومخفلجين الأمور كلاتها.
_ و دي يرضي ربنا برضو يا عمي!
_ لا طبعًا، إنت عتفكر ف إيه طيب!
وهنا خرجت قمر يزين وجهها أروع ابتسامة رأتها عيناه وإن كان أغضبه ذلك الذي ينظر إليها من الداخل، فبشّ في وجهها ثم قال: دلجيتي عنروح نجيب الكتب، ومن الي









وم ورايح مفيش شغل ف السوج نهائي.
فاختفت ابتسامتها قليلاً ثم قالت مترددة: كيف دي يا أستاذ؟! ماهو يعني...  يعني...
فقاطعها قائلًا: بصي يا جمر في ترتيب إكده ف راسي، بس إسمعي الكلام.
_ ترتيب إيه!
فابتسم واستدار بوجهه عنها ثم أعاده إليها بحركة لطيفة قائلًا: ماانا ماكنتش عايز أجولك جبل ما اتفج، لكن شكلك ما وثجاش فيّ!
_ لا والله يا أستاذ! بس يعني عِندي فضول أعرِف.
_ بصي يا ستي، في ناس حداها عيال ماشية بالزج ف الدراسة و الأمهات كيف ماانتِ واعية ما حداهمش غير يزربوا ف عيال و يطلجوهم ف الشارع، كون العيل ذاكَر ما ذاكَرشي ما عيفرجش معاها، العيال دي محتاجة مدرس يتابعهم في واجباتهم، يسمّعلهم و يتوكد إنهم تمام، وطبعًا ماعيرضوش يجيبوا مدرس راجل عشان حرمة البيت يعني، لكن لو في بنتة زينة وبنت ناس وأخلاج يُبجى ليه لا؟!
_ تجصدي انا يا أستاذ!
_ إيه! كنّك ما عتعرفيش تذاكَري لعيال ف إبتدائي!
_ لا بعرِف، ده حتى كُت سواعي بذاكَر لولاد أخوي.
وهنا تدخل الشيخ متسآلًا: لكن يا ولدي عتدخل بيوت ناس غريبة!
_ إطمن يا حاج، ما عتعتبش غير بيوت ناس أنا واثج فيها، المهم دلجيتي إنك تاكلي الكتب أكل وأي وجت إحتاجتي لمساعدتي جولي لعم الشيخ وأجيلك عِنده ف بيته أفهملك اللي مش فاهماه.
_ ألف شكر يا أستاذ، والله ماعارفة أجولك إيه بكل جمايلك دي!
قالتها على استحياء ووجهها يتورد ويزداد توردًا من شدة خجلها، وهو يجاهد نفسه لألا يطيل النظر في وجهها، لكنه يتلفت حوله من حينٍ لآخر وكلما لاحظ أحدهم يتطلع لها يرمقه بنظرة حارقة.
فأجابها معترضًا: جمايل! يبجى ما تجوليش حاجة واسمعي الكلام وبس، يلا همي عشان نجيب الكتب.
بالفعل ذهبوا وأحضروا الكتب، وبعد الكثير من التشكرات غادر الشيخ مجاهد مع قمر التي كادت أن تلمس النجوم من شدة سعادتها.
جلست قمر من يومها في غرفة أمها طوال الوقت تذاكر وتحفظ كل المواد وتستعين بمشاهدة البرامج التعليمية في فهمها.
ومرت عدة أيام انتظر فيها شريف أن تستعين به قمر لكنه لم يحدث مما زاد من اندهاشه، لكنه قد رتّب لها بضع مواعيد لتذاكر للأطفال كما اتفق معها.
لكنه لم يعد يفهم نفسه هل يزداد إعجابًا بإصرارها على النجاح و الإعتماد على نفسها؟!
أم إنه يزداد تعلّقًا واشتياقًا لها؟!
فقد اشتاق لها بحق، غيابها عنه تلك الأيام القليلة كان كافٍ لتوليد شوق كبير، لم يتوقع نفسه يومًا أن يشعر بتلك المشاعر، تلك المشاعر التي طالما كتب عنها وأبدع في وصفها دون أن يحياها أو يتذوق مذاقها يومًا، حتى كل الفتيات الذي تقدم لخطبتهن لمجرد أن أمه ترشحهن له واحدة تلو الأخرى و










