![]() |
رواية عبق الفراشة (الفراشة البيضاء 2) الفصل الثالث 3 بقلم سارة نيلنوفيلا "عبق الفراشة" الفراشة البيضاء 2 ==================== [الفصل الثالث] اجثم الإرهاق على قلبه كالطَّوْد العظيم ليجلس خلف مكتبه زافرًا بحدة ... يحاول أن يُسكت أفكاره المزعجة التي تعيث به فسادًا فسحب فنجان القهوة خاصته يرتشف منه بشرود.. طرقات خفيفية على الباب تبعتها دخول العسكري مؤديًا تحيته العسكرية باحترام ثم هتف يُخبره:- - عمّار باشا تم تفتيش الزنزانة إللي كان فيها عامر وللأسف ملقناش أي حاجة غريبة.. كما هو متوقع، حرك رأسه وهو يُميل بجسده للأمام واستند بذراعيه على سطح المكتب قائلًا بوجه واجم:- - كنت متأكد من كدا، عمومًا مفيش مشكلة أنا عارف هطلعه إزاي من وسطهم.. آب العسكري يقول ببعض التردد:- - بصراحة يا باشا الحبس تحت مقلوب ومش عارفين نسيطر عليه.. مار الغضب على وجهه واستفهم متبرمًا بنظرة ساهمة:- - ليه إن شاء الله في أسد متسيب تحت ولا أيه.!! هتف العسكري بتلجلج:- - في محبوسة تحت قالبه الدنيا ومصرّه تقابل الظابط المسؤول، يعني عايزه تقابل حضرتك. وجيت علشان أهديها وأخليها تتهد بس هي.... صمت بخزي وهو يتحسس كدمة حمراء فوق فكه.. ضيق عمّار عينيه قبل أن يطرح سؤاله بتعجب:- - قامت علمت عليك.! دا أيه الهنا إللي إحنا فيه ده. استرسل يستفهم بنفاذ صبر:- - تهمتها أيه؟ أسرع العسكري قائلًا:- - هي دكتورة علاج طبيعي حد بلغ إنها بتبيع علاج للتخسيس غير مصرح بيه من وزارة الصحة ومضر جدًا على حياة الناس، ولم فتشوا بيتها وعيادتها لقوا كتير من العلاج ده والمختير أكد إن المواد إللي في العلاج فتاكه .. قضيتها تبع علاء باشا وهو ماقبلش حتى يحقق معاها أو يسمعها بعد التحليل الجنائي وهتتحول النيابة الأسبوع الجاي.. استقام عمّار واختلج قلبه بالغضب من تصرفات "علاء" المستهترة، تحرك بخطوات رتيبة نحو الشرفة ثم غمغم وهو يصرّ على أسنانه بعصبية:- - طلعهالي يا ابني. أطرق العكسري رأسه بإحترام وانصرف منفذًا أوامر رئيسه.. كانت تروح جيئةٍ وذهابًا بضراوة في وسط الزنزانة كالفهد الحبيس يمتقع وجهها بغضب عاصف لم تهمد حركتها تحت مراقبة باقي النسوة في إرتياب لشراستها بعدما لقنت العسكري درسًا مسددة له لكمة كادت تسقطه لمجرد أن أراد سحبها من ذراعها، ومن بين الحين والأخر تجأر عاليًا بأنها ستجعلهم يدفعون ثمن هذا وستُذيقهم الويل. قطع دكها على الأرض الصلبة دخول العسكري بوجه جامد قائلًا:- - الباشا فوق سمح بمقابلتك.. زجرته بنظرة مُميتة وتحركت تسير خارجة من الباب وجاء يرفع يده يُمسكها من ذراعها فألجمته بنظرة جعلته يُسقط يده بجانبه.. سارت بشموخ ورأس تكاد تلامس السماء تحت تعجب العسكري من عجرفتها وكأن ليست خارجة من وسط الزنزانة من بين المجرمين.. عندما وقف العسكري أمام الغرفة تخطته وسبقته إلى داخل الغرفة.. رفع عمّار رأسه بتعجب فلم يقرع أحد على الباب، وقعت أنظاره على فتاة متوسطة الطول ترتدي ثوب طويل فوقه حجاب، مظهرها لا ينم على أنها محتالة وعلى الأخص نظرة عينيها التي تقدح ثقة وثبات.. واصلت سيرها حتى جلست على المقعد أمام المكتب براحة وشموخ وتناولت كوب من الماء ثم أخذت ترتشفه بتلذذ تحت صدمة عمّار من وقاحتها.. أما العسكري فقد فغر فاه بذهول وجاء ينهرها لكن أوقفه عمّار وأشار له بالإنصراف.. تفحصها عمّار بدقة مُقطب الجبين وصدح صوته بسخرية:- - كلك ذوق والله .. تحبي تشربي أيه.! رفعت رأسها بعدما كانت تنفض ردائها من الغبار العالق به، ضمت حاجبيها وهي تهزّ رأسها لا تفهم مقصده .. لكن سرعان ما أدركت سخريته، أجابته بنبرة واثقة:- - ياريت فنجان قهوة، وتكون قهوة تركية لو اتفضلتوا علشان أصحصح كدا.. وأخذت تستنشق رائحة الهواء بنهم متابعة:- - الهواء ريحته قهوة.. أطرق عمار على المكتب فلم تجفل وظلت ثابتة وصاح يقول بتحذير:- - الزمي حدك يا أستاذة .. أيه الجرأة دي داخله ولا كأنك مذنبة وجايه تتفسحي. انبلجت إبتسامة على ثغرها وهززت كتفيها وقالت بجمود ونبرة قوية وهي تنظر له بنظرات ناقمة يتطاير منها الشرر:- - أولًا دكتورة .. دكتورة سرّاء مش أستاذة.. أيوا عيني قوية علشان معملتش حاجة ومش مجرمة علشان أقف قدام سعادتك زيّ المذنبة موطيه راسي وبفرك في صوابعي برعب.. محدش مذنب هنا ألا إنتوا.. محدش حقق معايا واعتبرتوني مذنبة، الضابط عديم الضمير إللي مشى حاله وحولني للنيابة من غير حتى ما يسمعني ولو لمرة واحدة.. هو دا شغلكم يا حضرة الظابط ولا أيه.! والأسوأ من كدا معاملة زباله زيّ المجرمين في زنزانة قذرة .. دي طريقة معاملة إنسانة محترمة.. اندهش عمار من صلابتها وثقتها، تحكم في غضبه من طريقتها المستفزة في الحديث والتي تطيح بثباته.. غمغم بسخرية:- - غرور حلو يا دكتورة إسراء، هو لو كل متهم قال أنا بريء صدقناه يبقى السجون هتفضى.. هتفت بأعين تقدح غضبًا:- - أولًا اسمي سرّاء مش إسراء ... سرّاء.. ثانيًا أنا مش متهمة.. أنا بريئة معملتش حاجة. مسح على وجهه ثم مال للأمام وافترّ جانب شفتيه عن إبتسامة خفيفة، تحمحم بخشونة متسائلًا:- - طب بالنسبة للعلاج إللي لقوه في العيادة وبيتك يا دكتورة؟! أجابته بتلقائية وهي تنظر داخل عينيه بكل ثقة:- - مدسوس يا حضرة الظابط من أعداء النجاح.. عاد بظهره للخلف وأطرق مُفكرًا بكلماتها التي تعصف بعقله، رفرفت بأهدابها وقالت بهدوء:- - تقدر تتحقق إنت من الموضوع.. أولًا عيادتي فيها كل الكشوفات وأسماء المتابعين بكل تفاصيلهم تقدر توصل لهم واحد واحد وتسألهم متابعين معايا من إمتى وتشوف العلاج إللي معاهم وتحلله كمان .. وتحللهم دم بحيث تعرف العلاج إللي واخدينه.. ومتابعين الاونلاين تقدر تتحقق منهم كمان.. كل الأقراص إللي بستخدمها أقراص عشبية لزيادة معدلات الحرق وتنشيطه مش أكتر.. كلها قهوة خضرة المورينجا وشاي أخضر ومنتجات كلها آمنة وصحية.. بالأضافة إنها طبيعية مش مضروبة وبأسعار معقولة.. تقدر تعرف دا بكل بساطة يا حضرة الظابط بس للأسف الظابط إللي مسؤول عن القضية مكلفش نفسه حتى يسمعني.. ضيق عينيه لبُرهة وهو يسجل حديثها داخل عقله، وقال بتساؤل مهندم:- - طب أيه سبب الشهرة الواسعة إللي اتشهرتيها فجأة كدا وعياداتك إللي اتملت فجأة بردوه..؟ ابتسمت بهدوء وقالت برزانة متنهدة:- - مفيش حاجة بتيجي مرة واحدة يا حضرة الظابط.. كل الحكاية إن الناس بتاخد بالها منك لما تظهر لكن محدش يعرف إللي مريت بيه والمراحل إللي وصلتك لكدا، يعني محدش عارف إللي ورا الحكاية والكواليس أيه.. أولًا التوفيق من الله ولكل مجتهد نصيب. ثانيًا ويمكن دا سبب الضجة إللي حصلت.. أنا بتبع إستراتيجية معينة مع المتابعين بتوعي، بنزل لهم، قبل ما أديهم النظام إللي هيتبعوه بقرب منهم وبعرف نقطة ضعف كل واحد فيهم.. بدعمهم نفسيًا قبل أي حاجة، بخليهم يحبوا نفسهم زي ما همّا وهما مش محتاجين يغيروا من نفسهم