Ads by Google X

رواية بعد الليل الفصل الثاني 2 بقلم نهال عبد الواحد



رواية بعد الليل الفصل الثاني 2 بقلم نهال عبد الواحد 





( بعد الليل) 
الفصل الثاني
بقلم نهال عبدالواحد

استكملت ذلك العام الدراسي بصعوبة بالغة سواء بسبب ما مرت به من ظروف افتقاد والدها و وفاته أو بسبب ضيق العيش، لكنها في النهاية قد نجحت و حصلت على درجات لا بأس بها.
دخلت البيت تحمل شهادة درجاتها هذه المرة، لكن بدون فرحة ولا سعادة، تتلفت حولها تشعر بطيف أبيها و رائحته تملأ المكان، كأنها تسمع صوته الحنون يبارك لها و يسمعها أعذب كلمات الإطراء و الدلال، بل وكأنها تراه جالسًا على الأريكة أمامها، فأسرعت لتنعم بدفء حضنه... لكن وجدت نفسها تحتضن نفسها... 
لا أحد... فراغ... وحدة... كآبة... ضيق صدر... وسواد لأبعد الحدود.
وبينما هي على حالتها جالسة ممسكة بشهادتها فكت حجابها وتركته متبعثرًا على رأسها ناظرة إلى اللامكان، دخل عليها أخوها وامرأته وأمها فانتبهت لهم سريعًا و مسحت تلك الدمعة التي فرت على خلسةٍ منها.
ثم تصنعت الإبتسام و مدت يدها بالشهادة لأخيها: نجحت الحمد لله.
فأخذها منها و جلس جوارها و ربت على كتفها دون أن ينظر داخل الشهادة وقال: مبروك يا جمر.
بينما قبلتها أمها على و جنتيها وقالت هي الأخرى: مبروك يا بت بطني.
فأومأت برأسها لهم وقالت بصوتٍ متحشرج محاولةً كتم عبراتها: الله يبارك فيكم.
ثم ابتلعت ريقها و هي تفتح عينيها لتمنعهما من زرف الدمع.
فقال ضياء بجدية: كنت عايزك في موضوع إكده يا بت بوي.
فأجابت بقلق: خير يا خوي.
فقال: كِيف ماانتِ واعية الدكانة خربت وماعادتش جايبة همها.
فقالت قمر: ما جولتلّك أجف فيها أنا.
فصاح فيها قائلًا: والناس تاكل وشنا.
فأجابت: مالناش صالح، الناس لا عتوكِلنا ولا عتشرِبنا.
فقالت الأم: ما عيصوحش يا بنيتي يبجى البيت فيه راجل و البنية تجف ف دكانة!
فقالت قمر: ما هو مافاضيش يامّي، طب أجولك شوف واد زين إكده، واد حلال يكون أمين ويجف هو ف الدكانة و ياخد أجرته.
فقال ضياء: وهي الدكانة بتكسب كام يعني عشان نوزِع إهني و إهني!
فقالت قمر بتنهيدة: كنّك بتسددها يابو خوه!
فتنهد وقال بتوتر ظاهر: أنا جررت أبيع الدكانة وخلص الحديت على إكده.
فقالت له: وانت جاي اتشورنا ولا بتعرِّفنا!
فقال ضياء: ما هتفرجش، وعمومًا ما تخافيشي ما عكلش حجك.
فرمقته بحزن وقالت تعتب عليه: هو دي ظنك بيّ يا ضيا!

سكت قليلًا ثم قال: كنت جَدمت على سفرية للسعودية، عسافر و اشتغل هناك مدرس برضيك، وكنت ناعي همك بصراحة يا بت بوي.
فقالت: تروح و تاجي بالسلامة...
ثم أكملت بعدم فهم: تنعى همنا ليه؟! إحنا جاعدين ف بيتنا كافيين خيرنا شرنا وأول ما الدراسة تبدأ عنشغل في مذاكرتي.