 يذهب معها دون أي انطباع فقط يستخير و يوكّل أمره لربه، حتى زيجته التي لم تتم فيها ليلة الدخلة كذلك!
كان فقط يستخير وينتظر لأين تأخذ به المقادير، أما هذه المرة فقد اقتحمته تلك الصغيرة على غير موعد، وكلما اشتاق لها استخار ربه من جديد لربما يصرفها عنه مثل غيرها، لكنه كان يجد نفسه ينغمس في بحور العشق يومًا بعد يوم، ولكن...

و ذات يوم اتجه لبيت الشيخ ليخبره بمواعيد عمل قمر ثم سأله:  هي جمر ما شيعتلكش إنها عايزاني، أجصد حاجة واجفة معاها يعني و محتاجة أشرحها!
فابتسم الشيخ و كأنه قد قرأ ما بداخله: لا والله يا ولدي! ده أنا نفسي اتوحشتها جوي، من يوم ما كنا مع بعض مااتخيلتش بها، كنّها عزلت نفسيها عن الدنيا كلاتها وجعدت ويا كتبها!
_ للدرجة دي عتحب العلام!
_ ياه! ده أبوها الله يرحمه كان عيحكي دايمًا عن حبها للعلام وكيف هي عتذاكر كيف ما عيجولوا الموس!
_ ايوة يا عمي بس دي ثانوية عامة ولزمن حد يتابعها.
فأطال الشيخ النظر في وجه شريف فاخفض بصره مسرعًا هربًا من هاتين العينين الحكيمتين اللتين قرأتا مكنونات النفوس، حاول أن يتحدث معه في أي شيء آخر ويحيد عن سيرة قمر لكنه كان دائم التلعثم فاضطر أن يستأذن منصرفًا بعد أن أكد على مواعيد قمر، و الذي قام بالفعل بإخبار قمر بعدها.










وجاء اليوم الذي لديها موعد حسب ما أخبر به شريف، و قد طلت اليوم بفستان من اللون الرمادي وحجاب من اللون الوردي الذي نضح على وجنتيها فكأنما أصبغهما الحجاب الوردي مع شفتيها، وتكتمل اللوحة بعينيها المكتحلتين.
وما أن لمحها شريف حتى شعر وكأنما فقد عقله للحظات بل ربما فقد وعيه فلم يعد يعي بأي شيء يدور من حوله.
حتى وقفت أمامه مباشرةً وكانت تتأمله هي الأخرى فقد ظهر أنيقًا هو الآخر؛ فقد كان يرتدى بنطالاً من الجينز الأسود و(بلوفر)  من اللون البنفسجي الداكن وأسفل منه تظهر ياقة قميصه الأبيض، أما عن رائحة عطره تلك المرة فهي مختلفة تمامًا عن المرة السابقة لكن تبدو أروع بل إنها لتتشابه كثيرًا مع رائحة عطر أبيها الراحل فلم تمنع نفسها من إظهار ذلك الإنسجام الواضح من رائحة العطر من إغماضها لعينيها بساحرية شديدة، لكن سرعان ما استعاد كلًا منهما رشده.
_ السلام عليكم ورحمة الله، إزيك يا أستاذ!
_  الحمد لله!
ثم قال بلهجة مختلفة يشوبها الغضب والاعتراض: إيه اللي عملاه ف روحك دي يا جمر!
فتفاجأت بحديثه ثم أجابت بتحرّج: في إيه يا أستاذ! ده حتى الفستان جديد، كان نجاوة أمي الله يرحمها في جهازي بس والله لساه بشوكه؛ أصل ما كنتش عطلع واصل.
فبدا على وجهه بعض الغضب فمسح وجهه ربما يهدأ و هو يردف: بزياداكِ السيرة دي.
ثم زفر وتابع بأسلوب أكثر هدوءًا: كيف مذاكرتك؟ ماشية ولا إيه!
_ نحمد الله!
أجابت بابتسامة.
_ يعني مفيش حاجة وجفت معاكِ إكده ولا إكده!
_ بصراحة أنا خت جهاز كومبيوتر كان جديم ولاد أخوي ركنينه، شغِّلته و عتفرِّج على البرامج التعليمية وتنّي أعيد و أزيد لحد ماعفهم.
فابتسم و حرّك رأسه بأن لا فائدة، ثم أشار بيده لتتقدم وتمشي، ثم اتجها للبيت المراد.
و في يومٍ آخر جاءت قمر ليوّصلها لبيتٍ آخر وقد جاءت بفستان قطيفي خليط بين الأبيض والأسود مع حجاب أسود اللون ولم تكتحل اليوم لكن مهما فعلت أين يذهب جمالها الذي يطل من خلف أي شيء، حتى من خلف الهموم!
و كان هو منتظرها ببنطال جينز و كنزة رمادية داكنة ومن تحته يظهر قميصٌ لبني، فكان الانبهار متبادل وإن كان انبهار شريف أكثر .







