Ads by Google X

رواية بعد الليل الفصل الرابع 4 بقلم نهال عبد الواحد



رواية بعد الليل الفصل الرابع 4 بقلم نهال عبد الواحد 





 ( بعد الليل) 
الفصل الرابع
بقلم نهال عبدالواحد

مرت عدة أيام ولا جديد في حياة قمر سوى مزيد من لحظاتٍ تذبحها وتشعرها بأقسى أنواع القهر تحت مسمى الحقوق الزوجية.
بينما أخوها قد سافر قبل إتمام الأسبوع الأول من زواجها، جاءتها أمها وبعض من أهلها يحملون زيارة من أساسيات البيت من سكر، شاي، دقيق ولحم و....
وبعد مُضيّ الأسبوع الأول خرج محمد زوجها لعمله وكان له ورشة ميكانيكا يعمل فيها قرب البيت، فهبطت قمر من شقتها أخيرًا فوجدت البيت بالأسفل فوضويًا متسخًا من أثر حفل الزفاف، كانت تنظر حولها باشمئزاز من تلك الفوضى، حتى جاءتها حماتها فوزية.
_ مالك واجفة إكده!
_ إصباح الخير عليكِ يامّي.
فنظرت إليها متفحصة من رأسها لأخمص قدميها وقد كانت مرتدية جلباب ذات أكمام طويلة و على رأسها وشاحًا تعقد به شعرها و تقعصه للخلف .
فلوت المرأة شفتيها قائلة: ودي شكل عروسة ولا لبس عروسة!
فأجابتها على استحياء: يامّي الكلام دي جوة شجتي مش إهني، إفردي حد جِه إكده ولا إكده أبجى مستورة، ربي يسترنا دنيا و آخرة!
فلوت شفتيها مجددًا ثم قالت: تنّك تطلعي حواليكي إكده!
فقالت بتردد: أصل يعني البيت... أصل...
فصاحت فيها أفزعتها قائلة: ماله البيت يا بت المنصوري! ما عجبكيش ولا ما عجبكيش؟!
فقالت و هي ترتجف: لا.. ما... ما... اجصدش... جصدي إكمنه مهرجل يعني..
فصاحت فيها: بردك ما عجبكيش! همّي يا ختي وإتشمللي و روجي مش دي مكان ليلتك!
فصدمها الكلام ولم تعرف بماذا تجيبها لكنها ظلت واقفة مكانها دون حراك، حتى صاحت فيها مجددًا: يا بت همّي يلا و روِجي...
فأسرعت قمر ترتب و تنظف البيت، فكثرة العمل مهما بلغت في النهاية لا تكون مؤلمة للغاية مثل ألم سوء المعاملة!

لم تفهم إن كانت غير راضية عنها لماذا زوّجتها لإبنها!

وبينما كانت ترتب البيت إذ سمعت أصوات صياح رجالية فتوقفت عن العمل والتفتت ترى ما الذي يحدث؟
لتجد الأب، والد زوجها يحمله بعض الرجال وقدمه مجبّرة بالجبس يبدو أنه قد سقط و أصيبت قدمه.
أسرعت نحوهم زوجته فوزية بالصريخ والعويل، ثم أدخله الرجال لغرفته و غادروا جميعًا، فتعجبت قمر كيف يجئ كل هؤلاء ويطؤن بأقدامهم البيت دون ضيافة حتى دون أن يقدّم لهم الشاي على الأقل!
فهذه هي العادات من يدخل بيت أحدهم يُكرم بالطعام والشراب، فلا يهم من يكون المهم أن يُكرَم هذا الضيف حتى لو بكوبٍ من الشاي.

دخلت قمر الغرفة فاقتربت من الفراش الموضوع عليه الرجل وقالت بتأثّر: سلامتك يا عمي.
وكان الرجل يتأوه فأجاب متوعكًا: الله يسل......
فقاطعتها حماتها صياحًا: وكمانِ ليكِ عين تاجي برجلك لحد إهني!
فوجمت دون فهم: هه!
فأكملت المرأة صياحها: كنّك ما وعياش لجدمك الشوم يا بومة!