فقال: ما دي موضوع تاني.
فقالت بعدم فهم مرة أخرى: موضوع إيه!
فنظر ثلاثتهم لبعضهم البعض، وهي أيضًا تنظر نحوهم و يتأكد حدسها بأن القادم ليس بخير على الإطلاق.
فقالت مكررة: ما تُنطج يا خوي.
فقالت عبير (امرأة أخيها): بصي يا جمر، هو ضيا عايز يجولك هو وأمي حسنية إن يعني، البنتة مالهاش ف الآخر غير بيتها و جوزها و مهما كان علامك فماحدش حدانا عيشغل مرته، يبجى بناجصه.
فصاحت فيها: بناجص إيه! بتجول إيه مرتك الخرفانة دي؟!
فقالت عبير بمسكنة مصطنعة: أني خرفانة! الله يسامحك!
فقالت قمر: ما جصديش، لكن انتِ برضيكِ فورتي دمي بحديتك الماسخ دي.
فتدخل ضياء قائلًا: حديتها مش ماسخ يا جمر، هي عتجول عين العجل.
فقالت باستفهام: عين العجل!
فأكمل قائلًا: ودي باجي حديتي وياكِ، في عريس طالب يدك مني و أنا وافجت عليه، يُبجى مالوش عازة علامك دي.
فصاحت فيه: عريس إيه! إيه الحديت دي!
فقال: دلجيتي ما يجدر عل جُدرة إلا صاحب الجُدرة، وأنا مسافَر و ماهطمنش عليكِ إلا وانتِ ف ذمة راجل، و طبعًا ما عينفعش تسيبي بيتك وجوزك وتروحي المدرسة يبجي نكفي عل خبر ماجور و انتهينا.
فقالت بصوتٍ مختنق بالبكاء: يعني لا أحجج حلمي واكمل علامي، حتى جوازتي أتجوز راجل والسلام!
فقال ضياء بتهكم: إياكِ تكوني واعية إن العيشة كيف المسلسلات اللي عتشفوها! لا، دي حاجات ترفيهية يعني تسرح بعجولكم، لكن لا في حب ولا كل اللي عتشوفيه دي، مااني جدامك أهو متجوز البجرة بت عمك دي وأدينا عايشين بجالنا كام سنة، عمرك شوفتينا كيف المسلسلات اللي عتشوفيها، يا حبيبتي الحريم كلهم واحد والجواز كلاته واحد ما هيفرجش حاجة واصل، غير إنك فلجة جمر صُح.

فقالت عبير معاتبة: أمال أنا إيه يا ضيا!
فأجابها: إنتِ فَجر مصور العيار ما يخلعش عينك، إش جابك إنتِ لجمر الجمر دي.
فازدادت غيظًا حاولت اخفاءه ثم قالت: مبروك عليكِ يا بت عمي.
فقالت قمر: مبروك إيه!
فقالت عبير بمكر: لا مالكيش حج يا جمر، بجي عايزة تكسري فرحتنا! ولا كنّك ما عتفكريش غير ف نفسك! يا حبيبتي عيشي عيشة أهلك وبلاش ترفعي منخارك ف السما.

فقالت الأم بصوتٍ حانٍ: هه يا حبيبتي! جولتي إيه!
فنظرت إليهم جميعًا ثم أغمضت عينيها وقالت: عجول إيه! ما انتو جولتو كل حاجة.
فقال ضياء: والله جولت إنك عاجلة و ما عتركبيش دماغك!
فأكملت عبير قائلة: وا! تركب دماغها و تكسّر كلمة أخوها الكَبير! ده ما عيحصلش واصل.