_ وبعدين معاكِ يا جمر!
_ ماهو أسود هو يا أستاذ!
_ أسود!  ما تعرِفيش إن الجمر ما بيبانش جماله غير وسط العتمة و السواد!
فأخفضت نظرها لأسفل في حرجٍ شديد وقالت بصوتٍ يكاد يختفي من شدة التحرج: وبعدين وياك انت يا أستاذ!
_ كنّي ماليش حج يا ست البنتة!
_ بنتة!
_ أنا شايفك إكده، بنتة ما تمتش الواحد والعشرين سنة حتى لو كنتِ عزَبة لكن لساكِ ببراءتك، كنّك ما عتشوفيش بنتة اليامين دول عينيهم غليضة كد إيه!
فازدادت ارتباكًا وخجلًا، صارت تتلاقط أنفاسها بالكاد من شدة ذلك الإرتباك فخرج صوتها متحشرجًا للغاية: طب يلا أحسن عنتأخِّر.
_ يلا!
هكذا يتأكد بكل إحساسه وكيانه أنه يحبها ويهيم بها أشد من هيام قيس بليلى وعنترة لعبلة.
ويسرع ليكتب كلماته الجديدة التي يعلنها صراحةً:
أَلِـــفٌ ضَمَــــةُ أُ
مَتَـى و كَيْــف؟!
أَلِـــفٌ ضَمَــــةُ أُ
رَقِيــقَةٌ هَادِئَـــةٌ
بَسْمَتُهَــا رَائِعَــةٌ
بِقَدَرِهَــا رَاضِيَّةٌ
عَزِيـزَةٌ مُتَعَفِّفَـةٌ
فَتَحْسَبُهَا غَنِيَّـةٌ
أَلِـــفٌ ضَمَــــةُ أُ
أُحِبُّـكِ وَ أُحِبُّـكِ
وَ لِآَخِرُ نَفْسٍ لِي
أَتَمَنَــى جُــوَارِك
أَتَمَنَــاكِ سَكَنِـــي
أَرْجُـوكِ مَوْطِنِــي 
تُرَى لَوْ كُنْتُ أَيْضًا
أَهْلَـكِ و مَوْطِنِــكِ
حَبِيبَتَــــي أَجَــــلْ
أَلِـــفٌ ضَمَّـــــــةُ أُُ
أُحِــــــــبُّـــــــــــكِ



لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-