علشان أي حدّ، بس نفسهم تستاهل.. بشجعهم وأحفزهم وكل يوم في عيادتي لازم يبقى في درس تحفيزي مش فلسفي.. وبنعمل مجموعات متنافسة وبتكون المنافسة من نار.. يعني مش بتعامل إن دكتورة ولازم ينفذوا إللي بقول عليه، لأ بعلمهم يحطوا نظامهم هما لنفسهم ويحسبوا سعراتهم.. وبتكون في جوايز للفايز، وكمان بننزل رحلات مع بعض ونكافئ نفسنا.. الموضوع مش مجرد ماديات ولا شهرة.. كل إللي في الموضع حُب ومودة.. دا كل الموضوع .. دا إجتهادي والتوفيق والقبول من الله ... الموضوع أبسط من كل الكلكعة إللي إنتوا عملتوها.. كان عمار يستمع بإعجاب شديد ...حقًا لقد ابهرته.. عزم بداخله أن يعلم ما في الأمر وسيتولى التحقيق هو بنفسه.. ابتسم لها بهدوء ثم تسائل للمرة الأخيرة:- - طب سؤال أخير ... إنتِ إللي علمتي على العسكري.. أجابت بكل وضوح وصراحة:- - أيوا.. - طب ليه.؟ قالت بقوة وشراسة:- - الحقير كان عايز يمسك دراعي ويسحبني منه، واحمد ربنا إن مخلعتش دراعه كمان.. زادت إبتسامته إتساعًا وقال وهو يقف بجدية:- - أنا إللي هتولى قضيتك يا دكتورة سرّاء وتقدري تفضلي هنا في المكتب لغاية ما اتحقق من إللي قولتيه.. ثم انصرف بهدوء مغلقًا الباب لتبتسم هي براحة وهي ترتمي بظهرها للخلف براحة هامسة بحالمية:- - همممممم .. وأخيرًا قدرت أوصلك وبكل أدب، دعوتي استجابت يا عموري. *************** مساءً في منزل ليلى... تفاجئ الجميع بوقوف حسان ووالدته أمام باب المنزل، توتر والد ليلى ورحب بهم يدعوهم للداخل بملامح باهتة وقد التقفته الصدمة بداخلها.. تحدث حسان بنبرة حماسية:- - بعتذر يا عمّ إبراهيم إن جيت من غير ميعاد بس بصراحة مقدرتش أنتظر أكتر من كدا يا عمي وقولت نتكلم وجهًا لوجه أفضل إحنا أهل.. ثِكل جموده وتحدث بوِدْ مضطر:- - مرحب بيك يا حسان، طبعًا أهل يا ابني وأنتوا تشرفونا في أي وقت متقولش الكلام ده. تحدثت الخالة لوزة تلك المرة:- - طول عمرك صاحب واجب وكرم يا حاج إبراهيم ربنا يديم المودة. تحمحم حسان بخشونة قبل أن يتكلم بقلب ينبض حبًا وحماسًا:- - طب إنت عارف سبب زيارتنا يا عمّ إبراهيم، أنا طالب منك إيدك ليلى على سنة الله ورسوله ولو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي أحسن منها. اغتصب إبراهيم إبتسامة وتحدث بحيادية وعقلانية:- - محدش يقدر يشكك في أخلاقك طبعًا يا حسان، إنت ابن حلال ومكافح وأبوك الله يرحمه كان من أحسن وأطيب الناس.. بس الرأي الأخير والقرار لِـ ليلى إنت عارف مقدرش أغصبها على حاجة.. ابتسم حسان وأردف بأمل:- - أكيد طبعًا يا عمّ إبراهيم، ربنا يقدم إللي فيه الخير. في الداخل بينما كانت ليلى ترتدي حجابها أخذت رحمة تدك الأرض ذهابًا وإيابًا بغضب وتوتر وهي تقول بعصبية:- - أيه قلة الذوق دي .. في حد بيدخل بيوت الناس كدا من غير لا إحم ولا دستور، هو كان عمي إبراهيم عطاهم رد ولا ميعاد.. وإنتِ خارجة كدا عادي أنا مش عارفة جرالك أيه. ابتسمت قائلة بلين:- - عادي يا رمانة الدنيا هتتهد، الناس ضيوف لازم أقابلهم..