فقال ضياء بسعادة: وما تخافيشي كل اللي نفسك فيه عجيبهولك من نصيبك في دكانة أبوكِ، ما جولتلّك مش عاكل حجك، وإن شاء الله عنلحج نخلص شوارك خلال الشهر دي.
فقالت بصدمة: شهر!
فقال ضياء: يا دوب عشان ألحج أحضر جبل السفر، ده أنا يادوب عحضر الصباحية، لا عحضر السَبوع ولا الأربعين، الناس عتاجي في الليل بعد العشا يتحددتم و نتفج ع الدهب و كافة شيء عشان نلحج نشتروا الدهبات، عايزكم تجهزوا كل حاجة.
فقالت عبير تتصنع السعادة: كافة شيء عيكون جاهز، هو إحنا عندينا كام جمر.

فقالت حسنية تربت عليها: تعيشي يا حبيبتي، ودي العشم.
نظرت بقهر بينهم و قد تحقق حدسها، ثم تركتهم متجهة لغرفتها في الأعلى محاولة التفكير في ذلك الكهف المظلم الذي ستدخله و تمضي فيه باقي حياتها، لقد خسرت كل شيء منذ أن خسرت أباها، فلا تعليم ولا حتى زوج ترغب فيه... يبدو أن الليل يهجم بظلامه قبل أوانه!
وفي المساء جاء العريس و أهله، زينتها امرأة أخيها و أصرت على تزينها فأصبحت لا تعرف نفسها في المرآة من كثرة تلك الخطوط الملونة.

جلست معهم مثل المقعد الجالسة عليه لم تتحدث إلا بعض الكلمات العابرة عند الضرورة فقط، اتفق الرجال اتفاقاتهم المعهودة و دفع العريس لأهل العروس ثمن كسوتها كما هو المتعارف عليه و تم تحديد موعد شراء الذهب كما حُدد ثمن الذهب و قد كان أغلى من أي فتاة في عائلتها وقد زاد ذلك من غيظ عبير، فلم يُشترى لها ذهب بذلك السعر؛ فلأنها ابنة عمه فاشتري لها الذهب بسعر أقل من المتعارف عليه وباقي فتيات العائلة أيضًا هكذا حيث تزوجن من أبناء عمومتهن فلم يُشترى لأيهن بمثل ذلك السعر فازداد حنق الجميع عندما علموا، وظلت الحوارات بين بنات العائلة ذاهبة وآيبة في هذا الموضوع.
مرت الأيام و قد تم شراء الذهب، مستلزمات الزواج و جهاز العروس كما هو المتعارف عليه لديهم، أن العروس تشتري فقط الأجهزة، الأواني و فرش المنزل أما العريس فيشتري باقي مستلزمات الشقة وكسوة العروس أيضًا.
لم تكن قمر قد اجتمعت بعريسها سوى بضع مرات دون أن تدقق في ملامحه فلم تُحفر في رأسها و لم تتذكرها نهائيًا، كما لم يكن بينهما أي أحاديث.
وبدأت استعدادت بيت العروس قبل الفرح من خبز لأنواع الخبز، البسكويت، الناعم ( الكعك) و الفايش، وذلك اشترك فيه نساء العائلة من باب المجاملة -أن تحضر خبيز فلانة-