فتفاجئت قمر و تملكتها الصدمة وتسآلت: جدمي شوم!
_ ما كمَلتيش سبوعين و الراجل رجله إنصابت، أمال لو جعدتي أكتر من إكده عتعملي فينا إيه؟
_ و أنا ذنبي إيه يامّي؟
_الحريم دول أجدام و عتب، و إنتِ جدمك إمحنّي يا ما شاء الله! غوري يلا كملي اللي وراكي.
و جاءت بعد ذلك بناتها واحدة تلو الأخرى توبخنها و كأنها هي التي ألقت بالرجل وتسببت في كسر قدمه.

و عندما جاء زوجها في الليل و قدّمت له الطعام، انتظرته لينتهي أولًا؛ تريد أن تشكوه من ذلك الظلم الذي جنته اليوم، لكنه لم يمهلها و بمجرد انتهاءه من طعامه حتى هجم عليها ذلك الكائن الحيواني ليطفئ رغباته الجامحة التي لا تهدأ قبل حتى أن يغتسل من أثر عرق العمل ولا أثر الطعام، لتكتمل منظومة العذاب!

و مرت الأيام على هذا الحال وهي من السييء للأسوأ، مجهود شاق طوال اليوم و قلة طعام فقد كانت تلك المرأة تتعمّد إغضابها فتترك الطعام دون أن تكمله، ليجئ زوجها ليلًا و هي تفقد ليس فقط شهيتها للطعام بل شهيتها للحياة بأكملها من أفعاله الوحشية معها، لكنها بعد فترة انتبهت لكمية الطعام التي تعطيها لها حماتها لابنها، إنها لا تكفي إلا لشخصٍ واحد، حتى تلك الورقة التي تضع فيها الشاي و السكر لتصنع لزوجها الشاي بعد الطعام، ما هي إلا لتكفي كوب واحد من الشاي!
وصل إليها معنى معين لكنها نفته عن رأسها في البداية، لكن للأسف هذه هي الحقيقة...
الأم بخيلة بالإضافة إلى حدة طباعها وبناتها تشبهنها، والأب في فراشه لا حول له ولا قوة، أما الزوج فكائن شهواني لا يجمعه بها إلا علاقة الفراش في أبشع صورها.
وذات يوم كانت قمر منهكة للغاية تكاد تخرّ مغشيًا عليها من شدة الإعياء فأخذت رغيف من الخبز مع قطعة من اللحم مزّقتها و فرشتها في الخبز، أكلتها ثم نهضت تكمل عملها.
ليجئ وقت الطعام وكأنها الطامّة الكبرى! وصوت صياح فوزية يرج البيت وهي تنادي على قمر بأسوأ الألفاظ النابية.
هرولت نحوها قمر مسرعة: خير يامّي!
_ و هياجي منين الخير؟ حبة الدجيج اللي حَطَتهملك يخبزوا عشرين رَغيف ناجصين رَغيف، و اللحم اللي سوتيها ناجصين حتة لحم...

قالتها ويديها في خصرها تتغنج بجسدها، فارتبكت قمر و أصابها حياءٌ شديد و كأنها قد اقترفت ذنبًا أن جائعة فأكلت!
فأجابت على استحياء: أصلي كنت جعانة فخدت حتة لحم و دستها في رَغيف.
فصاحت فيها: يدسّوكي ف التُرب عن جريب يا بَعيدة، رَغيف و حتة لحم!
و إنتِ ف بيت أبوكِ كنتوا عتاكلوا لحم كل يوم يا بت حسّان؟!
فقالت بحزن: لا، بس كان عندينا الخير كله، وجت ما الوَاحَد يجوع عيلاجي حاجة ياكلها، دي لو جاع من أساسه.
فجذبتها من ساعدها بقسوة: هو لسانك دي إيه! زي الفرجالّا عيرد كلمة بكلمة وبس، هي كلمة واحدة لو يدك إتمدت على وكل تاني غير اللي عديهولك، وكل! وكل إيه! و لا حتى معلجة شاي، عكسرلك يدك دي و هجطع خبرك خالص، فاهمة!