مش عريس متقدملي.. ثم خرجت دون أن تسمع رد رحمة التي كادت أن تجن. دلفت للغرفة بثبات ورأس مرتفع وإبتسامة هادئة تتوسط وجهها.. ارتفع رأس حسان ينظر إليها بأعين تفيض هوسًا، يراها معجزة .. نعم معجزته الخاصة.. - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لكزت لوزة ولدها الصافن في عالم أخر ليفيق متنحنحًا بثبات وهو يردد بحالمية:- - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قامت لوزة محتضنة ليلى بوِد ومحبة قائلة:- - منورة يا ست البنات، ألف سلامة عليكِ يا كبدي.. بادلتها ليلى وِدْها هاتفة:- - اهلًا بيكِ يا خالتي لوزة نورتينا.. جلست على إستحياء على المقعد المقابل لهم تحت نظرات والدها القلقة مما هو آتٍ .. ورحمة التي تموت غيظًا في الداخل. ظلّ الجميع يتحدث في تفاصيل ودودة لكن لم تشارك ليلى الحديث.. وبعد قليل قامت لوزة تقول:- - مش نسيب الولاد شوية مع بعض يا حاج إبراهيم.. ابتسم بفتور ووثب قائمًا على مضض يخشى أن تأخد ابنته قرار تندم عليه لاحقًا.. لم تتحرك أعين حسان قيد أنملة عن ليلى الجالسة بخجل، دق قلبه صارخًا وهو لا يستوعب أنها جالسة أمامه، اعتدل يقول بحب:- - إزيك يا ليلى .. عاملة أيه دلوقتي.. لم ترفع رأسها وأجابت بثبات:- - الحمد لله بخير، إنت عامل أيه.. قال مباشرةً دون تحفظ:- - بقيت كويس لما شوفتك يا ليلى. أماءت برأسها دون حديث ليسترسل حسان يقول بعشق:- - طالب إيدك على سنة الله ورسوله يا ليلى، عايزك تكوني مراتي وحبيبتي وشريكة حياتي وأم ولادي.. هعيشك ملكة يا ليلى ولو طلبتي نجمة من السما هتكون بين إيديكِ.. هجرّ العالم كله بين إيديكِ .. هحافظ على قلبك ومشاعرك لأخر لحظة في عمري .. هاحميكِ حتى من نفسك وهحققلك كل إللي بتتمنيه.. تخضب وجه ليلى خجلًا من صراحته وسرعان ما تسلحت بالقوة وقالت بهدوء وثبات:- - إنت طيب أووي يا حسان وابن حلال وتستحق تعيش كل أيامك في سعادة وهنا.. ابتسم حسان برضا .. قلبه يرضى من أقل القليل منها.. لكن تعلقت إبتسامته حين أكملت ليلى بقوة غريبة جعلت إبراهيم الذي يقف في الخارج مشدوهًا بصدمة ورحمة التي لم تتوقع هذه الإجابة التي خالفت كل توقعاتها.. - بس السعادة دي مش هقدر أقدمهالك ومقدرش أظلمك، أنا لسه قدامي حاجات كتير عايزه أحققها.. وأكملت لتزيد لهيب قلبه ويشعر أن ثمة خنجر بارد يخمش بجدار قلبه:- - أنا بعتبرك أخويا .. أنا آسفة مقدرش أوافق على طلبك. كان عقله يردد الكلمات بجنون وعدم إستيعاب، ضحك بانهيار وهو يصيح بنبرة مترجية ألآمت قلب ليلى حتى أنها آلامت قلب والدها أيضًا ... أما لوزة فقد قُسِم قلبها.. - مستغني عن سعادتي .. مش عايز ابقى سعيد، المهم إنتِ تكوني سعيدة .. سعادتك تكفيني علشان أبقى أسعد إنسان في الدنيا.. بس متعمليش فيا كدا يا ليلى .. اعتبريني أي حاجة بس كوني ليا .. أنا أصلًا هكون لكِ كل حاجة.. كانت كلمات من الصعب تخطيها، لانت ملامحها وهتفت:- - لا يا حسان مقدرش أظلمك وأظلم نفسي.. هاج ومارت عيناه ليقف بانفاس لاهثة متهدجة وهو يجأر بصوت جهوري ولم يعبأ بأحد:- - علشانه صح .. عشان عامر .. عامر هو السبب .. لسه بتحبيه.. عند هذا الحد لم ينتظر والدها وولج للداخل بجانب ليلى يخشى إنهيارها لكن فاجائته بثباتها وقوتها، هرعت لوزة نحو ولدها جاذبة إياه وهي تتمتم بالأعتذار تحت تمرد حسان وصريخه الذي حمل وعد ووعيد:- - مش هتكوني ألا ليا يا ليلى .. لو مابقتيش ليا مش هتكوني لغيري يا ليلى.. أنا بعشق التراب إللي بتمشي عليه يا ست البنات.. أغمضت أعينها حزنًا لأجله وظلت واقفة تنظر بشرود وصمت.. خرجت رحمة تقف بجانب إبراهيم الذي نما شكًا آخر بداخلهم وتساؤل جديد.. هل رفضت ليلى حسان لأجل عامر؟! هل مازالت تعاني من الأمر وتخفي حبه بداخلها.؟ جاءت رحمة تتسائل ما يدور بخلدها لكن قطع تلك النية رنين هاتف إبراهيم.. أجاب بثبات ليتخشب من مجرد سماع الطرف الأخر وردد بصدمة وعدم تصديق:- - إنت بتتكلم بجد .. إزاي كدا .. عامر انطعن!! طب وليه؟ ... وهو عامل أيه.. شعرت بصقيع جمدها وتيبس جسدها وأعينها على بقعة ما .. تجمدت أطرافها ولم تسعفها على الحِراك.. تسارعت أنفاسها وسرعان ما جعلت الأفكار تتدفق في عقلها توقظها من تلك الغيبوبة.. أما رحمة فقد شهقت واضعة كفها على شفتيها وهي ترى العمّ إبراهيم يُنهي المكالمة لتسرع نحوه تتسائل بقلق فازع:- - خير يا عمّ إبراهيم .. أيه إللي حصل.؟ قالت بنبرة حزينة متأثرة:- - عامر .. مطعون .. انطعن في السجن. وأكمل وهو ينتوي الخروج:- - لازم أروح المستشفى .. الحاج حسانين وكبار البلد هيروحوا دا واجب يا بنتي.. استدارت ليلى للمغادرة فنادتها رحمة وهي تنظر لإبراهيم بتسائل:- - ليلى ... مش عايزة تقولي حاجة، أو تعرفي إللي حصل.! أغمضت جفونها بشدة وهي مازالت تدير ظهرها، أبعدت جفونها ببطء تستدرك ذاتها وقالت بنبرة مليئة بالقوة والجمود ومازالت على حالتها:- - لا .. ربنا يشفي كل مريض. وتركتهم حتى تختبئ خلف باب غرفتها لتتيح لها فرصة التعبير ويفيض قلبها.. نظرا إبراهيم ورحمة في أثرها بحزن ليُحرك رأسه دون فائدة، فعامر بفعلته قد قتل كل شيء له داخل ليلى.. استندت على الباب تتنفس ببطء وأعينها زائغة في الأرجاء ولم تدرك تلك الدمعة التي سقطت بحسرة.. وضعت كفها على شفتيها وهي تطبطب على قلبها برفق هامسة بتأسٍ:- - أنا عادي .. مفيش حاجة أصلًا، ميهمنيش في حاجة أصلًا ولا يفرق معايا.. أيه يا ليلى هتضعفي ولا أيه مش من حق قلبك يفكر في أي حد أصلًا ألا حلالك إحنا هنعيد الغلط ولا أيه.. لا يارب إنت مُطلّع وشايف إن بحاول ومش هيأس يارب ما تعلق قلبي بحد وشيله من قلبي.. أنا كويسة مفيش أي حاجة.. وظلت تردد تلك الكلمات وهي تتكوم حول نفسها محتضة جسدها غارقة في بكاء عنيف.. ***************** ساندها برفق وهي في حالة إنهيار شديدة ولم يكن حاله أفضل منها.. دلفا حيث مركز الشرطة وأعينهم تجوب الأرجاء بلهفة أب وأم يحترق قلوبهم من أجل ولدهم.. سارع نحو أحد الضباط يتسائل بلهفة وانهيار:- - لو سمحت .. أنا عايز أشوف ابني .. بيقولوا ابني هنا.. رقّ قلب الضابط لهم وهتف برفق يستفهم:- - إهدى يا أستاذ واتفضلوا إرتاحوا، مين هو ابنكم؟ نطق بتوق وعذاب:- - عامر .. عامر عبد الله الصاوي.. - إنت والد عامر..؟ حرك رأسه إيجابًا عدة مرات وهتف:- - أيوا إحنا أبوه وأمه .. لو سمحت عايز أقابل الظابط المسؤول عن القضية أو دلني أروح فين.! - متقلقش يا حاج، إللي ماسك قضية عامر هو عمّار باشا .. اتفضلوا وأنا أدلكم على المكتب.. اهتزّ بدن صفاء والدة عامر بشيء مجهول وشردت بعيدًا بقلب مُعذب، قال عبد الله بإمتنان:- - ربنا يباركلك يا ابني ويرزقك، صحيح محترم وابن حلال.. ابتسم الضابط وهتف بوِدْ:- - اللهم آمين يا حاج .. كفاية الدعوتين دول.. اتفضل دا المكتب إللي موجود فيه الباشا عمار بس شكله بيحقق مع حد جواا. نظر للعسكري الواقف أمام الباب وتسائل:- - دول أهل عامر الصاوي عايزين يقابلوا الباشا... الباشا عمار فاضي يا ابني..؟ قال العسكري بإحترام:- - عمار باشا معاه جمال الصاوي وشوية العيال الحرامية إللي تبعه.. ثواني أديله خبر.. وبمجرد أن تطرق لأذن صفاء اسم القذر جمال غلت الدماء بعروقها كالمرجل وشعرت الدنيا تدور بها.. ولم يكن عبد الله أقل منها.. هذا هو المجرم الحقيقي.. هذا الخبيث من دمر حياتهم وجرّ بقدم ولدهم حيث الهاوية.. اندفعت للغرفة وشظايا الغضب يتطاير من حولها وأعينها مغمورة بالدموع، وصاحت بإهتياج:- - جمال ... ابني فين يا مجرم.. عملت أيه في عامر يا غلاوي يا حقود.. هقتلك يا جمال يا كلب .. عايز تعمل عامر شبيهك بس مش هتنجح يا حقير .. عامر عُمره ما هيكون شبهك أبدًا علشان أنا عارفة تربيتي إزي وعارفه قلب عامر.. كادت تهجم عليه إلا أن عبد الله سيطر على هياجها وضمها إليه قائلًا يهدئها وهو ينظر لمن يسمى أخاه بأعين يستعر منها جحيم الغضب:- - إهدي يا ام عامر .. إللي غلط هياخد جزاءه ومتنسيش عامر ليه رب كبير ومُطلع وهياخد حقه.. استقام عمار متجهًا نحوهم يؤازرهم بصوت رخيم ثابت جعل عنق كلًا من عبد الله وصفاء يلتفتون له:- - إهدوا لو سمحتوا .. واتفضلوا ارتاحوا نتكلم بهدوء.. اقتربت منه صفاء تبحلق بوجه وتنظر داخل عيناه ليدق قلب عمار بغرابة وهو يحدق بتفاصيل وجهها وثمة شعور إنتابه.. ليظلوا ثلاثتهم على هذا الحال في تواصل روحي عجيب .. ورابط مجهول يجذبهم لبعضهم البعض.. قطع هذا التواصل البصري جمال بقوله المليء بالحقد والسخرية:- - صفاء هانم .. وأستاذ عبد الله أخويا .. أيه النور ده مكونتش أعرف إن غالي أوي كدا علشان تيجوا لغاية هنا علشان تزروني.. زجره عبد الله بنظرة واحدة وقال بإشمئزاز:- - صدقني يا جمال إنت لو غبت عني العمر كله مش هفكر حتى فيك، عايز أيه من ابني يا جمال وناوي على أيه.. قهقه بقذارة وقال بتشفي:- - خلاص يا عبد الله معدتش عايز حاجة، إللي عوزته عملته خلاص.. وأكمل بحقد دفين بكلمات هبطت كالأسواط على قلب عبد الله وصفاء:- - إنت كنت عايزين أشوفك خلفت ولدين توأم وبقاا عندك صبيان يسندوك وأنا خلفتي كلها بنات وأسكت.. خدت عيل منهم تويته وسيبته في طريق عام.. والباشا عامر بقاا كنت محضرله خطة تانية، قولت لازم أخليه تحت جناحي ويمشي ورايا زي الأعمى واستفاد منه .. قربت منه لغاية ما علقته بيا وسحبته ورايا.. بس الغبي .. كانت قيّم صفاء إللي زرعتها جواه بتحاربني والحب خلاه ضعيف أووي.. بس ملحوقة.. أهو دلوقتي خلاص بح .. معدتش عامر.. وصمت قليلًا وأكمل:- - ولا عمّار.. اهتزّ ثبات عمّار وشعر أن العالم يدور من حوله.. هاجمته ذكريات أليمه ليرفع أصابعه يفرك رأسه بألم نافضًا رأسه من تلك الهرتقات.. ما هذه الصدفة العجيبة..!! تشابه لا أكثر.. أمّا صفاء فكادت أن تفقد وعيها وهي تستمع إلى عذابها وألمها.. لقد خسرت إحدى عينيها ومازالت إلى آلان تعاني ولم تبرأ بعد .. هل فقدت الأخرى أيضًا.. فقدت توازنها ليسرع عبد الله بإسنادها بجسد خائر القوة.. انتبه عمّار لما يحدث وأفاق من غيبوبته ثم هدر مُحتدًا بالغضب وهو يشير للعسكري:- - رجع القذر ده للزنزانة يا بيومي.. وصاح بملامح متشنجة وقد قدح الغضب من عينيه:- - هوصل لرئيسك يا جمال وهحاسبك على وساختك.. سامعني يا جمال هوصله لو أخر قضية هتكون في مسيرتي.. عَلت ضحكته المجنونة وهو يخرج من الغرفة تحت وطأة جذب العسكري له قائلًا:- - لو أي مرة كنت هقولك في إحتمال تقدر يا باشا.. بس المرة دي بالذات مستحيل يا باشا .. مستحيل توصل للزعيم.. تعرف ليه .. أصل القلب ليه دور في الحكاية، القلب ادّخل المرة دي فصّعبها عليك.. لم تفوت تلك الكلمات من رصد عمّار الدقيق بل التقطها بمنظار الزكاء.. التفت لصفاء التي همدت قواها وجثت