حتى جاء يوم الحنة و قد ذهب الجميع لبيت العروس لإتمام فرشها و الذهاب بشتى المخبوزات، كميات الخبز المهولة التي يخبزها أهل العروس لتقدّم للمدعويين في الحنة في بيت العريس، يوم الفرح وفي الصباحية، و هذا غير خزين كامل للبيت من شتى الأشياء (سكر ، شاي ، أرز ،سمن ،... ) كميات من اللحوم و الطيور.
أما العروس فلا تطأ بقدمها لبيتها إلا يوم دخلتها متفاجئة بكل شيء، لكن قبل ذلك لا تعرف عنها أي شيء.....
ثم عادت قمر من شرودها على صوت من حولها يزرغدون؛ فالعريس قد جاء ليصعد بعروسه، وفجأة و جدته أمامها يبتسم بابتسامة سمجة، مد يده نحوها لتمسك بيده ثم وقفت، وعلى غفلةٍ وضع إحدى يديه خلف ظهرها و الأخرى أسفل فخذها و حملها مسرعًا وصعد بها لأعلى، شعرت به كحمّال المحطة يسرع بحمل الحقائب قبل انطلاق القطار!
ارتجفت و ارتعشت خوفًا، ليس لديها أي تصور عن حياتها معه وأقصد معه كرجل غريب عنها.
صعد العريس بعروسه وسط زغاريد عالية وأصوات تشجيعية من المدعويين، دخل شقتهما ثم أسرع بها نحو غرفتهما و أغلق الباب خلفه بالمفتاح، ازداد ارتعاش جسدها و نظرات الخوف و التوسل ظاهرة على ملامحها.
لكن ذلك العريس كان خارج نطاق الخدمة فكل تركيزه و حواسه كان منصبًا حول آداء مهمة بعينها ليهبط و يكمل سهرته مع باقي الرجال متفاخرًا.
فألقى بها فوق الفراش و بسرعة خلع بذته و هي تطرف بعينيها تفتحهما و تغلقهما؛ ربما كانت نائمة، ربما كان كابوسًا وحان وقت الإستيقاظ...
لكن لم يمهلها و بسرعة انقض عليها فشد طرحتها حتى أن الدبابيس الخاصة بها قد علقت بشعرها فجذبها دون أدنى إحساس فآلمتها فتأوهت قليلًا، فإزداد لهيبه و رغبته فيها.
جذب فستانها بسرعة فتمزق في يده فلم يلقي بالًا وأكمل نزعه وألقى به على طول يده، ثم انقض ينهل من جسدها بقدر ما يستطيع وكأن أحدهم يركض خلفه لينتهي أو ربما أحدهم يمسك بيده ساعة إيقاف وقد حدد له وقتًا بعينه فيريد الإنتهاء قبل إنتهاء الوقت!

أما هي فقد تشنّج جسدها كأنها مخدرة، أو ربما تمنت ذلك، بل تمنت ما هو أفظع تمنت أن تموت الآن، لا تطيق لمساته، لا تطيق اقترابه ولا رائحة أنفاسه الكريهة المختلطة بشرب النارجيلة أو ربما شيئًا آخر كالحشيش ومشتقاته!

وبعد أن افترس الحيوان فريسته دون أدنى شفقة، نهض هذا الزوج و هو يضحك فخورًا بنفسه ثم تركها واتجه نحو الحمام و صوت دندته يصم أذنها، ثم خرج مرتديًا جلبابًا أبيض اللون ليهبط في الأسفل و يكمل سهرته مع باقي الرجال متفاخرًا بدخلته على عروسه.

وقبل أن يفتح باب الغرفة التفت إليها و هي لازالت على وضعها لا تحرّك ساكناً غارقة في دماءها التي اصطبغ بها لون الفراش، و وجهها الذي صار كالخريطة من أثر مساحيق التجميل التي سالت مع دموعها، وشعرها المتبعثر.
فقهقه ثم قال لها: همّي يا بت جومي استري نفسك و غيري فرش السَرير دي، الحريم زمناتها طالعة تجعد معاكِ عشان تعرف أمجاد محمد عبد الحفيظ، جوزك! جومي يا عروسة!

قال الأخيرة و هو يمط في صوته و يقهقه ببشاعة، ولما لم يجد منها أي رد ولا حركة جذب الغطاء فغطاها وفتح الباب وهو يدندن مغنيًا مصفقًا بيديه، ثم سُمِع أصوات زغاريد بالخارج و مباركات.
مباركات!
لقد تم ذبح ضحيته بنجاح!

أما قمر فظلت على وضعها لا تحرك ساكنًا، شعرت برغبة في الصراخ و تحطيم هذا البيت بالكامل، بل تنظر لجسدها متمنية لو تقشر طبقات جلدها التي تطاول عليها، تمنت لو تزيلها و لكن........

.......................
........................................


الفصل الثالث من هنا 




 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-