و دفعتها فكادت أن تسقط أرضًا لولا أن تمالكت نفسها، وقد تأكدت يقينًا من بخل و غلول تلك المرأة، فراحت تربط بطنها كلما جاعت بعد ذلك.
و كانت أمها و أهلها كما هي عادتهم كل فترة تجئ لزيارة ابنتها و معها زيارة من لوازم البيت بقدر ما تستطيع من شاي، سكر، لحم، دقيق أو طيور، لكن بعد فترة صار ذلك مرهقًا على أم قمر فكانت تدخّر معاش ابنتها من أبيها؛ فسرعة سفر ضياء أخيها لم تعطي الفرصة ليوثّق ذلك فينقطع معاشها؛ فحسب القوانين أن الفتاة بعد عقد قرانها لا تأخذ من معاش أبيها.
فكانت تدخره لها أمها و تذهب به و تعطيه لها لتشتري ما تريد لنفسها، وبالطبع قد لاحظت ما بابنتها لكن قمر أنكرت أي سوء ولم تفشي ما يحدث فيها حتى الآن و أخبرت أمها أنها فقط مرهقة فاستبشرت الأم و ذهب ظنها في مكانٍ آخر.
بعكس عبير والتي قرأت بدقة معاناة ابنة عمها وقد أسعدها ذلك كثيرًا فتذهب بعد ذلك وتقصّ كل شيء لبنات عموتها لإقامة حفلة شماتة جماعية، تُرى ما هذا السواد و الحقد الدفين من أقرب الناس؟!
فقط لأنها كانت متفوقة ومجتهدة و بعيدة الطموح أم لأنها تفوقهن جمالًا فكان الجميع يتمناها لولا حداثة عمرها، أم لأنها تفوقهن خلقًا و دينًا.
بالطبع كانت فوزية تلاحظ أن مجئ أم قمر صار بلا زيارة ولا أي شيء تحضره معها، ولم تكن على علمٍ بتلك الأموال التي تعطيها الأم لابنتها.
فدخلت عليهن وهي تتغنج بجسدها و حاجبيها ثم جلست أمامهن فتبادلن النظرات،
فقالت الأم بهدوء: كيفك يا أم محِمد و كيف أبو محِمد دلجيتي؟ ما تواخذنيش ما يصُحش ندخلوا عليه و إحنا حريم ف بعضينا، لما ياجي ضيا بإذن الله بألف سلامة نبجى ندخلوا ونطلوا عليه.
فصاحت فيها قائلة: وهو الراجل هيتنّوا راجد لحد ما المحروس ولدك يعاود! مَرَة ما عِندهاش عجل!
ثم قالت: كنّ رجلك خدت ع البيت رايحة جاية يعني!
ثم نظرت بعينها حولها تعني أنها صارت تجئ يديها صفرًا، وقد فهمت ذلك الأم فنكّست رأسها.
فغضبت قمر من فعلتها تلك فقالت: أمي جاية تطل عليّ يا مّي.
فأجابتها بتهكّم: ليه؟! عتشوفيني رايحة جاية على بناتي وهم الدار جار الدار!
فقالت قمر: لا، بس هم عياجوا إهني على طول، وأنا رجلي ما هوَبَتش لبيت أبويّ من يوم دخلت عنديكم.
فأجابتها: ومين فاضي يوديكي بلدكم؟!
ثم تثآءبت وقالت: آه الواحَد تعب إنهاردة جوي، جومي يا بت يا جمر عشان تاخدي العشا من تحت، جوزك زمانته راجع.
بالطبع نهضت الأم واقفة في حزن بينما نهضت عبير و قلبها يتراقص من داخلها رغم ما تبديه خلاف ذلك!
وانصرف أهلها و جلست قمر منتحبة فقد أُهينت أمها وطُردت من بيتها ولم تستطع فعل شيء..............
...................
...................................



الفصل الخامس من هنا 





 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-