تبكي بحرقة ينتشر لهيبها بقلبها، ليرفع عبد الله رأسه نحوه ويقول بترجي:- - بالله عليك يا ابني احكيلنا على إللي حصل لإبننا.. ابني عامر فين وأيه إللي حصل.. دق قلب عمّار الضعيف لتلك الأشياء فور لفظه "ابني" ليستعيد وعيه سريعًا ويقول بهدوء:- - إهدى يا أستاذ عبد الله، متقلقش وصدقني هوصل لكل الحقيقية بالرغم من إن عامر بردوه غلطان.. ثم بدأ يسرد كل الحكاية بِدئًا من تلك الحيلة التي افتعلها عامر حتى يصل لمنزل إبراهيم، وعلاقته بليلى، وخطبتها التي لم تدوم يوم، وأخيرًا أخذه الأوراق وهروبه من المنزل، ثم مساعدته للشرطة وبمساعدته استطاعوا إيقاف السطو والقبض على جمال وأتباعه.. وغرض عامر من هذا كله.. كان عبد الله وصفاء يستمعون بقلب نازف مما كان يمرّ به ولدهم ولم يكونوا على دراية بأي شيء.. كانت متيقنة أن عامر ليس سيئًا، ما غرسته بقلبه لن يُمحى .. مُحال هذا.. تحدثت بحرقة تضطرم بجوارحها:- - يعني كدا عامر ابني بريء .. هو عمل كدا علشانها، علشان يحميها ومارتكبش أي جريمة.. قطب ما بين حاجبيه وقال:- - بس كان لازم عامر بدل ما يعمل ده كله يرجع لنا الأول. أردف عبد الله بلهفة:- - طب هو فين .. إحنا عايزين نشوفه الله يباركلك.. انتصب واقفًا ولا يدري لما شعر بالتوتر من ردة فعلهم لكنه حسم أمره فبالنهاية سيعلمون، قال بتنهيدة ممدودة بعمق:- - عامر في المستشفى؛ لأنه مطعون. جحظت أعين صفاء بفزع وإلى هنا لم تستطيع التحمل وسقطت في بئر مظلم مغشى عليها.. *************** نام قرص الشمس على صدر الأفق متدثرًا بزرقة السماء، ومازالت الغيوم عالقة، فاحت رائحة الرطوبة في الهواء، وقد ابتلت جدران المنازل البسيطة في البلدة.. في المشفى التي امتلئت بالأهالي الطيبين الذين جاءوا للإطمئنان على عامر بعد معرفتهم بأمر طعنه.. وقف الرائد عمّار بوسط الردهة وقد منع والديّ عامر من الوصول إليه حتى يعود لوعيه كي لا ينهاروا بعد تماسكهم وإصرارهم على الذهاب للمشفى التي يرقد بها ولدهم.. مرّ عمّار من وسط هذا الحشد حتى وصل للعناية المشددة ودلف داخلها ليتفاجئ بوجود إبراهيم الذي يقف بجانب فراش عامر الراقد في ثبات عميق وينظر إليه بشرود.. اقترب منه وقال موجهًا سؤال للطبيب الذي يقف يتابع مؤشرات عامر الطبية:- - مش المفروض يكون فاق بقاا.؟! انتبه إبراهيم لوجود عمّار وانتظر هو الأخر إجابة الطبيب الذي قال بعملية:- - هو مؤشراته كويسة جدًا بس ممكن يكون دخل في حالة ثُبات عميق وده نتيجة الإرهاق إللي كان فيه جسمه الأيام إللي فاتت دي.. حرك عمّار رأسه بإيجاب وقد تحول بصره نحو عامر المستكين يرمقه بغموض ومشاعر متداخله.. استنبأ إبراهيم بهدوء قائلًا:- - عمار باشا أيه الأخبار، قدرتوا توصلوا لحاجة.؟ صمت عمّار برهة مفكرًا وقد باغته كلمات جمال مضيئة بعض الأفكار له قبل أن يطرح سؤالًا بتركيز:- - عمّ إبراهيم عايز أسألك سؤال مهم، وركز معايا كويس. تعجب إبراهيم لكن أماء رأسه بإيجاب وقال:- - طبعًا يا ابني اتفضل. قال عمّار بهدوء:- - مفيش حاجة غريبة حصلت معاكم الأيام إللي فاتت دي، أو حاجة جديدة .. حد دخل بيتكم أو اتعرفت على حد جديد..؟! تكاثف تعجب إبراهيم من هذا السؤال الغريب وقبل أن يعترض قال عمّار مؤكدًا:- - كل معلومة حتى لو صغيرة .. مهمة جدًا بالنسبة ليا يا عمّ إبراهيم حتى لو إنت شايفها تافهة أو مش مهمة.. حرك إبراهيم رأسه عدة مرات وقال وهو يعصف عقله متذكرًا:- - مفيش حاجة غريبة حصلت.. بعد هروب عامر بالورق إنت عارف إن ليلى دخلت المستشفى وقعدنا حوالي أربع أيام وبعد كدا رجعنا البيت.. محدش دخل بيتنا ألا كل معارفنا، أهل البلد إللي جم يطمنوا على ليلى.. الحاج حسانين وأهل بيته وأصحاب ليلى.. ورحمة ودي زي ليلى بالظبط ومازن خطيبها جه قعد معايا كام مرة .. بس محدش غريب دخل البيت.. و... وقف مترددًا ليقول عمّار مشجعًا له في ترقب:- - كمل يا عمّ إبراهيم .. قولتلك محتاج للصغيرة قبل الكبيرة.. أفصح إبراهيم بتذبذب وهو ينظر نحو عامر الراقد:- - مظنش هتفيدك .. هي حاجة بسيطة كدا.. أخر حاجة حصلت معانا، حسان والست لوزه والدته جم علشان يتقدموا لِليلى.. حسان طلب إيد ليلى مني وقعدوا معانا شوية، وليلى قعدت معاه .. بس وبعدين ميشوا.. ضيق عمّار عينه وهو يسحب إبراهيم للخارج قائلًا:- - احكي إللي حصل بالظبط .. يعني احكيلي الموقف بخذافيره.. خرجا من الغرفة وبدأ إبراهيم يسرد له ما حدث دون أن يُنقص منه شيء غير مدركين بهذا الذي توسعت أعينه التي تأججت بنار مُستعرة تكاد تحرق كل ما تقع عليه...!! أمّا عمّار فبعد أن انتهى إبراهيم من قصّ ما حدث أخرج من سترته مفكرة صغيرة وأخذ يدون بها بعض الأشياء تحت نظرات والد ليلى الذي يتفرسه بعدم فهم.. - في حاجة يا ابني .. وصلت لحاجة.! ابتسم له عمّار بهدوء وقال:- - خير إن شاء الله يا عمّ إبراهيم، هروح أطمن على والدة ووالد عامر.. توسعت أعين إبراهيم مستائلًا:- - همّ أهله موجودين. أجابه عمّار بإيجاز:- - أيوا لما عرفوا إللي حصل لابنهم جم.. حرك إبراهيم رأسه بهدوء بينما غادره عمّار حيث غرفة والديّ عامر.. بعد مرور القليل من الوقت.. ركض أحد العساكر وهو يلهث حيث غرفة أهل عامر وضجّت المشفى بالهرج والمرج.. خرج عمّار يصيح باستنكار:- - أيه إللي بيحصل هنا.؟!! وقف العكسري أمامه مطأطأ الرأس يقول بحروف متقطعة من بين لهاثه:- - عــــامــــر .. يــا بـاشــا. دق قلب صفاء بوجل ونظرت لعبد الله بخوف.. ليتسائل عمّار بنفاذ صبر:- - ماله يا ابني .. ما تنطق عالطول.! - عـــامـر هرب يــا عــمّـــار بـاشـا. *************** مسحت عينيها المرهقة والتي أجهدها البكاء بعدما انتهت من أداء فرضها.. جاءت لتجلس لكن جذب انتباهها صوت دربكة تأتي من الخارج، اعتقدت أن والدها قد عاد.. خرجت تفتش عنه لكن جذب أسماعها أن الصوت يأتي من الخلف حيث الدرج الداخلي للمنزل الذي يوصل بسطح المنزل، صوت حفيف أقدام تقترب.. سارت بإتجاهه وقد تلقفها القلق وأبخس طمأنينتها.. وقفت في بقعة من الظلام أمام الدرج وهي تقبض على رداء الصلاة خاصتها بتوتر وقد أوجست في نفسها خِيفةً.. هتفت تقول متشحة بالثبات والقوة:- - مين .. مين هنا..؟! اقترب جسد من وسط الظلام لتتقهقر للخلف عائدة بجزع وهي تبتلع ريقها بوجل، رددت بصوت بدا به إرتعاشة:- - إنت مين..!! اقترب أكثر ثم أمسك غطاء الرأس الملتصق بالسترة يُبعده عن وجهه لتنبثق نظرته التي صُبّت فيها النيران امتزجت إبتسامته مع ردّه وهو يضغط على كل حرفٍ متشدقًا بنبرة نارية:- - معقول مش عرفاني، دا أنا يا ليلاي.!! زاد عودتها للخلف وهي تهمس بصدمة بقلب واجل وقد هَوت بها الريح في مكانٍ سحيق:- - عـــــامــــــــــــر!!!!! ~~~~~~~~~~ يُتبع.. #عبق_الفراشة #الفراشة_البيضاء2 #سارة_نيل الفصل الرابع من هنا |
رواية عبق الفراشة (الفراشة البيضاء 2)الفصل الثالث 3 بقلم سارة نيل
تعليقات